سامي النصف

المسلّمات والاستجوابات والأخطاء السياسية

لنبدأ من المسلّمات، وهي عديدة، ومنها ان الغفلة وعدم الاحتراف يسودان مناحي كثيرة من الحياة الكويتية المعاصرة، ومن ذلك ظاهرة قلة المهنية في الحياة السياسية الكويتية، فما ان ترتكب الحكومة خطأ ما حتى تقوم المعارضة لا بتقويمه كما يحدث لدى الدول الأخرى بل تصححه بخطأ أكبر، فإن قامت الحكومة بصرف دينار في غير محله طالبتها المعارضة بصرف 100 دينار في غير محلها كذلك.

ومن المسلّمات ان المعارضة الحكيمة العاقلة هي جزء لا يمكن الاستغناء عنه ضمن أي حياة ديموقراطية سليمة، لذا لا توجد مصلحة لأحد في أن تضعف المعارضة الى حد تعجز فيه عن القيام بدورها، كذلك فمن المسلّمات غير المستغربة ان توجد للحكومات في المجتمعات الديموقراطية أغلبية برلمانية، وإلا فكيف تتم محاسبتها إذا لم يسمح لها بتمرير مشاريعها؟!

ومن الحقائق المدونة في الحياة السياسية الكويتية ان الخبير الدستوري «الوحيد» في المجلس التأسيسي الذي كان يمثل المعارضة ويعكس آراء القوى الوطنية، ونعني د.خليل عثمان، هو من طالب بألا يتعرض سمو رئيس الوزراء للاستجواب حرصا على استقرار الحياة السياسية الكويتية، لذا جعله لا يتقلد حقيبة وزارية أو يتم طرح الثقة فيه كما يحدث في جميع الديموقراطيات الأخرى، ومن ثم فإن الإيمان بروح الدستور وأعرافه يقتضي الالتزام بذلك المفهوم.

وعودة للمسلّمات وما نعرفه من ان تكرار صيحة الذئب يفرغها من معناها في نهاية الأمر، وهو ما تناسته بعض القوى السياسية المعارضة عندما كررت إساءة استخدام آلية الاستجواب والتخويف بها حتى لم تعد تخيف أحدا، ومثلها تكرار صيحة الخوف على الدستور من الحل غير الدستوري حتى توقف الناس عن التجاوب معها.

ان الاستجواب الحالي هو مجرد رفع عتب، فعمليات التلوث البيئي قضية تشتكي منها كل الأمم حتى ان الأمم المتقدمة باتت تقسم مناطقها السكنية الى خضراء وصفراء وحمراء.. إلخ تبعا لمقدار التلوث البيئي مع العمل على تحسين ظروفه وتخفيف ضرره دون القيام بعمليات تثمين وإخلاء وتسخين سياسي، ان حل مشكلة تلوث أم الهيمان عملية مهمة وحيوية ومستحقة لإخواننا هناك ضمن طلب الممكن، ولو أخذنا بنظرية الاستملاك لوجب تثمين الكويت الصحراوية والبترولية من العبدلي حتى النويصيب ونقل شعبنا للعيش في دول المروج الخضراء والقمم البيضاء.

آخر محطة: من المسلّمات والحقائق ألا نقيد أنفسنا بوعود لا نستطيع الإيفاء بها، وألا نعي حقيقة «ان يهزم فريقنا بنتيجة 1 – 0 خير من يهزم بمزيد من الأهداف التي نسجلها في مرمانا».

سامي النصف

لماذا تهاجم إسرائيل سفن الحرية؟

في مثل هذه الأيام من عام 1967 هاجمت طائرات الميراج الإسرائيلية سفينة ليبرتي (الحرية) الأميركية المتوقفة في المياه الدولية مقابل غزة مما أدى إلى مقتل 34 بحارا أميركيا وجرح 171 آخرين، وقد قامت إسرائيل فيما بعد بدفع 3.3 ملايين دولار لعائلات الضحايا و8 ملايين تعويضا للأعطال التي أصابت السفينة الأميركية.

 

هناك رياح أربع هبت على سفن الحرية التي انطلقت قبل أيام من قبرص باتجاه الساحل الفلسطيني مما أدى إلى الكارثة التي حدثت، أولى تلك الرياح هي الزوبعة الإسرائيلية التي تسببت دون مبرر في سقوط الضحايا الأبرياء رغم علمهم بأن العالم أجمع يتابع مسار تلك السفن.

 

ثانية تلك الرياح أننا إذا ما أقررنا بأن إسرائيل بحصارها الجائر وعدوانها هي المتسبب الرئيسي فيما حدث فعلينا وبواقعية شديدة بعيدا عن العواطف المتأججة أن نلوم كذلك الاخوة الفلسطينيين على خلافاتهم وصراعاتهم التي لا تنتهي، والمطلوب بعد هذه الفاجعة ان يتم البحث عن حل مؤسسي للمأساة عبر الرجوع للشعب الفلسطيني لتقرير مصيره وخياراته للفترة المقبلة عبر فتح صناديق الاقتراع وتحديد موعد قريب للانتخابات الرئاسية والبرلمانية وكفى تلاعبا بدموع ودماء الشعب الفلسطيني وكفى إبقاء ذلك الشعب المنكوب رهينة لهذا التوجه السياسي أو ذاك.

 

ثالثة تلك الرياح التي تلاعبت بتلك السفن وتسببت قبلها في غرق تلك القضية مرات ومرات هي الدول العربية والإسلامية القريبة والبعيدة من فلسطين وضرورة تكثيف جهودها هذه المرة لخدمة القضية الفلسطينية لا تسخير تلك القضية لخدمة أجنداتها الخاصة وجعلها بمثابة مخلب القط الذي تستخدمه في حروبها مع الآخرين.

