سامي النصف

فلاتر السيسي وخطب عبدالناصر!

أعجبني لقاء للمشير عبدالفتاح السيسي ذكر خلاله انه قليل الكلام وان احد اسباب ذلك انه يمرر ما سيقوله على فلاتر للصدق والأمانة والحق ومرضاة الرحمن، وفي المقابل رأينا شريطا مسجلا لمنافسه المرشح حمدين صباحي وهو يلقي خطبة عصماء مطولة امام صدام حسين يقول فيها: «عندما نقف امام حضرتك ايها القائد العربي الشجاع النبيل فاننا نؤكد قدرتك على الانتصار» ثم لقاء متلفزا حديثا للمرشح صباحي وهو يقول بطلاقة ودون المرور على اي فلاتر للصدق وغيره« أما صدام والقذافي فلم اكن ابدا من المعجبين بهما او المؤيدين لنظامهما».

***

تظهر حقائق التاريخ الحديث ان اكبر المخربين والمدمرين والقتلة والقمعيين من الحكام هم سادة الكلام من الخطباء المفوهين الذين يتكلمون لساعات فيسحرون عقول وقلوب المستمعين من الشعوب ليقودوهم بعد ذلك للحروب والهزائم والنكبات والنكسات والقمع ومصادرة الحريات وما صدام والقذافي وقبلهما هتلر وموسوليني عنا ببعيدين حيث اشتهروا بالاقوال العذبة والافعال المدمرة.

*** 

يقابل ذلك حكام قليلو الكلام كثيرو الانجاز كحال الكثير من حكام الخليج والملكيات العربية الحاضرة وملكيات ما قبل هوجة الانقلابات، لذا نتمنى فوز السيسي ونعتبر قلة كلامه امرا يحسب له ودلالة صحة وعافية، وليجعل السيسي بعد فوزه الافعال تتكلم بدلا من الاقوال وهذا هو المهم لمصر وللامة العربية.

***

آخر محطة: (1) في خطاب الرئيس عبدالناصر الشهير الذي اسر الألباب والمسمى خطاب «حنحارب» مر على المسحورين من المستمعين قوله: انه امر الجيش المصري بالانسحاب من سيناء ومن ثم تسليمها للاسرائيليين «دون حرب»، وهو امر فريد ان يصفق المستمعون لرايات الانكسار بدلا من اخبار الانتصار.

(2) وفي خطاب ناصر الساحر الشهير عن تأميم قناة السويس فات المسحورين والهتيفة والمصفقين ما جاء فيه من ان البنك الدولي رفض اقراض مصر 100 مليون دولار اي حسب قوله

36 مليون جنيه اي ان الجنيه المصري في اوائل عهده كان يساوي 3.3 دولارات ولم يحاسبه المسحورون على ما فعله بعد ذلك بالجنيه والاقتصاد المصري.

(3) وفي خطاب حماسي ثالث شهير أطرب الاذان المصرية والعربية طلب من الاميركان ان يشربوا من البحر الأبيض وان

لم يكفهم فليشربوا من البحر الاحمر، وكان رد الرئيس جونسون ان اعدت خطة ضرب المطارات المصرية عام 67 في البنتاغون وسمعت بـ«الأبيض والأحمر».

(4) وفيما يخص خطاب التنحي الشهير الذي أسال الدموع وأخرج المظاهرات من المحيط الى الخليج يخبرني الاستاذ وجدي الحكيم مدير اذاعة صوت العرب انذاك انه في اليوم الثاني للنكسة وقبل يومين من خطاب التنحي ناداه وزير الاعلام انذاك محمد فايق وطلب منه تحضير اغان وطنية تطالب بعودة الرئيس للحكم ما يعني ان التنحي والمظاهرات في مصر جرى إعدادهما سلفا.. وامجاد يا عرب امجاد!

سامي النصف

ما لا يجوز الاختلاف حوله!

يمكن لمن يريد أن يختلف سياسيا حول ما جرى ويجرى في سورية وان يتخذ هذا الموقف أو ذاك، ومع هذه الجماعة أو تلك إلا أن ما لا يجوز الاختلاف حوله إنسانيا وإسلاميا هو الحاجة لأن تتوحد الجهود لتوفير الدعم المعيشي واللوجستي للاجئين السوريين وأغلبهم من النساء والأطفال الموجودين في لبنان والأردن لإيصالهم للحدود الدنيا من استحقاقات العيش الكريم كالسكن والإعاشة والتعليم والصحة.

***

ذهبنا بالأمس إلى الأردن الشقيق للمساهمة في إيصال الدعم للاجئين السوريين في فعالية أصبحت معتادة من أهل الكويت والخليج وكنا برفقة سفيرنا النشط والمتميز بالأردن د.حمد الدعيج، وسفير الأعمال الإنسانية في المشرق والمغرب عبدالعزيز البابطين وسفير الخير د.عصام الفليج إضافة إلى القائمين على الأنشطة الإغاثية والمتكفلين بإيصال الدعم إلى مستحقيه.

