سامي النصف

أنا إن قدّر الإله مماتي..!

يخبرني القاضي العراقي الفاضل منير حداد الذي حكم على صدام بالإعدام أن بعض الكويتيين اعترضوا على حكمه بالإعدام «لربما مناكفة لإيران» وهو أمر لم يفهمه القاضي الجليل، لا اعتراض لدي على وقوف بعض المصريين ضد الرئيس مبارك (لماذا لا يجرى استفتاء حر على الخيارات المطروحة؟) ولكن ماذا عن الكويتيين الذين ساهم في تحرير أرضهم وسهل لهم عمليات التملك والزيارة والاستثمار؟! إظهار قليل من الوفاء أمر لا يضير.

يقف هيكل (أطلق مبارك سراحه فور تسلمه الحكم) وعمرو موسى (عيّنه مبارك وزيرا للخارجية ثم أمينا للجامعة العربية) ومصطفى بكري (الوحيد من الصحف الخاصة الذي يصطحبه مبارك معه في زياراته للخارج) وعزمي بشارة وعبدالباري عطوان (أكبر المتاجرين بقضيتهما ويحملان جثمانها أينما ذهبا) والمسفر، ضد الرئيس مبارك مطالبين برحيله، السؤال المحق: هل وقف أو نعق هؤلاء الغربان مع أي قضية عادلة قط؟! ثم كيف لعمرو موسى وهو من يتسلم راتبه من دول الخليج ان يتواجد في ميدان التحرير كل يوم للتحريض والتأجيج، ولماذا لا تتم إقالته من قِبل من عيّنه وتعيين أمين عام عاقل ورزين بدلا منه؟!

يظهر عماد أديب وعمرو موسى والبكري وغيرهم من شخصيات عامة على الفضائيات وهم يتحدثون ولحاهم طويلة فهل يعني هذا انهم لم يجدوا دقيقة للحلاقة والنظافة أم انهم يحضّرون أنفسهم بشكل مسبق لحقبة الإخوان المسلمين؟!

سؤال آخر: هل سيقتدي الإخوان بحزب الرفاه التركي أم بالترابي وحزب الجبهة القومية الإسلامية التي أبقت الحرب الأهلية مشتعلة لعشرين عاما ثم تسببت في انفصال الجنوب السوداني، ولماذا لا نسمع خارطة طريق الإخوان السياسية والاقتصادية والاجتماعية لمرحلة ما بعد الرئيس مبارك بدلا من الغموض ومبدأ «انتخبونا وبعدين نتحاسب» الذي استخدمه قبلهم النازيون والشيوعيون؟!

يعتقد بعض الجهلاء العرب ومنهم قادة دول الصمود والتصدي سابقا ووزيرا خارجية مصر السابقان اسماعيل فهمي ومحمد ابراهيم كامل، ان اسرائيل كانت مستعدة لإرجاع سيناء وتقبيل الأيدي والأرجل مقابل اتفاقية كامب ديفيد، والحقيقة أبعد ما تكون عن ذلك الفهم العقيم، فكما يروي وزير الدفاع الإسرائيلي عيزرا وايزمان، كان الوفد الإسرائيلي ينوي الرحيل من كامب ديفيد دون اتفاقية سلام حيث كان موقفهم ان سيناء أرض توراتية مليئة بالنفط والغاز والخير (مساحتها 4 أضعاف مساحة اسرائيل) وقد حصلوا عليها في حرب خسرها العرب، ومن يخسر حربا يدفع الثمن، كما انهم عاشوا آنذاك 30 عاما دون سلام ولا مانع لديهم أن يعيشوا 300 عام أخرى دون سلام على ألا يفرطوا في سيناء.

ما أرغمهم آنذاك على التضحية بسيناء هو الرئيس كارتر وزيارة السادات للقدس، وفيما بعد حرمهم الرئيس مبارك من طابا بعد مباحثات مطولة استمرت لسنوات، كما منعهم بحكمته ورزانته من استعادة سيناء من خلال حرب جديدة، لذا فالسيناريو الأمثل لإسرائيل هو قيام نظام في مصر يضم «كوكتيل» من المؤدلجين (اخوان وناصريين ويساريين) يعطي اسرائيل الذريعة لشن حرب لاستعادة سيناء التي لن ترجع قط لمصر، والثالثة ثابتة.

آخر محطة:

(1) قررت إسرائيل بالأمس التوقف عن المضي في مشروع انسحابها من شبعا بذريعة تغير الحكومة اللبنانية فهل من مذكر؟!

(2) هل سنشهد بعد الصوملة واللبننة والعرقنة والفلسطنة مشاريع مصرنة وسودنة ويمننة… والبقية قادمة على الطريق؟!

(3) يقول الشاعر حافظ إبراهيم على لسان مصر العظيمة وبصوت أم كلثوم:‍

أنا إن قدّر الإله مماتي

لا ترى الشرق يرفع الرأس بعدي

ما رماني رام وراح سليما

من قديم عناية الله جندي

أنا تاج العلاء في مفرق الشرق

ودراته فرائد عقدي

والله لو دفع العرب كل أموالهم ودمائهم لإنقاذ مصر لقليل عليها فزمن السبي العربي سيبدأ من اليوم الأول لسقوط مصر ولن تنفع أحدا أمواله فالمستقبل مظلم..!

