سامي النصف

المشهد اللبناني

هناك أمور عدة تجعلنا نهتم هنا بالمشهد اللبناني ومنها التوأمة التاريخية بين البلدين ثم انحدار لعبتنا السياسية سريعا لما هو قريب مما هو قائم في لبنان الشقيق من تناحر سياسي لا ينتهي، مما شجع الآخرين على جعل الارض اللبنانية ساحة لقتال الفرقاء الاقليميين والدوليين.

يقال «ان النصيحة بجمل»، وقد نصحنا في مقال سابق الشيخ سعد الحريري بألا يتورط في مصيدة تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة وان يبقى بعيدا كمرجعية لا تمس لقوى 14 آذار، وقد بدأت واضحة عملية عرقلة التشكيل مما جعله «يحرد» ويذهب لقضاء اجازته في الجنوب الفرنسي، وما نراه هو ان عمليات العرقلة وشحذ السكاكين ستزداد بعد بدء الحكومة لاعمالها بقصد حرقه والاساءة لسمعته وتنفير الحلفاء من حوله.

وللمشهد السياسي اللبناني طرائف عدة تتسبب بضحك هو اشبه بالبكاء، فقد احتُلت العاصمة بيروت من بعض القوى مما عرقل وعطل اعمال الاستثمار والسياحة التي هي نفط لبنان الوحيد، تحت دعاوى المطالبة بالثلث المعطل وبعد تلك الكارثة عادت القوى نفسها للقول انها لا تريد الثلث المعطل، ولم تسأل لماذا اذن كانت الازمة الخانقة السابقة التي كلفت لبنان مليارات الدولارات؟!

وتنازل الجنرال عون عن الثلث المعطل الا انه قام هذه المرة بتعطيل عملية تشكيل الحكومة بحجة ضرورة «النسبية» في التشكيل والتي تعني لمن لا يعرف الا يعترف المرشح الجمهوري المنهزم ماكين بحق الرئيس المنتصر اوباما في تشكيل حكومته الا بعد حصول ماكين على 48% من الوزراء واوباما على 52%، اي «بنسبة» الاصوات التي حصل عليها كل منهما (!) وبعد عملية التعطيل اعلن الجنرال عن تنازله المبارك عن النسبية، و.. عفارم جنراك هيك لعب سياسي على حساب لبنان ولا بلاش!

قوة رئيسية ثالثة تحتج هذه الايام وبقوة على عدم اعلان التشكيل الحكومي وتلوم الرئيس الحريري على تأخره في تشكيل الحكومة، ايام قليلة وتتبين «خطورة» بقاء البلد دون حكومة وتنسى تلك القوة انها كانت احدى القوى الفاعلة في تعطيل اعمال الحكومة السابقة لسنوات عدة عبر المقاطعة والاعتصام، بل وصلت لاغلاق باب البرلمان بالضبة والمفتاح في سابقة لا مثيل لها في الانظمة الديموقراطية وتحصل فقط في لبنان الامس ولربما كويت الغد اذا ما استمرت اوضاعنا في التدهور.

ومواقف الزعامات السياسية اللبنانية المتغيرة تغني عن الكهرباء المفقودة ويمكن لها ان تشغل كل مراوح لبنان بسبب سرعة تغيير اتجاه وقوة رياحها، ومن ذلك موقف زعيم الحزب الاشتراكي الاخير الذي سيجعل الاكثرية اقلية في مجلس الوزراء عند الحاجة لاتخاذ القرارات المصيرية والتي سيلتزم خلالها وزراء الرئاسة بالحياد وستنتهي معادلة وزراء 15 ـ 10 ـ 5 الى معادلة 13 معارضة ـ 12 موالاة و5 على الحياد، وما اذكى منظري ومفكري قوى المعارضة اللبنانية!

آخر محطة:
 
ارجو ان تبني الحكومة اللبنانية القادمة سجنا كبيرا 5 نجوم يخصص للسياح الخليجيين ممن يسمحون لاطفالهم بإشعال المفرقعات والالعاب النارية في المصايف آناء الليل واطراف النهار، وبودي من هؤلاء الخليجيين ان يجربوا تلك الافعال في الدول المتقدمة كسويسرا وغيرها ليروا كيف يتم التعامل معهم، وعيب استغلال كرم الضيافة اللبنانية.

سامي النصف

حمَلة الحقائب وأصحاب البدل

في منتصف الستينيات، صدر كتاب «حملة الحقائب» الذي يروي الموقف المشرف لليسار والحزب الشيوعي الفرنسي وللشيوعي اليهودي المصري المعروف هنري كوربيل في دعم المقاومة الجزائرية حتى انهم اوصلوا حقائب المتفجرات للمقاومين الجزائريين في فرنسا، وللاسف الشديد لم تقر او تقدر الحكومات الجزائرية المتعاقبة ذلك الدور وتقوم بتكريم من قاموا به، خاصة انهم قد سجنوا وعذبوا واتهموا بالخيانة العظمى بسبب تلك الادوار التي ادخلت الحرب لبيت كل فرنسي ودفعت الرأي العام لاجبار حكومته على الانسحاب من الجزائر.

