سامي النصف

تأجيج النيران بدلاً من إطفائها

خبران مؤسفان طيرتهما وكالات الأنباء يتعلقان بشابين كويتيين متقاربين في السن فرقت بينهما التوجهات السياسية وجمعتهما ظروف الاحكام القضائية الصادرة ضدهما، اولهما الشاب فوزي العودة الذي رفضت محكمة الاستئناف الاميركية الافراج عنه، والثاني هو الشاب خالد الفضالة الذي صدر حكم ابتدائي من محكمة كويتية بسجنه 3 أشهر وتغريمه 150 دينارا.

في الحالتين ذهب الشابان ضحية من حرض وأجج وبقي آمنا في بيته ووسط اهله، وكان الافضل في الحالتين لو تم الاقرار بالخطأ والاعتذار عنه بدلا من الاصرار على انكاره وهو ما لا يترك للقاضي الاميركي او الكويتي مجالا للاخذ بعوامل الرأفة والرحمة.

واذا كنا لا نملك الدلالة على ما يحدث في اميركا التي تبعد عنا آلاف الاميال، ففي المجال متسع للحديث عن قضية امين عام التحالف الوطني، فليس فيما هو قائم ما يسر القلب، فلا فائدة لسمو رئيس الحكومة من التباين مع اي تيار سياسي قائم على الساحة السياسية الكويتية، كما ليس في دخول خالد الفضالة السجن ـ رغم ما يقوله المؤججون ـ اي مصلحة شخصية او سياسية له، اي اننا في النهاية امام قضية يقوم معطاها على مبدأ خسارة ـ خسارة للطرفين وخسارة لطرف ثالث هو سمعة الكويت الدولية.

ان التعامل مع نار الازمات ـ التي لها مستفيدون كثر في الكويت ـ لا يتم عبر ترك الباب مفتوحا على مصراعيه لمن يسكب الوقود عليها كما يحدث هذه الايام، بل يجب ان يتدخل الحكماء والخيرون من اهل الكويت للوصول الى حل يرضي الطرفين ويحيل المعادلة القائمة الى ربح ـ ربح عبر اعتراف المخطئ بخطئه والتراجع عنه وقبول الطرف الاخر بشكل ابوي بذلك التراجع عن التهم التي لا يصدقها احد وفتح صفحة جديدة بعد ذلك.

ومن المسلمات التي يتم القفز عليها حقيقة ان حديث السيد خالد الفضالة لا يمثل ذاته بل يفترض ان يعكس رأي التيار السياسي الذي يعمل امينا عاما له، وواضح ان ما ارسل من تهم لا يمثل اطلاقا ذلك التيار المتواجد بشكل واضح على الساحة السياسية الكويتية بدليل ما نراه من وقوف ممثلي التيار في البرلمان ضد الاستجوابات التي قدمت للحكومة القائمة.

آخر محطة:

(1) بودنا ان نسمع اليوم قبل الغد عن تسوية تضع مصلحة الكويت نصب اعينها تقوم على هدى الآيات الكريمة (ادفع بالتي هي احسن فاذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم) و (فمن عفا وأصلح فأجره على الله).

(2) بالمقابل نعتقد ان احد اهم الدروس السياسية للسيد خالد الفضالة هو حقيقة ان التراجع عن الخطأ خير من التمادي فيه والاصرار عليه، كما ان الاعتذار هو قيمة انسانية رائعة نود ان تعزز في القاموس السياسي الكويتي بدلا من قيم العند والمكابرة وان تأخذنا العزة بالاثم!

سامي النصف

لقاء مع نائب الرئيس السوري

شاركنا بالأمس في الملتقى الإعلامي السوري – الكويتي الأول الذي عقد في دمشق ونظمه الإعلامي الناجح منصور العجمي وشارك به وزراء ونواب وإعلاميون من البلدين الشقيقين، كما تابع أعماله واحتفى بضيوفه سفيرنا الشاب في سورية الزميل عبدالعزيز الديحاني.

زرنا كوفد إعلامي – نيابي كويتي نائب رئيس الجمهورية السورية د.فاروق الشرع الذي أثنى على فكرة الملتقى وتمنى ديمومته، وأعاد الى الأذهان علاقته الشخصية التاريخية بصاحب السمو الأمير حفظه الله، شاكرا لسموه دوره الفاعل في تحقيق المصالحة العربية إبان القمة الاقتصادية التي عقدت في الكويت، كما استذكر ان سورية لم يحدث لها إشكال قط مع دولة الكويت.

