سامي النصف

قضايا الاثنين

رغم الوضع البائس جدا للقضية الفلسطينية فلا يوجد في الأفق أي بوادر حل للخلاف المستشري بين فتح وحماس على السلطة، فهناك عدم ثقة بين الطرفين، إضافة الى عدم ثقة بين الطرفين وأي وسيط يتدخل بينها، حيث يُتهم عادة بأنه منحاز للطرف الآخر وحتى خيار الانتخاب والاحتكام للشعب أصبح خيارا مرفوضا ويشترط ان يسبقه توافق بين الأطراف التي لا ترضى قط بأن.. تتفق..!

«من شاف ليس كمن سمع»، لولا المعابر الرسمية وسكوت السلطات المصرية ورضاها عن الأنفاق لاستسلم ومات القطاع، حيث لا زراعة ولا صناعة ولا عمل ولا مال هناك عدا ما تدفعه السلطة من رام الله من رواتب تمر عبر البنوك الإسرائيلية لعشرات الآلاف من الموظفين في غزة، البضائع القادمة من مصر مدعومة ورخيصة بعكس البضائع القادمة من المعابر الإسرائيلية حيث يباع لتر البنزين الإسرائيلي بـ 6 شيكل والمصري المهرب بـ 1 شيكل.

أسرّ لي احد الزملاء إبان زيارتنا لغزة بأن القياديين الثلاثة الذين التقيناهم من «الدكاترة» وكانت ملاحظتي هي الإعجاب بقدرتهم على التفكير والتنظير وتناغم أقوالهم، حيث لا تناقض بين ما يقوله هذا المسؤول أو ذاك، الا انني ذكرت الزميل بأن من أضاع غزة والقدس بالأمس ـ مع الفارق الكبير بالطبع ـ هم للمصادفة.. ثلاثة دكاترة!

ففي فبراير 1966 حدث انقلاب في سورية أوصل للحكم ثلاثة دكاترة أطباء جمع بينهم اشتراكهم في حرب تحرير الجزائر هم د.نور الدين الاتاسي رئيس الجمهورية ود.يوسف زعين رئيس الوزراء ود.ابراهيم ماخوس وزير الخارجية، وقد زايد ودغدغ وتشدد الثلاثة وأعلنوا بدء الحرب الشعبية لتحرير كامل التراب الفلسطيني وتحويل دمشق الى «هانوي العرب» ورفضوا الحلول الاستسلامية وصمت الرئيس عبدالناصر على مرور السفن الإسرائيلية عبر مضائق تيران مما جعله يأمر بإغلاقها وبدء حرب حزيران 67 التي أضاعت ما تبقى من فلسطين إضافة الى احتلال أراضي 3 دول عربية أخرى، والغريب ان تلك الحرب الشعبية التي يفترض ان يؤججها احتلال تلك الأراضي لم تبدأ بعد ذلك قط ولم يسمع بها احد.

استغرب كثيرون مما ذكرناه من وجود جسر ضخم فوق قناة السويس تمر من تحته السفن العابرة وقالوا انهم لم يعلموا بوجود ذلك الجسر الذي انشئ بدعم ياباني ويربط قارتي آسيا وافريقيا، وقد تم افتتاحه دون ضجة في اكتوبر 2001 بعكس ما كان يحدث ابان الحكم الثوري وطنطنته الكبرى تجاه مشروع السد العالي الذي هو في النهاية سد عادي يقام العديد من امثاله وأكبر منه في دول العالم الثالث كالهند والبرازيل وكازاخستان.. إلخ.

والحقيقة ان عدم الانجاز في مرحلة الثوريات التي تفرغت للحروب والنكسات جعلها تطبل وتزمر لمشروع السد غير العالي حيث لا يعد من الأعلى أو الأكثر تخزينا للمياه في العالم كما أتى في كتاب «Top 10» الموسوعي الشهير، اما حقبة الانتصار والانجاز القائمة فلا تجد لديها حاجة للتهليل والتطبيل لكل انجاز يتم حتى لو كان بحجم ذلك الجسر الرائع، وقديما قيل «من يتكلم لا ينجز ومن ينجز لا يتكلم».

آخر محطة:

من الأمور المستغربة هذه الأيام ان كثيرين مازالوا يلبسون الدشاديش البيضاء ونحن في عز الشتاء.

سامي النصف

لا تهزوا دعائم البيت

التباين في الآراء ضمن جدران البيت الواحد هو امر مقبول في جميع الديموقراطيات الاخرى التي لا يسمع ولا يعلم احد بما يدور في غرفها وما بين ابنائها حتى لا يتم استغلال تلك التباينات للاضرار بالساكنين من قبل بعض الجيران المتربصين.

هناك همس تحول الى صراخ في الكويت يشكك وبحق فيمن يدعون عشق الديموقراطية وهم يعملون جاهدين لوأدها فألسنتهم معها وأفعالهم عليها، ومن يدعون الحفاظ على البيت الآمن الذي يظلنا جميعا وهم يطرقون بالمعاول والمطارق اسس بنيانه كي يهدم على رؤوس الجميع بعد ان يفروا كالفئران منه لأحضان محرضيهم وداعميهم.

