سامي النصف

الوجه الآخر لمدينة الكويت..!

يوم آخر امتلأ سمعك وبصرك فيه، سواء كنت مواطنا أو مقيما، بقضايا الصراعات السياسية التي لا تنتهي والتي نقلتها وسائل الاعلام لمخدعك ودار نومك، لذا سأقترح عليك ان ترى الجانب الجميل والهادئ والثقافي من الكويت ولن تكلفك تلك الزيارات الممتعة والمفيدة شيئا عدا ندمك على انك لم تقم بها منذ زمن.

اصطحب عائلتك او اصدقاءك معك وابدأ بمتحف بيت الكويت للاعمال الوطنية الذي يقع خلف قصر سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد وشاهد صالة الهوية الكويتية والبانوراما الرئيسية واجنحة الدول الشقيقة والصديقة التي ساهمت مشكورة في تحرير بلدنا، ثم ادخل لقاعة الصور الفوتوغرافية وبعدها صالة جرائم صدام المرعبة، والتي تضم تمثاله الذي احضر من بغداد، ثم بانوراما قصة الشهيد المبكية، واخيرا صالة الوثائق الصدامية التي من ضمنها وثيقة رسمية لامر القبض على طفل كويتي عمره 6 سنوات جريمته انه شوهد يلوح بالعلم الكويتي الممنوع.

بعد الانتهاء من ذلك المتحف الذي يستحق من شاده الاشادة والثناء، واصل سيرك بمحاذاة البحر حتى تجاوز المستشفى الامريكاني التاريخي الذي مازال تحت الترميم ثم بيت البدر وتوقف عند بيت السدو الجميل الذي يظهر جانبا هاما من تاريخ الكويت القبلي وشاهد فنون السدو الملونة وستلتقي هناك على الارجح بسائحين اجانب قادمين من المطار او الميناء حيث البواخر الراسية.

وعلى يمين بيت السدو يقع متحف الكويت الوطني الــذي ينقـــسم لثلاث صالات تســـتحق الزيارة، اولـــها صالة الاثار الكويتية واليونــــانية القديمة التي تظـــهر ان استقرار الانسان على ارض الكويت يحـــدد بـ 8 آلاف عـــام قبل الميـــلاد، وتنقـــسم الاثـــار المعروضة في الصالة الى العـــصر البرونزي (1100 ق.م) والهيلينستي (330 ق.م) والعصر الاســـلامي حيـــث كانت الكويت احدى المحطات الرئيسية من والى بغداد عاصـــمة الدولــة العباسية، ثم اتجه بعد ذلك للصالة الثانية التي تحتوي على اثار نشأة الدولة واختم زيارة المتحف بالقبة السماوية التي تطلعك على اخبار المجرات وبعض اسرار الكواكب السيارة.

اكمل مشوارك لمتحف البحار الواقع خلف ديوان عائلة الروضان الكرام، وبعد الانتهاء ستجد بالقرب منه متحف الفن الحديث حيث اللوحات والتماثيل وعلى بعد خطوات منها ستجد بيتا كويتيا قديما هو المرسم الحر الذي لا يعلم احد سبب منع الفنانين من استخدامه لاظهار ابداعاتهم كما هو الحال في السابق وتركه خاليا تنعق فوق اطلاله البوم.

عودة الكويت الى سابق عهدها كمنارة اشعاع حضاري تحتاج الى تفعيل مراكز التنوير كي تساهم في ابعاد الشباب عن قضايا التطرف والمخدرات.

يمكن بعد ذلك زيارة مكتبة البابطين وقراءة المخـــطوطات والصـــحف العربية القديـــمة والنادرة ثم الى مدرسة المثــنى التاريخية حيث يقع نادي السينما ونشــاطاته المتنوعة، والذي يقع خلف المكـــتبة الوطنية (تحت الانشاء)، ولمحـــبي شراء الملابس يمكن زيارة مجموعة البيوت والبوتيكات الاثرية الواقعة بمقابل المستشفى الاميري ويمكن العودة عن طريق البحر عبر الصليبخات للمدينة الترفيهية التي مازالت في رونقها وتستحق الزيارة خاصة لمن لديه اطفال، الكويت الاثرية خيار يستحق المشاهدة.

آخر محطة:

متحف الكويت الوطني في حاجة لعمليات ترميم تشمل الارضيات وتشغيل النوافير والاعتناء بالاشجار وانشاء محلات لبيع التحف والأعلام وايجاد مقاه ومطاعم في المباني المتضررة منذ الغزو أو في السفن الخشبية الموجودة في الساحة ويمكن لموارد البيع والايجار ان تستخدم للاعتناء بالمتحف.

سامي النصف

وحدة ناصر وصدام والوحدة الخليجية

في 18/11/1957، اصدر مجلسا الأمة في مصر وسورية بيانا عكس رغبتهما في إقامة اتحاد «فيدرالي» بين البلدين تحول فيما بعد الى وحدة اندماجية نكاية في الشيوعيين، وبعد ان حاز ذلك الخيار 99.99% من الأصوات في مصر و99.98% في سورية، ورفع الشعب السوري سيارة عبدالناصر عندما زار دمشق وتزلزلت الأرض في المنطقة، حيث حدثت ثورتان شعبيتان في لبنان والأردن وانقلابان عسكريان في السودان والعراق وثارت اليمن والجزائر وأعلنت بعض التوجهات السياسية في الكويت رغبتها في ان تكون بلدنا كحماة وحلب في دولة الوحدة وحدثت مظاهرات فأغلقت بعض الجمعيات الأهلية والصحف.

