سامي النصف

زمن الهوان العربي

يسعد البعض بما يحدث في الوطن العربي من ثورات شعبية تستهدف الطغاة ويرون في ذلك امرا حسنا سيتلوه بدء مرحلة العنفوان العربي وانطلاق النهضة العربية الشاملة التي ستلحق العرب بركب الامم المتقدمة في مشارق الارض ومغاربها.

***

ونسعد معهم بسقوط الطغاة ولا نشاركهم على الاطلاق التفاؤل، بل نعتقد جازمين بأننا مقبلون على زمن الهوان والسبي والدمار العربي الشامل الذي باتت ملامحه واضحة جلية فيما نراه من فوضى سياسية وخراب اقتصادي واجتماعي وانعدام للأمن في مرحلة ما بعد الثورات «الإسلامية» الحالية وهو تكرار لما رأيناه من دمار سابق بعد حقبة الثورات «القومية واليسارية» الحالمة بالأمس التي تحولت الى كوابيس مرعبة مازلنا نعيش تداعياتها حتى اليوم.

***

لقد تسبب حكم الثوريات العسكرية العربية في خلق صورة نمطية مؤسفة عن العرب يؤمن بها الاصدقاء والحلفاء قبل الأعداء وهي اننا امة متوحشة من الغوغاء لا تنفع في سلم او حرب، او في تنمية اوطانها، وان اسلام شعوبنا بعكس اسلام الآخرين من اندونيسيين وافارقة وبنغاليين وغيرهم، لا ينتج عنه ود وحب وتسامح بل تطرف وارهاب تسفك من خلاله دماء الابرياء من الشعوب الأخرى ويستكمل تنظيم القاعدة العربي هذه الأيام ترسيخ تلك المفاهيم السيئة.

***

إن مرحلة الهوان والسبي العربي قد بدأت تحت شعارات براقة جميلة ـ كالعادة ـ فالعرب وعبر تاريخهم المديد يقيسون ويقيّمون الاحداث بعواطفهم لا عقولهم، لذا يسهل تكرار خداعهم والتغرير بهم ولا نبالغ إذا ما قلنا ان مرحلة خداعنا السابقة وإعادة رسم خرائطنا وتوزيعنا سرا كغنائم حرب بين الامبراطوريتين البريطانية والفرنسية على يد سايكس وبيكو بداية القرن الماضي، تتكرر بداية القرن الحالي عبر توزيع دولنا واراضينا بين الامبراطوريتين الصفوية والعثمانية الجديدتين، حيث سيكون العراق وغرب الخليج من نصيب الأولى وسورية ومصر وليبيا من نصيب الثانية، فالإسلامية العربية السائدة شعوبنا هذه الأيام من سنية وشيعية لا ترى غضاضة في ذلك الأمر ولا عزاء في النهاية للضعفاء أو.. الأغبياء.

***

آخر محطة: (1) أول الدروس التي على دولنا الخليجية تعلمها مما يحدث حولنا هو ان عهد وزمن تبني الدول والشعوب العربية لقضايا تخص دولا عربية اخرى كقضية فلسطين او اشكالات دول الخليج مع جيرانها، قد انتهى الى الابد، فالانشغال بالداخل هو الشغل الشاغل لها، لذا علينا البدء بخلق حلف عسكري خليجي فاعل يمنع توسع الآخرين على حساب اراضينا ودولنا، ومن يصدق مقولة بعض أحزاب الجيران المؤدلجة بأن عهد العدوان العسكري قد انتهى.. فلا عقل له.

(2) الأمين العام الجديد للجامعة العربية ينطبق عليه مثل الترحم على الحجاج عند ولده ولن يحل السيد العربي مشكلة عربية او خليجية قط، بل سيساهم بفكره المنغلق ونفوذ عديله فاحش الثراء الثوري محمد حسنين هيكل في تعقيدها حتى درجة الغليان ثم الانفجار.

 

سامي النصف

ليبيا غيت

منذ الأيام الأولى لتسلم معمر منيار القذافي للسلطة في ليبيا المنكوبة به بدأ أعماله التخريبية في الوطن العربي، حيث مول بالمال والسلاح بعض المنظمات الفلسطينية التي عاثت بالأردن فسادا وتجاوزا حتى انتهى الأمر بحرب أيلول عام 1970 المسماة بـ«أيلول الأسود» التي تسببت في وفاة عبدالناصر وادعاء القذافي وراثته، ثم استدار إلى لبنان فساهم في بقاء الحرب الأهلية مشتعلة هناك لمدة 17 عاما خطف خلالها إمام المحرومين السيد موسى الصدر كي يشعل الفتنة الطائفية بين الشيعة اللبنانيين والسنة الفلسطينيين حيث بدأ ما سمي بحرب المخيمات بين حركة أمل ومنظمة التحرير.

 

ورغم ادعاء القذافي إيمانه بالقومية العربية إلا أنه وقف مع إيران في حربها ضد العراق العربي المحكوم بحزب يرفع شعار القومية العربية (!) ولم يكن ذلك الوقوف حبا في إيران بل لإبقاء الحرب مشتعلة بين الطرفين لاستنزاف ثرواتهما وتدميرهما معا، ولولا ذلك الدعم الليبي و«أمثاله» لتوقفت الحرب بعد الانتصار الإيراني عام 82 وطرد القوات الصدامية من المحمرة وأسر مائة ألف جندي عراقي بدلا من استمرارها بفضل ذلك الدعم غير المفهوم، وانتهائها بهزيمة عام 88 وتجرع السم، ومن ثم تجرأ المنتصر صدام على غزو الكويت.