ومن معاول الهدم التي يستخدمونها بخبث ومكر ودهاء محاربة التنمية ودعم المشاريع التي تفلس الدولة ثم افشاء «الشعور الكاذب بالظلم» لدى المواطنين عند ردها او عدم الموافقة عليها كونها غير مسبوقة او معمول بها في «جميع» الدول الاخرى الاكثر ثراء وذكاء وحكمة وتعقلا من بعض مشرعينا ما يجعل المواطن حانقا وغاضبا طوال الوقت ناسيا رغد العيش الذي ينعم به والذي يحسده عليه اغلب شعوب الدول الاخرى.

ومن معاول الهدم الاخرى استخدام الاقلام ووسائل الاعلام والرسائل النصية والمنتديات الالكترونية بشكل مدروس ومخطط لخلق انطباع عام بعدم الرضا وقمع الآراء العاقلة وتشجيع الآراء المحرضة والمستفزة وجميع تلك الامور تستغل تدني مستوى الثقافة العامة وصمت القائمين على الاجهزة الحكومية المختصة وايمان كثيرين بمبدأ.. «مع الخيل يا شقرا» الشهير!

ومن الوسائل المستخدمة لهز دعائم بيت الكويت الذي يظلنا جميعا تضخيم وتكبير اي حادثة فردية يفترض التعامل معها بالقوانين المرعية والعقوبات الرادعة وهيبة السلطة، والمستغرب اننا كنا اول من تقدم بمقترح تجريم وتشديد العقوبات على أقوال وأفعال الكراهية والذي تبناه جمع طيب من النواب لم يكن منهم قادة التحريض والتأجيج.

آخر محطة:
 
1 – الكويت كما نرى مستهدفة، مستهدفة، مستهدفة وهناك من يرغب في ان يحولنا الى ساحة حرب وكالة اخرى نضرب خلالها اعناق بعضنا البعض ونحرق بلدنا المعطاء لإرضاء الآخرين فهل نطاوعهم ونحقق لهم طلبهم؟!

2 – يجب ان يشمل قانون تجريم الكراهية في نصه او مذكرته التفسيرية المفردات التي تثير الحساسية والبغضاء بين افراد المجتمع الواحد ومن ثم تحريم استخدامها وتشديد العقوبات بشأنها حتى يرتدع من يود حرق الكويت.. بقصد او دونه.

3 – ماذا نسمي اطلاق ألقاب قميئة ودنيئة مثل «البياسر» و«الدماء الزرقاء» من قبل نواب على زملائهم النواب الآخرين وهل في ذلك رص للوحدة الوطنية المتباكى عليها ام هدم شديد لها؟! نرجو من قانون الكراهية ان يجرم تلك المسميات نصا.

سامي النصف

ماذا بقي من الديموقراطية الكويتية؟!

ليس هناك قاسم مشترك بين الديموقراطية المعمرة التي أنشأها الآباء المؤسسون وديموقراطية النهب والسلب والإرهاب والإرعاب التي نعيشها هذه الأيام إلا الاسم والرداء الخارجي، ولو عاد الآباء المؤسسون للحياة لتبرّأوا تماما مما يرون ويسمعون ولما ارتضوا بممارسات العبث والهدر وشتائم أطفال الشوارع والتي جعلت ديموقراطية هذه الأيام القدوة السيئة لباقي شعوب المنطقة بعد أن كانت ديموقراطية الأمس القدوة الحسنة لهم.

لقد بدأ التغييب الحقيقي للديموقراطية الكويتية والإساءة للدستور وتفريغه من محتواه على يد من يدعون زيفا وبهتانا الدفاع عنه وذلك عندما حولوا أدواته الخيرة كالاستجواب إلى وسيلة لشل العمل السياسي وتعطيل التنمية في البلد وإبعاد المسؤولين الأكفاء، كما استنسخوا نموذج المقبور صدام وغيره من الطغاة ممن اعتادوا استحضار «الشجّيعة» و«الهتّيفة» لإرعاب أصحاب الآراء الأخرى.

ومنع وقمع الآباء الزائفون للدستور أي رأي آخر يُطرح على الساحة كحال تعديل الدوائر والمديونيات وغيرهما من قضايا هامة رغم أن صُلب الديموقراطية هو تشجيع الحوار والأخذ بالرأي والرأي الآخر، وتسابق هؤلاء الآباء على تقديم ودعم مقترحات تنسف نصوص الدستور وروحه التي توجب الحفاظ على الثروات العامة وترسيخ مبادئ العدالة والمساواة والفصل بين السلطات (المواد التي تجاوز عليها بشكل متكرر من يدعون أبوة الدستور هي 7، 8 ، 17، 20، 23، 24، 29، 30، 31، 32، 34، 35، 36، 40، 41، 42، 50، 56، 66، 91، 94، 107، 108، 110، 120، 121، 151، 163، 174، 175) والتجاوز على بقية مواد الدستور قادم على الطريق مادام يحقق المكاسب الشخصية والبقاء على الكراسي.. الخضراء!

وساد الفساد التشريعي المجلس الذي يفترض به الرقابة ومنع الفساد وتحول إلى وسيلة للإثراء غير المشروع بعد أن منع «حماة الدستور» إنشاء لجنة قيم تحاسب وتعاقب الفاسدين والمفسدين من النواب، وأوقفوا قوانين النزاهة و« من أين لك هذا» بعد أن لاحظ الناس الثراء غير المبرر على العديد منهم ولم يعلم أحد ما إذا كانت الأموال التي تملأ الجيوب داخلية أم خارجية أم.. الاثنتين معا!

