1 – بعد عقود طويلة من الممانعة غير المبررة وافقت قطر اخيرا على انشاء اول كنيسة، وعلى الرغم من مقالات وتصريحات الترحيب بالقرار فان الاعتراض على اقامة المشروع كان شرسا منذ البداية، ولم يتساءل هؤلاء عن الحقوق المدنية لاكثر من مائة الف مسيحي يعيشون في قطر وحقهم في ممارسة شعائرهم بالكيفية التي تناسبهم، علما بان هذه الكنيسة، ببنائها وادارتها وديكورها الداخلي، قد تصلح لطائفة او اكثر، ولكنها حتما لن تصلح، او تكفي لتغطية احتياجات جميع الطوائف في قطر. ولكن مَنْ م.ن هؤلاء المعارضين اصلا، أو ممن لديه الوقت الكافي ضمن جدول يومه المزدحم بالهوامش، فكر يوما بحقوق الآخرين المدنية والدينية؟
والمضحك المبكي في الوقت نفسه، اننا عندما نهاجر او حتى نتواجد بطريق الصدفة في الخارج، والغرب بالذات، ونسأل عن اقرب مكان لممارسة شعائرنا، ولا نجده، فاننا غالبا ما نصب جام غضبنا ولعناتنا على حكوماتهم وندعو لحرق زرعهم وتشتيت شملهم وتيتيم اولادهم وترمل نسائهم، ثم نطالب فوق ذلك بتسخيرهم لمساعدتنا وارسال الغذاء والاسلحة والمواد والعدد والآلات الزراعية والصناعية لنا.. مجانا، ولا ادري كيف بامكانهم القيام بكل ذلك ان اصابتهم كل الكوارث التي طالبنا بانزالها عليهم!
سنجاري هؤلاء المتعصبين في القول انه من حقنا رفض بناء الكنائس في بلادنا.. ولكن الا يتطلب الامر منا في الوقت ذاته عدم مطالبة حكومات دول العالم الاخرى بتوفير الموافقة والارض والمبنى لمساجدنا ومراكزنا الدينية في بلادهم؟
2 – لم تسلم حكومة غربية من عنف تصريحات وفتاوى وآراء السيد يوسف القرضاوي، رجل الدين المصري المقيم في قطر، وذلك من خلال كتبه واحاديثه وبرامجه الدينية في تلفزيون الجزيرة ومقابلاته الصحفية. ولقد كان لفتاواه الاثر الاكبر في زيادة وتيرة وموجة العنف الطائفي والديني في العراق وفلسطين، خصوصا من نوعية العمليات البشرية الانتحارية. وكان له دور في تبرير الارهاب ولفه بغطاء ديني واضح. ولكن عندما اصيب السيد القرضاوي بالمرض، نصحه اطباؤه بتلقي العلاج في الولايات المتحدة او بريطانيا. ولكن لدوره الواضح في تبرير العنف والارهاب في العراق بالذات، وما ادت اليه آراؤه وفتاواه من زيادة عدد الاصابات في صفوف قوات التحالف، فقد رفضت اميركا، ومن بعدها بريطانيا، منحه تأشيرة لدخول اراضيها لتلقي العلاج.
وهنا ايضا سنساير الآخرين من متعصبين ومنغلقين ومن محبي سفك الدماء في ان من حق القرضاوي وغيره الافتاء بما يشاء! ولكننا نقول انه من المنطقي ايضا ان يرفض من صدرت الفتوى بحقهم وبررت قتلهم او سفك دماء جنودهم ان يدخل القرضاوي او غيره بلادهم وطلب العلاج على يد اطباء وممرضين سبق ان تسببت فتاواهم في قتل احبتهم في العراق وافغانستان وغيرهما! ولكن هل بامكان هؤلاء المعترضين التمييز بين هذا وذاك؟ ألا تذكرنا هذه القصص بطرفة الببغاء وحيوان معروف آخر كان معه على ظهر طائرة، وعندما أساءا التصرف المرة تلو الاخرى ولم تنفع معهما انذارات المضيفة امر الكابتن بفتح كوة ورميهما خارج الطائرة وهي في الجو، فصاح الحيوان باكيا بانه لا يملك جناحين كالببغاء، فقال له هذا: اذا كنت لا تعرف الطيران فلماذا تصرفت اذاً كالبغل؟!
أحمد الصراف