(4) مصر ببساطة تنحر بيد السذج من شبابها تحت سمع وبصر من يفترض أن يكونوا الحكماء من أشقائها..!

سامي النصف

إلا الدستور.. المصري!

رغم ان البعض يرى ان دستور الكويت من الدساتير الجامدة صعبة التعديل والتنقيح، إلا ان الحقيقة تظهر انه أسهلها فلا يحتاج التعديل، كما أتى في المادة 174، إلا إلى موافقة صاحب السمو الأمير وثلثي أعضاء المجلس ليتم في التو واللحظة تغيير أي مادة من مواد الدستور.

استطاع «ترزي» الدستور المصري الدكتور (م.ش) ان يخلق معضلة حقيقية تواجه مصر هذه الأيام، فمن يطلب تنحي الرئيس وتفويض صلاحياته لنائب الرئيس لا يعلم شيئا عن ذلك الدستور، فالمادة 82 منه تتحدث عن انه في حال قيام مانع يحول دون مباشرة الرئيس لاختصاصاته ناب عنه نائب الرئيس و«لا يجوز لمن ينوب عن رئيس الجمهورية طلب تعديل الدستور أو حل مجلس الشعب أو الشورى أو إقالة الوزارة».

أي لا يستطيع نائب الرئيس تعديل المادة 76 الفريدة التي تنص على انه يلزم قبول الترشح لرئاسة الجمهورية ان يؤيد المتقدم مائتان وخمسون عضوا على الأقل من مجلسي الشعب والشورى والمجالس المحلية، وتمضي الشروط العجيبة لتملأ 3 صفحات من الدستور، مما يجعل من الاستحالة ان يستطيع أحد الترشح للانتخابات الرئاسية القادمة ما لم يكن منتميا للحزب الوطني.

وتتحدث المادة 84 من الدستور المصري عن انه في حال العجز الدائم لرئيس الجمهورية يتولى مؤقتا رئيس مجلس الشعب، واذا كان المجلس منحلا فرئيس المحكمة الدستورية مع التقيد «بالحظر المنصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة 82» أي عدم جواز طلب تعديل الدستور أو حل مجلس الشعب أو مجلس الشورى أو إقالة الوزارة من قبل الرئيس المؤقت!

كما تتحدث المادة 85 من الدستور عما يحدث في حال اتهام الرئيس بالخيانة العظمى أو بارتكاب جريمة جنائية حيث لا يصدر قرار الاتهام الا بثلثي الأعضاء وحينها يوقف الرئيس عن عمله ويتولى الرئاسة مؤقتا نائب الرئيس أو رئيس الوزراء مع «التقيد بالحظر المنصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة 82» أي عدم جواز طلب تعديل الدستور أو حل مجلس الشعب.. إلخ.

اذن، كيف يمكن إلغاء أو تعديل المادة 82 التي تحد من صلاحيات نائب الرئيس ومثلها المادة 76 ذات الشروط التعجيزية للترشح و77 و88 وغيرها؟! تتحدث المادة 189 عن تعديل الدستور وتذكر ان للرئيس أو ثلثي مجلس الشعب طلب تعديل مادة أو أكثر ويناقش المجلس مبدأ التعديل ـ وليس التعديل ـ فإذا وافق على المبدأ تتم مناقشة المواد بعد «شهرين» من الموافقة فإذا وافق بعد ذلك على التعديل ثلثا الأعضاء عرض على الشعب في «استفتاء عام» فإن وافق الشعب اعتبر نافذا من تاريخ إعلان نتيجة الاستفتاء.

مما سبق وبعيدا عن العواطف يتضح ان الخيار الدستوري الوحيد المتاح يقتضي ان يمارس الرئيس صلاحياته كاملة وان يدعو المجلس للانعقاد والبدء في الإجراءات اللازمة لتعديل بعض مواد الدستور وأهمها المادتان 76 و88 وبعدها تجرى انتخابات حرة لانتخاب الرئيس بشكل مباشر من الشعب في سبتمبر القادم وتحت اشراف القضاء والمراقبين الدوليين ثم يقوم الرئيس الجديد بحل البرلمان والدعوة لانتخابات برلمانية جديدة بإشراف القضاء والمراقبين الدوليين بعد تعديل المادة 88 لتبدأ حياة سياسية جديدة في مصر أو ما يسمى بالجمهورية الرابعة.

آخر محطة:

(1) المحكمة الدستورية العليا في مصر تمارس دورها بأجلّ وأفضل الصور وقد سبق لها ان حكمت ببطلان انتخابات مجلس الشعب بنظام القائمة وقضت بإعادة الانتخابات في جميع الدوائر، لذا فإن قيام نائب الرئيس ـ لا الرئيس ـ بتعديل مواد الدستور أو حل مجلس الشعب سيعطي الذريعة للطعن في شرعية البرلمان الجديد وفي المواد الدستورية المعدلة وإلغائها كونها مخالفات صريحة لا تحتمل التأويل للدستور القائم.