آخر محطة:

لضمان أن يبقى الفساد التشريعي والفوضى قائمين، تم كذلك منع مقترح عقد دورات تدريبية للنواب كي يرتقي الأداء ويستفيد البلد، ومرحبا بمن يتعامل مع الكويت على أنها بلده الثاني.. بعد المائة!

سامي النصف

الطريق إلى غزة

ما كان للزيارة التاريخية لوفد جمعية الصحافيين الكويتية لقطاع غزة ان تتم لولا الجهد الطيب والاستثنائي لطاقم السفارة المصرية في الكويت ممثلا بالسفير الفاضل طاهر فرحات والمستشار خالد السحار، وطاقم سفارة دولة الكويت بالقاهرة ممثلا بالسفير الفاضل د.رشيد الحمد والاخوين العزيزين محمد الشرجي ويوسف اليتامى، ودعم الأخوين الفاضلين احمد يوسف بهبهاني وعبدالاله القناعي والسيد فتحي عطية مدير «مصر للطيران» في الكويت، اضافة الى الصحبة الطيبة لرفاق الدرب الاخوة والاخوات عدنان الراشد ود.عصام الفليج ومنى ششتر وبدرية درويش.

وقد بدأ طريقنا الى غزة بالمرور فوق احد معالم مصر المميزة ونعني جسر «سلام مبارك» المبني فوق قناة السويس لنبدأ بعد ذلك بدخول الجزء الآسيوي من مصر الأفريقية عبر طرق سريعة معبدة ومضاءة أوصلتنا لمدينة العريش المطلة على ساحل البحر الأبيض المتوسط والتي لم نكن نتوقع ان تكون بهذا الجمال والحداثة حيث السواحل البيضاء المغطاة بأشجار النخيل وجوز الهند والجامعات والفنادق الراقية.

وشبه جزيرة سيناء منطقة فريدة وتستحق زيارة محبي مصر حيث يحدها جنوبا البحر الأحمر وشمالا البحر المتوسط وشرقا خليج العقبة وغربا خليج وقناة السويس لذا فمناطقها الجنوبية «مشتى» والشمالية «مصيف» وما بين الاثنين من مدن هو بين بين.

وقد يكون من سوء طالع الاخوة الفلسطينيين ان الضفة والقطاع كانتا جزأين من الأردن ومصر عندما كان البلدان بعيدين كل البعد عن مشاريع التنمية والبنى الأساسية «الاقتصادية» والمعمرة، مشغولين بالمطلق بالقضايا «السياسية» المدمرة، هذه الأيام تحولت مصر والأردن الى ورش عمل آمنة تستقطب عشرات الملايين من المستثمرين والسائحين ولنا ان نتصور الفائدة التي كان سيجنيها الاخوة الفلسطينيون فيما لو كانوا لايزالون جزءا من الدولتين اللتين تحظيان بتقدير دولي في انتظار تأسيس الفلسطينيين لدولتهم المستقلة.

بدأنا منذ الصباح بدخول معبر رفح في انجاز أقرب للاعجاز، لأسباب يطول شرحها، وكان للاتصالات المتواصلة التي قام بها الأخ عدنان الراشد دور كبير في تسهيل وتذليل عملية المرور ليتم استقبالنا بشكل طيب من قبل الاخوة الفلسطينيين ولنبدأ على الفور بزيارة مستشفى الرحمة الكويتي ثم لقاء وعشاء مع د.محمود الزهار وزير الخارجية ولقاء في اليوم التالي مع د.إسماعيل هنية رئيس الوزراء ود.أحمد بحر رئيس المجلس التشريعي بالإنابة، ولهذا موضوع آخر.

آخر محطة:
 
(1): الكويت بلد صغير لذا يجب تشجيع كل امتداد كويتي غير رسمي تجاه شعوب الدول الاخرى، ومن ذلك كل التقدير للجنة الرحمة العالمية التابعة لجمعية الاصلاح الكويتية على الدور الطيب والملموس الذي تلعبه لإنشاء مؤسسات مدنية تعنى بالرعاية الصحية ومصالح الأيتام وتوفير الأمن الغذائي للشعب الفلسطيني في غزة والضفة.

(2) في ختام اللقاء مع د.إسماعيل هنية ذكر الزميل عدنان الراشد ان للوفد الكويتي طلبا «صغيرا» وهو لقاء الجندي شاليط مما فجر عاصفة من الضحك بددت الوضع المأساوي الذي يعيشه القطاع هذه الأيام.

(3) إبان سير الوفد بمحاذاة البحر مخترقين مدينة خان يونس حلقت 10 طائرات هيليكوبتر إسرائيلية فوق القطاع وبدأ الراديو ببث تحذيرات من احتمال قيام عمليات قصف وهو ما تم صباح اليوم التالي.

(4) كان الزميل د.عصام الفليج منفتحا وضاحكا مع د.الزهار خاصة بعد انتهاء العشاء وقد التقطنا صورا «فريدة» ومقربة تظهر ذلك الانفتاح الجميل، وجعل الله جميع أيام بوعبدالله سعيدة و… منفتحة!

