سامي النصف

ما الذي يجري في الشرق الأوسط؟!

ما الذي يجري في منطقة الشرق الأوسط؟!

٭ بكل بساطة إعادة ترسيم خرائط وتشطير وتفتيت في المنطقة تحت شعارات براقة ودماء هراقة.

هل انتهى كل شيء فيما نرى ونسمع ووصلت الامور الى خواتيمها؟

٭ بالقطع لا، فنحن مازلنا في بداية الطريق لا نهايته، وما سفك من دماء هو قطرة من بحر الدم القادم.

من الرابحون ومن الخاسرون فيما يجري؟

٭ الرابحون هم الدول غير العربية في المنطقة مما سيصبح حال البعض منها كحال الباب العالي في الماضي لا يُتخذ قرار دون المرور بعاصمته، والخاسرون هم الدول العربية الثوري منها والمحافظ.. لا فرق!

ما الموقف الانسب في التعامل الكويتي مع الحالة البحرينية؟

٭ الموقف الصائب هو تحولنا من «طرف» في الحدث البحريني الى «وسيط» فاعل لإطفاء النيران هناك، الموقف الخاطئ هو محاولة بعض النواب والكتاب التخندق والتأجيج ونقل الحالة الخطرة من هناك الى هنا، والوقوف مع المعارضة ضد الحكومة أو مع الحكومة ضد المعارضة في البحرين العزيزة على قلوبنا جميعا.

ما الذي يحدث في ليبيا؟

٭ بكل بساطة.. يستكمل القذافي مسار شقيقيه صدام والبشير القائم على قمع شعوبهما وإشعال الحرب الأهلية في بلديهما كي ينتهي الامر بحالات تقسيم وتشطير وتفتيت وصوملة باتت واضحة للعيان في ليبيا التي انقسمت الى رايتين وعلمين وبلدين عاصمتاهما طرابلس وبنغازي.. والقادم أعظم.

ما الخطأ فيما يجري في مصر الحبيبة؟

٭ أمور عدة منها الانشغال بتوافه المواقف السياسية المفرقة على حساب حقائق الاقتصاد المدمرة، إطلاق سراح المجرمين والمتطرفين مقابل سجن المستثمرين والمطورين وقبول تقديم البلاغات بالآلاف ضد من جل جريمتهم تحويلهم الأراضي الصفراء القاحلة الى مدن وجنات خضراء توفر فرص العمل للملايين والسكن المريح لمئات آلاف المصريين، استغلال الحريات الاعلامية للتدمير وإحياء محاكم التفتيش وقمع كل رأي عاقل معارض، تصدر عملاء القذافي وأيتام صدام لشاشات التلفزة الحكومية والخاصة ومتى كان هؤلاء يحبون مصر أو يعملون لصالح مستقبل أبنائها؟!

أخيرا هل هناك ملاذات آمنة في منطقة الشرق الاوسط؟

٭ المغرب في أقصى الغرب وبعض الدول الخليجية في أقصى الشرق وإسرائيل في الوسط هي بعض الملاذات الآمنة في المنطقة وقد تسبب النزوح من مناطق الاضطرابات السياسية في الاختناقات المرورية الحالية في الكويت وامتلاء فنادق دبي هذه الايام!

آخر محطة:

مع المتغيرات.. ستطل عليكم مقالاتي كالعادة في أيام السبت والاحد والاثنين والاربعاء.. والتحية للقراء الاعزاء واحدا بعد واحد.

سامي النصف

مشروع تزوج ومهرجان أصيلة

في البدء نتقدم بتعازينا الحارة لليابان قيادة وشعبا على ضحايا فاجعة التسونامي، مستذكرين لهم موقفهم التاريخي المشرف إبان الغزو الصدامي الغاشم وقيامهم في نوفمبر 90 بدعوة سمو الأمير الشيخ جابر الأحمد لحضور حفل تنصيب الامبراطور ورفضهم دعوة ممثل عن النظام الصدامي، ويستقبل السفير الياباني المعزين اليوم من الساعة 10 ـ 12 صباحا و4 ـ 6 مساء في منزله الكائن في بيان قطعة 5، شارع 4، جادة 1، منزل 21، والوفاء ورد الجميل.. شيء جميل..!

حضرت ضمن جمع غفير من الإعلاميين والأدباء والفنانين، دعوة الصديق الشيخ علي جابر الأحمد لتناول الغداء وقضاء وقت ممتع في مزرعة «عزايز»، تلك الدعوة السنوية أصبحت وسيلة جميلة للتواصل بين أهل الكويت تضاف الى لقاءات الفرح والعزاء السريعة، بودنا ان يقوم آخرون بتكرار مثل تلك الفعاليات التي تعزز من أواصر الوحدة وتخفف من حدة الشحن والتشنج التي زادت عن حدها بين الكويتيين.

للمعلومة الأمن الاجتماعي لا يقل أهمية عن الأمن السياسي، فإحدى الظواهر الخطيرة التي تضر بأمننا الاجتماعي هي ظاهرة عزوف الشباب والشابات عن الزواج ومعها تفشي ظاهرة الطلاق لأتفه الأسباب لمن تزوجوا حتى وصلنا الى نسب خطيرة تظهر ان زيجة من ثلاث تنتهي بأبغض الحلال.

ان ترك الشباب والشابات دون تحفيز أو دفع لهم لإكمال نصف دينهم يعني بقاءهم دون زواج، كما ان الزواج دون دورات إعداد وتأهيل وتدريب وغياب لجان مختصة لإصلاح ذات البين يعني تفشي حالات الطلاق اللاحقة، اما بسبب الجهل وعدم القدرة على تحمل المسؤولية من أحد الطرفين أو كليهما، أو لعدم أهلية الأهل والأقارب والأصدقاء للتوسط عند الخلاف.