ومما ذكره نائب رئيس الجمهورية السورية أن اسرائيل فقدت كثيرا بتعديها على قافلة الحرية التي حرص منظموها على استبدال حتى سكاكين المطابخ بسكاكين بلاستيكية لمنع أي مبررات للعدوان، وأضاف أن أول ما فقدته إسرائيل بتلك العملية هو دعم حلفائها التاريخيين الذين لم يجدوا مبررا لذلك الاعتداء الدموي على سفن معزولة السلاح وأن ذلك الاعتداء سيساهم في سقوط الحصار الظالم على غزة.

واستطرد د.الشرع بالقول ان سورية تقف دائما ضد الاحتلال ومع الشرعية الدولية في كل مواقفها ومن ذلك وقوفها التاريخي ضد العدوان الصدامي على الكويت عام 90، ومطالبتها الدائمة بأن تطبق إسرائيل القرارات الدولية وعلى رأسها القرار 242 الذي ينص على انسحاب اسرائيل من الأراضي التي احتلت عام 67 ولا شيء أقل من ذلك.

وفيما يخص الجولان المحتلة والمسار السوري وما إذا كان منفصلا أو متحدا مع عملية السلام الشاملة بالمنطقة، ذكر د.الشرع ان بلده لن يمانع على الإطلاق فيما لو قررت إسرائيل وعبر المفاوضات الثنائية إرجاع الجولان المحتلة، إلا أن على إسرائيل استيعاب حقيقة أن السلام لن يحل بالمنطقة دون حل عادل للقضية الفلسطينية يشمل عودة اللاجئين وإنشاء دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس، وإزالة المستوطنات.

رغم وفرة مشاغل نائب الرئيس السوري د.فاروق الشرع إبان غياب الرئيس د.بشار الأسد في جولته اللاتينية والأوروبية فإنه كان متباسطا وودودا للغاية مع الوفد الكويتي ورفض إنهاء اللقاء قبل الإجابة عن جميع أسئلة الوفد، كما اتسمت إجاباته بالصرامة الشديدة وعدم المجاملة، وقد أثنى خلالها على المواقف التركية مطالبا الدول الخليجية والعربية بزيادة تبادلها التجاري مع أنقرة ومذكرا بأن دعم دولنا العربية للغرب إبان أزمته المالية الأخيرة لم ينتج عنه تغيير إيجابي في سياسته بالمنطقة.

آخر محطة:

(1) ضم الوفد الكويتي الذي التقى نائب الرئيس السوري كلا من رئيس مجلس الأمة بالإنابة د.محمد الحويلة وفيصل القناعي أمين سر جمعية الصحافيين ومنصور العجمي منسق عام الملتقى ووزير الإعلام الأسبق محمد السنعوسي ود.سليمان العسكري وعبدالعزيز السريع والزملاء دهيران أباالخيل ود.نرمين الحوطي وبدر عبدالعزيز وجاسم التنيب وزيد السربل ومبارك القناعي.

(2) العزاء الحار لأمة الإسلام جمعاء بوفاة المرجع الديني الكبير السيد محمد حسين فضل الله، للفقيد الرحمة والمغفرة ولأهله وذويه ومقلديه الصبر والسلوان. إنا لله وإنا إليه راجعون.

سامي النصف

يوم في مجمع الوزارات

اشتهر عن الاخوة ماركس تمثيلهم في الثلاثينيات سلسلة أفلام كوميدية فاقعة اللون سميت بسلسلة (يوم في …) أي يوم في الأوبرا ويوم في السيرك ويوم في حلبة السباق ويوم في كازابلانكا.. إلخ، ظننت أن تلك السلسلة الفكاهية قد انتهت، حتى أمضيت قبل أيام أياما في مجمع الوزارات ظننت خلالها أن روح الاخوة ماركس قد عادت لتنشر الكوميديا السوداء في أروقة ذلك المجمع الذي هو كالقدر المحتوم لابد أن يزوره ذات يوم كل مواطن ومقيم.

اقترحنا قبل سنوات ونقترح مرة أخرى البدء في إنشاء إما مجمعات وزارات مصغرة في كل محافظة (توسعة وتعميم فكرة الحكومة مول) أو خلق مجمع وزارات جديد أكبر وأضخم من القائم يبنى في منطقة جنوب السرة أو جنوب الدائري السادس، ولهذا المقترح فوائد عدة منها تخفيف الازدحام المروري، حيث ستنقسم الحركة المرورية في الصباح ليتجه العاملون في القطاع العام الى خارج العاصمة والقطاع الخاص الى داخلها والعكس صحيح عند الظهيرة.

