سامي النصف

الشيخ والبحار والبحر

التقيت ابان عطلة العيد في لبنان بالقبطان البحري فيصل ثنيان الغانم وقد وجدت في مشوار حياته قصة تستحق ان تروى للشباب الكويتي بعد ان تاهت بوصلتهم وغاب عن افق اجيالنا المقبلة القدوات الحسنة التي يمكن ان تكون منارا واشعاعا يوصلهم لشواطئ الحياة المستقرة الآمنة لهم ولوطنهم.

والسيد فيصل الغانم هو اول كابتن او نوخذة اعالي بحار كويتي «مؤهل» من قبل جهات الاختصاص البريطانية والعالمية وقد امضى سنوات طوالا يعمل على السفن الانجليزية متدرجا في الرتب ثم انتقل بعد تأهله للكويت حيث تدرج كذلك في العمل بشركة K.D.C المملوكة آنذاك مناصفة بين الكويت والانجليز والاميركان حتى وصل بجده وجهده لمنصب نائب الرئيس لشؤون العمليات.

ومما يرويه ابوثنيان انه كان متدربا صغيرا على احدى السفن الانجليزية عندما رست في الخمسينيات بميناء بومباي وذهب في وقت فراغه للقنصلية الكويتية بحثا عن جرائد ومطبوعات كويتية وعربية حيث التقاه مصادفة قنصل الكويت هناك فيصل العيسى وتعرف عليه وسأله عن سبب تواجده في المدينة.

عاد البحار المبتدئ لسفينته ليفاجأ بعد ذلك بسيارة كاديلاك سوداء ترفع العلم الكويتي تقف في الميناء ويسأل سائقها عنه ليقله لمبنى القنصلية حيث دعاه حاكم الكويت الشيخ الجليل عبدالله السالم ليجلس بجانبه مبديا اعجابه بما يقوم به ومظهرا متابعته لرحلاته عبر الاخبار التي كان ينقلها والده المرحوم ثنيان الغانم وكان احد جلساء الامير آنذاك.

وقد رست باخرة ابوثنيان ذات مرة في حوض الامازون وكان هو المسؤول عن المركب عندما اختل توازن الطباخ الذي كان قد جرح يده وسال الدم منه وسقط في النهر ليشاهد فقاعات تخرج سريعا من الماء وقبل ان يلق‍ي له بطوق النجاة كانت جمجمة الضحية قد طفت على السطح فالمنطقة كانت تعج بأسماك «البيرانا» شديدة التوحش والتي تثير الدماء جنونها، تجربة حياة ثرية يجب ان تدون على صفحات كتاب كما اقترحت على صاحبها الكابتن فيصل.

آخر محطة:
 
1 – احدى القصص الحقيقية في تاريخ الكويت هي حكاية البدوي الذي اودع ماله عند تاجر كويتي وعاد بعد عام ليطالبه بها امام الحاضرين فاعطاه اياها على الفور وما ان مشى البدوي قليلا حتى تعرف على تاجر آخر وتأكد انه من اودع لديه المال وبعد ان تسلم وديعته عاد ليرجع مال الاول بكل امانة ويسأله لماذا اعطاه ما لا حق له فيه، فأجابه التاجر الاول كي احافظ على سمعتي ولا يقال انني تجاوزت على اموال الآخرين.

2 – هذا كان وضع الكويت عندما كان لدينا شح في المال ووفرة في الاخلاق الحميدة، هذه القصة لو حدثت هذه الايام ـ عندما توافرت الاموال وغابت الذمم والاخلاق الحميدة ـ لاستدعى التاجر الاول الشرطة للبدوي دون ان يكترث لسمعته، ولما ارجع التاجر الثاني الوديعة لو لم يكن لدى صاحبها اوراق موثقة وشهود معها، ولفر البدوي بالمال الذي تسلمــه مرتين لاحدى العواصم السياحية وانفقه هناك، نحن بحاجة ماسة للقدوات الحسنة في المجتمــع لذا.. عد لبدايــة المقال!

سامي النصف

وهل غزانا الـ 25 مليون عراقي؟!

يروى في قصص التراث التي يقصد ان نتعلم منها مبادئ التعقل والحكمة، حكاية الذئب والحمل حيث كان الذئب يتبلى ويتحرش بالحمل كي يجد الذريعة للتعدي عليه والتهامه، في واقعنا الكويتي الذي خرجت منه الحكمة ولم تعد منذ أمد بعيد نلحظ العكس مما جرى في تلك القصة التراثية، حيث يركن الذئب للهدوء والانشغال بمشاكله، ويقوم الحمل بالتحرش المتكرر بالذئب والذي سينتهي على الأرجح بـ… اللي يحب النبي يجري..!

ففي زمن صدام سمحنا للذئب ممثلا بديبلوماسييه ورجال مخابراته بأن يستولوا على البلد ويحولوا مبنى سفارتهم الى معتقل، وكان عدد منضوي تلك السفارة (الحكومة) يتعدى الآلاف، لذا لم يكن مستغربا وقد أعلن الحمل استسلامه المسبق أن يتجرأ الذئب على التعدي عليه واستباحة مراعيه.