اننا بحاجة لمشروع وطني يحمل مسمى «تزوج» تشارك فيه وزارة الشؤون والجمعيات النسائية والخيرية والبنوك والشركات والمساجد والحسينيات والمختصون الصحيون والنفسيون، وتتعدد مهامه واختصاصاته من خلق عمليات تأهيل للشباب والشابات الى عمليات تخفيف الكلفة المادية للزواج وإنشاء مستودعات أسماء لمن يرغب في إكمال نصف دينه وخلق لجان إصلاح ذات البين، وإصدار كتيبات مختصة تعمل بمثابة المرشد الصالح والخبير للمتزوجين، فمشاكل الزواج متشابهة ومتكررة وحلولها سهلة متى ما استعددنا لها.

آخر محطة:

(1): يزور البلاد صديق الكويت الوزير المثقف محمد بن عيسى راعي مهرجان أصيلة الدولي وقد تم اخذ الموافقة الحكومية لجعل الكويت ضيف شرف المهرجان لهذا العام، نرجو ان نظهر بلدنا بصورة مشرفة أمام أهلنا في المغرب الشقيق الذي سيصبح مزار السائحين الخليجيين هذا الصيف بسبب الأوضاع السياسية في مصايف المشرق العربي.

(2) لمحبي الطرب والفن المغربي الأصيل، تقام الساعة 8 هذا المساء على مسرح الشامية عدة عروض فنية مغربية.. لا تفوتكم!

سامي النصف

شيء من السياسة وقليل من الاقتصاد

يتابع العالم أجمع بقلق شديد ما تسبب فيه الزلزال البحري باليابان من توقف عمليات تبريد المفاعل النووي الياباني المطل على المحيط الهادئ مما يهدد بكارثة تشرنوبل أخرى. والجارة الشقيقة ايران مليئة بالزلازل ومفاعل بوشهر ذو التقنية الروسية القديمة لا يبعد عن الكويت ودول الخليج الا مسافة قصيرة ويهدد اي خلل فيه بتلوث المياه التي نشربها والهواء الذي نتنفسه، وقد اقترحنا ونقترح ان يضع مجلس التعاون الجارة ايران امام مسؤوليتها الانسانية عبر عرض تمويل نقل مفاعل بوشهر الواقع في منطقة النفط والغاز الايرانية (اي لا حاجة للمفاعل النووي) الى شواطئ المحيط الهندي في الجنوب الايراني البعيد عن المناطق الحضرية الايرانية والخليجية.

باستقالة السيد عمرو موسى من منصبه نقترح ان نبتعد هذه المرة عن النهج التقليدي في اختيار الأمين العام خاصة مع ثورات التجديد القائمة في وطننا العربي عبر ترشيح الكويت ودول مجلس التعاون شخصية سياسية خليجية كالسيد محمد الصقر او اقتصادية كالسيد عبداللطيف الحمد او ثقافية كالسيد محمد بن عيسى صاحب مهرجان أصيلة المغربي الدولي او علمية كالدكتور أحمد زويل لمنصب الأمين العام للجامعة العربية العتيدة لعل وعسى «يصلح العطار ما أفسده الدهر»، وللمعلومة جميع السابقين منجزون كبار في مجالات تخصصاتهم.

وهل لنا ان نقترح على القيادة السياسية الجديدة في مصر أن تبادر بإعادة طرح مشروع كوبري و«جسر العرب» الذي يربط الجزء الآسيوي من الوطن العربي بجزئه الأفريقي، ويمكن لمصر والسعودية ان تسلما المشروع عن طريق نظام «B.O.T» ومن دون اي كلفة مالية عليهما لأي شركة كبرى تقوم بتنفيذه وتحصيل الأموال التي تدفع لعبوره وهو اقتراح كفيل بوصول ملايين السائحين السعوديين والخليجيين لمصر وامكانية حج وعمرة ملايين المصريين والأفارقة عن طريق البر، وللعلم المشروع أوقف في السابق خدمة لمشروع العبارات البحرية التي يملكها مدير شؤون الرئاسة زكريا عزمي وشركاؤه ولعدم ازعاج سكن الرئيس المصري السابق حسني مبارك الواقع مقابل مضائق تيران التي يفترض ان يقوم فوقها الجسر.

الدعم الاقتصادي الذي قررته دول مجلس التعاون لمملكة البحرين وسلطنة عمان هو امر مستحق وقليل بحق الأشقاء والأحباء في البلدين، ونرجو ان نتعظ هذه المرة من تجربة الدعم المالي لمصر بعد قمة الخرطوم 1967 الذي قام على معطى اعطاء السمك بدلا من تعليم صيده، وان دول الخليج الست في حاجة ماسة لهيكلة سياسية واقتصادية تحد من الاضطرابات الأمنية وتوقف عمليات الاعتماد الكلي على مورد ناضب هو النفط.

آخر محطة

(1) تقدمت الكويت السخية دائما في عطاياها بحل غير مسبوق في العالم أجمع لمشكلة المقيمين بصورة غير شرعية على أرضها يتم خلاله تجنيس البعض وتأمين حياة كريمة لغير المستحقين للجنسية عبر الخدمات التعليمية والصحية المجانية وعدم دفع ضرائب ورسوم وتوفير فرص العمل.. الخ.

(2) التظاهر وتشويه سمعة الكويت والاعتداء على رجال الأمن بعد كل تلك التشريعات وإبان تطبيقها يعني احد الأمور التالية:

(أ) ان هناك من يريد ليّ ذراع الدولة وسحب احد أهم حقوقها السيادية وهو حق التجنيس.

(ب) كسر هيبة الدولة عبر الاعتداء على رجال أمنها من دون حساب او عقاب تمهيدا للفوضى العارمة.

(ج) تنفيذ أجندات خارجية مشبوهة قادمة من احد القابعين في لندن وغيرها من الدول بقصد تشويه صورة الكويت وإظهارها بشكل الدولة الظالمة بدعم من بعض النواب ممن يعتبرون بلدنا بقرة حلوبا ووطنا ثانيا لهم.. بعد المائة!

