احمد الصراف

ابحث عن المستفيد

قام المرجع الاسلامي الشيعي الاعلى، السيد محمد حسن الشيرازي في عام 1891 بإصدار الفتوى التالية في ايران: «ان استعمال التبغ والتنباك اليوم بأي نحو كان يعد في حكم محاربة امام الزمان عجل الله فرجه».
مرت تحت الجسر منذ صدور تلك الفتوى قبل 117 عاما مياه كثيرة، وتغير الموقف من التبغ ليصبح سلعة اقتصادية وطنية في تلك البلاد، بعد اباحة وشيوع استخدامه، علما بأن الفتوى صدرت في حينه من مرجع ديني ضد حاكم دنيوي، هو الشاه ناصر الدين، لإجباره على الغاء اتفاقية التنباك، او التبغ، الشهيرة التي سبق ان وقعها مع شركة بريطانية احتكارية.
بعد صدور الفتوى بمائة وعشرة اعوام تقريبا اصدر السيد محمد حسين فضل الله المفتي والفقيه اللبناني المعروف فتوى قال فيها ان تدخين التنباك اثناء سريان الصيام لا يفطر. وقد سبق ان انتقدنا تلك الفتوى في حينها لا لشيء الا لمعارضتها الصحة العامة، ومن اجل المنطق. وقد قام المرجع اللبناني الكبير نفسه، الذي يحظى باحترام جم من قبل الشيعة والكثير من السنة في عدد من الدول الاسلامية، قام قبل ايام بالإدلاء بحديث مميز لموقع «العربية نت» التابع لقناة «العربية» التي تمتلكها جهات سعودية، مثّل، من وجهة نظري، قمة التسامح والقبول بالطرف الاخر دون تحزب او تعصب، حيث قال ان عبارة «عليا ولي الله» التي ترد في اذان المسلمين الشيعة، ليست جزءا من الاذان. كما ذكر أن الصفوية التي بدأت في ايران في عام 1501 ليس لها وجود الآن. وان المسلمين العرب الشيعة بمجملهم غير تابعين لغير دولهم، سواء دينيا او سياسيا، وانه ليس للشيعة في اي دولة عربية مشروع خاص بهم.
وأشار فضل الله الى مسألة السجود، عند الصلاة، على التربة، وقال إنه ليس لها اية قدسية. كما حرم ادماء الرأس في عاشوراء، او ضرب الظهور بالسلاسل، رافضا كل تقليد يحاول ان يعطي المأساة ابعادا تؤذي الجسد او تشوه الصورة الاسلامية. وحرم فضل الله تحريما مطلقا الاساءة الى الصحابة وسبهم، ومنهم السيدة عائشة. وأكد أن غالبية الشيعة لا يقولون بولاية الفقيه. كما ان زواج المتعة لديهم يعتبر من المسائل التي لا تزال موضع خلاف في الشريعة، وانطلاقا مما يمتلكون من ادلة يعتقدون بشرعية الزواج، بينما يعتقد السنة انه لا شرعية له لان الآية نسخت، وقال إن هذا بحث علمي اجتهادي لا يجوز لنا ان نتراشق فيه بالاتهامات الباطلة.
وقال إنه ليس بين الشيعة ولا واحد في المليون من يعتقد ان هناك قرآنا آخر يسمى بمصحف فاطمة.
وقال المرجع فضل الله إن ما ينسب للشيعة من حديث عن خيانة جبريل هو حديث عن خط من خطوط الكفر، ويمثل اساءة لله، لأن الله لا يمكن ان يأتمن على وحيه من يخون الامانة، ويصبح بالتالي عدم صحة هذه المقولة في احاديث الشيعة ولا في اعتقاداتهم من قريب او بعيد.
الحديث طويل وتضمن امورا عدة ويمكن الرجوع لـ «العربية ـــ نت» لقراءته كاملا.
ونحن اذ نشكر المرجع الكبير على كلامه، نتمنى ان نرى جهة تقوم بتبنيها ووضعها في اطارها الصحيح والعمل على ترويجها، علما بأن معارضة الغلاة، من الطرفين، في نشر هذه الآراء لن تكون سهلة، فمصالح الطرفين في خطر في حال تهاوي جدران الاختلاف والمعارضة بينهما، فمن مصلحة غلاة الطرفين بقاء هذه الاختلافات لأطول فترة ممكنة وضمن اكبر عدد من اتباعهم لتستمر هيمنتهم على عقول الملايين من المؤمنين السذج وقلوبهم وجيوبهم.
نقول كل ذلك بمناسبة البادرة الجميلة التي قام بها بعض كبار رجال الدين السنة في السعودية عندما صلوا في مسجد شيعي في القطيف خلف امام شيعي، وكيف ان الاتفاق تم على الرد ايجابيا على هذه المحاولة عن طريق قيام وفد شيعي بزيارة مسجد سني للصلاة خلف امام سني وما تبع ذلك من وأد لهذه المحاولة لان نفرا من غلاة السنة وجدوا في المحاولة تقاربا يضر بمصالحهم، الامر الذي دعا الفرقاء المعنيين للاتفاق على اقامة الصلاة المشتركة في مكان «سري»، لكي لا يتم تنفيذ التهديد بتخريبها!
وبعد كل هذا يعتقد الكثيرون بأن خلاصنا لا يكون الا على يد رجال الدين منا!

