سامي النصف

لجنة حكماء ولجنة تاريخ ولجان مؤقتة

لو حسب كم الخلاف لدى الكويتيين كنسبة لعدد السكان لحزنا، ولا فخر، المركز الأول بين الأمم وبفارق كبير عمن سيحتل المركز الثاني فلا تجد عائلة كويتية كبرت أو صغرت أو مقر عمل كبر أو صغر إلا والخلاف على أشده بين مكوناته وأفراده، والغريب أن جميع تلك الخلافات تقوم على (لا شيء) بل في كثير من الأحيان يتوارثها المتقدمون دون أن يعرفوا على أي شيء اختلف الأولون!

الخلاف الذي قام بين أسرتين كريمتين هما المالك والسعيد كان يفترض أن يحتويه حكماء وعقلاء الديرة عبر لجان إصلاح ذات البين كما كنا قد اقترحنا سابقا، ولاشك أن الكويت مليئة برجال الحكمة من مختلف المشارب وألوان الطيف الاجتماعي ممن يستطيعون أن يفرغوا ألغام الخلافات السياسية والاجتماعية الكويتية من موادها المتفجرة وأن يرجعوا الأمور لطبيعتها لذا نرجو أن نسمع في القريب العاجل عن تشكيل مثل تلك اللجنة أو اللجان التي لا غنى لشعبنا عنها كي لا ندخل التاريخ على أننا «بيزنطة» أخرى يملأها الخلاف والشقاق، والأخطار الماحقة تحيط بها.

الكويت بلد لم يعرف عنه في تاريخه الطويل إلا عمل الخير تجاه شعبه في الداخل وجيرانه القريبين والبعيدين في الخارج لذا لا يوجد في تاريخنا أي أمر مشين يجعلنا نرتجف خوفا من تدوينه وتسجيله فعندما طالب بنا قاسم وبعده صدام لم يفدنا آنذاك إلا الوثائق والحقائق المدونة والمكتوبة للرد عليهما فما هو مكتوب يحسب لنا وما لم ندونه يحسب علينا.

وقد طالبنا ومازلنا بلجان تدون تاريخنا الناصع ومن ضمنه مؤتمر جدة قبل الغزو وقد أخبرني السيد بدر الرفاعي في سفرتنا الأخيرة أن الشيخ سعد العبدالله اجتمع بالكويتيين في لندن وشرح لهم تفاصيل مؤتمر جدة الذي يوضح بشكل لا لبس فيه أن الكويت هي من حاولت حل الاشكال وأن الجانب الصدامي هو من حضر اللقاء وهو يعتزم تخريبه، فما الذي نخشاه من تدوين تلك الشهادات التي سينتهي أجل أصحابها طال الزمن أو قصر في كتاب يحفظ حقنا عبر الأزمان كي لا يفتح الباب لاحقا للكذب والبهتان والعدوان من جديد؟!

وقد وصلتني الرسالة التالية من الشيخ المصري الفاضل محمد شمس الدين عبدالحافظ مدير المعهد الديني بالكويت سابقا، ومن ضمنها «كنت مديرا للمعهد الديني وقد رغب الشيخ عبدالله الجابر في دعوة أساتذة المعهد وخريجيه الكويتيين إلى طعام غداء بقصره العامر في بنيد القار وكان بين الحضور د.يعقوب الغنيم والأستاذ عبدالله المفرج والأستاذ أحمد الجاسر (جميعهم وزراء سابقون) والأستاذ عبدالرحمن الخضري وكيل وزارة التربية الأسبق وجمع يزيد على 50 شخصا ومما ذكره الشيخ عبدالله الجابر في ذلك اللقاء أن خلافا كان قائما بين فريقين من أعضاء قيادة الثورة المصرية جعلهم يعرضون عليه أن يصبح ملكا على مصر والسودان، لذا فما ذكرته في مقالك صحيح مائة في المائة أما حقيقة النوايا عند رجال الثورة فعلمها عند الله» انتهى الخطاب. لقد ثبتنا تلك الحقيقة التاريخية «المفخرة» والمنسية بالشهود والوثائق والصور وانتهى دورنا ليبدأ دور لجنة تاريخ الكويت فيما لو تم تأسيسها.

آخر محطة:

من غرائب لعبتنا الديموقراطية أن اللجان المؤقتة أضحت أكثر ديمومة من اللجان الدائمة (!) كما أصبح وجودها يتسبب في عدم اكتمال نصاب اللجان الدائمة مما يجعل من تواجد النواب والمسؤولين فيها مستحيلا لكثرتها وهو ما يؤثر سلبا على العمل في اللجان الدائمة التي تعتبر مطابخ المجلس التي تدرس وتعد بها التشريعات المختلفة، الحل هو في إلغاء تلك اللجان المؤقتة وتقليص عددها لأقصى حد.

سامي النصف

البوسنة جسر فوق ماء

البوسنة هي ببساطة جمال أخاذ باهر وماض دموي جائر، فلا تستطيع الكلمات إعطاءها حقها من الجمال حتى انها حصدت كثيرا من الجوائز الدولية كأجمل بلدان العالم قاطبة، وأذكر ان مرافقنا البوسني إبان زيارتنا لمناطقهم الجبلية التي تشتهر برياضة التزلج على الجليد، اشتكى مر الشكوى من انهم اعتبروا هذا العام ثالث أجمل بلد في العالم وليس الأول كالعادة، ولم يعرف ان حتى تلك المرتبة «المتأخرة» يفترض ان تجعلهم من أكثر دول العالم استقطابا للسائحين والمستثمرين.

وقد اجتمع الأخ عبدالعزيز البابطين لثلاث ساعات مع رئيس جمهورية البوسنة لحثه على ان تبذل حكومته مزيدا من الجهد لتسويق بلده الجميل واستقطاب السائحين والمستثمرين العرب والخليجيين حيث مازالت الأرض بكرا وبعيدة كل البعد عن الصورة النمطية الراسخة في الأذهان عن سراييفو والبوسنة والتي تصورهما على انهما مدينتان مدمرتان وارض محروقة.