(2) إلغاء أو توقيف العمل بالدستور القائم (دستور 71) لا يسقط فقط شرعية الدولة والمعاهدات مع الدول الأخرى، بل فيه تكرار لقيام ثورة 52 بإيقاف العمل بدستور 1923م وهو الباب الذي دخلت منه شرور القمع والقتل والديكتاتورية وزوار الفجر وحروب النكسات والهزائم.

(3) نحب مصر ولا يهمنا ان حكمها زيد أو عبيد فالمهم رفاه شعبها وتحقيق أحلام شبابها وعدم تكرار أخطاء ثوريات الماضي.

سامي النصف

في ختام رحلة الشكر والعرفان

اختتمنا بالأمس رحلة جمعية الصحافيين الكويتية بقيادة رئيسها الباسم أحمد بهبهاني وتنسيق الدينامو عدنان الراشد وعضوية الزملاء يوسف الجاسم ووليد السريع وخالد معرفي، وقد قدمنا الشكر والعرفان لقيادات وشعوب دول مجلس التعاون الشقيقة على موقفها التاريخي الداعم للكويت إبان الغزو الصدامي الغاشم عام 1991، وقد أخجلنا مسؤولو الدول التي زرناها بكرم الضيافة وبالوقت السخي الذي خصصوه للمقابلات وبالكلمات الطيبة التي استمعنا لها بحق بلدنا وقياداته.

وما كان للزيارة ان تتم لولا مباركة سمو رئيس مجلس الوزراء والدعم المباشر من النائب الأول ووزير الدفاع الشيخ جابر المبارك ومن نائب الرئيس ووزير الخارجية الشيخ د.محمد الصباح ووكيل الوزارة خالد الجارالله ومتابعة سفراء الكويت في دول مجلس التعاون الشيوخ حمد جابر العلي وعزام مبارك الصباح والسادة علي سلمان الهيفي وسالم الزمانان وصلاح البعيجان وأطقم سفاراتهم والمكاتب العسكرية الكويتية في دول المجلس والقائمين على وكالة الأنباء الكويتية (كونا).

وقد تشرف الوفد الكويتي بلقاء سمو الأمير نايف بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية في المملكة العربية السعودية وسمو الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض وسمو الأمير خالد بن سلطان مساعد وزير الدفاع والطيران للشؤون العسكرية ود.عبدالعزيز الخوجة وزير الإعلام، اضافة الى القائمين على هيئة الصحافيين السعوديين وبالزملاء تركي السديري رئيس تحرير جريدة «الرياض» وخالد المالك رئيس تحرير جريدة «الجزيرة» وجمع كبير من الكتّاب والعاملين بالصحافة السعودية.

كما تشرّف الوفد بلقاء أبوي مع صاحب السمو الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء في مملكة البحرين وبالفريق أول ركن خليفة بن أحمد آل خليفة القائد العام لقوة دفاع البحرين والشيخ فواز بن محمد آل خليفة رئيس هيئة الإعلام البحرينية وبمستشار الملك لشؤون الإعلام نبيل الحمر وجمع كبير من الإعلاميين البحرينيين.

في دولة قطر حظينا باجتماع مطوّل مع الشيخ حمد بن جاسم رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية تم خلاله نقاش كثير من الأوضاع المستجدة على الساحة العربية كما أقام مساعد وزير الخارجية السيد محمد بن عبدالله الرميحي مأدبة غداء على شرف الوفد الكويتي حضرها جمع من الإعلاميين القطريين على رأسهم عميد الصحافة ناصر العثمان.

وفي مسقط ذات البيوت والقلوب البيضاء التقينا بمستشار السلطان للشؤون الثقافية السيد عبدالعزيز الرواس ثم التقينا بوزير الإعلام العماني سعادة حمد بن محمد الراشدي وأقام سعادة عبدالله الرحبي الرئيس التنفيذي لمؤسسة عمان للصحافة ورئيس تحرير جريدة «عمان» مأدبة غداء للوفد الإعلامي.

في أبوظبي التقينا في قصر المؤتمرات مطولا بالشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة ورئيس المجلس التنفيذي بالإمارة حيث استمعنا لخطط سموه في التنمية البشرية المستدامة واستخدامات الطاقة البديلة، ثم حضرنا في اليوم التالي مجلس الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التربية والتعليم العالي والتقينا بالفريق حمد الرميثي رئيس الأركان قبل التوجه عائدين للكويت.

آخر محطة:

أظهرت أحداث الأزمات الاقتصادية في العالم الغربي عام 2008 وأحداث الأزمات السياسية في دول المشرق العربي ان دولنا الخليجية هي الملاذ الآمن للاستثمارات والأموال.

سامي النصف

موقعة الجمل

مع الفارق الكبير بالطبع، في عام 1988 اضطرت ايران لوقف الحرب مع العراق واعلن صدام حسين حينها انتصاره الكبير وكان بامكانه ان يتقاعد انذاك ويجعل التاريخ يحفظ له انجازه ويغفر له زلاته، الا انه وفي اقل من عامين قام بغزو جار آمن آخر هو الكويت مما جعله يفقد كل ما انجزه.