ومنذ ربيع 2003 ونحن ندعو لخلق علاقة صحيحة وصحية مع العراق تقوم على مبدأ «الربح – الربح» للطرفين وان ننفتح على جميع شرائح المجتمع العراقي من أقصى شماله إلى أقصى جنوبه بصورة إيجابية، وكان جميلا في هذا السياق ما قام به مؤخرا رجل الأعمال جواد بوخمسين من استئجار طائرة خاصة للتعزية بصديق الكويت الراحل عبدالعزيز الحكيم.

وكان ضمن ما دعونا له واستجيب له ثم تم النكوص عنه تسمية احتلال عام 90 بالغزو «الصدامي» لا «العراقي» حيث لم يكن قرارا شعبيا أو أمرا تم الاستفتاء عليه بل كان الطاغية صدام هو المسؤول الأول والأخير عن تلك الجريمة الشنعاء ولم يكن أحد يملك في العراق معارضة ذلك القرار وإلا تم قتله وتصفية أهله، ولنا مصلحة تاريخية بلوم صدام كفرد لا العراق كشعب على ذلك الغزو المدمر حتى لا يتم تكراره مستقبلا بحجة انه مطلب شعبي وقومي عراقي.

وقد رفض البعض تلك التسمية بحجة وجود عراقيين ضمن الجيش الرسمي والشعبي الذي قام باحتلالنا وان صدام لم يغزنا وحده، وإذا لم نأخذ بحجة ان أغلبهم كان مأمورا كما نعلم، كما ان كثيرا منهم كانوا يبدون اعتذارهم وأسفهم آنذاك للكويتيين كلما التقوهم، فعلينا ان نلقي باللائمة على المائة ألف جندي عراقي أو حتى الذين تواجدوا في بلدنا (نسبة تقل عن 0.001% من الشعب العراقي) وألا نلوم 25 مليون عراقي آخر على تلك الجريمة ثم نعلن بعد ذلك اننا لن ننسى أو نغفر وإلا أصبح حالنا كحال الحمل الذي يتحرش بالذئب بغفلة ودون مبرر.

إن بقاءنا كدولة صغيرة بين كتل ضخمة وضمن إقليم جغرافي ملتهب وخاصة في ظل التصعيد الدولي القائم ضد إيران يتطلب منا الكثير من الحكمة والتعقل ومعه الكثير من المغفرة والنسيان، ويمتد ذلك الأمر للعلاقة مع إيران وحزب الله وخطف «الجابرية» والراحل عماد مغنية، ودون ذلك سنبقى ضمن حلقة مفرغة من التوتر واحتمال تكرار التعدي علينا من هذا الطرف أو ذاك فرغم كل الكلام الكبير مازلنا دولة متناهية الصغر.

آخر محطة:

بالمختصر.. السيناريوهات القادمة للمنطقة جميعها سيئة جدا لنا في الكويت فهل نبدأ في الاستماع لحكمائنا بدلا من سفهائنا؟!.. لا أعتقد!

سامي النصف

إنجازهم وفسادنا!

إنجازات تناقلتها وكالات الأنباء من دول خليجية شقيقة جعلتنا نتحسر في الكويت على حالنا، فما ينجز لديهم خلال أشهر قليلة لا نستطيع القيام بمثله خلال سنوات أو عقود طوال مع فارق واضح في نوعية المنتج النهائي حيث قلة الزلات وانعدام الفساد لديهم تقابلهما وفرة الأخطاء الجسيمة وكثرة العمولات والرشاوى لدينا حيث أضحت مشاريعنا الكبرى.. فضائح كبرى!

ومما زاد الطين بلة صدور تقرير منظمة الشفافية العالمية الذي كشف عن ان جيراننا الخليجيين يسبقوننا في مؤشرات النزاهة والشفافية، وإذا ما علمنا ان دولنا الخليجية الشقيقة لا تملك ما نملك من أدوات رقابية كمجلس الأمة وديوان المحاسبة والقضاء المستقل وحرية الصحافة ومنظمات المجتمع المدني والنقابات الخ وهو ما يعني ان دولهم ستتقدم أكثر في جداول الشفافية العالمية حالما تستكمل بناء تلك المؤسسات القادمة على الطريق.

وإذا كان هذا واقعنا مع كل تلك الأدوات الرقابية التي نملكها فكيف سيصبح حالنا فيما لو حُل البعض منها مستقبلا وعطل بعضها الآخر؟ لقد طغى الفساد وانتشر في البر والبحر ولم نقرأ في التاريخ عن بلد حصل فيه ما يحصل لدينا وانتهى حاله بخير وصلاح.

ومما يستغرب منه حقيقة ان الكويت الأكثر فسادا هي الأكثر في مظاهر التدين حيث لا يسمح فيها بما يسمح به لدى بعض جيرانها من الدول الخليجية التي لا تعرف الفساد، وقد نشر قبل أيام الكاتب والروائي المصري د.علاء الأسواني (صاحب روايات عمارة يعقوبيان وشيكاغو ونيران صديقة) مقالا في جريدة الشروق المصرية قال ضمنه ان الفضيلة تتحقق بطريقتين إما تدين حقيقي ينهى عن المنكر ومرادف تماما للأخلاق الحميدة أو عن طريق الأخلاق وحدها حتى لو لم تستند لظاهرة التدين كالحال في اليابان والدول المتقدمة مفضلا الأخلاق دون تدين على ادعاء التدين دون أخلاق.