 

وعمل القذافي دون كلل أو ملل على تشويه سمعة العرب والمسلمين بعملياته الإرهابية التي تثير حنق الشعوب المستهدفة، فقام بتفجير الطائرات المدنية الأميركية والفرنسية ومثل ذلك تفجيرات برلين ولندن وروما (هذه الأيام يقوم بمثلها تنظيم القاعدة)، ودعم الحركات الانفصالية في السودان واليمن والمغرب، وتخريب أعمال الجامعة العربية والاتحاد الافريقي بالمشاكل التي يثيرها بحجة عداء الدول الاستعمارية والغربية.

 

وقد كشف ثوار ليبيا عن وثائق خطيرة ترتقي لمسمى «ليبيا غيت» كحال وثائق «إيران غيت» و«عراق غيت» التي أظهرت تعاون النظامين الثوريين في طهران وبغداد مع الغرب رغم دعاوى العداء الظاهر، فقد أثبتت الوثائق الليبية تعاون نظام القذافي الوثيق مع من يدعي عداءهم، كما أظهرت تعاونه ـ رغم ادعائه الإسلام ـ مع الطاغية الصربي سلوبدان ميلوسيفتش في حربه الإبادية ضد مسلمي البوسنة وكوسوفو وتضخم ثروته الشخصية لما يزيد على 100 مليار دولار رغم ادعائه الكاذب للتقشف وسكن الخيمة وقيادة السيارات الصغيرة.

 

آخر محطة: 1 ـ ادعى القذافي عام 86 وكوسيلة لإثبات ثوريته وتضحيته وفاة طفلته بالتبني في الغارة الجوية على باب العزيزية، وقد كشف الثوار هذه الأيام وعبر الشهود انها حية ترزق، والسؤال المحق هو: كم من ثوري آخر أظهر للسذج من الاتباع ثوريته وصدقه عبر ادعاء استشهاد أقاربه ممن هم في حقيقة الأمر أحياء عند أقاربهم يرزقون؟!

2 ـ لماذا لم يكشف أعداؤه كذب ادعائه موت طفلته خاصة انها كانت تعمل وتتجول في الأماكن العامة بطرابلس؟!

3 ـ لماذا، أخرى، رغم ادعاء الثورة المسلحة في بلاد الشام إلا أن الصور والأفلام لم تظهر قتيلا واحدا يحمل السلاح؟!

 

سامي النصف

أراضي العرب قصعة الأمم

إبان هوجة الخمسينيات والستينيات أساءت أنظمة العسكرتاريا العربية للدول المجاورة والشقيقة كإيران وتركيا والحبشة وباكستان وحتى اسرائيل واستخدمت التاريخ بشكل خاطئ لافتعال المشاكل معها كما حاربت حلف بغداد الذي ضم اغلب الدول الاسلامية في المنطقة وكان سيمنع الحروب والهزائم والاحتلالات التي تعرضت لها الاراضي العربية في وقت لاحق.

 

أعلن العميد محمد حسن نامي رئيس المؤسسة الجغرافية العسكرية الايرانية قبل ايام ان مساحة بلاده قد زادت بمقدار 220 الف كم2 اي من مليون و650 الف كم2 الى مليون و870 الف كم2، ولا يعرف عن الجارة العزيزة ايران قيامها بتبليط البحر كحال هولندا لذا نرجو من بعض الاحزاب والنواب في العراق الشقيق وخاصة من يرى القشة في عين الكويت ولا يرى الخشبة في عين جيرانهم الآخرين ان يشرحوا لشعبهم ـ لا شعبنا ـ من اين اتت تلك المساحة الاضافية ومعها ماذا حدث لمياه شط العرب العراقية العذبة الأفضل مذاقا وفائدة من مياه خور عبدالله المالحة؟ العراق الشقيق بأرضه ومياهه بات جائزة لاحدى دول المنطقة التي مازالت انظارها مسلطة على الضفة الغربية للخليج الفارسي ـ العربي، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

 

مع زيادة كميات القتل والقمع والإبادة في محافظات ومدن وارياف الشمال السوري كحمص وحماة وحلب وادلب وجسر الشغور وغيرها والتي يصورها ويبثها للعلن ـ ياللعجب ـ من يقوم بها، وفي ظل وجود حكومة اسلامية ـ لاطورانية ـ في انقرة بات الطريق ممهدا، طال الزمن او قصر، لقبول سكان تلك المناطق ذات الاكثرية الاسلامية السنية لعمليات تدخل وضم للجارة العزيزة تركيا التي تنبأ المفكر الاميركي الشهير د.جورج فريدمان في كتابه «المائة سنة القادمة» بأن تمتد حدودها لتشمل كثيرا من الدول العربية الحالية وأولاها سورية قبيل منتصف القرن الحالي ضمن إعادة رسم خرائط المنطقة وخلق امبراطوريات جديدة تتصارع على ارض العرب.