فما رأيناه إبان تجوالنا هناك هو مدن حديثة راقية شبيهة بالمدن الأوروبية الأخرى، ما يفرقها عنها انها مليئة بالمساجد التاريخية والحديثة التي يرفع فيها الأذان مما يجعلها مناسبة جدا لقضاء شهر رمضان بها، وقد ذكر رجل الأعمال جواد بوخمسين انه سيقترح على شركة طيران «الوطنية» ان تتوقف في طريقها لـ«فيينا» بـ «سراييفو» وهو ما سيجعل ذلك الخط الأكثر نجاحا واستخداما من قبل السائحين والمستثمرين الكويتيين والخليجيين كونه يربط بين أول وثالث أكثر الدول جمالا في العالم.

ولا يمكن الحديث عن البوسنة دون الحديث عن تاريخها الدموي المؤسف الذي جعلها دائما ضحية لمعارك جيرانها الصرب والكروات ومحاولاتهم الدائمة لإزاحة شعب البوشناق عن اراضيه، ففي بداية القرن الماضي تم تهجير ما يقارب 4 ملايين بوسني لتركيا حتى كادت تخلى أرض البوسنة من المسلمين، وخلال حرب 9(2)95 كان 90% من قتلى (200 الف قتيل بوسني) ومهجري (2.2 مليون مهجر بوسني) تلك الحرب من البوشناق ولولا تدخل قوات الناتو بقيادة الولايات المتحدة بعد مذبحة «سربرنيتشا» الشهيرة لما بقي احد منهم خاصة بعد اتفاقية «كارادورديفو» بين الرئيس الكرواتي كودجمان والصربي ميلوسيفتش» لاقتسام أرض البوسنة وكأنها أرض دون سكان.

وقد شهدت تلك الحرب الأهلية فظائع عدة بحق البشرية والتراث الإنساني، فقد قام الصرب في 17/5/1992 بقصف معهد الاستشراق في قلب سراييفو مما تسبب في حرق وتدمير 5263 وثيقة تاريخية يعود البعض منها لأكثر من ألف عام، كما قام الكروات في 8/11/1993 بتدمير جسر مدينة «موستار» التاريخي فسقط في النهر أمام كاميرات المراسلين العالميين فأصبح رمزا لفظاعة تلك الحرب وقد زرته مع الزميلين صلاح الهاشم وصالح الغنام بعد ترميمه وقد بهرنا بجمال مدينة «موستار» التي تبعد ساعتين بالسيارة جنوب سراييفو، لقد أصبحت البوسنة هذه الأيام بسبب تسامح وطيبة أهلها جسرا فاعلا يربط بين الثقافات والديانات المختلفة وهي تستعد لدخول الاتحاد الأوروبي والوقت مناسب جدا للسياحة والاستثمار فيها قبل ان ترتفع الأسعار كنتيجة طبيعية لذلك الدخول.

آخر محطة:

 (1) عدد سكان البوسنة 4.5 ملايين منهم 55% من المسلمين و30% من الكروات و15% من الصرب وتبلغ مساحتها 51 ألف كم2.

(2) أصدر في عام 1463 محمد الفاتح وهو في طريقه الى فتح فيينا وثيقة لرجال الدين في البوسنة من مسيحيين ويهود يقال انها أول مخطوط متقدم في حقوق الإنسان وقد أبدى الرئيس أوباما إعجابه الشديد بذلك المخطوط وتساءل لماذا لا يعلن عنه بشكل واسع؟

(3) زرنا في سراييفو الجسر الذي قتل فوقه الصربي المتطرف جافريلو برنسب عضو عصابة الكف الأسود المتشددة وولي عهد النمسا الأرشيدوق فرازفرديناد وزوجته صوفي مما تسبب في نشوب الحرب العالمية الأولى وياله من جسر ويالها من مدينة جميلة!

سامي النصف

ما تفرقه السياسة يجمعه عبدالعزيز

استضافت عاصمة الجمال والنضال سراييفو في الفترة ما بين 19 و21 الجاري الدورة الثانية عشرة لمؤسسة عبدالعزيز البابطين للابداع الشعري، والتي اطلق عليها مسمى «دورة خليل مطران والبوسني محمد علي دزدار»، وحضر الحفل ما يقارب 500 ضيف من مختلف انحاء العالم يمثلون تنوعا رائعا للاديان والاعراق والمذاهب والتوجهات السياسية مما اعطى دلالة اكيدة على ان ما تفرقه السياسة يجمعه الاخ عبدالعزيز البابطين في جهد مميز لا تقدر عليه عادة الا الدول.

وقد افتتح رئيس مجلس الامناء عبدالعزيز البابطين الحفل الحاشد الذي حضره رؤساء ووزراء ونواب وسفراء ومستشارون وزعامات دينية وقيادات سياسية ومفكرون وادباء وشعراء واعلاميون، مبشرا بان المؤسسة ستبدأ من هذا العام في عقد دورات سنوية بدلا من كل عامين، كما كان يحدث في الماضي، على ان تكون احداها في الوطن العربي والاخرى خارجه (سبق ان عقدت دورات مماثلة في الكويت وباريس وقرطبة والقاهرة وفاس وبيروت والمنامة وابوظبي والجزائر).

وقد القى راعي الحفل رئيس البوسنة وصديق الكويت د.حارث سيلاجيتش كلمة بالبوسنية والعربية اكد فيها اهمية مثل هذه اللقاءات التي تعزز الروابط بين الشعوب وتمنع الحروب، وقد تلاها خطاب لسمو الشيخ ناصر المحمد القاه نيابة عنه المستشار راشد الحماد، ثم كلمة لامين عام الجامعة العربية السيد عمرو موسى تلتها كلمة السيد عمار الحكيم وكلمة ممثل قداسة البابا بنديكتوس السادس عشر، ثم ممثل شيخ الجامع الازهر، وختم حفل الافتتاح بتكريم شخصية الدورة الحالية صاحب السمو الملكي الامير تشالز ولي عهد المملكة المتحدة.