ذكرنا في مقال الاربعاء الماضي ان على المحيطين بالرئيس حسني مبارك ان يحافظوا على تاريخه الناصع كأحد اكبر الحكام المنجزين في تاريخ مصر الا ان البعض من هؤلاء ابى الا ان يشوّه صورة القيادة المصرية عبر اعمال «البلطجة» التي شهدها ميدان التحرير وخاصة مع دخول الخيول والجمال «الكرنفالي» لارعاب الحشود.

وواضح ان امثال هؤلاء لا يهتمون كثيرا بسمعة وتاريخ الرئيس حسني مبارك بقدر اهتمامهم بمصالحهم الخاصة ومحاولتهم اعادة العجلة الى الخلف، ولو كانوا حريصين على تلك السمعة والسيرة الحسنة لنصحوه باصدار قرارات تاريخية تقدم وتبكر من تاريخ اعتزاله الحكم فقد امتلأت حقبة 30 عاما بالانجازات الكبرى ولن يضيف لها شيئا على الاطلاق سبعة اشهر اخرى من الحكم.

وكان بالامكان كذلك سحب البساط بأكمله من تحت ارجل المعارضة حتى لا يبقى لها سبب للتجمهر والتظاهر عبر اصدار قرارات اخيرة من قبل الرئيس مبارك قبل اعتزاله الحكم تفرض تشكيل حكومة وحدة وطنية يناط بها اجراء انتخابات حرة باشراف القضاة والمراقبين الدوليين خلال الشهرين المقبلين، يتلوها قيام المجلس النيابي الجديد بتعديل الدستور لفتح الباب لمن يريد الترشح لرئاسة الجمهورية دون قيد او شرط ومعه إلغاء قانون الطوارئ.

ثم يستريح القائد حسني مبارك في شرم الشيخ بلده المفضل وأحد انجازاته الكبرى «وما اكثر انجازاته» دون حاجة لاصدار قرار عفو عام كونه ليس مدانا بشيء حيث لم يرتكب اي جريمة ولا توجد مقابر جماعية في مصر، ولو ثبت وقوع اخطاء في السجون فالمسؤول عنها هو فاعلها لا رئيس الجمهورية كالحال في الولايات المتحدة وغيرها من الدول، ويترك مبارك الجمل بما حمل للحكومة الجديدة التي سيكتشف الشعب المصري وخلال فترة قياسية قصيرة انها غير قادرة على حل مشاكل الفقر والبطالة والفساد والقمع والصحة والتعليم.. الخ، وان الاوضاع ستزداد سوءا!

آخر محطة:

التهنئة القلبية لمدير الجامعة الجديد د.عبداللطيف البدر الذي هو بحق الرجل المناسب في المكان المناسب حيث عرف عنه الكفاءة الشديدة وعدم المجاملة في الحق والمطلوب فقط تركه يعمل لرفع مستوى اداء الدكاترة والطلبة.

سامي النصف

ليالٍ غاب فيها القمر عن مصر

الرئيس محمد حسني مبارك عزيز علينا في الكويت بسبب موقفه التاريخي والشجاع إبان الغزو الصدامي لبلدنا، ومصر والشعب المصري أغلى منه لأن الشعوب هي الباقية والأفراد زائلون، لذا فمقالنا اليوم هو لمصر ولشعبها قبل ان يكون لقيادتها وللحقيقة وللتاريخ أيضا.

يحسب لحقبة الرئيس مبارك انها استرجعت أرض مصر التي فرط فيها من ترفع صورهم هذه الأيام، ويحسب له كذلك انه أوقف استنزاف ثروة مصر في الحروب والمعارك التي تنتهي بالهزائم المروعة، كما يحسب له توثيقه لعلاقات مصر مع الدول العربية والإسلامية والغربية والمجتمع الدولي بعد ان ساءت كثيرا إبان عهود سلفيه ناصر والسادات، ما أتاح الفرصة لعمل ملايين المصريين في الخارج، كما فتح الباب واسعا لعودة رؤوس الأموال المصرية المهاجرة.

كما يحسب للرئيس مبارك عمليات التنمية الضخمة التي لم تشهد لها مصر مثيلا منذ نشأتها الأولى، وفتح الأبواب للاستثمارات الغربية والعربية والخليجية والمصرية في طول البلاد وعرضها، وفتحه المجال للإعلام الحر من صحف وفضائيات الذي انفرد بشتم النظام واستقصاء الرئيس مبارك وتسويد صورته دون ان يحاسب او يسجن او يعدم من يقوم بذلك كحال عهود من سبقه.

وإبان نظام الرئيس مبارك ارتفع عدد السائحين من أقل من مليون الى 15 مليونا، كما حافظ على ارتفاع سنوي لمؤشر التنمية الاقتصادية يتجاوز 5% حتى في أحلك الظروف المالية العالمية (2008 وما بعدها)، حيث لم يتأثر الاقتصاد المصري المتين بها، وفي عهده حصل كثير من المصريين وللمرة الأولى في تاريخ مصر على العديد من جوائز نوبل، كما حصدوا العديد من البطولات الرياضية الإقليمية والقارية والعالمية.