ويجب أن يبنى بالقرب من المجمع المقترح مجمع صغير للتأهيل والتدريب على الكمبيوتر وعلوم الإدارة الحديثة يرسل إليه الموظفون الجدد وحتى القدامى بين حين وآخر لتطوير العمل الاداري الحكومي فلا يمكن تصور قدوم مستثمرين ومطورين الى كويت المركز المالي في ضوء الترهل الشديد بالعمل الإداري الحكومي وسيادة مقولة «راجعنا بعد شهر» في حين تنتهي مثل تلك المعاملات لدى الجيران في دقائق قليلة.

ومن الضرورة بمكان إنشاء عدة مواقف سيارات متعددة الأدوار في المناطق المحيطة بالمجمع الجديد، فقلة المواقف القائمة تجعل من زيارة مجمع الوزارات الحالي ـ أو حتى العمل فيه ـ مشكلة ضخمة، وقد يقترح البعض في هذا السياق بناء فندق ملاصق للمجمع ينام فيه المراجعون لأيام وأسابيع حتى انتهاء مراجعتهم أو حتى الموظفون عندما يغلبهم النعاس.

إن المنبع الرئيسي للتشاؤم والتذمر الدائم والشعور المعادي للحكومة أحيانا هو ما يجري في الوزارات والمؤسسات الحكومية، فإن أردنا تصحيح وتقويم ذلك الشعور التشاؤمي العام الذي تتهم به عادة الصحافة رغم أنها لا تخلق واقعا بل تعكس ما هو موجود، فعلينا أن نرتقي بالأداء العام للدولة كي ندعم ونعزز روح التفاؤل. والحديث ذو شجون.

آخر محطة:

1 ـ نرجو أن يقوم الوزراء والوكلاء بتخصيص نصف ساعة لا أكثر لزيارة الطوابق السفلى من وزاراتهم لتكوين رؤية حقيقية وواقعية لما يحدث يوميا لعشرات آلاف المراجعين ممن يتعرضون للخطأ والكسل والإهمال ولا نقول الإذلال دون وجود إدارات حقيقية تتعامل مع شكاواهم.

2 ـ يمكن كذلك بناء تمثال رمزي ضخم يعكس حقيقة المرحلة ويمثل نائبا يلبس البشت ويجر خلفه عشرين مواطنا لتخليص معاملاتهم، ويتم التعهد بهدم ذلك التمثال عند البدء الحقيقي بمشروع الحكومة الإلكترونية الذي أصبح كبيض الصعو الذي يسمع به الجميع.. ولا يراه أحد.

سامي النصف

في ختام دور انعقاد ساخن

يمكن وبحق تقسيم نواب مجلسنا الموقر إلى «نواب الحاضر» ممن يصوتون بشكل دائم مع أي مقترح فيه هدر للميزانية العامة للدولة حيث ان شعارهم هو «الديرة رايحه فيها فخُذْ ما تاخذ»، يقابلهم «نواب المستقبل» ممن يحرصون على توفير الفلس الأبيض لليوم الأسود.. القادم لا محالة في يوم من الأيام، كما حدث للدول الأوروبية فاحشة الثراء ومتعددة مصادر الدخل!

هل نذكّر بعض النواب الأفاضل بأن الأحكام المشددة في قانون المطبوعات هي من صنع أيديهم عندما اشتكوا من غرامة الـ 50 دينارا الشهيرة وان من يتعرض لهم من الكتّاب وغيرهم لا يصيبه ضرر، وقد تجاوبت الحكومة معهم فصدر قانون مطبوعات ذو أسنان حادة وأنياب فلم الشكوى من تشريع طلبتموه و.. «خبز خبزتيه»؟!

في الدول الأخرى يصحح الخطأ بالصواب، في الكويت يصحح الخطأ بخطأ آخر، من يطالب باستبدال عقوبة السجن بالعقوبات المالية المغلظة ضد الكتّاب ينسى ان الإعلاميين ليسوا من طبقة الأثرياء، وان وكثيرا منهم يفضل السجن على عقوبات مالية باهظة تفلسه وقد تضطره الى بيع بيته والإضرار بأهله.

الإيمان بدولة المؤسسات ومبدأ فصل السلطات كما أتى في المادة 50 من الدستور يعني القبول بالأحكام الصادرة من السلطة القضائية وبقضية حرية التقاضي مع ضرورة عدم توسع الحكومة بها من جانب، وان يعي البعض منا خطورة التهجم على الآخرين مسؤولين كانوا او مواطنين دون مبررات او أدلة.