إن تلك التقارير الدولية أشبه بالماء البارد الذي يوقظ النائمين قبل أن يغرق المركب الذي يقلنا جميعا بعد ان نخر الفساد والسوس في أجنابه وتسابق بعض ركابه على خرق قاعه وسرقة خشبه ومساميره، إننا بحاجة ماسة لتغيير جذري في المسار والوجوه قبل خراب البصرة التي لا تبعد – للعلم – كثيرا عن بلدنا والتي يضرب بها المثل للدلالة على من يروم الإصلاح بعد فوات الأوان. آخر محطة:

يقول الشاعر المبدع حمود البغيلي: اعميتوا الشعب الكويتي من الدين وسرقتوا حقوقه وضاعت حقوقه دمرتوا الديرة بلهف الملايين كل ما انتهت بوقه بديتوا ابوقه بالعدل والاخلاص سيف القوانين يقطع يدين اهل اليدين السروقه

سامي النصف

تدليل الشعب الكويتي!

شبهت السفيرة المحترمة ديبورا جونز في محاضرتها الاخيرة الشعب الكويتي بطفل مدلل ولد وفي فمه ملعقة من ذهب وفي حسابه 100 ألف دولار لا يعلم كيفية التصرف بها والحقيقة ان ذلك التشبيه يحتاج الى توضيح فقد عاش الكويتيون ثلاثمائة عام، عدا العقود القليلة الماضية، في ضنك من العيش وفقر مدقع.

فالكويت بلد لا زرع ولا ضرع فيه، ولا انهار او اشجار بل صحراء قاحلة شديدة السخونة لم تخلق اصلا لعيش البشر لذا كثرت الامراض والوفيات بين اهله، كما مارس سكانه كل انواع الاعمال المشروعة (غوص، تجارة، زراعة، صناعة سفن) وغير المشروعة (تهريب، قرصنة، غزو) للعيش والبقاء.

وقد فوجئ الجميع عندما اكتشفوا في وقت متأخر انهم يعيشون فوق بحيرة من الذهب الاسود واصبح حالهم كحال شاب فقير بائس يعمل في اصغر المهن، هبطت عليه ثروة ضخمة لم يحسب لها حسابا فتحير هو واولياء امره في كيفية التصرف بها وهل يستمر في عمله الخشن ام يتركه ويصبح من اصحاب الايدي الناعمة التي لا تعمل ولا تنتج.

ومن ذلك فقد جرت في الكويت ابان حقبة الخمسينيات وما بعدها محاولة حسنة النية والمقصد تروم اسعاد الشعب الكويتي بأقصر الطرق بعد معاناة قرون وذلك عبر التسريب السريع للثروة له عن طريق تثمين المنازل بأضعاف اسعارها وتفعيل عمليات التوظيف الصوري للمواطنين تحت شعار ان عهد الفقر والبؤس قد مضى وأتى عهد الغنى والسعد ولم تعد هناك حاجة لان يعمل الشعب الكويتي او حتى يتذكر كيف كان يعمل.

واطلقت الادارة الحكومية الرصاصة الاولى على كل ما يمت للماضي بصلة، فجرى هدم سور الكويت التاريخي وازالة البيوت القديمة المثمنة رغم عدم الحاجة الملحة للاراضي المقامة عليها تلك البيوت، وتسابق السكان في تلك الحقبة لالقاء اثاثهم القديم في الطرق وخلف ما تبقى من السور في ظاهرة ندر ان ترى شبيها لها لدى الشعوب الاخرى حتى كادت الكويت ان تفقد ذاكرتها وتاريخها وصلتها بالماضي لولا رجال افاضل امثال العم سيف الشملان ود.عادل عبدالمغني وغيرهما من الخيرين ممن حافظوا على بعض ذلك التراث.

وقد كان بالإمكان رغم هبوط الثروة المفاجئ الذي ادار العقول ان نحافظ على المزايا المتوارثة للشعب الكويتي كالجدية في العمل وروح الابتكار وحب المغامرة وتسليط الضوء عليها وجعلها قدوة للاجيال اللاحقة بدلا من محاولة محو الماضي بحلوه ومره، كما كان بالامكان اصلاح ذلك المسار التدليلي الذي افسد الشعب والعودة عنه في مرحلة لاحقة لولا فهمنا الخاطئ للعملية الديموقراطية وجعلها مسابقة في دغدغة مشاعر الخلق ما بين «بابا» مجلس و«ماما» حكومة، والحديث ذو شجون.

آخر محطة:
 
1 – بسبب ضعف انظمة الاتصالات الثابتة والنقالة هنا في لبنان لم نستطع الرد على رسائل التهنئة التي وصلت لنا عبر نظام sms فعذرا..

2 – بدلا من «اختلاف» الزعامات السياسية اللبنانية على من يتولى حقيبة الاتصالات لماذا لا «يتفق» الجميع على تحسين خدماتها في البدء تذليلا لمعاناة المواطنين والسائحين؟!