هذا الإنجاز التاريخي غير المسبوق يوجب من الرئيس مبارك ان يحسب خطواته القادمة بميزان الذهب، كي لا يخدش هذا السجل الرائع الذي اعتقد ان قرونا ستمضي قبل ان يحقق رئيس آخر إنجازا مثله، ان الحفاظ على تاريخ الرئيس يجب ان يكون الشغل الشاغل لمن حوله، فوصفات و«روشتات» الأيام الأخيرة لم تكن بمستوى الأحداث والمتغيرات، والخطوة «الصح» ان تأخرت تحولت الى خطأ.

آخر محطة:

(1) وصول حكم ديني سني مؤدلج في مصر قد يمهد لانفصال الأقباط وغيرهم كما سيتسبب في إساءة العلاقة مع اثيوبيا القبطية المتحكمة في منابع النيل والنزاع مع إيران الشيعية.

(2) كيف يمكن تقبل حقيقة ان المتحف المصري الذي يحتوي على أغلب آثار العالم لا يملك أجهزة حراسة إلكترونية متقدمة تقفل الأبواب والشبابيك بشكل أوتوماتيكي، وعيب يا زاهي حواس، أما كفاك سرقة لوحة زهرة الخشخاش قبل أشهر؟!

(3) إحدى أكثر الجرائم الغامضة التي أثارت حنق الشارع المصري هي جريمة قتل الفنانة سوزان تميم، وإن خروج او هروب هشام طلعت مصطفى ومحسن السكري هذه الأيام ضمن الاضطرابات الحالية يعطي دلالات واستنتاجات خطيرة لتلك الجريمة غير المفهومة.

سامي النصف

العرب.. آخر الهنود الحمر!

جريدة «الديلي تلغراف» البريطانية الرصينة هي إحدى أهم صحف العالم، فمن ملاكها د.هنري كيسنغر ولورد كارينغتون صاحب قرار 242 الشهير، وتلك الجريدة، للمعلومة، هي التي انفردت في يوم الأحد 29/7/1990 وعبر تقرير لكبير مراسليها في الكويت باتريك بيشوب بالتنبؤ بحدوث غزو كامل للكويت لن يرده أحد يتلوه نزوح ضخم من الكويت للسعودية، وهو ما حدث.

نشرت جريدة «الديلي تلغراف» قبل يومين أن هناك ادارات ومخابرات غربية تقوم ومنذ ثلاث سنوات بدعم وتشجيع المعارضين بقصد إحداث تغيير في مصر والاكتفاء بالدعم الصوتي والمظهري للنظام القائم، وهو ما يعيد للأذهان ما حدث أواخر السبعينيات في إيران من عمل مخابراتي حيث توج بسقوط الشاه بعد حملة إعلامية غربية قوية ضده تزامنت مع أوامر صدرت لقادة الجيش بالتخلي عنه.

لا أحد يستطيع فهم ما جرى في الانتخابات المصرية الأخيرة من نتائج استفزت القوى السياسية الأخرى وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين عندما تم إسقاط «جميع» مرشحيهم مما جعلهم لا يملكون ما يخسرونه ويعملون جاهدين لإسقاط حكومة أحرقت جميع خطوط التواصل معهم ومع القوى الأخرى بشكل غير مسبوق.

ومن الأمور التي سُكت عنها وساعدت على تفاقم الأوضاع قضية «التوريث» و«الخلافة» حيث بقي ذلك الموضوع غامضا ونهبا للشائعات والأخبار المغرضة، وكان بالإمكان قفل ذلك الملف بشكل يمتص الغضب ويحسم الأمر إلا أن شيئا من ذلك لم يحدث وبقي ذلك الموضوع كقميص عثمان يتاجر به من يشاء.

وضمن الأخطاء الجسيمة السكوت عن دعاوى الفساد الذي يثير حنق العامة دون معالجة، والسماح بحملات إعلامية يومية تشوه السمعة وتُسوّد صورة النظام الحاكم وحكومته، والغريب ان الإعلاميين المختصين بالتهجم على النظام في الصحف اليومية الخاصة وعلى الفضائيات التي أنشأها رجال الأعمال، هم في الأغلب من العاملين باقي الوقت في الصحف القومية والتلفزيون الحكومي، وكأن النظام يهاجم النظام.

آخر محطة:

(1): تحية من القلب للشباب والشابات ممن حافظوا على المتحف المصري والتراث الإنساني الموجود فيه، ولا عزاء لمن ترك المتحف دون حماية.

(2) يتنبأ مستشار الأمن القومي الأميركي الأسبق زبغنيو بريجنسكي في كتابه «الفوضى على أعتاب القرن الواحد والعشرين» الصادر أواخر التسعينيات، بأن تعم الفوضى منطقة الشرق الأوسط وان تستخدم الأسلحة النووية في بعض حروبها، الفوضى نراها هذه الأيام، وباق حرب قادمة (في الخليج!) تستخدم فيها تلك الأسلحة المدمرة.