استضافت «الجزيرة» قبل مدة قصيرة قائد الانقلاب (28/9/1961) على الوحدة المصرية ـ السورية عبدالكريم النحلاوي ليدلي بشهادته على العصر، وكان مما قاله ان الوحدة تحولت الى تسلط بعد ان أرسل عبدالناصر لسورية المشير وزمرته وضباطه وصلاح نصر وأجهزته ومخابراته لتشهد سورية للمرة الأولى في تاريخها آنذاك ظاهرة زوار الفجر، وتغييب القانون والقتل والإذابة في الأحماض والتي كان من ضحاياها الزعيم السياسي اللبناني فرج الله الحلو، إضافة الى عمليات التأميم التي طالت المخابز والمطاعم والحرف والمزارع الصغيرة، والغريب كما يذكر النحلاوي أنهم اتفقوا بعد الانقلاب مع المشير، وحسب البيان رقم 9، على بقاء الوحدة وإبعاد أجهزة التعذيب والتسلط إلا ان بيانات إذاعة «صوت العرب» التي كان يكتبها هيكل ويذيعها أحمد سعيد رفضت ذلك الاتفاق مما أدى الى وقوع الانفصال.

في الكويت إبان حقبتي ناصر وصدام، آمنت بعض التوجهات السياسية الكويتية بشكل خاطئ بالوحدة مع مصر الثورية أو العراق العسكرية، وكلاهما كانا يحكم بالديكتاتورية القمعية والتأميم والافقار والنقص الشديد في مستلزمات الحياة، فهل كان دعاة الوحدة آنذاك ومنهم مثقفون ورجال أعمال يعتقدون ان نبقى ضمن نفس الحريات والرفاه في حال وقوع الوحدة؟! ان كل ما شاهدناه إبان الغزو الصدامي من قتل وقمع ودمار وإفقار هو تماما ما كنا سنحصده منه لو لم يكن هناك غزو بل وحدة طوعية وشعبية بين بلدينا كما كان يحلم بذلك المروجون لشعارات.. «سيف العرب»!

وسألني بالأمس مراسل «العربية» عن الوحدة الخليجية، فكانت الإجابة الإيمان الشديد بها نظرا لأن معطياتها تختلف تماما عن معطيات مشاريع الوحدة العربية الثورية القائمة على القمع، وان على الوحدة الخليجية ان تتم بشكل متدرج مدروس، نظرا لوجود تباينات سياسية واقتصادية واجتماعية بين دولنا، واقترحت ان نبدأ كما حدث في أوروبا بالوحدة العسكرية (حلف الناتو) نظرا لحجم المخاطر التي تحيط بدولنا الخليجية الست وذلك عبر تقريب وتوحيد الأنظمة الدفاعية وأنواع القيادة والتدريب والطائرات والدبابات والمدرعات، فالجزء الأمني والعسكري لا يحتمل الانتظار حتى إتمام الوحدة الاقتصادية والسياسية.

آخر محطة: 1 ـ قضية مهمة تستحق التأمل فيها، غفرنا في الكويت ونسينا ما قام به صدام وزمرته وحلفاؤه من قتل ونهب وتعذيب وهتك أعراض وحرق آبار.. إلخ، وهو أمر جيد.

2 ـ السؤال لماذا مازلنا لا نغفر لبعضنا البعض أي زلة صغيرة أو كلمة خارجة ومازالت تخندقاتنا وخلافاتنا ومعاركنا وحروبنا، ضمن العائلة الواحدة أو العمل أو المجتمع الواحد، باقية بل وتزداد مع الأيام اضطراما واشتعالا رغم أنها لا تختص بدم أو عرض أو مال؟!

3 ـ 99% من الإشكالات التي تعصف بالمجتمع الكويتي سخيفة وبلا معنى وأغلبها تم نسيان سبب الخلاف لتفاهته وان بقي العداء المدمر مستمرا، منتهى الذكاء!

(4) في الكويت وقبل التفكير في الوحدة الخارجية مع الآخرين، علينا ان نفكر في وحدتنا الداخلية وتراص بعضنا البعض كي لا ينتقل فيروس «الشقاق والافتراق» المعدي الى المجتمعات الخليجية الآمنة الاخرى فنضر بدلا من ان ننفع، حيث اننا امة كثر بيننا الخلاف والجدل وقل بيننا الانتاج والعمل.

(5) استبدل المؤرخون خلافات أهل بيزنطة التاريخية الشهيرة بـ .. الخلافات الكويتية «المليغة»..!

سامي النصف

كم عمر الكذب؟!

يذكر المؤرخون ان احد أسباب اختفاء دولة المسلمين في الأندلس هم من سُموا بشعراء الهزيمة ممن كانوا ينظمون ويكتبون ويروجون لسقوط الدولة واختفائها، وهو أمر مشابه لما كنا نسمعه قبل عام 1990 من ان الكويت دولة «مؤقتة» ذاهبة للزوال، وهو ما حدث في نهاية الأمر، ولم نسمع آنذاك بمثل هذا الطرح في الدول الخليجية الأخرى التي بقيت قائمة بعد اختفائنا رغم ان البعض منها أصغر منا.

وللبرامج الحوارية الأجنبية، كحال «واجهة الأمة» و«لقاء الصحافة»، منهاج جميل هو العودة لأرشيف الضيف السياسي او الإعلامي او الأكاديمي ثم تذكيره بما قاله في لقاءات سابقة حتى يظهر للمشاهد مدى مصداقيته او كذبه، ومن يكذب في الماضي لا يعتد بالطبع بأقواله في الحاضر أو المستقبل.

