سامي النصف

الأجنحة المتكسرة للشابندر والجبوري

استضافتنا بالامس قناة «الفيحاء» العراقية وبعدها جريدة «ايلاف» الالكترونية واسعة الانتشار للحديث حول العلاقات العراقية ـ الكويتية بشكل عام وإشكال الطائرة العراقية وحديث النائب عزة الشابندر الذي طالب بعودة صدام لتأديب الكويت بشكل خاص.

وكان ضيوف البرنامج نوابا ممثلين للاحزاب الرئيسية في العراق، كما سبقني للحديث دكتور القانون الدولي عبدالرحمن جلهم الذي ادعى أن الكويت سرقت فرحة الشعب العراقي بتسيير الرحلة الاولى لـ «العراقية» من بغداد وان حقد الكويتيين ابدي لا يمحى ولايزول ولم يبق لهم الا المطالبة بدماء العراقيين لدفع تعويضاتهم (خطاب شديد الانتشار في العراق هذه الايام).

ومما قلته في التعقيب ان العلاقات بين المانيا وفرنسا أو المانيا وبريطانيا مهما ساءت او انحدرت فلا يجرؤ احد من نوابها وساستها واعلامييها على القول انهم بحاجة لهتلر لتأديبهم(!)، وان اجندة الكويت السياسية والاقتصادية تتطابق في حقيقة الامر مع متطلبات الشعب العراقي بعكس بعض الدول الاخرى المتداخلة بالشأن العراقي.

فالكويت الديموقراطية لها مصلحة مباشرة في تعزيز وتنمية العملية الديموقراطية في العراق ولا يحرجها هذا الخيار السياسي للشعب العراقي، كما ان للكويت مصلحة حقيقية في أن تتسارع عملية التنمية في العراق وان تخف معاناة الاخوة هناك حيث لا يشكل الرخاء الاقتصادي للعراق احراجا للادارة الكويتية، بعكس بعض الاخرين.

اما ما يخص الطائرة فمعروف ان القضية قائمة في المحاكم البريطانية منذ عقود دون ان تتقدم العراق بأي بادرة لحل الاشكال كأن يقسم مبلغ التعويض او الدين الى اجزاء نقدية واخرى على شكل حقوق نقل ذات صفة تفضيلية واعطاء الشركات التابعة لـ «الكويتية» والمختصة بالحجز والتغذية والصيانة حقوق مشاركة مع «العراقية» في المطارات العراقية كوسيلة لخلق علاقة جديدة قائمة على مبدأ «ربح ـ ربح» يستفيد منها الطرفان بدلا من علاقة «خسارة ـ خسارة» القائمة التي لم يستفد منها احد.

كما اوضحت ان على «الكويتية» خسائر وديونا تقارب 800 مليون دولار ومن ثم لا يمكن «فنيا» ان تعلن تنازلها عن دين لها يقارب 1.2 مليار دولار وهو ما قد يتسبب في إفلاسها، وان الامر يحتاج لقرارات وخيارات سياسية ـ اقتصادية لحل ذلك الاشكال، كما ابديت استغرابي الشديد وشكوكي ازاء اختيار «لندن» دون غيرها من مطارات العالم لتشغيل الرحلة الاولى، مع معرفة مسؤولي وزارة النقل و«العراقية» أنها العاصمة التي صدرت منها احكام التعويض على «العراقية» حيث كان من المتوقع ان يقوم محامو «الكويتية» الانجليز بما قاموا به من تنفيذ اوامر الحجز الصادرة من محاكمهم.

آخر محطة:

 1) النائب عزة الشابندر رجل وصولي ومتقلب وصدامي وقد تحول من منظمة جند الامام المتشددة دينيا الى قائمة علاوي العلمانية قبل ان ينتهي لقائمة المالكي هذه الايام.

2) انشأ سيئ الذكر عزة الشابندر مع سيئ الذكر مشعان الجبوري شركة طيران سميت بـ «اجنحة الشام» والارجح ان شركتهما هي الاكثر تحصينا من الخطف وعمليات التفجير والتخريب لتخصص ملاكها بتلك التجاوزات الامنية التي يقومون بتصديرها للدول الاخرى وعلى رأسها العراق المنكوب.. بهم!

سامي النصف

التحريض جريمة.. التعميم جريمة

التحريض جريمة نكراء يجب ان يعاقب عليها التشريع ويفرض على من يرتكبها اشد العقوبات بعد ان تفشت بشكل خطير في البلد، وإحدى وسائل التحريض القائمة بخبث ومكر ادعاء قضايا «لم يقل» بها احد ثم الرد عليها بشدة وتجريح الآخرين وضرب الوحدة الوطنية عبر تلك الردود التي هي اشبه بحروب طواحين الهواء والتي سببها الحقيقي والوحيد رغبة القائل في أن ينتخب او يعاد انتخابه حتى لو احرق البلد بسبب الهواء الساخن الخارج من حنجرته.

والتعميم جريمة اخرى لا تقل عن الاولى تدميرا وتأجيجا للنفوس وضربا للوحدة الوطنية ودفعا بالبلد الى حافة الهاوية، ومرة اخرى يجب ان تصدر تشريعات رادعة تمنع من يقوم بإسقاط حالات فردية على الجموع، وكم من اوطان احرقها المحرضون والمعمِّمون!