أحمد الصراف
habibi [email protected]

احمد الصراف

ملاحظات متفرقة

1 ــ قامت الجمعية الاميركية للاطباء النفسانيين، وهي واحدة من اهم واكثر الجمعيات احتراما في مجالها قامت بمنح الطبيب الكويتي، محمد السويدان، جائزة الجمعية السنوية، علما بأن هذه الجائزة تمنح لخمسة اطباء فقط من دول العالم كافة! يحدث ذلك في دولة «لجنة الظواهر السلبية»، ويمر الخبر مرور الكرام، لأنه ليس فيه ما يهم اللجنة ويسترعي انتباهها، ولولا قيام د. فؤاد العلي، عميد كلية الطب، بتكريم السويدان لما سمع احد بالخبر!

2 ــ الصفعة الشهيرة التي تلقاها الداعية «الجندي» غريم ومنافس الداعية الاخر «عمرو خالد» لا تزال اصداء صوتها تتردد في الصحافة المصرية ووسائل اعلامها المرئية بشكل مكثف، ويقال ان الضجة وراءها قضية تتعلق بالملايين التي يجنيها هؤلاء «النجوم» على حساب السذج، وبالذات من السيدات!

3 ــ أهم اتهام «سياسي ديني» تردد في أروقة مجلس الامة خلال الاربعين عاما الماضية كان ذلك الذي ورد على لسان احمد باقر، وزير التجارة والصناعة بحق مسلم البراك عضو المجلس، بأنه لا يصلي!! فهل سيكون هذا الاتهام مثالا لما يمكن ان تتحفنا به مستقبلا «لجنة الظواهر السلبية»؟

4 ــ أكدت القمة الروحية الاسلامية ــ المسيحية التي عقدت في قصر رئاسة الجمهورية اللبنانية على ضرورة الامتناع عن او العودة لاستخدام السلاح او العنف لتحقيق المكاسب السياسية، وشدد حضور الملتقى، ضمن امور كثيرة اخرى، على اهمية الحوار واحترام صيغة التنوع حتى يبقى لبنان واحة للحرية للحوار البناء!
ما تناسى الحضور التطرق له هو مدى استعداد هذه القيادات الروحية للاستقالة من مناصبها في سبيل استقرار لبنان ورفعته! فطالما كانت مصالحهم الطائفية تأتي قبل مصلحة وطنهم، فإن لبنان سوف لن يرى الاستقرار او يعرف الامان او تكون فيه حرية!!

5 ــ التقى وزير العدل ووزير الاوقاف مسؤولي مركز «الوسطية» بحضور الوكيل والوكيل المساعد والامين السوداني للمركز، وورد في الخبر ان الوزير تناول مع قياديي المركز الملاحظات التي وجهت وتوجه للمركز، وان الوزير استمع الى رد مفصل على كل تلك الملاحظات، وانه ثمن «الدور الكبير» الذي يقوم به المركز في ابراز صورة الاسلام السمحة! ليعذرنا الوزير القول بأن الصورة التي تكلم عنها او التي اعطيت له لم يشاهدها احد حتى الآن! وان ما صرف على المركز (اكثر من 50 مليون دولار) قد ذهب هباء منثورا، وان كان معاليه يريد زيارة المركز مرة اخرى، فنحن على استعداد لمرافقته وتوضيح حقيقة دوره، الذي لم يخرج عن اقامة الولائم وصرف المكافآت السخية للجان «مركز الوسطية» التي يرأس بعضها وكيل الوزارة ويرأس اخرى الوكيل المساعد!
أحمد الصراف
habibi [email protected]

احمد الصراف

أنا والمخدرات

احتفل العالم قبل أيام باليوم العالمي للمخدرات، وكان الافضل تسميته اليوم العالمي لمكافحة المخدرات، لكن هذه قضية أخرى.
وبهذه المناسبة اعلنت ادارة مكافحة المخدرات عن مصرع 32 شخصاً عام 2007 نتيجة التعاطي، 25 منهم مواطنون (!!)، كما بلغ اجمالي قضايا المخدرات 1290 قضية من تعاط واتجار وجلب ووفاة، كانت نسبة الكويتيين منهم اكثر من النصف بكثير.
من الواضح ان الادارة المعنية تبذل جهودا ضخمة في عملها، كما ان هناك زيادة كبيرة في قضايا المخدرات بمختلف انواعها، ومعروف ان اي زيادة في عمليات الكشف عن جرائم التهريب تعني ان كميات اكبر تنجح في الدخول الى البلاد من غير ضبط، والعكس ليس بالضرورة صحيحا.
لا نود هنا التقليل من دور مسؤولي الادارة العامة لمكافحة المخدرات، او الادارة العامة للجمارك، فهؤلاء يعملون في بيئة صعبة، كما انهم معرضون لضغوط نفسية ومادية وامنية كبيرة بسبب خطورة مهامهم وضخامة الاموال المستثمرة في عمليات التهريب.
من اكثر طرق تهريب المخدرات شيوعاً تلك التي تتم فيها الاستعانة بمهربين سذج من الحالمين بالثراء السريع، ولكن متى ما دخلت المخدرات للبلاد فان عمليات توزيعها وبيعها تتطلب مهارات وشراسة اكبر.
ومن الحقائق المعروفة كذلك ان المخدرات تخرج من دول فقيرة وذات كثافة سكانية عالية، الى دول مستهلكة اكثر ثراء، فمخدرات الكويت تأتي من باكستان وايران وافغانستان وبعض دول شرق آسيا، واحيانا الهند، ويكون المهرب عادة شابا جاهلاً تماما بالمصير المميت الذي ينتظره ان القي القبض عليه بتهمة التهريب، علما بان المخدرات لا تعامل بالخطورة نفسها في بلد الانتاج او المصدر، فكل ما يراه هؤلاء المهربون السذج ذلك الثراء الهائل الذي اصاب البعض نتيجة قيامهم بعملية تهريب ناجحة.
ومطلوب هنا من الادارة العامة لمكافحة المخدرات والجمارك التعاون على طبع اقرارات، بعدد لغات الدول التي تأتي منها المخدرات الى الكويت، تبين فيها خطورة هذه المواد على صحة الانسان والمصير المميت الذي ينتظر مهربيها، مع إيراد صور وأرقام عن أحكام الاعدام التي صدرت بحق بعض مواطني تلك الدول.
إن الوقاية خير من العلاج، وتوعية المسافر القادم للكويت، سواء عن طريق البحر أو الجو، من خطورة هذا العمل كفيلة بردع الكثيرين. ويمكن في المرحلة الأولى الاكتفاء بتوزيع الإقرارات على ركاب «الكويتية» و«الجزيرة» قبل تعميم الإجراء ذاته على ركاب شركات الطيران الأخرى القادمة الى الكويت، وهذا حق سيادي للدولة لا ينازعها أحد عليه.
نبدي استعدادنا لتمويل عملية إنتاج وإخراج وطباعة هذه الإقرارات أو الكتيبات بعدة لغات، إن وافقت الجهات المعنية على التكفل بتوزيعها على القادمين الى الكويت، ونود ان نذكر هنا ان قرارا صدر قبل أشهر يتعلق بضرورة توقيع القادمين الى الكويت على إقرارات إدخال عملات نقدية للبلاد، ولكن لم يوضع القرار موضع التنفيذ بشكل فعال حتى الآن!