سامي النصف

من الخيران إلى الخور

في بلدنا رجال تدل عليهم مشاريعهم واعمالهم الخيرة التي يراها حتى الأعمى، وقد كنا في الف خير ونعمة عندما فتحنا الباب واسعا لاولئك المبدعين من رجال الاقتصاد طبقا لمبدأ «دعه يعمل، دعه يمر» الشهير، وقد تخلف بلدنا عندما بدأنا بعرقلة جهودهم ودفعناهم دفعا للخروج بأموالهم وافكارهم خارج الكويت.

 

وقد جلست ابان انتظار فتح انابيب المياه المغذية لقنوات مدينة صباح الأحمد البحرية بالقرب من م.أسامة جواد بوخمسين وتحدثت معه في مشروع خور أو نهر الكويت الذي يدخل مياه البحر من منطقة بنيد القار ويخرجها من منطقة القبلة المحاذية لفندق الشيراتون عبر مشروع B.O.T يسترد في النهاية من قبل الدولة بعد ان يحيل قلب البلد الى حدائق خضراء وشلالات وأنهر وكافيهات ومطاعم ومواقف سيارات، ويسترد المطور الكلفة الضخمة لذلك المشروع من جزيرتين يبني فوقهما برجين يتم انشاؤهما من الرمل الفائض من الحفر، وقد تم للاسف عرقلة ذلك المشروع في السابق والذي نأمل ان نراه قائما في القريب العاجل كعنوان لمرحلة الانماء الحالية والقادمة.

 

ولا يمكن دوران عجلة الاعمار والانماء في البلد دون الالغاء الكلي لقانون B.O.T الجديد لاسباب عدة منها، (1) انه منح صاحب المبادرة او المشروع نسبة 5% فقط كافضلية مما يعني ان مشروعه قد يرسو على غيره رغم انه من دفع الملايين على الدراسات والاستشارات اللازمة، (2) طرح 50% للاكتتاب العام رغم ان المشاريع بشكل عام قد لا تربح بالضرورة (مشاريع دبي على سبيل المثال)، فلماذا نعرقل ونورط الناس بملكيات غير مضمونة قد تقضي على مدخراتهم ومن ثم لومهم للحكومة وطلب التعويض، (3) توسيع قاعدة الملكية عبر الاكتتاب العام يعني البطء الشديد بالقرار وعدم المحاسبة، (4) حقيقة ان شرط الاكتتاب العام لا يوجد مثيل له في دول العالم «اجمع» التي تفرش عادة البساط الأحمر للمستثمرين دون شروط اذعان كحال شرط الاكتتاب.

 

آخر محطة: (1) نرجو التعديل السريع لكل تشريع لا مثيل له في دول العالم الاخرى فلا يصح الاعتقاد بأن بعض مشرعينا اكثر فهما وحنكة وذكاء من الألمان واليابانيين والاميركان والبريطانيين.. الخ.

(2) نرجو ان تبادر الدولة هذه المرة بعد تعديل التشريعات المعرقلة بالاتصال برجال الاعمال الكويتيين والاجانب لاشعارهم بالتغيير الذي تم والطلب منهم استثمار اموالهم في المشاريع التي ستقام على الاراضي الممنوحة، فقد كلَّ وملَّ المستثمرون في السابق من الجري خلف الدولة وحان الوقت لان يعتدل الحال وينعكس.

(3) كما نرجو الإحياء السريع لمشروع تنمية جزيرة فيلكا (احلى الجزر سابقا) فقد شب المشروع عن الطوق وقارب ان يصبح في العشرين من عمره وهو احد الشروط السابقة لاتمام الاعمال في بلدنا الواعد.

سامي النصف

عام المحاسبة

أثبتنا في مقال الأمس وعبر أمثلة صارخة ان كثيرا من قضايا الاستجوابات والتهديدات الساخنة التي توقف حال البلد تنتهي بإقصاء خبرات كويتية نحن في أمس الحاجة إليها، ولنضف لتلك الأمثلة قضيتي الدعوة لإغلاق المدارس بسبب إنفلونزا الخنازير والاعتراض على إزالة المخالفات التي شوهت صورة البلد ونتساءل لماذا لا يعتذر من أضاع الأوقات الثمينة للمجلس بالاعتراض على أمور أثبت الوقت خطأ اعتراضه عليها خاصة انه يدعو لأمور لم يقم بمثلها احد في العالم؟ بودنا أن يلزم كل نائب يتقدم بمقترح بإظهار أنه معمول به في الدول الأخرى حتى لا نصبح «أضحوكة» و«مسخرة» العالم.

وهل لنا ونحن في مطلع عام جديد ان ندعو بعض النواب للعمل هذه المرة فيما ينفع البلد عبر التركيز على قضايا التشريع والتنمية على حساب الدور الرقابي الذي يجب ان تتكفل بالجزء الأكبر منه القيادة السياسية عبر إعفاء وإقالة المخطئين من المسؤولين قبل أن يثور النائب وقبله الناخب عليهم، ولنأخذ مما تتناقله الأخبار من جدة ودبي والدوحة وغيرها الأمثلة على ضرورة المحاسبة.