وقد فازت الشاعرة العراقية لميعة عباس بجائزة الابداع الشعري وقدرها 50 الف دولار والدكتور المصري صلاح رزق بجائزة الابداع في نقد الشعر والشاعر المصري احمد حسن بجائزة افضل ديوان والشاعر العراقي فارس حرّام بأفضل قصيدة، وقد سبق للشعراء محمد الفايز وسعاد الصباح وابراهيم العريضي ونازك الملائكة وسميح القاسم وهارون هاشم رشيد وسليمان العيسى وفدوى طوقان، الفوز بالجوائز التكريمية للابداع الشعري.

وقد شهدت ايام الدورة محاضرات ولقاءات حول حوار الحضارات شارك فيها العديد من المفكرين العرب والاجانب، تلاها عدة جلسات للمكونات الثقافية للشاعر البوسني محمد علي دزدار، كما اعلن عن صدور ديوان شاعر القطرين خليل مطران في 5 اجزاء و2700 صفحة للمرة الاولى في تاريخ الادب العربي، وازدانت ليالي المهرجان بالطرب الاصيل للفنانة اللبنانية غادة شبير التي غنت قصائد للشاعر عبدالعزيز البابطين ولأم كلثوم ولفيروز، وختم المهرجان بحفل للفلكلور الشعبي البوسني سحر الحضور.. في الغد حديث عن احد اجمل أصقاع الدنيا ونعني البوسنة ومدنها التاريخية وطبيعتها الساحرة.

آخر محطة:

الشكر الجزيل للقائمين والمنظمين للتجمع العالمي الذي تم في سراييفو وللجنود المجهولين وعلى رأسهم الصديق العزيز عبدالكريم البابطين والاخ عبدالعزيز السريع، فلم يكن الامر سهلا على الاطلاق في ظل وجود ما يقارب 200 شخصية رفيعة المستوى وقضايا الامن والبروتوكول المرتبطة بهم، اضافة الى تلبية طلبات المئات الآخرين من مفكرين واعلاميين وادباء وشعراء، والشكر موصول كذلك للاخ عبدالرحمن خالد البابطين والفريق الرائع الذي معه ممن جعلوا اقامة الوفود مريحة الى اقصى حد وخالية من المشاكل والمنغصات.

 

سامي النصف

البر الأصفر والبحر الأبيض

توصي دراسات الامم المتحدة بأن تنتج الدول 85% من حاجياتها الغذائية كي لا تؤثر فيها تقلبات الاسواق وتداعيات الحروب ومنع الدول الاخرى لتصدير منتجاتها الزراعية (كمنع روسيا هذه الايام لتصدير القمح)، وما يقال عن تعمد بعض الدول رمي فائض منتجاتها الزراعية في البحر كي لا ينخفض سعرها في الاسواق.

وما حدث قبل ايام أثبت وجود إشكال حقيقي فيما يخص الامن الغذائي من خضار ولحوم واسماك ودواجن وألبان، وقد تحدثنا بهذا الخصوص مع بعض المزارعين، وكانت ملاحظاتهم ان الدولة لا تكتفي بعدم مراقبة من حصلوا على اراضي المزارع والجواخير في بلد متشدد في منح الاراضي العامة ـ للمصانع والمخازن وانشاء محطات الكهرباء والاسواق.. الخ ـ للتأكد من انهم يقومون بما منحوا الارض لاجله، اي توفير الامن الغذائي، بل تدفع الاجراءات المتبعة المزارع المنتج الى التحول للزراعة الترفيهية وتحويل مزرعته الى شاليه وحمام سباحة للاهل والاصدقاء بعيدا عن الزراعة ومشاكلها.

ومما قالوه انه يفرض عليهم طرح منتجاتهم في سوق واحدة يحركها الآسيويون ممن ينصرفون احيانا عن الشراء حتى يصبح صندوق الطماط أو الخيار بعشر فلوس امام سمع وبصر الحكومة، ويتساءلون كيف يستمر المزارع في عمله المنتج اذا كان هذا ما سينتهي إليه منتجه؟ ويقوم هؤلاء الوسطاء الآسيويون بتخزين المنتج في الثلاجات ثم رفع سعره الى عدة دنانير للجمعيات وللمستهلك، هذا اضافة الى سياسة الاغراق التي تتبعها بعض الدول لضرب المنتج الكويتي واخراجه من السوق، ويتساءل المزارعون: لماذا لا يسمح لهم بالبيع المباشر للجمعيات والاسواق كوسيلة لمنع الاحتكار وتشجيع المنافسة؟!

ويضيفون: لماذا لا يتم شراء المنتج من باب المزرعة لخفض الكلفة وللتفريق بين المزارع المنتجة والمزارع الزائفة التي تشتري منتجات مستوردة وتفرغها في كراتين محلية طمعا في حصد الدعم؟ ولماذا يتأخر تعويض المزارعين عند حدوث الصقيع لعام او عامين مما يشكل ضررا فادحا بهم ودفعهم للزراعة الترفيهية؟ ويفرض الامن الغذائي على الدولة انشاء مزارع خاصة بالتصدير للكويت في الدول الاخرى التي يسمح مناخها بمحاصيل لا تتوافر في بلدنا كالارز والقمح وغيرهما!

التشدد على المزارع يجب ان يمتد للجواخير التي يفترض ان تزودنا باللحوم المحلية توازيا مع دعم وتشجيع شركة المواشي الكويتية التي تعاني من حرب لا هوادة فيها رغم انها الشركة الرائدة في الخليج والتي يراد الإضرار بها كحال الإضرار بمؤسسات الدولة الاخرى التي دمرت بالكامل او شارفت على الدمار.

