سامي النصف

الحرب والسلام في «حوار مفتوح»

دعانا الزميل غسان بن جدو للمشاركة في برنامجه الشائق «حوار مفتوح» الذي تبثه قناة الجزيرة من بيروت، وكان الضيف الآخر في اللقاء د.منذر سليمان رئيس مركز الدراسات العربية ـ الأميركية الذي أحال الحلقة ـ سامحه الله ـ مما يفترض فيها من حوار هادئ لدراسة خيارات دول المنطقة في الأزمان الحرجة القادمة إلى سلسلة اتهامات ما أنزل الله بها من سلطان، وكان هناك ضمن الحلقة معقبون من لبنان والعراق وفلسطين.

والدكتور منذر سليمان الذي سبق ان واجهته في لقاءات على محطات أخرى هو أحد أوجه الغوغائية العربية المعاصرة كحال عطوان وبكري وغيرهما، والتي من خواصها الخصام ووفرة الاتهام مع كم كبير من النفاق السياسي وازدواجية المعايير، ففي وقت يطالب فيه بالضرب والحرب والثبور وعظائم الأمور ويدعو للتصدي لأميركا ومحاربتها لآخر مستضعف عربي، يبقى هو متنعما بدفء بيته في واشنطن عاصمة الشيطان الأكبر كما يسمي بلده أميركا، وهل يرضى احد بالعيش مع شيطان إلا شيطان مثله يا دكتور؟!

لقد اختطف الغوغاء والمتشددون القرار العربي منذ ما يقارب القرن من الزمن وألصقوا بكل من يدعو الى خيارات العقل والتهدئة والحكمة والسلام دعاوى التخوين والعمالة، فتحت راياتهم رُفض قرار لجنة بيل الملكية عام 1937 الذي أعطى الفلسطينيين 90% من الأرض، وتحت نفس الرايات الخادعة والكاذبة تم رفض قرار التقسيم عام 1948 الذي أعطى أغلب الأرض للفلسطينيين والذي يبكي الجميع دما على رفضه هذه الأيام، وفيما بعد ساقنا قرار التشدد والتثوير الى كل الهزائم والنكبات وفقدان الأراضي التي أصابت الأمة بدءا من هزائم حروب الأبوات (أبو خالد 56 و67، أبو عمار 70 و82) إلى هزائم حروب الأمهات (أم المعارك 1991، أم المواسم 2003).. الخ.

لقد عادينا تحت نهج التثوير والتشدد الدول القريبة والبعيدة، فقبل البعض منا بشن صدام الحرب على إيران وتهديد الجارة تركيا بسلخ لواء الاسكندرونة منها، وأيدنا تشطير الحبشة وهللنا لغزوة منهاتن ورحبنا برمي اليهود في البحر، وكنا في حروبنا مع الآخرين الأسرع في الكر والأسرع في الفر، لذا سحب العالم منا خيار الحرب بعد ان أسأنا استخدامه، ولم نكن في خيار السلام أفضل حالا، فنحن اول من يوقع المعاهدات ونحن اول من ينقضها (اتفاقيات الهدنة، اتفاقية الجزائر كمثال) ونحن دون العالم أجمع من اخترع خيار السلام البارد دون تطبيع كوسيلة لخداع الآخرين، اي سلام يقوم على أوراق يمكن ان تمزق وسفارات يمكن ان تغلق، ومرة أخرى أثبتنا أننا لسنا على مستوى استحقاق السلام فسحب العالم منا ذلك الخيار وبات من عاديناهم بتشددنا ورعونتنا بالأمس يعملون حاضرا ومستقبلا على وقف خطرنا عليهم عبر تمزيقنا وتشطيرنا وتشجيع الحروب الأهلية فيما بيننا اتقاء لشرنا المحتمل، بل يسعى البعض منهم في السر او العلن لإماتتنا عطشا وتحضير الأرض لحروب المياه، فما يحدث هذه الأيام في نيل مصر سيتكرر آجلا في نهري دجلة والفرات.

في الخلاصة ذكرت اننا بحاجة لخارطة طريق جديدة ترفض التطرف والتشدد والعنف، وتقوم ركائزها على الحكمة والتسامح ونبذ الحرب، وتبدأ بإعلان الأمة العربية عبر جامعتها العتيدة وأمينها العام عن اعتذار رسمي لكل من أساءت لهم حقبة الثورية والغوغائية السابقة سواء كانوا من شركائنا في الأوطان من أبناء الأديان والمذاهب والأعراق الأخرى أو الجيران أو البلدان المؤثرة في العالم كحال أميركا التي عاديناها منذ الخمسينيات أكثر من معاداة ألمانيا واليابان وفيتنام لها رغم انها ضرتهم ولم تضرنا، ولا مانع ان يتضمن بيان الاعتذار الاعتراف كنوع من التغيير أن جميع حروبنا مع الآخرين والتي اعتبرناها انتصارات مدوية هي في الواقع هزائم مروعة يجب ان نخجل منها، فالاعتراف بالهزيمة في كثير من الأحيان أول خطوات النصر.

آخر محطة

(1): سألنا أحد معقبي البرنامج من الاخوة الفلسطينيين: ما دمتم لم تقبلوا إبان غزو صدام التنازل عن شبر من أرضكم فلماذا تطلبوا منا القبول بمفاوضات سلام تؤدي للتنازل عن جزء من أرضنا؟! الإجابة كانت سهلة وبسيطة: فعندما تحشد دول العالم نصف مليون جندي على حدود فلسطين لتحريرها حينها عليكم ألا تتنازلوا عن ظفر ـ لا شبر ـ من الأرض الممتدة من النهر إلى البحر، أما وضع شروط القوي والمنتصر وأرضكم تضيع مع كل يوم يمر وأنتم في خلاف شديد فيما بينكم فهذا كلام لا يقوله عاقل.

(2) غياب ثقافة التسامح وزيادة جرعة التشدد والغوغائية يعطيان دلالة أكيدة على أن «الصوملة» هي ما سينتهي إليه حال المنطقة العربية الممتدة من الخليج الى المحيط تباعا خلال السنوات القليلة القادمة، والبداية في السودان خلال شهرين ثم العراق ولبنان والباقي سريعا على الطريق.