***

وقد التقينا في مستشفى المقاصد الذي يعج بالجرحى السوريين بجمع من الأطباء والجراحين الكويتيين الشباب من رجال ونساء وهم يقومون بعملهم التطوعي بهمة وجد وقد أحضروا معهم عبر المعرفة الشخصية والتواصل مع المنظمات الدولية المختصة كبار المختصين من الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا ممن تركوا أعمالهم وعياداتهم في بلدانهم وقدموا من منظور إنساني للمساهمة في التخفيف عن المصابين الأبرياء مع غياب مؤسف لا يعرف سببه للأطباء العرب، ما نرجوه أن يزداد الدعم فالأردن الشقيق بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني لا يألو جهدا في الدعم والمساندة إلا أن هناك محدودية في القدرات مع تكاثر طردي لأعداد اللاجئين مع استمرار الحرب.

***

آخر محطة: 1 – التقيت ليلا بجراح كويتي شاب كان قد انتهى للتو من علاج طفل سوري عمره سبع سنوات قام بقتل والده بالخطأ عندما أوصل إليه قنبلة عنقودية انفجرت فقتلت الأب وقطعت يدي الابن.

2 – «يزن» طفل سوري اضطر لترك الدراسة مع قدومه للأردن كي يعيل عائلته، وقد تم خلق «مركز يزن» لتعليم أطفال اللاجئين السوريين وهي قضية مهمة لمستقبل سورية فالجهل لا ينتج عنه إلا التطرف والتشدد والإرهاب، واشكالات الإجرام والإدمان، وأجيال سورية قلب العروبة النابض تستحق أفضل من ذلك.

  

 

سامي النصف

الوحدويون العرب الحقيقيون والزائفون!

الشعور الوحدوي العربي ليس جديدا وقد حركه نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين الظلم والاضطهاد الذي تعرضت له الشعوب العربية من الاستعمار العثماني والانجليزي والفرنسي والايطالي، مما خلق شعورا طاغيا لدى كثيرين بأن الوحدة العربية هي الحل وهو مسار كان بإمكانه بالفعل ان ينجح لو بقيت الفكرة محتضنة من الوحدويين الحقيقيين امثال الملك عبدالعزيز بن آل سعود، طيب الله ثراه، وبعده الشيخ زايد آل نهيان، رحمه الله، الا ان ما حدث هو ان شعارات الوحدة اضحت مختطفة من حكام الانقلابات العسكرية ممن كانوا يعملون تماما بعكس ما يدعون.

***

فقد تسلم قادة انقلاب 1952 الحكم وكانت السودان في حالة وحدة اندماجية مع مصر، وبدأ قادة الانقلاب منذ اليوم الاول وبشكل ممنهج ومنظم في قطع الوشائج التي تربط البلدين الشقيقين الواحدة تلو الاخرى مبتدئين بتصعيد حالة العداء مع الانجليز التي تكفلت اتفاقية صدقي بيفن العام 1946 بجلائهم عن مصر والذين لهم تأثير قوي بالسودان، مما جعلهم يعملون على فصله، ثم تسببت محاكمات عمال كفر الدوار في اغسطس 1952 واتهامهم بالشيوعية واعدام البعض  منهم في خسارة تأييد الحزب الشيوعي السوداني القوي، وفي العام 1953 بدأت محاكمات قيادات احزاب العهد الملكي (الوفد، السعديين، إلخ) مما خسر الوحدة امتداده السوداني، وتم استفزاز الحركة المهدية كما اخبرني د.الصادق المهدي عندما رفعت حركة الجيش شعار «بسط السيادة المصرية على السودان» بدلا من الاتحاد وتلاها التعسف في محاكمات الاخوان المسلمين بعد محاولة اغتيال عبدالناصر ومن ثم قطع وشائج اخرى تربط البلدين.

***

وسلم عبدالناصر ملف السودان بناء على نصيحة الانجليز لضابط أخرق يدعى صلاح سالم بقصد احراجه حتى ولو على حساب انفصال السودان، واعتمد سالم على منهاجية الرشاوى فلم يجرؤ حتى الحزب الاتحادي السوداني برئاسة اسماعيل الازهري الذي فاز بالانتخابات على معطى استمرار الوحدة ان يجاهر بدعم الوحدة كي لا يتهم بالارتشاء، واتت القشة التي قصمت ظهر بعير الوحدة عندما عزل وضرب الرئيس محمد نجيب الذي عاش ودرس في السودان، فلم يبق احد من السودانيين مع الوحدة كما تم لاحقا تكرار الفعل مع السوريين (1958 ـ 1961) وحتى اليمنيين حيث ما ان وصل الامير الوحدوي البدر للحكم حتى طبخت القاهرة انقلابا ضده.