وهناك ضرورة ماسة للحفاظ على الثروة البحرية عبر منع الصيد الجائر للاسماك وتشديد العقوبات على مدمري الشعاب المرجانية والمحار والشرايب (سرطعون البحر)، حيث ان الحياة البحرية هي دورة كاملة واي قضاء على جزء منها هو قضاء عليها، كما يجب اعادة الحياة الى الصحراء الكويتية التي اصبحت فريدة من نوعها من حيث الاصفرار التام فلا زرع صحراويا ولا طيور ولا مخلوقات برية مثل الضب والجربوع والثعلب والذئب والطيور المختلفة والزهور البرية والفقع كحال الدول المجاورة، اننا بحاجة لمنع صيد البحر والتخييم في الصحراء الكويتية لعدة سنوات حتى يرجع للبر والبحر رونقهما الذي قتلناه، لا لحاجة ضرورية بل للعب واللهو.

آخر محطة:

الحل الامثل للقطاعين الانتاجي والترفيهي في الكويت هو خلق شركات زراعية منتجة كبرى تعطى لها الاراضي الشاسعة في الوفرة والعبدلي كي توفر المنتجات الزراعية واللحوم والالبان للاستهلاك المحلي والتصدير كالحال في السعودية، اما على الجانب الترفيهي فيجب إنشاء القرى السياحية على الشواطئ وبالقرب من المزارع كالحال في مصر، حيث تنعدم او تقل الملكيات الفردية التي تبقي الاراضي الشاسعة مغلقة اغلب العام امام العامة ودون حتى استخدام من قبل مدعي ملكيتها.

سامي النصف

طالب حامل سيفه

في البدء، الترحيب الحار بزيارة الرئيس الأميركي جورج بوش الذي له ولعائلته الكريمة في أعناق الكويتيين أكثر من دين، فقد ساهم والده الرئيس جورج بوش الأب وطاقمه في تحرير الكويت بأقل الخسائر، كما ساهم هو وطاقمه في إسقاط الخطر الداهم علينا وعلى المنطقة المتمثل في وجود الطاغية صدام حسين وامتداده بولديه، وحزبه الفاشي، فحللت اهلا ورحلت سهلا من بلدك الثاني الكويت الذي لا ينسى الجميل ابدا.

لو ظهرت صورة الطالب الذي يرفع سيفه ـ لا قلمه او كتابه ـ في الحرم الجامعي في أي بلد آخر لانقلبت الدنيا رأسا على عقب، ولبدأت دراسات وحوارات حول ظاهرة العنف المتزايد لدى النشء الجديد، في ايام الجهل والأمية لم يكن العراك يزيد على ضربة كف او دفعة «عجرة» او رمي حجرة.. فمن اين اتت ثقافة استخدام السيوف والخناجر؟!

هل يتذكر احد صياح ومزايدات بعض نوابنا الأفاضل وتهديدهم وزيرة التربية بإغلاق المدارس بسبب إنفلونزا الخنازير ووقوفنا آنذاك ضد ذلك المقترح المجنون الذي لو تم لكنا اضحوكة الأمم حيث لم يعطل بلد آخر مدارسه بسبب ذلك الفيروس «الفشنك»، ذلك المقترح غير المسؤول كان يعني ضياع سنة دراسية كاملة من أعمار طلبة الكويت وخسائر بمئات الملايين دون مردود حيث سيرجع من استقدمناهم من مدرسين لبلدانهم وهذا حقهم مع تسلم رواتبهم كاملة دون عمل، أليس مستغربا ألا نرى اعتذارا ولا اعترافا بالخطأ ولا حتى حمرة خجل على خدود من طالبوا بذلك المقترح المدمر؟!

قرأت قبل أيام دراسة لدكتور في كلية الحقوق حول إشكالية عدم وجود مدير للجامعة في الوقت الحالي، وهو امر اشرنا لسلبيته في مقالات سابقة، وفحوى دراسة الدكتور قام بتوضيحها دكتور حقوقي آخر، وليس هنا مجال الحديث عنها، ما استغربته في الدراسة المنشورة ان احدى توصياتها هي أن يصدر مجلس الوزراء قرارا بتعطيل العمل في جامعة الكويت (من تاني) بسبب عدم وجود المدير ومن ثم يضيع بالتبعية مستقبل آلاف الطلبة بسبب قضية إدارية لا شأن لهم بها، حسب تلك الفتوى القانونية ـ اي تعطيل عمل الإدارة او الوزارة حال انقضاء ولاية المسؤول ـ يعني ان ينام البلد في الشارع، على حد قول الشاهد عادل إمام، نظرا لوجود العشرات من المديرين ووكلاء الوزارات منتهية ولايتهم في الوقت الحاضر، وفي هذا السياق نذكّر الفاضلة وزيرة التربية بأن مدير عام «التطبيقي» الكفء والخلوق د.يعقوب الرفاعي تنتهي ولايته في اقل من شهرين، والواجب انسانيا ان يخبر منذ الآن بالتجديد له من عدمه كي يرتب اوضاعه، واشكالية مدير الجامعة لا تحتاج الى تكرار.

آخر محطة:

(1) لا نجد في أرقى الدول والجامعات المتقدمة هذا الاهتمام بانتخابات اتحاد الطلبة ولا هذه الحدة، كما لا يفخر الحزب الجمهوري او الديموقراطي الاميركي بأنه تدخل في الانتخابات الطلابية وتسبب في فوز اللائحة التي تمثله، كما لا يدخل هناك الطلبة المنضوون تحت هذا التوجه او ذاك الحرم الجامعي حاملين سيوفهم او راكبين احصنتهم، ومسدساتهم بأيديهم لمحاربة القوائم الأخرى، اتركوا طلبتنا يتفرغون لدراستهم ويتنافسون لحصد قصب التفوق بها بدلا من الفرح الكاذب بفوز هذه القائمة او تلك.

(2) ومادمنا في هموم الشباب، يتابع الشاب الانجليزي او الاسباني مرة في الاسبوع ولمدة ساعة ونصف الساعة مباراة الفريق الذي يشجعه ثم ينصرف لتطوير نفسه جل وقته، سؤالنا: ما الفائدة التي يجنيها الشباب الكويتيون من قضاء اغلب اوقاتهم في متابعة مباريات دوريات الدول الاوروبية او الاميركية؟! وما هو الكم المعرفي الذي سيجنونه بعد عقد او عقدين من الزمن من تلك المتابعة؟! وكيف سيساعدهم ذلك على مواجهة الحياة بعد زوال دولة الرفاه المرتقب؟! شبابنا يزداد متابعة للمباريات وخصورهم تزداد اتساعا من قلة الحركة.