أحمد الصراف
habibi [email protected]

احمد الصراف

حاجات وحاجات والزمن يجري

تعتبر الكويت، بحجمها الصغير وعدد سكانها القليل وثرائها الواضح، بعد ان تجاوزت احتياطيات الدولة النقدية السبعين مليار دينار (265 مليار دولار)، مثالا للرجل الغني المتواضع التعليم الذي لا يعرف كيفية التصرف بثروته بطريقة سليمة، ولا كيفية تكوين اسرة يمكن ان تساعده في انماء هذه الثروة والمحافظة عليها.
الفرصة الآن مواتية، واي تأخير اكثر من ذلك في تعديل التركيبة السكانية واستخدام الفوائض المالية بطريقة رشيدة لن يكون في مصلحة الوطن والمواطنين بأي حال.
ورد في تصريح لوزير الداخلية في مجلس الامة (18 ـــ 6) ان الحكومة تدرس منح الاقامة الدائمة لغير مستحقي الجنسية. وهنا ربما يعني فئة البدون!
الكويت بوضعها السياسي والديموغرافي الحالي والقلة النسبية لمشاكلها مقارنة بغالبية دول العالم الاخرى، يمكن ان تكون نموذجا لدول المنطقة لو احسن اتخاذ القرار في هذا الموضوع الخطير المتعلق بمنح الاقامة الدائمة، او الجنسية، سواء للبدون، بسبب دواع منطقية، قبل الانسانية، او للفئات الاخرى، علما بأننا سنكون ولسنوات وسنوات بحاجة ماسة الى خبرات فئات ثلاث رئيسية: من يحافظ على صحتنا العقلية والنفسية والجسدية، وهذه وظيفة الاطباء. من يعطيها القدرة على مجاراة العصر وفهم ما يدور حولنا بطريقة علمية، وهذه مهمة المعلمين والخبراء.
وأخيرا من يساعدنا على حفظ نعمة الامان والعدالة، وهذه مهمة المستشارين والقضاة.
وبسبب النقص الكبير في الكفاءات الثلاث اعلاه بين المواطنين، اضافة الى الكفاءات المهنية الاخرى، فكان لا بد من الاستعانة بالكفاءات الخارجية.
فمن اولى بالجنسية الكويتية، او على الاقل، الاقامة الدائمة، اكثر من هؤلاء؟ ومن يعرف الكويت ونظمها وقوانينها وامراض بيئتها اكثر من قاض متمرس او طبيب مميز افنى عمره في معالجة امراضنا؟
ولو نظرنا الى المستويات التعليمية لهؤلاء الاطباء والقضاة وغيرهم من المصرفيين والمهندسين وخبراء الاستثمار والخبرات النفطية لوجدناهم من حملة ارفع الشهادات التي افنوا السنوات الطوال في الحصول عليها بدعم مادي منهم او من دولهم. كما نجد انهم قاموا، وبسبب ارتفاع مستوياتهم الاجتماعية والمادية، بتوفير افضل تعليم لأبنائهم مع الحرص على تكوين اسر صغيرة مرتفعة الكفاءة. وبالتالي فهم، بتخصصاتهم وعقلياتهم الرفيعة، يمكن اعتبارهم المعين الافضل الذي يجب الاستعانة به في رفع مستوى الامة التعليمي والصحي والنفسي والامني والاقتصادي.
إن قرار منح الاقامة الدائمة او الجنسية يجب ان تراعى فيه مصلحة الدولة اولا واخيرا، مع ضرورة اخذ مسائل الامن والانسانية في الاعتبار.

ملاحظة:
مؤسف جدا ان يكون راتب طبيب كويتي حديث التخرج يعادل او يزيد على راتب الطبيب المقيم، حامل شهادة الدكتوراه التخصصية، الذي مضى على وجوده في البلاد اكثر من 35 عاما!

أحمد الصراف

احمد الصراف

لا.. يخسه!