ان ما يقوله فرد اهوج على فضائية يجب ان يرد عليه ويلجم بالحجة والقانون، ولا يعمم ما يقوله وكأنه يمثل من لم يقولوا انهم عينوه ناطقا رسميا باسمهم، ان الايمان ـ فعلا لا قولا ـ بالدستور ودولة المؤسسات كفيل بردع كل من يسيء الى الآخرين، واذا كانت هناك ثغرات قانونية فيجب تسكيرها باقتراح تشريعات جديدة كفيلة بعدم تكرارها مستقبلا لا اللجوء الى نهج التحريض والتأجيج، فالقضية ليست قضية فردية بل قضية سلامة وطن يجب تعزيز الوئام الاجتماعي والسياسي بين افراده.

ومما رأيناه وتابعناه من تعميم يهدف الى التحريض، الادعاء بأن تطبيق القانون فيما يخص ازالة التجاوزات، ومنع الفرعيات، والخصخصة، وتعديل الدستور، والازدواجية، يستهدف ابناء القبائل الكرام الذين قامت الدولة على اكتافهم وعبر تضحياتهم، وان القوانين لا تطبق في مناطق الآخرين التي لا تبعد الا كيلومترات قليلة، ويمكن بسهولة التأكد من ان القوانين مطبقة على الجميع فيها.

ويزداد الامر سوءا عندما يدعي تلك الازدواجية في تطبيق القانون احد نواب الامة كونه تلزم محاسبته الشديدة من قبل الناخبين لفشله في استخدام ادواته الدستورية لمحاسبة الوزراء المعنيين الذين يدعي انهم طبقوا القانون في منطقته وتركوا المناطق الاخرى، اذ ليس من الحكمة بمكان اشعال الحرائق وإيغار صدور الاخوة بعضهم تجاه بعض لأجل الحصول على الكراسي الخضراء ملايينية المردود.

مثل ذلك ما قيل عن قضية الخلية التجسسية الاخيرة التي علينا الا ننفخ في نارها قبل تكشف حقائقها كاملة والتأكد من صحتها، وهي قضية ان ثبتت لا تمس في النهاية احدا غير القلة من المعنيين بها، والانحراف كما هو معروف قائم في كل الشعوب والاعراق والملل، ولا نريد ان يتاجر احد بتلك القضية عبر القول ان بها اساءة الى احد، فالتهمة غير موجودة اصلا حتى يتبارى المرشحون المستقبليون لدحضها.

اخر محطة:

 1) نتحدث كمواطنين كثيرا عن تحسين الخدمة الصحية والبحث عن وزراء رجال دولة حازمين في قراراتهم، وعندما نحصل على احدهم نسمح للبعض بعرقلة اعمال الوزير الاصلاحية عبر اسئلة وادعاءات كيدية كحال القول بتحويل اطفال السرطان الى المسيحية في بيت عبدالله الذي شهد الجميع بعدم صحته.

2) ضمن تلك المحاربة التي لا تستهدف الصالح العام، تضمين «اسم» مسؤول في وزارة الصحة على انه المسؤول عن الهيئة التمريضية هذه الايام كما اتى في السؤال البرلماني الذي نشر في صحف امس، رغم ان ذلك المسؤول قد ترك ذلك المنصب قبل اكثر من عام وليس لمثل هذا خلقت الاسئلة البرلمانية يا.. نائب، وأين قبل ذلك الإصلاح التشريعي ولجنة القيم يا.. نواب؟!

3) حرص الزميل د.محمد الرميحي على ان يجعل للزميلة «أوان» رونقاً رزيناً وراقياً يعكس طبيعة مُلاّكها، لذا نرجو أن يعاد النظر في قرار توقف الجريدة بدءا من 10/5/2010، كي تبقى شمعة مضيئة أخرى في دربنا الإعلامي.

سامي النصف

الأولى مليئة بالطرائف والأخيرة بالمصاعب

في انتظار تشكيل الوزارة العراقية الجديدة التي اشعرتنا بالأسف الشديد لما آل اليه الحال لدى جار الشمال بعد ان تفشت الانانية والعصبية العرقية والدينية في تصرفات ساسة العراق وأضحى مستقبل بلد السواد شديد السواد بسبب ما يدور في دهاليز وسراديب ساستهم.

شكل السيد عبدالرحمن النقيب اول وزارة عراقية في 11/11/1920 من 8 وزراء ثم حاول الرئيس ان يرضي العائلات والعشائر العراقية فاضاف إليها عددا من الوزراء اكثر من وزرائها الاصليين بحجة دعم هؤلاء للحكومة، وعندما احتج برس كوكس على توزير الشاب الغر فخري جميل أجابه الرئيس «ان فخري ابن فلان وجده فلان فبأي وجه اقابل اجداده في الآخرة ان لم ادخله الوزارة».

وكان اقوى وزراء تلك الحكومة السيد طالب النقيب الذي تقلد وزارة الداخلية، وقد اعلن ذات مرة ان راتب وزير الداخلية يجب ان يكون ضعف راتب الوزير العادي لعظم مسؤولياته، وقد اتفق جميع الوزراء بالمقابل على رفض ذلك الطلب غير المنطقي. انعقدت الجلسة ونظر السيد طالب النقيب بغضب إلى وزير المالية ساسون حسقيل وسأله عن موضوع الزيادة فارتعب واجاب «موافق» وتسارع الوزراء الآخرون بالقول «موافق» حتى وصل الدور إلى الوزير عبدالمجيد الشاوي فقال «منافق».