ابان الغزو الصدامي الوحشي للكويت، لاحظ الصامدون ان اشرس الغزاة واكثرهم ظلما وقمعا ليسوا من يلبس الملابس الرسمية من جيش وشرطة وحتى حرس جمهوري، بل من يلبسون الملابس المدنية، فهؤلاء اوامرهم لا ترد وحضورهم الى اي موقع يجعل الآخرين ايا كانت رتبهم يسلمون الصلاحيات طواعية لهم.

ظاهرة «اصحاب البدل» او الملابس المدنية تصاحب عادة الانظمة شديدة الظلم كحال انظمة ستالين وهتلر وبول بوت وصدام، كون اول ما يسقط ضمن الدولة القمعية هو احترام القانون وتسلسل الرتب ويصبح الخوف والرعب من الآخر هو القاعدة، لذا يسلم الفرد جميع صلاحياته لاصحاب البدل المدنية دون اعتبار لمكانته او حتى كرامته.

وكان النظام الستاليني الروسي والانظمة الستالينية العربية والاسلامية بمختلف مسمياتها يحصرون كذلك اللون الاسود في السيارات الحكومية عامة والمخابراتية خاصة لبث الرعب طوال الوقت بين الشعوب، وقد وفر لنا ذات مرة نظام ستالين عربي سيارة سوداء كانت «تطوف» الاشارات الحمراء و«تصف» في منتصف الطريق دون ان يحاسبها احد، وقد نزل سائقها امام ناظرينا ليضرب بقضيب من حديد عدة مواطنين حتى ادماهم واسقطهم على الارض دون ان يتجرأ احد منهم على الاحتجاج على ذلك الاعتداء الفظيع.

ويشتكي هذه الايام اهالي الاصلاحيين في ايران (اهل الاصلاح يرفعون عادة فوق الرؤوس والاكتاف في الدول المتحضرة) من اصحاب البدل المدنية ممن يقتلون ويأسرون ابناءهم دون محاسبة او حتى معرفة لمكان الاسر، وقد اصبح الاشقاء الايرانيون يذرفون الدمع مدرارا على عهد الشاه، ممن لم يشهدوا في زمنه حتى جزءا من المظالم القائمة.

آخر محطة:

خياران امام لبنان بعد فك الزعيم «اليساري» وليد جنبلاط تحالفه مع قوى الاكثرية، اولهما ان ينضم وكتلته رسميا لقوى 8 آذار التي يجب ان تكلف بعد ذلك بتشكيــــل الحكومة «وحدها» وتبقى قوى 14 آذار في المعـــارضة، والخيار الثاني ان يصطف الجنرال «اليميني» ميشـــال عون مع قوى 14 آذار وهو المكان الطبيـــــعي له، ومن ثم تحتـــفظ تلك القوى بالاغلبــــية اللازمة لتشكيـــــل الحكومة.

سامي النصف

الغزو رؤية قبل العشرين

الامم التي لا تتعلم من دروس غزوها مرشحة لكوارث اكبر في المستقبل، ما سبق هو رؤيتي المختصرة لما حدث عام 1990 وذلك بمناسبة دخولنا الذكرى العشرين لدخول القوات الصدامية المتوحشة للكويت، فما الذي يمكن تعلمه من تلك المناسبة الأليمة حتى نعدل المسار ولا نكرر المأساة او الملهاة؟!

لا يغري الثراء بذاته اللصوص والطغاة والمغامرين، فأغنى دول العالم كحال لوكسمبورغ وسنغافورة والنرويج وسويسرا والسويد وموناكو.. الخ هي دول صغيرة جدا مقارنة بجيرانها الا انها في الوقت ذاته دول واعية تضع دائما أكفأ وأذكى العقول في مواقع المسؤولية فيروع هذا الامر الطامعين لأنهم يرون في قدرات هؤلاء ما يفوق قدراتهم عند لقائهم بهم، ما يغري الطامعين افرادا او دولا هو وصول الثروات لدى من يغلب عليهم الغباء أو الغفلة وهذا ما كنا نعمله عندما سلمنا المراكز للاسوأ بدلا من الاكفأ فأغرى هذا الامر الصداميين بالطمع فينا وغزونا.

قبولنا بالذل والهوان حتى انتهى الامر بالغزو والعدوان فقد استفردنا قبل الغزو بين الدول بـ «الاستضعاف» فخطف لنا ما يزيد عن 8 طائرات حتى دخلت ومازالت «الكويتية» موسوعة غينيس كونها الشركة الاكثر اختطافا في العالم دون ان يحاسب – للمعلومة – احد على تلك الخروقات الامنية المتكررة، وكان كلما اختلف فصيل مع فصيل او رغب ثوري مغتر في حفنة من الدولارات قام اما بخطف طائراتنا او تفجير دور صحفنا وسفاراتنا او قتل مواطنينا الآمنين الجالسين في مقاهينا الشعبية دون ان يحاسبه احد او يرد له الصاع صاعين.