سامي النصف

التخاطب بالصياح والبحث عن الحقيقة

ضمن المجتمع الديموقراطي المثالي الذي نطمح إليه أنه لا ضرر من التباين في الآراء بل هو أمر واجب حتى لا يسود الرأي الواحد في المجتمع، ما ليس مقبولا هو ان يتحول التباين إلى صراخ يصم الآذان ويمنع العقل من التفكير السليم، أو في المقابل البعد عن الحقيقة كوسيلة لكسب القضايا وتأجيج المشاعر وهو انتصار لو تم، فالهزيمة أفضل منه.

تتكرر بين حين وآخر دعاوى ان مجلس 38 طالب بالانضمام للعراق، ويستشهد البعض بكتاب المرحوم خالد العدساني «نصف عام من العمل النيابي»، وقد قلنا في السابق ان هذا القول ينافي الحقيقة حيث لم يأت في مذكرات العدساني كما ان فيه صك تبرئة لصدام في غزوه للكويت، إضافة إلى انه يحرث الأرض لمطالب ضم قادمة مادمنا نقر بتلك الدعاوى المضللة، نشر الزميل والباحث باسم اللوغاني في عدد «الجريدة» الصادر أمس رسائل المقيم البريطاني في الكويت لوزير خارجيته والتي تنفي مطالبة المجلس التشريعي بالانضمام للعراق، لذا نرجو ان نتوقف عن جدع انفنا للإضرار بزوجنا فذلك غباء مطلق.

صرح عدة نواب أفاضل بأن هناك فرعيات جرت قبل ايام في انتخابات مكتب الأمانة العامة لأحد التجمعات السياسية، ويعلم هؤلاء النواب المختصون ان «الفرعيات» أو «التشاوريات» الممنوعة هي الانتخابات التي تجري قبل الانتخابات العامة وتقوم على معطى «فئوي» أو «طائفي»، وواضح ان الانتخابات أو التزكية المشار إليها في تصريحاتهم لم تجر كتصفيات لانتخابات مجلس الأمة ولم تقم على معطى طائفي أو فئوي بدلالة ان من تم اختيارهم يمثلون كل شرائح الطيف الكويتي من قبائل وحضر وسنة وشيعة، مرة أخرى القانون لا يمنع التصفيات السياسية المعمول بها في جميع الديموقراطيات الأخرى بل يمنع الفرعيات التي تقوم على المعطى الطائفي او الفئوي التي تضرب الوحدة الوطنية والتي لا يسمح بمثلها في دول العالم الأخرى.

وأمر مستغرب ان يكتب من يدعي المظلومية، مقالا مليئاً بالظلم يتهم فيه عشرات الشخصيات الكويتية المجتمعة في احدى الديوانيات بدعم محمد جويهل، وانهم من وقف خلف الحملة على تأبين عماد مغنية، هل هناك دليل واحد لا اكثر على تلك الاتهامات التي لم يقل بها احد من قبل؟! وهل يمكن بعد ذلك تصديق الدعاوى التي يطلقها صاحبها عندما يتهم الآخرين بتهم زائفة أخرى تقودهم للشكوى عليه في المحاكم دفاعا عن أنفسهم؟!

زميل عزيز يملك المعرفة والحكمة كتب بالأمس ان هناك من يسيء لعائلات الزلزلة وعاشور وجوهر، لذا نعلن اننا اول الشاهرين أقلامهم للدفاع عن تلك العائلة الكويتية الكريمة اذا ما ثبتت التهمة وان هناك من جرح أو قدح بها، وفي المقابل نرجو ان يقف الزميل معنا تجاه من باتوا يستقصدون الناس على هوياتهم وأسمائهم لا على أفعالهم، لما في ذلك من ظلم وضرب للوحدة الوطنية وخلق شقاق في المجتمع الكويتي.

سعدنا بما قاله احد النواب بحق الآباء المؤسسين للجنة الشعبية لجمع التبرعات وبثنائه المستحق عليهم كونهم كانوا السباقين لرفع اسم الكويت بالتبرعات التي كانت تجمعها اللجنة، لا نعترض على الرقابة المحاسبية على عملها وان كنا نود ان نذكر بفارق أساسي بينها وبين الجمعيات الخيرية الأخرى التي ينحصر عملها في جمع الأموال من الآخرين، أموال اللجنة الشعبية في الأغلب اذا لم نقل 90% هي من أموال القائمين عليها والذين كانت أسماؤهم تتصدر لائحة المتبرعين لذا فرقابتهم هي منهم على أموال هي في الأغلب من تبرعاتهم.

آخر محطة:

ذكرنا في مقال سابق ان عام 2010 هو عام شؤم على الليبراليين وأصحاب الفكر التنويري بعد رحيل العابدي والبغدادي وابوزيد والقصيبي وقلنا مازال في العام بقية، هذه الأيام فقدنا الزميل الليبرالي محمد مساعد الصالح ثم فقدنا بعده الميت الحي طارق حجي المفكر المصري الذي أثنى عليه الزميل أحمد الصراف فوصله ووصل زملاء واصدقاء آخرين منه سباب وشتائم أخرى غير مبررة، رحم الله (المفكر السابق) طارق حجي، وما زال في العام بقية!

سامي النصف

ديموقراطية الفوضى وكرة النار المنتظرة

قام النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر المبارك ووزير الداخلية الشيخ جابر الخالد بأخذ الأمور بالحزم وأطفأوا لهيب فتنة كادت ان تشتعل وتخلف بعدها خرابا ودمارا، وبدلا من التقدير الواجب لما حدث رأينا اختلاق معركة حول مفردة «الرمز» التي شبع من انتقدوا الوزير الروضان من اطلاقها على الذي «يسوى واللي ما يسوى»!