(3) الحل الوحيد للإشكال هو ان مَن يخرج على القانون ويعتدي على رجال الأمن يتم اخراجه من مسمى «بدون» ومن ثم لا يمنح العطايا والمزايا الواردة بالقانون ويعتبر وافدا مثله مثل عشرات الآلاف من الوافدين ممن قدموا قبله في الخمسينيات والستينيات والسبعينيات ولم يعتدوا قط على رجال الأمن او يحاولوا تشويه سمعة الكويت.

(4) لأصحاب الأجندات الخارجية والداعين للفوضى غير الخلاقة والخارجين على القانون ومشوهي سمعة الكويت من نواب ومتظاهرين نقول «LOVE IT OR LEAVE IT»، وخلّ يترجمها لكم الصدامي القابع في لندن!

(5) لا يمكن لأي «بدون» حقيقي حاله حال اي كويتي ان يرضى بالفوضى والاعتداء على رجال الأمن وتشويه سمعة البلد، لذا فهؤلاء وهم الأغلبية غير مقصودين بالفقرات السابقة وسنرحب عما قريب بتجنيس المستحقين منهم اخوة وأشقاء لنا بالمواطنة.

سامي النصف

مصر فوضى غير خلاقة.. وليبيا ثورة قبل وقتها

الوضع في مصر خطير جدا، وخارطة الطريق القائمة تبتعد بمقدار 180 درجة عن خارطة الطريق الصحيحة التي يفترض ان تحيل ثورة 25 يناير الى ثورة خلاقة جميلة توفي بوعودها للصابرين والحالمين والمنتظرين، ما يحدث في مصر هو فوضى «هدامة» لكل شيء جميل، فالأمن الذي تشتهر به مصر بدأ يُفقَد للمرة الاولى في تاريخها والاستثمارات تفر والسواح محجمون وخائفون والاقتصاد في طريقه بالتبعية للهاوية، ومع توقف الاقتصاد تبدأ الازمات السياسية والتمزقات الطائفية والتطاحنات الاهلية والمناطقية والتشتيت والتشطير، وربنا يحفظ مصر العزيزة مما هو قادم.

في اوروبا الشرقية، خرج الناس للشوارع في ثورات عارمة لكن ما ان سقطت الانظمة حتى ابتعدوا عن عمليات الانتقام ورجعوا سريعا لمصانعهم ومزارعهم ومقار اعمالهم وتركوا الخبز لخبازه وادارة الدولة لمحترفيها من دون تدخل منهم، ما يحدث هذه الايام في مصر قريب جدا مما حدث عام 1952 والدعوة المدمرة آنذاك لبقاء الثورة مشتعلة بشكل دائم لمحاربة ما سمي بالثورة المضادة ومن ثم عدم عودة الضباط الصغار ممن لا خبرة سابقة لهم في ادارة الدولة الى ثكناتهم ومقرات أعمالهم.

وقد قامت الثورة آنذاك بتشجيع الفوضى واثارة الاحقاد والزج بكبار رجال الاقتصاد في السجون بتهم الفساد وتحت راية التطهير، وقد ثبت زيف تلك الدعاوى بعد عشرين عاما «وبعد خراب البصرة» وتم رد الممتلكات لأصحابها في السبعينيات والثمانينيات، وكحال الضباط الصغار في الخمسينيات يتم هذه الايام تسليم زمام الامور في بلد بحجم مصر الى شباب في العشرينيات من عمرهم مما يمهد لتكرار نفس الاخطاء والنكبات مع فارق عدد السكان الذي تضاعف من عشرين مليونا الى 84 مليونا هذه الايام، للمعلومة العودة الى ما فعله شباب الثورة الثقافية في الصين اعوام 1966 ـ 1976 تعطي فكرة عما تفعله الدماء الحارة والثورات الدائمة في مصير الامم، حيث كفر الشعب الصيني بالشيوعية بعد تلك الثورة الشبابية الدامية.

مع الزج بكبار مطوري الاراضي والمستثمرين المصريين في السجون، سيكون هناك 11.5 مليون مصري عاطل عن العمل في قطاع الانشاء والبناء، يضافون الى 5 ملايين عاطل مسجلون رسميا حاليا و3 ملايين عاطل من القطاع السياحي المتوقف و2.5 مليون عاطل عائدون من دول الثورات كليبيا واليمن والاردن وتونس وملايين اخرى عاطلة عن العمل في المصانع والمزارع والمخابز والمحلات والبنوك وقطاعات التجزئة التي لا تجد مشتريا، فمن اين ستدفع رواتب العاملين؟ الجوع كافر والاشكالية الجهنمية تكمن في حقيقة انه مع زيادة العاطلين سيكثر التعدي على السائحين والمستثمرين مما سيتسبب في ابتعادهم ومن ثم زيادة اعداد العاطلين اكثر واكثر وهكذا دواليك.

تعامل الشباب الثوري الذي يقوده رجال اعلام وساسة ليسوا فوق مستوى الشبهات يزيد الوضع تشاؤما، فبدلا من الاكتفاء بالعقاب الشديد للمنحرفين والمتجاوزين في الاجهزة الامنية والحزب الوطني، يتم «تعميم» العقاب والمطالبة بحل جهاز امن الدولة الذي يعمل به 100 الف رجل امن مختص ومعه المطالبة باجتثاث وعزل منضوي الحزب الوطني واعدادهم بالملايين، فما الذي سيتفرغ له من تم عزلهم؟ الارجح سنرى تكرارا لما حدث في العراق من تفرغ المعزولين من رجال الامن والحزب لعمليات التخريب والتفجير والتشطير ومحاولة اشعال حرب اهلية، فهل هذا هو المطلوب في مصر؟!