 

رابعة تلك الرياح أو المحاور التي تستحق الحديث عنها بعد أن أعلمتنا الفضائيات أن المشاركين في تلك السفن ينتمون لست دول (الكويت، مصر، الأردن، تركيا، الاتحاد الأوروبي، أميركا) مما يقارب 200 دولة مستقلة في العالم هي همسة تذكير بأننا مازلنا دولة صغيرة جدا وسط عالم متضارب ومتغير المصالح لا نعلم متى نحتاج إلى دعمه وتأييده.

 

فلا يجوز عقلا ومنطقا الا تحدث مشكلة في العالم (الشيشان، أفغانستان، غوانتانامو.. الخ) إلا وكنا أول المشاركين فيها ثم يخرج بلدنا ووزارة خارجيتنا في محاولات التوسط اللاحقة لإخراجنا مما أوقعنا أنفسنا به. إن هناك دولا عربية وإسلامية آمنة وأكبر منا بمئات المرات، (إندونيسيا، باكستان، بنغلاديش..الخ) هي من يفترض أن تتدخل بتلك القضايا بحسب حجمها ونفوذها لا أن تترك تلك القضايا الكبرى لرعايا دولة صغرى كبلدنا.

 

آخر محطة: للمعلومة، لم يسمع شعبنا المحاصر إبان الغزو الصدامي الغاشم والذي قطعت عن العالم اخباره ومنع عنه بشكل تام الغذاء والدواء بشكل أشد وأنكى من أي حالة مشابهة أخرى، بمن أرسل السفن لفك الحصار عنه أو إيصال المعونات إليه، ما سمعناه آنذاك هو مظاهرات حاشدة تطالب صدام بضربنا ـ كالذباب ـ بالكيماوي، يا عيب الشوم.

سامي النصف

أعلامنا ودوامنا

بيض صنائعنا سود وقائعنا

                          خضر مرابعنا حمر مواضينا

لربما هذا هو اشهر بيت شعر عربي على الاطلاق وقد اختلف كثيرون على قائله فمنهم من نسبه للشاعر الجاهلي عمرو بن كلثوم وهناك من ادعى ان القائل هو شاعر عراقي بسيط استخدمه لاقناع الملك فيصل الاول بوضع تلك الالوان ضمن علمه حيث ان الابيض هو شعار الدولة الاموية والاسود الدولة العباسية والاخضر الفاطمية والاحمر العثمانية وللدلالة على الدم الذي سيسفك لاجل القضية الفلسطينية.

والحقيقة ان قائل ذلك البيت هو الشاعر عبدالعزيز بن سرايا السنبسي الملقب بصفي الدين الحلي «1277 ـ 1349م» ولا اعلم لماذا يكره العرب منذ ذاك الحين حتى اليوم تسميتهم بأسمائهم فيخفونها بالقاب مثل ابوفلان وعلان، القصيدة بدأها الشاعر بالقول:

سلي الرماح العوالي عن معالينا

                                   واستشهدي البيض هل خاب الرجا فينا

لا يمتطي المجد من لم يركب الخطرا

                                  ولا ينال العلا من قدم الخدرا

تعمد الدول عند حدوث تغييرات او احداث جسام في تاريخها لتغيير علمها ليعكس الحالة الجديدة، كما حدث في مصر ابان حكم ناصر وبعده حكم السادات، والعراق بعد 58 و63، وسورية وغيرها من الدول، ولا شك ان ألوان العلم الحالي تمثل الحالة الوحدوية والمرحلة السياسية لحقبة بداية الستينيات ولا تعكس خصوصية كويتية كحال ما تعكسه خصوصية اعلام دول مثل السعودية وقطر والبحرين فهل من المناسب ان نعيد النظر في دلالة علمنا بحيث يعكس خصوصية بلدنا ومرحلة ما بعد عدوان عام 90 عبر العودة لعلمنا الاحمر او خلق علم ازرق.. الخ.

في موضوع ومقترح آخر هناك فائض في الموظفين الحكوميين تقابله تعقيدات ادارية وبيروقراطية تحتاج من كل موظف ان يترك مقر عمله لتخليص معاملاته في الدوائر الاخرى وهو ما يتسبب في ظاهرة ازدحام الساعة 11 صباحا الفريدة، لماذا لا يوزع الدوام الحكومي على مرحلتين صباحية لمن يعشق الاستيقاظ المبكر «8 صباحا ـ 2 ظهرا» ومسائية «2 ـ 8 مساء» لمحبي الاستيقاظ المتأخر وبذا نحد من التكدس والبطالة المقنعة ونقلل الازدحام المروري ونزيد من الانتاجية ونمنع عمليات التزويغ من الدوام للنوم او تخليص المعاملات حيث سيتمكن من يداوم صباحا من تخليص معاملاته مساء والعكس صحيح، وفي هذا السياق يمكن كذلك احالة الفائض من الموظفين للعمل في القطاع الخاص لفترة معينة مع تحمل الحكومة لرواتبهم ثم اما ان يبقوا عند انتهاء المدة لدى ذلك القطاع على ان يتحمل رواتبهم او يعودوا لعملهم الحكومي.