سامي النصف

أزمة البرلمانات الكويتية المتعاقبة

يمكن التعامل مع تكرار حل البرلمانات الكويتية دستوريا وغير دستوري بطريقتين: الأولى ان نلقي بكامل المسؤولية على السلطة ونردد دون فهم مقولة ان حلول مشاكل الديموقراطية هي بالمزيد منها دون اعطاء اي تفاصيل ومن ثم تبقى الازمات وما يتبعها من حلول للبرلمان، الطريقة الثانية هي عبر دراسة لصيقة لما يحدث ووضع الحلول «الواقعية» والناجعة ـ لا النظرية ـ لتلك الاشكالات حتى يبقى البرلمان وتتحرك عجلة التنمية، ومن ذلك:

حقيقة ان احد اهم اسباب المشاكل بين السلطتين بقاء ثقافة سالبة تسود الطرح إبان موسم الانتخابات حيث لا يتحدث المرشحون في العادة عن برامج ومشاريع ومقترحات ايجابية بناءة للوطن سيقومون بها عند النجاح، بل يعتبر كثيرون ان الهجوم المتواصل على السلطة وعلى الحكومة التي لم تشكل بعد (!) هو ما يجلب الناخبين للخيام وللصناديق الانتخابية ومن ثم يصبح النائب اسير وعوده ومواقفه المسبقة ولا يستطيع تبعا لذلك الا اختلاق المعارك والازمات السياسية المتواصلة ضد السلطة التنفيذية مما يجعلها تضيق ذرعا وتعلن عدم التعاون، كما يضطرها لمحاولة شراء ذمم بعض المرشحين والناخبين لدعم مشاريعها وهو كذلك احد اهم اسباب الافساد المصاحب للعمل السياسي الكويتي.

ويصل الناخب في العادة للكرسي الاخضر دون عمليات تأهيل او تدريب على اصول العمل السياسي وهي قضية نأمل ايجاد حل لوائحي سريع لها، كما يزيد الطين بلة عدم اشتراط الاهلية للفريق العامل مع النائب، فندر وجود مختصين بالتشريع والسياسية والاقتصاد والاعلام ضمن فريقه الذي يستخدم عادة لتنفيع الاقارب والمفاتيح الانتخابية، ولا يخفى ان عدم وجود رقابة مالية او حدود لما يمكن ان يصرف على الحملات الانتخابية وعدم تفعيل للجان القيم او ايجاد قانون «من اين لك هذا؟» جعل من المؤسسة التشريعية التي يفترض ان تكون محاربة للفساد جزءا فاعلا منه، وفي هذا يقول السيد المسيح عليه السلام «إذا فسد الملح فبماذا نملح؟».

كما ساهم النقل الصحافي والتلفزيوني الفريد وغير المعمول به في اغلب الديموقراطيات الأخرى لوقائع وجلسات مجلس الأمة في تسابق الأعضاء على تسخين الأجواء «إسعادا» للناخبين، كما اتاح عدم وجود ضوابط للاستجوابات الإكثار منها وصبغها بنكهات مسرحية استعراضية غير مسبوقة تبدأ من تقديم صحيفة الاستجواب امام فلاشات الكاميرات وتنتهي بتصفيق الجالسين على مدرجات المجلس التي تحشد عادة بالهتيفة والمشجعين والمناصرين ولو وصلت مستقبلا رئاسة متساهلة للمجلس لرأينا مكبرات الصوت والطبول والأعلام حاضرة فوق تلك المدرجات.

الخلاصة ان منع الحل الدستوري وغير الدستوري للبرلمانات في الحاضر والمستقبل يكمن في الاخذ بهذه المقترحات وغيرها ودون ذلك سنبقى في حلقة مفرغة من الأزمات السياسية المتواصلة التي تنتهي بالحل الدستوري ـ ولربما غير الدستوري ـ للمجالس وتعطل عمليات التنمية وقد تنتهي ذات يوم بضياع او غرق مركب الوطن الذي يأوينا جميعا، والله المستعان.

آخر محطة:

وقفنا مع النائب القلاف ابان رفضه تدخل النواب في أعمال السلطة التنفيذية عبر طلب بعضهم إقالة وكيل وزارة الصحة الدكتور الفاضل عيسى خليفة، فكيف يستقيم ذلك الموقف مع طلب «نفس النائب» هذه الايام من وزيرة التربية إقالة وكيلة وزارة التربية الفاضلة تماضر السديراوي؟! أي كيف يحل له عمل ما حرمه على الآخرين؟! أمور تحدث فقط في برلماننا ومن بعض نوابنا.

سامي النصف

الإشكالات الحقيقية للحكومة الكويتية

اشكالات الحكومة الكويتية لا علاقة لها بالضرورة بالأشخاص كون البعض منها اشكالات مؤسسية تحتاج الى حلول مؤسسية بالتبعية ومن ذلك فإن فترة اسبوعين لاختيار الوزراء وضرورة عرض برنامج عمل الحكومة مع أول دور انعقاد لمجلس الأمة هي اشكالات دستورية تحتاج بشكل قاطع لتعديل الدستور لإتاحة المزيد من الوقت لانجاز الأمرين بأفضل واحسن صورة.

هناك عدديا 49 نائبا يقابلهم 16 وزيرا وضمن الواقع السياسي الكويتي يقوم النواب الأفاضل بالهجوم المتواصل على الحكومة وتخطئة كل قرار تتخذه وتسويد صورتها أمام المواطنين الكويتيين وما ان تطلب صحيفة أو أحد معدي البرامج الحوارية نائبا للحديث والهجوم على الحكومة حتى يجد العشرات بدلا من الواحد بما في ذلك من دعمتهم الحكومة واشترت الأصوات بأغلى الأثمان لإنجاحهم!