التقيت بصديقي وزير الإعلام السابق، في مجلس محفوف وخاص. كان يبدو عليه القرف والتشاؤم من أداء مجلس الأمة، وأبدى تخوفه على مستقبل البلاد ان استمر الحال على هذا الوضع، وقال إن الحل يكمن في حل المجلس خمس سنوات، وهذا ما يجب ان تدفع به الصحافة «الحرة»!
وافقته لكي اتخلص من الحاحه بعد ان تبين لي أنه ليس من قراء مقالاتي، وليس في ذلك أي غضاضة، فلو كان يقرأ ما اكتب لما اسر لي برغبته الدفينة تلك، حيث سبق ان كتبت عن الموضوع نفسه قبل يوم من ذلك اللقاء معارضا الحل غير الدستوري.
في اليوم التالي ذهبت إلى أحد المستشفيات لإجراء فحوص طبية، وبدلاً من انتظار النتيجة قمت بالتجول في أروقة المستشفى، وأخذني صديق طبيب إلى الطوابق السفلى، حيث المختبرات ومخازن الأدوية وغرف التحضير وإجراء بعض الفحوصات الطبية.
خرجت من المستشفى وقد انتابني الأسى والألم لوضعه «الكسيف» والمخجل، في طريق العودة، وعلى الطريق السريع، شاهدت كم الإعلانات الدينية التي قامت جهات مجهولة بتلطيخ الجسور والأعمدة بها، بحيث لا تعرف هل أنت في طريق سريع أم في ساحة مدرسة دينية.
كما شاهدت كم الأوساخ والاتربة التي تجمعت مع الوقت على حواجز الطريق وشوهت منظره البائس أصلا، وجعلت الأمر يبدو وكأنك تقود مركبتك وسط صحراء كلهاري.
اضطررت يومها للخروج من المكتب مرة ثانية للقيام بزيارتي عمل لمصلحتين حكوميتين، وهناك، لأجل الصدف (!!!) شاهدت كم كان أثاث تلك المكاتب بائسا، وكم كانت وجوه العاملين فيها كالحة حزينة، وكم كانت المعاملة سيئة لمن يلبس دشداشة، فما بالك بمن كان في مثل حالتي، ببدلة ومن غير شعر رأس أو لحية أو حتى شارب خفيف؟!
وهنا توقفت وسألت نفسي هل يا ترى لو تم حل مجلس الأمة حلا «انقلابيا» لخمس سنوات، سينصلح وقتها حال مستشفياتنا وتزدهر أحوالنا وتجارتنا وتتعدل أوضاع وزاراتنا وتختفي الرشوة ولا تطلب الرشفة من كل عقد وقيد ومعاملة؟ هل مجلس الأمة البائس هو الذي سمح، وعلى مدى أربعين عاما تقريبا، لمشكلة البدون ان تكبر لتصبح في حجم الكارثة؟
هل مجلس الامة السيئ الذكر هو الذي سمح بكل هذه التجاوزات والتعديات على املاك الدولة سواء في المناطق الصناعية او الشاليهات او الدواوين؟ هل مجلس الامة كان هو السبب في استمرار انقطاع الكهرباء عن دولة تنتج ثلاثة ملايين برميل يوميا من الوقود، وجله يستخرج للبيع؟
وهل مجلس الامة، بالرغم من كل مساوئه، هو الذي منع الصرف على رفع مستوى الخدمة في كل مخافر الدولة ووزاراتها؟
وهل مجلس الامة، الذي لم نشاهد اسوأ من ادائه في السنوات الاربع الاخيرة، هو الذي تقاعس عن تجنيس الكفاءات، ومنح الجنسية لمن يسوى ولا يسوى، وتغاضى عن المتاجرة بالبشر وسمح بالتعدي على حرماتنا وكشف سجلاتنا بسبب سوء افعال مؤسساتنا الخيرية؟
فيا صديقي الوزير السابق، والذي اخترت الاستقالة دون ان «تبق البحصة»، ربما خوفا على ما تبقى من مصالحك التجارية، فإن الحكومة، التي كنت يوما عضوا فيها، هي السبب الاساسي وراء سوء اوضاعنا، وهذا لا يخلي اعضاء مجلس الامة من المسؤولية عن سكوتهم عن سوء اداء الجهاز الوظيفي! ولكن يعذر هؤلاء لانهم في غالبيتهم لا يفقهون كيف يديرون الخاص من اوضاعهم، فما بالكبمهمة التصدي للتشريع والقيام بأعمال الرقابة والترشيد لاعمال الحكومة؟
وعليه فإن مطالبتك يا الحبيب بالتخلص من مجلس الامة، ولو لسنة واحدة، لا يوجد ما يبررها، وليست بالتالي في مصلحة الوطن و.. المواطن، ولا نود هنا ان نقول ابحث عن المستفيد، ولكننا قلناها!