آخر محطة:

عودة للقصيدة التي بدأنا بها المقال حيث من الابيات التي قالها الشاعر:

ان العصـافيـــر لما قام قائمـها

                                    توهمت انها صارت شواهينا

انا لقوم ابت اخلاقنـــا شرفا

                                  ان نبتدي بالاذى من ليس يؤذينا

وانتظروا سلسلة مقالاتنا المقبلة ودمتم.

سامي النصف

إجابة السؤال: F16 أم الرافال؟

بسبب كثير من الغفلة وقليل من السذاجة ـ أو العكس ـ استطعنا وبكفاءة كبيرة خلق فرق تدمير شديدة الفاعلية يختص بعضها بالإساءة للعلاقة الكويتية ـ السعودية، وآخر للعلاقة الكويتية ـ العراقية، وثالث للعلاقة الكويتية ـ الإيرانية، ورابع للعلاقة الكويتية ـ المصرية والسورية واللبنانية.. إلخ، وأخيرا للعلاقة مع القوى الكبرى كالولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا ودول الاتحاد الأوروبي التي ندين لها بتحريرنا وبقائنا كي ينتهي الوضع بنا للبقاء وحيدين في العراء.

فالطريقة التي يتم التعامل بها مع مشروع طائرة الرافال الفرنسية به اساءة شديدة للعلاقات مع دولة أوروبية مؤثرة كفرنسا، وفي الوقت الذي نؤمن بأن البعض مخلص في معارضته للصفقة الا انه علينا ان نقر ونعترف بأن تجار السلاح أصبح لديهم في الجيب مشرعون ومختصون يتبنون مشاريعهم ويحاربون حروبهم لقاء مبالغ تدفع وحسابات ترفع، ومن ثم فهي مواقف مدفوعة الثمن لا علاقة لها من بعيد أو قريب بالوطنية أو مصلحة الكويت.

ولنضع بعض الحقائق والمسلمات حتى يمكن من خلالها الوصول الى القرار الصحيح الذي تستفيد منه الكويت ويعزز بقاءها ويمنع الإضرار بشعبها في يوم ما عندما نبحث عن الأصدقاء والحلفاء فلا نجدهم:

1 ـ ان الكويت ليست دولة عظمى سيخلق لها اختيار هذا السلاح او ذاك قدرة عسكرية مسيطرة ومهيمنة تجعلها تتفوق على دول محيطها الجغرافي.

2 ـ ان السلاح لا يقاس فقط بقدراته الذاتية بل بما سيزود به من أجهزة الكترونية وصواريخ متقدمة ومقدار ما تسمح به تشريعات الدول المصدرة بهذا الخصوص، فطائرة أقل قدرة قد تكون أفضل من طائرة أكثر تقدما الا ان تشريعات دولتها لا تسمح ببيع التكنولوجيا المتقدمة لدولنا ومن ثم ننتهي بطائرة «قير ومكينة» كما يقول المثل الشعبي.

3 ـ ان المصلحة الاستراتيجية الكويتية وبقاءنا المستقبلي لا يعززان باختيار هذا السلاح او ذاك بل بالحفاظ على العلاقات الحميمة مع الدول المؤثرة في العالم ولاشك في أن عقد الصفقات الدفاعية معها هو احدى الوسائل الفاعلة للحفاظ على مثل تلك العلاقات.

4 ـ ليس هناك ما يمنع شراء نوعين من الطائرات لسلاحنا الجوي فأغلب القوى الجوية في العالم تمتلك أكثر من نوع ضمانا لها ضد التقلبات السياسية ولخدمة الأغراض المختلفة (الدفاع، الهجوم، المدى القصير والمدى الطويل).

5 ـ هذه المسلمات لا تعني على الاطلاق ان نشتري أسلحة خردة عديمة الفائدة او ان ندفع أثمانا باهظة ومبالغا فيها لها.

وكمثال واقعي لما نقول فقد سبق لمجلس ادارة «الكويتية» المستقيل عام 2007 ان قرر آنذاك شراء 38 طائرة منها 19 طائرة بوينغ 787 المسماة بالطائرة «الحلم» كونها الأفضل من نوعها في العالم وتخدم المسافات المتوسطة والطويلة وبأسعار تنافسية جدا مما أرضى حلفاءنا الأميركان، مع ملاحظة ان شركات صناعة الطيران المدنية هي في الأغلب التي تقوم بصناعة الطائرات العسكرية، ثم اشترينا 19 طائرة ايرباص 320 وهي كذلك الأفضل ضمن الطائرات القصيرة والمتوسطة المدى وبأسعار تنافسية جدا مما أرضى حلفاءنا الفرنسيين، ولم يثبت ان هناك «شعرة» استفادة من تلك الصفقات التي تمت عن طريق شركة مساهمة كويتية، لقد حكمنا آنذاك ضمن مجلس الادارة «الشق الفني» و«الشق السياسي» وتعزيز مبدأ الشفافية والنزاهة حيث اعلنت الأسعار بالصحف كي يمكن مقارنتها بصفقات الشركات الأخرى التي تعلن في وسائل الإعلام فأتى القرار الفني ـ السياسي الصائب الذي يخدم مصلحة الكويت و«الكويتية».

آخر محطة: (1): نسبت الزميلة «الدار» الأحد الماضي لمسؤول في شركة الطيران الوطنية احجامهم عن الدخول في مزايدة تملك «الكويتية» بسبب «تهالك» أسطول «الكويتية» وتحملها لخسائر كبيرة جدا مما يعني أنها استثمار غير مجد، لماذا لا يحاسب من تسبب في إلغاء صفقة شراء الطائرات لـ «الكويتية» والذي كان بمثابة اصدار حكم إعدام بحقها ينتظر فقط التنفيذ.