***

والوحدة القومية تقوم على وحدة العرق وتتبناها في مختلف بلدان العالم الاحزاب «اليمينية» وتعارضها بالعادة الاحزاب «اليسارية» التي تؤمن بوحدة الطبقة العاملة، اي كانت اعراض منضويها، في منطقتنا ثم بشكل غريب وفريد مزج الماء والزيت فرفعت الاحزاب اليسارية كالناصرية والبعثية والقوميين العرب الذين تحولوا للماركسية شعارات الوحدة العربية وقاموا في المقابل بتقسيم شعوبهم على معطيات طائفية وعرقية، ما تسبب في تشرذم وتفتيت البلدان العربية بدلا من وحدتها.

***

آخر محطة: تعاطفت شعوب الخليج مبكرا مع قضايا العرب وشركائهم في الاوطان حتى ان الشاعر عبداللطيف النصف ارسل اوائل عشرينيات القرن الماضي من ضفاف الخليج قصائد نصرة لثورة الريف المغاربي بقيادة الامير عبدالكريم الخطابي الذي حقق انتصارات مذهلة على الاسبان ولم يقدروا عليه الا عندما ارسلت فرنسا مئات الآلاف من جندها واستخدم الاسبان الغازات السامة ضده، ومما جاء في القصيدة:

طلعت فظنوا في ثيابك طارقا

                      وذكرتهم ايام طارق فيهم

صدمتهم وسط الملاحم صدمة

                     فكم بعدها ثكلى ترن وترزم

اذا سددت فهي القضاء مسددا

                    وان اطلقت فهي البلاء المحتم

تدك الجبال الشم وهي منيعة

                   وتحصد جمع الجيش وهو عرمرم

سامي النصف

تصويت الناصريين للسيسي وانسحاب صباحي!

 

كي لا تكرر القوى الناصرية خطأها الجسيم الذي ارتكبته في انتخابات الرئاسة السابقة عندما تحالفت بعض قياداتها كحال حمدين صباحي وحمدي قنديل وغيرهما مع الاخوان فنجح د.محمد مرسي بالرئاسة بأصواتهم ثم تنصلوا من ذلك الموقف وانقلبوا على مرسي كما انقلب عليهم، لذا نرجو الاتعاظ من تلك التجربة المرة ومنح أصواتهم هذه المرة للفريق السيسي.

***

ولا حكمة في ان يدعي احد انه ملكي اكثر من الملك أو ناصري أكثر من عائلة عبدالناصر التي اعلنت وقوفها مع الفريق السيسي، ان نجاح صباحي في انتخابات الرئاسة وهو من يدعي تمثيل الناصريين سيعيد تجربة أو مأساة د.محمد مرسي والإخوان المسلمين حيث ان الاخفاق اللاحق المتوقع لصباحي حال نجاحه في الانتخابات بسبب عدم خبرته او كفاءته الإدارية سينعكس بشكل سالب على الحركة الناصرية واسعة الانتشار هذه الايام في مصر، اما اخفاق الفريق السيسي الأقل احتمالا بسبب خبرته الطويلة في الادارة فلن ينعكس او يؤثر على الحركة الناصرية بل على المؤسسة العسكرية ان تم.

***

في هذا السياق ما صرح به الفريق السيسي حول اعتزامه الاعتزال فيها لو خرجت المظاهرات ضده كان الافضل الا يقال كونه سيعطي الاخوان المبرر لإبقاء حالة الفوضى واخراج المظاهرات المدفوعة اثمان البعض منها طوال فترة حكمه، اما وقد خرج التصريح فالواجب ايضاح حقيقة ان المظاهرات لا تسقط الانظمة في الديموقراطيات الغربية كقاعدة وعرف متوارث، فكل يوم تخرج مظاهرات ضد الرئيس أوباما وغيره من قيادات غربية دون ان يدفعهم ذلك إلى تقديم استقالاتهم، ان ما حدث في 25 يناير و30 يونيو بمصر هو استثناء تاريخي والاستثناءات لا يعمل بها كل يوم وإلا لأصبحت.. قاعدة!

***

آخر محطة: (1) الافضل للناصريين ان يعلنوا بشكل لا لبس فيه اصطفافهم مع السيسي وابتعادهم عن صباحي كي لا يتحملوا وزر اخطائه السابقة واللاحقة وعلاقاته التي ستتردى مع اغلب دول الخليج والعالم في حال انتخابه.

(2) بدأت بعض الاخبار تتواتر عن احتمال انسحاب مفاجئ للمرشح حمدين صباحي في القادم من الأيام وهو قرار تدفع الملايين ولربما المليارات لحدوثه كوسيلة لضرب الاستقرار ونشر الفوضى في مصر وسيرى كثيرون فيما لو حدث ان الترشح لم يكن منذ اليوم الاول إلا لإعلان هذا الانسحاب، لذا نرجو كذب تلك الاقاويل التي ستظهر حقيقتها الايام المقبلة والتاريخ يرقب ويكتب!

 

@salnesf

سامي النصف

لمنع تكرار خطأ انتخاب مرسي!

