سامي النصف

بحق.. هل هناك من يحارب «داعش»؟!

من الناحية النظرية يفترض ان هناك عدة جيوش عربية تقف في مواجهة داعش التي يمتلئ اليوتيوب باستعراضات قوة تقوم بها عبر طوابير طويلة من المركبات العسكرية والأفراد والاعلام الخاصة بها دون ان يتعرض لها أحد، علما بأن طائرة واحدة لا أكثر كفيلة بالقضاء التام على تلك الأرتال كونها تمثل ما يسمى بالمصطلح العسكري.. «البط الجالس»!

*** 

وتظهر الأخبار تحركات وانتصارات داعش واستيلاءها على المدن وحقول النفط في شمال العراق وشرق سورية فيما هو أقرب لنزهة أطفال يتراكضون في حقل مفتوح، فلا معارك ولا هجمات بالطائرات والدبابات، ولا حراسة للمنشآت، ولا إنزال خلف خطوط الأعداء ولا حتى محاولة لإنقاذ الأقليات والأماكن الأثرية، علما بأن حكومتي دمشق وبغداد مدججتان بالأسلحة المتقدمة التي دفعت لأجلها المليارات، يصاحب ذلك صمت مريب من المجتمع الدولي وكأنه سعيد بما يحدث وبالتشويه المتعمد للإسلام الذي تتسبب فيه «داعش».

***

ومن الأمور المستغربة تسليم الأسلحة المتطورة لداعش رغم إمكانية تفجيرها بسهولة أو حتى استخدامها في الانسحاب، ومازالت الأسئلة تطرح عن سبب تلثم الداعشيين، وهو أمر لم نر مثله في حركات التحرر الأخرى كحال الأفارقة والجزائريين والفيتناميين، وكذلك عن سبب تصويرهم الفظائع والمذابح التي يقومون بها ونشرها بدلا من التستر عليها، وهو ما سيدفع الخصوم للقيام بمذابح مضادة تجاه من تدعي «داعش» انها تقوم بحمايتهم، ونعني المسلمين السُّنة!

***

آخر محطة: بعكس ما تدعي «داعش»، وبعيدا عن التهديدات الزائفة لها، فكل تحركات داعش وجرائمها وقتلها وتدميرها محصورة في مناطق السنة المغلوبين على أمرهم، وسيختفي ملثمو داعش ذات يوم كما أتوا، وسيتركون للسنة أحقادا وثارات قائمة ومباني مدمرة!

سامي النصف

العدو المثالي!

يذكر المفكر الأميركي د.صامويل هنتنغتون في كتابه الأخير عن النخبة الأميركية أن سبب انقراض شعب الهنود الحمر هو أنهم كانوا يمثلون «العدو المثالي»، أي العدو «الشرس الضعيف»، فشراسته تبرر العدوان عليه والتنصل من الالتزام الاخلاقي نحوه، وضعفه يتسبب في إبادته دون رحمة، والخوف من أن الإخوة الفلسطينيين باتوا ومنذ سنوات طوال يضعون أنفسهم في خانة «العدو المثالي»!

***

يقابل ذلك النهج السيئ المضر بمن يقوم به، النهج الناجح والصحيح الذي يمنع ممارسيه من أن يصبحوا في عداد «الأعداء المثاليين» ومن ثم يمنحهم في المقابل الصفة الإنسانية التي تُخجل أعداءهم وتمنعهم من الاساءة إليهم والعمل على إبادتهم، كما تجعل العالم بالتبعية يصطف مع قضاياهم فتنتهي كما حدث مرارا في الماضي بالانتصار والانتهاء منها.

***

ومن ذلك، هل قام أفارقة جنوب أفريقيا وروديسيا- وقضاياهم تتشابه في المطلق مع القضية الفلسطينية من حلول مهاجرين محل اصحاب الأرض الأصليين- باختطاف الطائرات والبواخر ومهاجمة الطائرات والسفارات… الخ؟ وهل اطلقوا الصواريخ على مساكن البيض؟ وهل تدخل الأفارقة في شؤون وحروب الدول الأفريقية الداعمة لقضيتهم فظهروا وكأنهم المتعدون؟

إن سر انتصار الأفارقة انهم اظهروا للعالم اجمع- وحتى لشعوب أعدائهم- انهم الطرف المجني عليه وليسوا طرفا منتصرا في حرب متكافئة مع العدو، كما حدث ويحدث في حروب «الفلسطينيين» مع إسرائيل.