وفي هذا السياق، ابلغني من كان حاضرا القمة العربية في الجزائر منتصف الثمانينيات ما حدث عندما حاولت قبل ذلك احدى الدول الثورية استخدام اراضي ابوظبي للاغتيال السياسي، فذهب بالخطأ وزير الدولة الاماراتي ضحية لتلك العملية الارهابية التي نسبت لأبي نضال ومن يقف خلفه، حينها تكلم الشيخ زايد موجها حديثه لثلاثة رؤساء دول ثورية قائلا لهم: «لا تقولوا ابونضال او ابونعال، هالمرة راح لي واحد بس والله ان تكرر الامر ليروح لكم عشرة مسؤولين مقابل كل واحد، واذا كنتم تدفعون لها المرتزقة مليونا لأدفع لهم مية مليون واطلب منهم يفجرون في بلدانكم بدلا من تدمير بلدي»، ويبلغني الشاهد ان احدا من هؤلاء الثوريين لم يرد بكلمة الا ان الامارات لم تشهد بعدها عملية ارهابية واحدة على ارضها.

وأحد الامور التي اغرت صدام بالغزو خلافاتنا السياسية الشديدة وعدم التفاهم بيننا حتى وصل الامر للاستقواء به على شركاء الداخل، ومن يدعُ الدب الى حقله فعليه الا يجزع عندما يدمر زرعه او يطيح برأسه ومازال بيننا من لم يتعلم الدرس ويحلم بدببة اخرى يود ان يستقوي بها على اخوانه في الوطن.. وياله من ذكاء!

آخر محطة:

1 ـ يبلغني د.انيس النقاش وهو رئيس المجموعة التي اختطفت وزراء النفط منتصف السبعينيات، ومنهم وزير نفطنا ان الهدف الحقيقي للعملية هو الحصول على 50 مليون دولار، وهو ما تم وبعدها كرت السبحة.

2 ـ ابان الغزو سمعت امرأة كويتية عجوزا تقول لحظة وصولها احد فنادق الشارقة «من يزرع الطماط اللي صندوقه بربع دينار لا يتركه دون نواطير، فكيف تركت بلد بها كل هالثروات دون حراسة؟!».

3 ـ ثلاثة اشخاص تنبأوا بالاحتلال اولهم المستشار الوزير الفاضل ضاري العثمان والثاني عضو المجلس الوطني الزميل خليفة الخرافي الذي طالب كما أتى في محاضر المجلس باحضار قوات عربية او اجنبية لحماية الحدود قبل الحديث عن التهدئة والواسطات، والثالث كاتب هذه السطور الذي كتب مقالا قبل 3 ايام من الغزو عن «احتلال كامل للكويت»، مستشهدا بما خطه كبير مراسلي الصنداي تلغراف باتريك بيشوب في مقاله المرسل من الكويت يوم الاحد 29/7/1990 وعلى من تقرأ مزاميرك يا داود؟

سامي النصف

10 أسباب تنفي نظرية الانتحار

كما استعجلوا في الإدانة مما أساء لسمعة الفقيد استعجلوا مرة اخرى في قفزهم لأسباب الفاجعة والقول انها «انتحار» رغم انه لم تمض إلا سويعات قليلة على الوفاة وحتى قبل ان تنتهي عملية التشريح الكاملة لتظهر على سبيل المثال ما اذا كانت هناك بقايا بارود في يد الفقيد وهو ما يحدث فيما لو كان هو من استخدم المسدس ام غير ذلك.

وتحويل جريمة قتل خافية الى انتحار ظاهر هو احدى أكثر وسائل إخفاء الجرائم شيوعا في العالم، وإذا كنا في عالمنا العربي لا نتقن كيفية تدبير ذلك الأمر حتى ان بعض المسؤولين العرب قد ثبت «انتحارهم» بأربع او خمس رصاصات، فإن محترفي الجريمة المنظمة قادرون على القيام بذلك العمل بشكل يخفي تماما معالم الجريمة.

في مقابل نظرية الانتحار أعطي 10 أسباب تفند وترفض تلك الفرضية ومنها: (1) ان القضية التي اتهم بها الفقيد لم تصدر بها أحكام إدانة كما ان اغلب أحكامها في العادة هي عبارة عن تعويضات واسترداد أموال (2) حتى لو صدرت أحكام إدانة من المحاكم الأميركية فمعروف ان الدول ومنها الكويت لا تسلم رعاياها لدول أخرى اضافة لما هو معروف من قدرة المحامين الأميركيين الفائقة على الدفاع والوصول للتسويات والتعويضات خارج المحكمة وهذا بافتراض السيناريو الأسوأ اي ان هناك أخطاء قد حدثت.

(3) الاكتئاب الذي يؤدي الى الانتحار هو الاكتئاب الذي يستمر لأشهر وسنوات طويلة وقد أتى في لقاء لـ «العربية» مع احد أصدقاء الفقيد انه كان منشرح الصدر بعد أداء صلاة العشاء في الليلة السابقة، كما كذب أخوه ما قيل على لسانه من ان الفقيد كان مكتئبا في أيامه الأخيرة (4) اعتاد المنتحرون ان يكتبوا رسالة وداع أخيرة يشرحون فيها أسباب انتحارهم ولم يجد احد رسالة انتحار لدى الفقيد.