سامي النصف

التاريخ لم يبدأ غداً

الحدث في تاريخ الكويت هو الغزو الصدامي الغاشم الذي لا يمكن الحديث عنه دون الحديث عن مؤتمر جدة الذي سبقه في 31/7/1990 والذي ضم الشيخ سعد العبدالله، رحمه الله، والوفد المرافق له وعزة الدوري، لعنه الله، والوفد المرافق له.

وقد بدأت منذ وقت مبكر محاولة تزييف وتزوير ما حدث في ذلك الاجتماع العام، حيث ادعى المضللون والافاقون ان التشدد الكويتي هو الذي خلق الإشكال وسبب الغزو (انظر اكذوبة هيكل في كتابه حرب الخليج عن رسالة مزعومة من الشيخ جابر الى الشيخ سعد تطلب منه التشدد) وهو ادعاء كاذب قد يدعمه في الغد عدم توثيقنا بشكل علمي وعبر الشهود ما حدث تفصيلا في ذلك اللقاء ومقدار المرونة الكويتية والتشدد الصدامي الذي اعترف به صدام فيما بعد لمحاميه وقال انه طلب من أبي أحمد (عزة الدوري) التشدد.

وممن فاتتهم تفاصيل ما حدث د.أحمد الخطيب الذي نشر في مذكراته «لم يكن الشيخ سعد مدركا خطورة ما يحدث لذا قام بعد الاجتماع الساخن مع الوفد العراقي بترك الاجتماع وذهب لأداء مناسك العمرة ولولا ان الأمير استدعاه للعودة بسرعة لبقي هناك»، وقد نفى الوزير السابق سليمان ماجد الشاهين الذي كان حاضرا وشاهدا على اجتماع جدة، تلك الرواية التي كان لزاما على د.الخطيب التحقق منها قبل نشرها حتى لا تصبح حجة علينا حيث لم يتوجه الوفد الكويتي لأداء العمرة، بل من قام بذلك هو عزة الدوري ومن معه لا إيمانا واحتسابا وهم من انتوى الغدر والقتل في اليوم التالي، بل كوسيلة للتهرب من حجج ووثائق ومرونة الوفد الكويتي.

ويخبرني الأخ عبداللطيف الروضان بحقيقة ما جرى في ذلك الاجتماع الهام الذي تشكل الوفد الكويتي فيه من الشيخ سعد العبدالله والشيخ ناصر المحمد والوزير ضاري العثمان ووكيل وزارة الخارجية سليمان ماجد الشاهين ووكيل وزارة الداخلية اللواء يوسف بدر الخرافي ووكيل وزارة النفط سليمان نصف العماني والسفير بوزارة الخارجية خالد مغامس، حيث كان الوفد الكويتي مستعدا بالكامل للتباحث وللوصول الى حلول في وقت لم يحضر فيه الوفد الصدامي أي خبراء أو مختصين مما يعني ان النوايا كانت مبيتة لإفشال الاجتماع.

عقد اللقاء الاخير بين الشيخ سعد العبدالله والشيخ ناصر المحمد والوزير ضاري العثمان الذي كان متشائما مما يراه من الوفد الصدامي وتنبأ في حينها بالاجتياح والأخ عبداللطيف الروضان الذي كان يدون محضر الاجتماع ومن الجانب الصدامي حضر عزة الدوري وعلي حسن المجيد وسعدون حمادي، ويروي بوعبدالله الروضان ان الشيخ سعد كان في أفضل أحواله، حيث كان يحتفظ بذاكرة حديدية للقضايا الحدودية والنفطية العالقة بين البلدين حتى أحرج عزة الدوري فتعذر بحلول موعد الصلاة وخرج ولم يعد.

آخر محطة:

مازال أغلب شهود ذلك اللقاء المهم أحياء، لذا نرجو من د.عبدالله الغنيم مدير مركز الدراسات ان يوثق شهادات الشهود ويتم إصدارها في كتاب خدمة للحقيقة وللتاريخ.. الذي لم يبدأ غدا.

سامي النصف

كويتي كاد يصبح ملكاً على مصر

يعتقد كثير من المصريين والعرب ان مصر تحولت للنظام الجمهوري في 23/7/1952، والحقيقة غير ذلك فقد تم إخراج الملك فاروق وبقي النظام الملكي قائما ممثلا بولي العهد الرضيع أحمد فؤاد ومعه مجلس وصاية ولم تسقط الملكية إلا في أواخر عام 1953، وما بين ليلة الثورة وذلك التاريخ البعيد جرت الأحداث المثيرة التالية.

لم يكن مجلس قيادة الثورة راضيا عن وجود الملك فاروق بالخارج خوفا من أن يتحول لاحقا لمطالب بالعرش كحال ملوك أوروبا ويبدأ في تدبير الانقلابات خاصة ان سنه لم تتجاوز 32 عاما، كما لم يكونوا سعداء بالانتظار في الوقت ذاته 18 عاما كاملة حتى يبلغ الأمير أحمد فؤاد سن الرشد ليتولى العرش وقد يعاقب من بقي منهم أو عائلاتهم على الانقلاب الذي قاموا به.

لذا خطر في بال القائمين على الثورة فكرة الحفاظ على الملكية مع استبدالها بأسرة مالكة عربية تؤسس لحكم عربي في مصر التي لم يتح لها مثل ذلك الحكم منذ قرون عدة كي يجمع الأضداد وينهي الخلاف ويتفق عليه الناس، وهو أمر مشابه لما حدث في سورية 1920 والعراق 1921 والأردن 1921 عندما قبلوا بحكم أمراء عرب قادمين من الجزيرة العربية يلبسون الدشداشة والبشت والغترة والعقال الزري المقصب وكان الملك عبدالعزيز وبعده الملك سعود يلبسان مثل ذلك اللباس العربي المميز والمهيب.

فاتح القائدان محمد نجيب وجمال عبدالناصر رجل الأعمال الكويتي عبدالعزيز المطوع وكيل «فولفو» في مصر والمقيم بالقاهرة، في فكرة استقدام أمير عربي من الكويت ضمن متطلبات ذكراها فسافر المرحوم المطوع للكويت وفاتح الشيخ عبدالله الجابر في الأمر لأسباب عدة منها صلته وزياراته واستثماراته العديدة في مصر وثقافته حيث كان يرأس مجلسي المعارف والمحاكم وما عرف عنه من رحابة صدر وطلة بهية ولباس مميز.