بودنا ألا تترك قضية سمو رئيس مجلس الوزراء ضد أمين عام التحالف الوطني للمزايدين والمؤججين وان تحل القضية خارج قاعات المحاكم بين أب وابنه وأن يكون في القضايا التي رفعت والأحكام التي صدرت درس بليغ في التفريق بين النقد البنّاء المقبول والتعدي الشخصي المرفوض كليا، فالسلطة هيبة وليعلم من يحاول كسر تلك الهيبة انه سيكون أول من يدفع الثمن عندما تعم الفوضى ويتفشى التعدي وتسود شريعة الغاب في البلد.

آخر محطة:

تتعلم التوجهات السياسية الراقية مما يقع لها من أحداث، بودنا من الاخوة في التحالف الوطني ان تكون لهم وقفة بعد انتهاء القضية القائمة وان يخلقوا حوارا جادا وواجبا مع مؤسسي التحالف. وللحديث بقية.

سامي النصف

أفضل موقع وأحسن جيران

في عهد الإنجاز الكويتي لم يشتك احد قط من الموقع أو من الجيران، بل اعتبر موقعنا قيمة مضافة ساعدت على بقاء وديمومة الكويت في وسط صحراء قاحلة هي الأسخن في العالم، حيث لا زرع ولا ضرع، الشكوى من الموقع والجيرة بدأت عندما تخلفنا عن الجيران وأصبحنا نبحث عن شماعة نلقي عليها تقاعسنا واخطاءنا.

وللتذكير، عند تقدمنا لم يتردد الجيران الأحبة في الاعتراف بذلك التقدم والاستفادة منه بقضايا التعليم والصحة والرياضة والصناعة والاقتصاد والفنون والآداب والإعلام وإنشاء الجامعات وغيرها، إلا انهم لم يتوقفوا عند ما تعلموه منا، بل جعلوه أرضية صالحة ليبنوا فوقها حضارة بهرت العالم، ولا يحتاج الأمر إلا أن نفعل ما فعلوه كي يتحول موقعنا الجغرافي من اعاقة كما ندعي الى اضافة كما ينبغي.

فلم نعد بحاجة هذه الايام للسفر آلاف الأميال لنطور ذاتنا وبلدنا حيث اصبحت جميع تلك الامور بفضل موقعنا المميز على بعد دقائق بالطائرة أو سويعات قليلة بالسيارة، وقد كنا نلوم بعض الاخوة العرب على نظرتهم الفوقية للإنجاز الخليجي الباهر وان في تلك النظرة الخاطئة عدم تعلم من التجربة الخليجية، وحان الأوان كي نلقي بنفس اللوم على أنفسنا بالكويت.

ان من يريد تطوير التعليم او الصحة يمكن له ان يزور هذا الجار الخليجي او ذاك، والحال كذلك في جميع نواحي الحياة الأخرى كالزراعة والصناعة والبتروكيميكال والأنظمة الإدارية المتقدمة والمرورية والجامعات والمستشفيات التخصصية والمراكز المالية والمنشآت العمرانية والمناطق الحرة وعلوم الطيران حيث توجد افضل واكبر 3 شركات طيران في العالم بالخليج (كما افتتح قبل ايام اكبر مطار في العالم بدولة الامارات) والفضائيات الإخبارية والصحافة الدولية.. إلخ.

ومن الخطوط العريضة الى ادق التفاصيل، حيث نجد ان الدول الخليجية اصبحت محط انظار العالم اجمع في انشطتها السباقة المختلفة من حفاظ على البيئة واستخدام أمثل للطاقة البديلة وترشيد للكهرباء والماء (بعض دولنا هي الأقل في العالم من حيث هدر الشبكات)، والشفافية الاقتصادية والحرص على التراث والعناية الفائقة والمميزة بالأماكن المقدسة، واما الجاران الآخران لنا ونعني العراق وإيران، فيمثلان اسواقا ضخمة يتجاوز عدد سكانها 100 مليون نسمة ويحسدنا كثيرون على جوارنا لهما.

آخر محطة:

(1) كتب د.باسيليس تسونيس نائب رئيس الاتحاد الأوروبي مقالا أسماه «اسألوا دبي كيف تُدار الديون» أثنى فيه بشدة على طريقة تعامل دبي مع ديونها وختم مقاله بنصيحة بليغة لدول الاتحاد الأوروبي قال فيها ان عليهم ان يتعلموا درسا من العمل الممنهج في الإمارات.