سامي النصف

على هامش ندوة العمل التطوعي

ندوة العمل التطوعي التي جمعت عدة فعاليات كويتية وفرنسية والتي كان دينمو فعالياتها الشيخة أمثال الأحمد، هي نتاج لفكر كويتي خلاق إذا ما أهملناه فستتخاطفه الدول الأخرى وتنسبه لنفسها – كالعادة – فنحن دائما من يفكر ويبدع والآخر من يستفيد.

خطاب سمو رئيس مجلس الوزراء الذي ألقاه في حفل العشاء الختامي وتحدث فيه بلغة فرنسية راقية وهو باللباس الوطني الكويتي، كان بالفعل إضافة للفعاليات وأظهر أمام رؤساء الجمعيات التطوعية والأكاديميين والإعلاميين أن الكويت ليست نفطا فقط.

لم يوفق أحد الديبلوماسيين العرب في مداخلته حيث أظهر إما أنه يجهل وقائع التاريخ ومثله أصول العمل البروتوكولي، أو أنه يعلم بتلك الأمور إلا أنه أراد إيصال رسالة لبعض مسؤوليه يقصد منها حصد المكاسب الشخصية.. و«ما هكذا تورد الإبل»!

رؤوس الشباب والشابات لا يمكن ان تبقى فارغة لذا إما أن تملأ بالأمور السالبة والمضرة كقضايا التشدد واللامبالاة وإدمان المخدرات واللف بالسيارات، وإما أن تملأ بأشياء موجبة كأعمال التطوع وحب الخير ومساعدة الآخرين والحفاظ على البيئة، والعمل التطوعي في الكويت لا يدعم – للعلم – من الدولة بدينار واحد في وقت يطلب منه أن يلحق بركب الدول المتقدمة التي تهتم بشغل أوقات شبابها بمثل تلك الأعمال الخيرة.

من الأمور التي ذكرتها الأخت الفاضلة أم ماجد حقيقة أن العمل التطوعي مغروس منذ الأزل في وجدان الكويتيين، فمن كان يهدم بيته في الماضي بسبب الأمطار والكوارث الطبيعية يقوم المقتدرون بالتبرع له بالمال وغير المقتدرين بالجهد لذا لم ينم أحد قط في الكويت الفقيرة في الشوارع كما يحدث في كثير من الدول الغنية، كما لم يمت أحد من الجوع في بلدنا حتى في أشد سنوات القحط والنقص في الغذاء في وقت تموت به الملايين في الدول الأخرى بسبب المجاعات، حيث فتح الأثرياء في الكويت مخازنهم للفقراء وفي ذلك رد على من يحاول بث البغضاء والكراهية بين أجيال الحاضر عبر الادعاء الزائف بأن الدائنين كانوا يستولون على بيوت المدينين في الماضي، فمن يتم الاستيلاء على بيته ينام في الشارع فهل نام أحد قط في شوارعنا؟! أوقفوا دعاوى الكراهية الكريهة قبل أن تزيد من فرقتنا.

آخر محطة: لقاء مؤثر عقد مع الطلبة تم خلاله حثهم على ألا يتقوقعوا على أنفسهم بل عليهم خلق صداقات مع زملائهم في الدراسة من الفرنسيين وأبناء الشعوب الأخرى، وتم ضرب عدة أمثلة لهم في كيفية استعانة الكويت ابان محنتها بالعلاقات الشخصية التي أقامها الكويتيون مع الآخرين.

سامي النصف

انطباعات من عند العتبات

أمضينا عطلة الاسبوع الماضي في زيارة استغرقت يوما واحد للعتبات المقدسة في كربلاء والنجف، وقد ضم الوفد كلا من سفير الكويت لدى العراق الفريق علي المؤمن والنائب الفاضل عدنان المطوع وزميلنا صاحب وصفة النجاح لكل تحرك اعلامي وسياسي عدنان الراشد ومدير التحرير الزميل محمد الحسيني، والزملاء د.عايد المناع وحسين عبدالرحمن ود.بدرالخضري ود.عبدالواحد الخلفان والزميلات منى ششتر ومحمود الموسوي وحصة الملا ونادية صقر وشقيقتها ايمان وغيرهم من اكاديميين واعلاميين.

 

بدأت الرحلة بالتوجه بالطائرة للبحرين ثم الانتظار لساعتين وبعدها رحلة استغرقت الساعة ونصف الساعة لمطار النجف، وواضح ان ذلك الجهد يمكن اختصاره واختزاله لو بدأنا برحلات مباشرة من الكويت للنجف ومثل ذلك تسهيل عمليات النقل البري بين البلدين حتى تصبح الكويت بوابة لمثل تلك الزيارات ويمكن العودة لفتح البلاد لمواسم الحج للسعودية كذلك عبر اعادة انشاء مدينة الحجاج التي كانت تنشط الحركة التجارية في الكويت للحجاج العراقيين والايرانيين إبان الستينيات والسبعينيات.

 

إن استراتيجية كويت المركز المالي تفرض علينا فتح الحدود وتغليب الثوابت الاقتصادية على الهواجس الامنية المبالغ فيها، والتي سادت تفكيرنا أمدا طويلا، ولم تمنع شيئا، ان جيران الكويت في المنطقة كالسعودية والبحرين وقطر وابوظبي ودبي لا يملكون تلك الهواجس بل يزورهم الملايين كل عام دون مشاكل وعلاج الصداع لا يتم عبر.. قطع الرأس!