لو فكرنا في السبب الأهم لكل مصائبنا وتأخرنا في العقود الماضية لقلنا: عدم المحاسبة التي تطورت وأصبحت «المحاسبة المعاكسة» أي توجيه العصا والعقاب للمبدعين والمنجزين والمخلصين، ومنح الجزرة وبكل أريحية لمحدودي القدرات ومخرومي الذمم من محاربي أصحاب الإبداعات.

والحقيقة أن عدم المحاسبة هو سر ابتعاد الأكفاء والأمناء، والصعود السريع لمن لا يأتمنهم احد في الدول الأخرى حتى على قطيع من الأبقار أو الأغنام، فلو فعلت المحاسبة لابتعد كل من تولى مركزا «يخب» عليه وتوقف الشعار الكويتي الفريد بضرورة وضع الرجل غير المناسب في المكان الذي يناسب غيره ولاختفى على الفور من يتسببون في الدمار والانهيار والتخلف الذي نشهده على جميع الأصعدة.

إن أفضل ما نفعله ونفعله منذ اليوم لخدمة الكويت ووضع قاطرتها على السكة التي توصلنا للمستقبل الباهر الذي يحلم به الجميع هو تفعيل أداتي «المحاسبة» و«التغيير» فبقاء نفس الأشخاص وبقاء نفس المنهاج كفيل بأن يتكرر في عام 2010 وما شهدناه في العقود الماضية من إخفاقات يتولد عنها غضب وإحباطات يمكن ان تستغل في حشود الشوارع ومن ثم اقترابنا خطوة أخرى من الوقوع في الهاوية أو.. المساس بالخط الأحمر.

لفهم مغزى ومعنى الخط الأحمر الذي نحذر منه، نعلم ان العام الذي مضى لم يشهد اندلاع حرب أهلية في العراق أو سويسرا فهل الدولتان على درجة واحدة من الأمن السياسي والاجتماعي؟! الحقيقة أن هناك خطا أحمر متى ما وصلت إليه المجتمعات أو الدول بدأت فيها عمليات الانفلات والفوضى والحروب الأهلية لذا فالفارق بين الدولتين سالفتي الذكر هو ان سويسرا تعيش بعيدة جدا عن ذلك الخط لذا لا يهم إن حدث بها اختراق أمني أو أزمة سياسية أو اقتصادية كونه لن يوصلها الى تحت ذلك الخط، أما العراق الشقيق فهو ومثله بعض دول المنطقة يعيش قريبا جدا من ذلك الخط لذا قد لا يحتاج الأمر إلا لحادث أمني لتعم الفوضى وتحترق البلد.

آخر محطة:

علينا ألا نعيش وهم الأمن الكاذب القائم على أن شيئا لم يحدث في الماضي، لذا فإنه بالقطع لن يحدث مستقبلا ولنستبدل ذلك الوهم بـ «التغيير» للأفضل وتفعيل «المحاسبة» حتى لا نصل لحافة الخطر ومن ثم نجاح من يريد دفعنا إليها.

سامي النصف

قليلاً من الرقابة كثيراً من التشريع

هناك قصة تروى في الغرب عن مواطن ألماني اتى النازيون ليأخذوا جاره الايسر فقال لهم خذوه فهو شيوعي، وفي المرة التالية اتوا ليأخذوا جاره الايمن فقال خذوه فهو يهودي، في المرة الثالثة اتوا لاخذه دون تهمة او رحمة فالتفت لجيرانه لينقذوه ويدافعوا عنه فلم يجد احدا منهم بعد ان ضحى بهم.

ما سبق هو ما قصده الرئيس جاسم الخرافي تجاه الطريقة التي تم بها التعامل مع السيد محمد الجويهل الذي لم يترك له كغيره حق التوجه لأمن الدولة بسيارته وبشكل لائق ومحترم، وفي هذا السياق التقيت يوم الخميس لدى مدير فرع البنك باليرموك بأخ قطري من اصول قبلية حضر مصادفة حادثة القبض بالمطار، وقال انها تسيء لسمعة الكويت فيما لو تم تصويرها من قبل الاجانب حيث لم يكن هناك داع ـ حسب قوله ـ لتقييد يديه وربط عينيه على الملأ مما تسبب في بكاء طفله، وكان يمكن استبدال ذلك بطريقة اكثر حضارية وانسانية ويترك للقضاء تقرير الحكم.

أبى العام الذي مضى ان يتركنا دون ان يوصل لنا اخبارا تظهر كم النزق الذي تعيشه حياتنا السياسية الملتهبة دون داع، والتي يقدّم فيها الجانب الرقابي المصطنع و«المدغدغ» على الجانب التشريعي والتنموي الذي تحتاجه البلاد بشكل ماس او.. مأساوي!

اول الاخبار التي ذكرناها سابقا تبرئة موظفي مكتب طوكيو الذي كان احد محاور استجواب وزير النفط الاسبق الشيخ علي الجراح الذي خرج مظلوما من الوزارة، الثاني دعاوى محاسبة وزير الاعلام هذه الايام على معطى عدم اغلاقه احدى المحطات في وقت نتذكر فيه اننا فرطنا في اعلامي بقامة محمد السنعوسي وخبرة نصف القرن التي يحملها كونه اغلق احدى الفضائيات (!) اي إن اغلق المسؤول المحطة تم اشعال الدنيا واشغال البلد وان لم يغلقها تشعل الدنيا ويشغل البلد كذلك.