(5) الذي ينوي الانتحار لا يخسر أمواله بتوكيل محام للدفاع عنه في المحاكم الأميركية كما أتى في رسالته المتفائلة التي نشرت في الصحف قبل يوم من انتحاره المزعوم (6) أتى في شهادة الخادمة انه أحضر سندويتشات في ذلك الصباح فهل يهتم حقا من ينوي الانتحار بأن يسد جوعه قبل رحيله؟!

(7) كذلك تواترت أنباء عن اتصاله بمقر عمله للاعتذار عن الحضور بسبب اجتماعات سيعقدها مع آخرين خارج العمل فما حاجة من ينوي الانتحار للاعتذار عن الذهاب للعمل؟! (8) كان الفقيد متدينا ومن ثم يملك الوازع الديني الذي يمنعه من قتل النفس خاصة ان القضية لا تستحق التضحية بالذات لأجلها.

(9) اشترى الفقيد مسدسا للمرة الاولى في حياته قبل شهرين من الحادثة ولا يخرج سبب الشراء عن احتمالين أولهما الرغبة في الانتحار وهو ما يتنافى مع ما اخبرني به ابني الذي شاهده وتحدث معه على إحدى الرحلات وتحديدا بتاريخ 21/6 وكان يرتدي الكمام طوال الوقت خوفا على حياته، ولو كانت لديه نية لقتل نفسه لسعد كثيرا بالتقاط ڤيروس الإنفلونزا القاتل لا محاولة تفاديه ومن ثم يصبح الاحتمال الثاني للشراء هو خوفه على حياته من أطراف خارجية أخرى.

(10) الانتحار عبر طلقة خلف الأذن اليمنى هو الوضع الأمثل لانتحار العسكريين من محترفي حمل الأسلحة في الدول المتقدمة، فكيف عرف الفقيد ذلك الموضع في وقت ينجو فيه 10% من محاولي الانتحار بالمسدس بسبب جهلهم بالطريقة الصحيحة للقيام به؟

آخر محطة:

مع رفضنا القاطع لنظرية الانتحار نورد نص الفتوى رقم 13395 الصادرة بتاريخ 31/5/2004 من اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء برئاسة الشيخ عبدالعزيز بن باز، رحمه الله، ومن ضمنها «من أقدم على قتل نفسه فهو مرتكب لكبيرة من الكبائر ولكن يجوز ان يترحم عليه وأن يدعى له كما يجوز تعزية أهله وأقاربه لأنه لم يكفر بقتل نفسه».

سامي النصف

قضايا الأربعاء

أتفق تماما مع ما ذكره الزميل العزيز فيصل الزامل في مقاله بالأمس من دور الإعلام السالب في مأساة الشاب حازم البريكان حتى ان دمه غطى على الجرائد التي تناثرت في غرفة نومه، وأذكر في هذا السياق حادثتين حدثتا مؤخرا، الأولى: دعوتي من قبل شخصيات اقتصادية بارزة للشكوى من تقصّدهم الشخصي من قبل أحد الكتّاب الوافدين القادمين جديدا للبلد، والثانية: قدمت أخت فاضلة وزوجها لي صحيفة زميلة أظهرت صورة والدها الطاعن في السن وهو من أسرة كريمة كبيرة بشكل غير لائق، وفي كلتا الحادثتين نصحتهم بمخاطبة القائمين على الجريدة المعنية مباشرة ليقيني بانهم لا يرضون قط بما حدث وان سبب الإشكال اختلاف الثقافات بين المجتمعات فما هو مقبول في بلدنا قد يكون له اثر سالب في بلد آخر.

بعيدا وبشكل غير متصل بما حدث مؤخرا، هناك ظاهرة عامة متفشية في البلد لدى بعض المؤسسات والهيئات والشركات وهي الطلب من الشباب مدراء المحافظ تحقيق أرباح عالية دون السؤال عن النهج أو الطريقة، فلو حقق مدير ما ربحا في نهاية العام قدره 20% عن طريق التحليل الفني والعالي للشركة وحقق مدير آخر 50% عن طريق الاشاعات ونفخ الأسعار واستئجار الأقلام وتسريب المعلومات لأثني على الثاني وتم ـ لربما ـ لوم الأول، لذا يجب إعادة النظر في ذلك السلوك الذي يشجع على الانحراف بدلا من الاحتراف.

عملت طيارا في «الكويتية» ما يزيد عن الثلاثة عقود ولم أتقدم قط بإجازة مرضية أو عارضة رغم استحقاقي المشروع لها وكنت إذا مرضت اطلب استبدال رحلتي برحلة زميل حتى يبقى الملف نظيفا من الإجازات المرضية والعارضة، لذا أستغرب مما أورده ديوان الخدمة المدنية من وجود 716 ألف إجازة مرضية للموظفين خلال 6 أشهر فقط مما يعني اننا إما أمام مجتمع مريض او مجتمع نصاب او بالطبع.. الاثنين معا!