بعد نصف قرن من الديموقراطية والحرية يفترض بممارستنا السياسية ان تصبح المنار والإشعاع الحضاري الذي تهتدي به الشعوب الأخرى، لكن واقعنا يثبت كل يوم اننا مازلنا أقرب لأطفال صغار غير مسؤولين في روضة التجربة الديموقراطية، وإلا فما هو تفسير عمليات الفوضى والعصيان والإضرابات المضحكة القائمة في ظل وجود مجلس الأمة والحريات الإعلامية الوافرة؟!

وشاهدت قبل أيام لقاء الإعلامية الأميركية أوبرا وينفري مع مستشار مختص في قضايا التعليم ذكر خلاله ان ادارة أوباما تدرس اضافة ساعة يوميا للدوام المدرسي الذي يمتد هناك من التاسعة صباحا حتى الخامسة مساء، تختص بتأهيل الطلبة الأميركان وفق حاجيات السوق حيث تخلق كل عام 3 ملايين فرصة عمل لا يستطيع ملايين الشباب الأميركيين العاطلين ملأها لعدم تأهلهم مما يضطر الولايات المتحدة لاستقبال ملايين المهاجرين كل عام للعمل في تلك الشواغر، فكرة يجب ان تطبق في الكويت رضي المضربون من المعلمين أو لم يرضوا، فمستقبل الكويت مرتبط بتأهيل شبابها، ومما قاله ذلك المستشار الأميركي انهم سيبدأون بالتخلص من المعلمين غير المؤهلين.

حضرت قبل أيام تكريم الأخت الفاضلة نجلاء النقي «للسفراء» عبدالعزيز البابطين، وقد تضمن الحفل السيرة العطرة لأبي سعود الذي بدلا من ان يقدّر البعض أعماله وصنائعه وآخرها مشروعه الضخم لتعريب جمهورية جزر القمر بدعم من أخيه الفاضل عبدالكريم البابطين، وجدنا هجوما غير مبرر ممن تنحصر أعمالهم في الإساءة لسمعة الكويت في كل المحافل وكأن ملخص أعمالهم هو العداء والبغضاء لكل من يرفع شأن الكويت والعرب والإسلام بين الأمم، فمن يقف حقا خلف هؤلاء؟!

هذا العام ولأعوام عديدة مقبلة سيحل علينا شهر رمضان المبارك في الصيف، وقد أصبح الملجأ الوحيد للتسوق والتريض هو الأسواق المغطاة التي أقيمت تحت مظلة قانون الـ «B.O.T» السابق الذي تم قتله ووأده، وبدلا من تقديم الشكر لمن استثمر أمواله في بلده وأقام لنا مثل تلك الأسواق الرائعة يتم الهجوم المتواصل عليهم والادعاء المضحك بأن في تحويلهم الأراضي الجرداء الى مشاريع مثمرة ـ يستفيد منها المواطن والمقيم والزائر والسائح ـ تجاوزا على المال العام! لا نعلم ان كان ما يحدث هو قمة في الغباء والغفلة أم مخطط مدروس لخلق فوضى سياسية ودمار اقتصادي كي لا تنهض الكويت قط!

آخر محطة

(1): كلمة للعصاة والمضربين والمغرر بهم، ان عدم تجاوب الشعب الكويتي مع دعواتكم للفوضى خير دليل على انكشاف المخططات وصدق الشاعر القائل: «..وإن الحرب أولها كلام فإن لم يطفئها عقلاء قوم تكن حربا مشمرة يشيب لها الغلام».

(2): كرة النار التي أحرقت لبنان ثم انتقلت الى غزة ثم اليمن وقبل ذلك الصومال وبعد ذلك السودان باتت تدق أبواب الكويت بعنف، فهل سنمنع دخولها بالحكمة والحزم والوحدة الوطنية أم سندعوها للدخول عبر طيشنا وغفلتنا وتخندقنا وتشرذمنا؟!

(3): نرجو خلق مستودعات عاقلة حكيمة وذكية تدعم القرار الحكومي وتضمن سلامته عند وقوع الأزمات (وما أكثرها) فخطأ واحد في التعامل، كحال وضع السيف موضع الندى أو وضع الندى موضع السيف، قد يؤدي الى ما لا تحمد عقباه.

سامي النصف

مشاهد من «مشهد»

الديبلوماسية الشعبية هي احدى الوسائل الفاعلة للتقريب بين الشعوب والدول، وعليه غادر يوم الخميس الماضي وفد إعلامي شعبي كويتي كبير لزيارة مدينة مشهد الإيرانية، وقد ذكر محافظ ولاية خراسان د.محمود اصلاحي اثناء استقباله لنا انه أكبر وفد عربي يزور الولاية في تاريخها.

وصلنا الى مطار هاشمي نجاد الدولي في «مشهد» التي هي مسقط رأس المرشد خامنئي، وكان اول ما استقبلنا هو الهواء البارد العليل، ثم توجهنا للفندق عبر شوارع واسعة نظيفة تظللها الأشجار ويقع الفندق مقابل الحرم المطهر للإمام الرضا والممتدة مساحته لأكثر من 8 كم2، ويقوم بخدمة زائريه الذين يقاربون الـ 25 مليونا من 128 دولة، حوالي 30 ألف عامل.

والحرم الرضوي آية في الجمال وقمة في دقة أعمال الزخرفة الإسلامية ويضم مكتبة ضخمة وما يقارب عشرة متاحف تختص بمراحل تطور كتابة القرآن، والسجاد والهدايا ولايزال الحرم الرضوي يخضع للتطوير والتوسيع الذي يتم تحت إرشاد وإشراف مكتب سماحة آية الله الواعظ الطبسي ممثل ولي الفقيه وسادن العتبة الرضوية.

ورغم ان إيران تضم اكبر عدد من الشيعة الاثنى عشرية، إلا انها لا تضم الا مرقد الإمام الثامن علي بن موسى الرضا رضي الله عنه بينما يتوزع رفات الأئمة الآخرين على العراق والسعودية، لذا أتى الاهتمام الشديد من قبل الجمهورية الإسلامية بتطوير الحرم الرضوي وخلق عدة مؤسسات تابعة له للعناية بالشؤون الثقافية والاقتصادية والأوقاف الإسلامية، وضمن أعمال الأخيرة تم إنشاء المستشفى الرضوي الحديث كي تصبح الولاية محجا للسياحة الدينية والثقافية والعلاجية والترفيهية (هناك 340 حديقة ومنتزها في مشهد).