وأثقل احد مراسلي الصحف الاجنبية وزير الدولة فخري جميل بأسئلة عدة مما جعله يضيق ذرعا بتلك الاسئلة المحرجة ويلتفت الى زميله الوزير اليهودي ساسون حسقيل ويقول له «اجبه ابا خضوري نيابة عنا، فأنتم (الكفار) يعرف بعضكم كيف يرد على الآخر».

وتقلد وزارة الصحة بتلك الحكومة السيد مهدي بحر العلوم ولم يكن يؤمن آنذاك بالعلم الحديث، لذا كان كلما قصده احد للتوسط للعلاج عند احد اطباء وزارة الصحة الانجليز طلب منه ان يراجع الطبيب الشعبي «ملا جواد» الذي يعالج المرضى بالادعية والاعشاب، ويقال ان احد الوزراء كاد يفقد بصره بسبب بعض الادوية الشعبية التي وصفت له، ورحم الله تلك الحكومة حيث عم عمى البصائر ارض الرافدين هذه الايام.

آخر محطة:

 1 – التهنئة القلبية للعم محمد الهاجري على حفل زواج ابنه الديبلوماسي فرج الذي يقام هذا المساء في صالة الهاجري بضاحية عبدالله السالم، وعقبال زواج شقيقه الاكبر الصديق العزيز جابر الهاجري الذي طال امد عزوبيته وحان زمن فك نحسه حتى يترك متابعة اخبار كرة القدم المصرية وما يفعله اشهر لاعبيها.. ميدو!

2 – في الاسكندرية التي قدمت منها مساء الامس يوجد مقام كبير للشيخ «بسيس» الذي كان يمتهن مهنة الصالحين اي رعي الاغنام، واشتهر عنه انه وبعكس ما يقال عن السادة من قدرة على تحريك الحيطان، كان الراحل الكبير كما يروى هناك مختصا بخرقها والافراج عن المواشي المحبوسة فيها قبل ان تهلك، للشيخ مقام كبير في «كنغ مريوط» تباع فيه الاقمشة والاعلام الخضراء بأثمان باهظة لوضعها على البيوت كدلالة على زيارته، كالحال في الكويت قديما عند زيارة مقام الخضر في فيلكا.

سامي النصف

لقاء في سيناء أرض الأنبياء والشهداء

اقيم ليلتي الخميس والجمعة بمدينة العريش في سيناء حفل تخريج الدفعة الثالثة من طلبة مؤسسة عبدالعزيز البابطين الملتحقين بدورة تعلم مهارات اللغة العربية وتذوق الشعر، والتي يلتحق بها عادة اطباء ومدرسون ومهندسون ومحامون وتقدم مجانا وتستمر لما يقارب 6 اشهر، وقد بلغ مجموع خريجي تلك الدورات في سيناء وحدها ما يزيد على 544 طالبا وطالبة، وقد طلبت جامعة شمال سيناء ان يستمر عقد مثل تلك الدورات المهمة في السنوات المقبلة وهو ما تم.

وقد اقيم حفل تكريم للاديب والشاعر عبدالعزيز البابطين حضره محافظ شمال سيناء اللواء الوزير مراد موافي ووزير التعليم العالي د.هاني هلال ووزير التعليم العام د.احمد زكي بدر والمستشار عمر الكندري ممثلا عن السفارة الكويتية في القاهرة، وقد اشار د.حسن راتب رجل الاعمال المعروف وصاحب جامعة شمال سيناء في كلمته لاجتماع «الهلال والبدر» في ذلك اليوم، وكانت لفتة ذكية وتلاعبا لغويا جميلا منه.

وضمن خطاب البابطين ذكّر المجتمعين بالدماء المصرية والكويتية التي اختلطت وامتزجت في صحراء سيناء ابان حروب 67 والاستنزاف «67 ـ 70» و73 ثم في حرب تحرير الكويت عام 91، وأعاد للاذهان لقاءه مع امير الكويت الراحل الشيخ جابر الاحمد قبل يومين من الغزو عندما شكره سموه على اعمال مؤسسته التي انطلقت من القاهرة واوصاه بأهل مصر خيرا وأرجع تلك الوصية المخلصة لخصلة «الوفاء» التي اشتهر بها الشيخ جابر، رحمه الله.

واول تكريم للصديق بوسعود حصده في نقطة التفتيش القائمة على مدخل جسر مبارك القائم على قناة السويس عندما اتى ضابط كبير مهرولا ليوقف سيارتنا ويخاطب المحتفى به بأنه عرفه من صوره وقد قدم ليشكره شخصيا على اعمال الخير والبر التي يقوم بها، والتي يستفيد منها الآلاف كل عام. في عهد «الخصخصة» لرجال الاعمال الكويتيين الآخرين دور مهم يجب أن يفعّل في جعل المال وسيلة لرفع المعاناة عن الناس واعطاء الكويت صورة حسنة امام العالم.