ابان انتخابات الرئاسة المصرية الماضية صيف 2012 كتبت في جريدة «المصري اليوم» مطالبا القوى العلمانية والليبرالية واليسارية والناصرية بأن تغير موقفها المعلن بالاصطفاف مع المرشح د. محمد مرسي، وأن تقوم بانتخاب المرشح أحمد شفيق، حيث انحصرت المنافسة بينهما وأحدهما يمثل مشروع الدولة الدينية والآخر مشروع الدولة المدنية، والخطأ الجسيم لما يروجونه من تحويل الصراع الى مشروع الثورة ومشروع الفلول، بل وحتى ضمن ذلك الطرح فالنظرة العاقلة تظهر أن مرسي هو مرشح مفهوم ما قبل الثورة (الفلول)، حيث سيحتكر حزبه لو فاز رئاسة الجمهورية والوزراء ومجلسي الشعب والشورى، بينما فوز شفيق سيمنحه الرئاسة فقط، ويتم اقتسام باقي السلطات مع الآخرين، وهو ما يفترض أن يكون النهج الجديد لما بعد الثورة.

***

وانقسمت تلك القوى المدنية وقام قطاع كبير من قياداتها وأتباعها بالتأييد العلني للمرشح محمد مرسي ففاز بأغلبية ضئيلة تظهر بشكل جلي وواضح أنه ما كان ليفوز لولا دعمهم ثم انقلب مرسي عليهم كما هو متوقع وأراد احتكار السلطة لحزبه، كما ظهرت أخطاء كبرى منه كونه وحزبه لا يملكون الخبرة اللازمة لإدارة بلد بحجم مصر بعكس ما كان يمثله رئيس الوزراء السابق ووزير الطيران الفريق أحمد شفيق الذي له سجل مبهر مازالت مصر تحصد خيره في مجال تطوير المطارات المصرية والارتقاء بصناعة النقل الجوي.

***

نخشى من تكرار تلك الغلطة من قبل نفس القوى في انتخابات هذا الشهر، حيث الفارق الذي لا يخفى بين ما يمثله الفريق السيسي من خبرة إدارية ناجحة طويلة وعمل يومي منتظم منذ الصباح الباكر، وقدرة على تعزيز الأمن وفرض الاستقرار الذي لا غنى لدوران عجلة الاقتصاد عنه، إضافة الى ثقة الدول الخليجية المانحة به بعكس المرارة التي تشعر بها تلك الدول تجاه المرشح حمدين صباحي صديق وحليف صدام والقذافي الذي هو أقرب للنسخة الليبرالية من محمد مرسي من حيث عدم الخبرة الكفاءة الإدارية وتناقض وعدم صدق أقواله من ادعاء بعدم نصرته للطغاة العرب وما يظهره «اليوتيوب»، من عكس ذلك وارتباط اسمه برشاوى النفط مقابل الغذاء الصدامية ومن يقبل بيع ذمته الشخصية بالمال لا يؤتمن قطعا على وطن.

***

آخر محطة: (1) نتائج انتخابات مجلسي الشعب والشورى لا تقل أهمية عن نتائج انتخابات الرئاسة، حيث لا يملك الرئيس السيسي غطاء برلمانيا لخططه ومشاريعه خاصة في ظل المادة 123 من الدستور الجديد التي تفرض على رئيس الجمهورية قبول القوانين حتى التي يردها متى ما حازت أغلبية ثلثي الأصوات في البرلمان.

(2) ومن الأهمية بمكان شخصية رئيس الوزراء المصري المقبل وقدرته على حصد دعم البرلمان للخطط المستقبلية.

(3) تنص المادة 29 من الدستور المصري الجديد على أن الزراعة مقوم أساسي للاقتصاد الوطني ومن ثم الاستمرار في ترسيخ مفهوم أن مصر بلد زراعي والواقع يثبت أن مصر بلد صحراوي (95% من أرضه صحراء ولا أمطار أو أنهار تنبع من أرضه) وما لم يتحول إلى بلد صناعي وخدماتي فسيبقى يدور في نفس المشاكل الاقتصادية التي تزيد الانفجارات السكانية من استفحالها.

@salnesf

سامي النصف

زيارة السجين لا تعني الاعتراف بالسجان

إحدى الاشكاليات التاريخية المزمنة القائمة على الأرض العربية هي قيام من لا يملك النفط بطلب قطعه عن الغرب، ومن لا يملك الحدود مع إسرائيل بطلب شن الحرب عليها حتى آخر جندي من جنود الدول المحيطة بها، تلك الإشكالية تمتد هذه الأيام لزيارة البطريرك بشارة الراعي المقبلة للقدس وقبلها الزوبعة التي أثيرت إبان زيارة مفتي الديار المصرية للقدس قبل عامين، فالمعترضون ليس منهم أحد من المقدسيين أو فلسطينيي الضفة بل أغلبهم من المترفين الجالسين على المقاهي البعيدة أو من الفلسطينيين المؤدلجين المسيسين الذين تفرض عليهم مثل تلك المواقف.