الوضع المأساوي القائم في مصر الحبيبة اشترك في صنعه والوصول إليه بعض رجال العهد السابق بفسادهم وقمعهم الشديد، ومعهم رجال اعلام وكتاب ورجال اعمال ـ وبتواطؤ من قيادات امنية ـ تفرغوا خلال السنوات الماضية وبشكل غريب للتحريض والتأجيج والتثوير عبر خلق الصحافة الرصيفية الصفراء والبرامج الفضائية المؤججة والكتب (مثال كتاب د.علاء الأسواني الصادر العام الماضي المعنون: لماذا لا يثور المصريون؟)، والافلام السينمائية المبشرة بالخراب، لذا فالعجب ليس من ثورة الشعب المصري بل العجب هو عدم ثورته، الاعجب ان تسويد الصورة لم يكن انعكاسا حقيقيا لأوضاع مصر او حتى لأوضاع رجال الاعلام المثورين ممن كانت دخولهم تتجاوز الملايين شهريا او رجال الاعمال الغاضبين ممن تجاوزت ثرواتهم المليارات.

آخر محطة:

1 ـ مع الايام الاولى لثورة الشعب الليبي الذي توقع اغلب الناس ان تنتهي سريعا بانتصارها كما حدث في تونس ومصر، ذكرنا في مقالنا 23 و26 فبراير ان الامر اقرب الى ثورة 14 محافظة في العراق عام 1991 التي انضجت قبل حينها مما مهد لقمعها بوحشية وتثبيت حكم صدام لعشرة اعوام لاحقة.

2 ـ تصريح احمد قذاف الدم المؤيد للثورة والتغطية الاعلامية المؤججة والاسلحة الحكومية المخزنة في بنغازي قد تدل على ان هناك من اراد انضاج الثورة الليبية قبل حينها ليتم قمعها وتثبيت اركان النظام الجالس على جماجم الشعب الليبي المظلوم، ولن نستغرب بقاء الحرب الاهلية الليبية لسنوات قادمة، فقد اطال القذافي امد الحرب الاهلية اللبنانية والحرب العراقية ـ الايرانية واشعل العديد من الحروب الاهلية في الدول الافريقية، فكل دمار وخراب ونار يقف خلفه.. نيرون العصر.. صدافي..!

3 ـ منذ ربع قرن القذافي يتدخل سرا عبر ابن عمه قذاف الدم ومن معه بالشأن الداخلي المصري، وحفظ الله مصر من مؤامراته المدمرة والمخربة.

سامي النصف

لا تستهدفوا الخيّرين!

التقينا كمجموعة اعلامية كويتية مساء أمس فيما هو ختام لجولتنا الخليجية والعربية بالنائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع الشيخ جابر المبارك لشكره على جهده ودعمه المميز لتلك الجولة، وأبوصباح كما هو معروف عنه ودود في ملقاه ومتزن في طرحه وآرائه، ومما ذكره في اللقاء حقيقة ان التعاون العسكري الخليجي كفيل بخلق مظلة جوية تحمي سماء الخليج من الأخطار المتوقعة.. وما أكثرها هذه الأيام!

الاستجواب حق مطلق كفله الدستور للنواب، والحكمة والحصافة وتجارب الماضي تقتضي ان يرشّد استخدام سلاح الاستجواب حاله حال اي «سلاح» آخر، والتأكد من عدالة ما يطرح ضمنه من قضايا، وعليه نرجو مخلصين ألا يكون العمل الخيري والانساني والوطني الذي يقوم به رجل الخير والبر عبدالعزيز البابطين محورا لاستجواب قادم كما أتى في إحدى الصحف.

فعبدالعزيز البابطين ومنذ عام 1974 حتى يومنا هذا وهو «يصرف» من حر ماله ومن جهده ووقته وصحته دون ان يتسلم فلسا أحمر واحدا كمردود على ما يدفعه، فمبتغاه دائما وأبدا هو وجه الله ثم رفع اسم الكويت عاليا، في وقت يخزن فيه بعض منتقديه أموالهم ولا يخرجون منها شيئا، ان الجهد الذي يقوم به «السفراء» عبدالعزيز البابطين تعجز عنه دول بأكملها ولا يجمعني شخصيا بذلك الفارس الا الاعجاب بما يقوم به لمصلحة هذا الوطن.

ولم يكن غريبا على الاطلاق ان «تؤجر» الدولة أرضا للبابطين لينشئ عليها من حر ماله مكتبة «عامة» يقصدها زوار الدولة والمواطنون والمقيمون وطلاب العلم والمختصون في وقت تقوم فيه الدول الأخرى بإنشاء المكتبات وتسميتها بأسماء الشخصيات الثقافية والاجتماعية البارزة كحال البابطين دون ان يدفع من تسمى بأسمائهم المكتبات او المدارس او الشوارع.. الخ، فلسا واحدا، بينما دفع بوسعود الملايين على بناء المكتبة ويدفع عشرات الآلاف شهريا على رواتب العاملين بها ومصروفات الكهرباء والماء والحراسة والانترنت وشراء الكتب.. الخ، فهل من يقوم بهذا الأمر يُشكر ويُقدّر على عمله أم يحاسب؟!

أما عمارة الوقف التي بناها كذلك من ماله الخاص فلا يدخل من مواردها شيء في جيبه بل يذهب جل الدخل لأعمال الخير الكثيرة التي تعلّي من سمعة الكويت وطننا جميعا، ولو كانت مقاصده تجارية او شخصية لاشترى بالملايين التي صرفها على المكتبة ومبنى الوقف، سلسلة عمارات تجارية تدر عليه شخصيا الملايين كغيره، ان استقصاد البابطين وأعماله الخيّرة يضر بالكويت، فهل هذا هو المقصود؟! كما انه ينفّر الأغنياء والأثرياء من مساعدة المحتاجين والفقراء مادام الشكر يستبدل بالأذى، فهل هذا هو المطلوب كذلك؟!