وتضم خراسان التاريخية قبر الخليفة العباسي هارون الرشيد وقبر الإمام محمد الغزالي ومتاحف وقبور الشاعرين المعروفين أبوالقاسم الفردوسي صاحب ملحمة الشاهنامة ذات الـ 60 ألف بيت، وعمر الخيام صاحب الرباعيات، إضافة الى مدن وأماكن تاريخية وجبال ومناظر طبيعية مثل طوس ونياشبور وشانديز ورخس وسبيزوار وكاشمر وغيرها حيث تمتد مساحة الولاية لأكثر من 120كم2 وتشغل طيران «الجزيرة» عدة رحلات مباشرة لها.

ولا تخلو زيارة من الطرائف واللطائف، ومن ذلك ان زميلة إعلامية ذهبت الى الحرم الرضوي العامر لصلاة الفجر ونظرا لعظم مساحة الحرم وجمال ما فيه نسيت طريق العودة فاضطر العاملون هناك لدعوة العميد محمد السنعوسي لتسلمها كولي أمرها، الألطف ان الزميلة دعت من قلبها لخفض أسعار الطماطم والخضار لتخفيف المعاناة وكي تتوافر السلطة على موائد أهل الكويت، وهو ما تم، وقد عاتبها بعض الزملاء وقالوا: ليتك طلبتِ أمورا أعظم، الزميل العزيز بوعزيز قال لنا ابان زيارتنا لمطبعة المصحف الشريف: لقد قبضوا علينا متلبسين بطباعة مصحف فاطمة فلا تخبروا أحدا، وكان بالطبع يمزح، فلا فارق بين المصاحف الفاخرة التي تطبع هنا وهناك، الزميل العزيز عصام الفليج وبشهادة د.بدر الرخيص أثبت كفاءة شديدة في عمليات «المكاسر» وضعفا شديدا في جغرافيا الطرق والأماكن وكاد يضيعنا لولا ان ستر الله.

وما كان للزيارة ان تتم لولا الدعم الكبير من القيادة السياسية ممثلة بوزارتي الخارجية والإعلام وسفير الكويت في طهران مجدي الظفيري الذي حرص على تذليل الصعاب والتواجد الدائم مع الوفد، ومدير مكتب «كونا» في طهران محمد السندي ومراسل تلفزيون الكويت في طهران محمد صادقيان، وعلى الجانب الإيراني الجهد الطيب للقائم بالأعمال في السفارة الإيرانية سيد محمد شهابي والمسؤول الإعلامي النشط في السفارة د.سمير ارشدي، وقبل ذلك كله جهد دينامو الفريق الزميل عدنان الراشد الذي لا توفيه الكلمات حقه لما قام به من أعمال واتصالات مضنية استغرقت أشهرا عدة كي يتحقق النجاح الذي تم، فالشكر المحلى بالزعفران والقند لهم جميعا ولزملاء الرحلة الرائعين من إعلاميين وغير إعلاميين.

آخر محطة: بودنا ان يبنى في مكة المكرمة أو ضمن ضواحيها في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والأمير المثقف والمفكر خالد الفيصل، عدة متاحف ومكتبات إسلامية تشغل أوقات الزائرين خارج مواعيد الصلاة للاطلاع على التاريخ الإسلامي ويمكن ان تخصص احداها لعرض الهدايا والتحف الرمزية التي يتلقاها خادم الحرمين الشريفين.

سامي النصف

فاروق الزنكي وشريان حياة الكويتيين

إن كانت مصر هبة النيل فالكويت قطعا هي هبة النفط، فقد شاءت الأقدار ونوايا أهل الكويت الخيرة أن يكتشف الذهب الأسود في باطن أرضنا مع انحسار الطلب على اللؤلؤ وتوقف تجارة السفن الخشبية البطيئة، لذا فلدى الشعب الكويتي رغبة حقيقية في أن يبعد شريان حياتهم عن قضايا التسييس والتناحر والصراعات التي لا تنتهي.

إحساسا بالمسؤولية قمت بسؤال كثير من المختصين عن القيادات النفطية ووجدت أنه لا خلاف على كفاءة وأهلية المهندس والجيولوجي فاروق الزنكي على قيادة القطاع النفطي الى مستقبل مشرق بعد أن مزقته الصراعات وأضاعت فرصته الذهبية التخندقات، لذا استبشر العاملون في ذلك القطاع بذلك القدوم خاصة انه لا ينتمي إلى توجه سياسي معين بل ينتمي إلى ما يسمى التكنوقراط شديدي الاحتراف.

فقد تولى الزنكي خلال سنوات خدمته الثلاثين منصب مساعد العضو المنتدب للاستكشاف والتطوير، ثم رئيسا وعضوا منتدبا لشركة نفط الكويت، وبعد ذلك أصبح رئيسا وعضوا منتدبا لشركة البترول الوطنية، وقد أظهر في جميع تلك المراكز كما علمت قدرات متميزة ساهمت في جانب منها في رفع إنتاجنا النفطي من حقول الشمال إلى أضعاف مضاعفة دون الحاجة إلى المشاركة الأجنبية ولم يشكك أحد قط في قدراته الفنية أو ذمته المالية طوال سنين عمله، فما حدا ما بدا هذه الأيام؟!

ومعروف ان اللجان التي تشكل في الدولة هي لجان «استشارية» وما تخرج به هو «توصيات» وليست أوامر واجبة التنفيذ حيث ان الوزير المعني ومجلس الوزراء هما الجهة المختصة بالتعيين في المراكز القيادية في الدولة وهما من سيحاسب – لا اللجان – على إنجاز أو إخفاق من سيتم تعيينه وتلك أمور بديهية ما كان لها أن تفوت من قبل الدخول في لجان التقييم وغيرها.