وسط ظلمة قلة القدرة ومحدودية الكفاءة المتفشية في البلد تسطع شموس ونجوم تضيء الطريق لأجيالنا الصاعدة، فالشكر الجزيل للشيخ فواز خالد الأحمد مدير إدارة الجنسية بوزارة الداخلية على قدراته الإدارية المتميزة ووجوده طوال الوقت بين المراجعين والموظفين لتذليل العقبات وانهاء المعاملات بأسرع وقت، فأكثر الله من أمثاله وجعلهم قدوة للآخرين في العمل والإنجاز.

لقاء شائق لمدير أمن الدولة السابق اللواء فهد الفهد مع الزميل محمد الملا على قناة الشاهد فند وكذّب فيه دعاوى صدام وتابعه هيكل حول الرسالة المزعومة التي ادعى انه أرسلها لوزير الداخلية آنذاك والتي قيل انها تثبت تآمر الكويت مع أميركا للإضرار بالعراق. ومما قاله أبوأحمد ان العراقيين استولوا على مكتبه فأصبح من السهل عليهم التزوير الذي من دلالاته ان المخاطبة لوزير الداخلية كانت بلقب «سمو» بينما نستخدم في الكويت لقب «معالي» للوزير، حيث كان لقب «سمو» محصورا آنذاك في الأمير وولي العهد، كما ان رسائل المسؤولين كان يكتبها أبوأحمد بخط اليد لا بالأوراق المطبوعة، كما ادعوا في الرسالة الزائفة انه اصطحب معه ضابطا يعمل في محافظة الأحمدي بينما لا يسافر في رحلات عمل إلا بصحبة ضباط أمن دولة لا ضباط محافظات.

آخر محطة:

يذكر أخ فاضل من منضوي ديوان الخدمة المدنية ان لدينا ما يسمى بـ «بطالة الرفاهية» حيث ان الأغلبية المطلقة من البطالة تقوم على معطى «كراهية العمل» الجاد والوظيفة المصاحبة له، وتضيف زميلة له أن هناك من الإناث من يأتين بشهادات تدريب طويلة على وضع المكياج، وبدلا من فتح الصالونات يقدمنها كشهادات وحيدة للبحث عن عمل «مناسب» في الوزارات الحكومية!

سامي النصف

آخر الرجال المحترمين

في السبعينيات إبان احترام رجال الاقتصاد الكويتيين الشديد لأسمائهم وسمعتهم المالية وقبل ان تجتاحنا موجة مناخ الثمانينيات ونظريات خلق طبقة اقتصادية جديدة ذات أخلاق خربة، قام احد الآسيويين بسرقة شريكه الكويتي ما جعله مكشوفا امام عملائه فقام بالانتحار حفاظا على اسمه وسمعته، وهو بالمناسبة عم لإحدى المذيعات الشهيرات بالبلد.

كما تسبب انهيار البورصة عام 76 في انكشاف رجل أعمال كويتي آخر وهو ابن عم لنائب برلماني سابق، مما جعله يقتل نفسه حفاظا على سمعة عائلته الكريمة، لذا أعتقد ان حالة الانتحار الأخيرة لرجل أعمال كويتي ـ ان صدقت الروايات، وقد لا تصدق ـ هي نهاية آخر الرجال المحترمين ممن لا يزالون يدفعون أرواحهم رخيصة حفاظا على اسمائهم وسمعتهم.

ومما سمعته شخصيا من العاملين مع ذلك الشاب الثناء الشديد على أخلاقه وسمعته وذكائه وكفاءته، وكان أغلب من تحدثت معهم لا يصدقون الدعاوى والاتهامات التي قيلت بحقه، كما يستغربون مما أشيع من انتحاره، حيث ان القضايا التي يفترض ان تقام ضده تمس مركزه كمدير ولا تمسه شخصيا.

ويخبرني احد الأبناء انه التقى «المغدور» الشهر الماضي وكان الوحيد الذي يرتدي كماما في الطائرة طوال الرحلة ولما سأله عن السبب ذكر انه زيادة في الاحتياط الصحي وحتى لا يصاب بعدوى انفلونزا الخنازير، مما يعني حرص الشاب الشديد على الحفاظ على حياته، فلماذا اشترى إذن قبل ذلك بمدة قصيرة مسدسا؟ ألا يشير ذلك الى الرغبة في الدفاع عن النفس أمام تهديد ما، لا إيذائها؟!

ومن مساوئ الصدف ان يضار تجمع اقتصادي كويتي عبر الوفاة المفاجئة لعميده، ثم يتلوه في اقل من شهر وفاة مفاجئة لعميد تكتل اقتصادي كويتي آخر، ثم يأتي الخبر الحزين الأخير ليمس تكتلا اقتصاديا ثالثا مشهودا له بالنجاح وحسن الأداء والإدارة، ونجاح الاقتصاد الكويتي مرهون في نهاية الأمر بنجاح تكتلاته الاقتصادية، وفشلها يعني فشله.

آخر محطة:
 
(1) ما يزيد الطين بلة انتشار اشاعات مغرضة عن انكشاف مالي لتجمعين اقتصاديين كبيرين، فنرجو تفعيل خطط الإنقاذ المالي قبل «وقوع الفاس في الراس».. لا بعده كما هي العادة.