 

بدأت الزيارة بالتوجه لكربلاء التي تبعد ما يقارب 80 كيلومترا والتي يمتلئ طريقها الموصل للنجف بالاستراحات المجانية للزائرين اضافة الى المقاهي والمطاعم والاسواق التي تبقى مفتوحة اغلب الليل مما يزيل اوهام فقدان الامن المرتبط بالعراق، تلك العتبات ومثلها عتبات النجف هي تحف اثرية اسلامية على اعلى طراز، والتنظيم داخلها يقارب الكمال، وهي مفتوحة للشيعة والسنة وغيرهم من الطوائف.

 

ان على من لا يؤمن بزيارة الاضرحة والمقامات الا يزورها، وهذا حق مطلق له، على ان يعطي الحق بالكامل لمن يرى غير ذلك حتى لا يصطدم ليس بالشيعة فقط بل بكثير من منضوي المذهب السني كالصوفية وغيرهم ممن ينتشرون في المنطقة الاسلامية الممتدة من المغرب حتى اندونيسيا مرورا بمصر، ان في الانتقادات المتبادلة إضعافا كبيرا للدين الاسلامي حيث سينشغل المسلمون بعضهم ببعض، فالحكمة الحكمة، والعقل العقل.

 

آخر محطة: (1) ما كان لتلك الزيارة الشعبية التي غطتها وسائل الاعلام في البلدين والتي عززت العلاقات الكويتية ـ العراقية ان تتم لولا الدعم اللامحدود من نائب جهاز الامن الوطني الشيخ ثامر علي السالم ومن وزارة الخارجية ممثلة بالسفير خالد مغامس والنائب د.يوسف الزلزلة والقنصل سالم الشنفا والجندي المجهول الزميل احمد يوسف بهبهاني، والزميل يوسف خالد المرزوق، ومن وزارة الاعلام الكويتية ممثلة في الاخوة خالد العنزي وعبدالحكيم السبتي ومن الجانب العراقي الاستضافة الرائعة، والحفاوة البالغة من قبل السادة عمار واحمد وحسين الحكيم والسيد محمد حسين بحر العلوم والسفير العراقي في الكويت السيد محمد بحر العلوم فلهم الشكر جميعا.

(2) ملأ الزميل حسين عبدالرحمن الطائرة بالقيمر العراقي الممتاز حتى ثقلت وكادت ان تتزحلق بدلا من الاقلاع، وقد وعد بو علي ان يرسل كمية مجانية من القيمر لكل من يتصل به.. والدعوة عامة!

سامي النصف

منتدى باريس وربيع الطائف

أقلنا الطائر الميمون الى باريس للمشاركة في أنشطة منتدى العمل التطوعي الذي تقيمه سفارتنا في فرنسا بالتعاون مع جامعة دوفين وتشارك فيه الشيخة امثال الاحمد رائدة العمل التطوعي في الكويت والعم برجس حمود البرجس ود.انس الرشيد ود.نايف الركيبي والسادة خالد بشارة وعبدالعزيز العنجري وعبدالله الشاهين والسيد حسين القلاف والسيدة رفعة العجمي.

وللعمل التطوعي فوائد جمة منها انه يخلق اهدافا خيّرة للشعوب تجتمع حولها بدلا من تركها تتفرق وتتمزق على معطى مكوناتها السياسية والعرقية والدينية.. الخ، كما يساعد العمل التطوعي على تحسين العلاقات بين الدول حيث ندر ان قامت حروب بين عواصم تحتضن وتفعّل العمل التطوعي داخلها او بين بعضها البعض.

كما يساهم العمل التطوعي في دعم وتعزيز عمليات التنمية المستدامة كونه يوفر على الدول كثيرا من الموارد المالية التي يمكن ان تستخدم في اوجه صرف اخرى، ففي بريطانيا على سبيل المثال يوجد 22 مليون متطوع سنويا يقدمون ما يفوق 90 مليون ساعة عمل ينتج عنها وفر مالي يقارب 40 مليار جنيه استرليني، وقد شهدنا كيف وفر فريق الغوص الكويتي الكثير من الاموال على الدولة عبر مساهمته الفاعلة في التعامل مع كارثة مشرف.

وفي الطائرة كان لنا حديث مطول مع الاخ الفاضل د.نايف الركيبي حول حقبة مهمة من حقب تاريخ الكويت وهي الفترة الممتدة من خريف عام 1990 حتى ربيع عام 1991 بالطائف بعد انتقال الحكومة اليها وكيف تحولت الطائف الى غرفة العمليات الفاعلة التي دعمت عمليات المقاومة العسكرية والمدنية في الداخل وقادت التحرك الديبلوماسي في الخارج حتى اندحر العدوان ورفع العلم الكويتي على ارضنا، وكان للمملكة العربية السعودية قيادة وشعبا دور وموقف لا ينكره الا جاحد او «ناكر جميل».

ومن النقاط التي ذكرها ابوعبدالله وتستحق الاشارة والاشادة والتنويه الموقف التاريخي لامبراطور اليابان الذي كان قد تقدم بدعوة لكثير من قادة الدول للمشاركة في حفل تنصيبه عام 1990 ولكن ما ان حدث الغزو وانتقلت القيادة الكويتية للطائف حتى ارسل الامبراطور مبعوثا شخصيا للشيخ الراحل جابر الاحمد طيب الله ثراه ليجدد من خلاله دعوته لحضور الاحتفال والذي اناب عنه سمو الشيخ ناصر المحمد لحضوره وليبلغ القيادة الكويتية انهم الغوا دعوة الرئيس صدام لاعتدائه على الكويت، اين ذلك الموقف من موقف بعض الدول الشقيقة؟!

