احمد الصراف

كوكتيل المخاطر

لا يكاد يمر يوم دون ان تطالعنا الصحف بكم هائل من الجرائم الغريبة والعجيبة التي ترتكب في كل مناطق الكويت تقريبا، يحدث ذلك على الرغم من ثراء الدولة الذي يعني وجود فائض في الوظائف، وعلى الرغم من هذا الجو الايماني الذي يفترض ان «الشعب» يعيش فيه، علما بان المساحة التي تجري فيها كل هذه الاحداث لا تزيد كثيرا على 2000 كيلومتر مربع.
ومن هذه الحوادث، على سبيل المثال فقط، والتي تمكنت من جمعها من 3 صحف خلال اربعة ايام:
القبض على عشريني يتعاطى داخل احد المطاعم. ام تشتكي زوجها الذي يعاشر ابنتهما منذ 13 عاما. هتك عرض صبي يبلغ 12 عاما من قبل زميله البالغ 19 سنة في رحلة لجمعية دينية. سقوط تاجر مخدرات يعمل في ادارة التحقيقات. مواطن ووافد ينتحلان صفة رجلي امن ويسلبان آسيويين. ضبط 17 آسيويا افتتحوا سنترالا للمكالمات الدولية (مكرر بصورة يومية). القبض على موظف في اكاديمية عسكرية بتهمة المتاجرة ببيع المعاملات وتزوير التواقيع مقابل 500 دينار للمعاملة. ضبط رقيب في الشرطة وبحوزته كوكتيلا من السموم البيضاء. مجموعة من الشباب يختطفون صبيا ويهتكون عرضه وسط الصحراء. الابلاغ عن تغيب فتاة عشرينية. العثور على شبكة دعارة في الجليب، سقوط شبكة دعارة اخرى يديرها بنغالي في السالمية، تحرير 15 آسيوية من عصابة تتاجر بأجسادهن بغير ارادتهن. القبض على عصابة ثلاثية تقوم بتزوير الطوابع الرسمية، وافد يقع في قبضة رجال الامن وبحوزته كمية من الخمور محلية الصنع، وافد آسيوي يتبرز نصف كيلو هيرويين، مقتل مواطن في فرح نتيجة اطلاق نار عشوائي.
ما ورد اعلاه يجب ان يدعونا الى التفكير في حقيقة ما يحدث، فهذه الجرائم والحوادث المخجلة في تزايد كبير، على الرغم من وجود كل هذا العدد الهائل من البرامج الدينية والمعاهد والمراكز الشرعية والصفحات الدينية في كل جريدة ومجلة. وكذلك المحاضرات «الجماهيرية» التي اصبحت تقام في كل مكان، التي تهدف الى «تثقيف الشباب» واظهار لذة الصلاة وزواج السفر وتعلم الفقه في 24 ساعة من غير معلم، وكيف تصبح مليونيرا من اموال الزكاة، وكيفية التلذذ بالاكل من تحت النقاب، واصول الاستمتاع بغسل الاموات، والاستعداد لتقبل ضيق القبر، وكيف ان 99،9% من الناس تغيرت حياتهم بعد سماع هذه المحاضرات!
نكتب ذلك لكي نبرئ الذمة، ونحن على يقين بان عجلة التدهور ستستمر وسيزيد اهتمام «كبارنا» بقضايا الجنس الثالث وعبدة الشيطان على حساب المخاطر الحقيقية التي تعصف بنا من كل صوب.
ملاحظة: بشهادة مَنْ تبقى م.نْ اصحاب ضمير ومخلصين في وزارة الصحة، فإن قبول مجلس الوزراء لاستقالة الوكيل د. عيسى الخليفة تعني سقوط السد الاخير امام استفحال الفساد في الوزارة وصعوبة القضاء عليه، ولو جزئيا.
لا تفرطوا في الرجل، فأمثاله أصبحوا قلة في الجهاز الحكومي.