سامي النصف

ما أسباب ما يحدث في المنطقة؟

شاهدت في احدى الصحف المصرية صورة قديمة نشرت عام 1954 للرئيس الراحل جمال عبدالناصر وهو يفتتح مبنى سينما صيفي، مما يدل على ندرة الإنجاز، في حينها كنا نعبر جسر مبارك فوق قناة السويس متجهين للعريش عبر طرق سريعة تضاهي مثيلاتها في أرقى الدول الأوروبية والأجنبية ولم يكن أعضاء الوفد ومثلهم أغلب المصريين يعلمون بذلك الجسر أو تلك الطرق أو حتى بعملية النهضة التنموية الضخمة التي تمر بها البلاد المصرية بسبب الإيمان الخاطئ بأن الإنجاز يعلن عن نفسه دون حاجة لإعلام، وقد يكون هذا هو سبب الإشكال القائم في تونس ومصر والأردن ولبنان والضفة وحتى اليمن وجميعها تنتمي لما يسمى بمعسكر الاعتدال الأكثر إنجازا في المنطقة مقارنة بغيرهم.

إن جزءا كبيرا من الإشكال القائم يقوم على معطى عدم استخدام بعض الدول والأنظمة المنجزة للإعلام بطريقة صحيحة مما يجعل شعوبها تصدق ما تسمع من أقاويل وأكاذيب، وتكذب ما ترى من إنجاز أو على الأقل لا تشعر به وهو ما يولد في النهاية الإحباط والقلاقل والاضطرابات في بعض دول المنطقة.

ومن الأمور الخاطئة المعتادة ترك الساحة للخطاب الغوغائي والتحريضي والتأجيجي لمدد طويلة دون رد المسؤولين المعنيين عليه مما يحول الانطباعات والأكاذيب السالبة «المؤقتة» إلى حقائق «دائمة» تترسخ في وجدان العامة ولا تقبل النقاش ثم تتم محاسبة الأنظمة المعنية على تلك الانطباعات ـ لا الحقائق ـ عبر الثورات والنزول للشوارع.

والدلالة الجلية والواضحة على ذلك الأمر، المظاهرات المؤيدة للأنظمة التي تهزم بالحروب وتضيع الأرض وتستبيح العرض، وكلما أوغلت في دماء الأمة زاد عشق الجماهير لها بينما تتساقط منذ الخمسينيات وحتى الآن الأنظمة العاقلة الحكيمة ثم تترحم الجماهير فيما بعد «في السر» عليها حيث ان الترحم في العلن يعني السجن أو الإعدام.

آخر محطة:

 1 ـ للصحف الصفراء والبرامج المدغدغة على الفضائيات التي انتشرت في مرحلة الإعلام الحر في مصر وغيرها من الدول، دور كبير فيما جرى ويجري هذه الأيام من قلاقل سياسية واضطرابات فالموضوعية والتعقل أصبحا عملة نادرة في هذا الزمن.

2 ـ للمعلومة، التغيير نوعان: أحدهما للأفضل وهو أمر نادر إذا لم نقل مستحيل الحدوث في منطقتنا، والآخر للأسوأ وهو المتوافر بوفرة حاليا، وكم من شعوب تضحك هذه الأيام ستبكي دما في الغد!

3 ـ نصحنا في مقال سابق السيد سعد الحريري بألا يترأس الوزارة كي لا يصبح هدفا سهلا لخصومه ولم يفعل فحدث ما حدث، نرجو من السيد سعد أن يقرأ المتغيرات بشكل صحيح بعيدا عما يراه عدلا أو ظلما، فعدالة القضية لا تعني الكسب والربح، والأفضل، في نصيحتنا الثانية له، أن يقبل بتشكيل نجيب ميقاتي للحكومة وأن يطلب الثلث المعطل ثم يترك لتلك الحكومة أن تحل الإشكال مع المجتمع الدولي ومعها إشكالات الخدمات الأساسية في البلد وسيكون هو قطعا الرابح في النهاية فيما لو استمع لهذه النصيحة.

سامي النصف

ما يجري في السودان وتونس ومصر!

لأننا أمة لا تتعلم قط من أخطائها ولا تقرأ التاريخ أو تتعظ مما يجري فيه من أحداث، لذا وجدنا جمعا من مفكرينا يفرحون ويهللون للفوضى التي بدأت تسود شارعنا العربي، متناسين ان ثوراتنا لم ينتج عنها أمر مفيد قط، بل ولدت لنا الطغاة والاباديين الحقيقيين ممن استولوا وأفسدوا كل ثروات الأمة وليس جزءا منها حتى ترحمت الشعوب في مراحل لاحقة على من قامت الثورات ضدهم كالملك فاروق والوصي عبدالاله والملك ادريس السنوسي وغيرهم، ان حل اشكالات الامة هو بالتطور Evolution وليس بالثورة Revolution.

ما لم يقله أحد ان الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي لم يكن ينوي البقاء رئيسا مدى الحياة بدلالة تقديمه عام 2005 قانونا تم اقراره حول اجراءات ومخصصات تقاعد رئيس الجمهورية، ان الحقيقة الجلية تظهر ان بن علي قام في تونس العلمانية بإجراءات ضد مناوئيه المؤدلجين تقل كثيرا عما قامت به الانظمة المؤدلجة في أفغانستان وايران والسودان ضد مناوئيها العلمانيين، الا انه في المقابل لم يُدخل بلاده كحالهم في حروب تدمر اقتصادها وتجعل الدماء تجري أنهارا كحال من فرحوا بسقوطه، بل لو انه غلف وغطى نظامه بالأدلجة بدلا من العلمنة لظل باقيا حتى اليوم مهما دمّر وسرق وخرّب كحال أنظمة أخرى تدثرت بأردية كاذبة براقة فأصبحت كالجبال لا تهزها رياح الشعوب المخدوعة والمخدرة بالشعارات.