ان أراضي الدولة العامة التي يحاول البعض ان يحرم العمل الخيري والثقافي منها والمقسّمة في حال البابطين الى مكتبة لا تدر مالا ومبنى وقف تذهب مداخيله لأعمال الخير، هي «نفس» الأراضي العامة للدولة التي تقدم مجانا او شبه مجان وبملايين الأمتار للقسائم الصناعية والزراعية والجواخير والاسطبلات والمناحل والشاليهات، وجميعها ملكيات «خاصة» دون اي مردود مالي او ادبي على الدولة، ودون ان يستجوب احد أحدا على مثل تلك العطايا والتخصيصات التي طارت بتجاوزاتها الركبان، مرة أخرى نرجو عدم صحة ما أتى في الصحف كي لا تنقلب الموازين، فمن يعمل الخير يحاسب وينتقد ومن يكنز المال ويشوّه سمعة بلده يقدّر ويبجّل.

آخر محطة:

ضمن المفاهيم المعكوسة السائدة هذه الأيام ان يوجه القائمون على بعض لجان مجلس الأمة التي تهدر وبشدة أموال أجيالنا الحاضرة والمستقبلية وتعتبر الكويت بلدا لا غد له، سهام نقدهم الى وزراء الحكمة والتعقل من الحريصين على مستقبل البلد وثرواته أمثال الأخوين مصطفى الشمالي ود.هلال الساير وغيرهما من المخلصين، التغيير الذي يريده الناس ويتواءم مع متطلبات المرحلة المقبلة هو.. التغيير إلى الأحسن!

سامي النصف

الصدافي أكثر تدميراً من السونامي!

وصل صدام للحكم في انقلاب عسكري مشبوه عام 68، ووصل القذافي للحكم في انقلاب عسكري مشبوه عام 69، وكانت أول عاصمة اعترفت به هي بغداد، أباد وشرّد صدام من قاموا بالثورة معه وصفّاهم حتى من ترك له البلاد وكذلك القذافي، لصدام زوجتان والعديد من العشيقات وأشهرهن أوروبية بيضاء وكذلك القذافي، صدام يؤلف روايات وكذلك القذافي، لصدام ابن أقرع جاهل يحمل دكتوراه كاذبة ويربي الاسود في قصوره وكذلك القذافي، شن صدام الحرب على ايران فشن القذافي الحرب على تشاد، وصم صدام شعبه بأرذل الاسماء والصفات بعد ثورتهم عليه عام 91 (سلسلة مقالات جريدة القادسية ربيع 91) وكذلك القذافي بعد ثورة ربيع 2011، عادى صدام الكويت دون مبرر فأصابته حوبتها الشهيرة وكذلك القذافي، دمر وسرق ونهب صدام ثروات بلده وتسبب في إشعال نيران حرب أهلية فيه وكذلك القذافي.. التقيت القاضي الفاضل الذي حكم بالإعدام على صدام ومازلت في انتظار لقاء القاضي الذي سيحكم بالإعدام على القذافي أو.. صدافي (جمع اسمي صدام والقذافي).

في الثمانينيات وقف القذافي مع إيران ابان الحرب العراقية ـ الايرانية رغم تدثره الكاذب برداء القومية العربية لا حبا في ايران بل ليبقي النيران مشتعلة بين البلدين لأطول مدة ممكنة، وفي عام 90 رفض القذافي قرار الجامعة العربية بإدانة الغزو الصدامي للكويت (!) في عام 95 وفي لقاء للقذافي مع أساتذة وطلبة جامعة القاهرة صرح بأن الكويت بلد لا يستحق الحياة كونه لا يستطيع الدفاع عن نفسه وان على جيرانه اقتسام أرضه، وفي عام 2003 أرسل مرتزقته ولجانه الثورية لاحتلال السفارة الكويتية وتمزيق علم الكويت واستبداله بعلم صدام.. المعاملة بالمثل التي هي قمة العدل تقتضي استبدال علمه الأخضر المرفوع على مبنى سفارته بالكويت بعلم الحكم الديموقراطي الجديد في ليبيا.

حسبما أتى في صحيفة معاريف الاسرائيلية ولقاء القناة الثانية الاسرائيلية مع ابنة خال القذافي السيدة راحيل (77 سنة) وقبلهما كتاب المعارضة الليبية «من هم خوالك يا القذافي؟»، نكتشف أن والدة الرئيس الليبي هي السيدة اليهودية رزالا تمام، وان شقيقها مسعود تمام خال القذافي له 5 أبناء يعيشون في إسرائيل، نقول للسيدة راحيل ان انتماء ابن عمتها لليهودية لا يضره ولا يحسب على يهود ليبيا ممن ظلموا كثيرا وقتلوا صبرا في الاربعينيات والخمسينيات والستينيات دون ذنب ارتكبوه، ما نأخذه على ابن رزالا تمام ان اعماله هي بحق.. رذالة تمام!

خبير نفسي كويتي ظهر على إحدى الفضائيات وطلب منه المذيع أن يتنبأ، بحكم اختصاصه ودراسته لشخصية القذافي، بنهاية الطاغية، أجاب، لا فض فوه ومات حاسدوه، بأن نهاية القذافي ستكون إما بانتحاره أو قتله أو أسره أو هربه.. حاولت جاهدا أن أفكر في سيناريو خامس فلم أجد إلا.. أن يرفع كالسيد المسيح عليه السلام للسماء أو أن يموت.. بكظة كهرباء!

أصدر البابا بنديكتوس السادس عشر بيانا برأ فيه يهود اليوم من دم السيد المسيح عليه السلام، وهو أمر يتماشى مع العقل والمنطق والايمان الصحيح، فلا يمكن أن يلام الابناء والاحفاد على ما قام به أجداد الاجداد وإلا لجاز لنا أن نحمل دول الاتحاد الاوروبي الحالية ذنب جرائم الحملات الصليبية، ولهم أن يحملونا ما قامت به غزوات العثمانيين على الدول الاوروبية.. نرجو ألا يتحول اللوم في موت السيد المسيح عليه السلام بعد تلك التبرئة الواجبة، الى لوم العرب والمسلمين.. آخر الهنود الحمر!

