أ.د. غانم النجار

من هو مجرم «القديح»؟

تكالب الناس على معرفة اسم وصورة القاتل الذي سفك دماء أبرياء في مسجد علي بن أبي طالب في بلدة القديح بالقطيف بشرق المملكة العربية السعودية الجمعة الماضية.

وكانت المتابعة الكبيرة لمعرفة شخصيته تفترض أن الجريمة فردية، لا علاقة لها بالثقافة السائدة، ثقافة الكراهية والتخوين والتكفير، والتي ينساق لها جمهور واسع، ويحض عليها أشخاص بارزون في المجتمع، وتحتضنها مؤسسات رسمية وغير رسمية، وبالتالي فعندما يقوم شاب بفعلة كهذه، تُسفَك فيها الدماء، فلن يكون قد غرد خارج السرب بعيداً، بل تجد فعلته تلك أصداء ترحيب ودعم ومساندة. متابعة قراءة من هو مجرم «القديح»؟

أ.د. غانم النجار

مخرج لحالة متأزمة

أظن أننا أمام مأزق حاد، إن لم ينتبه له العقلاء فقد يؤدي إلى تغيير طبيعة النظام السياسي الكويتي القائم على قدر عالٍ من حرية التعبير وحرية التنظيم وحرية التجمع. المجتمع الذي يعبر فيه الناس عن آرائهم دون وجل أو خوف من حبس أو مساءلة أو متابعة أو تضييق، ذلك ما يميز هذا البلد الصغير، ويضع بصمة تميزه عن أشقائه في الخليج أو غير الخليج.

متابعة قراءة مخرج لحالة متأزمة

أ.د. غانم النجار

احتفالات ذكرى الدم

تصادف وجودي منذ أيام متنقلاً بين كوريا الشمالية والصين، وسأترك انطباعاتي عن بيونغ يانغ لحديث آخر، حيث إن اللافت للنظر هو الاستعدادات المذهلة والمبالغ فيها للاحتفال بمرور 70 عاماً على انتهاء الحرب العالمية الثانية. كان ذلك ملحوظاً في الصين وروسيا، فالتحضيرات في كل منهما كانت غير مسبوقة لحدث مشابه.

ليس هناك تقليد، في ما أعلم، بإقامة احتفال خاص بمرور سبعين سنة، فعادة تكون الاحتفالات مثلا بمرور 25 سنة أو 50 سنة أو 75 سنة، أو حتى 100 سنة، بما يطلق عليه عادة يوبيل فضي أو ذهبي أو ماسي أو بلاتيني، أما إقامة احتفالات بمرور 70 سنة خاصة وضخمة لحدث تاريخي، فلابد أن هناك حاجة ما قد أدت إلى كسر القاعدة.
متابعة قراءة احتفالات ذكرى الدم

أ.د. غانم النجار

سباق حواجز طائفية

ما هو المقصود بالطائفية، التي يكثر ترديدها الآن وفي إطار حمى كراهية عارمة، لا تبقي ولا تذر؟ ربما تعني معاني مختلفة عند كل طائفة أو فئة. فالذي يتحدث عن الطائفية، يفترض أن المقصود بها هي الطائفة الأخرى، وأن طائفته ليست طائفية، والعكس صحيح.

بالطبع وجود الطائفة أمر طبيعي، فالمرفوض هو الطائفية وليست الطائفة. فمن حق كل إنسان أن يختار طائفته، أياً كان شكلها أو حجمها أو فكرها، ولكن ليس من حقه الحجر على الطائفة الأخرى ومنعها من ممارسة طقوسها وعاداتها وتقاليدها طالما أنها لا تتعدى على غيرها ولا تحرض على الكراهية والعنف.
الطوائف أياً كانت يفترض أن تحتمي بسلطة القانون العادل في دولة تحترم المواطنة ولا تفرق بين مواطن وآخر على أساس طائفته، أو دينه، أو مذهبه أو عرقه. ولذا فأحد أهم أسباب “الطائفية” نقص العدل والمساواة، وضعف إحساس المواطن بكرامته. وهكذا يقتات السياسيون الطائفيون على الشعور بالغبن، بغض النظر عن مصداقية ذلك الشعور. أولئك السياسيون يصبون الزيت على النار لتحقيق وضعهم السياسي، سواء كان انتخاباً أو تعزيزاً لموقع.
متابعة قراءة سباق حواجز طائفية

أ.د. غانم النجار

هل فشلت المرأة في السياسة؟

مرت 10 سنوات على إقرار حقوق المرأة السياسية، وصار من المفيد إجراء تقييم لتلك التجربة، وخاصة أن هناك من يكرر أن تجربة المرأة السياسية فشلت، وأغلبهم في حقيقة الأمر كارهون لوجود المرأة في الحياة العامة، لا في السياسة فقط، ولهم أسبابهم، التي نفهمها ولا نقبلها. متابعة قراءة هل فشلت المرأة في السياسة؟

أ.د. غانم النجار

اتحاد طلبة

تأسس الاتحاد الوطني لطلبة الكويت سنة 1964، وقد سبق تأسيسه نشاط الروابط الطلابية في الخمسينيات في عدة دول، ما يعني أن العمل الطلابي سابق على الاستقلال، ويعد الاتحاد من أوائل المنظمات المدنية الفاعلة عربياً ودولياً. وما إن تأسست جامعة الكويت سنة 1966 انتقلت الهيئة التنفيذية للكويت.