وحسب الرواية التي أوصلتها لنا مصادر موثوقة ضليعة في تاريخ الكويت والمنطقة، فقد فاتح الشيخ عبدالله الجابر الشيخ عبدالله السالم في الأمر فلم يمانع وان لفت نظره لحجم المسؤولية حيث كان ملك مصر يشمل بلدين هما مصر والسودان، وسافر الشيخ عبدالله الجابر إلى مصر، حسب المصدر، حيث أظهرت الصحف صور القائدين نجيب وعبدالناصر إبان استقباله ودارت بينهم محادثات الا ان المشروع لم يستكمل إما لرفض الشيخ عبدالله الجابر أو طبقا لمتغيرات ومستجدات حيث كانت مصر آنذاك حبلى بالأحداث ومحاطة بعدة إشكالات بالداخل والخارج، ففلسطين على الحدود والسودان مقبل على استفتاء والداخل في مرحلة مخاض بعد حل الأحزاب ومنع المظاهرات وتعدد هجمات الجيش البريطاني على مدن القناة.

آخر محطة:

(1) رجعت بعد كتابة المقال الى كتاب سيرة الشيخ عبدالله الجابر الذي كتبته وجمعت مادته حفيدته الشيخة منى وقد وجدت في صفحة 315 وما بعدها انه استقبل استقبالا فاق حدود البروتوكول حيث كان على رأس مستقبليه في المطار اللواء محمد نجيب والبكباشي جمال عبدالناصر ووزير الخارجية محمود فوزي وجمع غفير من كبار رجال الدولة وشيخ الأزهر وزعماء المغرب العربي الموجودون في القاهرة.. الخ.

(2) كانت الكويت آنذاك دولة صغيرة جدا وغير مستقلة والشيخ عبدالله الجابر، رحمه الله، لم يكن حاكما أو وليا للعهد، فلماذا ذلك الاستقبال الباهر وما تبعه من لقاءات عالية المستوى وزيارات لجميع قطاعات الدولة ومؤسساتها العسكرية واهدائه أكبر نيشان في مصر آنذاك والذي لا يهدى إلا لرؤساء الدول ثم إصرار القيادة المصرية على وضع غير مسبوق بروتوكوليا وهو أن يصاحب الشيخ عبدالله الجابر في طريق عودته للكويت بعثة شرف مصرية مرافقة رفيعة المستوى ممثلة بالبكباشي أركان حرب محمد كمال عبدالحميد وحسين يسري من كبار ديبلوماسيي وزارة الخارجية المصرية؟!

(3) لو تم ذلك المشروع لما دخلت مصر حربا قط ولكانت علاقاتها سمنا على عسل مع جميع دول العالم لما عرف عن الشيخ عبدالله الجابر من دماثة خلق ولما انفصل السودان آنذاك بل لتوحدت مع مصر كثير من الدول العربية الأخرى ولأصبحت جنة الله في أرضه بحق.

 

سامي النصف

معرض الكتاب وحكاية كل عام

الكتاب في نهاية الأمر سلعة مثله مثل الطماطم والخيار والبصل.. إلخ، له موسم بيع يستفيد منه المستثمرون في ذلك القطاع حتى يمكنهم بعد انتهاء الموسم ان يستردوا اموالهم ويواصلوا نشاطهم وإنتاجهم لذا فأسوأ ما يمكن أن يفعله المرء للإضرار بسلعة ما هو ضربها في عز موسم بيعها وهذا ما يحدث كل عام مع معرض الكويت للكتاب.

فدائما ما يصاحب المعرض صراع وصراخ وتخندق حول قضايا الرقابة على الكتب وينتج عن ذلك الصراع عادة انصراف الناس عن الزيارة وشراء الكتب لاعتقاد كثير منهم ان قضية المنع قد افرغت المعرض من كنوزه وهو امر غير صحيح على الاطلاق فكثير من الكتب الممنوعة لو وجدت لما اثارت اهتمام احد خاصة في ظل وجود عشرات الآلاف من الكتب الاخرى التي لم تمنع، ان الناشرين واصحاب المكتبات ومؤلفي الكتب يصارعون للبقاء وسط ظروف صعبة لذا لتتوقف كل الاطراف عن الاضرار بهم عبر ترحيل تلك الخلافات الى ايام السنة الأخرى بعيدا عن موسم البيع.

ولنا بعض الملاحظات على قضايا الرقابة التي لا خلاف على وجودها ويعترض البعض على تعسفها في اداء عملها اما عبر اعتقادها بأن الناس سذج يسهل افسادهم بهذه الكلمة او تلك، او قيامها بدور الملك أكثر من الملك نفسه، عبر منعها كتبا تنتقد دولا صديقة في وقت تسمح فيه تلك الدول بها، ان ملاحظاتنا تتلخص في الآتي:

ـ ليس صحيحا ما يقوله بعض الإسلاميين من ان الليبراليين يدعون لإباحة كتب التعري والجنس وسب الذات الإلهية والرسل والتهجم على عقائد الآخرين ومن ثم يقومون هم بالرد على تلك الدعاوى التي لم يقل بها احد، وفي هذا السياق على الإسلاميين التوقف عن اختلاق المعارك ومهاجمة الليبراليين ثم التباكي بعد ذلك على عدم وقوفهم معهم حيث لا نرى مثل هذا الهجوم لدى اصحاب الديانات الاخرى مما يقويها ويوحد الصفوف خلفها.

ـ ليس صحيحا ما يطلبه بعض الليبراليين من إحالة الكتب للمحكمة لإصدار حكم قضائي بمنعها من عدمه، فالقضاة لديهم من القضايا الجسام ما يمنعهم من التفرغ لقراءة مئات أو آلاف الكتب والروايات والقصص بحثا عن كلمة هنا وكلمة هناك.

ـ وليس صحيحا ما يقوله بعض الإسلاميين من ان اعداد الكتب الممنوعة هي 25 كتابا فقط، حيث يخبرني كثير من الناشرين أنهم يتوقفون عن ارسال كتب سبق منعها في الكويت توفيرا للنفقات لذا فما هو ممنوع هو مجموع ما تم منعه في السنوات الماضية إضافة الى ما يعتقد الناشرون حسب خبرتهم بالتشدد الكويتي انه سيمنع لذا فنحن نتكلم عن آلاف الكتب التي يسمح بها في جميع الدول العربية والخليجية وتمنع في بلدنا.