آخر محطة: 1 – الشكر الجزيل لسفيرنا النشط في فرنسا السيد علي سليمان السعيد ولطاقم السفارة المكون من السادة بدر العوضي ومحمد الجديع ومحمد حياتي ومحمد الشملان وفهد المضف وحسن كايد والسيدة هناء عبدالعزيز حسين ود.فايز الكندري ود.مشعل جوهر حياة على كرم الضيافة وحسن الاستقبال.

2 – ليس لدينا ما نخجل منه في تاريخنا لذا نكرر الدعوة لتشكيل لجنة دائمة لكتابة تاريخ الكويت على ان يتضمن تفاصيل اعمال حكومة الطائف المهمة.

سامي النصف

لا تمسّوا الهيبة ولا تخدشوا القضاء

السلطات في الدول هي أقرب للخيام التي تظلل على الناس فتحميهم من الحر والقر والشر، ولن تظل تلك الخيام الواقية باقية متى ما تسابق البعض منا على كسر أعمدتها ونزع أوتادها وقطع أحبالها وتمزيق نسيجها حتى ينتهي المطاف بنا إلى ما هو قائم في بعض الدول من دم يجري وخراب يسري.

 

إن هيبة السلطة هي الركن الاساسي في استقرار الأوطان، لذا فمن يريد الإضرار ـ بقصد أو دونه ـ بدولة من الدول أو شعب من الشعوب، يعمد لتشجيع سفهائها على عقلائها وتشجيع العامة على التطاول والتعدي على القانون تحت ألف ذريعة وذريعة، وطريق جهنم ـ كما يقال ـ مليء بأصحاب النوايا الحسنة وأصحاب النوايا السيئة كذلك.

 

ومن شروط الحفاظ على الخيمة التي تظللنا احترام مرافق القضاء تطبيقا لمواد الدستور، الذي تنص المادة 162 منه على أن «نزاهة القضاة وعدلهم أساس الملك وضمان للحقوق والحريات»، وفي المادة 163 «لا سلطان على القاضي في قضائه ولا يجوز التدخل في سير العدالة»، كما تنص المادة 166 على أن «حق التقاضي مكفول للناس» ولم تخرج المسؤولين من هذا الحق، بينما تنص المادة 167 على ان «النيابة العامة تشرف على شؤون الضبط القضائي..» إلخ. وواضح ان التجمهر على معطى قضية معروضة على القضاء فيه تجاوز على الدستور لكونه تدخلا في اختصاصاته ومحاولة للضغط عليه.

 

وفي هذا السياق فقد أتت الانباء من القاهرة بتأييد محكمة الاستئناف هناك حكم المحكمة الابتدائية بسجن محرر ورئيس تحرير صحيفة مصرية لمدة عام كامل مع الشغل والنفاذ كونهما تسببا في الاساءة لسمعة فنان مصري، ولم يحتجّ أحد على الحكم أو يتظاهر أو يدع ان به مساسا بحرية الرأي التي تنتهي كما هو معروف عند المساس بالآخرين.

 

وأحد الاشكالات التي سببت الاشكال الحالي اعتقاد خاطئ لبعض الصحافيين ان للآخرين ان ينتقدوا الوكلاء والوزراء، أما هم فمكانتهم أعلى من مكانة زملائهم، لذا يحق لهم ما لا يحق لغيرهم من توجيه الخطاب والسهام والاتهام لكبار المسؤولين، فهذا ما يرون انه المكانة اللائقة بهم، وهذا وهم وفهم خاطئ لدور الاعلامي والاعلاميين.

 

ان استخدام الجمهور للتجمهر نصرة لشخص ما دون غيره متى ما خالف القوانين أو تعدى على الآخرين به قفز كذلك على مواد الدستور وروحه التي تحث على المساواة بين الناس (المادة 29 وغيرها)، كما أن به تفخيما وتمييزا لبعض البشر وجعلهم أقرب للانبياء والرسل المعصومين عليهم السلام، كما أنه به مدا للحصانة البرلمانية من نواب الشعب الى جمع مختارين من ابناء الشعب، وليس ذلك من الديموقراطية في شيء.

 

آخر محطة: (1) نرجو أن تكون هذه المرة الاخيرة التي يتم الحديث فيها عن قضايا مازالت منظورة أمام مرفق القضاء الشامخ.

(2) لنا أن نتباين في الآراء، إلا أن‍ علينا أن نتفق على المعلومات التاريخية الثابتة، ومن ذلك ما أخبرنا به المحامي المخضرم مصطفى الصراف من أن نظرية بقاء 3 دول عربية في الخليج قال بها في السبعينيات أحد وزراء الاعلام الكويتيين البارزين وتناقلتها الصحف آنذاك، أي ان مصدرها محلي، لا شرقي ولا غربي كما يُدعى.

(3) وذُكر في إحدى صحف أمس ان احد الزملاء المبدعين والذي بدأ قبل مدة الكتابة بجريدة «الدستور» المصرية هو أول كويتي يكتب مقالا في الصحف هناك، وللمعلومة بدأت كتابة مقال أسبوعي عنوانه «كل أحد» في جريدة «الأهرام»، المصرية منذ خريف عام 2002 وتوقفت في ربيع 2003 بعد السقوط المفرح والمفجع لنظام صدام حسين في بغداد، كما كتب الزميل فؤاد الهاشم ـ كما أذكر ـ في صحيفة «الأخبار» المصرية، وهذا للتاريخ فقط.