 

في العزيزة مصر تتعالى اصوات «المخلصين» الداعين لإرسال قوات عسكرية لشبه جزيرة سيناء مما يلغي كأمر واقع اتفاقية السلام الموقعة في كامب ديفيد ويمهد لحرب سريعة، تضم اسرائيل بعدها ما تعتبره ارضها التاريخية، والثالثة كما يقال ثابتة، اما الجارة العزيزة الحبشة فقد تكتفي بالتوسع على حساب المياه لا الاراضي مما سيجعل اغلب ما تبقى من اراضي السودان ومصر صحارى لا قيمة لها.. الربيع العربي لن يبقى ربيعا دائما بل سيتلوه صيف حارق وبعده خريف مدمر لأمة لم تحسن التعامل مع جيرانها فحولتهم بسبب الغوغاء من أشقاء واصدقاء الى اعداء!

 

آخر محطة:

بعد انفصال الجنوب السوداني بات الطريق مفتوحا لانفصال بقية الاطراف وتحول السودان الى يوغسلافيا جديدة.. ألا ليت الاستعمار الذي ضم السودان بأكمله لمصر يعود يوما فنخبره بما فعل البشير والنميري، وقبلهما.. عبدالناصر.. بسلة الغذاء العربي!

سامي النصف

حيث يمرون لا ينبت العشب!

خلال سنوات 1968 ـ 1970 استبدلت قيادات وزعامات مسالمة في عدة دول عربية بقيادات إبادية قمعية، بدأت منذ أيامها الأولى بنصب المشانق وفتح أبواب السجون وشن الحروب بالداخل والخارج، وحولت ثروات بلدانها العامة الى حساباتها الشخصية، وكان لسان حالها يتمثل بمقولة «اتيلا» الرهيب: «حيث يمر حصاني لا ينبت العشب أبدا»!

***

وقد يصعب فهم التوجه السياسي «الحقيقي» لتلك الأنظمة المدمرة، فقد ادعت الوطنية والقومية واليسارية وحتى الإسلامية في حين امتلأت سجونها بالوطنيين والقوميين واليساريين والإسلاميين، وتناقضت أقوالها مع أفعالها، فالعداء الزائف للغرباء بالخارج والعداء الحقيقي المعمد بالدم للأقرباء بالداخل.

***

هذه الأيام نرقب تساقط او «تقاعد» تلك الأنظمة تباعا بعد ان تسببت في إفلاس دولها وخواء خزائنها، وغيبت عن شعوبها التنمية السياسية الحقيقية التي تجعلها تتعايش مع بعضها البعض، وتركت خلفها ثارات وأحقادا ودماء تهدد دولها بالانفصال والانقسام والحروب الأهلية القادمة لا محالة بعد ان انفصل جنوب السودان الذي تفوق مساحته 15 ضعف مساحة فلسطين التاريخية التي قامت «انقلابات» الامس بحجة نصرتها وتناستها بالمطلق «ثورات» شعوب هذه الأيام لكثرة ما تعرضت للقمع والإبادة تحت راياتها.

***

وللحقيقة والتاريخ ثارت إبان الحكم الاستعماري دير الزور السورية السنية في العشرينيات فتجاوب معها الفرات العراقي الشيعي في ثورته الكبرى، وتم تبادل خطب الجمعة بين المساجد الشيعية والسنية في بغداد، وتآخى الهلال والصليب في مصر، ومنح الفرنسيون الدروز دولة مستقلة حاكمها سليم الأطرش فأسقطها الدرزي الثائر سلطان الأطرش بالتعاون مع أهل دمشق بقيادة الدكتور الشهبندر، كما منحوا العلويين دولة أسقطها الثائر العلوي صالح العلي بالتعاون مع الكردي السني إبراهيم هنانو، أما إبان الحكم الوطني هذه الأيام فقد باتت دولنا مهددة بالانشطار لعشرات الدول المتقاتلة و.. ألا ليت الاستعمار يعود يوما فنخبره بما فعله الحكم الوطني الثائر بنا من جرائم يندى لها جبين الانسانية!

***

آخر محطة: (1) أيهم أكثر رحمة ورأفة بالمواطن السوري من يتظاهر في الجولان المحتلة أم في حمص المحررة؟!

(2) ما موقف قيادة حركة حماس مما يحدث في بلاد الشام هذه الأيام؟!

 

سامي النصف

المشهد السياسي والأمني وإسلام سلمى!

عرض علي الاخوة القائمون على برنامج «المشهد السياسي» في قناة الوطن استضافتي في حلقة الليلة قبل الماضية واعتذرت لظروف ملحة، وندمت على ذلك الاعتذار بعد مشاهدتي بعض ما جرى في اللقاء والتهجم السافر على نجم الحلقة، وأعني المقدم الشاب علي حسين الذي كان يمثل بحسرته وألمه الصادق رؤى ومشاعر كل المخلصين من أهل الكويت.

أعتقد أن الضيفين الفاضلين أخطآ في فهم معنى الكونفيدرالية والفيدرالية الذي أخذ أغلب وقت البرنامج، فمجلس التعاون الخليجي ليس وحدة كونفيدرالية والتي تستوجب توحد بعض سياسات الدول المنضوية تحتها كالدفاع والخارجية وتوحيد العملة كمثال، المجلس الخليجي في هذه المرحلة هو تجمع لست دول مستقلة كحال تجمع دول شرق آسيا أو الاتحاد الافريقي.. إلخ، كما أن الفيدرالية للمعلومة لا تستوجب وجود ديموقراطية أو دساتير في الدول التي ترتضي بتلك الوحدة التي تقل قليلا عن الوحدة الاندماجية وتزيد قليلا عن الكونفيدرالية، حيث لا يقبل ضمن الاتحاد الفيدرالي إلا بحكومة وقيادة سياسية واحدة.