ـ ليس صحيحا اعتقاد الرقيب بأن كلمة في كتاب ستفسد اخلاق اهل الكويت جميعا كون احسن كتاب لا يزيد عدد من يشتريه على 10 اشخاص ومن يقرأه 5 منهم، ثم لو كانت قراءة كتاب من تلك الكتب تفسد الاخلاق وتسبب الانحلال فلماذا لا تفسد اخلاق السادة الرقباء النبلاء رغم انهم يقرأون جميع الاصدارات الممنوعة؟!

ـ وليس صحيحا جعل الكتاب وهو مادة ثقافية اداة للاستجوابات السياسية كما حدث عام 98 عندما قام شخص (….) بتجميع كلمات هنا وهناك ووضعها ضمن ملزمة انتشرت بين الناس وكان واجبا ان يحاسب من قام بذلك العمل القميء بتهمة نشر الفاحشة لا محاسبة الوزير.

آخر محطة:

(1) تحية طيبة لمرشد الثورة الاسلامية في ايران السيد علي خامنئي على فتواه بتجريم الاساءة لأم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها أو النيل من رموز أهل السنة والجماعة.

(2) نشر موقع الحزب الوطني الديموقراطي الحاكم في مصر كلمة للمرشد السيد علي خامنئي بمناسبة الذكرى الأربعين لوفاة الرئيس جمال عبدالناصر قال فيها: كنت معتقلا في سجون الشاه ولاحظت حالة ابتهاج في السجن بين الضباط والحراس وعندما سألت علمت بوفاة الرئيس جمال عبدالناصر وأقسم بالله انني بكيت عليه كما لم أبك على أبي وأمي فقد كان الزعيم الوحيد الذي ساعد الإمام الخوميني وأمد الثورة بالمال والسلاح والتدريب، لقد مثل رحيله خسارة فادحة للعالمين العربي والاسلامي وللعالم بأسره (للمعلومة في عام 63 اتهم شاه ايراه في خطاب معلن مصر بدعم ثورة الإمام الخوميني آنذاك والتي انتهت بنفيه للخارج بعد ان كانت هناك نية لإعدامه لولا تدخل المراجع الكبرى في إيران والعالم الاسلامي).

 

سامي النصف

الرأي الآخر وحاكم كويتي لمصر!

أسوأ ما يمكن أن ينتهي إليه وضع أمة هو أن تعتمد على أذنها لا عقلها فتجري مع الجارين وتقف مع الواقفين كحال البقرة الشهيرة «شقرا» التي كلما انطلقت الخيل انطلقت معها حتى قيل «مع الخيل يا شقرا» ومن ذلك:

معروف أن الكويت مجتمع محافظ وقد جرت العادة منذ عقود طوال عند القبض على فتاة كويتية أن يؤخذ عليها «تعهد» ولا تسجل بحقها قضية تطبيقا للمبدأ الإسلامي الذي يحث على الستر لا الفضح وما قد ينتهي الأمر فيه بالقتل كما حدث مؤخرا في المملكة العربية السعودية عندما قبض على فتاتين تجلسان مع شابين في سيارتهما على هامش أحد الأفراح.

سجلت بحق الفتاتين قضية واستدعي والدهما في الصباح لتسلمهما فلحقه شقيقهما وأطلق عليهما النار وقتلهما عند باب المخفر وانهار الأب بعد فقدانه ابنتيه وابنه ومعرفته بالفضيحة الكبرى التي ستمس شرف العائلة إلى الابد، لقد تحرى رجل الأمن الكبير في الكويت بحكم خبرته وسنه المصلحة العامة والمفهوم الإسلامي بالستر بينما بحث آخرون عن المصالح الشخصية والبطولات الفارغة فانتهى الأمر بالفضيحة القائمة والإخلال الصارخ بالانضباط العسكري بعد استقواء الرتب الأقل بالنواب على الرتب الأعلى.

وسؤالنا للناخبين الكويتيين من إناث وذكور وهم المسؤولون عن تصرفات نوابهم: هل يرضون بترسيخ مبدأ «تسجيل» القضايا على الفتيات الكويتيات عند أي زلة ومن ثم فضحهن وتدمير سمعة عائلاتهن دون ذنب، أم الأخذ بمبدأ «التعهد» والستر الذي استفادت منه فتيات كثيرات خلال السنوات الماضية حتى أصبح البعض منهن الآن زوجات وأمهات وربما جدات؟! وشخصيا لم اهتم بالسؤال حتى عن أسماء أطراف القضية من ضباط ومتهمين، فالقضية أكبر من المتاجرة السياسية والتصيد والمزايدة.

تتميز إدارة المعهد التطبيقي ممثلة بالدكتور يعقوب الرفاعي وطاقمه المساعد، بالكفاءة الشديدة وطهارة اليد المتميزة، وقد سكب د.الرفاعي الماء البارد على من أراد الصيد في الماء العكر عندما أعلن الدكتور أنه لا مناقصة تتم في المعهد دون الشفافية المطلقة وعرضها على الجهات الرقابية وبذلك سحب البساط من الباحثين عن البطولات وخلق الأزمات.

الوضع الحالي في إدارة الجامعة لا يقبله أحد، وقد كان الواجب إما التمديد لأربع سنوات للدكتور الفهيد خاصة أنه لا مأخذ عليه فيما يخص كفاءته أو أمانته عدا أنه لا يخضع لضغوط بعض النواب، أو أن يتم في المقابل إخباره قبلها بوقت كاف بعدم التمديد وإعطاؤه تفرغا علميا كحال نوابه واختيار البديل له لتتم عملية التسلم والتسليم المعتادة، الأمران لم يتما وقد يكون الخيار الأفضل ضمن المعطى القائم أن يمدد للفهيد أربع سنوات مع طلب وضع استقالته تحت تصرف الوزيرة لتفعيلها في الوقت الذي تراه مناسبا وهذا أضعف الإيمان.

آخر محطة :

 1 ـ أتتني ردود كثيرة على سلسلة مقالات الأستاذ هيكل وسأحاول تخصيص أحد المقالات المستقبلية لتلك الردود.