وقد امضينا نهار الاحتفالية في زيارة لمشايخ قبائل سيناء ممن احسنوا الوفادة واظهروا الكرم الشديد وكان صعبا ان تميزهم عن عرب الخليج في الملبس واللهجة والمأكل والعادات والتقاليد مما يؤهل سيناء أرض الانبياء والشهداء التي اختارها رب العباد ليظهر بها نوره على الارض عندما كلم عبده ونبيه موسى عليه السلام، لان تصبح مركزا سياحيا مهما للخليجيين حيث الطقس البارد صيفا والدافئ شتاء والمنتوجات الزراعية المتنوعة والشواطئ الساحرة التي تتمازج بها ألوان البحر الازرق والرمال البيضاء واشجار الزيتون والنخيل الخضراء.

آخر محطة:

 1 – اخبرنا شاهد عيان ان سبب تقسيم سيناء الى محافظتين شمالية وجنوبية هو رد فعل سريع وغاضب من قبل الرئيس السادات على وشاية كاذبة ادعت ان هناك دعوات انفصالية يروج لها احد نوابها السابقين ويدعى سالم اليماني.

2 – حدثنا زعماء مشايخ سيناء عن قصص البطولة التي قام بها شباب ورجال سيناء ابان الاحتلال الاسرائيلي وكان من اهمها اصرارهم على الصمود والبقاء لا النزوح والهجرة حتى لا تخلى الارض من سكانها وتفقد للابد.

سامي النصف

اللقاء النذير لسمو الأمير

قد يكون من المصادفة ان يأتي اللقاء الإعلامي الأخير لسمو الأمير الشيخ صباح الأحمد مع صحيفة «فرانكفورتر ألغامينه تسايتونغ» والذي تصدر مضمونه عناوين الصحف الكويتية مرسلا من ألمانيا التي شهدت أكبر انهيار للنظام الديموقراطي في التاريخ.

فمع انتهاء الحرب الكونية الأولى بدأت التجربة الديموقراطية في ألمانيا عبر إنشاء جمهورية «فايمر» التي اشتهر برلمانها وساستها بالتسابق فيما بينهم لإرضاء المطالب «الشعبوية»، بحجة تعويض الشعب عن فواجع الحرب الكونية وقد نتج عن ذلك التسابق تدمير كامل للاقتصاد الألماني تسبب بالتبعية في انهيار شديد للمارك الألماني حتى كاد لا يساوي شيئا وقد انتهت تلك الملهاة او المأساة بوصول النازيين للحكم واشتعال الحرب الكونية الثانية.

وواضح اننا نعيش هذه الأيام إشكالية كبيرة عبر عنها سموه بمقولة ان البرلمان قد ضيع فرصا ثمينة ووقتا طويلا في مناقشة مسائل بعيدة كل البعد عن المشاريع التنموية ولم يقم بالمهمة الموكولة له، وما يقوله الناس حول تعطيل البرلمان للمشاريع التنموية وانشغاله بالنقاشات السياسية العقيمة صحيح وهو ما يقر به أعضاء البرلمان.

وإحدى دلالات ذلك الأمر انشغال الحياة السياسية الكويتية عبر 17 عاما بالاستجوابات و«السخونات» السياسية العقيمة بعيدا عن الاهتمام بمشروع حيوي ومهم وهو مشروع الخصخصة الذي وضع على الرف طوال أعوام الجمر تلك ولم ينتج عن «الخناقات» المتتالية إلا مضاعفة كلفة المشاريع التنموية عشرات المرات.

ومما قاله سموه في اللقاء ان أخطاء البرلمان هي أخطاء مؤسسية تسبب فيها ترك الدستور دون تعديل وتطوير لقرابة نصف قرن، ولا شك ان أحد الأمور التي تعوق الخصخصة هذه الأيام هو الاستشهاد بمواد دستورية وضعت عام 1962 إبان عهود الماركسية والاشتراكية والتأميم والقطاع العام التي لم تعد تواكب العصر هذه الأيام وكان الواجب ان تنقح تلك المواد ومعها مواد كثيرة أخرى قبل سنوات طوال للحد من الفساد التشريعي ولمنع تداخل السلطات وتعدي بعضها على صلاحيات بعضها الآخر.

ومن ضمن كلمات اللقاء التي لفتت الانتباه مقولة «فالنواب يريدون إرضاء «الشارع» بقرارات سريعة ترضي المشاعر ولا ترضي «المنطق» ونتيجة لذلك لم نتمكن من الوصول الى توافق حول المسائل الوطنية الرئيسية ولم نتمكن من المصادقة على المشاريع التنموية بعيدة المدى»، انتهى.

آخر محطة:

نرجو أن يؤخذ ما قيل في اللقاء النذير لسمو الأمير بشكل إيجابي يبتعد عن ردود الفعل الانفعالية المعتادة.

سامي النصف

فعاليات الملتقى الإعلامي السابع

حضرت ظهر أمس حفل افتتاح فعاليات الملتقى الإعلامي العربي السابع (2(5)27 أبريل) الذي افتتحه سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد بحضور جمع من الوزراء والسفراء والمستشارين إضافة إلى ما يقارب 200 من كبار الإعلاميين العرب.