ما يهم في حكاية سفير الكويت في مملكة بوتان ـ إن صحت ـ هو كيفية وصول سفير لهذا المنصب وهو لا يعلم بديهية وأساسية أنه لا يمثل نفسه فيما يطرح من آراء، بل يمثل دولة الكويت العضو الفاعل في درع الجزيرة التي كان يطالب بطرد قواتها ـ أي قوات بلاده ـ من مملكة البحرين، في الحالة الليبية وغيرها كان يصاحب اعتراض السفراء على سياسة بلادهم تقديمهم استقالاتهم من مناصبهم، لذا فهناك حاجة للنظر في منهاجية الاعداد والاختيار لمنصب السفير، خاصة بعد إنشاء المعهد الديبلوماسي الواعد.

حوادث اختطاف الطائرات واحتجاز الرهائن في المباني وغيرها تحتاج الى «مفاوضين محترفين» كي تنتهي تلك الاشكالات بسلام ولا تترك لاجتهادات شخصية، فاجعة مخفر العدان وقبلها ما حدث ابان توقيف مركب خفر السواحل لزورق الصيد العراقي، تحتاج الى عمليات تدريب متكررة لكيفية مواجهة الأزمات، وأنصح باستخدام أفلام القناة الوثائقية Investigation Discovery التي تظهر كيفية تعامل قوى الأمن الاميركية ومفاوضيها وأطبائها الشرعيين مع الجرائم المختلفة.

أخيرا، حدثني الزميل حسن العلوي عن تفاصيل محادثة صدام له، ومما ذكره أنه كان ساهرا هو وزوجته مع مدير «العراقية» في بيروت وزوجته وطيار عراقي اسمه مازن وزوجته، عندما استقبل المكالمة الشهيرة التي انتشرت على الانترنت وفي التاريخ الذي يحتفل فيه صدام عادة بعيد ميلاده المشؤوم، وقد استرسل في الحديث مع المتصل أمام الشهود ولم يكن الحديث مفبركا، بل كان حقيقيا ـ حسب قوله ـ ويعتقد أبوعمر أن المتصل كان مقلدا بشكل جيد لصوت صدام والغريب ان احدى كبريات الصحف الاميركية طرحت عليه مائة سؤال حول تلك المكالمة، مما يعني أن هناك من لديه شك في عملية إعدام صدام.

ما أعطى تلك المكالمة «الوهمية» مصداقيتها، حقيقة ان عملية إعدام صدام لم تتم في وضح النهار كما يفترض وأمام آلاف الساسة والإعلاميين والمصورين، بل تمت في ليل أظلم وسط أناس مقنّعين وبتصوير سيئ من كاميرا هاتف واحدة أظهرته ورباط أسود يحيط برقبته يمكن له أن يخفي طوقا معدنيا يحمي الرقبة، وينتهي الشريط الرديء بسقوط الطاغية من كوة الإعدام ولا يستكمل التصوير لإظهار موته بعد السقوط لأسباب مبهمة.

آخر محطة:

(1) قام الزميل أسامة أبوالسعود بنشر لقاء في «الأنباء» أجراه مع وزير المالية المصري الكفؤ د.سمير رضوان الذي تحدث خلاله بصراحة تامة عن الأحوال الاقتصادية التي ما توقفنا عن التحذير منها وضرورة الالتفات اليها قبل أن تقع الفاس بالراس.

(2) أعطى الوزير الفاضل تفاصيل رقمية تحرك الحجر ومشاعر البشر، فقد سيّل البنك المركزي 13 مليار دولار خلال شهرين لمنع سعر الجنيه من الانهيار، وقد انخفضت الصادرات بـ 40% وبلغت خسائر السياحة 3 مليارات دولار شهريا، مما خلق حاجة ملحة لملياري دولار لهذا الشهر و10 مليارات دولار لميزانية العام المقبل ستتم محاولة الحصول عليها كقروض ومنح من البنوك والحكومات العربية والأجنبية.

(3) بدلا من الاهتمام بتلك الإشكالات المفصلية والحقيقية، تفرغت أغلب الفضائيات والصحف المصرية لقضية المسيحية ـ المسلمة ـ المسيحية.. إلخ، كاميليا التي ينطبق عليها قول الشاعر «أسلمت سلمى (كاميليا) فما زاد الاسلام ولا نقص النصارى» حالها كحال إسلام حنون الذي لم يزد في الاسلام مقدار خردلة.

سامي النصف

أبناء محمد حسني وأبناء محمد حسنين!

يقوم بعض الإعلام المصري المخادع بإشغال الشعب المصري بتوافه الأمور، مخفيا عنهم حقائق ما يجري من تحديات خطيرة غير مسبوقة في تاريخ مصر، وإشكالية المستقبل المظلم مادام الجميع مشغولين بقضايا الماضي وسيادة منهاجية الانتقام التي لم يقم بمثلها المنتقم الأكبر جمال عبدالناصر الذي ترك الملك فاروق يبحر بعيدا عن مصر رغم عدم وجود ضغوط عليه من الدول الأخرى (قتله فيما بعد بالسم على يد رجل المخابرات إبراهيم بغدادي).