(2) مع الأيام الأولى لتدمير مبنى التجارة في نيويورك عام 2001 قرر حاكم الولاية رودي جولياني وخلفه الحكومة الفيدرالية، ان الرد الامثل على الارهاب يكمن في سرعة اعمار ذلك المبنى، وفي عام 2005 قررت دبي بناء اعلى برج في العالم، وقبل مدة قصيرة افتتح ذلك المبنى الفريد بارتفاع 124 دورا بينما مازال مبنى التجارة الجديد عند الطابق.. الصفر!

سامي النصف

تفنى أمة ليسعد فرد

يمثل العراق أقصى الشمال العربي بينما يمثل السودان أقصى جنوبه، والاثنان مبتليان بمن رفع شعار «تموت أمة ليهنأ فرد» بدلا من الشعار المعروف الذي يطالب الأفراد بالفناء لتهنأ الأمم بالعيش الكريم، الجار العراق والشقيق السودان مقبلان على أخطار ماحقة ستبقي منطقتنا جالسة على صفيح سياسي وأمني ساخن الى ما شاء الله.

في العراق يعرقل الرئيس المالكي تشكيل الوزارة رغم خسارته الانتخابات ورغم ان حلفاءه المؤثرين كحال المجلس الأعلى وحزب الدعوة يرفضون إعادة ترشيحه لرئاسة الحكومة، تعنت المالكي يهدد بعودة عمليات القتل والقتل المضاد الى العراق الجريح، كما يجعله مهددا بالتفكك على معطى الأزمة الحالية خاصة مع تقلص عدد القوات الأميركية الداعمة للأمن والسلام في بلاد الرافدين.

مع بداية السبعينيات، وبعد انقلابه العسكري المشؤوم قرر الرئيس جعفر النميري تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية في السودان (طبقت بالفعل عام 1983)، والذي يغلب على جنوبه الطابع المسيحي والوثني، ولم يكن النميري في حقيقة الحال متدينا أو ملتزما بأصول الشريعة وانما أراد عبر رفع ذلك الشعار المدغدغ استغلال الموجة السائدة آنذاك لدعم نظامه المستبد، الا انه في الوقت ذاته أشعل عبر ذلك الشعار بدايات الحرب الأهلية السودانية بين الشمال والجنوب.

في عام 1989 خطط د.حسن الترابي لانقلاب عسكري أطاح بالحكومة الديموقراطية المنتخبة بقيادة الصادق المهدي، وأعلن قيام الجبهة الإسلامية القومية (العربية) الحاكمة، ثم أسس عام 1991 المؤتمر الشعبي العربي الإسلامي مما رفع درجة التناقض مع الجنوب السوداني، حيث انه لا عربي ولا مسلم، وتجددت الحرب الأهلية التي جند لها حتى طلبة المدارس والجامعات دون فائدة ولم ير الجنوب خلال تلك العقود الا جيوش الحكومة ومتطوعيها تقوم بغزوه وتدمير قراه ومدنه حتى توقفت الحرب عبر اتفاقية نيفاشا في 9 يناير 2005.

لقد طالبت بعض الصحف السودانية وبحق بأن يرشح حزب المؤتمر جنوبيا لانتخابات الرئاسة السودانية التي جرت قبل أشهر قليلة كنوع من الطمأنة للجنوبيين قبل استفتائهم على الوحدة او الانفصال بداية العام المقبل، وللحزب بعد أربع سنوات ان يقوم بترشيح شمالي آخر، الا ان الحرص على اسعاد وتحقيق رغبات الفرد حتى لو كانت على حساب تفكك الأمة جعل الحزب الحاكم يخالف ذلك الطرح المنطقي ويرشح شماليا مما يمهد لخلق حالة يوغوسلافيا جديدة سنشهد بزوغها العام المقبل.

آخر محطة:

حتى منتصف الخمسينيات كان السودان (2.5 مليون كم2) جزءا من مصر وكان مقبلا على استفتاء به خياران الأول البقاء ضمن دولة الوحدة والثاني الانفصال، وقد قام الرئيس عبد الناصر بسلسلة أخطاء فادحة قطع عبرها الصلات العديدة التي تربط شعبي وادي النيل حيث ضرب الشيوعيين (أغسطس 1952) وأحزاب العهد الملكي (نوفمبر 1953) والاخوان المسلمين (نوفمبر 1954) ولم يبق ضمانا لبقاء الوحدة الا بقاء الرئيس محمد نجيب (نصف السوداني) والمحبوب هناك الا ان سيطرة شعار مصلحة الفرد فوق مصلحة الأمة ووحدتها جعل عبد الناصر يعزله بطريقة مهينة ويسجنه مما حسم الأمر ومهد لانفصال الجنوب (السودان) عن الشمال (مصر) والتاريخ يعيد نفسه هذه الأيام.