***

آخر محطة: (1) نهج منع النقد الذاتي والمجاملة وخداع النفس جُرّب في عملية الإبادة الأخيرة لغزة عام 2009، وهو ما مهد الأرض وحرثها لعملية الإبادة الحالية، والواجب المصارحة هذه المرة، فما يُدفع هو أنهار من دماء الأبرياء من أهل غزة وليس ماء، والقبول بما يجري، بل وتحويله لانتصارات باهرة، يعني شيئا واحدا لا غيره، وهو تكراره بعد سنوات قليلة، ومن ثم دفع الشعب الفلسطيني لليأس.

(2) الانتصار الذي يقوم على مبدأ «نحن لا نمانع قتل الآلاف منا» بينما ينسحب العدو عند قتل عشرة او عشرين من جنوده حرصا منه على حياتهم، هو انتصار افضل منه ألف مرة.. الهزيمة!

(3) يقول الجنرال باتون لجنوده: «البطولة ليست في ان تموت لأجل وطنك ويضيع ما استثمره فيك من تعليم وتدريب وتصبح عائلتك عالة عليه، البطولة ان تقتل عدوك لأجل وطنك وبأعداد كبيرة كي يصبح هو وابناؤه عالة على وطنه».

(4) إسرائيل تحاول إلغاء الدور الإستراتيجي المفصلي لمصر في المنطقة، فهل يجوز للبعض مساعدتها عبر محاولة تحجيم الدور المصري؟!

(5) ليتكلم أهل فلسطين، وليصمت من يريد الحرب لآخر بشر وحجر في غزة!

سامي النصف

أسئلة حائرة حول حرب دائرة؟

لمن يريد الحرب في غزة لآخر طفل فلسطيني تحت مسمى ان ما يحدث هو انتصار باهر للمقاومة المشروعة وحرب متكافئة بين الطرفين سينتصر بها كالعادة الطرف الفلسطيني ومن ثم البدء بالتحضير لحروب عديدة قادمة في القطاع، فمن يرفض النصر المتكرر كل عام أو عامين ما دمنا قد ادعيناه وآمنا به في أمة عطشى للانتصارات؟!

***

نسأل المحرضين ومغيبي العقول: هل لدى غزة أي من العناصر التي تحتاجها أي مقاومة في العالم، أو عبر التاريخ؟! اي معين لا ينضب من السلاح والأموال والامدادات المعيشية والمساحات الشاسعة (مساحة غزة 300 كم2)، والجبال والغابات والحدود المفتوحة مع دول النصرة وعبر جبهات تمتد لمئات الكيلومترات، كما كان الحال مع فيتنام والجزائر وجنوب افريقيا وغيرها من حركات التحرر والمقاومة، ان الخيار الآخر للحرب ليس الاستسلام كما يدعى، بل السلام العادل فغزة والضفة وسيناء لم تسترجع بقرقعة السلاح بل عبر طاولة المفاوضات والسلام بعد ان اضاعتها الحروب والهزائم التي تسمى بـ ..«الانتصارات»!

ونستذكر أن اليهود الأذكياء لم يحوزوا عطف العالم عبر ادعاء مقاومة الطاغية هتلر والانتصار على قواته المتجحفلة بل قاموا باظهار حقيقة مظلوميتهم وابادتهم وانهم من قُتلوا وأُحرقوا وقُمعوا، ولو ادعوا الانتصار كما تدعيه جماعتنا لقال لهم العالم كفاكم بالانتصار بديلا وتعويضا عما حدث لكم.

***

ومخجل جدا الأرقام التي وردت من غزة بأن مقابل 1300 قتيل حدثت 1400 حالة ولادة ولو كنا نتحدث عن «ماشية» لما جاز ذلك القول، فكل حالة من 1300 والتي صعدت الى ما يقارب الـ 2000 شهيد، هي حالة انسانية بذاتها لا دخل لها بمولود جديد اتى للدنيا، ولن ينفع الأرامل والثكالى والايتام وجود تلك المواليد من عدمه، بل وحتى في منظور المصلحة الفلسطينية العامة فمن استشهد من البالغين استثمر فيه الآلاف والملايين لتعليمه وتدريبه وتأهيله، بينما سيحتاج القادم الجديد الى مبالغ مماثلة خلال سنوات عمره ليتم بعدها على الارجح قتله في حرب قادمة، ليتم الفخر مرة اخرى بأن هناك.. مولودا مقابل ذلك الشهيد!

***

آخر محطة: (1) الذي سيتكفل بإعمار غزة هي دول الخليج من مداخيل ثرواتها الناضبة، ويجب ان يقابل ذلك نزع خيار الحرب والسلام من المجموعات المغامرة ووضعه بيد السلطة الفلسطينية العاقلة في رام الله كي لا يهدم في لحظات كل ما بني في سنوات ودفعت عليه المليارات.