2 ـ بعيدا عن ترهات هيكل التاريخية فقد تعرضت مصر قبل 6 عقود لحالة من الاختلاف الشديد وعدم الاستقرار السياسي وكان أحد الاقتراحات التي طرحت آنذاك لتوحيد الصفوف وترسيخ الاستقرار، مفاتحة شخصية كويتية معروفة كملك على مصر وسنتناول تلك الحقيقة التاريخية واسم تلك الشخصية في مقال قادم.

3 ـ وإلى الحاضر فقد اقترب عام 2011 ولم يتصاعد الدخان الأبيض فوق أرض الكنانة حول القيادة القادمة التي نتمنى أن تكون تمديدا للرئيس مبارك كي يستخدم خبرته وحكمته ونفوذه واتصالاته الدولية لحل معضل مياه النيل الخطير الذي يهدد الشعب المصري بالعطش والمنطقة بالحروب والتشتت والانقسام.

سامي النصف

الرجل الذي فقد عقله

انتقم أدباء وصحافيو مصر من قيادة عبدالناصر السلطوية عبر رواية الأديب ثروت أباظة الشهيرة «شيء من الخوف» التي تحولت إلى فيلم سينمائي يستحق المشاهدة حيث أسقطوا عليه شخصية الطاغية عتريس وعلى مصر شخصية فؤادة، وردّد الناس آنذاك العبارة الشهيرة «زواج عتريس من فؤادة باطل».. للدلالة على أن حكم عبدالناصر لمصر غير شرعي كونه أتى بالانقلاب لا بالانتخاب الشرعي.

وإذا كان أدباء مصر قد انتقموا مرة من عبدالناصر فقد انتقموا من هيكل عشرات المرات في كتبهم ورواياتهم التي تحولت إلى أفلام سينمائية والتي صورته بصورة الصحافي الانتهازي وغير الأخلاقي في تعامله مع الآخرين، فهو محور قصة فتحي غانم «الرجل الذي فقد ظله» وهو «محفوظ عجب» في رواية موسى صبري «دموع صاحبة الجلالة»، وهو «خالد عزوز» في «ثرثرة فوق النيل» و«عامر بك» في «ميرامار» و«رؤوف علوان» في «اللص والكلاب».

ولم يكن أدباء وصحافيو مصر بعيدين عن الواقع فيما ذكروه وصوروه، فقد تبنت السيدة روز اليوسف الأستاذ هيكل في بداياته فأمم لها المجلة المسماة باسمها، وعينه صحافي مصر الأول محمد التابعي مديرا لتحرير مجلته «آخر ساعة» فأفلسها وتحول التابعي لصحافي صغير في دار أخبار اليوم، وفي ذلك يروي ناصر الدين النشاشيبي أنه رأى التابعي الكبير يجلس ينتظر هيكل مع حارس عمارته تذللا له، كما رآه يُلطع عند سكرتيرة هيكل لساعات وساعات، أما الأخوان أمين اللذان بنى خيره من لحم أكتافهما حتى أنه سمى ابنه عليا على اسم علي أمين، فقد تفنن في إيذائهما حتى أخرج أحدهما مطرودا من مصر ورمى الثاني في سجونها بأبشع تهمة.

وبعد منع هيكل من الكتابة في صحافة مصر فتحت له الصحف الكويتية أبوابها لينشر مقالاته وكتبه في حقبتي السبعينيات والثمانينيات في حين لم يثق به صدام قط، إلا أنه غدر بنا إبان الغزو الغاشم وتبنى وجهة نظر الطاغية كاملة حتى عاب عليه مؤرخ مصر العظيم «عبدالعظيم رمضان» ذلك الأمر وقال ان هيكل يرى الأحداث بعين صدام ويسمعها بأذن طارق عزيز، كما رد عليه عدد كبير من كبار كتّاب مصر أمثال د.عبدالمنعم السعيد ود.جلال كشك وحنفي المحلاوي، ومعهم المؤرخ العراقي المعروف د.سيار الجميل الذي قال ان هيكل «يتوهّم» حدوث الأشياء فيصدّقها ويكتبها خاصة إذا كان شهودها أمواتا، فهو يذهب إلى فرنسا فيتصوّر أنه التقى رئيسها ويذهب إلى اسبانيا فيتخيّل أنه التقى ملكها.. الخ، أما كشك فقد قارن بين ما يكتبه هيكل في كتابه المطبوع بالإنجليزي وكتابه المطبوع بالعربي واكتشف أنه وبالقرائن والأدلة، يكذب كثيرا في كتبه الموجهة للقارئ العربي.

وضمن كتاب لهيكل «حرب الخليج» يتبنى بالكامل دعاوى المؤرخ الصدامي وليد الأعظمي كما يتبنى الوثيقة التي أعلنها إعلام لطيف نصيف لإثبات تواطؤ الكويت مع المخابرات الأميركية عبر الرسالة المفبركة من مدير عام أمن الدولة آنذاك اللواء فهد الفهد لوزير الداخلية الشيخ سالم الصباح، وقد التقيت قبل مدة قصيرة باللواء المتقاعد الفهد وذكّرته بتلك الرسالة فكذّبها بالكامل، وقال انه لم يكن فعلا موجودا في الكويت بتاريخ إرسالها كما عُرف عنه أنه لا يستخدم أسلوب الرسائل في القضايا الهامة بل يتحدث بها شفاهة، وأضاف أنه لم يجر، عرفا، في الكويت مخاطبة الوزير بـ «سمو» كما أتى في الرسالة المزعومة مما يدل على كذبها كما انها نصت على انني اصطحبت معي للقاء السلطات الأميركية ضابط مباحث الأحمدي وهو أمر مستهجن حيث ان إدارة أمن الدولة مليئة بالضباط المختصين الأكفاء فما الحاجة لضابط غير مختص من خارج الدائرة؟!