سامي النصف

الهواية المشكلة.. الاحتراف الحل

أحد أهم أسباب مشاكل البلد حقيقة أن لدينا الكثير من أصحاب الشهادات والقليل من أصحاب الكفاءات ممن يطورون أداءهم ليصبحوا مراجع في مجال اختصاصاتهم «كحال د.إبراهيم الرشدان» وبسبب وفرة الهواة كثر الخطأ وقل الصواب.

ذهبت قبل أيام لمجمع الوزارات للمراجعة حول معاملة بسيطة جدا وقد صادفني أحد مسؤولي الوزارة المعنية عارضا علي المساعدة فرفضت كون القضية كما اعتقدت «لا تسوى» وكلها دقائق وينتهي الموضوع، وما حدث بعد ذلك أغرب من الخيال في كم الخطأ والغفلة والإهمال الشديد حتى احتاجت تلك الدقائق إلى مراجعة مستمرة لأيام عدة ولم أشعر خلالها بأن أحد الموظفين المعنيين يشعر بالمسؤولية أو الذنب عن أخطائه الشنيعة و.. ما فيها شيء.. أخطاءنا خير يا طير!

إن التحول من نهج «الهواية» الذي يثير تذمر الناس إلى نهج «الاحتراف» الذي يرضيهم يمر بسلسلة من الأعمال المهمة والرئيسية أولها تغيير مناهج التعليم التي تخرج لنا حاليا الهواة من الموظفين إلى مناهج متطورة (عبر نظام المدارس المستقلة) كي تخرج لنا المحترفين من المهنيين، ثم فرض بعد ذلك عمليات تدريب أولي للموظفين حول كيفية ممارستهم أعمالهم واستقبال المراجعين ثم تلحقها دورات تنشيطية للسنوات اللاحقة.

وجزء أساسي للتحول من نظام الهواية القائم إلى نظام الاحتراف ضرورة تعديل الوضع المعوج القائم في القطاعين العام والخاص الذي تستخدم به العصا بشكل مؤلم ضد المبدعين والجزرة الشهية كمكافأة للمهملين ضمن الفهم الخاطئ للعقلية الإدارية الكويتية التي تعتقد أن الهدف من عملها التضييق على الموظفين وقتل روح الإبداع فيهم.

لقد انتهى الوضع بنا إلى ضرورة أن يصبح كل مراجع أكثر فهما ودراية من الموظف المختص الذي أمامه حتى لا يقع في الأخطاء الجسيمة، ويمتد هذا الأمر للأسف الشديد إلى أعمال فنية شديدة الاختصاص ولا يحاسب عادة من يقعوا بتلك الأخطاء بل يتم في كثير من الأحوال الترقي السريع لهم مع كل خطأ يرتكبونه وهو أمر فريد بين الأمم.

آخر محطة:

1 ـ احدى الدلالات الهامة في انعدام الاحتراف المهني المحلي ندرة من يستضاف من المهنيين الكويتيين من قبل القنوات الفضائية العربية والعالمية.

2 ـ نصاب في بعض الأحيان بموجة تعرق شديدة عند سماع ما يقوله بعض «المختصين» المحليين لوفرة الزلل وكثرة الخطأ فيما يقولونه والذي لا يقع بمثله مبتدئ صغير في مجال تخصصهم.

3 ـ بالمثل لا نشاهد لاعبين كويتيين محترفين لدى أندية الدول الأخرى فظاهرة الهواية وعدم الاحتراف طاغية على كل المجالات.

سامي النصف

الكهرباء والبيوت الخضراء ومصباح القصيبي

يذكر الدكتور المبدع غازي القصيبي، شفاه الله، في كتابه «علوم الإدارة» انه وضع مصباحا زهيويا (كاز) في مكتبه في أول يوم تسلم فيه كرسي وزارة الكهرباء وتعهد ألا يطفئه حتى يوصل الكهرباء لأصغر بيت في أكثر المناطق بعدا ونأيا عن العاصمة وهو ما تم، نرجو من وزير الكهرباء الشاب ان يقوم بالمثل ولا يطفئ ذلك المصباح إلا بعد القضاء التام على ازمات الكهرباء المتتالية التي تستغل لغير مقاصدها.