(2) في العادة كل ما يأتي من اسرائيل كذب وزيف الا عندما يتعلق بأقوال تمس الدول الخليجية واتهامها بالتواطؤ على غزة، حينها يصبح كلامهم في قمة الصدق ولا يأتيه الباطل من أمامه أو خلفه.

(3) ونصيحة مخلصة للإخوة الفلسطينيين.. لا يجوز كلما حلت بكم مصيبة لا شأن للعرب او الخليجيين بها ولم يشاوروا بشأنها أن يوجه لهم الشتم والسباب والاتهام بدلا من توجيهه للمتسبب او.. للفاعل!

@salnesf

سامي النصف

أكذوبة الحصار المصري!

تقول نكتة شائعة على الإنترنت إن هناك فتوى تقول «إن للمرأة الفلسطينية ان تخلع الحجاب عندما تترك أرض غزة لأنها ستمر على بلاد لا رجال فيها»، ومعروف ما هذه البلاد المقصودة، ولا تتم أي مقابلة مع متعاطف مع حماس إلا ويضمنها هجوما شديدا على مصر العروبة واتهامها بأنها تقوم بحصار غزة، فما صحة هذا القول الذي له دوافع ايديولوجية لا تنظر للمصلحة الوطنية الفلسطينية؟!

****

الحقيقة المعروفة والتي شاهدناها على الطبيعة ان قطاع غزة لا يزرع ولا يصنع ولا تصل إليه حاجياته عن طريق الجو أو البحر، ولا توجد له منافذ برية إلا مع مصر وإسرائيل، فمن أين يأكل ويشرب المليونا فلسطيني بالقطاع؟! واضح ان اتهام مصر بممارسة الحصار يعني بالتبعية ان إسرائيل هي الأم الحنون التي تمد الشعب الفلسطيني بحاجياته، فأين الحقيقة؟!

****

الحقيقة التي رأيناها رؤية العين المجردة في الطريق الى غزة وحتى في غزة، وكذلك عند زيارتنا لأنفاقها، أن كل تلك الأمور وعبر كل العصور (مبارك، مرسي، السيسي) تأتي من مصر وبموافقة الحكومة المصرية وبأسعار رخيصة مدعومة من الحكومة المصرية والشعب المصري، وقد شاهدنا في الطريق من العريش الى رفح مئات القوافل والمركبات المتجهة إلى غزة، والتي تتميز بتغطيتها بالنايلون لمنع تساقط رمال الأنفاق عليها، وتعلم مصر بمقصدها ولم يوقفها أحد.

****

وقد زرنا الأنفاق، وجميعها قامت بمعرفة الحكومات المصرية، وإبان عهد الرئيس مبارك، وسمح بإحضار المكائن المختصة بالحفر حيث ان الأنفاق الضخمة أكبر من قدرات الأفراد، كما ان من السهولة معرفة مكانها على الجانب المصري كونها قائمة قرب الحدود وتعلوها مبان صغيرة متشابهة، ما ان تدخلها حتى ترى بداية النفق في وسطها والمركبات الكبيرة تنقل لها المؤن من سيارات وأغذية وأدوية.. إلخ، فكفوا ألسنتكم عن مصر.

****

آخر محطة: الوقود والأغذية القادمة من إسرائيل الى القطاع أغلى بكثير من القادمة من مصر ومن ثم ليست في متناول شعب القطاع، فليتر البنزين الإسرائيلي بـ 6 شيكلات، بينما المصري لا يتعدى الشيكل الواحد لليتر، وقس على ذلك باقي المواد.

سامي النصف

محاربة الإرهاب بالإرهاب!

مع إنهاء الحرب الكونية الثانية، سقطت دول شرق اوروبا تحت اقدام الدب السوفييتي، وتشكلت معها احزاب شيوعية قوية في فرنسا وايطاليا واليونان كانت قاب قوسين او ادنى من الوصول للحكم في تلك البلدان عن طريق الانتخابات، ومن ثم اختراق الناتو والمعسكر الغربي وخلق «حصان طروادة» بينهم تعمل لمصلحة السوفييت.