ويفترض حسابيا على الأقل ان يقابل اللقاءات الإعلامية العدائية للنواب 3 لقاءات لوزراء الحكومة (نسبة النواب للوزراء 1:3) وذلك لتعديل الكفة وتوضيح الحقائق ومحاولة كسب الناخبين للصف الحكومي كما يحدث في «جميع» الديموقراطيات الأخرى ولا يحتاج المرء الا الى مشاهدة محطات تلفزة الدول المتقدمة او حتى مصر ولبنان والعراق وغيرها حتى يرى ان هناك دائما وأبدا وزراء ومسؤولين حكوميين يقارعون الحجة بالحجة والقول بالقول والرأي بالرأي.

في الكويت يتم توارث نهج فريد في الديموقراطية هو نهج «الحكومة الصامتة» أبدا فمع تكرار سماع الناس للرأي المعارض دون ايضاح من الحكومة اصبحت هناك قناعات متجذرة لدى المواطنين بأن كل ما تفعله الحكومة خطأ في خطأ وتجاوز في تجاوز، واذا كان المثل العامي يصف السكوت بأنه من ذهب فإن السكوت في علوم السياسة وضمن اصول اللعبة الديموقراطية الصحيحة هو من الغفلة ولا يدل على الحكمة أبدا.

ويعتقد البعض ان صمت الوزراء من رجال الأسرة الحاكمة يحرج الوزراء الآخرين فلا يتحدثون احتراما لهم والمنطق الصحيح يوجب العكس من ذلك تماما فصمت وزراء الأسرة هو امر مطلوب ومحمود كون كثير منهم مشاريع حكم مستقبلية ولا يفضل لهم ان يدخلوا في التنازع والجدل الكلامي الا ان هذا الأمر يستدعي ان يضاعف الوزراء والمستشارون الآخرون أحاديثهم ضمن مفهوم تضامنية الحكومة وواضح ان عدم الحديث يدل اما على عدم القدرة او الرغبة بحماية الذات وعدم التعرض للمشاكل مع النواب.

ومما زاد الطين بلة قيام بعض الأطراف الحكومية بالرد على المعارضة اما عبر الاقلام القذرة الشتامة التي لا يؤمن احد بما تقوله او عبر برامج استهزائية طفولية سخيفة تزيد من تعاطف الناس مع من يتم التهجم عليه مستحضرين أساليب ومناهج اعلامية عفى عليها الزمن وأثبتت ضررها الشديد على من يقف خلفها كحال اعلام غوبلز والصحاف واحمد سعيد وموسى صبري.. الخ، وكان الله في عون الحكومة وعوننا اذا لم تستطع ان ترد على ناقديها بالحكمة والحجة والمنطق.

آخر محطة:

نقترح على من يحاول الاساءة لعلاقاتنا المتميزة بالولايات المتحدة الصديقة عبر الهجوم المغرض على سفيرتها الباسمة المحبة للكويت الفاضلة ديبورا جونز ان يخبرنا في البدء أين كان ابان الغزو الصدامي الغاشم للكويت عندما كانت أميركا تضحي بزهرة شبابها لتحرير بلدنا ومرة أخرى لإسقاط عدونا صدام؟

سامي النصف

أوضاع الأسرة الحاكمة

إشكالية الأسرة الحاكمة (وليس أحفاد الشيخ مبارك فقط) حالها حال أغلب الأسر الكويتية الأخرى تتنازعها الخلافات والتخندقات غير المبررة، وإن كان الفرق هو أن الأسر الأخرى تؤثر خلافاتها على أفرادها فقط، بينما يؤثر خلاف افراد الأسرة الحاكمة على الكويت ككل، بل ويمتد لمنطقة الخليج التي ترقب ما لدينا عادة بعين القدوة الحسنة أو السيئة.

وأول ما يفترض عمله للقضاء على ذلك الخلاف داخل الأسرة الحاكمة أو حتى الأسر الكويتية الأخرى ـ هو أن يقوم كبارها وحكماؤها باستضافة دورية لجميع افرادها رجالا ونساء وأطفالا في إحدى المزارع ـ على سبيل المثال ـ للتعارف والقضاء على ما في النفوس من عتب يؤدي الى سوء الفهم، ولا ندعي بالطبع ان الاجتماع الأول سيحل كافة المشاكل إلا أن تكرار تلك اللقاءات المثمرة والضرورية سيتكفل بالقضاء على أغلبها وتوحيد الكلمة التي ستنفع الأسرة الكريمة وتنفع البلد بالتبعية.

ومما سيساهم في حل الجذور التي تنبع منها الخلافات لهذا الجيل وللأجيال المقبلة الفصل ـ المستقبلي وليس بالضرورة الآن ـ بين «تراتبية الحكم» و«تراتبية الحكومة»، فضمن تراتبية الحكم يمكن خلق نظام دائم يتم من خلاله وضع تسلسل قيادي وليكن من الواحد إلى العشرة (كحال الأسر المالكة الأوروبية) يعرف كل فرد ترتيبه في منظومة الحكم عبر آلية مدروسة للاختيار تفتح الباب للاعتراض إلا انها تمنع القفز على التراتبية المتفق عليها بشكل مسبق، منعا وإلى الأبد لتكرار ما حدث في تاريخنا القريب.