أحمد الصراف

احمد الصراف

التبشير بالمسيحية في أفريقيا

لاقت حركة التبشير في افريقيا في الاعوام الثلاثمائة الاخيرة نجاحا منقطع النظير فاق نجاح اي حركة دعوية اخرى بمراحل، وعلى خلاف ما هو شائع، فقد كان للحكم الاستعماري الاوروبي المسيحي لتلك الدول دور ضئيل في نشر المسيحية مقارنة بدور الارساليات الكنسية ورجالها الذين ضحوا بالكثير في سبيل نشر عقيدتهم في مجاهل افريقيا ومستنقعات آسيا وصحاريها، نقول ذلك مع الاقرار بأن قوى الاستعمار في تلك الدول لم تدخر جهدا في توفير الحماية لهؤلاء المبشرين كونهم مواطنين قبل اي شيء آخر.
ولو قارنا الدور الدعوي الذي تقوم به جمعياتنا الخيرية، والمنتمية في غالبيتها للكويت والسعودية، في دول افريقيا وآسيا بدور رجال الدين المسيحيين لوجدنا فارقا كبيرا في النتائج والمنجزات يقارب الفارق في المستوى العلمي والاخلاقي بين دولنا وبين شعوب اوروبا، خاصة بعد كل ذلك المستوى المتخلف والمتدني الذي ظهرت عليه جمعياتنا الاصولية الوصولية، بعد ان نخر الفساد الاداري والمادي اجساد الكثير منها.
طوال اكثر من ربع قرن تركز نشاط جمعياتنا في قارتي آسيا وافريقيا، ومعلوماتنا هنا مستقاة من واقع ما ورد في الصحف على مدى العقود الماضية، انصب على بناء الآبار والمساجد وانشاء دور تحفيظ القرآن، ولا شيء اكثر من ذلك، سوى الصرف على منح دراسية لتلقي المزيد من الدروس الدينية في بلادنا، طبقا للمذهب الديني السائد في دولة الصرف!!
وقد ورد في صحيفة المدينة السعودية، وعلى لسان مواطن بوروندي يعمل في اليونيسكو، و«بوروندي» دولة صغيرة لا يتجاوز عدد المسلمين فيها 5% من سكانها، وهم الاكثر فقرا فيها واقلهم تعليما، ورد التالي:
«لقد زرت السعودية في الثمانينات قبل ان التحق باليونيسكو، حيث كنت ممثلا عن الاقلية المسلمة لبلدي لدى رابطة العالم الاسلامي وهيئة الاغاثة الاسلامية، وقلت لهم ان المؤسسات الخيرية بنت لنا مسجدين وألحقت عددا من طلبتنا في جامعة الامام محمد لإعدادهم كأساتذة لتحفيظ القرآن، ولكن مشكلتنا في بوروندي لا تتمثل في نقص المساجد ولا في عدد حفظة القرآن، بل في عدم وجود مهندسين او اطباء بيننا، فنحن غير قادرين على تعليم ابنائنا في الكليات التقنية، كما ان مدارس التحفيظ التي انشأتها دول الخليج لا تعلم اللغة الانكليزية وهي اساس دخول الجامعات العلمية، وقال انه شرح الامر لمسؤولي «الجمعيات الخيرية» ولكن لم يعبأ احد بوجهة نظرنا!
كاتب التحقيق في «المدينة» السعودية لم يعرف، او ربما لم يود التطرق إلى حقيقة عدم وجود نص واضح «يؤجر» على فتح الجامعات او انشاء المستوصفات او يبارك تعليم اللغة الانكليزية، لغة الكفار، ولو من اجل درء خطرهم، كما انه لم يطلع على تجربتي الشخصية التي سبق ان كتبت عنها قبل فترة، والتي تعلقت بطلبي من شخصية شيعية «تمون» على ملايين الدنانير المجمعة من «الخمس» لصرف جزء بسيط منها على انشاء مدرسة تختص بتعليم بطيئي التعلم، وكيف اشاح ذلك «المحسن» بوجهه عني رافضا الطلب، مما دعاني لمبادرته قائلا انه يرفض الفكرة فقط لأنها غير مدرجة ضمن اعمال «الخير» التي ينال المسلم الاجر والثواب الاخروي عليها، فلم يرد بكلمة واحدة!
هذه حالنا، وهكذا سنبقى ما شاءت الاقدار، ويبدو انها تشاء كثيرا وجدا.

أحمد الصراف

احمد الصراف

بين هايف 1920 وهايف 2008

أحمد الصراف
habibi [email protected]

قام هايف شقير الدويش عام 1920 ببناء هجرة لـ«الاخوان» في منطقة تعود ملكيتها لحاكم الكويت الشيخ سالم مبارك الصباح.
اساء ذلك الاعتداء الشيخ سالم فأرسل سرية بقيادة دعيج الصباح لترهيب الاخوان وطردهم، ولكن هؤلاء قاموا بتجهيز جيش من 2000 مقاتل وتمكنوا من الاغارة على قوات دعيج وقتل الكثير منها في معركة «حمض».
جهز الشيخ سالم جيشا آخر بقيادة ضاري الطوالة ومعه دعيج الصباح للانتقام من هايف الدويش، ولكن نجدة عسكرية من فيصل الدويش افسدت هذه الحملة ايضا. وهكذا ادى احتلال هايف الدويش لارض الشيخ سالم لان يتخذ الاخوان في النهاية قرارا بغزو الكويت، وكانت معركة الجهراء.
وقعت معركة الجهراء في 10ــ10ــ1920 بين قوات الحاكم الشيخ سالم الصباح وبين قوات الاخوان، بقيادة فيصل الدويش، الموالي لحاكم نجد، ابن سعود.
جمع الشيخ سالم ما بين 1500 الى 3000 مقاتل، منهم 500 من مدينة الكويت وجميعهم من السنة، بعد ان رفض عرض اشراك الشيعة معه معللا ذلك بأن الاخوان يكفرون سنة الكويت، لانهم اهل مخزي ومعازف، اي سجائر وموسيقى، وان علموا ان بينهم شيعة فسيزداد حماسهم للقتال.
بدأت المعركة في السادسة صباح يوم 10 اكتوبر وسقطت الجهراء بعد 3 ساعات بيد الاخوان.
احتمى الشيخ سالم الصباح بمن تبقى معه بالقصر الاحمر وتشتت البقية. وما ان انشغل الاخوان بأداء صلاة العصر حتى انتهز الفرصة وارسل يطلب النجدة من الكويت.
اثناء ذلك أرسل الاخوان من يعرض الصلح، او الاستسلام، على الشيخ سالم. وكانت شروط الصلح تتضمن تكفير الاتراك ومنع التدخين والمعازف والدعارة والمنكرات في الكويت وترحيل الشيعة وهدم المستشفى الاميركي وطرد اطبائه واعتناق مذهب الاخوان (!!!)
اجاب ذلك الشيخ المستنير على هذه المطالب بالقول انه لم يثبت لديه ما يستلزم تكفير احد من اهل الكويت فالجميع مسلمون، وان شرائع الاسلام تقام فيها، اما منع المنكرات فهو على استعداد لمنعها علنا ولكنه لا يستطيع دخول بيوت الناس ومنعهم. كما لا يستطيع منع الاجانب الذين لا يدخلون تحت سلطته.
وصلت النجدة من الكويت وحاولت فك الحصار عن المتحصنين في القصر الاحمر ولكنها لم تنجح. وهنا لجأ الشيخ سالم للحنكة والدهاء بعد ان بدأت الاغذية والمياه بالتناقص لديه فتظاهر بقبول الشروط، على ان يقوم الدويش بسحب مقاتليه عن الجهراء باتجاه الصبيحية. وهذا ما حدث وفك الحصار عن القصر وعاد الشيخ سالم ورفاقه للكويت ورفضوا بعدها شروط الاخوان بكاملها، وقام الميجور «مور» البريطاني بتسليم موفد الاخوان رسالة تهديد واضحة من اي هجوم على الكويت وتم القاء بضع نسخ منها عن طريق الطائرات فوق مخيم الاخوان بالصبيحية.
والآن، وبعد 88 عاما، يحاول هايف وربعه فرض شروط الاستسلام نفسها على شعب الكويت، ولكن عبر قاعة «عبدالله سالم الصباح»!
فهل سنمكنهم من ذلك؟