****

توازى مع ذلك التمدد الشيوعي ظهور مفاجئ لمنظمات ارهابية ماركسية جند قادتها عندما كانوا في السجون مثل بادر ماينهوف الالمانية والألوية الحمراء الايطالية، وقاموا بجرائم ارهابية كبرى كالقتل البارد لرئيس الوزراء الايطالي المعتدل الدو مورو، مما خلق ردود فعل شعبية ضد الاحزاب الشيوعية الكبرى، ولم ينفع انكارها واعتراضها على تلك التنظيمات الارهابية التي لا يعلم احد من يقف خلفها، فانحسر التأييد عن الاحزاب الشيوعية ولم تعد لها فرصة في تشكيل الحكومات في فرنسا وايطاليا، اما اليونان فقد تكفل انقلاب عسكري بمحاربة وتحجيم حزبها الشيوعي.

****

ومع هزيمة الجيوش العربية في حرب 1967، سادت على الساحة العربية والفلسطينية فكرة الحرب الشعبية لتحرير فلسطين، تشكلت العديد من المنظمات الفلسطينية «الشعبية» الداعية لتلك الحرب، وتم لاحقا تدمير تلك الفكرة عبر ظهور منظمات ارهابية كحال منظمة ابو نضال وابو العباس والجبهة العربية لتحرير فلسطين وغيرها ممن ادعوا تبني شعبية حرب التحرير، الا انهم تخصصوا في الأعمال الاجرامية التي نفرت العالم من نصرة القضية الفلسطينية واختفت تلك التنظيمات الغامضة كما ظهرت.

****

هذا الامر او الظاهرة تكررت مع الحركات الاسلامية وتنظيمات المجاهدين التي انتصرت على السوفييت في حرب افغانستان، حيث رأينا ظهور القاعدة والزرقاوي وداعش وجميعها تطبيقات مكررة ناجحة لمحاربة الارهاب بالارهاب والعمل من خلال خطة العدو وقد بدأ انحسار التأييد الشعبي لتلك التنظيمات التي ستختفي فجأة كما ظهرت، وما تنظيم فتح الاسلام وقائده شاكر العبسي ببعيد عنا وستلحقه قريبا داعش وسيختفي البغدادي كما ظهر.

****

آخر محطة: يتبقى تساؤل قائم هو من اين للتنظيمات المتطرفة في اليمن والصومال والعراق وسورية وليبيا الاسلحة والاموال اللازمة لمواصلة تدمير البلدان العربية حتى اصبحت تهزم الجيوش النظامية؟! واضح ان هناك خيطا متصلا يربط بين التنظيمات الارهابية الماركسية والفلسطينية بالامس والاسلامية المتشددة الحالية اليوم!

سامي النصف

لو كنت من قادة «حماس»!

لو كنت من قادة «حماس» الأفاضل لما ارتضيت ان احول عملية «إبادة جماعية» كالحال القائمة في غزة حيث لا مقارنة بين جيش يعتبر أحد الأقوى في العالم باسلحته المتطورة واعداده الوافرة، وتنظيمات صغيرة افضل أسلحتها صواريخ محدودة الضرر، إلى ادعاء قيام «حرب» متكافئة الأطراف استعد لإعلان الانتصار فيها مما يخفي حقيقة ما يحدث وأنه إبادة للمدنيين وليس حربا بين عسكريين.

***

ولو كنت من قادة «حماس» لتعلمت من التجارب الكوارثية المتكررة التي نتجت من تدخل الفلسطينيين كاطراف في الشأن العربي كما حدث في الاردن 70 ولبنان 75 والكويت 90 ولرفضت التدخل في الشأن المصري الحالي ورفضت معها تغليب الايديولوجية الخاصة بي على المصلحة الوطنية الفلسطينية العامة ولقبلت بالمبادرة المصرية لحظة الإعلان عنها في اليوم الثالث للحرب ولم يكن عدد الضحايا يفوق 150 شهيدا بدلا من العرقلة عبر تقديم طلبات استحالة كالتعديلات التي قدمت والتي تمس سيادة الدول المعتادة على معابرها عبر نزعها منها وتقديمها لقوات دولية.

***

ولو كنت من قادة «حماس» ومنعا لتكرار الدمار وسفك الدم الفلسطيني لرفضت التعريف الفريد للانتصار الذي يمهد لتكرار تلك الإبادة تحت تسميتها بالحروب التي يعلن الانتصار فيها مع لحظة توقفها، ولعلمت ان «الانتصار الإعلامي» الحالي هو ذو نفس قصير وذاكرة اقصر حيث ما ان تحدث عملية ارهابية مستقبلية في اسرائيل «وهي قادمة لا محالة» حتى ينسى العالم تعاطفه الحالي وتحول الدعاية الاسرائيلية المعروفة بكفأتها الحدث الى تعاطف معاكس بينما تبقى الخسائر الفلسطينية في الأرواح والمباني قائمة ودائمة.