الخبر الثالث عن اعتداء تم على احد الطلبة في احدى المدارس الحكومية ـ من تاني ـ وهو احد محاور استجواب السيدة نورية الصبيح ذات الخبرة الشديدة في قطاع التعليم العام، وقد كتبنا في حينها كيف يتم محاسبة وزير عن امور تتم بالسر في دورات المياه؟! وان تلك الانحرافات في «التربية» وغيرها من الوزارات يتم التعامل معها ضمن القوانين والانظمة المرعية دون محاسبة الوزير، هذه المرة لم يصعد احد ممن صعدوا في السابق من نواب وكتاب ـ وهو امر جيد ـ رغم تطابق الحالة لسبب بسيط هو ان المتهمين ليسوا بنغالا بل طلبة كويتيون لدى اهلهم اصوات يمنحونها او يمنعونها.

آخر محطة:
 
1 – هل ستوضع حقا كاميرات في حمامات مدارس البنين والبنات لوضع حد لتلك الاعتداءات؟! ذلك المقترح ليس حلا والقضية ترتبط بالتربية المنزلية والمدرسية وقضايا اخرى ليس منها التصعيد وتشويه سمعة المعتدى عليهم عبر فضحهم امام الملأ.

2 – نذهل ونحن نقرأ المثالب والاخطاء الكبرى في بعض التشريعات المقدمة لاقرارها من قبل البرلمان، فكيف تمر تلك المقترحات وبها تلك المثالب التي عادة ما يكتشفها كتاب او نواب سابقون او اعضاء تجمعات مدنية ..الخ، اي ماذا لو ان هؤلاء «المتطوعين» لم يكتشفوها، فهل كانت ستمر دون ان ينبه احد مسؤولي الدولة لخطورة اقرارها؟!

سامي النصف

مع نهاية عام مضى

خط الزميل وليد الوزان مقالا يوم الأربعاء 30/12/2009 في جريدة «الوسط» وضع ضمنه أسماء العديد من النواب والكتاب والإعلاميين المعروفين، ذكر انه كان يرقب تصريحاتهم ومواقفهم السياسية في الاعلام المرئي والمسموع وقارنها بطرح «المواطن» الذي قال إنه وجد لديه حرصا على ايجاد الحلول المناسبة والمنطقية لمعظم الأزمات معنونا المقال بـ «قبل فوات الأوان.. أين انتم يا ؟!».

وتعقيبي على تساؤل الزميل الفاضل وليد الوزان هو انني جغرافيا في العريش على بوابة الدخول لغزة المحاصرة، وعقلي وقلبي على بلدي الذي بتنا نخشى عليه من ان تنتهي أزماته السياسية الطاحنة، والاحتكام المتكرر للشارع الى ان نصبح ساحة اخرى من ساحات حروب الوكالة الشهيرة في منطقتنا الملتهبة ولا نملك انت وأنا وكل الخيرين الا الاشارة للمخاطر لا أكثر..

وقد يكون الأخطر في مقال الزميل وليد هو جملة «قبل فوات الأوان» حيث بات الجميع يخشى وبحق مما هو قادم في وضع شبيه بما كنا عليه قبل عام 1990 عندما كنا نلحظ كيف يتم التعامل مع الكويت على انها «كيان مؤقت» فانتهينا بما توقعناه وخططناه لأنفسنا، ان افضل ما يمكن ان يقدم للكويت مع بداية هذا العام هو التحول من مشروع الشركة الضعيفة المؤقتة التي يتسابق الكثيرون على تصفيتها إلى نهج الدولة القوية الباقية بقاء الدهر، ولكل مسار مسلك ورجال..

وشاهدت واستمتعت مع نهاية العام بلقاء الزميل الإعلامي أحمد الفهد على قناة الوطن مع الشيخ د.صلاح الراشد حيث فنّد ونقض كثيرا من الدعاوى التي تمنع الفرح وتحرم الموسيقى والغناء في الأعياد رغم ان رسول الرحمة كان يفرح ويضحك حتى تبان نواجذه، واستحضر الراشد ما هو مثبت من ان جاريتين كانتا تغنيان في بيت الرسول في احد الأعياد اضافة الى غناء الأحباش في مسجده فمن أين أتت دعاوى الهم والغم وتحريم الموسيقى والغناء ومقولة ان الشيخ الفلاني لم يره احد يبتسم قط؟! ولمصلحة من يصور الإسلام على انه دين حزن وغضب بعكس ما كان يقول ويقوم به رسول الأمة؟!

ومن الأمور الغريبة ان يطلب منا كمسلمين وككويتيين تارة ان «نفرح» عند حزن الآخرين من شركائنا في الدين والوطن، وتارة أخرى ان «نحزن» عند فرح اخوتنا في الانسانية من اهل الكتاب، وفي وقت لحظنا فيه احتفال جميع اصحاب الديانات والحضارات والثقافات بحلول السنة الجديدة.

آخر محطة:

كل عام وأنتم جميعا بخير وصحة وعافية وجعل الله عامنا الجديد عام أمن وانجاز لا عام اختلاف واهتزاز.