آخر محطة:

(1) أقر هيكل – وللمرة الأولى – إبان شهادته في محكمة تعذيب مصطفى أمين عام 76 وردا على سؤال المحامي شوكت التوني، بأنه تعرض لمحاولة اغتيال في زمن عبدالناصر عندما أطلقت عليه جهة «أمنية»، حسب قوله، رصاصتين أثناء خروجه من جريدة الأهرام مع مرافق له مما قد يعني أن هيكل قرر أن يتغدى بعبدالناصر قبل أن يتعشى به، وفي أربعينية عبدالناصر كتب مقاله الشهير «عبدالناصر ليس أسطورة» الذي كان بمثابة السكين الأولى في جثمان عبدالناصر ثم وقف مع الرئيس السادات في صراعه مع القيادة الناصرية آنذاك، فإذا كانت هذه أفعال من يدعي ود وحب عبدالناصر فماذا ترك لأعدائه أن يفعلوا؟!

(2) وددنا حقا من هيكل، وقد بلغ أرذل العمر، أن يراجع مسيرته وأن يكفّر عن أفعاله وأكاذيبه تجاه الآخرين لا أن يتمادى فيها ويضيف لها ادعاءات زائفة وكاذبة أخرى.

  

سامي النصف

هل قتل هيكل ناصر والسادات معاً؟ (2 ـ 2)

من يعتقد أننا أتينا باطلا بإلقاء الشكوك حول تورط الأستاذ هيكل في وفاة الرئيسين ناصر والسادات كونهما من مقربيه، أو اننا نسدد دين موقفه الشائن من الكويت إبان محنتها، فعليه أن يقرأ لقاء الأستاذ إبراهيم الويشي ضمن كتابه «خريف هيكل» الصادر عام 83 مع الحاج حافظ حلمي الشلقامي عمدة قرية هيكــل «باسوس» حيث يذكر العمدة أن زوجة والــد الأستاذ محمد وتدعــى صالحــة قد توفيت هي وأبناؤها أحمد ومجاهــد وحامد ونعيمة خلال شهر واحد بظرف غامض (حادث تسمم؟) ويضيف الكاتب أنه تصور في الحال أن هناك شبهة جنائية وراء وفاة أربعة إخوة للأستاذ حتى بقي الابن «الوحيد» لأبيه كحال بقائه الصحافي «الأوحد» في مصر فيما بعد، وتساءلت في نفسي ـ والقول للأستاذ إبراهيم ـ إن كان يمكن التحقيق في قضية مضى على وقوعها كل هذه الأعوام؟

ويذكر د.فؤاد زكريا في كتابه «كم عمر الغضب» انه من الاستحالة ان يكون ارشيف هيكل من صنع رجل واحد او حتى منظومة اجهزة العالم الثالث، اما الكاتب الشهير محمد جلال كشك فيتهم بشكل مباشر هيكل بالعمالــة ويدينه من فمه فهيكل يدعي ان المخابرات الغربية هي التي انشأت دار اخبار اليوم عام 46 على يد الاخوين امين ولا يذكر هيكل انه كان ثالثهم حيث عمل معهم حتى عام 52، كما يدعي هيكل انه من قال لعبدالناصر ان الانجليز لن يتدخلوا فيما لو قام بانقلابه، وقد اثبتت الوثائق اللاحقة ان الرئيس الاميركي ورئيس مخابراتــه وممثلهما في مصر قد قاموا بالفعل بالضغط على الانجليز لوقف تدخلهم وقد كانت لديهم في مصر قوات تكفي لإجهاض ذلك الانقلاب، كما اعترف هيكل قبل مدة قصيرة بأن القيادة السوفييتية اتهمته بالعمالة للغرب ورفضت حضوره اجتماعات القيادتين المصرية والسوفييتية مما اضطره للعودة في اليوم التالي للقاهرة.

وما لم يقله الاستاذ كشك هو ان هيكل كان في العشرينيات من عمره يذهب الى كوريا في عام 1950 ابان حربها فيرسل الى صحيفته بمصر ان الهجوم الاميركي المفاجئ لاختراق القوات الصينية والكورية الشمالية سيتم في 13/9/1950 في منطقة انتشون فتأتي الاحداث مطابقة تماما لما قال فمن أين حصل على تلك المعلومات الهامة التي ابرزته وجعلته يحصل على جائزة الملك فاروق الصحافية، ثم يزور في العام نفسه ايران التي تغلي فيمهد له عمل لقاءات مع شاه ايران وشقيقه اشرف والجنرال محمد مصدق والمرجع الكبير ابوالقاسم الكاشاني ليضع ذلك في كتابه الذي اصدره عام 51 وأسماه «ايران فوق فوهــة بركان» ولــم يعــد طبعــه قــط لتبني هيكــل فيــه وجهــة النظر الغربية بالكامل ضد المطالب الوطنية التي كــان يمثلهــا مصدق والتي مهدت للانقلاب عليه.

لقد نظّر الاستاذ هيكل لكل الهزائم والنكبات التي اصابت الامة العربية وأهدت الارض والموارد الى الاعداء بأرخص الأثمان أو حتى دون ثمن، كما تسبب تحويله الهزائم الى انتصارات زائفة في قيام انقلابات وانظمة عسكرية قمعية مدمرة في الوطن العربي، كما نتج عن مقالاته وخطبه التي يلقيها الرئيس عبدالناصر الإساءة للعلاقات العربية ـ العربية كما أسهمت مقالاته التي كان ينشرها كل جمعة بالاهرام وتذيعها «صوت العرب» في إفشال مشروع الوحدة الثلاثية عام 63 بين مصر وسورية والعراق ومرة اخرى الوحدة الرباعية عام 71 بين مصر وسورية وليبيا والسودان في عهد السادات، وقد حصد هيكل المليارات التي تجري بين يديه هذه الايام نتيجة لأعماله تلك حيث انه المالك الاكبر لأسهم أكبر شركتين ماليتين في الشرق الأوسط يديرهما أبناؤه وشقيق زوجته إضافة الى 5 ملايين دولار سنويا ـ كما ذكرت مجلة المصور ـ يحصدها من احدى الفضائيات لقاء القيام بدور الحكواتي!

آخر محطة:

رغم الاختلاف مع ما يقوله ويكتبه الاستاذ هيكل، الا اننا نرفض بشدة منع كتبه من دخول معرض الكتاب في الكويت والحال كذلك مع كتب المثقفين المصريين.