يبلغ الرئيس السابق مبارك 84 عاما ولم يبق له الكثير من العمر كي يلاقي ربه، وواضح ان دول الخليج التي تملك الثروات والاستثمارات والسائحين والتي هي الأمل الوحيد لمصر بعد ان هجرها المستثمرون والسائحون الأجانب، لا يرضيها ما يفعله المنتقمون الجدد به وبعائلته ويطرحون تساؤلا محقا وهو: إذا كانت «القروش» التي في حسابات ابني صديق دول الخليج الرئيس محمد حسني وهما رجلا أعمال وزوجتاهما من عائلات تجارية كبرى، تستحق كل هذه الضجة والمحاسبة، فلماذا الصمت المطبق عن «مليارات» أبناء عدو دول الخليج الأول الصحافي محمد حسنين هيكل؟! أي هل أموال الأولين ملك لمصر ومليارات الآخرين ملك خاص بهم رغم انهم صنعوها من شراء مصانع القطاع العام المملوكة للشعب المصري بالملاليم وباعوها لدول الخليج بالملايين؟!

وكتب الزميل المبدع سليمان جودة رئيس تحرير جريدة الوفد ومقدم برنامج الخط الأحمر في قناة دريم، مقالا امس في جريدة المصري اليوم ذكر فيه ان حركة «التكفير والهجرة» التي قامت في مصر بعد ثورة مايو 1971 تحولت إلى حركة «التفكير بالهجرة» بعد ثورة يناير 2011 وأعاد لقرائه ما قلته له إبان لقائنا قبل ايام من ان تسامح ثورات دول أوروبا الشرقية ضد طغاتهم الذين هم اسوأ من مبارك بمئات المرات، جعل صالات «الوصول» في مطاراتهم تمتلئ بالمستثمرين والسائحين بينما امتلأت صالات المغادرين في مطارات مصر بالسائحين والمستثمرين المرعوبين من روح الانتقام السائدة، حيث أصبحت كل كذبة يدعيها موظف مهمل او متجاوز ضد مسؤول أو رجل أعمال وسيلة ومبررا لتدميره وإيداعه السجون والتشهير به في وسائل الإعلام، الزميل جودة للعلم من العقول الحكيمة والنيرة في مصر.

إن مشروع تدمير مصر العزيزة سيكتمل إذا ما تولى الحكم فيها كلمنجي وسياسي مراوغ كحال السيد عمرو موسى الذي دمر الجامعة العربية وأضاع العراق قبل ذلك، وتعميرها سيبدأ حال انتخاب رجل عملي وذكي وكفء كحال اللواء احمد شفيق الذي حول مصر للطيران من اسوأ شركة في المنطقة الى افضلها (امر اعرفه بحكم الاختصاص) كما غيّر مطارات مصر من مبانٍ خربة تمتلئ بالقطط والفئران الى أجمل مطارات القارة الأفريقية قاطبة، المؤسف ان كرسي رئاسة مصر يتجه سريعا الى المراوغ موسى الذي سيبرر كل اخفاقاته القادمة بالكلام المدغدغ، وبعيدا عن رجل بطول قامة وكفاءة اللواء احمد شفيق الذي لا يرضى عنه المراهقون والطائشون والمشبوهون من الكتاب الذين تمت اعادة تصديرهم لمصر كي يخربوها ويتركوها عائدين للمهجر بدلا من.. الجلوس على تلتها.

آخر محطة:

 (1) في عشاء سفير الكويت بالقاهرة التقيت بلواء مصري فاضل عمل ملحقا عسكريا وزار الرئيس السابق مبارك مرات عديدة في بيته بمصر الجديدة وفي شرم الشيخ، وقد طرح تساؤلا محقا وهو ان مبارك في اواخر عمره فلمن يخبئ المليارات المدعاة وهو يعيش في بيوت منزلي الخاص ـ اي اللواء ـ أكبر منها بثلاثة اضعاف؟! هل من إجابة؟.. لا اعتقد!

(2) في مقال قادم سنتحدث عن محادثة صدام الاخيرة للزميل حسن علوي ومحادثة حسن علوي لي حول تلك المكالمة التي تتزامن مع عيد ميلاد الرئيس والتي اكد علوي على انها غير مدبلجة أو مصطنعة بل تمت في وجود 6 اشخاص ذكرهم بالاسم.

سامي النصف

خيارات أحكمكم أو أقتلكم أو.. أقسّمكم!

انشغل العالم صباح امس بزواج الأمير وليام والأميرة كيت، وهو حدث شجع السياحة وجلب الأموال لبريطانيا، حيث امتلأت فنادقها وشققها الفندقية بالزائرين، في الوقت ذاته انشغل الحكام الثوريون العرب وأبناؤهم بقتل شعوبهم وتخريب ديارهم وتهجير مواطنيهم الى الدول المجاورة.

وكانت العهود الملكية السعيدة في مصر وإيران والعراق والأردن قد اشتهرت بمثل تلك الأفراح والليالي الملاح التي تسعد الشعوب وتفرح القلوب ويمكن متابعة البعض منها على اليوتيوب كحال زواج الملك فاروق من الملكتين فريدة وناريمان، والشاه من ثريا وفرح ديبا والملك حسين من دينا، وقد تسببت الثورات الهوجاء في استبدال أنظمة الأفراح السابقة بأنظمة الأتراح اللاحقة.