وقد كرم الملتقى هذا العام كلا من جلالة ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة ووزير الإعلام السعودي د.عبدالعزيز الخوجة وصاحب السمو الأمير محمد آل سعود والسيد عبدالعزيز البابطين ود.سعد البراك والإعلامية كابي لطيف من إذاعة «مونت كارلو» وصحيفة الاتحاد الإماراتية. ويلحظ المرء منذ الوهلة الأولى التنوع الجميل في تلك الاختيارات.

ويطرح ملتقى هذا العام ـ الذي يجب أن يحضره كل إعلامي كويتي وعربي مقيم للتعرف على زملاء المهنة في الدول الأخرى وتبادل الآراء المهنية معهم ـ قضية هامة هي الإعلام وتكنولوجيا الاتصال. ومما ذكرته في أحد اللقاءات الإعلامية التي تمت على هامش المؤتمر ان هناك بالفعل فجوة قائمة بين الإعلام العربي وتقنيات الاتصال الحديثة بسبب غياب عمليات التدريب والتأهيل المستمرة على مثل تلك التقنيات شديدة التغير والتطور.

إن على وزارات الإعلام العربية ومعها شركات تقنية الاتصال الرئيسية عقد دورات متصلة للإعلاميين العرب بالمجان أو بأسعار رمزية يتم خلالها تعريف المشاركين والمتدربين على آخر مستجدات تكنولوجيا الاتصالات الحديثة، ودون مثل ذلك الحل المؤسسي سيبقى اعلامنا العربي متخلفا عن عصره ومن ثم مساهما بالتبعية في تخلف الأمة.

وحضرت في الليلة السابقة للمهرجان حفل عشاء ضم وزير الإعلام السعودي والأمير السفير محمد آل سعود والسفير السعودي الصديق د.عبدالعزيز الفايز وجمعا من الإعلاميين تم التطرق فيه لقضايا الثقافة، وكان مما طرح ان الاعلام يعكس واقعا ولا يخلق بذاته ثقافة موجبة، وان علينا ان نبحث ضمن تراثنا عن زوايا مضيئة نقدمها للعالم كي تمحى الصورة التقليدية المتداولة هذه الأيام والتي تمثلنا بقوم متطرفين وارهابيين بالسليقة.

وفي لقاء آخر ضم السفير المغربي الصديق محمد بلعيش وأمين عام مهرجان «أصيلة» الوزير المثقف محمد بن عيسى والسيد عبدالحق عزوزي ود.محمد الرميحي وآخرين، حدثنا بن عيسى كشاهد عصر عما حدث في يوم 2/8/90 عندما قام الملك الراحل الحسن الثاني بترؤس جلسة طارئة لمجلس الوزراء المغربي دعا إليها السفير الكويتي في سابقة لم تحدث من قبل نتج عنها بيان تنديد شديد اللهجة بالغزو سبق غيره من الدول، وتعاضدت آنذاك مياه المحيط مع مياه الخليج لإطفاء نيران كادت ان تقضي على الإنجازات الحضارية لدول المنطقة ولكن الله ستر.

آخر محطة:

في وجود 200 إعلامي عربي وأجنبي، نرجو تهدئة اللعبة السياسية لمدة 3 ايام في البلد كي لا نصبح طماشة للخلق، وبعد ذلك لنعد الى ما كنا عليه!

سامي النصف

كلام بارد في قضية ساخنة

ما ان تطرح قضية في الكويت حتى تبدأ عملية التعصب وتغييب العقل والحكمة الواجبة، واستبدالها بعمليات التخندق والتطرف الضار بالآراء حول ما يطرح، ومن ذلك ما شهدناه ونشهده من توجهات حادة توافق على الخصخصة بالمطلق وتضرب المثل بما حدث في الصين وأوروبا الشرقية وبريطانيا دون ان تذكر أننا لا نقارن التفاح بالتفاح وان هناك فروقات ضخمة بيننا وبينهم فيما يخص نسب العمالة الوطنية في قطاعاتهم الخاصة.

بالمقابل وجدنا ان تطرف المعسكر المضاد يظهره اما الرفض المطلق للخصخصة عبر سلفية دستورية ترجعنا الى ما قاله هذا الخبير الدستوري المنتمي لبلد اشتراكي عام 62، وتطلب منا الالتزام برأيه حتى لو خالف متطلبات العصر الحديث، أو بالمقابل وضع شروط تعجيز وإذعان كفيلة بتطفيش المستثمرين وتجعل مشروع الخصخصة أقرب لنادرة زواج جحا من بنت السلطان، أي نسيان سؤال القطاع الخاص: هل ينوي حقا شراء مشاريع محملة بكل هذه الشروط؟

والسهم الذهبي الحكومي قضية تستحق التوقف عندها، فالهدف من الخصخصة بالاساس هو الهرب من القرار الحكومي المقيد بالضغوط الشعبية والنيابية والاعلامية، والسؤال المستحق: ماذا لو ان القطاع الذي تمت خصخصته بدأ بالخسارة التي تضطر المالكين لتقليل اعداد العمالة الوطنية العاملة لديهم، فهل ستستخدم الحكومة سهمها الذهبي لإيقاف ذلك القرار غير الشعبوي حتى لو غرق المحمل بما حمل؟! للمعلومة بعض تجارب الخصخصة والتحول للقطاعات المشتركة قامت بالعكس تماما، حيث أعطت ذلك السهم الذهبي لملاك الاقلية من القطاع الخاص لمنع تدخل القرار السياسي الحكومي في المتطلبات الاقتصادية الملحة.