احمد الصراف

الساعة 7،30 مساء يوم 2008/6/22

ارتأيت التزام الصمت لبضعة ايام قبل الكتابة عن قرار وزارة الخزانة الاميركية القاضي بإدانة جمعية احياء التراث عن دورها في تمويل الارهاب العالمي.
سأحاول ان اجعل مقالي مختصرا، دون اخلال:
اتفق، على مضض مع كل من كتب عن براءة جمعية احياء التراث من تهم اميركا، فهذا حق مؤسساتنا الوطنية علينا.
ولكني ارجو كذلك الاتفاق معي عندما اقول انه، ومنذ 25 عاما، او ما يقارب ذلك، لم تقم أي جهة رسمية او غيرها، سواء كانت محاسبية مستقلة او حكومية، او مكتب تدقيق عالميا أو محليا بدخول مكاتب جمعية احياء التراث أو أي من الفروع واللجان الخمسين التابعة لها في شرق البلاد وغربها وحتى الساعة السابعة والنصف من مساء يوم 22 يونيو 2008، أي ساعة كتابة هذا المقال، والاطلاع على كامل سجلاتها ومعرفة حقيقة اوضاعها المالية والكيفية التي تصرفت بها في كامل المبالغ التي جمعتها او التي وردتها من مختلف الجهات وأين وكيف صرفت؟!
فلو قبلت ادعاءاتنا، وهي صحيحة على حد علمنا، فكيف عرف كل من كتب مؤيدا ومبرئا ساحة هذه الجمعية وغيرها العشرات من الجمعيات الخيرية والمبرات واللجان انها ابعد ما تكون عن سوء التصرف، والاصرار في الوقت نفسه على نصاعة سجلاتها وسلامة تصرفات اعضائها، وعصب اعمالها وعمود نشاطها المتمثل في جمع المال وصرفه لا يعرف عنه شيئا؟!
الموضوع لا علاقة له بالنيات الحسنة ولا بطهارة يد المشرفين على هذه الجمعيات ولا بحسن السمعة والاخوة والصداقة والميانة والحب والاحترام، بل بمجموعة ارقام صماء تمثل مبالغ ضخمة لا تعرف اي جهة مصادرها، ولا كيف تم التصرف بها.
وانا هنا اتمنى على جميع وزراء الشؤون الاجتماعية والعمل الذين تعاقبوا على سدة الوزارة منذ التحرير وحتى اليوم جميع وكلاء الوزارة للفترة نفسها ومعهم الوكلاء المساعدون ومديرو ورؤساء الاقسام المناط بهم مراقبة اعمال الجمعيات واللجان والمبرات الخيرية التي يزيد عددها على 150 جهة ان يصرحوا بخطأ اقوالي او سوء نواياي او كذب ادعاءاتي، والتصريح بأن اعمال جميع الجمعيات والمبرات واللجان الخيرية مراقبة من قبل الوزارة، ومعروف مداخل اموالها ومصارفها والى اين اتجهت تحويلاتها الملايينية طوال الفترة منذ ما بعد التحرير وحتى اليوم!
نقول ذلك ونحن على اطلاع بغالبية ما ورد على لسان كبار مسؤولي وزارة الشؤون عن هذا الموضوع في الفترة المعنية. كما ان ارشيف صحافتنا الوطنية يتضمن كل شكاوى وتصريحات مسؤولي الوزارة في ما يتعلق بعجزهم التام عن مراقبة اعمال هذه الجمعيات واللجان والمبرات!
ما هذا الا إبراء للذمة في حدود ما نعلم، ولكل صاحب مصلحة الرد علينا!