لأي كويتي، سياسيا كان او اعلاميا او أكاديميا، ان يكون له فكر وموقف سياسي معين يتبناه ويدافع عنه ويحاول اشاعته بين الجمهور، وما لا يجب قبوله على الإطلاق هو استخدام «الكذب» كوسيلة لترويج افكار منحرفة هدامة هي أشبه بأفكار شعراء الهزيمة بالأندلس ممن ساهموا في إضعاف الروح الوطنية والمعنوية لشعبها وانتهوا بتدميرها.

* يذكر أحد الأكاديميين الكويتيين في لقاء له على قناة «الجزيرة» ان المندوب السياسي البريطاني هو من «فرض» عام 1962 الديموقراطية على الشيخ عبدالله السالم وبذلك ألغى بمقولة غير صادقة أمام ملايين المشاهدين مآثر ذلك الشيخ الجليل وجهود رجال الكويت الكبار في إقرار وترسيخ الديموقراطية في البلد، ولم يقل لنا هذا الجهبذ لماذا تفرض بريطانيا الديموقراطية وحرية الرأي على الكويت الصغيرة التي يسودها التيار القومي واليساري المعادي لها آنذاك وهي في الوقت ذاته المحارب الأكبر للديموقراطية والحريات في جميع مستعمراتها الأخرى؟!

ومما قاله نفس السياسي الأكاديمي على القنوات الاخبارية العربية إبان حربنا الإعلامية ضد الطاغية صدام وكرره قبل أيام ان الرئيس الأميركي آنذاك أرسل «فاكسات» دعوة لحكام الخليج يأمرهم فيها بحضور قمة شرم الشيخ، وان ذلك المؤتمر قد فرض – حسب قوله – على كل سفارة خليجية ان يكون بها ملحق إسرائيلي (!)، السؤال المنطقي الذي يكشف الصدق او الكذب في تلك الادعاءات: هل لدى ذلك الأكاديمي 6 مصادر في 6 قصور خليجية أخبرته بوصول تلك الفاكسات؟! وهل شهد احد قط ملحقين اسرائيليين في السفارات الكويتية أو الخليجية الأخرى؟!

ومما ذكره ذلك الأكاديمي الكويتي المختص في منتصف التسعينيات ان خبير الدراسات الدولية د.انتوني كودزمان ذكر في احدى دراساته ـ دون ان يحددها بالطبع ـ ان عام 2000 سيشهد بقاء 3 دول عربية في المنطقة هي السعودية والعراق واليمن، وقد شاءت الصدف ان ألتقي بالدكتور كودزمان شخصيا في شيراتون الكويت وسألته عما قاله ذلك الأكاديمي ونسبه له فكذبه بالمطلق وتحداه ان يحدد مسمى وتاريخ تلك الدراسة المدعاة، وقد كتبت ذلك الأمر في حينه، لذا حورت تلك المقولة قبل أيام بعد تعديل تاريخ انضمامنا للعراق لعام 2025 ونسبت هذه المرة من قبل نفس الأكاديمي الكويتي ـ كما أتى في الصحف ـ للدكتور ارون كاتز عضو مجلس العلاقات الخارجية الاميركي وأرجعت لعام 1992.

بحثت في محرك بحث غوغل العربي عن اسم «ارون كاتز» فوجدت انه دكتور مسالك بولية في جامعة كولومبيا الأميركية، ثم قمت بالبحث عن «ARON KATZ» بالانجليزية فوجدت انها تخص عدة شخصيات منها جنرال روسي في الجيش الأحمر وممثل سينمائي ولاعب بوكر محترف وموسيقار ونائب رئيس بنك وعالم فضاء ولم أجد مختصا في العلوم السياسية بينهم يمكن له ان يتنبأ باختفاء بلدنا عام 2025، ثم دخلت بعد ذلك على موقع مجلس العلاقات الخارجية الاميركي (C.F.R) الذي ادعى الأكاديمي ان الدكتور المتنبئ ينتمي اليه وبحثت في اسماء الاعضاء فلم أجده، وحقيقة كم عمر الكذب ولماذا نصدق كل من يدعي او يمثل الغضب في مواقفه وأقواله؟! وإذا كان هذا ديدن الدكاترة الكبار فماذا أبقينا للناشئة الصغار؟! وعجبي!

آخر محطة:

 (1) قامت جريدة «الأنباء» أواخر الثمانينيات وعلى صفحتها الأخيرة بنشر سلسلة من السرقات العلمية لذلك الأكاديمي الكبير، ولا حول ولا قوة إلا بالله!

(2) في الخلاصة، عندما نكرر على مسامع فرد بأنه فاشل أو سيفشل فإنه سينتهي قطعا بالفشل، وبالمثل عندما نرسخ في وجدان شعب – أو أمة – بأنه مقبل على الاختفاء فإنه سينتهي فعلا.. بالانقراض! ولا تستحق الكويت وشعبها حقا مثل تلك الأقاويل.

سامي النصف

والفارق كيلومتر واحد!

طريق الجهراء الحالي السالك الجميل الذي تحلم بمثله اغلب دول العالم تم ارساء مناقصة تجديد 11كم منه بـ 265 مليون دينار، فما الذي يمكن عمله لو قررنا تجديد 10كم فقط من الطريق العتيد وتوفير كلفة 1كم المقدرة بـ 24 مليون دينار؟!

 

يمكن بجزء من المبلغ الموفر تجديد جميع منشآت جمعيات النفع العام التي تم بناؤها اوائل الستينيات والتي اصبحت في حالة يرثى لها بعد ان انتهى عمرها الافتراضي والتي تخجلنا بحق امام الزائرين (جمعية الخريجين، جمعية الصحافيين، جمعية المهندسين، جمعية الاطباء، جمعية الاقتصاديين، رابطة الادباء، رابطة الاجتماعيين، جمعية المحاسبين وجمعية الفنون ..الخ).