«ماذا فعلت الثورات بالعالم العربي؟» كان عنوان أول مقال لي في الصحافة الكويتية قبل 3 عقود انتقدت فيه البقرة المقدسة المسماة آنذاك الأنظمة الثورية التي كانت شعاراتها الكاذبة حول الوحدة العربية وتحرير فلسطين تدغدغ عواطف الشباب الغر وتخدع عقول رجال الفكر، وقد تحديت في ذلك المقال البعيد ان يجد لنا احد دولة عربية او اسلامية قامت بها ثورة فتحسن حالها وتحولت من الفقر الى الغنى او من التخلف الى التقدم، ان الثورات الحالية ستحيل الأوضاع السيئة القائمة الى أوضاع أسوأ قادمة وستتحول دولنا الموحدة الى دويلات مفككة يحارب بعضها بعضا وغدا لناظره قريب.

لقد بدأت حقبة الثورات الحالية في تونس بسبب حالة الفقر والبؤس التي عانى منها الشاب البوعزيزي فهل تحسنت أحوال العاطلين والبائسين في تونس بعد الثورة؟! تظهر الأرقام هذه الأيام هجرة 28 ألف تونسي (بوعزيزي) الى إيطاليا وفرنسا، كما تمتلئ صالات «المغادرين» في الدول الأخرى التي قامت بها الثورات بالسائحين والمستثمرين وقبلهم المواطنون بسبب غياب الأمن والتحول السالب في الأوضاع الاقتصادية بعد ان عادت الثورات العربية الفتية سريعا لنهج ثورات الخمسينيات والستينيات القائم على الانتقام والمحاكمات وتأميم الممتلكات والمظاهرات اليومية بدلا من التفرغ لإتقان العمل والإبداع وتطوير الذات كما حدث في دول أوروبا الشرقية بعد سقوط الأنظمة الشيوعية فيها.

آخر محطة:

 (1) الحقيقة الجلية تظهر انه لولا التدخل العاقل والحازم للقيادات الخليجيةوالإرسال السريع لقوات درع الجزيرة التي نجحت فيما لم تنجح فيه قوات الردع العربية التي لم تستطع وقف الاقتتال الأهلي في لبنان، لكانت الدماء تسيل انهارا في مملكة البحرين.

(2) خارطة طريق الثوريات العربية والإسلامية كلها ضرر بأوطانها وشعوبها، حيث تبدأ بـ «أحكمكم قسرا ثم أقتلكم وأسجنكم وأسرقكم وأضيع مواردكم فيما لا ينفع، وقبل رحيلي أقسّم بلدانكم الى دويلات متناحرة كي تتندموا على تركي لكم» الملكية الفكرية لتلك الخارطة المدمرة مسجلة باسم صدام حسين الذي عاد من تحت الرماد.

سامي النصف

ترعة الشيخ جابر

أخبرني رجل أعمال كويتي بارز أثق تماما بما يقوله أن سقوط الرئيس مبارك قد يكون بسبب «حوبة» كويتية اخرى و«الحوبة» لغير الناطقين باللهجة الخليجية هي «اللعنة» التي تصيب كل من يتعرض للكويت بالقول او الفعل.

وقد سألته عن تفاصيل اسباب «الحوبة» ونحن نجلس في ديوانه العامر قبل ليلتين فأجاب بأنه التقى وزير الزراعة المصري السابق يوسف والي قبل عشرة أعوام وسأله عما وصل إليه مشروع ترعة الشيخ جابر أو بحيرة المياه العذبة الضخمة التي تبرع بها امير الكويت الراحل لمصر وكان يفترض ان تساهم في توطين ملايين المصريين في سيناء بعد استصلاح 620 ألف فدان وزراعة 50 مليون شجرة زيتون.

وكانت إجابة يوسف والي ان الرئيس مبارك قد أصدر أمره بإزالة اسم الشيخ جابر من تلك الترعة والاكتفاء بمسمى ترعة السلام (مع إسرائيل بالطبع) الذي يفترض ان يكون مسمى الجزء الغربي الصغير من المشروع الواقع في الدلتا وليس مسمى الجزء الشرقي القائم في سيناء التي ارتوت ارضها بدماء الجنود الكويتيين إبان حربي 67 و73.

وقد نقل رجل الأعمال الكويتي في حينه ذلك الخبر لسمو الراحل الشيخ جابر الأحمد الذي أطرق قليلا ثم علق «الله يسامحه على ما فعل» وهذه قمة التسامح والإنسانية التي نطالب بإفشائها هذه الأيام تجاه ملف الماضي في مصر كما نطلب من الدكتور عصام شرف ان يعيد تسمية ذلك المشروع بمسماه الأصلي وهو «ترعة الشيخ جابر» وما جزاء الإحسان إلا الإحسان، كما نتمنى أن يبقى اسم مبارك على الجسر الذي يربط سيناء بمصر كونه قد تم بجهد منه وبتمويل ياباني وفي هذا حفاظ على الحقوق (ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا) صدق الله العظيم.