أما حكاية البيت المملوك لشركة النفط وليس لفاروق الزنكي والذي تم إصلاحه ورفع مستواه بمبلغ 200 ألف دينار كي يليق برئيس مجلس إدارة شركة نفط الكويت وزائريه، أياً كان الرئيس، والذي قامت الجهة المختصة بالشركة بعمله بعد موافقة الجهات المعنية فإن طرح موضوعه في هذا الوقت بالذات يعني أمرين محددين.. أولهما أنه لا مآخذ مالية حقيقية على ذلك القيادي الذي تقلد أعلى المناصب النفطية وكانت تحت يده قرارات صرف بمئات الملايين فلا يجد أحد عليه إلا عملية إصلاح بيت تملكه الشركة، الثاني ان هناك استقصاداً مسبقاً واستهدافاً للمهندس الزنكي قد يكون وراءهما مصالح شخصية وأضرعة يخشى بعض ماصيها عليها من الجفاف.

آخر محطة:

 (1) نرجو أن يسعد العاملون بالقطاع النفطي بخبر يحسم الخلاف والتردد ويثبت المهندس فاروق الزنكي في الموقع القيادي الذي يستحقه وأن يصطف بعد ذلك الجميع خلفه حفاظا على ثرواتنا النفطية ثم تأتي المحاسبة بعد العمل لا قبله، فالحكم الذي يصدر قبل المداولة ظالم ولا قيمة له.

(2) نرجو أن نتوقف عن إدخال لعبة إما العربي أو القادسية في قضايانا المصيرية والإدارة النفطية على رأسها، فتعيين الزنكي لا يعني إطلاقا الطعن أو التقليل من عمل سلفه الشويب الذي له الشكر على ما قدم وأنجز وحان الوقت لزميله لإكمال المسيرة.

سامي النصف

نمور من ورق

كان الصحافي الكبير مصطفى امين يشترط لرئاسته تحرير اي صحيفة ان يصبح المشرف الوحيد على صفحة بريد القراء، وقد اكتشف الصحافي حسنين كروم لاحقا وبالادلة ان سبب ذلك الطلب هو «فبركة» الرسائل لخداع الرأي العام واقناعه بأن الناس يميلون لهذا الرأي او ذاك عبر تلك الرسائل وهو اسلوب متبع كذلك في كبريات الصحف الغربية.

هذه الايام اصبح ذلك التزييف بقصد اشاعة الافكار الثورية والحنق واليأس والقنوط اسهل بكثير، فما عليك الا ان تزور اكبر المنتديات والمواقع العربية التي تتشكل من خلال متابعتها عقول الشباب حتى ترى الخداع في اجل صورة، فما يريد اصحاب الموقع تسويقه «تفبرك» لاجله مئات الردود المادحة، وما يراد محاربته ـ وهو على الارجح الافكار الحكيمة العاقلة ـ «تفبرك» ضده مئات الردود القادحة.

وقد اعترف ذات مرة إمام مسجد متشدد في الرياض يدعى حسين مفتي زاده في لقاء مع جريدة «الحياة» بأن احد اكبر المواقع العربية ويدعى «المساحات» كان يسمح له بالكتابة بعشرات المعرفات المختلفة واشهرها معرفة «الخفاش الاسود» كي يدفع الشباب للتطرف والعنف عن طريق مهاجمة افكار العقلاء والمعتدلين ثم قيامه بالثناء على ما يقوله في معرفاته الاخرى المختلفة لاقناعهم بصدق افكاره، وقد كشف د.حمزة المزيني انه كان يصلي خلف ذلك الامام الذي كان يسلم عليه ويمدحه نهارا ثم يتحول ليلا الى خفاش مضلل طائر يهاجمه بأقبح الكلمات ويكفره امام طلابه.

وهناك صحافي نكرة يدعى وائل قنديل يكتب في صحيفة «الشروق» المصرية الى جانب صحافيين كبار وكان يحاول اطالة قامته بالهجوم على الآخرين ثم «فبركة» تعقيبات عديدة تؤيد وتدعم ما يقوله حتى كشفه احد المتابعين عبر ملاحظة ان جميع التعقيبات تستخدم نفس اسلوب الكتابة وتقطيع الجمل بالنقط، فسأله ساخرا: ما حكاية النقط في التعقيبات يا قنديل؟! ولم يرد بالطبع قنديل.

ومن اساليب الخداع البصري والعقلي القائمة في صحافتنا المحلية والعربية حقيقة ان كثيراً ممن يدّعون البطولات عبر المقالات النارية ضد المسؤولين هم في الاغلب يكتبون بأقلام مأجورة حبرها الاموال الضخمة المدفوعة من خصوم هؤلاء المسؤولين، لذا فليس هناك بطولة ولا غير ذلك، بل ابطال زائفون، ومن يرد معرفة ابطال الكويت الحقيقيين فما عليه الا زيارة مكتب الشهيد في اليرموك وسيجد الآلاف منهم.

آخر محطة:

(1) تم طرد «البطل الزائف» ابراهيم عيسى من رئاسة تحرير «الدستور» المصرية وكانت اسباب الطرد كما ذكرها رئيس مجلس ادارة الصحيفة ان ذلك «البطل» كان يتسلم شهريا راتبا قدره 75 الف جنيه في بلد لا يزيد راتب المهندس والطبيب فيه عن مئات الجنيهات هذا عدا ما يتسلمه من الفضائيات، وقد حاول عيسى ارغام صحيفة «الدستور» التي لا توزع الا القليل من النسخ ولا ينشر بها اي اعلان لضعفها ان تتكفل بدفع الضرائب عن دخله الضخم بدلا منه فتم طرده، وكم في البطولات الزائفة من ارزاق وثروات وخداع وبريق..!

(2) العزاء الحار للكويت ولعائلة القناعات الكرام في وفاة الكاتب الكبير محمد مساعد الصالح، للفقيد الرحمة والمغفرة، ولاهله وذويه ومحبيه الصبر والسلوان، وانا لله وانا اليه راجعون.