***

ولو كنت من قادة «حماس» لما سمحت بتحويل الغضب الفلسطيني من إسرائيل الى الدول العربية بقصد تثوير شعوبها وهي التي لم تسأل او تشاور في قرار الحرب حتى تلام عليه، وهو للعلم ثقافة ضارة متكررة منذ عام 48 حيث سادت بعدها مقولة «العرب ضيعوا فلسطين» والتي كانت الارضية التي قامت عليها الانقلابات العسكرية التي مهدت للهزائم وخسارة المزيد من الأراضي وكأن أهل فلسطين قادرون على تحرير بلدهم عام 48 لولا تدخل الجيوش العربية، ولا يتحدث أحد عن ان ميزان القوى المختل بشدة لصالح القوى الصهيونية، وان الانكسار بوجود الجيوش العربية يعني انكسارا اكبر في عدم وجودها، ومن ثم لا يجوز لوم العرب ان ارسلوا جيوشهم ولومهم لو لم يرسلوا.

***

آخر محطة: (1) جلست أكثر من مرة مع الرئيس محمود عباس ورئيس وزرائه سلام فياض ولم اسمع كلمة سوء واحدة بحق قادة حركة «حماس» وهو أمر ابلغتهم به، إلا أنني سمعت بالمقابل نقدا شديدا لقيادة السلطة بحجة ان من يديرهم هو الجنرال دايتون الأميركي وانه كحال الجنرال غلوب باشا في السابق، وهي تهمة تأكدت انها ليست حقيقية على الاطلاق ولم يقل بها أحد وتسمم الأجواء بين الطرفين وتضر بالتبعية بمصالح الشعب الفلسطيني!

(2) صرح قيادي وإعلامي إسلامي فلسطيني بأن بعض الدول الخليجية طلبت من إسرائيل هدم غزة بالكامل وتعهدت ببنائها!.. هل هذا كلام يصدق يا دكتور عزام؟ الآن اي تعمير متوقع للقطاع من قبل الدول الخليجية سيقابل بدلا من الامتنان للأشقاء بالقول ان ما يحدث يثبت مصداقية تلك المقولة القميئة!

@salnesf

سامي النصف

التعريف الغريب للنصر العربي!

كانت هزيمة حرب السويس عام 1956 هي بداية التعاريف الكوارثية للنصر العربي الذي يجعلنا لا نتعلم من هزائمنا، ومن ثم حتما تكرارها فقد كتب الأستاذ هيكل آنذاك ان الانتصار في الحرب قام على معطى انها قامت على جائزة هي الاستحواذ على قناة السويس وبما انها بقيت في يد عبدالناصر فهو المنتصر، ما لم يقله هيكل ان حرب 56 كانت هزيمة ماحقة بامتياز، فقد نتج عنها فتح مضائق تيران لإسرائيل كي توسع علاقاتها وتجارتها مع دول آسيا وأفريقيا، كما قامت مصر عام 57 بتعويض حملة اسهم شركة قناة السويس بمبالغ خيالية وكان بإمكان مصر ان تشتريها من بورصتي لندن وباريس بأبخس الثمن بسبب محدودية أرباح الشركة، كما أسقطت تلك الحرب أحد أكبر أصدقاء العرب والمتحدث بلغتهم والذي أعطاهم عام 1942 وعدا بتحقيق وحدتهم مطابقا لوعد بلفور وهو وزير الخارجية البريطاني أنتوني ايدن، اما بقاء القناة بيد مصر فلم يدع احد في تلك الحرب انه ينوي نقلها منها الى مكان آخر وهل يرضى احد تأميم متاجر هارودز بعد تملك المصري الفايد لها بحجة انها بنيت على ارض انجليزية بأيد انجليزية؟! يا لها من حجة ساقطة!

***

وتلت تلك الحرب سلسلة من الانتصارات الكاذبة والوهمية التي يقوم صلبها على ان نضع نحن لأهم هدف ندعيه للحرب وبما انه لم يتحقق حسب معطانا لذا نعتبر أنفسنا المنتصرين وهم المهزومين، فحرب 67 التي دمرت بها الطائرات المصرية على الأرض في نسخة طبق الأصل مما حدث عام 56، قررنا ان سببها هو إسقاط نظامي الحكم في القاهرة ودمشق وبما ان النظامين صمدا وبقيا بعد الحرب فذلك انتصار باهر للعرب، وتكرر الأمر في انتصارات حرب الاستنزاف 67 ـ 70 التي اضطر بسببها ناصر لسحب تعهده بلاءات قمة الخرطوم الثلاثة وقبل بمبادرة روجرز للسلام، ومثل انتصار عرفات الباهر على اسرائيل في حرب بيروت عام 82 وخروجه منها مكللا بالغار الى تونس.