*** 

زرت القدس مرتين خلال الأعوام الماضية ضمن وفدين كويتيين، وفي المرتين كان دخول القدس خلسة ودون رضا السلطات الاسرائيلية وقد صلينا في مسجديها الأقصى والصخرة واستمعنا لشكوى أهلها من أن المقاطعة العربية والإسلامية والمسيحية هي مقاطعة لهم وليس للاسرائيليين ممن تمتلئ فنادقهم ومحلاتهم ومطاعمهم باليهود الزائرين من مختلف أنحاء العالم، وان استمرار المقاطعة هو إضعاف لهم ودفعهم لليأس.

*** 

ومن يعترض على زيارة القدس والضفة بحجة أنهما محتلتان ينس أن نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم زار وصحابته مكة بعد صلح الحديبية وكان يسيطر عليها الكفار، كما أننا لم نسمع قط بفتوى تحرم زيارة مصر «وكثير من الدول العربية والإسلامية» إبان احتلالها واستعمارها من قبل الانجليز والايطاليين والفرنسيين، وآخر تلك الدول العراق عندما احتلت من قبل أميركا، ولم تصدر فتوى مماثلة للتي اختصصنا بها اخوتنا في القدس والضفة، وقد استمعت من الرئيس محمود عباس المقولة «إن زيارة السجين لا تعني الاعتراف بالسجان».

*** 

وتقف حماس لأسباب سياسية ضد مبدأ زيارة القدس والضفة وقد سألني د.خالد مشعل إبان لقائنا به وحديثنا معه حول هذا الموضوع: هل كنتم ترضون إبان احتلال صدام لبلدكم زيارة سائحين ومستثمرين لكم؟ وكانت اجابتي هي نعم كبيرة فقد كانت اشكالية الشعب الكويتي إبان الاحتلال أن جميع الزائرين من سياسيين وإعلاميين وغيرهم كانوا يتوجهون لبغداد بدلا من زيارة الكويت ورؤية الجرائم والفظائع التي كانت ترتكبها قوات الاحتلال الصدامية.

*** 

آخر محطة: (1) لا يمكن دون زيارة الضفة والقدس أن تفهم بشكل صحيح القضية الفلسطينية واشكالية المستوطنات التي باتت تغير جغرافية وديموغرافية الوضع هناك، وكلما مر الزمن وزاد المستوطنون صعب اخراجهم.

(2) مما سمعته من المقدسيين اشكالية اسراهم الذين لا يوضعون ضمن عمليات تبادل الأسرى بين المنظمات الفلسطينية واللبنانية واسرائيل، كون اسرائيل تصنفهم على أنهم من رعاياها، وبالتالي لا يجوز تسليمهم لطرف آخر.

@salnesf

سامي النصف

القضية الفلسطينية.. هل ستحل قط؟!

في الخمسين عاما الممتدة من وعد بلفور 1917 حتى هزيمة 1967 كان الجانب الفلسطيني هو من يؤمن بالمعادلة الصفرية القائمة على كل شيء او لا شيء، حتى انه رفض حل الدولتين الذي طرحته لجنة بيل عام 1937 والذي اعطى الطرف الفلسطيني 90% من الارض واليهودي 10% ثم قرار التقسيم 1947 وبادرة الرئيس بورقيبة 1965، اما الخمسون سنة اللاحقة، اي الممتدة من 67 حتى ايامنا هذه فقد اصبح الجانب الاسرائيلي هو المتبني للمعادلة الصفرية اي الحرص على توافر الارض والامن والسلام له ولا ارض او امن او سلام للجانب الفلسطيني، لذا من الصعب تصور ان هناك حلا حقيقيا قريبا للقضية الفلسطينية.

***

ويصعب على اي مراقب فهم موقف رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتنياهو وهو شخص لا ينقصه الذكاء والقدرة على تقييم المواقف، حيث انه مهندس معماري خريج جامعة M.I.T الاميركية الشهيرة، كما درس السياسة في جامعة هارفورد وكان اصغر رئيس وزراء في تاريخ اسرائيل، فقد اعترض في السابق على التنازل لمنظمة التحرير بحجة انها لا تمثل كل الفلسطينيين بعد خلافها مع حماس، كما يعترض هذه الايام على التفاوض معها بحجة انها تحالفت او تصالحت مع حماس وهو ما يسمى بـ 22 CATCH اي موقف لا ربح فيه للفلسطييين مهما فعلوا.

***

وقد التقيت سابقا بالرئيس محمود عباس بمقره في رام الله وقد طرح آنذاك إشكالا لا اعلم ان كان قد تم حله كرد على مقترح الحكومة الائتلافية، حيث تساءل كيف لوزراء حماس ان يحلوا مشاكل وزاراتهم التي تعتمد جميعها بالمطلق على الجانب الاسرائيلي دون الالتقاء بنظرائهم الاسرائيليين ما داموا لا يعترفون بإسرائيل؟! ومعروف ان الكهرباء والماء والاستيراد والاقتصاد والعملة في الضفة والقطاع تعتمد بالكامل على الجانب الاسرائيلي كنتيجة طبيعية لمقاطعة الدول العربية لهم منذ احتلالهم.