أما «تراتبية الحكومة» فيجب ان تختلف تماما عن «تراتبية الحكم» ولا شك أن ما فعله سمو ولي العهد المشهود له بحسن التصرف وبعد النظر من رفض حكيم لترؤس الحكومة، هو تعزيز للفصل الهام بين المسارين حيث يجب ان يترك لسمو الأمير حفظه الله مرونة تغيير شخوص رؤساء الوزارة حسب رؤية سموه فيمكن ـ حسب حاجة البلد في مرحلة ما ـ ان يتم اختيار شخصية اقتصادية من ابناء الأسرة لترؤس الحكومة دون ان يكون ضمن متقدمي تراتبية الحكم، وقد يتم تغييره ويأتي سموه بشخص آخر فيما لم يوفق أو تغيرت الحاجة وأصبح البلد يتعرض لمخاطر أمنية ومن ثم الحاجة لرجل مختص بالأمن وهكذا، كما يمكن ان يقع اختيار سموه استثناء لأحد أفراد الشعب لترؤس الوزارة والعودة بعد ذلك لأبناء الأسرة مما سيقضي على دعاوى شعبية الوزارة.

أمر كهذا يتماشى مع منطق الدولة الحديثة وتعقيداتها وحاجاتها المتغيرة كما يساير العصر ويعطي الأسرة الحاكمة الكويتية قصب السبق والابتكار والمرونة لحل تلك الاشكالات المزمنة التي أودت بكثير من الممالك عبر تاريخنا العربي، وأوضح ان الاختـــلاف سيتــــوقف بين افراد الأسرة الحاكمة حال تطبيق ذلك النظام المتـــقدم كونهم سيعلمون انهم اصبحوا جميعا مرشـــحين لرئاسة الحكومة وقد يقع عليهم الاختيار في اي لحظة وبذا سيتوقف البعض عن عرقلة البعض الآخر كي لا يرد له بالمثل عندما يأتي دوره.

ومن مزايا هذا النظام أنه سيصبح طريقا ووسيلة لتدريب وتأهيل عدد كبير من افراد الأسرة الحاكمة على مسؤوليات الحكم، كما سيسعد الشعب الكويتي توقف النزاع بين افراد تلك الأسرة الكريمة ويحصد شعبنا فوائد وجود المئات من الكفاءات المتوافرة لدى اكبر اسرة كويتية ممن تلقى ابناؤها العلم في ارقى المدارس والجامعات، وفي القادم من الايام اشكاليات الحكومة الكويتية المزمنة، وإشكاليات البرلمان الكويتي ثم اشكاليات الناخب الكويتي و.. عيدكم مبارك.

آخر محطة:
 
(1) تحدث الشيخ أحمد الفهد في وقت مبكر وعبر مقال نشره اوائل التسعينيات في جريدة «الأنباء» عن ضرورة الفصل بين الحكم والحكومة.

(2) احد اكبر اسباب النزاع بين افراد الاسرة الكريمة هو وجود الحاشية السيئة التي توهم كل فرد من افراد الاسرة بأن اقاربه هم ألد أعدائه وأنهم ـ ما شاء الله ـ أقرب مقربيه وأحب محبيه ويعلم الله كم بين ضلوعهم من داء دوي.

سامي النصف

يموت لبنان ليحيا جبران

أمة العرب التي كانت خير أمة أخرجت للناس أصيبت بلعنة، فالأنظمة الديكتاتورية تدمرها والتحول للأنظمة الديموقراطية لا ينفعها ولا يعمرها في ظل ما نراه قائما في لبنان والكويت (أقدم ديموقراطيتين عربيتين) واليمن والسودان والعراق.. إلخ، ومن ذلك الأزمات السياسية الطاحنة التي يشهدها لبنان هذه الأيام بسبب عدم ممانعة الجنرال عون في ان يموت لبنان لأجل ان يحيا ويتوزر صهره (المعطل) جبران باسيل.

وما يقوم به الجنرال لا علاقة له بقوى 8 آذار بقدر ما هو متصل بشخصية عون غير المفهومة وغير المحبوبة، فعلاقته مع رئيس الجمهورية سيئة بسبب مطالبته بوزارة الداخلية، وعلاقته بالرئاسة الثانية سيئة ومازال الرئيس بري يدعم اختيار سعد الحريري لتشكيل الحكومة بعكس الجنرال، اما علاقته بالرئاسة الثالثة فتعاني من الانقطاع التام، وتمتد علاقة الجنرال السيئة بالآخرين للسياسيين والاعلاميين الذين يعيبون عليه عدم قيامه بأدنى واجبات الضيافة حين يزورون داره بالرابية.

ومع انتهاء الحرب العراقية ـ الايرانية لم يجد صدام احدا يدفع له ويدفع به لمناكفة سورية بالدم اللبناني بأفضل من الجنرال عون لذا لم تكن حربه آنذاك حرب استقلال وتحرير، بل حرب ارتزاق وتدمير قام خلالها بشن سلسلة حروب دمرت الشرقية وقتلت المئات بحجة توحيد البندقية المسيحية وألحقها بحرب اخرى على الغربية لمنع انتخاب رئيس الجمهورية، كما رفض اتفاق الطائف الذي اوقف الحرب الأهلية، واساء عون لمقام البطرياركية التي دعمت ذلك الاتفاق، كما تصادم مع «جميع» النواب وأعلن عدم شرعيتهم وفرض الرقابة واغلق الصحف ومحطات التلفزة في المنطقة الشرقية التي يسيطر عليها.