(2) يقول المثل العامي «اللي اختشوا ماتوا»، ولدينا لم يعد احد يموت في الحمام الشعبي المحترق خوفا من الخروج عاريا على الناس فتمس سمعته، هذه الأيام الأمة «مصلعة» ولا يحتاج احد لحريق كي يتعرى امام الخلق.

سامي النصف

«عسكر وحرامية»

نشرت احدى الصحف العربية صورة لرجل كويتي يلبس نظارة شمسية (خطير) له اسم لم اسمع به قط في بلدنا وقد احتلت اعلاناته 3 صفحات كاملة، الاولى احدى موظفاته ذكّرت ضمن مقالها بأريحيته وكرمه واعمال الخير التي يقوم بها حتى انه لا يرد قط محتاجا او سائلا.. يا سلام!

الصفحة الاعلانية الثانية امتلأت باسماء مشاريع له تم الادعاء انها قائمة في الاماكن الشهيرة والغالية في ذلك البلد ولا يعلم احد حقيقة او حجم او نسبة مشاركته في تلك المشاريع المدعاة، والصفحة الثالثة امتلأت بأرقام هواتف ودعوات لاصحاب الثروات لايداع اموالهم لديه كي يستثمرها لهم بعوائد مرتفعة، ودعوات اخرى لاصحاب العقارات او الاراضي الفضاء لتقديمها له كي يطورها ويرفع من قيمتها.

احدى الالعاب الشهيرة التي يلعبها الصغار في كل مكان لعبة «عسكر وحرامية» حيث يمثل البعض دور«الحرامية» فيقومون بالاختباء عن اعين الشرطة وتنتهي عادة تلك اللعبة باصطياد من يمثلون رجال الامن لـ«الحرامية» ومحاسبتهم محاسبة شديدة تتمثل احيانا بالصفع والركل، ومع مرور السنين تحول الصغار الى كبار وتغيرت معهم قواعد اللعبة واختلطت اوراقها فلم يعد احد يميز بين العسكر وبين «الحرامية»، ولم نعرف من الذي يختبئ من الآخر، او من الذي ينهب ويسرق ومن الذي يحاسب ويعاقب.

ففي كل صباح يقرأ الناس عن عمليات السرقة والتجاوزات، فالوزارات تنهب عبر العقود غير المراقبة ويعلم من يقوم بتلك الامور ان احدا لن يسأله قط عن الاموال التي سلبت والدنانير التي سرقت بل ستتحول القضية الى ازمة سياسية اخرى تنتهي كالعادة الى لا شيء، او الى ما هو اشبه بالدخان المتصاعد في الهواء، ويستمر قطار السرقة والتجاوز مسرعا في طريقه وسط عشرات الاجهزة الرقابية مظهرا لسانه الاحمر الطويل لهم وللناس المتابعين لتلك القضايا.

وقد وصلت الرسالة سريعا الى شعبنا الفاهم والواعي فبدأت عمليات التسابق على النهب والنصب من قبل الجميع، و«اخذ ما يمكن أخذه قبل نفاد الكمية وانتهاء عصر النفط»، وتم رفع المتجاوزين على الاكتاف بدلا من دوسهم، والا فكيف نفسر اعادة انتخاب مجالس ادارات الجمعيات التعاونية التي تحول الملايين من ارباح الجمعيات الى حساباتها الخاصة؟! ولولا القرارات الحكومية بالاقالة والاحالة للنيابة وتعيين البدلاء لسرقوا كل ما يمكن تحريكه ونقله فوق الارض ولما ابقوا حتى على الكحل في العيون!

آخر محطة:

نخشى ان نكون قد تحولنا من مدينة الحقد والحسد الى عاصمة النصب والاحتيال، ولا حول ولا قوة الا بالله.

سامي النصف

رمي المثقفين والمفكرين في القمامة!

إذا كانت الفائدة الوحيدة للتاريخ هي عدم تكرار الأخطاء، وهي بديهية بسيطة لم نستوعبها حتى اليوم لذا بقينا في حلقة مفرغة من إعادة الأخطاء، فإن الفائدة الوحيدة بالمقابل لوجود المثقفين والمفكرين والأذكياء في الأمم هي الاستماع لآرائهم والأخذ بتوصياتهم ووضعها موضع التنفيذ بدلا من الضرب بها ـ كعادتنا ـ عرض الحائط.

فالأمم المتقدمة يرسم سياستها ويحرك جيوشها وناقلات طائراتها ـ للعلم ـ المفكرون والمنظرون وتبقى تلك السياسات قائمة ومفعلة حتى تستبدل بأفكار جديدة يمثلها منظرو ومفكرو الحزب المنافس او أحيانا مفكرون جدد من نفس الحزب، وفي جميع الأحوال هناك الاستماع الدائم لما يقوله أصحاب الثقافة والفكر وهذا سر تفوقهم وتقدمهم وقلة الزلل في أعمالهم.