أحمد الصراف
habibi [email protected]

احمد الصراف

هفوات أبو وليد القاتلة

في صيف 1982، أي قبل 26 عاما، التقيت بـ «أبو وليد»، الذي كان، ولا يزال، واحدا من كبار عملاء بنك «عادي» كنت اعمل فيه، التقيت به وجمع من الاصحاب في منتجع «كرانز مونتانا» الواقع في جبال سويسرا الجميلة.
كان «أبو وليد» وقتها في بداية انزلاقه نحو الدروشة ورفقة الصحبة الصالحة. وكانت لحيته الحمراء الجميلة قد بدأت بالبروز. وكان قد أنفق وقتها بعض المال على طباعة كتيب صغير تضمن مجموعة من النصوص الدينية وقام بصادق جهوده بتوزيعه على المصطافين العرب في ذلك المنتجع الكافر، بغية هدايتهم!!
بادر الصديق عبدالله البحر، وكان احد حضور تلك الجلسة، بسؤال أبو وليد عن فقرة وردت في كتابه ذلك عن سبب بطلان صلاة المسلم في حال مرور كلب أسود أمامه، ولماذا بالذات كلب أسود؟ وما الحكم لو كانت في ذلك الكلب خطوط أو نقاط رمادية مثلا؟ فأجاب الداعية أبو وليد «خذه كما هو ولا تسأل»! من يومها علم الحضور، وكان جمعا جميلا، ان صاحبنا لا يفقه في تلك الأمور الا اليسير.
كان الوقت يمر سريعا وأبو وليد بالانتظار، وكاد حلمه يضيع مع تقدمه في السن، وفجأة برقت الفرصة التي كان ينتظرها منذ ربع قرن مع تغيير الدوائر الانتخابية، فقرر، بعد أن وصل الحزب الذي يترأسه إلى قمة ثرائه المادي، قرر خوض الانتخابات النيابية وكان النجاح من نصيبه ونصيب عدد من رفاقه. لم يطل الأمر كثيرا لكي أستعيد تجربة سؤال الصديق عبدالله البحر المتعلق بالكلب الأسود، الذي بين تواضع قدراته، حيث قام أبو وليد، ونشوة النصر لا تزال تطن في رأسه، قام بمبادرة المناصحة الشهيرة التي بينت مدى قلة تجربة ذلك التيار وسذاجته، الذي شغلنا بقضه وقضيضه لسنوات! ثم جاءت انتخابات المجلس ووضع في حجمه الطبيعي! وهنا أيضا لم يتعظ من هفواته بل ورط نفسه و«وهق جماعته» برفض الزيادة على الخمسين دينارا، بالرغم من اتفاقنا معه هنا. ثم ختم مسلسل هفواته القاتلة بذلك المسج السيئ وانكاره له في البداية ثم الاعتراف بأنه المرسل بعد ان شاهد الدليل الدامغ ضده، وهنا أيضا وقع في خطأ قاتل آخر بمحاولة تغطية تصرفه بعذر أقبح من ذنب، والقول ان الحق على مستلم «المسج» الذي خان الأمانة وأفشى السر!!
أثرت هذه الهفوات والأخطاء كثيراً في مكانة أبو الوليد لدى ناخبيه ومحبيه، الذين فوجئوا بها، ولكنها كانت في رأينا متوقعة وعادية جدا، فهذا ما كنا نتوقعه منه منذ سنوات، كما نتوقع الكثير مما يماثلها في القادم من الأيام.

أحمد الصراف
habibi [email protected]