(4) اختفى دون «احم أو دستور» قلم الزميل محمد مساعد الصالح بسبب المرض، نرجو الصحة والسعادة لأبي طلال والعودة سريعا لقرائه ومحبيه، فقدر الكتابة الساخرة في الكويت يقف على ثلاثة: الصالح والهاشم والوشيحي، وع‍لى الباقي الاعتزال، فدم البعض منهم لا يجاريه في ثقله إلا… الزئبق والحديد..!

سامي النصف

الشباب وسط الضباب

في خضم الصراعات السياسية «الماسخة» التي تحتل كل أو جل اهتمامات الإعلام المحلي والتي تفرّغ لها أغلب برامج الهواء الساخن الحوارية، التقيت قبل أيام بمجموعة من الشباب والشابات الكويتيين ممن تم تسريحهم من شركات القطاع الخاص وأصبح المستقبل مظلما ومؤلما بالنسبة إليهم ومنهم من يعول أسرا وأبناء وعليهم التزامات مالية عديدة.

وأول شكاواهم أن عدم محاسبة الأجهزة الرقابية لأعمال الشركات الخاصة المسؤولة عنها، كحال جميع الدول الأخرى، أدى إلى خسائر ضخمة لم يحاسب عليها من تسببوا فيها بل سمح لهم ـ حسب قولهم ـ بتسريح من لا ذنب له في تردي أداء تلك الشركات الخاصة وشبه الحكومية التي تملك الحكومة ملكيات مؤثرة فيها، والغريب كما يذكرون ان بعضا من تلك الإدارات قامت بزيادة رواتبها ووظفت غيرهم.

ومما قاله من التقيتهم ان البعض منهم لا يريدون العودة للعمل الحكومي المترهل، لذا حاولوا التوجه لنظام المبادرة الفردية فوجدوا الشروط التعجيزية غير الموجودة في الدول الأخرى تنتظرهم، فمطلوب منهم على سبيل المثال 10 آلاف دينار كثمن لدراسة الجدوى الاقتصادية لمشروعهم (!)، ثم تفرض عليهم مشاركة الطرف الحكومي بـ 55 إلى 80% من المشروع، اي يصبح ذلك الطرف هو صاحب القرار الأول في المشروع (!) كما يفرض عليهم، إن نجح المشروع بعد تلك الشروط التعجيزية، ان يشتروا حصة الطرف الحكومي، لا عبر دفع ما دفعه مع نسبة ربح، بل بالقيمة السوقية لتلك الحصة، اي معاقبة المستثمر بسبب نجاح مشروعه، او فرض بقاء شريك مترهل لا يعمل شيئا.

وتخبرني سيدة منهم انها حاولت اللجوء لنظام العمل من المنزل والبيع والشراء عن طريق الإنترنت لسلع مختلفة، وهو أمر تسمح به الدول الأخرى وتمنح الرخص الخاصة به، إلا أنها اصطدمت بالتشريعات الحكومية البالية التي لا تسمح بذلك العمل، كما أن المؤسسات المالية والبنوك تتقاضى عمولات ضخمة غير مبررة على عمليات التحصيل المالي لما يتم بيعه، في وقت لا تخصم فيه بنوك الدول الأخرى إلا مبالغ زهيدة لتشجيع مثل تلك الأنشطة.

وفي هذا السياق تقوم الصناعة في الدول الأخرى على مواد أولية باهظة الثمن كالأخشاب وغيرها، وللمعلومة الكويت هي الأكثر انتاجا في العالم للمواد الخام المختلفة وبأسعار «مجانية»، فالزبالة الكويتية ثرية وممتلئة بتلك المواد التي يمكن استخدامها لإنشاء صناعات تحويلية وإعادة تصنيع يقوم بها الشباب، فالمواد الغذائية يمكن تحويلها عبر نظام المبادرة الفردية الى اسمدة عضوية، والجرائد الى اوراق بيضاء وعلب المشروبات الغازية الى ألمنيوم، وقناني الزجاج الى صناعة الزجاج، ومثل ذلك التواير وحديد السيارات.. إلخ.

ومما يساعد الشباب والشابات ويساعد الاقتصاد ويساعد الحكومة ويساعد ويدعم بشكل أساسي مشروع «كويت المركز المالي» ويحوله الى حقيقة قائمة، تطوير القطاع الحكومي (لا الخاص) الى ما هو قريب لا نقول في الدول المتقدمة، بل فقط في الدول الخليجية الأخرى، فلن يأتي مستثمر واحد يجد أن معاملة في الكويت تستغرق 6 أشهر لإنجازها لا تأخذ إلا 6 دقائق لدى الدول المجاورة. إن تطوير القطاع الحكومي يجب أن يسبق عمليات تخصيصه وبيعه.

آخر محطة:

زرت واللواء جاسم المنصوري مدير عام الإطفاء قبل مدة مركز المعلومات والتوثيق في الهيئة العليا لتطبيق الشريعة والتقينا هناك بكفاءة كويتية نادرة ممثلة في السيد عبدالرحمن الناصر مدير المركز، وقد ذهلنا مما رأينا، خطة التنمية وتطوير العمل بالقطاع الحكومي ومشروع الحكومة الإلكترونية في حاجة ماسة لإبداع السيد الناصر وعقليته الخلاقة، ولن تندم الجهة التي تستعين به.