وضمن برنامج «صباح الخير يا مصر» الذي أذيع في 24/4/2011 أكد عميد كلية التخطيط العمراني د.سامي عامر على ضرورة إعطاء الأولوية لاستكمال مشاريع التنمية المتوقفة كحال مشروع ترعة السلام «ترعة الشيخ جابر» بدلا من الاهتمام ـ حسب قوله ـ بمشروع د.فاروق الباز الأقرب للخيال والذي يكلف 200 مليار جنيه وليس 24 مليارا كما يسوّق صاحبه.

ومثل ذلك ما ذكره د.فتحي أبو عنانة ود.بشرى سالم في ملتقى غرب ووسط الدلتا حيث ذكرت د.بشرى ان دراسة شارك فيها 18 عالما اثبتت عدم جدوى مشروع د.الباز وطالبت باستكمال مشروع ترعة السلام «ترعة الشيخ جابر» كونه الأقل كلفة والأكثر عملية كما أنه يحمي سيناء من الضياع، ونشرت جريدة «في حب مصر» الإلكترونية نص مذكرة سرية عمرها 9 سنوات يذكر فيها رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات ان هناك «مؤامرة» من وزير الزراعة يوسف والي لإفشال مشروع ترعة الشيخ جابر وقد امتدت «الحوبة» إليه فتم سجنه في العهد السابق، ثم صدرت قبل أيام مذكرة منعه من السفر بسبب تهم الفساد التي وجهت اليه.

آخر محطة:

في لقاء تجمع 26 الأخير تحدث عضو المجموعة د.عبدالكريم السعيد بخطاب فيه حب وحسرة وألم، مبديا حرصه الشديد على مستقبل أجيالنا القادمة رغم علمه بأنه يعيش أيامه الأخيرة كما أخبره الأطباء، رحم الله فقيد الكويت الكبير المرحوم عبدالكريم السعيد وألهم أهله وذويه الصبر والسلوان.

سامي النصف

الملتقى الإعلامي والبروج العاجية

تعقد في فندق شيراتون الكويت هذه الايام فعاليات الملتقى الاعلامي العربي الثامن، وتقدم خلال تلك الفعاليات الجائزة العربية للابداع الاعلامي التي حصل عليها هذا العام كل من: سمو الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض وسمو الأمير الوليد بن طلال والشيخة مي آل خليفة وزيرة الثقافة البحرينية وعميد الصحافة الكويتية احمد الجارالله واذاعة بي بي سي البريطانية، وكان ضيف شرف الملتقى هو المملكة العربية السعودية لدورها الرائد في تطوير الإعلام العربي والسعودي.

والملتقى الاعلامي العربي هو نتاج فكر وجهد الزميل ماضي الخميس الذي ما ان ينتهي من عمل اعلامي ناجح حتى يبدأ في عمل آخر، والمصلحة العامة تقتضي دعم ما يقوم به بوعبدالله لمساعدته في التنقل بذلك الملتقى الرائع من بلد عربي الى آخر كي نثبت اننا أمة عربية واحدة وسط تحديات التفتيت والتشطير التي نواجهها.

وقد عقد الملتقى هذا العام تحت عنوان «الاعلام وقضايا المجتمع» وشارك في تقديم اوراقه وحوارات ندواته ثلة من كبار رجال الاعلام العرب والخليجيين، ومازلت اكرر استغرابي الشديد من عدم نزول بعض الاعلاميين الكويتيين من بروجهم العاجية للالتقاء بزملائهم الضيوف الزائرين، فهل هم مشغولون لهذا الحد بقضايا الامة الكبرى ام انه الحسد المعروف ضد المنجزين، وشراسة منضوي حزب اعداء الناجحين؟! لست ادري!

لقد تحول الاعلام العربي بشكل عام من «عاكس» للحدث قبل عام 2011 الى «صانع» للحدث بعده، فأغلب المتغيرات والثورات قد حدثت بسبب تغطية وسائل الاعلام والاتصال المختلفة، كما ان خارطة طريق ما بعد الثورات والمتغيرات تخطها ـ سلبا او ايجابا ـ اقلام وكي بوردات الاعلاميين في الصحف، وبرامجهم ولقاءاتهم على الفضائيات والاذاعات المختلفة.

آخر محطة:

 1 – سفراتي المتعددة لمصر تجعلني أطمئن محبي وسائحي مصر على الاوضاع هناك، كما أقدر الجهد الرائع لسفيرنا د.رشيد الحمد وطاقم السفارة ومكاتبها العسكرية والصحية العاملة في القاهرة.

2 – والشكر موصول لمدير مكتب «الكويتية» عبدالناصر بهرام ومسؤولي المطار عبدالرضا البلوشي والسيدة الهام ويوسف العدواني وباقي الموظفين على الجهد الطيب الذي يبذلونه لمغادرة الطائرة في الوقت أو قبله!

سامي النصف

إشكالية مصر.. الانتقام وبيع الأحلام!

ما جرى بين المصريين حكاما ومحكومين خلال الثلاثين عاما الماضية لا يصل الى واحد من مليون مقارنة بما حدث بين الهوتو والتوتسي في رواندا، أو البيض والسود في جنوب أفريقيا، ومع ذلك قام البلدان بعمليات تسامح وتصالح ومغفرة للأطراف المعنية أدت في النهاية الى تحرك سريع لعجلة الاقتصاد بعد أن تفرغ الناس للحب والتعمير لا للحقد والتدمير.