 

كما يمكن بـ 10% من المبلغ الذي تم توفيره اي 2.4 مليون دينار بناء مجمع مسارح يضم مواقع للمسارح الاهلية الحكومية (العربي، الشعبي، الخليجي، الكويتي) التي قامت على اكتافها النهضة المسرحية الكويتية الحديثة والتي يسكن فنانوها هذه الايام بالايجار في بيوت عربية قديمة تجعلهم يتصببون عرقا عندما يزورهم الزائرون.

 

ويمكن للدولة في عصر الحكومة الالكترونية والخصخصة ان تخصص جزءا من المبلغ لإنشاء معاهد تدريب في جميع المحافظات تدفع بالكويتيين شيبا وشبابا، رجالا ونساء الى استيعاب علوم العصر والتمكن من اللغات المختلفة، فهذا معهد يعمل مساء في المدارس لمحو أمية الكمبيوتر لدى المسنين، كما حدث في السابق مع فصول محو امية القراءة والكتابة، وتلك دورات للكمبيوتر والطباعة واللغة الانجليزية والميكانيكا والنجارة والبناء للشباب والشابات تؤهلهم لمشاريع الحرف الصغيرة او العمل لدى القطاع الخاص، كما حدث في سنغافورة بعد انهيار عام 1982 اي عصر التحول إلى التقنيات المتقدمة وتلبية حاجيات السوق.

 

وبجزء آخر من المبلغ يمكن للدولة ان تشتري التحف الاثرية التي تعب على جمعها المهتمون بالتراث الكويتي كالعم سيف الشملان ود.عادل عبدالمغني وغيرهما، ثم تضعها بأسمائهم كوسيلة لتشجيعهم على البيع ضمن جدران قصر الشيخ خزعل بعد الانتهاء من ترميماته «السلحفاتية» فما فائدة قصر تاريخي لا يحتوي على مثل تلك التحف والمجموعات التي هي بمثابة ذاكرة الكويت التي كادت ان تمحى وسط طمع الطامعين؟!

 

وبجزء خامس يتم تشكيل لجنة دائمة مختصة بكتابة تاريخ الكويت حيث لا يصح الاكتفاء بلجنة د.احمد مصطفى ابوحاكمة كي تلتقي بكبار السن من رجالات الكويت قبل ان يحين اجلهم، فمع كل رجل كبير السن يقضي نحبه دون ان نسجل ذكرياته ومشاهداته ينقضي معه جزء لا يمكن تعويضه من تاريخ بلدنا مما قد نحتاجه يوما ما فلا نجده، وليس من الضروري في هذا السياق ان يكون كبير السن من رجالات الدولة الكبار فيكفي ان يكون شاهد عصر على الحقب المختلفة ويسجلها كما رآها.

 

ومن الماضي الى الحاضر وبجزء سادس يمكن خلق مكاتب صغيرة في كل جمعية تعاونية تختص بـ«حماية المستهلك» لمنع ما يتعرض له المواطن والمقيم من عمليات غش وخداع ونحر من الوريد الى الوريد لمواردهم المالية من فاعلين لا يجرؤون على القيام بمثلها في البلدان الاخرى. لقد اضحى المواطن والمقيم في الكويت اشبه بالحمل البريء الذي تتناهشه الضباع والثعالب والذئاب، ومن لا يعجبه منهم غشه وخداعه فله ان يذهب إلى المحاكم للشكوى ثم ينتظر.. الربيع!

 

آخر محطة (1): بذلك الجزء من الطريق او دونه يجب ان تتضمن خارطة الكويت المستقبلية التي نتأمل منها الخير الكثير تخصيص مبالغ للمشاريع السالف ذكرها وهناك امثلة عديدة اخرى ستتضمنها مقالات لاحقة.

(2): العزاء الحار لآل الرشيد الكرام وللدكتور أنس الرشيد بوفاة والده النائب السابق محمد الرشيد، للفقيد الرحمة والمغفرة ولأهله وذويه الصبر والسلوان..

 

سامي النصف

دشاديش التشريعات الكويتية العجيبة

التشريعات كالدشاديش يفترض ان تُفصّل من قبل محترفين على مقاس مصلحة البلد كي يستفاد منها، كثر لدينا ترزية التشريعات والقوانين غير المحترفين فهذا يضيف للدشداشة الوليدة ذراعا وذلك ياقة وآخر جيبا، وهكذا حتى ينتهي الأمر بلباس «مسخ» أرضى الجميع بقبول زياداتهم وتعديلاتهم إلا انه أصبح في الوقت ذاته دشداشة فريدة لا يستطيع ان يلبسها أو يستفيد منها أحد، ومبروك دشداشة «الخصخصة» الجديدة والفريدة من نوعها في العالم والتي يبيت القطاع الخاص عريانا ولا يلبسها!

وفي العالم أجمع الذي يفترض اننا ننتمي إليه، ما ان تختط الدولة نهجا إستراتيجيا كالخصخصة حتى «تطوع» الدساتير والقوانين والتشريعات لخدمة ذلك الهدف، لدينا حدث العكس وتم تطويع مشروع الخصخصة لخدمة التشريع الذي كتب إبان حقبة اشتراكية الستينيات والذي جعل القطاع الحكومي يترهل بالشكل الذي جعل الجميع يؤمن بالخصخصة كوسيلة لإصلاح أحواله، وكيف للوطن ان يقفز للأمام ويتقدم مادمنا نشد على رجله الوثاق والحبال ممثلة بوثائق وتشريعات الماضي البالية؟!