آخر محطة:

(1) كشف تقريران منفصلان لقناة «العربية» أن زوجة القذافي السيدة عائشة فركاش البريعصي (لا يعلم صلة قرابتها بعزة الدوري)، كانت تعمل ممرضة عندما التقاها عام 71، كما أن آخر عشيقاته الأوكرانية غالينا كولتنوتسكيا تعمل ممرضة كذلك.. هل بقي من يشك بعد ذلك بالحالة الصحية والعقلية للعقيد.. صدافي؟!

(2) الحمد لله على سلامة الزميل العزيز فؤاد الهاشم،ومبروك عودته لقرائه ومحبيه و..عين ما صلت على النبي يا بوعبدالرحمن.

سامي النصف

ملك الملوك وملك الملوك

لي نهج وخط سياسي أبشر به منذ مقالي الأول بالصحافة الكويتية في يناير 1980 (مقال ماذا فعلت الثورات بالعالم العربي) وفحواه أن الثوريات العربية ما خلقت إلا لتدمير أوطانها أثناء حكمها وبعده، وإضاعة القضايا التي تؤتمن عليها كحال القضية الفلسطينية، ولو أننا ائتمنا القضية الكويتية عام 90 بيد بعض ثوريينا أيا كان انتماؤهم السياسي يسارا أو يمينا لكنا مازلنا نعيش حتى يومنا هذا بالشتات في الملاجئ والخنادق بينما ينتقل ثوريونا بالطائرات والجوازات الخاصة من الفنادق إلى الفنادق كحال أبوعرفات وباقي أبواق القضية الفلسطينية.

والمستغرب ـ أو غير المستغرب ـ هو مساهمة الثوريات العربية بسبق إصرار وترصد في تدمير أوطانها، فناصر (النهج لا الشخص) أضاع السودان وسورية وفرط بسيناء وغزة مرتين، وعرّض جيش خير جند الله للهزائم والنكبات والنكسات مرات ومرات قبل أن يستردوا كرامتهم بعد رحيله الأسطوري بانتصار أكتوبر 73، ومثله صدام الذي هجم بجيشه على قومه في الجنوب والشمال حتى لم تبق رصاصة في بنادقه لم تفرغ في صدور الأكراد من شعبه مما اضطره لعقد اتفاقية الجزائر عام 75، ثم مهاجمة جيرانه مرتين تارة بالشرق وأخرى بالجنوب فهزم مرتين فأحال أرض الماء الوافر وأول زراعة في الأرض إلى أرض الدماء المسفوكة والنخيل المحروقة.

وبشر الثوري عمر البشير الصحافة الدولية وقبل ظهور نتائج الاستفتاء ـ و«بزلة لسان» ـ بأن سكان الجنوب سيصوتون بـ 99% للانفصال مما يعني انه كان يعلم بأن اعماله القمعية والشريرة آتت ثمرها وأن ثلث مساحة بلاده المليء بالماء (الذهب الأبيض) والنفط (الذهب الأسود) والزراعة (الذهب الأخضر) قد انفصل دون عودة ولم يتبق إلا أراض صفراء جرداء قاحلة يورثها لمن سيأتي بعده كما أورث الثوريون الآخرون الخرائب والاطلال والجهل والمرض لمن تسلم التركة الثقيلة بعدهم.

وجرائم سبق الإصرار والتخطيط والترصد بحق الأوطان تنطبق كذلك على الثوري الآخر معمر القذافي الذي هدد وولده بإشعال الحرب الأهلية في بلده وتحويلها لصومال جديد تتنازعه القبلية والمناطقية تطبيقا لشعار «أحكمكم أو أقتلكم» الذي أتى في كتابه الأحمر الذي حل محل كتابه الأخضر كي لا يبقى في ليبيا المظلومة حجرا على حجر فتنتهي بدماء تجري وخراب يسري.

سمى محمد رضا بهلوي نفسه بملك الملوك (شاهنشاه) وأعلن الثورة البيضاء فسمى القذافي نفسه بملك الملوك وأعلن الثورة الخضراء، سلط الشاه جنده ورجال مخابراته على شعبه فسلط القذافي زبانيته ومجرمي لجانه الشعبية على الناس، اشتكى الشاه قبل سقوطه من غدر حلفائه الأميركان واشتكى القذافي كما أتى على موقع «العربية» من غدر حلفائه الأميركان به (!)، الفرق أن الشاهنشاه خلف وراءه بلدا زراعيا وصناعيا ضخما وجيشا عرمرما يفوق الجيش البريطاني في العدة والعتاد وخرج بقليل من المال حتى أن أسرته تعيش على دخل مكتب زوجته الكائن في نيويورك، بينما يخلف ملك الملوك الآخر بلد مدمرا بالكامل وجيشا مهلهلا وثروة شخصية تقدر بمئات المليارات نهبها من عرق وجهد وثروة الشعب الليبي الذي بات يجلس على الحديدة ويحتاج لنصف قرن أو قرن لإصلاح ما دمره صاحب راتب الـ 465 دينارا و44 قرشا كما أتى في خطابه الأخير الذي كان اجدر به أن يلقيه في بداية الشهر القادم أي في الأول من أبريل.

آخر محطة:

 1 ـ سحبت جامعة لندن شهادة الدكتوراه التي منحتها الطاغية الصغير سيف الإسلام القذافي، بعد خطابه الأخير المليء بالتهديد والوعيد، حيث تحول ابن القذافي من دكتور إلى.. دكتاتور.. ولا حول ولا قوة إلا بالله.

2 ـ بودنا لو تبنت الكويت وحدها أو مع بعض دول مجلس التعاون جسرا جويا ينقل اللاجئين المصريين من الحدود التونسية الى بلدهم وهو استحقاق قليل بحق الشقيقة الكبرى مصر وسيكون له أثر طيب وإيجابي لدى شعبها وقيادته المقبلة.

3 ـ في استفتاء لجريدة الأهرام حول المرشح الأوفر حظاً لرئاسة مصر، حاز عمرو موسى على 49% والبرادعي على 10% وممثل الإخوان المسلمين على 5% وأيمن نور على 1% وشخصية عسكرية على 12% والله أعلم.