ولم تعالج تشريعات الخصخصة كيفية خلق اداة تربط وتترجم الدعم الحكومي للقطاع الخاص المتمثل بألف شكل وشكل بغرض فتح الباب لتشغيل الكويتيين في تلك القطاعات المدعومة، كما يمكن التشكيك في صحة مقولة ان خلق شركات حكومية جديدة للمشروعات القادمة وطرح أسهمها للاكتتاب العام هو احدى وسائل التوظيف المستقبلية وتوزيع الثروة، متناسين ان الاغلبية المطلقة من تلك الشركات ستنشأ لأهداف محددة قصيرة المدة (انشاء مستشفيات ومدن عمالية.. إلخ) ولا أحد يتحدث عن: من أين ستأتي الايرادات لدفع الرواتب وتوزيع الارباح بعد الانتهاء من تلك المشاريع المرتبطة بمدد زمنية وعما سيحدث لشركات القطاع الخاص القائمة هذه الايام التي تزاول نفس الاعمال في سوق شديد الصغر كالكويت خاصة في حال انخفاض ايرادات النفط؟

آخر محطة:

(1) ما نشرته «الأنباء» في عدد أمس من إلغاء مهرجان للجالية السريلانكية الكريمة لا من قبل رجال الأمن المخولين بذلك، بل من جماعة جعلت من نفسها دولة داخل دولة، أمر يضر بهيبة الدولة وينذر بالخطر الشديد، فإما ان ذلك الحفل كان مخالفا والواجب على المعترضين ان يتوجهوا لأقرب مخفر لمنعه، أو ان يكون الحفل مسموحا به وكان الواجب ألا يراقب رجال الأمن من يتدخل في عملهم كما تظهر الصور، بل كان عليهم قيادتهم بعيدا وتسجيل قضية بحقهم.

(2) سؤال بسيط: لو كان ذلك الحفل يحضره 5 آلاف من الجالية الاميركية الكريمة هل كان يجرؤ احد من هؤلاء على الاقتراب من أسواره الخارجية؟! أم أن القضية مرتبطة باستضعاف ظالم وخارج ع‍لى القانون لجالية آسيوية يسوم أمثال هؤلاء رعاياها العذاب والضرب وحتى القتل ضمن نظرية الأسياد والعبيد (ارجع للمقال المؤثر «سبع سنوات يا بلاش» للزميل حمد نايف العنزي المنشور في جريدة «الجريدة» الصادرة أمس).

(3) والتسيب يدعو للتسيب وقضية خطيرة أوردها الزميل أمير زكي ونشرتها «الأنباء» في عدد أمس حول اختطاف 4 مجهولين لضابط في الجيش، والتساؤل: كيف تجرأ هؤلاء على ذلك الفعل الاجرامي الكبير أيا كانت مسبباته؟ وهل يجوز أن تسجل القضية كما نشر بـ «دهس واصطدام وهرب» وكأنها حادث مروري عادي لا عملية «اختطاف» لضابط في الجيش في رابعة النهار؟!

سامي النصف

إلى بوعبدالله وبوعبدالله

ذكرت في مقالات سابقة ان الطريق الى الخصخصة وما سينتج عنها من إغلاق باب التوظيف بالقطاع العام يستدعي منع الاحتكار وتشجيع البادرة الفردية للشباب الكويتي في الدولة، وقد دعم الفكرة مشكورا الزميل العزيز فيصل عبدالعزيز الزامل في مقال لاحق له، وقد أتتني بالأمس شكوى مريرة من شاب كويتي عصامي ترك الوظيفة الحكومية واعتمد في رزقه على جهده وعمله الذي كان يمتد الى ما يقارب الـ 20 ساعة يوميا.

يقول محدثي الشاب: كنت منذ دراستي في أميركا ألعب الرياضة واعتمد على الغذاء الصحي المعتدل وهو ما يوفر الطاقة اللازمة للعمل اليومي المطول، وبعد تخرجي بتفوق وعودتي لعملي اللاحق في وظيفة حكومية لم تحقق طموحي اتجهت وبشراكة مع بعض الأصدقاء لفتح مطعم للغذاء الصحي وقررنا ان عوائده لن نصرفها علينا بل سنفتح بها فرعا آخر وهكذا استمر عملنا الناجح الذي جعلنا وآخرين بالطبع أحد المراكز المهمة للحفاظ على الحياة الصحية وإنقاص الأوزان.

ويكمل الشاب، كنا نسمع وكما أتى في مقالك اننا دخلنا عش الدبابير وان هناك من احترف ضرب وإخراج الشباب الكويتي من تلك النشاطات المحتكرة وان فلسفة إخراجهم الجهنمية هي ان الإخراج في بدء الطريق لا يتسبب بخسائر كبيرة ومن ثم لا يتم تعلم الدرس، بل يجب الانتظار حتى تكبر المصلحة وتزداد الفروع ويكبر معها الاقتراض والتوظيف.. الخ، ثم تأتي الضربة الشيطانية من جهة لا يتصورها احد، مستغلين بعض ضعاف النفوس من العاملين في الإدارات الحكومية.