قانون الخصخصة وئد قبل ان يولد وطرد ضمن تعديلاته العقلاء من المستثمرين وجعل مفتوحا على قلة قليلة من مغامري الاستثمار من الباحثين عن سيولة بأي ثمن، حاله كحال قانون الـ B.O.T الذي تكفل بقتل ودفن ذلك التوجه الطموح ثم وقف قاتلوه باكين يستقبلون المعزين بقتله، بعض القوانين تعدل باسم مصلحة الكويت وهي الأكثر ضررا بتلك المصلحة!

وتطبخ التشريعات والتعديلات في العالم أجمع على نار هادئة بينما تسلق التعديلات في الكويت على نار الاستعجال الحارقة ثم نكتشف لاحقا استحالة تطبيقها كحال فرض الضوابط الشرعية على الناخبات والمرشحات التي جعلت برلماناتنا المتعاقبة فاقدة الشرعية والأهلية الدستورية لمشاركة النساء في الانتخابات وهن غير ملتزمات بضوابط «آخر لحظة». إضافة ضوابط الشرعية «من تاني» لقانون الخصخصة قضت على ما تبقى من أمل لذلك الوليد المشوه، وتنجح بامتياز العمليات التي يجريها هواة التشريع تحت قبة برلماننا العتيد ويتبادل الجراحون عادة التهنئة وينسون ان المريض قد مات!

وجرت العادة على ان تبدأ الخصخصة بالقطاع الأسهل ثم الأكثر صعوبة وهكذا حتى «تنتهي» بقطاع الطيران في نهاية لائحة مشاريع التخصيص كونه القطاع الأكثر صعوبة في الكويت، وتصديقا لمسؤول سابق لم يعرف عنه قط الصدق او الكفاءة تم اختيار قطاع الطيران لأن يكون «أول» قطاعات التخصيص حتى اذا فشلت التجربة – وهي فاشلة لا محالة – صاح الاشتراكيون والشيوعيون الجدد: «ألم نقل لكم ان الخصخصة غير نافعة؟!».

آخر محطة:

 (1) قال لي عبر الهاتف وهو مواطن كويتي معروف كبير السن لم يود ان نذكر اسمه، ان كثرة الأخطاء في تشريعاتنا قد جعلت الإصلاح التشريعي في حكم المستحيل لوفرة المستفيدين من الجمود، رغم ان إصلاح السلطة الثانية كفيل بإصلاح وحسن أداء السلطات الثلاث الأخرى (بما فيها السلطة الرابعة)، لذا يرى المتصل أنه لا حاجة – كما يطرح – لتعديل محدود في الدستور الذي أصبح الخصم والحكَم – حسب قوله – بل ان الحل المؤسسي يكمن في خلق مجلس تأسيسي جديد يخلق تشريعات متطورة مواكبة للعصر تقفز بنا سريعا للأمام بعد ان كاد ركب ومراكب الأمم الأخرى تختفي بعيدا تحت الأفق في وقت لايزال فيه ركبنا ومراكبنا تراوح محلها وصراخ ركابها يملأ فضاء المدينة!

(2) في مجتمعات الديموقراطية الحقيقية ـ لا الديكتاتوريات المستترة ـ لا يكفر سياسيا ووطنيا من يقول بمثل هذا القول، بل يعقب عليه بعقلانية وحكمة دون تجريح، سواء بالرفض او الموافقة، فأين نحن من تلك المجتمعات؟!

سامي النصف

حصاد الأسبوع

باقتا ورد لوزير الشؤون الفاضل د.محمد العفاسي، الأولى لعدم المجاملة في الحق وإحالته متجاوزي وزارته للنيابة العامة، والثانية للجهد الطيب الذي بذله في مؤتمر حقوق الإنسان في جنيف ومساهمته في تبرئة اسم الكويت من التهم التي ألصقت بها.

وتهنئة قلبية للدكتور الفاضل عبدالله المعتوق على تقلده رئاسة مجلس إدارة الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية، والشكر موصول للعم الفاضل يوسف الحجي وللعاملين في الهيئة وعلى رأسهم الزميل العزيز يوسف عبدالرحمن على ما بذلوه ويبذلونه من جهد لرفع المعاناة عن المحتاجين في العالم وإعلاء اسم الكويت بين شعوب الأرض.

لقاء ممتع مع النائبات الفاضلات أقامته الزميلة «القبس» واحتضنته جمعية الصحافيين الكويتية، حضره رئيس تحريرها الزميل وليد النصف و«الدينامو» حسين عبدالرحمن، ورأيت ضمن مداخلتي ان النائبات أضفن كما شديدا من الاحتراف للعمل النيابي عبر عملهن الجاد في اللجان وعدم تجريح بعضهن البعض عند التباين في المواقف اضافة الى الشجاعة و«المرجلة» في الآراء وجعل بوصلتهن مصلحة البلد، فلا موالاة دائمة ولا معارضة دائمة كحال كثير من النواب الآخرين.

سألني مذيع «العربية» مساء امس ان كان سبب سقوط طائرة الخطوط الأفريقية الليبية هو خطأ الطيار أم الأنواء الجوية وضعف الرؤية أم الخلل الفني؟ فكانت الإجابة ان أيا من تلك العوامل وحده لا يسقط عادة الطائرة، أما ما يسقط الطائرات فهو اجتماع تلك العوامل معا، فالرحلة المنكوبة كانت قادمة من جنوب أفريقيا في رحلة ليلية شاقة جاوزت 9 ساعات مما يتسبب في إجهاد شديد للطيارين ويجعلهم أكثر احتمالا للتعرض للخطأ البشري وكثير من حوادث الطيران تقع ـ كحال «الليبية» ـ في الصباح الباكر بعد رحلة ليلية مجهدة.