***

كما التقيت بالرئيس اسماعيل هنية اكثر من مرة في غزة وقد طرح إشكالات عدة منها ان الاتفاقيات مع المنظمة نصت على «التشاور» غير الملزم بدلا من «التوافق» الملزم، كما اشتكى من عدم القدرة على السيطرة في القطاع على مجاميع متشددة صغيرة قادرة على رمي اسرائيل بما اسماه «العاب نارية» تخلق فرقعات اعلامية تتيح لاسرائيل التنصل من اي اتفاقيات تعقد معها، والتقيت كذلك بخالد مشعل إبان اقامته في دمشق ومما طرحه ان حماس كانت مشاركة في الحكومة وليس في الحكم بسبب عدم قدرة الوزير الحماسي على نقل موظف واحد في وزارته حسب قوله، وجميع ماسبق وكثير غيره هو اشكالات او الغام على طريق ديمومة المصالحة الفلسطينية ـ الفلسطينية.

***

وعلى هامش مؤتمر للطاقة عقد في طنجة استمعت لوزير خارجية اسرائيل الاسبق المولود في المغرب شلومو بن عامي وهو يقول لجمع صغير ان الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة لن تستطيع قط اقامة سلام مع الفلسطينيين لأسباب عدة منها فقد الاحترام والثقة بين الطرفين وعدم ايمان اغلبية الاسرائيليين بالتفريط في الاراضي لاجل ورقة سلام يمكن للطرف الآخر ان يمزقها في أي وقت وان الفرصة الوحيدة للسلام هي عبر عمليات تطبيع شاملة بين اسرائيل والدول العربية جمعاء يرى من خلالها الاسرائيليون السائحين والمستثمرين العرب من جميع اقطارهم يتجولون في شوارعهم حتى يؤمن الشعب الاسرائيلي بحقيقة التوجه العربي والفلسطيني للسلام فيضغط على حكومته ضاربا المثل بما حدث بين فرنسا والمانيا بعد الحرب الكونية الثانية من تطبيع اوقف الحروب المعتادة بينهما.

***

آخر محطة: ضمن تأثر بريطانيا العظمى بالعرب بعد معايشة مستمرة منذ قرن ونصف القرن وانعكاس ذلك عبر احتمال تقسيم بلدهم القادم، قام رئيس وزرائهم «كحالنا» باستخدام كرت الدين لدغدغة مشاعر الناخبين عندما تحدث عن «مسيحية بريطانيا» وهو ما أثار غضب العلمانيين والليبراليين، الغريب ان رئيس المجلس الاسلامي الاعلى في بريطانيا أيد مبدأ مسيحية الدولة وهو ما يصعّب في المقابل من مبدأ معارضة يهودية الدولة في اسرائيل من منطلق شرعي!

@salnesf

سامي النصف

مصر بين المحاكمات الملكية والجمهورية

حرائق العواصم والمدن الكبرى تعتبر قضايا كبرى في تاريخ البشرية، وهي نادرة ولا تحدث إلا مرة واحدة كل عدة قرون، ومن ذلك حرق المعتوه نيرون لروما عام 68 بعد الميلاد وحريق لندن عام 1666، وحرق جند عرابي ومدافع القائد البريطاني سيمور لمدينة الاسكندرية عام 1882، وأخيرا حرق القاهرة إبان العهد الملكي في 26/1/1952 والذي أدى في النهاية الى انقلاب الجيش صيف 1952، كما ذكر عبدالناصر في إحدى خطبه اللاحقة.

***

وقد شكلت في فبراير 1952 إبان العهد الملكي محكمة «عسكرية» لمحاكمة المتهمين بحرق القاهرة وهم زعيم حزب مصر الفتاة الفاشي أحمد حسين وخمسة من رفقائه بعد أن تقدم بالشكوى والشهادة ضدهم العشرات من أصحاب المحلات، وقد تكونت المحكمة العسكرية من ثلاثة قضاة مدنيين واثنين من العسكريين الحقوقيين، ووفرت جميع الضمانات للمتهمين حتى أن المتهم الرئيسي أحمد حسين قام بمقاطعتها وعدم حضور جلساتها وطالب برد وعزل رئيسها المستشار المدني حسين خليل طنطاوي بحجة أنه قارب الستين وهو سن التقاعد ويمكن للحكومة أن تؤثر على قراراته عبر مد سن خدمته إلى 65، فتم عزله.

***

بالمقابل تظاهر عمال كفر الدوار في أوائل أغسطس 1952 فتم القبض على المئات منهم وبينهم أطفال لا يتعدون العاشرة من عمرهم ورأى محمد نجيب ووزير داخليته عبدالناصر وبتحريض ودعم ومؤازرة سيد قطب عبر سلسلة مقالات نشرها في الأخبار وروز اليوسف ومجلة الإذاعة ضرورة إظهار القوة والبطش، فشكلت محكمة عسكرية مكونة من الضباط أصدرت أحكام سجن وإعدام مستعجلة على الشابين خميس وبقري بعد أن أوكل للصحافي موسى صبري مهمة الدفاع عنهم فتسابق هو ورئيس المحكمة عبدالمنعم الأمين في كيل التهم لهم ونفذ حكم الإعدام بعد أيام قليلة من صدوره وأطلق بالمقابل سراح أحمد حسين وجماعته كي يمكن للنظام الجديد ان يتهم الملك وحزب الوفد بالمسؤولية عن الحريق المروع وضحاياه العديدين، فانتهى الأمر بذهاب ذلك الحريق دون فاعل وكرت سبحة المحاكمات العسكرية الهزلية التي لا ضمانات للمتهمين فيها (محكمتا الثورة 53 والشعب 54) والتي يصبح القاضي هو الخصم والحكم وقد قلدهم المهداوي في محاكماته الشهيرة عام 1959 في بغداد.