في بلداننا العربية الوضع أقرب دائما لإدارة «البقالة»، اي لا مكان للتفكير والتنظير والثقافة والعمل الاستراتيجي طويل المدى بل تشرق الشمس كل صباح ليتم رش الماء امام المحل و«اصبحنا واصبح الملك لله» وهل من مشاكل تواجهنا هذا الصباح؟ وبعد ان يمضي اليوم بأكمله في حل تلك المعضلات الآنية واليومية يتم إغلاق المحل ليلا انتظارا لصباح يوم جديد لا يختلف إطلاقا عن سابقه.

والحقيقة التي لا تقبل الشك او الجدل اننا في الكويت نحتقر المفكرين والمثقفين ونفخر بمخالفة ومعارضة ومناكفة وتسفيه ما يقولونه ليترك الأمر بعد ذلك للجهال وأنصاف المتعلمين ممن لا يحاسبهم أحد على أخطائهم أو على تسببهم في الإشكالات المتواصلة التي نعيشها والتي جاوزت مشاكل الهند والصين معا.

آخر محطة:

(1) في ظل تلك النظرة الاستعلائية والدونية لمفكري ومثقفي البلد يطرح تساؤل محق وهو لماذا لا يرمى هؤلاء في أقرب صناديق قمامة حالهم حال أي أغراض لا يحتاج اليها الناس؟!

(2) انتهيت للتو من قراءة التقرير الذي رفعه الديبلوماسي والمثقف اللبناني شارل مالك في 5/8/1949 لرئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ووزير الخارجية حول ما يجب على لبنان والعرب عمله فيما يخص العلاقة بالمعسكرين الشرقي والغربي واسرائيل، ولو عمل بجــــزء من توصياته لتفادت المنطقة جميع الحروب والمشاكل ولقاربت في تقدمها وثرائها الدول الاوروبيــــة والشرق آسيوية ولكن على من تقرأ مزاميــــرك يا… شارل!

(3) رحّلت الإمارات عطلة الإسراء والمعراج ليوم الأحد ورحلناها نحن ليوم الخميس فاستفادوا هم من بقاء علاقتهم مع العالم 4 أيام ونحن 3 أيام فقط ولا شيء يهم.

سامي النصف

الأعداء الحقيقيون للأمة العربية

مع صدور حكم المحكمة الدولية في لاهاي بخصوص انتماء اقليم «أبيي» النفطي في السودان، أصبح واضحا ان ألاعيب نظام الخرطوم وحروبه خلال الاعوام الماضية قد تسببت بالفعل في انقسام السودان العزيز الى عدة دول سنراها قائمة قريبا ومن ثم يمكن ضم ذلك النظام لقائمة «اعدى اعداء الامة العربية» في العصر الحديث.

ومن اعدى اعداء الامة العربية المفتي امين الحسيني الذي رفض قيام دولة فلسطينية مستقلة عام 1937 على 90% من الارض الممتدة من النهر الى البحر، وعاد رافضا لقرار التقسيم عام 1948، وهو العالم والموقن بضعف الفلسطينيين، والعرب معهم، عسكريا وعدم قدرتهم على الانتصار على الاسرائيليين الاكثر عددا وعدة.

وضمن اعدى اعداء الامة العربية الرئيس الراحل جمال عبدالناصر الذي فرط في السودان عام 1954 عبر تسليم ملفها للمخبول الصاغ صلاح سالم مما مهد لتقسيمها الحالي، وهو امر ما كان له ان يتم لو بقيت جزءا من مصر، كما قام النظام نفسه بالتفريط في سيناء وغزة والمضايق عام 1956 وفي الوحدة مع سورية 1961 وبتوريط الجيش المصري في حرب اليمن عام 1962 ثم قام بالتفريط ـ من تاني ـ في سيناء وغزة والمضايق عام 1967.. عفارم..!

ومن اعدى اعداء الامة النظام الحاكم في سورية عام 1967 (زعيّن، جديد، ماخوس)، والذي ادى بثوريته الطفولية ومزايداته العبثية لاشعال حرب الايام الستة التي سلمت الاراضي العربية وخلال سويعات قليلة للمحتل ولم نر بعد ذلك تحول عاصمتهم الى «هانوي العرب» كما كانوا يصرخون ويدغدغون.

وعلى رأس اعدى اعداء الامة العربية الكبار المقبور صدام حسين الذي سلم نصف شط العرب عام 1975 ثم اشعل الحروب المتتالية ضد الاكراد في الشمال وأهل الجنوب حتى شجعهم على المطالبة بالانفصال عن الدولة المركزية لضمان امنهم كما تسببت حروبه الجائرة على ايران والكويت في التفريط في أموال وموارد واراضي ومياه وثروات الامة العربية وحتى الاسلامية.

ومن اعداء الامة العربية الكبار الرئيس ياسر عرفات الذي اضعف الشعب الفلسطيني وقضيته عبر ادخاله في اشكالات وحروب خاسرة مع الاشقاء في الاردن ولبنان والكويت وغيرها، وأشعل الحرب الأهلية في لبنان التي انتهت باحتلال أرضه، ثم قام عبر سلسلة مفاوضات ادارها بشكل سيئ جدا بالتفريط فيما تبقى من ارض فلسطينية ومازلت اشعر بالغثيان كلما رأيت احدا ـ في فلسطين او خارجها ـ يرفع صورته او صورة حليفه صدام.