كذلك فقد كانت الرؤية ضعيفة في مطار طرابلس وقيل ان الكابتن يوسف الساعدي قد أعلن الطوارئ بسبب أعطال فنية ولربما حريق في الطائرة، وقد تحدثت في اللقاء عن مصادفة الرقم «103» مع حوادث الطيران المرتبطة في ليبيا، فنجاة الطفل الهولندي جعل عدد الضحايا «103»، وقد سبق لليبيا ان اتهمت بإسقاط الطائرة بان آم «103»، كما ان أكبر حادث في تاريخ ليبيا وقع عام 1992 في نفس مكان الرحلة الحالية للرحلة الليبية رقم «1103».

آخر محطة:

(1): العزاء الحار للشعب الليبي الشقيق ولأهالي طاقم وركاب الرحلة الأفريقية المنكوبة، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

(2): في هذه الأوقات المبكرة ورغم التصريحات، لا يمكن استبعاد العامل الأمني حتى انتهاء التحقيقات الأولية.

سامي النصف

النوم فوق الشوك

زرت امس المستشار الفاضل عادل الهويدي الوكيل المساعد للتسجيل العقاري والتوثيق في وزارة العدل وقد وجدت ان كم العمل الذي يقوم به وموظفوه في الساعة يعادل كم العمل في كثير من شركات القطاع الخاص ليوم كامل وهو ما ينفي مقولة او اكذوبة ان القطاع الحكومي غير منتج وان القطاع الخاص هو الذي يختص بالانتاج.

 

ثم التقيت بعد ذلك بالدكتور الفاضل عبدالله الفهيد مدير جامعة الكويت الذي علمت من بعض العاملين معه انه يبقى في دوامه منذ الصباح حتى الساعة السادسة مساء، وسؤال لمن يتهم المدير بالمرض العائق عن الأداء: إذا كان هذا حاله وهو مريض.. فماذا كان سيفعل لو كان بكامل لياقته الصحية؟! واضح أن هناك استقصادا واستهدافا شخصيا للدكتور الذي لا يقوم بنصف عمله كثير من منتقديه.

 

ألقى قبل أيام الرئيس أوباما خطابا في خريجي جامعة ميتشغان استغرق 32 دقيقة شعرت وبحق بأنه موجه لمواطنينا فقد تحدث بإسهاب عن الخصخصة وقال إن على منتقدي القطاع الحكومي ان يعلموا ان ذلك القطاع هو الذي وحد الأمة عبر بناء السكك الحديدية، وهو الذي دافع عنها عبر منضويه من رجال الجيش، كما ان رجال الشرطة التابعين للقطاع العام هم من يحافظون على أمن المواطنين، وقضاته هم من أرغموا شركات النفط على تنظيف مخلفاتها وبقعة الزيت التي سببتها.

 

ومما قاله الرئيس اوباما ان المطلوب ليس حكومة كبيرة تدخل البلد في ديون كثيرة، ولا حكومة صغيرة لا تملك ادوات للرقابة مما يتسبب في الانهيارات الاقتصادية، بل المطلوب هو حكومة أكثر ذكاء وقدرة. كما تحدث اوباما عن تعديل الدستور وقال انه ليس مؤيدا لكثرة التعديلات عليه إلا ان بعض تلك التعديلات محقة وواجبة كي يواكب الدستور متطلبات العصر. وانتقد حدة التخاطب بين النواب وبينهم وبين الحكومة ودغدغتهم لمشاعر الناخبين وقال إننا لن نستطيع حل مشاكلنا إذا كان عملنا هو تمزيق بعضنا البعض.

 

قبل الحديث الجدي عن الخصخصة علينا النظر في أحوال شبابنا الكويتي العامل في بعض القطاعات الخاصة والمؤسسات الحكومية التي تجعلهم كالنائمين على الشوك بسبب كثرة المضايقات التي يتعرضون لها من مديرين غير أكفاء لا يعلمون أن ضيق الموظفين والعاملين لديهم يعني الفشل الذريع لهم في عملهم حيث إن واجبهم الأساسي هو خلق أجواء مريحة وجميلة للعاملين كي يبدعوا ويطوروا من قدراتهم ولنا عودة للموضوع الهام في مقالات قادمة.

 

آخر محطة: كما ذكرت في مقال سابق، فازت سيــدة أميركيـــة قبــــل ايام بجــائزة مالية تفوق ربع المليار دولار ومع ذلك رفضت ترك وظيفتها التي تقتضي منها العمل ليلا حتى الصباح، هل لنا أن نتصور مقدار الدعم والتشجيع واجواء العمل المريحة التــــي تحظـــى بها تلك السيــــدة حتى تجعلها ترفض ترك مهنتها رغم الثراء الفاحش الذي هبط عليها؟!

 

سامي النصف

2011 أخطر أعوام العرب؟!

بدأ العد التنازلي لدخول عام 2011 الذي قد يصبح الاخطر في تاريخ العرب مما قد ينسينا معه كوارث اعوام 1948، 1967، 1975، 1990 و2001 مجتمعة فنحن الامة الوحيدة التي تنتقل اوضاعها من سيئ الى اسوأ والتي تنتهي امورها عادة بما يفوق اكثر سيناريوهاتها المتصورة والمتوقعة رعبا.

 سيشهد عام 2011 انسحاب القوات الاميركية والدولية من العراق وسط احتقان سياسي ترجمته نتائج الانتخابات الاخيرة والتحالفات التي تلتها والتي عزلت توجهات مؤثرة في المجتمع العراقي مما يمهد لعودة العنف بقوة في غياب قوة مهيمنة كالقوات الاميركية مما ينذر بقيام حرب اهلية شاملة بين مكونات الشعب العراقي.