احمد الصراف

ندوة في مقال

قامت «رابطة الأدباء» في الأسبوع الماضي بعقد ندوة تعلق موضوعها بلجنة الظواهر السلبية سيئة الذكر، وطرق مواجهة هجمة القائمين عليها على حريات المواطنين والمقيمين.
شاركت في الندوة متحدثا، ولكن كلمتي لم تنقل بشكل سليم في الصحافة، وهذا نصها بعد، اجراء تعديل طفيف عليها.
اتصلت احدى المشاركات في الندوة وطلبت مني توخي الهدوء في كلمتي، وأن أقلل من هجومي على المتطرفين الدينيين!! وأنا نصف نائم وافقتها الرأي على أن أكون ايجابيا، وأن ليس من المجدي محاربة هؤلاء، فكلما كتبنا كتبوا أكثر!!
حقيقة لم أكن أود الحديث عن مواقف الأطراف المعادية للحريات والانسانية، وكلمة السيدة تلك جعلتني أتساءل لماذا نسكت عنهم ونخاف من ردة فعلهم، وهم على كل تلك الوقاحة في الطرح والرغبة في الخنق؟!
عنوان الندوة اليوم يتعلق بأنشطة لجنة الظواهر السلبية في المجتمع وكيفية الرد عليها بالمناسب والفعال من المواقف.
يجب أن نعرف أولا أن لجنة الظواهر السلبية معنية أساسا بالموقف من المرأة، وبكل ما يتعلق بها من لبس وتصرف وموقف ورأي، وهي لب المشكلة برمتها.
وحيث ان هذه اللجنة مؤقتة، فانها يوما ما ستختفي وينمحي من هم وراءها، أيا كانوا، فهذا هو حكم القدر. وبالتالي فان المشكلة ليست معهم ولا مع الحكومة التي سكتت حتى الآن عنهم، بل المشكلة مع المرأة تحديدا!
فالظواهر السلبية تتعلق بها، فهي الداء وهي الدواء، والرجل هنا، من أمثالي، عاجز عن فعل الشيء الكثير. فالمرأة لم تصل لهذا الوضع المتدني اجتماعيا وسياسيا الا عن طريق القهر، وهو أسلوب يصعب على من في وضعي اللجوء اليه بغية انتشالها من وضعها المتدني هذا.
مواقف النساء في الانتخابات الأخيرة، ومن أمور كثيرة أخرى تتعلق بحقوقها وحرياتها، لم تأت وليدة اللحظة، بل هي مواقف «متعوب عليها» من قبل مجاميع هائلة من الرجال. فطريقة تفكير نسائنا بشكل عام شكٌلت من قبل هذه المجاميع الرجالية على مدى قرون، بحيث سعت لحرمانها من نعمة التعليم لتصل الحال بنا إلى هذا الوضع الذي نحن وهن فيه، فمن يهن يسهل الهوان عليه، ويبدو أن هذا الهوان سيطول كثيرا.
لقد قال «نزار قباني» يوما لقد حملت المرأة ثلاثين عاما على ظهري، ولكنها خذلتني في النهاية. ولو كان نزار مرشحا في الانتخابات الأخيرة لخسرها بما أعطته المرأة من أصوات لغرمائه ومنافسيه!!
المتشددون دينيا، وغالبية قادة دولنا، كانوا من الرجال. وكانوا، ولا يزالون يؤمنون بأن المرأة هي أم وأخت وشقيقة وابنة وزوجة، ولكنها قبل كل هذا وذلك هي «عورة»، وعلى هذا الأساس يجب التعامل معها، علما بأن كلمة عورة دخلت قواميس الكثير من لغات الدول الاسلامية كتسمية رسمية للمرأة في الهند وباكستان ودول أخرى في جنوب شرق آسيا.
كون المرأة عورة يعني أنها يجب أن تحفظ وتبعد عن العيون. كما يعني، ضمن أشياء كثيرة أخرى، أنها يجب ألا تتلوث بالخروج من البيت أو تلقي التعليم، وقد مات واستمات الكثير من الرجال لحرمان المرأة من تلقي التعليم، والأمثلة كثيرة.
يمتد تاريخ الكويت الحديث لـ 300 عام تقريبا، كانت المرأة في جزئه الأعظم راضية بوضعها متقبلة لمكانتها المتواضعة فيه غير عالمة بما يجري حولها. ولكن ما أن تعلمت قليلا، وتنفس عقلها نسائم الحرية، حتى قررت، ليس فقط خلع العباءة السوداء التي كانت تغطيها وتكبس على عقلها، بل وقررت، في رسالة رمزية واضحة، حرق تلك العباءة، أو السجن الذي كان يأسر حريتها!!
يا سيدتي يا من طلبت مني أن أكون لطيفا في كلمتي مع المتطرفين الدينيين وأن ابتعد عن مهاجمتهم أود أن أكرر لك أن مشكلتي الحقيقية كانسان ليست مع هؤلاء، فهم ليسوا الا طلاب مناصب وتجار سياسة ودين وهمهم تكوين الثروات وبلوغ المناصب عن طريق صوتك وصوتي، وبالتالي فثمنهم معروف ومقدور عليهم. فمشكلتي يا سيدتي هي معك أنت، فأنت الخصم والهدف والضحية والحكم والقاضي والمتفرج، ولن ينقذ المرأة من براثن لجنة السلبيات ومن السطوة الدينية للمشرفين عليها غيرك أنت، ولن يجمد نشاطها غير وعيك ولن يضع نهاية للشرير والفاسد من مخططاتها غير امتلاكك لكامل وعيك ومعرفتك لحقوقك كمواطنة، وقبل ذلك كإنسانة حرة.
سيأتي، عاجلا أم آجلا، اليوم الذي ستتحرر فيه المرأة من قيود الرجل وأوامره والشاذ من طلباته، ولكن حتى ذلك الحين سيسقط الكثير من النساء قتلى وثكلى وضحايا باكيات يائسات مسلوبات الارادة منتهكات الحقوق.
ولو حاولنا النظر لوجوه بعضنا البعض في أي تجمع أو سوق، فاننا سنجد أن غالبية النساء اما محجبات أو منقبات. وارتداء الحجاب في نظري ليس حرية شخصية، كما يحب البعض أن يصف الأمر، بل هو موقف سياسي، وأحيانا انتماء طائفي، وفي حالات أخرى دعوة للاغراء من خلال الفاضح من الحجاب واللباس والماكياج. وبالتالي فان تبعات ارتدائه لا يمكن حصرها في أمر أو أمرين. والمشرع الفرنسي الذي منع طلاب وطالبات المدارس من ارتداء الرموز الدينية، ولأي دين انتموا، لم يصدر قراره عن عبث. كما أن حكم المحكمة التركية العليا الذي أوقف قرار الحكومة بالسماح للطالبات المحجبات من دخول الجامعة لم يكن قرارا عبثيا أيضا، بل حمل مضامين واضحة لمن هم في مثل وضعنا، فهل نتعظ؟
النقاب والحجاب لم يكونا بهذا الشيوع قبل 30 عاما مثلا!! كيف أصبح اليوم بمثل هذا الانتشار، ان لم تكن للسياسة علاقة بالموضوع؟ فهو ليس مجرد قطعة قماش توضع على الوجه لتمنع الرجل من النظر للمرأة، بل هي قطعة قماش تغطي الرأس لتمنع ما فيه من أن يفكر وينطلق بحرية؟
لا أدعي هنا أن رأيي صواب ورأي الآخرين خطأ، ولكني عاجز عن الاقتناع بأن الرأس المغطى، ولو بقطعة قماش، يمكن أن ينطلق ويبدع وصاحبته تصنف في الوقت نفسه بكونها «عورة» وناقصة يستلزم الأمر سترها، فهي عنوان اغواء ومشروع فساد، وما يحدثه ذلك في نفسها من شعور بالدونية!!

أحمد الصراف
habibi [email protected]