آخر محطة:
 
1ـ الملاحظ ان اعدى اعداء الامتين العربية والاسلامية هم من الثوريين العرب والاسلاميين وليسوا من الانظمة الحكيمة والعاقلة.

2 ـ اعلن المرتزق فاروق قدومي (ابواللطش) ان الرئيس المحترم ابومازن قد قام بتسميم عرفات عبر اتفاق له مع شارون، وكان مصدر قدومي موقع انترنت اسرائيليا (هذي المصادر المؤكدة ولا بلاش)، سؤال سطحي وساذج وتافه جدا: لماذا لا يتم عرض جثمان عرفات على مجموعة من الاطباء الشرعيين العرب والاجانب لتقرير اسباب وفاته علما ان السم لا يختفي من الاظافر والعظام حتى بعد الف عام؟! شخصيا اعتقد انني اعرف الاجابة.

سامي النصف

سنوات الضياع

الفائدة الوحيدة للحديث عن احداث التاريخ هي التعلم منها منعا لتكرارها، وقد مرت الكويت بعشر سنوات عصيبة ابتدأت عام 1980 عندما نظّر وروّج بالعلن لأطروحة خلق قوى سياسية ـ اقتصادية بديلة والتي سمح تحت رايتها بتحول الاقتصاد الانمائي الحقيقي الى اقتصاد زائف يقوم على الورق، ولم يحاسب احد حتى اليوم على انهيار سوق المناخ الذي خلف وراءه ديونا جاوزت المائة مليار دينار كانت في حينها الاكبر في التاريخ البشري.

وتحولت مفاهيم القوى التي تسببت في نشوء وانهيار سوق المناخ الى الترويج لمسار سياسي اطلقنا عليه في مقال الامس نهج «الدولة الورقية» التي اعلن عن انهيارها واحتراقها صيف عام 1990 عندما عبرت جنازير الدبابات الصدامية الحدود بعد رفضنا احضار قوات اجنبية كما حدث عام 1961 وبعد ان امتلأت سماء الكويت بحرائق حقول النفط التي كانت الاعظم كذلك في تاريخ البشرية.

ان هناك فوارق رئيسية بين نهج الدولة الورقية الزائلة ونهج الدولة الحقيقية الباقية، ويمكن عبر قراءة ظواهر وأعراض كل منهما ان نحكم على مساراتنا المستقبلية ونقرر في اي من الطريقين نتجه، فإن ثبت تعلمنا من دروس الماضي وجب علينا دعم وتعزيز مسار «الديمومة» الجديد، وان ثبت اننا بدأنا بالعودة السريعة لنهج الدولة الورقية وجب علينا قرع اجراس الخطر بأعلى الاصوات حتى لا ننتهي مرة اخرى بالاحتراق الذي قد يأتي بألف شكل وشكل وليس بالضرورة عبر مجنزرات تعبر الحدود.

احد فوارق المسارين او الدولتين هو ان الدولة الحقيقية تقوم على اقتصاد حقيقي من صناعة وزراعة متطورة وخدمات متنوعة بينما يقوم اقتصاد الدولة الورقية على اقتصاد ورقي بحت تتجه فيه انشطة كل الشركات للمضاربة بالاوراق المالية بهدف الربح الوقتي السريع وبعيدا عن انشطتها الحقيقية طويلة المدى كما حدث في بداية سنوات الضياع (1980 ـ 1990)، فهل عدنا لتلك الحقبة؟!

وضمن الدولة الورقية لا تقام مشاريع حقيقية بل هناك فقط حديث متواصل عنها، وان قامت فإنها تقوم على معطى «النهج المؤقت» اي اقامة جسور مؤقتة والتوسعة بالمباني الكيربي وعادة ما يتم التسعير بعشرات الاضعاف طبقا لفكرة «اضرب واهرب»، فالدولة زائلة لذا لا محاسبة حقيقية فيها، فهل عدنا لتلك الحقبة؟! نرجو غير ذلك.

وضمن نهج الدولة الورقية، تسابق الجميع على استباحة المال العام وصناديق الاجيال المقبلة، ومازلنا نذكر الصندوق الذي انشئ من المال العام وضخت به المليارات دون حساب لانقاذ المضاربين والمغامرين في سوق المناخ غير الشرعي من منضوي القوى السياسية والاقتصادية الجديدة آنذاك، وقد عدنا نشهد هذه الايام مزايدات محمومة لانشاء عشرات الصناديق التي تنتهك حرمة المال بقصد الدغدغة وكسب الشعبية وبشكل يوحي بأننا امام قوى سياسية واقتصادية جديدة تروج ـ من تاني ـ لمفهوم الدولة المؤقتة التي لا مستقبل لها.

آخر محطة:

تعرض طاقم الطائرة الكويتية التي وصلت الى لندن يوم الاثنين الماضي لحادث طريق نتج عنه احالتهم للمستشفى، ولم يسأل احد من مسؤولي «الكويتية» في الكويت عنهم او يتصل بهم او بأهاليهم لطمأنتهم، ولنا عودة!