***

وأعلن صدام انتصاره الباهر في حرب تحرير الكويت عام 91 وأسماها ام المعارك الخالدة وطبل لها من طبل، لذا تكررت الحافر بالحافر عام 2003 على تخوم بغداد، وكرت السبحة في الحروب اللاحقة مع اسرائيل فجميعها انتصارات باهرة على اسرائيل رغم ان الطرف العربي هو من ينجلي غبار معاركها وهو المجندل او المقتول او المأسور ومدمر المباني والأنفس.

***
وسيعلن الانتصار الباهر قريبا اذا لم يكن قد أعلن مع اللحظة الأولى لتوقف الحرب الحالية لغزة كي تمهد الأرض لانتصار مستقبلي قادم خلال اعوام قليلة، واي انتصار هذا وقد دمرت مبانينا لا مبانيهم وسفكت دماؤنا لا دماؤهم (ألف مقابل ثلاثين) وتيتم أبناؤنا لا أبناؤهم، وحوصرت أرضنا لا أرضهم، وعاش أهلنا في المخيمات بعد تدمير منازلهم بينما ينعم أهاليهم بالبيوت الدافئة العامرة، ويبقى أطفالنا في الشوارع بينما يتلقى أطفالهم العلم في مدارسهم بأجل صوره ضمن صراع حضاري طويل المدى كما ندعي، اذا كان هذا حال انتصاراتنا فما هو حال هزائمنا إذن؟!

***

آخر محطة: (1) خسائر إسرائيل بالسمعة وانقلاب بعض الإعلام الغربي عليهم هو كسب مؤقت قصير المدى سينساه العالم بسرعة عندما تقوم جماعتنا ـ كالعادة ـ بأعمال إرهابية مروعة تجعل من قام بلوم إسرائيل يعود سريعا لتأييدها.
(2) أما خسائرنا كعرب في غزة فهي خسائر دائمة فالألف شهيد لن يعودوا الى الحياة وكل حالة إنسانية منهم ستبقى إشكالا دائما، فمن سيأتي بالرزق للأبناء؟ ومن سيبقيهم بالمدارس بدلا من البحث عن الرزق في الشوارع؟ ومن سيعيد بناء آلاف المنازل والمدارس التي هدمت مع انعدام وجود الأسمنت والحديد وغيرها من متطلبات البناء؟
(3) في أعقاب الحرب الإسرائيلية على غزة 2008 أصدر لواء حرب حسام سويلم كتابا موسوعيا مختصا من 500 صفحة عن تلك الحرب وعن كيف بدأت وكيف انتهت، ومن يطلع عليه يجد ان ما يحدث اليوم هو صورة طبق الأصل مع ما حدث بالأمس وما سيحدث في الغد!

سامي النصف

ربع قرن على الجريمة الغامضة!

يصادف هذه الأيام مرور ما يقارب ربع القرن على جريمة غزو الكويت وتهديد دول الخليج ومازالت الأسئلة تطرح حول ذلك الحدث الجلل دون إجابات شافية عنها، وأولها ما هدف القيادة العراقية آنذاك من ذلك الغزو الذي ادعت بعد أن عجزت عن تبريره أنه وحي أتى من السماء (!) فقد كان العراق قد خرج للتو من حرب طاحنة ضد إيران وقبلها وبعدها حرب دموية ضد الأكراد، وكان الاعتقاد أن النظام سيخطط لمائة عام من السلام لبناء العراق المدمر وتعويض شعبه الصابر.

***

ولم نسمع حتى اليوم عن سبب مقنع واحد للغزو، فلو أن الكويت وقفت ضده أو حتى على الحياد في حربه مع إيران لقيل ان ذلك مبرر الغزو، إلا أن الكويت وقفت معه وتحملت الأذى لأجله دون مقابل، كما لا يصدق أحد ان الكويت ذات الإنتاج الذي لا يتجاوز المليون برميل آنذاك يمكن لها أن تتحكم في أسعار سوق نفطي يبلغ مجمل إنتاجه 87 مليون برميل يوميا، ومثل ذلك أكذوبة احتلالها لأرضه حيث تبين العكس تماما وان العراق هو الذي كان يحتل أراضي الكويت دون علم أحد، وفي مؤتمر جدة تحقق مطلب العراق بالحصول على 11 مليار دولار، حيث وافقت الكويت على دفع 10 مليارات والمملكة على دفع مليار، فلماذا ترك الدوري اللقاء دون سبب أو مبرر ليبدأ الغزو فجر اليوم التالي؟!