وفي نوفمبر 89 ذكرت صحيفة «لوكانار» الفرنسية أن هناك من اودع مبلغ 15 مليون دولار في حساب الجنرال عون في بنك باريس الوطني وان فوائد ذلك المبلغ تصل الى مائة الف دولار (أو دينار عراقي) شهريا ولم ينف الجنرال حقيقة تلك الفضيحة المجلجلة بل اتهم المجلة الفرنسية بخيانة السرية المصرفية وهدد بمقاضاتها.. عافاك يا جنرال خيانة الأوطان ما فيها شيء خيانة سرية المصارف شيء كبير!

وإشكالية رئاسة الحكومة وصلاحياتها أنها ومنذ عهد الاستقلال الأول غير محددة بمدة كحال الرئاسة الأولى (6 سنوات) والرئاسة الثانية (4 سنوات) كما أنها وبحق اسم على غير مسمى، فدستور ما قبل «الطائف» كان يعطي رئاسة الجمهورية حق تسمية رئيس الوزراء واختيار الوزراء ثم ترأس بشكل دائم اجتماعات مجلس الوزراء الأسبوعية ـ اي لا يرأس رئيس مجلس الوزراء اجتماعات الحكومة ـ وفي حال انعقاد مجلس الوزراء دون وجود الرئاسة الأولى يسمى الاجتماع «بالمجلس الوزاري» ولا تعتبر قراراته دستورية او ملزمة.

وبعد عام 90 اتفقت الرئاسات الثلاث (الهراوي، بري، الحريري) على الحكم وتشكيل الوزارات بطريقة «الترويكا» وظل ذلك الاتفاق غير المكتوب ساريا وتم تحت مظلته تعمير ما دمرته الحرب الأهلية حتى انتهى بتدمير موكب الرئيس رفيق الحريري والوصول للإشكال الحالي الذي هو بداية لأحداث جسام قادمة للبنان والمنطقة مع بدايات عام 2010.

آخر محطة:

يخبرنا أحد مستشاري النائب وليد جنبلاط المقربين أن السبب الحقيقي لتموضعه الجديد هو معلومات اكيدة وصلته بأن هناك حربا مذهبية قادمة الى لبنان على معطى قرارات المحكمة الدولية قد تكون اشد وطأة من الحرب الطائفية السابقة وقد رأى جنبلاط بحكمته المعهودة ان يبعد طائفته الصغيرة عنها عبر التموضع الوسطي بين قوى 14 و8 آذار، والله يحمي لبنان العزيز على القلوب والمنطقة من أخطار ما هو قادم.

سامي النصف

الخطاب النذير

اتى خطاب صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الاحمد حفظه الله في العشر الاواخر من رمضان حازما في مواقفه وافيا في معانيه، وقد ابتدأ الخطاب بالتعاطف مع فاجعة الجهراء الاليمة مثنيا على توحد مشاعر المواطنين والمقيمين مع الضحايا شاكرا قادة الدول الشقيقة والصديقة على مشاركتهم بلدنا العزاء.

وقد ذكّر الاب ابناءه المواطنين بأن بلدنا هو الملاذ الآمن الوحيد لنا والذي حافظ عليه الاجداد واصبح واجبا علينا ان نوصله آمنا للاحفاد، مبديا ألمه الشديد مما يقال ويكتب ويتسبب في تفتيت واضعاف البلد.

وقد كانت كلمات الخطاب حاسمة في ردع وعدم السماح لمن يحاول استغلال اجواء الحريات التي كفلها الدستور للمساس بنسيجنا الوطني والاجتماعي او لضرب وحدتنا الوطنية، كما دعا سموه القائمين على وسائل الاعلام المرئي والمسموع الى الالتزام بمبادئ الحرية المسؤولة وجعل مؤسساتهم الاعلامية منارات وعـــي وتثقيـــف للمواطنـــين.

ومما اتى في الخطاب الهام الحث مرة اخرى على التمسك بالوحدة الوطنية والتذكير بأنها ما جمع الكويتيين في اسوأ الظروف والمحن خاصة في ظل الظروف الاقليمية والدولية الحرجة المحيطة بنا وضمن معطيات السباق المحموم القائم بين الدول للعمل والانجاز في وقت ساد فيه الجدل والخلاف بين صفوفنـــا.

وكان جميلا ان يستذكر سموه في هذه الايام المباركة الامير الراحل جابر الاحمد والامير الوالد سعد العبدالله طيب الله ثراهما وان يتمنى الشفاء العاجل لسمو الشيخ سالم العلي وعودته معافى لارض الوطن، لقد رسم الخطاب النذير معالم الطريق واضحة لما يفتـــرض ان يكون عليه النهج القادم، والــواجب ان تتلو ذلك الخطاب اعمال ملموسة مـــن قبل الحكومة والبرلمان تشعرنا كمواطنين بتغيير المســـار السابــق.