***

ولو دفع الإخوان الملايين لما حظوا بتعاطف ودعم كالذي توفره لهم أحكام إعدام المئات هذه الأيام في مصر، نعم من قتل رجال الجيش أو الأمن أو المواطنين يستحق الإعدام السريع ان ثبتت التهمة عليه، الآن الأمر يجب ألا يعمم، فالمتظاهر والمتواجد في مكان الجريمة يستحق أحكاما متفاوتة بالسجن لا الإعدام قطعا.

***

آخر محطة: 1 – أكثر الفرحين والمستفيدين من أحكام تعميم الإعدام هم مرتكبو جرائم القتل الشنيعة حيث يأملون أن تختفي جرائمهم وسط تلك الأحكام.

2 – نرجو أن يكون أول قرار للرئيس السيسي هو تخفيف أحكام الإعدام على من لم تتلطخ يده بالدماء.

@salnesf

سامي النصف

وكاف كفوف الكاف!

يقال ان الكاف الثلاثية ترمز لمليشيات كوكلوكس كلان (ك.ك.ك) أي الميليشيات الأميركية الجنوبية التي خلقت لمحاربة جيش الاحتلال الشمالي ولطرد المستوطنين الشماليين والتي تحولت فيما بعد لمحاربة منح السود حقوقهم المدنية ومقاومة المد اليساري والشيوعي وانتهت بمحاربة الحكومة المركزية في واشنطن، ويعتقد آخرون ان حروف الكاف الثلاثة ترمز لآخر 3 دول شيوعية بقيت في العالم أي كوبا وكوريا الشمالية والكويت، بينما نرى انها أحد أسباب كوارث منطقتنا القائمة كونها ترمز لسياسة وفلسفة بدأت عام 1919 عندما ربط الكرملين بمنظومات الكومنترون ولاحقا بـ«الكومنفورم».

***

خلقت منظمتا الكومنترون والكومنفورم لاجل نشر فكر ايديولوجي معين هو الشيوعية في دول العالم المختلفة ومن ثم كانوا أول من أقر وشرع لعمليات الولاءات العابرة للقارات فقد حددوا آنذاك 21 مبدأ على التابعين في العالم اجمع الالتزام بها وعلى رأسها الولاء التام للكرملين لا لبلدانهم وضرورة إشعال الثورات في بلدانهم والسيطرة على النقابات وقيادة الجيوش وخلق تنظيمات سرية إلى جانب التنظيمات المعلنة واستخدام العنف والإرهاب والاغتيال واشعال الحروب الأهلية للوصول للأهداف المرسومة لهم.

***

ولا شك أن أغلب ما يجري في منطقتنا هو نتاج لمثل ذلك التفكير العدمي المدمر الذي استبدل شقه اليساري بالتوجه الديني المتطرف الذي طبق تماما مبادئ الكومنترون والكومنفورم واصبح لا يخجل من ابداء الولاء لتنظيمات أو عواصم بعينها لا لاوطانها التي يفترض الانتماء لها، كما كرروا استخدام نفس الوسائل من عنف وخلق تنظيمات سرية وميليشيات، لذا فلا جديد تحت شمس المنطقة عدا توقف الناس عن إطلاق لقب «خونة الأوطان» الذي كان كثيرون يصمون به الشيوعيين.

***

آخر محطة: نظم امرؤ القيس وانشد طلال مداح:

تعلق قلبي طفلة عربية

                      تنعّم في الديباج والحلي والحلل

وكاف وكفكاف وكفي بكفها

                    وكاف كفوف الودق من كفها انهمل

حجازية العينين مكية الحشى

                    عراقية الأطراف رومية الكفل

تهامية الابدان عبسية اللمى

                     خزاعية الاسنان درية القبَل

لم يبق لتلك الطفلة العربية بسبب الثورات العربية لا ديباج ولا حلي ولا حلل بل قتل وقمع وتهجير واغتصاب..!

 – @salnesf

سامي النصف

الإصغاء لصاغية!