 وسيشهد نفس العام استفتاء سيتبعه تفتيت لشبه القارة السودانية ويحيلها الى ما يشبه يوغسلافيا «اعوام 1991 ـ 1995» تنتشر على ارضها اعمال العنف تمهيدا لخلق دويلات دينية وعرقية ستؤثر بالتبعية على جيران السودان واهمهم مصر ذات الامتداد النوبي في جنوب ارضها، اضافة الى استفحال اشكالات تقاسم مياه النيل القائمة.

 مصر التي تمثل ربع الامة العربية لاتزال اوضاعها السياسية المستقبلية غامضة فلم يعلن الحزب الوطني الحاكم عن مرشح الرئاسة القادم حتى يتم البدء في تسويقه وتسويق افكاره وبرامجه منذ اليوم حتى لو كان القادم هو فترة رئاسية جديدة للرئيس حسني مبارك فالمهم الحسم والشفافية حتى تطمئن قلوب شعب مصر وقلوب محبيهم.

 في الخليج قد يشهد العام المقبل سيناريوهات ساخنة عديدة منها اعلان الجارة ايران عن حيازتها السلاح النووي وتداعيات ذلك الاعلان، او وصول قيادتها لحالة يأس بسبب الحصار الاقتصادي تدفعها للاستعجال بقيام مواجهات عسكرية وامنية في الخليج والمنطقة العربية، اضافة الى الاوضاع السياسية اليمنية غير المستقرة والتي هي بمثابة مجموعة ألغام قابلة للانفجار في اي لحظة.

 وقد يشهد العام المقبل استفحال حدة الاشكالات الاقتصادية في الخليج والمنطقة العربية مما ينتج عنه افلاس لشركات وبنوك بشكل غير مسبوق في تاريخ المنطقة وسيصاحب مثل تلك الاشكالات كما يحدث دائما عدم استقرار سياسي وامني، في الخلاصة الاعوام المقبلة حبلى بالاحداث الجسام التي تحتاج منا الى كثير من الهدوء والحكمة حتى يمكن مواجهتها فهل نفعل؟! لا اعتقد..!

 آخر محطة:

(1) لعبة الأمم ستكون على أشدها في المنطقة العربية العام المقبل، المشاركة في اللعبة ليست اختيارية بل ان الجميع لاعبون فيها رضوا أم أبوا، والمنتصر في تلك اللعبة – ان وجد – لا يحصد الجوائز بل يكفيه فقط ان يكون قادرا على.. تحمل خسائرها!

(2) الحمد لله على سلامة وصول الزميل فؤاد الهاشم.. وما تشوف شر يا بوعبدالرحمن.

 

سامي النصف

للسخونة السياسية أثمان تدفع!

الخصخصة ليست برشامة دواء نأخذها مساء فنستيقظ على صباح مشرق جميل، تختفي فيه كل اشكالات الادارة الحكومية وتزداد ضمنه كفاءة الموظف الكويتي وحبه للعمل فيصبح كحال الاعلامية الاميركية جاكي سينروز التي فازت ليلة قبل الامس بـ 266 مليون دولار في اليانصيب الوطني فأصرت على ان تبقى في دوامها الليلي حتى الصباح ثم اعلنت بعد ذلك انها لا تستطيع العيش دون عمل لذا ستبقى في وظيفتها رغم الجائزة.

في عام 1993 اقرت الدولة استراتيجية الخصخصة، وكان يفترض في ذلك الزمن البعيد ان تدور حوارات جادة ومثمرة بين الحكومة ومجلس الامة للاتفاق على خطة طويلة المدى تجدول خلالها القطاعات المراد خصخصتها، فالبعض تتم خصخصته حتى عام 2000 والبعض الآخر في فترة 2000 ـ 2010 وثالث 2010 ـ 2020.. الخ (بدأت الخصخصة في مصر قبل 40 عاماً ومازالت مستمرة حتى اليوم).

وكان من الضرورة بمكان ان يتفق على نوع الخصخصة المطلوبة لكل قطاع (للخصخصة اشكال عدة)، فقطاع الطيران يمكن ان يبقى لاسباب استراتيجية ضمن ملكية الدولة على ان تخصص الادارة فيه عبر عقد ادارة مع شركة طيران متقدمة، القطاع النفطي يمكن ان يكون ضمن نوع آخر من الخصخصة وهي خصخصة ادخال الشريك الاستراتيجي الكفيلة باحضار التقنيات الحديثة التي نحتاجها لاستخراج النفط من المكامن الصعبة في حقول الشمال مع ابقاء الملكية للدولة.

قطاع ثالث يمكن ان يخصص بطريقة الـ «B.O.T» اي استئجار واستثمار وتطوير لحقبة من الزمن ثم عودة الملكية للدولة، قطاع رابع يتم بيعه بالكامل لجهة مختصة ترتقي بأدائه كحال الخدمات البريدية، قطاع خامس عبر الاكتتاب العام وتمليك العاملين فيه جزءاً من الاسهم (القطاعات الرابحة فقط)، وسادس قد يكتفي بتغيير ادارته المترهلة واستبدالها بدماء شابة مقتدرة تمنح صلاحيات كاملة لادارته بنفس منهاجية القطاع الخاص حيث ان الخصخصة هي «وسيلة» لتحسين الخدمة ورفع العوائد المالية للدولة وليست «غاية» بذاتها (تجربة طيران المصرية والاردنية واللبنانية).

وواضح ان شيئا من هذا لم يحدث بسبب انشغال السلطتين الاولى والثانية بعمليات التسخين السياسي المستمرة حتى انتهى الامر بقرار تخصيص «الكويتية» في وقت ترفع فيه الدولة شعار كويت المركز المالي الذي احد متطلباته الرئيسية وجود شركة طيران وطنية تحضر المستثمرين والسائحين من مختلف اصقاع الارض حتى لو تعرضت لخسائر مالية حيث سيتكفل ما يصرفه القادمون للبلد بتعويض تلك الخسائر وهو امر لا يمكن ان تقوم به شركات الطيران الخاصة (لا مانع على سبيل المثال من ان تخسر «الاماراتية» مئات الملايين مادامت تكفلت باحضار سائحين ومستثمرين يصرفون المليارات في البلد).