إن كانت دموع الفرح قد نزلت لدى البعض بما جرى في تونس التي كانت تحظى بأعلى معدلات نمو في المنطقة ولم يفرط نظامها المخلوع في أرضها، فالاولى ان تهطل دموع الحزن والبكاء مدرارا على ما يجري في السودان من احداث جسام انتهت بانفصال الجنوب الذي يمثل ثلث مساحته والمليء بالثروات والخيرات وكان بإمكان ذلك الجنوب (لا الشمال الصحراوي) ان يكون سلة غذاء للعالمين العربي والاسلامي وحتى الافريقي والاوروبي.

ودون تدخل في صحة أو عدم صحة المطالبات العربية بأراض ودول بكينا دما على فقدها، تظهر الارقام ان مساحة الجنوب السوداني (700 ألف كم2) الذي فقدناه هذه الايام، تفوق مساحات الاندلس (504 آلاف كم2) وفلسطين (27 ألف كم2) ولواء الاسكندرونة (4800 كم2) والجزر الاماراتية (30 كم2) اضافة الى الجنوب اللبناني ومزارع شبعا مجتمعة، وقد اتى في لقاء القيادة السودانية مع جريدة «الانتباهة» قبل يومين، الاصرار على تطبيق القوانين الشرعية بدلا من المدنية ورفض خلق دستور جديد فيما تبقى من السودان مما يمهد لانفصال بقية الاقاليم كدارفور والنيل الازرق وجبال النوبة وكوردفان وسط أهازيج وزغاريد العرب الفرحين بسقوط النظام في تونس!

آخر محطة:

(1) مصر العظيمة أكبر من المؤامرة، والكويت لا تنسى لنظامها وشعبها وقوفهم معها ابان محنتها عام 90، لذا نرجو ان تتجاوز محنتها الحالية بأقل الخسائر وتبقى القاهرة كعادتها موطنا للحكمة والتعقل وسط محيط من مشاعر الغوغائية والتثوير التي تستغل وسائل الاتصالات الحديثة لنشرها.

(2) هناك من يحاول إعادة لعبة «دومنو» تساقط الانظمة بشكل متلاحق كما حدث في السبعينيات والثمانينيات عندما تساقطت أنظمة الشاه (ثورة الكاسيت) وسوموزا وماركوس ودوفالييه وحفيظ الله أمين وعيدي أمين وضياء الحق (انفجار طائرته) والنميري.. إلخ، والايام القادمة مليئة بالأحداث الجسام.

سامي النصف

قضايا

لو نظرنا لقضية الشهيد الميموني من زاوية اخرى لطرح تساؤل مهم: كيف اجاز رجال امن في العشرينيات من عمرهم ان يعتقدوا ويؤمنوا بأن من حقهم ـ وبسبب مشاجرة مغازلجية لم يكن المرحوم الميموني كما علمت طرفا فيها ـ ان يعطوا لانفسهم حق الخطف والتعذيب والقتل والتزوير في اوراق وتقارير تقدم للوزير؟! ومعه تساؤل آخر عن كم القضايا المماثلة التي انتهت بسجن ابرياء دون ذنب او حتى اعدامهم كحال من يدعى عليه زورا انه تاجر مخدرات؟! ان هناك حاجة ماسة لتفعيل عمليات التفتيش الداخلي على رجال الداخلية وان يتشدد الافاضل من رجال النيابة العامة في قضايا التعذيب وتلفيق القضايا للابرياء التي هي كما نعتقد.. استثناء!

وآثار الجريمة الشنيعة التي تمت لا تقتصر على اهالي الفقيد ومصابهم الجلل، بل تمتد حتى لاهالي الجناة ممن سيتركون خلفهم زوجات وابناء في مقتبل العمر سينتظرون خروجهم بعد ازمان طويلة من المعتقل، وكل تلك المعاناة بسبب غياب نظام فاعل يردع ويمنع اساءة استخدام السلطة.

وإحدى وسائل اساءة استخدام السلطة الظاهرة للجميع والتي سُكت عنها طويلا والتي كتبت عنها ذات مرة عندما شاهدت 3 سيارات شرطة على ساحل الخليج، وقد اوقفوا 3 سيارات تقودها فتيات في موسم صيد قسري مفتوح امام الخلق للنساء، وهو امر يجب ان يتوقف ويحاسب فاعله، خاصة ان الجريمة المروعة الحالية كانت بدايتها حالة معاكسة ومغازل، في هذا السياق اتصلت بي صباح امس سيدة فاضلة تحدثت عن تفشي ظاهرة شكوى بعض رجال الامن المنحرفين ضد من تصدهم من النساء الشريفات بدعوى التعدي عليهم اثناء تأدية وظيفتهم وهي تهمة خطيرة.