كنت قد انتهيت للتو من قراءة كتاب الاستاذ العكاري اللبناني حازم صاغية «البعث السوري تاريخ موجز اصدار 2012»، عندما تفجر النقاش حول مقاله الذي نشره في 4/4/2014 وأسماه «الاستقرار دين المرحلة».. وعكّر من خلاله أمزجة من ردوا عليه من الزملاء الاعزاء، وهم عبدالله بن بجاد ومشاري الزايدي وتركي الدخيل، وملخص ما قاله هو نقد حاد لجعل «الاستقرار» وسيلة لتخدير الشعوب ومنع حراكها، واتهم دعاوى الاستقرار بأنها المسؤولة عن توحش الشعوب وبربريتها ونزع انسانيتها! وعجبي يا استاذ حازم لما كتبت.

***

وأذكر الزميل صاغية، وهو الكاتب والمؤرخ، بما حدث في بلده في 13/4/1975 عندما بدأت الاحداث اللبنانية كما سميت حينها بواقعة «باص عين الرمانة»، وقد رفض حينها رئيس الحكومة رشيد الصلح انزال الجيش لوقفها، وفي 23/5/197(5) ولم تكن حالة الانفلات قد سميت بعد بالحرب الاهلية- تم تشكيل اول حكومة عسكرية في تاريخ لبنان برئاسة العقيد نور الدين الرفاعي بقصد وقف الاقتتال ونزع اسلحة الميليشيات وفرض «الاستقرار» الامني، وكانت لبنان مرشحة بالفعل لان تكون «سويسرا الشرق» بعد بدء تدفق مليارات البترودولار عليها.

***

حينها اجتمعت قيادات العمل الوطني بتاريخ 24/5/1975 في منزل المفتي حسن خالد بحضور الرئيس رشيد كرامي والزعيم كمال جنبلاط وقيادات يسارية وفلسطينية، وقالوا بالامس ما يقوله الاستاذ صاغية اليوم، وهو ان الديموقراطية اللبنانية واعرافها وديكوراتها هي المهم ومقدمة على مطلب «الاستقرار الامني»، فسقطت نتيجة لذلك وفي اليوم التالي الحكومة العسكرية، وتفشت الفوضى وعمليات الاقتتال والاغتيال التي كان اول ضحايا من رفضوا خيار الاستقرار الامني، ونعني المفتي وكرامي وجنبلاط، وبدأت الحرب الاهلية في الاتساع حتى استمرت لمدة 15 عاما على ارض لا تزيد مساحتها على 10 آلاف كم2، اي ما يقارب مجموع سنوات الحروب الاهلية الاميركية (186(1) 1865) والروسية (191(7)1921) والصينية (194(5)1949) والاسبانية (193(6)1939).

***

والسؤال المهم هو: لو عاد التاريخ لذلك اليوم من مايو 75، فهل سيفضل الاستاذ حازم صاغية وغيره من اللبنانيين ان تعطى الاولوية «للاستقرار الامني» والبناء وحفظ الدماء عبر القبول بحكومة عسكرية مؤقتة قد تكون قد شكلت من خارج رحم الدستور وقواعد اللعبة الديموقراطية اللبنانية الا انها تحقن الدماء وتحقق الإنماء والازدهار؟ ام ان الافضل التمسك بدعاوى ان الديموقراطية هي الخيار الذي تصغر امامه ويقبل من خلاله كل الدماء والدمار الذي حل بلبنان وخلق حالة عدم استقرار سياسي وامني ما زالت قائمة حتى يومنا هذا؟!

***

آخر محطة: (1) لإيضاح حقيقة ان الاستقرار الذي يحفظ كرامة الانسان هو الحياة، وان الفوضى هي الموت، نسأل: هل يفضل الانسان العيش هو وابناؤه في بلد مثل لبنان لا استقرار امني فيه وبالتبعية لا كهرباء ولا بنى اساسية متوافرة او خدمة صحية وتعليمية وبيئية متميزة، ويحتل مرتبة متأخرة في مؤشرات الشفافية ومتدنية في معدلات الدخل الا انه يستمتع بديموقراطية كاملة الدسم وحريات لا حدود لها؟! أم العيش في سنغافورة التي يسكنها العدد نفسه من السكان وان قلت كثيرا عن لبنان في المساحة ولا تتمتع بمستوى الديموقراطية والحريات اللبنانية، الا انها تزيد عنه كثيرا في معدلات دخل الفرد، حيث تحتل المركز الثالث على مستوى العالم مقابل المرتبة الـ 68 للبنان وتحظى بموقع متقدم جدا في مؤشرات الشفافية وجودة الخدمات الصحية والتعليمية والبيئية ومستوى القوة العسكرية؟!

(2) الشعب اللبناني مكون تقريبا من عنصر واحد هو «العربي»، وينقسم الى ديانتين سماويتين، بينما تنقسم سنغافورة الى 3 اعراق و3 ديانات مختلفة تماما، ومع ذلك نجد ان الشعب اللبناني اغلبه مهاجر، ولو فتح الباب للباقي لما بقي احد في جنة الديموقراطيات والحريات، بينما ندر ان تجد سنغافوريا مغتربا، وفي هذا الاجابة الفاصلة والعملية عن سؤال: ايهما افضل لكرامة الانسان، العيش في بلد مستقر دون ديموقراطية ام في بلد ديموقراطي دون استقرار؟