***

وتظهر مذكرات قادة الحرس الجمهوري انه تم إبلاغهم بالرغبة في احتلال الكويت كاملة في أوائل شهر يوليو وتم تحليفهم على المصاحف ألا يفشوا السر ومن ثم تصبح المذكرة العراقية التي أرسلت في 17/ 7/ 1990 ولقاء الرئيس العراقي مع السفيرة الأميركية في 24/ 7/ 1990 ومؤتمر جدة اللاحق ما هي إلا عمليات لذر الرماد في العيون، فالأمر مقرر سلفا بأمر إلهي سماوي – الأصح شيطاني أرضي – على القائد الضرورة وهو أمر لا راد له أو مانع.

***

والغموض لا يغطي فقط أسباب حرب الكويت عام 1990 ومحاولة قتل الدجاجة التي تبيض المليارات الأغلى من الذهب وآخرها 10 مليارات مؤتمر جدة، بل يمتد الغموض لأسباب حرب أم الهزائم عام 1991 بعد أن حصل النظام على تعهد بألا يمسه سوء إذا ما قرر الانسحاب من الكويت، من الدولتين العظميين في العالم أي أميركا وروسيا، وكان بإمكانه الانسحاب والبقاء على الحدود ولإكمال ابتزازه، ولا يعلم أحد كذلك أسباب تجويعه لجيشه وإرعابه له بالنشرات الدورية التي تصل له مما جعل الجيش ينهار قبل الحرب لا بعدها.

***

آخر محطة: (1) واضح فيما حدث منذ أغسطس 1990 حتى أبريل 2003 وقد صمد العراق رغم توقفه عن تصدير النفط ان الوضع الاقتصادي لم يكن بالسوء الذي صوّره صدام وحاول جعله مبررا للغزو.

(2) قد يكون السبب الحقيقي للغزو هو خوف صدام من جيش المليون جندي أن يرتد عليه، لذا تآمر على جيشه وزجه في حروب غير متكافئة لتدميره، إلا أن السحر ارتد على الساحر!

@salnesf

سامي النصف

رحلة خاصة إلى العراق

في مايو 1980 قدت الرحلة الخاصة التي أقلت ولي العهد الشيخ سعد العبدالله رحمه الله في جولة الى بغداد وعمان ودمشق، وقد كانت هناك آمال كبار في حينها ان ينهي الرئيس الجديد صدام حسين ملف الحدود العالق بين البلدين، الا انه ترك العراق بشكل مفاجئ الى يوغوسلافيا للمشاركة في دفن الرئيس تيتو، وكان بإمكانه ان يبعث نائب رئيس الجمهورية طه محيي الدين معروف بدلا منه ولم يكن لديه شيء يعمله على الاطلاق، اتصل صدام من يوغوسلافيا طالبا تمديد زيارة الوفد الكويتي يوما واحدا حتى يلتقيه، وهو ما تم، وقد دعا الرئيس الضرورة الوفد الكويتي للعشاء في نادي الصيد والفروسية ليلة مغادرة الوفد صباح اليوم التالي الى الاردن!

***

وصلنا في سيارة السفارة الكويتية برفقة القنصل مبكرا للنادي، فقرر مرافقنا ان يرينا بعض المناطق المحيطة، وفي الطريق العام شاهدنا الفيلم الكويتي «بس يا بحر» يعرض على شاشة سينمائية ضخمة في حديقة السفارة الروسية، مما جعل السائق يخفف قليلا من سرعة السيارة، وخلال دقائق قليلة كانت عشرات السيارات الامنية تحيط بنا، وتوقفنا، حيث اكتشفنا ان على الجانب المقابل من الطريق يقع منزل امين عام حزب البعث ميشيل عفلق، وقد انتهى الامر بسلام بعد معرفة سبب وجودنا في المنطقة.

***

حضر صدام حفل عشاء نادي الصيد ثم جلس الوفدان وجلسنا نتابع حفلا غنائيا ساهرا تناوب فيه اشهر مطربي ومطربات العراق على إنشاد اغانيهم المعروفة، وتتخللها أغان تشيد بصدام الذي ما ان يذكر اسمه حتى يبادر رجال حراسته الجالسون في الخلف باطلاق صليات من الرصاص في الهواء بجنون، فمن يجرؤ على الا يطلق اذا ما اطلق الجالس بقربه، فيما بعد يقول لي احد رجال الحراسة الكويتية مازحا: لقد كان بالامكان ان نأخذ صدام ومن معه اسرى في تلك الليلة حين نفدت اسلحة حراسته من الرصاص وبقيت أسلحتنا معبأة.