 

سامي النصف

هل قتل هيكل ناصر والسادات معاً؟ (1ـ2)

 روى مؤخرا الاستاذ هيكل ما جرى إبان قمة عام 70 في القاهرة، ومما ذكره انه كان في جناح الرئيس عبدالناصر مع عرفات والسادات عندما قام نائب الرئيس وأخرج الطباخ النوبي وعمل بنفسه قهوة مسمومة لعبدالناصر توفي على اثرها بعد ثلاثة ايام وهي رواية يقولها للمرة الأولى الاستاذ هيكل الذي يحتفل هذه الأيام بعيد ميلاده الـ 87 وكالعادة جميع شهود تلك القضية من الأموات الذين لا يتكلمون!

بعكس معارضي رواية الاستاذ، أنا أول المصدقين بما قاله من موت الرئيس المستهدف عبدالناصر بالسم، حيث توفي بشكل مفاجئ وهو في الثانية والخمسين من عمره وكان يخضع للفحوصات الطبية بشكل منتظم. ان المنطق يشير الى ان الفاعل المرجح هو هيكل لا السادات ومن ثم فما نشهده هو صحوة ضمير متأخرة وان حاول عبر الطريقة المخابراتية المعروفة بـ Dis-information اي قول جزء من الحقيقة ثم تحريفها عن مقاصدها لإلصاق تلك الجريمة بالرئيس السادات تصفية لحسابه معه وقد قارب الاستاذ التسعين من عمره ولم تخمد براكين حقده التي تثور بين وقت وآخر وقد كتبت قبل أشهر قليلة مقالا أسميته «أحقد من هيكل».

فهل يعقل أن يقوم نائب الرئيس بعمل قهوة في وجود شخص اقل منه رتبة ونعني السيد هيكل دون ان يفرض البروتوكول والذوق السليم تطوعه بعملها بدلا منه؟ وللمعلومة لم يكن لنائب الرئيس السادات آنذاك اي خلافات ومشاكل مع عبدالناصر تدفعه لارتكاب الجريمة بعكس هيكل الذي كانت علاقته وباعترافه تمر بأسوأ ظروفها مع الرئيس ناصر الذي قرر اخيرا التخلص منه عبر ترفيعه الى رتبة وزير تمهيدا لإخراجه من الحياة السياسية المصرية في اول تعديل وزاري، لذا فهم هيكل القصد ورفض بشدة ذلك التعيين واعتكف في عزبته.

وأوعز هيكل آنذاك لتوفيق الحكيم ان يكتب رسالة لعبدالناصر كي يثنيه عن قرار التوزير مما جعله يحال للتحقيق وتزداد العلاقة سوءا بين ناصر وهيكل، وبعد تعيين هيكل وزيرا في صيف عام 70 قبضت المخابرات على سكرتيرته الخاصة نوال المحلاوي وزوجها وصديقه لطفي الخولي وزوجته وتوفيق الحكيم في قضية تظهر شك عبدالناصر في صديقه ووزير اعلامه، حيث تم زرع اجهزة تنصت في بيته ومكتبه وحتى بيت صديقه الذي تحدثوا فيه وقد ظهر للعلن في ذلك الصيف ان عبدالناصر قد رفع غطاء الحماية عن العاملين في جريدة الاهرام ولم يمض شهر ونيف على تفجر الخلاف بعد عملية التخلص الى الأعلى حتى توفي أو قتل الرئيس حسب رواية هيكل الاخيرة في ظروف غامضة يشكك فيها حتى اهل بيته ومنهم ابنتاه هدى التي نرجو ان تقرأ هذا المقال حتى تعرف ان هناك لربما «يهوذا» أو «بروتوس» آخر.

وقد تكرر هذا الأمر مع الرئيس السادات الذي شعر في عام 81 بان هناك قوى متنفذة دولية تحاول التخلص منه بنفس طريقة تخلصها من شاه إيران آنذاك وذلك عبر شن حملة اعلامية عالمية عليه وتحريض الجماعات الاسلامية ضده لذا قام الرئيس السادات فور عودته من واشنطن بحملة اعتقالات في 3 سبتمبر 81 شملت الاستاذ هيكل ومرة اخرى لا يمهل القدر من يسيء للأستاذ ففي اقل من شهر يقتل الرئيس السادات في ظروف غامضة مازالت تثير كثيرا من التساؤلات خاصة لدى ارملته جيهان السادات،. لقد بقي الرئيس ناصر آمنا في موقعه لمدة 16 عاما حتى أغضب هيكل فقتل كما بقي الرئيس السادات آمنا لمدة 11 عاما حتى أغضب هيكل فقتل، ألا تشير تلك الحوادث الغامضة الشكوك في هيكل، أكثر منها في السادات المراد قتله حيا وميتا.

وفي الغد الحديث عن الحادث الغامض في حياة الأستاذ هيكل، والذي تسبب في وفاة زوجة أبيه صالحة وأبنائها (إخوته غير الأشقاء) أحمد ومجاهد وحامد ونعيمة في شهر واحد حتى أصبح هو الابن الوحيد لوالده، فهل كانت وفاتهم بالسم، وهل هناك شبهة جنائية كما تساءل الأستاذ إبراهيم الويشي عام 83؟!

آخر محطة:

لماذا لا تطالب عائلة عبدالناصر ومثلها عائلة عرفات بتشريح الجثمان من قبل اطباء شرعيين للتحقق من اسباب الوفاة الحقيقية وحسم الجدل حول هذا الموضوع فالسموم تبقى في الشعر والاظافر والعظام ولا تزول مع مرور السنين؟

سامي النصف

النار التي تحت الرماد

الفائز الاول في احداث الفتنة الاخيرة هو الحكومة والقرارات السريعة والحازمة التي اتخذتها في منع اقامة تجمعات وحشود طائفية تزيد النيران اشتعالا، وكانت ستؤدي الى مزيد من الفرقة والتشرذم وبدء متوالية اقوال مؤججة ومدغدغة هنا تقابلها اقوال مؤججة ومدغدغة هناك حتى تنقسم الكويت سريعا الى معسكرين او خندقين متضادين تحكمهما العواطف لا العقول ويختطف القرار فيهما المتشددون لا الحكماء، وينتهي الامر بنا كما انتهى في دول كثيرة بالمنطقة الى تفجير وقتل وخطف على الهوية، فلسنا اكثر ذكاء وحكمة وفطنة من اخوتنا في العراق ولبنان والجزائر وغيرها.