عادت مصر 2011 الى مسار مصر 1952 ودعاوى التطهير والانتقام من رجال العهد السابق (محكمة الغدر) وبيع الأحلام التي أدت في النهاية الى كل النكبات والنكسات التي أصابت العهد الناصري. ان التاريخ ما خُلق إلا لتعلم الدروس والعبر منه، وواجب مصر أن تتسامح مع أبنائها، فقد تسامحت قبل ذلك وعبر معاهدة كامب ديفيد مع أعدائها، وان توقف عمليات «التأميم» الجديدة التي صودرت الثروات والممتلكات الخاصة من خلالها وأودع أصحابها السجون، كما يجب احترام العقود التي وقعتها الحكومة مع المستثمرين والمطورين المصريين قبل الخليجيين والعرب والأجانب، فالأرض دون تعمير أو تطوير لا قيمة لها على الإطلاق وجميع الأديان والقوانين الوضعية تصل الى حد تمليك الأرض لمن يعمرها.

ومن روح الانتقام المتفشية الى بيع الأحلام الوردية الكاذبة كحال التسويق لدعاوى نصيب الفرد من الأموال التي سيتم استردادها، والأفضل منها خلق ثقافة واقعية جديدة تحث الناس على المزيد من العمل واتقانه، والمزيد من احترام الوقت واحترام قوانين الدولة وقوانين المرور وأعراف الاصطفاف بالدور، فبمثل هذه القيم والأعمال تنهض مصر وتغتني لا بفوانيس علاء الدين السحرية التي يسوّق لها الإعلام غير المسؤول هذه الأيام.

ومن بائعي الأحلام هذه الأيام د.فاروق الباز الذي رأى ان حل الزيادات السكانية و60 مليون مصري جدد ممن سيولدون حتى عام 2050، يكمن في خلق «ممر جديد» مواز للنيل يمتد في الصحراء الغربية من جنوب مصر حتى العلمين في شمالها يتم جلب الماء إليه من بحيرة ناصر عبر الأنابيب وتنشأ له طرق سريعة وسكك حديد و200 مدينة كبرى ونصف مليون قرية بكلفة إجمالية قدرها 24 مليار دولار (يا بلاش)، للمعلومة كلفة نقل المياه من جنوب ليبيا الى شمالها، أي نفس المسافة والمسمى النهر العظيم، أكثر من 25 مليار دولار، فكيف يتم توطين 60 مليون إنسان بكلفة أقل؟! وكيف يمكن التغلب على إشكالية العيش في الصحراء التي لم تتمكن حتى أميركا من التغلب عليها؟! ومن أين المياه ونصيب مصر يقل كل عام مع كل سد يقام في دول حوض المنبع؟!

ولا تقل عن غرابة المشروع وكلفته المتهاودة الا كيفية توفير الأموال اللازمة لذلك «الحلم»، حيث يقر د.الباز بعدم قدرة الدولة على تمويله وبعدم قبول القطاع الخاص لذلك التمويل، نظرا لعدم وجود مردود مالي له ـ كحال خطة التنمية الكويتية المتعثرة بسبب التمويل ـ ولا أعلم لماذا لا يتقدم د.الباز بفكرة أفضل وأسهل مجربة وقائمة ومعمول بها في كل الدول الغنية والمتقدمة وهي الحد من الانفجارات السكانية التي لم تعد تحتملها أرض مصر الصحراوية وثرواتها المحدودة؟! والحال كذلك مع كل دولنا العربية الأخرى.

آخر محطة:

 (1) أنصح رئيس وزراء مصر د.عصام شرف بأن يقرأ أو يعيد قراءة كتاب «فلسفة الثورة» وسيجد أن مشكلته اليوم هي نفس المشكلة التي واجهها الرئيس عبدالناصر قبل 60 عاما، فالجميع يعيب وينتقد أفكار الجميع والكل يعرف حلولا لمشاكل الكل.

(2) من يتساءل عن ثروات أبناء «الرئيس» السابق التي تبلغ مئات ملايين الجنيهات من أعمالهم الحرة، عليه ان يسأل كذلك عن مصدر ثروات أبناء «الصحافي» السابق محمد حسنين هيكل، أطال الله في عمره وزاد من مصادر رزقه والتي تبلغ مليارات الدولارات!

(3) ثورة 25 يناير يجب أن تتحول سريعا الى متغير «موجب» لا «سالب» كما هو الحال القائم، فعندما تسأل عن تاريخ ضعف الإجراءات الأمنية أو هرب الاستثمارات العربية والأجنبية أو تفشي ظاهرة البلطجة أو توقف أعمال المسرح والسينما الفنية، أو تعطل أعمال البناء وتوقف مشاريع الصناعة والزراعة التنموية، أو ضعف العملة وظهور العجز في الميزانية، أو حتى تأخر ترتيب الكرة المصرية، تأتيك الإجابة دائما وأبدا بأن تلك المتغيرات حدثت بعد يوم 25 يناير!

(4) مصر ربع الأمة العربية، إن ضعفت ضعفنا وإن ضاعت ضعنا، والواجب على الجميع إخلاص النصح لها لا المجاملة والكلام الذي «لا يودي ولا يجيب»!

(5) فاتنا أن نذكر في مقال أمس فقدان الكويت لرجل الأعمال الكبير المرحوم وائل الصقر في ديسمبر الماضي، فله وللآخرين الرحمة والمغفرة «إنا لله وإنا إليه راجعون».