***

كنا خلال ايام الزيارة نزور الاماكن المختلفة مع مرافقينا العراقيين واقوم بالتقاط الصور التذكارية بكاميرتي ومثلها التقاط صور الحفل، وقد اكتشفت لاحقا ان هناك من تسلل الى غرفتي واخرج الفيلم من الكاميرا، وفيما بعد قاموا بشيء اكثر تحضرا ويؤدي الى الشيء ذاته حيث زودوا قاعة المغادرة في مطار بغداد بمكائن اشعاعية، يطلب وضع الشنط والكاميرات خلالها وتتكفل بحرق الافلام.. اوتوماتيكيا!

***

آخر محطة: من قصص القتل بالاشعاع في عراق صدام، في العام 1975 اشرف الرئيس هواري بومدين على اتفاقية سلام وقعها صدام مع شاه ايران الذي كان في اوج قوته تنازل خلالها صدام عن نصف شط العرب، في السنوات اللاحقة بدأ عرش الشاه يهتز وندم صدام على توقيع تلك الاتفاقية، وبدلا من لوم ذاته قام بلوم عرابها الرئيس بومدين، لذا ما ان قام الاخير بزيارة بغداد صيف العام 1978 حتى عرض صدام غرفة نومه لاشعاعات قاتلة جعلته يشعر بالمرض فور مغادرته بغداد لدمشق، وقد توفي بومدين في ديسمبر 1978 بعد ان حار الاطباء في تشخيص المرض القاتل الذي اصاب دمه، وفيما بعد اعترف وزير الخارجية العراقي في تلك الحقبة حامد الجبوري بأن صدام هو من قتل بومدين!

 

سامي النصف

لماذا لا يثور اللبنانيون؟!

 

نفط لبنان وثروته ومصدر رزق شعبه هو السياحة والاستثمار المصاحب، ومازلت أذكر كيف اهتز لبنان وارتجت حكومته وصاحت صحافته ذات يوم لأن العراق هدد بأن يوقف زيارة سائحيه للبنان، وقد تحركت الرئاسة والحكومة اللبنانية بسرعة آنذاك حتى تم حل ذلك الاشكال وقدم السائحون من العراق.. عندما كان العراق يصدر السائحين لا.. اللاجئين!

***

يشهد لبنان للسنة العاشرة على التوالي ضربا متصلا لموسم الاصطياف فيه، فما ان يأتي الصيف حتى تبدأ عمليات تسخين سياسي وامني ينتهي دائما بارعاب المصطافين وتخويف المستثمرين والسائحين، فينتهي الامر باغلاق الفنادق والمطاعم والمحلات ويصطف من قطعت ارزاقهم على ابواب السفارات بحثا عن فيزا للهجرة في وقت يفترض ان يمتد موسم الاصطياف اللبناني للعام بأكمله، فسواح الدول الخليجية والعربية بعد تراكم ثروات البترودولار لديهم قادرون على القدوم في المواسم الاربعة، فالامطار والثلوج تعتبر عوامل اغراء لا طرد لهم.

***

والغريب ان جميع اللبنانيين متفقون على فساد النظام السياسي والحزبي والطائفي والعشائري القائم على المحاصصة والمعمول به منذ عهد الاحتلال الفرنسي والذي لم يأخذ من الديموقراطية الا المسمى فقط، حيث لا يستطيع المواطن اللبناني ان يترشح للانتخابات خارج قوائم الزعامات التقليدية، وكثيرا ما تدفع اتاوات مالية ضخمة لتلك الزعامات كي تضم من يريد الترشح على قوائمها، الا ان الجميع في الوقت ذاته يخشى من «القفز للمجهول» حال الثورة على ذلك النظام والغائه واحتمالية انفراد مكون بحصد كل المراكز والمكاسب ومن ثم ظلمه وتنحيته للآخرين.

***

آخر محطة: 1 ـ لبنان دولة خدمات من الدرجة الاولى، وكان بإمكانه ولايزال ان يصبح احد اغنى دول العالم كحال دول الخدمات الاخرى مثل لوكسمبورغ وسويسرا وسنغافورة لولا الانشغال بالسياسة التي تفرق بدل الاقتصاد الذي يوحد.

2 ـ هل يعقل الا يستطيع شعب حضاري كالشعب اللبناني لديه 70 عاما من الممارسة الديموقراطية ان يختار رئيسا للجمهورية ويشكل حكومة وينتخب مجلسا نيابيا؟! ماذا ترك للشعوب العربية القادمة جديدا للديموقراطية؟!