يتبقى دور المواطن الراعي والمسؤول عن رعيتــه ـ كما اتى في الخطاب ـ في الحقبة المقبلة واعتقد ان اول ترجمة لتلك المسؤوليـــات هي عبـــر نبذ الخلاف وعمليات التشدد والتخندق الطائفي والقبلي، والتوقـــف عن دعـــم المطالب المدغدغة، ومساعدة المسؤولـــين في كشف اوجــــه القصـــور ـ وما اكثرها ـ في اعمــــال الــوزارات والمؤسسات الحكومية، منتظريـــن بعـــد ذلك وضمـــن نهـــج ما بعد الخطاب ان يتجاوب المسؤولون مع ما يكتب وان يبتعدوا عن اسلوب «عمك اصمــــخ» المعتــــاد فقـــد اصبحنــــا واصبــــح البلد على شفا السقـــوط في حفرة سحيقة وما عادت مفردات الكلمات توفي خطورة اوضاعنا الداخليـــة والخارجيـــة حقهــا.

آخر محطة:

فاجعة الجهراء، كارثة مجاري مشرف ذات الـ 56 مليون دينار المستباحة من المال العام، فضيحة اللوحات الاعلانية، مشروع تخصيص «الكويتية» المتعثر وغيرها كثير هي ملفات ساخنة قائمة والناس تنتظر وترقب كيفية التصرف والمحاسبة فيها فإن شهدت الحزم والحسم اطمأنت على مسارها الجديد ومستقبلها، وان بقينا على طمام المرحوم فسيشعر كثيرون بأننا تعدينا مرحلة الاصلاح ولم يبق الا انتظار ان ننتهي الى ما انتهت اليه دول اكبر منا واعظم سادت ثم ابادها الفساد والتسيب وكثرة الجدل وقلة العمــل.

سامي النصف

الكبار كبار والتكتل الدستوري

لأن القدوة الحسنة قد ندرت او انعدمت فلا مانع لدينا ان نعيد بعض ما قاله الزملاء في الثناء على تصرفات بعض الكبار التي تدل على ان الخير والقدوة الحسنة مازالا موجودين في بلدنا ويسيران على ارضنا، فقد استوى في تدمير بلدنا هذه الايام من يثني كاذبا، ومن ينتقد سالبا بكلمات مدفوعة الاجر.. حرفا حرفا.

فقد كان الرئيس جاسم الخرافي كبيرا في عدم استغلاله لموضوع التحقيق في «الفحم المكلسن» للانتقام ممن ينتمون لتيارات لا تصوت عادة لرئاسة الخرافي ملتزما بالدستور ولوائحه وأعرافه التي لا تسمح بإصدار الاحكام المسبقة او القيام باستغلال القضايا العامة للانتقام الشخصي، كما يحسب للخرافي تقبله للنقد الذي احتواه مسلسل «صوتك وصل» وطلبه قبل ذلك من حرس المجلس تقديم التحية للرئيس السابق احمد السعدون.

ويحسب للرئيس السابق الكبير احمد السعدون التزامه بالديموقراطية وايمانه بحرية الرأي ورفضه رفع القضايا على بعض المسيئين له مما جعله يكبر في اعين الناخبين الواعين فيرفعونه الى المراكز الاولى ويصغر بعض ناقديه الاغبياء في اعين القراء الاذكياء فيعكسون لهم مدى انعدام مصداقيتهم امام الخلق، خاصة من يدعون انهم يدخلون عليهم ويخرجون منهم.

كما يحسب لنائب رئيس مجلس الامة السابق الكبير صالح الفضالة نظافة يده وطهارة ذمته المعروفة وصراحته المعهودة ورفضه لمنصب نائب رئيس مجلس الوزراء الذي يسيل له اللعاب ما لم يلم بالسياسات العامة للدولة ويعرف مسبقا اسماء من سيشاركه المسؤولية.

وسنبقى قبل وبعد هذا المقال نتباين مع الاعضاء الاعزاء في التكتل الشعبي بقضايا نروم منها مصلحة الوطن ومستقبل ابنائه وأولاها مسمى التكتل الذي نعتقد ضرورة تغييره الى «التكتل الدستوري»، حيث ان جميع زملائهم منتخبون من الشعب، لذا فجميعهم «شعبيون»، كذلك ليس من واجب النائب ان يتبنى كل ما يطلبه الناس، فالجماهير كما قال كبار المختصين بسيكولوجيات الشعوب وعلى رأسهم غوستاف لوبان قد تطالب في كثير من الاحيان بما يضرها حاضرا ومستقبلا.

ومن الامور التي نتباين معهم فيها، تقصدهم في بعض الاحيان لشخصيات عامة كفؤة وامينة عبر البحث عن قضايا جانبية تافهة، وكذلك مغالاتهم في الحفاظ على الاراضي العامة القاحلة بدلا من القبول بمبدأ «تأجيرها» عبر نظام عملي شفاف وسلس على الشركات المساهمة ورجال الاعمال لتعميرها كوسيلة لخدمة الناس ودفع عمليات التنمية للامام.

آخر محطة:

للزميل الفاضل سعد العجمي ان يدافع عن التكتل الشعبي وله كذلك ان يتهم ـ وهو محق ـ «بعض» من يتهجم على التكتل بالارتزاق وقبض الثمن، ما لا يملكه الصديق بومحمد هو تعميم ذلك المبدأ كما اتى في اكثر من مقال وجعل «جميع» من يختلف مع التكتل مرتزقة ومغرضين وخداما للمصالح الخاصة حيث ان ذلك التعميم ـ غير المحق ـ يعني عدم تشبعنا بروح الدستور والفهم الصحيح للديموقراطية والايمان بالرأي والرأي الآخر.