سامي النصف

الإطفائي وكرة النار

في هذه الاوقات الصعبة عربيا وخليجيا، كان هناك تحرك موفق من صاحب السمو الامير للم الشمل الخليجي الذي يمهد تمزقه لسقوط دولنا الواحدة تلو الاخرى، وان يؤكل شمال الخليج في اليوم الذي نسمح فيه بأكل جنوبه او وسطه، دور اطفائي الخلافات المشتعلة والذي يوفر في النهاية الجهد والدم والمال، هو اختصاص متصل لسموه منذ ان تدخل قبل حوالي نصف قرن لاطفاء نار الخلاف الدموي الذي قام بين بعض دولنا الخليجية والعربية على معطى حرب اليمن.

منذ ان ارسلت السيدة هيلاري كلينتون رسالتها الواضحة لبعض الحكام العرب منتصف شهر يناير الماضي بأن يتغيروا قبل ان يتم تغييرهم، والرسالة تصل متأخرة احيانا كما حدث في تونس ومصر، سبب التأخير هو الاختيار الخاطئ للاشخاص والذي يوصل بالتبعية لقراءات خاطئة للمتغيرات مما يؤدي في النهاية لقرارات خاطئة او متأخرة لم تعد اثمانها تنحصر في ازمة سياسية او تقتصر على دفع كلفة مالية.

هل حكم اهل الدماء الحمراء من البسطاء والفقراء، كما يقال، ارحم وافضل من حكم من يسمون بأصحاب الدماء الزرقاء، اي اصحاب الحكم الوراثي؟! الاجابة واضحة وجلية عبر متابعة احداث تاريخنا السياسي المعاصر، فقد تم اسقاط الانظمة الوراثية في مصر والعراق وليبيا على دعاوى مظالم لم تقتل احدا إبان حكم الملكيات، ودعاوى مفاسد ـ لو صدقت ـ لا تتعدى مبالغها الواحد من مليون من ميزانيات تلك الدول والباقي كان يصرف على تنمية شعوبها، وجميعها تعتبر ممارسات ملائكية عندما تقارن بما فعله من يفترض ان يكون رحيما بالبسطاء والفقراء من شعبه كونه اتى منهم.

فقد قتل وأباد الحكام الثوريون الذين اتوا على انقاض الانظمة الوراثية،الصغير قبل الكبير، والفقير قبل الغني، وزجوا بشعوبهم في حروب خارجية خاسرة او داخلية دموية، ونهبوا ميزانيات بلدانهم «كاملة» فأصبحوا من اصحاب المليارات ولم يبقوا لبلدانهم شيئا عدا الفقر والمرض والجهل واليتم والمباني المهدومة الخاوية في وقت لم يعرف فيه شيء قريب من هذا الثراء الفاحش عند من تبقى من اسر الملك فاروق او فيصل الثاني او ادريس السنوسي الذي لم يكن يملك مالا يدفع به ثمن اقامته في فندق باليونان، بينما تتجاوز ثروة الثائر عليه ما يقارب 200 مليار دولار هي نتاج سرقة جُل ميزانية دولة نفطية لمدة 42 عاما دون ان يصرف منها شيئا على شعبه.

آخر محطة:

1 ـ ابان فورة اليسار والثورية ودعاوى القومية في الخمسينيات والستينيات، صمدت الكويت عندما تساقطت الانظمة الاخرى بسبب الذكاء والتعامل الايجابي مع متطلبات تلك المرحلة، وعندما تحول العالم والمنطقة معه للنهج الديني والمحافظ في السبعينيات والثمانينيات تعاملت الكويت بحكمة مع ذلك المتغير وتجاوبت كذلك مع متطلباته واستحقاقاته.

2 ـ يتعرض بلدنا هذه الايام لتحديات لا تخفى على احد ولدينا ثقة تامة بالحكمة الكويتية في التعامل مع تلك المتغيرات الحادة وغير المسبوقة، واننا سنشهد قراءات وقرارات تدل على الفهم العميق لما يجري واستحقاقاته.

3 ـ لدينا قناعة شخصية بأن كرة النار التي «تتنطط» بالمنطقة لن تتوقف عن تحركها او تطفأ نيرانها في المستقبل المنظور، فمازالت بعض دول المنطقة العربية والخليجية مستهدفة وبقوة من تلك الكرة الجهنمية التي يمكن ان تسدد احيانا للدول المقصودة مباشرة او عن طريق تسديدها لدول قريبة منها بقصد الاضرار بها بالتبعية.

سامي النصف

أمير الشكر والوفاء

خطاب الشكر والوفاء الذي استمع له الشعب الكويتي ظهر امس من صاحب السمو الامير المفدى يؤسس لثقافة سياسية جديدة لم تعتدها شعوب العالم الاخرى وخاصة في منطقة الشرق الأوسط ممن لم تعتد سماع خطابات شكر توجه لها، لقد كان خطاب امس جميلا في معناه ومغزاه، راقيا في مفرداته وكلماته، موجها من قيادة ابوية حنونة الى شعب مخلص ووفي.

فقد وجه سموه الشكر لأطفال الكويت الذين شاركوا في الأوبريت الرائع «إلا الوطن» وللرجال والنساء ممن عبروا عن محبتهم الخالصة لوطنهم واميرهم بطريقة مبتكرة وغير مسبوقة وهي نثر مليون وردة محبة على جدران دار سلوى مقر إقامة سموه.

وامتد خطاب الشكر لجميع ابناء الديرة لمشاركتهم الراقية والفاعلة في اعياد «50، 20، 5» فهم كما اتى في الخطاب «زينة الكويت وأنوارها وصوتها وصورتها وحاضرها ومستقبلها الزاهر» والى جميع وزارات ومؤسسات الدولة والمجتمع المدني ومختلف الجهات الاهلية ووسائل الاعلام المقروء والمسموع والمشاهد وللمشاركين في العرض العسكري ولقواتنا المسلحة ولقوات الدول الحليفة والصديقة.