اعادة قضية الاعلامي محمد الجاسم وقبلها الناشط خالد الفضالة بحكم من محكمة التمييز الموقرة لمحكمة الدرجة الاولى امر لا غبار عليه ويتطابق مع صحيح القانون، الا ان الاشكال هو انه قد يخلق عملية «كعب داير» قضائية للمدعى عليهم في هذه القضية او غيرهم، حيث سيعودون للمربع الاول وتصبح القضية «ملزمة التداول» في المحاكم حتى لو تنازل المدعي في هذه القضية او غيرها كون التداول اصبح تنفيذا لحكم صادر من محكمة التمييز.

الاشكال الآخر هو في حال مباشرة النيابة العامة مرة اخرى، لا المحقق ـ كما طالبت بذلك محكمة التمييز ـ حق الادعاء في القضايا المقامة امامها، مما يعني ان هناك احكاما اولى واستئنافا ستصدر وتنفذ مستقبلا وتقوم محكمة التمييز بعد ذلك بإلغائها وعودتها مرة ثالثة ولربما اكثر إلى محكمة الدرجة الاولى، خاصة ان هناك محكمة تمييز واحدة للجنح ومن ثم توقع صدور الاحكام نفسها بناء على المعطى نفسه.

آخر محطة: من يعتقد ان عمليات التأزيم لا تؤثر على التنمية، نسأله: هل يعقل ان يكون اداء مسؤول كويتي تشغل الازمات السياسية المتلاحقة 90% من جهده ووقته، بحجم اداء مسؤول خليجي يسخر 100% من وقته وجهده لقضايا التخطيط والتفعيل والمتابعة؟!

سامي النصف

العنب أم الناطور؟!

في فلوريدا تنتظر السيدة ستيفاني سكيس حكما بالسجن لمدة عام وغرامة ألف دولار، كونها اعتدت على حصان للشرطة رغم إنكارها ذلك الاعتداء وادعائها انها أرادت فقط إزاحة الحصان عن طريقها، في الكويت يتم التعدي على اللواء كامل العوضي وهو يؤدي مهامه بمكتبه وينتهي الأمر بتحويل حكم السجن إلى خدمة مجتمع وهو أمر مناط في الدول المتقدمة بالقاضي المصدر للحكم لا بالجهة المنفذة، كما انه يقتصر عادة على صغار السن ممن يخشى أن يدمر السجن مستقبلهم.

يصعب على أحد فهم المواءمة والملاءمة السياسية لذلك القرار، ففي حين يكسب منه المسؤول المعني ود نائب «سابق» إلا أنه يخسره في الوقت ذاته دعم 6 نواب في المجلس الحالي هم الأقرب إليه عادة في المواقف وهو الأكثر حاجة لهم في الاستجواب الذي قد يقدم ضده في المستقبل القريب، ونعني نواب كتلة العمل الوطني، الأيام ستبدي ما كان خافيا وتظهر صحة أو خطأ قرار استبدال السجن بالخدمة المجتمعية.

ونرجو ألا يعتبر المجرمون هذه الأيام موسم صيد وتصفية حسابات وتشويه سمعة للمسؤولين الأمنيين في وزارة الداخلية، فليس كل ما يدعيه مجرم أو أفاق، صحيحا ويستحق النشر في الجرائد، فما أسهل أن يحرق أحد نفسه أو يؤذي ذاته ثم يوجه الاتهام الظالم للمخلصين من رجال الأمن، إن بلدنا هو أحد أكثر بلدان العالم أمنا حيث ينام الناس وأبواب بيوتهم مفتوحة، ولا ترتكب جريمة إلا ويتم القبض على الفاعل خلال ساعات أو أيام قليلة، لذا يجب الحرص على ألا نحد من تحرك رجال الأمن للإمساك بالمفسدين والخارجين على القانون، فما أسهل العمل المكتبي المريح وما أصعب العمل الميداني المضني، ولا تدفعوا رجال الأمن لرفع شعار «مالي شغل» الخالد.

مازالت مطالبة أعضاء مجلس الأمة في قضايا سابقة ترن في الأسماع بألا يعلن اسم أو تنشر صورة مرتكب الجريمة حتى صدور الأحكام النهائية ضده من مبدأ ان المتهم بريء حتى تثبت إدانته، هذه الأيام تعرض أسماء وصور رجال الأمن على صدر صفحات الصحف قبل ان نعرف المذنب من البريء فهل يتصور أحد حال عائلاتهم وأبنائهم وأصدقائهم خاصة من ستثبت براءته في النهاية منهم؟!

(1) ما يطلبه الناس حقا هو العنب لا الناطور أي إصلاح مسار وزارة هامة كالداخلية وألا تتكرر سلسلة الأخطاء الشنيعة التي انتهت بجريمة وفضيحة، فلا يعقل أن يحدث ما حدث بسبب.. هواش مغازلجية..!

(2) نرجو من اللواء كامل العوضي ان يتراجع عن قرار استقالته ومن الوزير ألا يقبلها بل ان تتم ترقيته لموقفه المشرف في الدفاع عن سمعة الوزارة وقياداتها.