خلال دراستي في القاهرة وبريطانيا تشرفت برئاسة فرع القاهرة وفرع المملكة المتحدة وأيرلندا، كما كنت لفترة عضواً في المجلس الإداري والهيئة التنفيذية.

طوال السنوات ظل الاتحاد الوطني لطلبة الكويت، ومازال، عامل بناء مجتمعي مهم، وفي غياب الأحزاب السياسية، كان يمثل المحطة الرئيسة التي أسهمت في تدريب كوادر شبابية على مفاهيم وقيم العمل العام، والديمقراطية، وتداول السلطة، والتعددية، والحوار، وقبول الآخر، والعمل التطوعي دون مقابل.

طوال هذه السنين، ورغم التغيرات في الظروف والقيادات والتوجهات، استمرت علاقة اتحاد الطلبة بالحكومة سلسة، خلافاً لكل الاتحادات الطلابية في المنطقة، التي إما أن تهيمن عليها الدولة أو تقمعها، أما الكويت فقد كانت “غير”. فمع أن الاتحاد لم يكن مشهراً، وكان ناقداً للحكومة، إلا أن المؤتمر العام للاتحاد، وهو أعلى سلطة في الاتحاد، كان يفتتح تحت رعاية رئيس الوزراء، وتتبرع له الدولة مادياً ولوجستياً. وفي مصر وبريطانيا، حيث خدمت فرعي الاتحاد هناك، كانت الملحقية الثقافية تدفع إيجار المقر، ولم يكن الدعم مادياً فقط.

جرت عدة محاولات لإشهار الاتحاد، كلها باءت بالفشل، وبالذات لأن الحكومة كانت تريد الإشهار تحت مظلة وزارة الشؤون، دون إدراك لخصوصية المؤسسة الطلابية، كونها كياناً متغير القيادات والقواعد، فصفة الطالب صفة مؤقتة تنتهي بالتخرج، بينما ترى القيادات الطلابية المتعاقبة أن يكون تحت مظلة وزارة التعليم العالي. وبعد جهود استمرت قرابة 4 سنوات، توصلت الأطراف الطلابية ووزارة التعليم العالي إلى صيغ مقبولة من جميع الأطراف.

إلا أنه وبدون سابق إنذار فوجئنا بمشروع قانون نيابي آخر يجعل تبعية الاتحاد الطلابي لوزارة الشؤون، ويتعامل مع الاتحاد بنفس منطق الجمعيات التعاونية، ما يعيد العجلة إلى الوراء.

لدى الوزارة الآن مسودة مشروع قانون تمت صياغته بعناية، وهو في طريقه إلى مزيد من التعديل عبر لجنة تضم الأطراف المعنية بما فيها اتحاد الطلبة. بينما المشروع المقترح من بعض النواب لا يحقق توافقاً من أي نوع، إذاً فالخيار واضح.

المهم من كل هذا أن يؤدي القانون الجديد إلى دعم وتقوية دور اتحاد الطلبة، كمنظمة مجتمع مدني، مستقلة، ديمقراطية، حرة في إبداء رأيها بالقضايا العامة، ومساهمة في تنمية المجتمع، ومدافعة عن مصالح الطلبة جميعهم أياً كانت انتماءاتهم. ذلك هو الاتحاد الطلابي الذي نعرفه، وذلك هو الاتحاد الذي يفترض أن يكون.

أ.د. غانم النجار

خطاب الكراهية تدمير للذات

أراقب ما جرى وما يجري في العالم، من قتل، وسفك دماء، فيدفعني التفكير إلى أنه يبدو أن ما يصنع المجتمعات والحضارات هي الكراهية. حجم الكراهية وقوتها وقدرتها على تحريك الأشياء هي أقوى بكثير من أي مشاعر أخرى.

وبقدر ما نجد الناس وهم يكررون أحاديثهم المرسلة عن دينهم وعاداتهم وقيمهم وتقاليدهم التي تجمع ولا تفرق، نجدهم حين الملمات، واشتعال الأزمات ينقلبون وحوشاً كاسرة، لا رحمة فيها ولا في أنيابها، أما إذا لم يكن لهم أنياب مغموسة بالدم، فهم يفرحون بدم الأعداء، ويحرِّضون على سفكه، ويسعون إلى سيلانه على الأرض، يفرحون بالموت، والتمثيل بأجساد الأعداء. متابعة قراءة خطاب الكراهية تدمير للذات

أ.د. غانم النجار

فلندع أوباما جانباً

طلب الرئيس الأميركي أوباما من الكاتب والصحافي توماس فريدمان إجراء مقابلة معه للتسويق لأفكاره، وتم نشرها في “نيويورك تايمز” مؤخراً.