ومثير الفتنة هذه المرة مثله مثل من ذهب من متطرفينا ومتشددينا الى تورابورا والشيشان وكوسوفو وجزيرة فيلكا ومكة فهم جميعا ابناء المدارس والمعاهد والمناهج وتربية المجتمع الكويتي وثقافته العامة التي يفترض ان يكون المسار الديموقراطي القائم بها منذ نصف قرن حتى الآن قد شذب وهذب تصرفات من يعيش فيه وعلّمه أن حل المشكلات لا يتم بالتشدد والتطرف والفزعة الجاهلية والتفجير وحمل السلاح بل بالحوار الهادئ والعقلاني الذي هو اهم سمات المجتمعات الديموقراطية، ومن دونه لا ديموقراطية في مجتمع مهما ادعى حواريوه ومفكروه.

أليس مستغربا اننا لم نسمع بمقاتلين او متطرفين اندونيسيين وماليزيين في تورابورا والشيشان وكوسوفو وغيرها، بينما نسمع في الوقت ذاته بمتشددين ومتطرفين كويتيين من سنة وشيعة في كل إشكال يحدث في العالم رغم ان اعدادنا لا تزيد عن مليون نسمة اي اننا لا نقدم ولا نؤخر في حل الاشكالات السياسية العالمية القائمة، وما يفترض من تشربنا لمفاهيم التسامح والتعقل؟!

في الخلاصة ان ما حدث سيتكرر فأعواد الثقاب كثيرة وستبقى النار تحت الرماد ما لم نبدأ بتحويل الديموقراطية من لباس خارجي لامع لا علاقة له بالجسد الى مفاهيم تستقر في العقول والافئدة وتقبل بها النفوس فتحيلنا من مفهوم دولة البحيرة النفطية القابلة للاشتعال في اي لحظة الى مفهوم بحيرة المياه العذبة التي لا تؤثر فيها اعواد الثقاب المشتعلة مهما كثرت.

آخر محطة:

ان كان لإسقاط الجنسية عمن يثير الفتنة فائدة فهي ردعه لمن ينوي مستقبلا السير في طريق اثارة روح البغض والكراهية وتدمير المجتمع، فليس كل من ينوي القيام بذلك يحمل جنسية اخرى حتى يقيد الاسقاط بذلك الامر، والأحكام في كل مكان وزمان يقصد منها الردع ومنع الضرر قبل اي شيء آخر.

 

سامي النصف

كلكم منتصرون والخاسر الوطن!

ما يحدث في الكويت هذه الايام كردّ فعل على ما قاله عود الثقاب القابع في لندن، يصب تماما في مصلحة المخططين لانزلاق البلد الى فوضى عارمة لا تبقى ولا تذر ومن ثم تحويلنا الى ساحة صراع دموية اخرى للقوى الدولية والاقليمية كما حدث سابقا في لبنان والعراق وفلسطين واليمن والصومال وغيرها.

وقد وجد المغرضون ممن تعرت مواقفهم السياسية وباتوا على شفا السقوط في الانتخابات النيابية القادمة، الفرصة سانحة ليزايدوا على بعضهم البعض ويستقطبوا السذج والخدج كي يعود لهم صولجانهم المفقود وباتوا يتسابقون على رفع رايات الانتصار فوق خنادق المغرر بهم من اتباعهم في خنادقهم المتضادة على حساب هزيمة راية الكويت الواحدة ونحر الوحدة الوطنية فيها.

ان نصرة ام المؤمنين رضي الله عنها، تتأتى بمقارعة الحجة بالحجة والكلام بالكلام والفطنة والحذر من السير في خدمة المخططات الشريرة التي تحيط بالوطن، ولا شك ان السيدة عائشة رضي الله عنها يغضبها التناحر القائم بين المسلمين بدعوى نصرتها ويسعدها في المقابل ايقاف العند والجنون القائم الذي لا يستفيد منه الا اعداء الامة الاسلامية، ولن نقبل بمن يرفع راية الدفاع عن السيدة عائشة – رضي الله عنها – في الفتنة الحاضرة، كما رُفع قميص عثمان – رضي الله عنه – في الفتنة الكبرى الماضية.

ان من يريد ان يحولنا بجهل فاضح الى بلد فوضى ومركز للحريات غير المسؤولة، نذكره بأنه حتى اكثر الدول ديموقراطية وحرية في العالم لا تسمح بمظاهرة او تجمع خطابي الا بترخيص مسبق من السلطات، وما ان تسوء الامور حتى تعلن على الفور حالة الطوارئ ويفرض منع التجول دون ان يتبجح احد بأن في ذلك خرقا للدستور الذي كم من جرائم ترتكب باسمه في بلدنا!

في الخلاصة، ان ما يحدث هو احدى النتائج المباشرة لغياب المشروع الوطني الذي يلتف حوله الجميع، واستبداله بمشروع تعظيم وتبجيل الماديات والتكسب المالي الذاتي الذي لم يعد يخجل منه احد، لقد اعلنت السلطة الشرعية القائمة منع التجمعات والتجمعات المضادة، والواجب ان يلتزم الجميع بتلك الاوامر التي تخدم الصالح العام والتي يعني التهاون في تطبيقها، الفوضى وسفك الدماء.

آخر محطة:

 1 – هناك من يريد تفتيت البلد عبر تقييد يد الدولة في استخدام القوى الامنية المختلفة ممثلة بالجيش والشرطة والحرس الوطني لتوطيد الأمن تكرارا لما حدث في لبنان عام 75 عندما ضغط على رئيس الحكومة آنذاك رشيد الصلح لعدم استخدام الجيش والقوى الامنية لمنع الفتنة فاشتعلت النيران وبقيت الفوضى العارمة لمدة 17 عاما اكلت الاخضر واليابس، فالحكمة الحكمة والهيبة الهيبة.

2 – ضمن التشريع البريطاني يوجد قانون اسمه Racial and Religious Hatred Act 2006 يحرم ويجرم دعاوى الكراهية الدينية والعرقية، ويمكن للجماعات الاسلامية او سفارتنا في بريطانيا ـ كما ذكرنا في مقال الامس ـ استخدامه في المحاكم لمنع ياسر الحبيب من تكرار دعاواه حتى لا تتكرر معها قضية الفتنة الخطرة التي ينوي اشعالها في بلدنا بين حين وآخر.