سامي النصف

لقاء معرفي في دار آل معرفي الكرام

حضرنا بالأمس لقاء وحفل غداء في دار آل معرفي العامرة في منطقة الدسمة على شرف وزير الدولة العراقي لشؤون مجلس النواب السيد صفاء الدين الصافي والذي كان ضمن مكرمي خريجي جامعة الكويت والذي تربطه ببلدنا علاقات وثقى حيث كان جده احد المساهمين الكبار في بناء سور الكويت، كما انه متزوج من كويتية وقد سبق له العمل في مكتب المحامي مصطفى الصراف ومستشارا قانونيا للمرحوم مبارك الحساوي.

 

حضر اللقاء المعلوماتي والمعرض جمع من الوزراء السابقين والساسة والأكاديميين والإعلاميين وقد افتتحه الصديق موسى معرفي الذي رحب بالضيوف ثم ترك المجال للضيف حتى يتحدث بحرية مطلقة يتبادل مع الحضور الآراء التي لا تمثل وجهة نظر رسمية او حتى شخصية وهي خلاصة لما يدور لدى بعض النواب والكتاب العراقيين أملا في فهم افضل يؤدي بالتبعية إلى فهم افضل بين البلدين.

 

ومما ذكره الضيف الكريم ان البعض في العراق يرى أن الواقع الحدودي الذي خلقه او ارتضاه صدام أصبح «يخنقهم» خاصة انه يلزم السفن المتجهة إلى ميناء ام قصر العراقي، برفع العلم الكويتي وإخضاعها للتفتيش، كما عرج على حادثة الطائرة العراقية في لندن التي رأى أنها أضرت كثيرا بسمعة الكويت في الشارع العراقي دون ان تكسب منها الكويت شيئا حيث ان الطائرة مستأجرة ولا يمكن الحجز عليها، كما ان مطاردة مدير عام «العراقية» ومحاولة القبض عليه ومنع سفره كانت مذلة وزادت الامر سوءا وتساءل عن المسؤول عما حدث؟

 

تبادل الضيوف الكويتيون الرد على ملاحظات الوزير العراقي وقد استكملنا الحديث معه على طاولة الغداء، ومما قلناه ان الحدود بين البلدين قد خُطّت من قبل خبراء وجهات «محايدة» هي الأمم المتحدة والمجتمع الدولي وتحت البند السابع في وقت لا يجري الحديث في العراق عن حدود اخرى للعراق اكبر واكثر اهمية من حدودنا تنازل عنها صدام بشخطة قلم ودون العودة إلى أطراف محايدة.

 

كما أوضحنا ان الحديث بنهج ضغط الأخ الأكبر على الأخ الأصغر هو نهج صدامي دون صدام ويجب على اخوتنا في العراق الحذر الشديد ممن يسوقون له حيث ان اكثر المتضررين من سيادة ذلك المنطق هو العراق ذاته الذي لديه اشكالات حدود تاريخية تشمل ألوية ومياها مع دول أكبر منه كثيرا، وان منفذ العراق على الخليج ونعني الممر المائي لميناء ام قصر العراقي اما انه واسع وعميق او ضيق وضحل وفي كلتا الحالتين لن يتغير واقع ذلك المنفذ حال تغيير ملكيته من العراق للكويت أو العكس وأبديت شكي في لزومية رفع السفن المتجهة إلى العراق للعلم الكويتي «وما الضرر؟» حيث ان قوانين اعالي البحار تفرض رفع علم البلد الذي تتجه إليه السفن.

 

كما أوضحت ان الحديث عن حاجات جيوبوليتيكية للدول هو طريق ذو اتجاهين فكما يطالب العراق بمنفذ اكبر على الخليج وهو الذي يملك اساسا ذلك المنفذ فيحق للكويت في المقابل ان تطالب العراق بأن يمنحها مساحات شاسعة من ارضه حتى يكون لها مطل ومنفذ على مصب المياه العذبة في شط العرب يمنع موتها عطشا عند انتهاء عصر البترول الذي يشغل محطات تقطير المياه وأعدت للذاكرة حقيقة ان الموانئ الكويتية هي التي أفادت العراق إبان حربه الطويلة ولو كانت تلك الموانئ ترفع العلم العراقي لأغلقت كحال موانئه الأخرى.

 

ومما نقله الوزير العراقي ان هناك من يقول ان الكويت هي التي ساعدت نظام صدام إبان حرب الثماني سنوات لذا يحق للشعب العراقي طلب التعويض منها على ذلك الموقف، وقد ذكّرت الوزير الفاضل بمقولته قبل ذلك بأن شيعة العراق وهم من يمثلون الاغلبية هم من حارب ايران طوال تلك الحرب دفاعا عن وطنهم وعروبتهم وقلت ان الكويت كانت ضمن الـ 197 بلدا التي وقفت مع العراق ومع الشرعية الدولية، لا مع صدام، ومن الذي يجيز الاستفراد بالكويت في طلب مثل تلك التعويضات غير المسبوقة في التاريخ وترك الدول الكبرى التي زودت العراق آنذاك بالأسلحة والطائرات والدبابات؟ لأن في ذلك عودة مرة أخرى لنهج الأخ الكبير والأخ الصغير المدمر.

 

آخر محطة: (1) تطابقت مناصب الوزير العراقي (دولة لشؤون مجلس النواب، تجارة، عدل) مع الوزارات التي تقلدها احد الحضور وهو الوزير السابق أحمد باقر.

(2) تعقيبا على مداخلة الإعلامي يوسف الجاسم الذي أسعده ان اسم الوزير صفاء الصافي حتى يكون الحديث اكثر شفافية أجابه الضيف بأن لديه ابنة اسمها صفوة صفاء الصافي، لذا فهي أكثر شفافية من حيث المسمى.