سامي النصف

قضايا الأربعاء

انتقدنا في حينه استجواب وزير النفط الشيخ علي الجراح القائم على الشخصنة، وقلنا بعدم عدالة لوم الوزير على رحلة عمل يقوم بها احد موظفيه، وقد أتى في صحف امس حكم براءة موظفي مكتب طوكيو وتساءل المحامي نجيب الوقيان عمن سيقوم بردّ مظلمة هؤلاء الموظفين وكذلك مظلمة وزير النفط الذي ابتعد عن الوزارة بسبب تلك التهم الباطلة ومن ثم فقدت الكويت كفاءة كان بإمكانها ان تضيف الكثير لذلك القطاع الهام.

بإمكان كثير من التجمعات ان تحارب «مع» الحكومة قوانين افلاس الدولة الجائرة القادمة سريعا على الطريق، ولكن لا احد يستطيع ان يحارب «عن» الحكومة، نعلم ان هناك كثيرا من النواب وحتى الكتّاب يأكلون حتى الشبع من عطايا الحكومة، فكيف يصح وقوفهم ضدها بالموقف والقول والمقال في العديد من قضايا الدغدغة؟! حركوا هؤلاء قبل ان تكر السبحة وتفلس الدولة، وقديما قيل «من يأكل من صحن السلطان يضرب بسيفه» ولم يقولوا «… يضربه بسيفه» عبر مناكفته في كل مشاريعه.

هل الكويت ثالث أغنى الدول العربية كما أتى في صحف أمس؟! اي هل يصح اعتبار الدخل فقط دلالة الثراء دون النظر للمعطيات الأخرى؟! بمعنى انه لو كان هناك فقير لا يملك شروى نقير حصل بشكل مفاجئ على راتب «مؤقت» قدره 20 ألف دينار، فهل يجوز القول انه اكثر ثراء من شخص آخر يبلغ راتبه 5 آلاف دينار الا انه يملك مصانع ومزارع وعمارات وغيرها من مقومات الثراء الحقيقية؟ ان تلك المقولات ومثلها مقولات فائض الميزانية «المؤقتة» تسيل لعاب الطامعين وتضر أكثر مما تنفع فلنتوقف عن القول بها.

ومادمنا في سيرة الرواتب فنّد رئيس اللجنة المالية في لقائه مع قناة «سكوب» مقولة د.رولا دشتي عن وجود مسؤولين في الدولة رواتبهم 4 ـ 5 آلاف دينار لا يجوز شراء المال العام لفوائد مديونياتهم، بالقول انه كان وزيرا وراتبه لم يتعد ألفين ومائتي دينار (!)، ماذا يا دكتور عن مكافأة الوزير السنوية وقدرها 100 ألف دينار والتي ان قسمت على 12 لأصبح راتب الوزير الشهري 10.500 دينار عدا مخصصات السفر واللجان، فهل لم تكن تعلم بتلك المكافأة أو لم تحصل عليها؟!

ومما قاله د.يوسف الزلزلة ضمن نفس المقابلة ان كل ما يعمله هو بر وتنفيذ لقسمه الدستوري ثم ذكر كلمتين من القسم وتوقف كونه تذكر على الأرجح تبعات ذلك القسم العظيم، ونذكّر الدكتور الفاضل ونذكر بقية النواب الأفاضل بالنص الكامل لذلك القسم وهو «أقسم بالله العظيم أن أكون مخلصا للوطن وللأمير وان أحترم الدستور وقوانين الدولة وأذود عن حريات الشعب ومصالحه وأمواله وأؤدي أعمالي بالأمانة والصدق» المادة 91 من الدستور.

ونسأل الفاضل رئيس اللجنة والسؤال موصول لبعض النواب الأفاضل، أين الإخلاص للوطن عندما نبدد المليارات من ثرواته في قضايا غير شرعية وغير دستورية وغير عادلة تجعلنا أضحوكة للأمم كقانون شراء فوائد القروض؟! وأين الإخلاص للأمير من قبل من يطعن في صندوق المعسرين الذي هو بادرة انسانية جميلة من صاحب السمو، لا مثيل لها في الدول الأخرى اضافة الى تجاهل مطالب سموه المتكررة بالحفاظ على الوحدة الوطنية؟ وأين احترام الدستور وقوانين الدولة وكل ما في مقترح اللجنة قفز على مواد الدستور التي تحض على العدالة والمساواة بين المواطنين وتخص 1 من كل 4 مواطنين بالمنح والعطايا؟ وأين الذود عن مصالح الشعب وأمواله ولن يبقى بعد طوفان المقترحات المدغدغة فلس أحمر في خزائن الدولة نحفظه لأجيالنا المقبلة.

آخر محطة

(1): وصلني صباح الأمس هاتف من مسؤول سعدت به كونه يستفسر عن أمر ما، لو قام كل مسؤول بالاستفسار المباشر بدلا من الاعتماد على كلام البطانة الكاذبة لاختفت على الفور الكثير من مشاكل البلد.

(2) ظاهرة مدمرة أخرى بدأت بالانتشار وهي استخدام سلاح دعاوى الطائفية والفئوية لمحاربة الإصلاح في الجهاز الوظيفي المترهل، فما ان يعاقب موظف ـ حاله كحال الآخرين ـ لإهماله في عمله او لتجاوزه على الأموال العامة حتى يصرخ بدعاوى الاضطهاد والاستقصاد، كيف يمكن تطبيق دعاوى الإصلاح في أجواء موبوءة كهذه؟!