تعمد بعض الدول الخليجية الشقيقة للأخذ بمنهاجية إنشاء البيوت الخضراء منخفضة الكلفة التي توفر الكهرباء بنسبة 60% عن البيوت العادية، كما توفر ما نسبته 80% من استخدام المياه عبر إعادة تدويرها (المياه الرمادية) واستخدامها للزرع والحمامات وغسل السيارات وغيرها من استخدامات ثانوية في بلدان لا امطار ولا انهار فيها.

ولا يكتفى ضمن تجربة البيوت الخضراء برخص الثمن وتوفير الطاقة والمياه بنسب ضخمة، بل يتم في الوقت ذاته توفير ملايين الاطنان من انبعاثات ثاني اكسيد الكربون المصاحبة للاستهلاك غير الرشيد للطاقة، وتمتاز البيوت الخضراء بدخول الشمس لها، مما يقلل الأمراض الجسدية، ووجود اسقف شفافة لها لرؤية السماء والنجوم مما يحسن النفسيات بشكل عام ويخفف من نسبة التلوث الضوئي داخل المنزل.

وقد استخدمت تلك التقنيات في إنشاء برج خليفة الأعلى في العالم بدبي حيث توجد 387 خلية شمسية على سطحه تستخدم لتبريد وتسخين 140 ألف ليتر من المياه يوميا، كما تستخدم المياه الناتجة عن مكيفات البرج في عمليات سقي الزرع وتنظيف المرافق العامة.. إلخ.

وفي دراسة بحثية لذلك النوع من المباني الخضراء الذكية ثبت انها سريعة الإنشاء بشكل مذهل ورخيصة التكاليف بشكل لا يصدق، كما ان اسقفها وجدرانها اقوى من البيوت العادية بعشرات المرات حيث اثبتت تلك المنازل، حسب ما جاء في الدراسة، جدارتها ابان اعصار كاترينا وعواصف ألمانيا، حيث بقيت صامدة عندما تهدمت البيوت الاخرى امام رياح بلغت سرعتها 300 كم/ ساعة، وقد ثبت انها تحتاج الى رياح واعاصير سرعتها 650 كم/ ساعة لزحزحتها.

آخر محطة:

(1) لماذا، وبحق، لا نتفق جميعا على غسل السيارات مرة في الأسبوع او على الأقل مرة كل ثلاثة ايام واعتبار السيارة المغبرة افضل «وطنيا» من السيارة التي يتم غسلها وتلميعها كل يوم؟!

(2) سافر الأبناء قبل شهر ومنعت غسل سياراتهم في غيابهم ومازلت استعمل تلك السيارات دون ان يلحظ احد عدم غسلها (احداها سوداء واخرى رمادي غامق)، فأغلب الغبار المتراكم يتطاير مع اول تحرك للسيارة.

(3) التنبؤ الرياضي ببلاش لذا ارجح فوز البرازيل والارجنتين وألمانيا وهولندا في مباريات اليوم والغد كما ارى ان المراكز الثلاثة الأولى في المونديال لن تخرج عنهم… والله أعلم!

سامي النصف

الطائر المقيد كيف يُحلّق؟!

يمكن تشبيه الدول بطائرة أو طائر جسده الأوسط هو سلطته التنفيذية وجناحه الأيمن هو سلطته التشريعية وجناحه الأيسر هو سلطته القضائية، كما يمكن تشبيه سلطته «المجازية» الرابعة بدفة الذيل التي ترفع وتنزل وتوجه يمينا ويسارا، وبالطبع لا يمكن لذلك الطائر ان يحلّق او يتحرك ما لم تتضافر جهود تلك القوى مجتمعة لدعمه حتى لا يبقى رابضا على الأرض بينما تمر عليه طيور وطائرات جيرانه مسرعة الى المستقبل المشرق.

فعبر ذلك الفهم الواضح تعمل الحكومات في العالم أجمع بدعم كامل من السلطة الثانية التي توفر لها كقاعدة ثابتة الأغلبية البرلمانية اللازمة لتمرير المشاريع والقوانين التي تحتاجها الحكومات لخدمة الناس، كما تعتبر السلطة الثالثة جزءا لا يتجزأ من سلطة الدولة لذا تتناغم أحكامها وقراراتها معها بشكل عام دون ان يمس ذلك الأمر باستقلالية القضاء التي يحرص عليها الجميع.