آخر محطة:

 1 – نرجو الا تصبح الخصخصة وسيلة لاثارة الاحقاد على المخلصين من تجار الكويت صغارهم قبل كبارهم ممن جل ذنبهم انهم لم يقبلوا بالركون للوظيفة المضمونة والراتب الحكومي.

2 – اخبرني احد كبار تجار المواد الغذائية في الكويت بأنهم غير مؤيدين للخصخصة حيث ان لهم تجربة مرة معها فقبل ان تخصص شركة المخازن العمومية كان سعر متر التخزين بدينار، اما بعد الخصخصة فأصبح بـ 6 دنانير فلماذا نشتم حسب قوله على شيء لم نطالب به؟!

سامي النصف

اليونان اليوم.. الكويت غداً؟!

لم يتوقف تحرك مجموعة الـ 26 للتحذير من الهدر الكبير في المال العام والذي ستظهر آثاره المدمرة في الغد كحال اليونان التي قامت حكومتها الاشتراكية بمحاولة ارضاء نقاباتها وموظفيها مما نتجت عنه ديون جاوزت 400 مليار دولار أجبرتها في النهاية على خفض شديد في رواتب الموظفين وزيادة الضرائب وايقاف مزايا التقاعد مما أثار أعمال العنف القائمة هذه الايام.

وكنت أتابع أخبار «فوكس نيوز» يوم الخميس والذي يظهر أسفله مؤشر داو جونز عندما بدأ المؤشر يتحرك كالسحر من خسارة 300 نقطة إلى 400 و500 و600 ولم يتوقف إلا عند خسارته 1000 نقطة خلال دقائق قليلة قبل ان يعاود الصعود قبل الاقفال، وقد ذكر المحللون أن من بين اسباب الانهيار كارثة اليونان التي من المتوقع ان تمتد الى دول ريعية أخرى كاسبانيا وايطاليا وايرلندا والبرتغال وجميعها دول اخضعت قراراتها الاقتصادية لعمليات الترضية السياسية.

ولو تصورنا «سيناريو» مستقبليا شديد «الواقعية» تنخفض ضمنه وبشكل سريع أسعار النفط وتظهر بالتبعية عجوزات ضخمة بالميزانية العامة للدولة التي أثقلتها المطالبات «الشعبوية» المدغدغة من نواب لا يعرفون «ألف باء» الاقتصاد ويرفعون شعار «اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب»، ثم بدأت بعد ذلك الضغوط لخفض سعر الدينار وبدأت معها المنظمات الاقتصادية الدولية بفرض شروطها «المعتادة» للمساعدة وأولها شرط رفع الدعم عن الكهرباء والماء والبنزين والمواد الغذائية، فلن يعطيك أحد ـ حسب منطقهم ـ أموالا لتدعم بها منتجات تبيعها بعشر سعرها.. وساعد نفسك قبل أن تطلب منا أن نساعدك.

ان من شاهد ليس كمن سمع، وقد عشت شخصيا في اندونيسيا (أحد النمور الاقتصادية) 3 أشهر شهدت خلالها تداعيات الأزمة الاقتصادية الخانقة التي أصابتها وأصابت النمور الآسيوية الاخرى أواخر التسعينيات وكيف لم يعد لعملتها الورقية أي ثمن، مما جعل الناس تتطاحن على محلات الاغذية لإخلاء الأرفف من كل شيء، وكيف توقفت حركة الطيران وبيعت العقارات بسعر التراب وهُجرت الفنادق والمطاعم والاسواق وغادر السائحون البلاد وبدأت الاضطرابات السياسية والأمنية فيها.

ان اصل كل تلك المصائب الاقتصادية هو المبالغة في الصرف الاستهلاكي (الذي نعيشه هذه الايام) دون التحوط لما قد يحدث في الغد ودون الانتباه الى ان الكوارث الاقتصادية تأتي على حين غرة، فيصبح الناس سكارى وما هم بسكارى، وواضح ان معضلة مثل تلك سيكون أثرها على بلدنا اكثر فداحة من الدول الاخرى كوننا لا نملك أسس الاقتصاد الحقيقي من منتجات زراعية وصناعية… إلخ، بل نستورد كل شيء ومن ثم سنصبح مرتهنين وملزمين بطاعة وتنفيذ أي توصيات خارجية لتصحيح مسار الاقتصاد.. ولنفعّل ما أتى في تقرير «بلير» بدلا من أن نضرب بتوصياته عرض الحائط.

آخر محطة:

 (1) الحل الناجع لإشكالات الكويت الادارية والاقتصادية لا يكمن في إخفائها تحت سجادة الخصخصة المستعجلة وغير المدروسة، بل عبر العمل لرفع أداء الإدارات الحكومية كي تصبح بمستوى شركات القطاع الخاص الناجحة، ومن ثم رفع مستوى التعليم العام ليصبح مقاربا للتعليم الخاص من إجادة لغات وتقنيات حديثة توفي بحاجات السوق.

(2) حسنا فعل وزير الصحة بإحضار إدارات أجنبية لمستشفياتنا العامة فتلك خطوة أولى في الطريق الصحيح، ونرجو ان يدربوا قبل تسلّم أعمالهم على كيفية تفادي.. «ضرب العُقل» و«حذف النعل» السائدين في مستشفياتنا بسبب التسيب السابق!