يقول الشاب استيقظت فجر أحد الأيام لأداء صلاة الفجر فإذا بهاتفي مليء بالاتصالات والرسائل التي تنبهني الى صور بثت على كل مواقع الانترنت الشخصية والعامة، ويستطرد فتحت بريدي الالكتروني فاذا برسالة من مجهول بها صور لأحد مطاعمنا القريبة بالصدفة من منزلي والذي أتزود شخصيا بالغذاء الصحي منه لي ولعائلتي بشكل يومي وقد وضع على بابه شريط احمر يدل على الإغلاق بسبب مخالفات لا نعرف كنهها وان كانت الرسالة المصورة لها فحوى واحدة لا غير «اغلق وبع ما تملك وارجع الى عملك الحكومي كموظف يعتمد في عيشته على راتب المال العام ولا تعد انت وامثالك لانشطتنا المحتكرة قط».

ويطرح الشاب المتألم عدة تساؤلات محقة نرفعها للفاضل بوعبدالله وزير البلدية وبوعبدالله مدير عام البلدية وهي هل يحق لموظف البلدية ان يدمر مصلحة يملكها ويعمل بها شباب كويتي طموح ومئات الآخرين عبر ادعاء مخالفات يتم «تصويرها» من قبل الموظف ثم «إرسالها» لكل منضوي البريد الالكتروني في الكويت «ومن أين حصل على العناوين الالكترونية؟» بدعاوى يسهل الكذب بها فمن يعلم ان كانت حشرة ما قد دخلت من الباب أم ان هناك «احدا ما» قد قام بإيصالها بيده ثم تصويرها لا لمصلحة عامة بل للايذاء المتعمد مدفوع الثمن؟!

آخر محطة:

ما تعرض له ذلك الشاب الكويتي الطموح عرضة لان يتعرض له كل من يجرؤ على اختراق القلاع الحصينة للأنشطة المختلفة مستغلين منهاجية الرشوة المتفشية للأسف في بعض دهاليز الإدارة الحكومية، لذا نضم صوتنا لشكوى الشاكي، آملين من الأفاضل وزير البلدية ومديرها العام التحقيق في تلك القضية ومنع تكرارها عبر الالتزام التام بالأنظمة واللوائح التي تحكم تلك الأعمال ومعاقبة المتعدين ودون ذلك سنرى نزوحا معاكسا من القطاع الخاص الى العام فيئد مشروع الخصخصة قبل ان يولد.

سامي النصف

تأملات في مرحلة قادمة

إحدى مشاكلنا الكبرى ترديدنا كلمات مدمرة يقولها احد ساستنا فيرددها الجميع بعده دون وعي او تفكير، كحال لوم الدولة على عدم انشاء بنى أساسية بعد مشاريع أوائل الثمانينيات الكبرى، والحقيقة ان ذلك أمر طبيعي جدا فعندما تقوم الدولة بإنشاء عدد من المستشفيات والواجهات والطرق والجسور كما حدث آنذاك فعليها ان تتوقف لسنوات بعدها كي «تحلل» ما صرف فيها وليس من الحكمة والفطنة ان تبادر في العام الذي يليه بإنشاء المزيد منها ناهيك عن الظروف التي مررنا بها آنذاك من انهيار لأسعار النفط وعجوزات الميزانية وكلفة سوق المناخ والحرب العراقية ـ الإيرانية والانتهاء بالغزو وعمليات إعادة الإعمار.

والدعوات المجنونة قائمة لإنشاء المزيد من المستشفيات والطرق حتى تطفئ النار المشتعلة في قلوب بعض السياسيين والمواطنين ممن يريدون ان تتوافر أسرّة أو وسادات خالية تنعق فوقها البوم تنتظر زحلقة المواطن عند خروجه من حمام الهنا لتقول له «شبيك لبيك سريرك في المستشفى او عيادة اسنانك فاضية امام يديك»، كما يحلم البعض منا بمدينة فاضلة يقود بها سيارته في شارع مخصص له وحده ويحمل اسمه، ان تلك الأحلام وأوهام الفلاسفة ستصرف لتحقيقها مبالغ، ولن تتحقق قط، قد تجعل دينارنا يعادل في قيمته عند انتهائها قيمة دينار جار الشمال فننجح في غفلتنا فيما فشل صدام في تحقيقه، وكم من احلام لنا في الليل تحولت الى كوابيس مرعبة عند سطوع شمس النهار!

ومن «الكليشيهات» التي صمت الآذان الشكوى المريرة من توسع الانفاق في الباب الأول (الرواتب) والطلب بتحويل أموال ذلك الباب الى الباب الرابع (المشاريع)، والحقيقة ان الباب الاول يعكس التسريب الحقيقي والمنصف والحكيم لدخل النفط على ملاكه من مئات الآلاف من الكويتيين، اما الباب الرابع فكل مبلغ يصرف فيه (في دولة مجانية الخدمات) يعني ذهاب 90% من الأموال للشركات الأجنبية المنفذة و10% لعدد من المتنفذين لا يزيدون على اصابع اليد الواحدة مع السفك «المزدوج» لعوائد النفط اي صرف أولي للبناء وصرف دائم على صيانة وإدارة ما تم بناؤه.