واستذكر خطاب الشكر والوفاء الادوار البطولية للراحلين الكبيرين الشيخ جابر الاحمد والشيخ سعد العبدالله، ولشهداء الكويت الابرار وأسراها ومفقوديها ممن رووا بدمائهم تراب الكويت الطاهر، كما امتد الشكر والامتنان لشعوب وقيادات وقوات الدول الحليفة والصديقة التي وقفت مع الكويت عام 90 و«لن ننسى قط مواقفهم الشجاعة» كما جاء في الخطاب التاريخي.

وتأتي الثقافة السياسية التي تضمنها خطاب سموه امتدادا للثقافة التي رسخها سموه ديبلوماسيا في المحيطين العربي والدولي حيث الصدق والحكمة والوفاء، فلا قول بالعلن يختلف عن القول بالسر، ولا مواقف فوق الطاولة تختلف عن مواقف اخرى تحتها، بل شفافية ووضوح تام، لذا لم يصدق العالم وقادته اكاذيب وتخرصات النظام الصدامي وهب مسرعا للوقوف مع بلدنا قبل عقدين من الزمن.

آخر محطة:

(1) تمسكنا بالوحدة الوطنية والتعقل والموضوعية هو خير هدية نقدمها لبلدنا في اعيادنا الوطنية، وعطاءات الدولة للشعب الكويتي غير المسبوقة لا تحتاج منا إلا للحمد والشكر.

(2) حتى نشعر أكثر بالنعمة التي نعيشها نذكر بأن كلمات الشكر التي نسمعها، تتزامن مع تهديدات قيادات ثورية بقتل شعبها من.. زنقة، الى زنقة اي من الوريد الى الوريد، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

سامي النصف

أيام في الرمثية

توجهت مع الزميل العزيز د.عصام الفليج لزيارة الصديق الفاضل عبدالعزيز البابطين في مزرعته العامرة بالشيط بالمملكة العربية السعودية مساهمة منا في تخفيف الزحام المروري بالبلد، وللبعد عن أجواء المدن التقليدية الى أجواء الصحراء الجميلة.

ورفيق الدرب بوعبدالله هو خير نديم للطريق بعد أن جربناه في أكثر من سفرة، حيث تجد لديه العلم النافع والاستماع الجيد لمحدثه دون مقاطعة، إضافة الى قدرته المميزة في الاستدلال على الطرق الصعبة والمسالك البرية دون معرفة سابقة حتى أسميته ـ ما شاء الله عليه ـ بالمري أو الـ «جي.بي.اس» البشري، فما عليك إلا أن تتبع إشارات يده كي تصل الى مرادك ومبتغاك بأيسر وأقصر الطرق!

وصلنا بعد مسيرة ثلاث ساعات ونصف الساعة الى مزرعة أو محمية «الرمثية» والاسم يرجع لنبت الرمث البري الشهير الذي اختفى من صحرائنا الكويتية والذي نأمل عودته بعد أوامر صاحب السمو الأمير بالحفاظ على البيئة الكويتية، وقد بدأنا فور الوصول بالتجوال في تلك المحمية الرائعة التي تضم عشرات الألوف من مختلف صنوف النباتات والحيوانات المختلفة، فهناك الغزلان والمها البري الذي كاد أن ينقرض من الجزيرة العربية والنعام والطاووس وغيرها من مخلوقات الله الجميلة.

والشيط هي جزء من صحراء الصمان التاريخية التي كان يضرب بها المثل في الكويت للدلالة على البعد الشديد فيقال «ابعد من الدهنا والصمان»، كما تقسم صحراء الشيط الى جزأين: العطشان للدلالة على قلة المياه، والريان كدلالة على وفرتها، وقد بنى أبوسعود مزرعته بعد أن قام المجرم سبعاوي الحسن أخو المقبور صدام بالاستيلاء على مزرعته الواقعة جنوب العراق وتدميرها بالكامل بعد سرقة 67 ألف نخلة مثمرة منها وتدمير شبكة الري وحرق السيارات والآليات، أسرتا صدام والقذافي يخجل من أفعالهما حتى هولاكو وجنكيزخان.

وقد تعود الاخ العزيز عبدالعزيز البابطين ان يخجل زائريه بحسن خلقه وكرم ضيافته، وقد طلب بعض الضيوف أن يجربوا لحوم الغزلان والنعام وغيرهما من صنوف حيوانات وطيور تتواجد في المحمية وقد تحقق الطلب وكانت كل وجبة مفاجأة في شكلها ومحتواها، كان التجوال متعة أخرى، حيث يغطي كل مرتفع بالمحمية كساء أخضر يختلف عن الآخر، قضينا اجازة ممتعة ومريحة ضمن صحبة طيبة مكونة من الاخوة فواز حمد الفواز وعبدالرحمن محمد الحمدان وخميس عبدالله الرشيدي ويعقوب يوسف الفضيلي، وكان المنغص الوحيد فيها الأخبار المؤسفة القادمة من ليبيا، أعان الله شعبها على بلواهم.

آخر محطة:

(1) تهنئة من القلب للقائمين على عرض الوفاء العسكري الرائع، وتهنئة مماثلة للقائمين على أوبريت «الوطن إلا الوطن» الذي عرض أمام ضيوف الكويت والحاجة ماسة لتكرار الاستعراضات والأوبريتات كل عام كونها تعزز مشاعر الوحدة الوطنية.

(2) مشهدان يستحقان التوقف عندهما هذه الأيام على ضوء احتفالات الكويت وجرائم ليبيا، بلد يتم احتلاله ويصر شعبه ألا يكتمل تحرير أرضه إلا بعودة نظامه، وبلد آخر يموت الألوف من شعبه في سبيل إزاحة نظامه الثوري القاهر! مبروك للكويت أعيادها الثلاثة، وعقبال فرحة الشعب الليبي بتحرره من ربقة العبودية.