في السياسة الأميركية يطلق على أفكار ونمط حكم الرئيس مصطلح “مبدأ”، ويختلف الرؤساء الأمريكان عن بعضهم البعض بذلك “المبدأ”. ويبدو أن أوباما قرر أن يدشنه في المرحلة الأخيرة من رئاسته. “مبدأ أوباما” يقوم على فتح القنوات والتواصل مع “الأعداء” والتفاهم حول المصالح. فإن لم ننجح في تحقيق مصالحنا، يمضي أوباما، فإنه بإمكاننا دائماً أن نعود لحالة القطيعة السابقة. متابعة قراءة فلندع أوباما جانباً

أ.د. غانم النجار

اتفاق شامل… ولمَ لا؟

على الرغم مما يبدو أنه حالة تصعيد عسكري في المنطقة، وتسارُع فيها، فإن الواضح أننا قد نشهد الفصل الأخير من حالة عدم الاستقرار.
دخول السعودية في المواجهة العسكرية هو استخدام لآخر الأوراق، وقبول إيران للاتفاق النووي هو أيضا آخر الأوراق.

وعندما تستخدم الأوراق الأخيرة على الأرض، فإنك تستهدف السلام، حيث لا يعود سلاح افتراضي يستخدم للردع، فالأسلحة التقليدية قد استنفدت أغراضها، ولم تحقق إلا معادلة صفرية، لا تسمن ولا تغني من جوع، بل تتكالب بها المآسي وتتكرر بصورة أكثر فداحة.
متابعة قراءة اتفاق شامل… ولمَ لا؟

أ.د. غانم النجار

هل يؤدي الاتفاق النووي إلى «أم الاتفاقات»؟

هل لتوقيت العملية العسكرية، التي تقودها السعودية ضد التحالف الحوثي- الصالحي في اليمن أي دلالة؟ فالحرب مع الحوثيين ليست جديدة، إلا أنها هذه المرة مرتبطة بالكامل بتداعيات وتدهور الأوضاع في المنطقة برمتها.

الخيار العسكري السعودي الرسمي صار احتمالاً قائماً منذ مارس ٢٠١٣. كانت أميركا حينها قد تراجعت، في اللحظة الأخيرة، عن ضربة عسكرية مؤكدة ضد سورية، مفاجئة حلفاءها، وخصوصاً السعودية، التي اعتبرت ذلك التراجع خذلاناً أميركياً غير مقبول. كان أوضح مؤشرات غضبها رفضها تولي مقعدها في مجلس الأمن.

وبقدر ما كان توسع التحالف الحوثي – الصالحي يشكل تهديداً للسعودية في خاصرتها الرخوة اليمن، فإن التوصل إلى اتفاق نووي بين إيران ودول الخمس زائد واحد، يشكل ضغطاً لا يقل وزناً على متخذ القرار السعودي. فإيران، كما يراها الخليجيون، تتوسع ويزداد نفوذها في المنطقة، وفي المقابل تغض الولايات المتحدة الطرف عنها، ويُرى الاتفاق النووي من هذا المنظور.

جاءت العملية العسكرية في اليمن لإيصال رسائل متعددة، منها أننا قادرون على التحرك، ولذلك ربما لم يعلن عنها في الرياض، بل في واشنطن على لسان السفير السعودي عادل جبير، وكان لذلك دلالاته، في كون الرسالة موجهة لمن.
وما إن تم إعلان “الاتفاق النووي” المتوقع، كانت الرسالة قد وصلت، وصرنا نتحدث عن حرب طويلة، مفتوحة، لشهور، أو أكثر، من أجل تعديل موازين القوى إقليمياً.

لا أظن أن من أهداف الاتفاق النووي حل ملفات أخرى أكثر مما ذكر في الاتفاق الإطاري، ولكن الاتفاق النووي إن لم يكن فاتحةً لاتفاق أوسع حول كل الملفات، ونموذجاً ناجحاً لما هو أشمل، فلا أظنه يصمد طويلاً، وسيكون الملف الأقل أهمية للأسف اليمن وربما الصومال.

أما فلسطين فلا يبدو أنه سيصيبها من “الخير نصيب”، وقد حددت إسرائيل مكاسبها مبكراً عندما ذهب نتنياهو إلى الكونغرس متحدياً الرئيس الأميركي، لعلمه بمسارات مفاوضات الملف النووي وأنه في طريقه إلى الحل.

تداعيات الأحداث تشير في اتجاه البدء بمرحلة “أم الاتفاقات”، فلا يبدو في الأفق أن الحروب ستحل شيئاً، حيث لم تحقق إيران أو دول الخليج الكثير على الأرض، وعجزتا عن تحقيق نصر بات نهائياً، بصرف النظر عن الانطباعات. فليترك للسلام فرصة، بل إن السلام هذه المرة، قد يكون في مصلحة أغلب الأطراف، وهو السبب الذي قد يجعل من مسار الاتفاق الكبير منطقياً وواقعياً، والذي قد يخفف من هيمنة ذهنية التطرف المدمرة.