ومن الأمور المستغربة الدفع بالخصخصة عبر حجية تزايد اعداد الشباب الكويتي القادم للعمل في الأعوام المقبلة في وقت يعلم به الدافعون بتلك الحجة ان القطاع الخاص لم يوظف عبر 50 عاما (نصف قرن) الا 2% من الكويتيين بينما وظّف القطاع العام الذي يحاربونه 98% من الكويتيين وفّر لهم سبل العيش الكريم ومنحهم التدريب والخبرة اللازمة للعمل في القطاع الخاص، فأي من القطاعين يجب دعمه وتقويته لتوفير فرص العمل للشباب الكويتي؟!

ومن الأمور المضحكة جدا ان نجد من يعتبر ان «الأرض عرض»، ويحارب بشدة توفير الدولة الأراضي للمشاريع المختلفة التي يستفيد منها الشباب، يتباكى بشدة على انعدام الفرص للمواطنين الكويتيين، وسؤالنا المستحق كيف توفر الفرص لإنشاء مشاريع ومصانع وكراجات وحرف صغيرة وأنتم من يمنع الدولة من توفير الأراضي العامة القاحلة الصفراء؟ اي هل ستقام المشاريع في الهواء؟! وللموضوع صلة.

آخر محطة:

أغلب منشآت القطاع العام ليست محتاجة لتحويلها للقطاع الخاص ـ الذي يجب ان يدعم بشكل آخر ـ كي يكمل تدميرها وتفكيكها وبيعها بعد طرد المواطنين منها، ما تحتاجه الكويت كنوع من التغيير هو بدء عمليات تطهير وتغيير في الوزارات والمؤسسات والإدارات والشركات الحكومية التي سادت عليها منهاجية «الحرمنة» و«الحمرنة» فدمرتها، ولو سلمت لأيد كفؤة أمينة لتحولت لحسن الأداء والربحية وتوسعت بالتبعية عمليات التوظيف فيها، فكبرى الشركات الرابحة في الخليج مازالت ـ للمعلومة ـ ملكا لدولها لا لقطاعها الخاص.

سامي النصف

الطيران والبركان والبهتان

يقول خبراء سلامة الطيران في العالم للطيارين على سبيل المزاح: ان من يبحث عن السلامة المطلقة عليه ألا يقلع بطائرته ويبقى في المقابل ببيته كي لا يتعرض للعواصف والغيوم البركانية والرعدية والمطبات الهوائية والأعطال الفنية وأخطاء الطيارين..إلخ.

كنا نعتقد أن خيار البقاء في البيت للحفاظ على السلامة هو مزحة حتى وافتنا الأنباء بتوقف عمليات الطيران في شمال أوروبا بدعوى الحرص على سلامة الركاب عن طريق إبقاء الطائرات على الأرض كي لا تصطدم بالسحب البركانية المحملة بالرماد والمعادن المذابة المضرة.

رغم مرور أكثر من مائة عام على بدء عمليات النقل الجوي ووجود آلاف البراكين المتفجرة بالعالم وقيام ملايين الرحلات خلال تلك المدة إلا أن مجموع الحالات التي تعرضت فيها الطائرات لإشكالات مع السحب المصاحبة لثورة البراكين لا يزيد على 80 حالة فقط لم يصب أو يقتل أحد بسببها رغم خطورتها كونها تسببت سابقا في إيقاف مؤقت لمحركات الطائرة البريطانية (عام 82 فوق إندونيسيا) والهولندية (عام 89 فوق الاسكا) وقد تم تشغيل المحركات والهبوط بسلام في كلتا الحالتين.

إن هناك ما يقارب 100 بركان ثائر في أيسلندا وحدها، وهناك كذلك مئات البراكين الساخنة في إندونيسيا وهاواي وغيرهما من أصقاع الأرض فهل سيتم إيقاف حركة الطيران دوليا عند كل انفجار بركاني؟!

ومعروف كذلك أن السحب البركانية لا يتوقف ضررها على المنطقة الجغرافية المحيطة بالبركان بل تنتقل تلك السحب الساخنة للاجواء العليا، ثم تنزل بعد ذلك على مناطق تبعد عشرات آلاف الأميال من مناطق البراكين فهل سيُمنع الطيران في العالم أجمع مع كل بركان يثور؟!

لقد سقطت قبل أشهر قليلة طائرة الإيرباص الفرنسية بسبب مضاعفات الدخول في غيوم رعدية معتادة وما نتج عنه كما يعتقد من تجمد أنابيب قياس السرعة وما تبعه من عدم قدرة الطيار على التحكم في سرعة الطائرة وتفككها وتحطمها ومقتل المئات من ركابها، وقبل ذلك تحطمت عشرات الطائرات بسبب عمليات التغيير المفاجئ في سرعة وتوجه الرياح عند الإقلاع والهبوط (WIND SHEAR) فهل ستغلق المطارات عند وجود غيوم رعدية أو تغيير في الهواء كونها تسببت في العديد من الحوادث في وقت لم تتسبب فيه غيوم البراكين في حادث واحد؟

آخر محطة:

مصائب قوم عند قوم فوائد، فانهيار أسعار أسهم شركات الطيران بسبب قرارات الإغلاق غير المتوقعة صاحبه ارتفاع وجني أرباح هائلة للعديد من القطاعات الأخرى، نرجو أن تكون رقابتهم على بورصتهم أفضل من الرقابة غير الموجودة على بورصتنا.