في بلدنا المعطاء تمارس اللعبة السياسية بشكل فريد لا مثيل له في العالم أجمع، ثم نشتكي بسذاجة تامة من كم الأزمات والاشكالات وقلة الانجازات التي نعانيها منذ عقود، فضمن تلك اللعبة الكويتية تقف السلطات الثلاث الأخرى (الثانية والثالثة والرابعة) على رأس «العاير» لافشال أي قرار حكومي يتخذ حيث يتم التسابق على رفضه واسقاطه واتهام من يؤيده بالتخاذل والعمالة والرشوة.. الخ، وليقل لنا أحد كيف للطائرة أو للطائر ان يحلق عاليا وأجنحته مقيدة تقوم بخذلانه ومناكفته؟!

ومن الأمور المستجدة والمستغربة منهاجية «ابتزاز» الدولة عبر التقدم بمقترحات شعبية مجنونة تضحكنا اليوم لتبكينا دما في الغد، ثم التهديد بتعليق الميزانية العامة للدولة إذا لم يتم اقرار تلك المشاريع المدمرة، والمستغرب اكثر ان من يقوم بمثل تلك الأمور هم من تبلغ نسبة الخطأ في مقترحاتهم ومواقفهم السابقة ما يقارب 99% من إجمالي مقترحاتهم.

ان الغياب الغريب للوعي المجتمعي العام سيجعلنا نصحو في يوم قريب بعد.. عمران البصرة وخراب المنطقة التي تحدها من الجنوب.

آخر محطة: بدأت الشركات النفطية الكبرى بالعمل في البصرة وغيرها من مناطق العراق، فمن نعتقد ستقف معه الدول المؤثرة في العالم عند نشوء أي خلاف بيننا وبين جار الشمال؟!

سامي النصف

مقالات كروية

لو نظرت لأشرطة بطولات كأس العالم منذ بدئها حتى سنوات قليلة لوجدت ان من النادر وجود لاعب أسمر ضمن الفرق الأوروبية وقد اعتبر اللاعب الأسمر «إيزبيو» ظاهرة غريبة ضمن الفريق البرتغالي عام 1966.

هذه الأيام لا تكاد تميز بين المنتخبات الوطنية الأوروبية والفرق الأفريقية بسبب عمليات التجنيس القائمة للاعبين الأفارقة ومن لا يكتفي بمن يحصل عليهم من مجاهل الغابات الأفريقية يستكملهم باللاعبين القادمين من غابات الأمازون اللاتينية أو من جبال وسهول أوروبا الشرقية.

نرد بهذا على من ينتقد هذا الفريق الخليجي أو ذاك لوجود لاعب من أصول أفريقية أو لاتينية ضمن صفوفه، فإذا كان الأمر مقبولا لفرق دول يزيد تعدادها على عشرات ومئات الملايين فلماذا نلوم دولا خليجية قليلة السكان؟ إن البطولات تسجل بأسماء الدول لا بأسماء اللاعبين، لذا فلتقم كل دولة خليجية بما تقوم به الدول الأخرى من تجنيس وضم اللاعبين لمنتخباتها الوطنية وعدا ذلك ومع استيقاظ مارد دول شرق آسيا الصفراء لن نرى فرقا أو دولا خليجية قط ضمن البطولات القارية والدولية.

وعودة لملف قطر 2022 الذي سيحسم نهاية هذا العام، هناك طلب استضافة «مشترك» من هولندا وبلجيكا ولوكسمبرغ لكأس العالم لعامي 2018 أو 2022، كما ان هناك طلبا مشتركا آخر من إسبانيا والبرتغال لنفس احدى البطولتين، اضافة الى طلبات استضافة من دول أخرى مثل إنجلترا وروسيا وأميركا وأستراليا وكوريا الجنوبية واليابان (طلبات منفصلة) وبالطبع الشقيقة قطر التي نتمنى أن تضم لطلبها دولة الإمارات العربية المتحدة حتى تحوز فرصة أكبر لاستضافة البطولة.

وقد استطاعت قطر أن تحظى بدعم من رئيس الفيفا السيد بلاتر الذي يرى ان 22 دولة في الشرق الأوسط تستحق أن تستضيف المونديال، كما أثنى على استضافة قطر للآسياد 2006 كما تفهم الجهد القطري الخارق الى حد استخدام مدرجات وملاعب تهبط بها الحرارة من 45 درجة مئوية الى 20 درجة فقط، وقد وعدت قطر بفك وترحيل تلك المدرجات الضخمة بعد انتهاء البطولة الى أي بلد فقير يحتاجها وهو عرض سخي يصعب رفضه.