سامي النصف

مال الفقراء وليس مال الحكومة

بعد تدمير الكويت سياسيا وشرخ الوحدة الوطنية عبر الممارسات العبثية التي تجري في البرلمان، بدأ البعض بالعمل الجاد لإفلاس الكويت اقتصاديا عبر مقترحات مجنونة لم يشهد لها التاريخ الإنساني مثيلا، ولم نسمع أو نر أمرا قريبا منها لدى الدول الأخرى الأكثر غنى ورفاها منا بمراحل مما يعني اننا أمام حكم إعدام مزدوج صادر بحق وطن معطاء لا يستحق قط مثل هذا التعامل الجاحد معه.

وأحد المفاهيم الاقتصادية المدمرة القائمة هو تسويق فكرة خاطئة فحواها ان المال العام هو مال الحكومة «الخاص» لذا يجب التسابق على صرفه وهدره وبدعم كامل – ويا للغرابة – ممن يفترض أن يكونوا أكثر الناس حرصا عليه، ونعني الفقراء ومحدودي الدخل من المواطنين ممن سيكونون المتضرر الأكبر من عجز الميزانية العامة وافلاس مؤسسات الدولة كالتأمينات الاجتماعية وتوقف صرف الرواتب وهي أمور كالساعة قادمة لا ريب فيها ما لم تتوقف الأغلبية الصامتة.. وتبدأ بالصراخ قبل وقوع الفأس في الرأس.

ولو قارنا راتبا وليكن ألف دينار لمواطن كويتي وآخر لأميركي أو أوروبي أو ياباني من رعايا أغنى دول العالم لوجدنا ان المواطن في تلك الدول الثرية يدفع 300 دينار من ذلك الراتب كضريبة دخل، ثم مائة لتعليم الأبناء ومائة أخرى للتأمين الصحي لعدم مجانية التعليم والصحة لديهم، ثم يدفع بعد ذلك ثمن كهرباء ووقود وماء ومواد غذائية وقروض سكن غير مدعومة من حكوماتهم مع عدم ضمان الاستمرار في الوظيفة أو الالتزام بزيادات سنوية أو تقاعد مجز كما يجري لدينا بسبب فوائض الميزانية المستهدف إتلافها وحرقها عبر المطالب المدغدغة.

أما في الكويت، المزمع نحرها من الوريد إلى الوريد، فالوظيفة مضمونة والراتب لا ضرائب عليه، والخدمات التعليمية والصحية مجانية، إضافة إلى الدعم الذي يشمل كل مناحي الحياة من المهد إلى اللحد، ومع ذلك يسعى بعض المدغدغين من النواب للتحريض بألا يدفع المواطن ما عليه تجاه البنوك وشركات الاستثمار التي اقترض منها باختياره رغم قدرته على الدفع خاصة أصحاب الرواتب المرتفعة، وقد قرر بعض النواب الأماجد تجميد 30 مليار دولار (8.5 مليارات دينار) لمدة 15 عاما كي تدفع أرباحها التي هي في النهاية عوائد للفقراء قبل الأغنياء لا لمؤسسات الدولة المودعة كالتأمينات العامة وهيئة الاستثمار وشؤون القصر.. الخ، بل لسداد ديون مقترضين مقتدرين، ومن يدريهم اننا لن نحتاج لذلك المبلغ الضخم وعوائده خلال السنوات القليلة القادمة لتسديد رواتب الموظفين فيما لو انخفض سعر النفط كما يتوقع الخبراء.

آخر محطة:
 
(1) يفرض القانون المجنون ان ندفع جميعا فوائد من اقترض في 14/12/2009 حتى لو كانت مئات الآلاف من الدنانير رغم انه لم يدفع فلسا واحدا من تلك الفوائد فأين العقل وأين العدل؟!

(2) الواجب على الناخبين، وخاصة محدودي الدخل منهم، المحاسبة الشديدة لنواب قوانين إفلاس الدولة كونهم المتضرر – لا المستفيد – الأكبر من تلك التشريعات غير المسبوقة في تاريخ الأمم.

(3) من أعطى نواب الأمة توكيلا عاما من 270 ألف مقترض؟! ومن أعطاهم توكيلا آخر من 730 ألف مواطن غير مقترض لحرق وهدر المال العام وإفلاس الدولة؟ ومن يقول ان مقترضا لم يبق من دينه إلا ألف أو ألفا دينار يرضى بأن تدفع الدولة عشرات المليارات من أمواله وأموال أبنائه لأجل ذلك القانون المسخ؟!

(4) شعارات الوحدة الوطنية وحب الكويت المتغنى بها كذبا وزيفا يجب أن تترجم الى عمل جاد يهدف للحفاظ على مستقبلها والتوقف عن إصدار تشريعات تنتهي بإفلاسها سريعا.

(5) الحل الحقيقي لكثير من إشكالاتنا التشريعية يكمن في تفعيل دور المحكمة الدستورية – كالحال في الديموقراطيات الأخرى – كي تسقط كل قانون أجوف وأخرق لا يراعي العدالة والمساواة والحفاظ على الثروات العامة كما تنص على ذلك مواد الدستور المتباكى عليه، فلم تعد تنفع حكاية «الأكثرية» للحفاظ على الثروات أو حتى.. الحريات العامة!