أحمد الصراف

احمد الصراف

خطر على الحريات

طالب الشيخ صالح الفوزان، وهو واحد من كبار رجال الدين في السعودية، بفتح كليات شرعية في الجامعات المدنية، لان حاجة الناس للمفتي والإمام والخطيب والقاضي والداعية أكثر من حاجتهم للطب والعلوم الأخرى.
(وفي عالمنا المتخلف هذا والميئوس من أمره ربما يكون معه حق!).
وأعرب السيد الفوزان، في خطاب لصحيفة الرياض، عن أمله باهتمام المسؤولين بهذا الأمر، لان الناس، من وجهة نظره، بحاجة الى الفقه في دينهم وعبادتهم والى تقويم الأفكار والبعد بها عن الانحراف والغلو والتطرف ولا يمكن ذلك الا بدراسة العلوم الشرعية والعقائد الصحيحة والمنهج السليم.
لم يعلم السيد الفوزان ان الكويت سبقته في طلبه هذا، ولو بطريقة مختلفة، وأكثر عصرية وتقدما، عندما وافق مجلس وكلاء التربية العرمرم، برئاسة الوزيرة المعنية، والذي يفترض انه يمثل النخبة المتعلمة، وبأنها تحسب على التيار الليبرالي، ولا أدري أين هو هذا التيار، وافق المجلس، ولأول مرة في التاريخ، لخريجي المعاهد الدينية، من مستوى الثانوية العامة وما دون ذلك، على الابتعاث الى الخارج لدراسة المواد التي يرغبون في دراستها، طالما استوفوا بعض الشروط البسيطة، وهذا كفيل بمساواتهم مثلا بطلبة الفروع العلمية الذين نشفت في مآقيهم الدموع وهم منكبون على الدراسة الجادة أملا في الحصول على نسبة عالية تكفي لابتعاثهم الى الخارج.
كنت أتمنى وجود جهة رسمية تمتلك الشجاعة لتفيدنا بمستوى خريجي المعاهد الدينية، عندها سنرى العجب، فنسب النجاح فيها، كما أخبرني عليم، بالرغم من روتينية وبساطة المواد التي تدرس فيها، لا تتعدى الثلاثين في المائة، ترفع «قهرا» الى ما فوق الخمسين بقليل ذرا للرماد في العيون. ومن المتوقع صدور استثناءات عدة تجيز لغير مستوفي الشروط من «خريجي» الابتعاث للدراسة في الخارج اما لحسن الخلق أو لسماحة الوجه، او لوجود واسطة نائب، وعادة ما يكون من المتأسلمين!
إضافة الى ذلك، هناك قرار مساواة خريجي الشريعة بخريجي كليات الحقوق، وهذه مأساة أخرى تحدث في دولة العجب على الرغم من الفارق التعليمي الواضح بين مواد ومستوى التعليم في الكليتين! حدث ذلك ايضا بعد ان «أفتت» جهات بالسماح لخريجي الشريعة بالمرافعة امام المحاكم في حال نجاحهم في اجتيار اختبارات شكلية بسيطة تتعلق بأصول المرافعات وغير ذلك.
كما تم تعيين خريجي الشريعة بشكل مكثف في جهاز التحقيقات البالغ الأهمية، وسنرى ان تعيينهم سينتج عنه عزوف الطلبة عن الدراسة في كليات الحقوق الصعبة، والاتجاه الى كليات الشريعة السهلة المواد، طالما ان النتيجة، بعد التخرج واحدة! وسيساعد وجود هذا العدد الكبير من خريجي الشريعة في الأجهزة الأمنية والعدلية في السنوات المقبلة في قضايا «تطبيق الحدود»، والتعسف في تطبيق القانون، ان تغاضت الحكومة عن تدخلاتلجنة السلبيات البرلمانية.
نعم، الموضوع يشكل خطرا جديا على الحريات والمنطق والعقل لكن لا اعتقد ان هناك من يود ان يفهم!
آه، كم من الجرائم تقترف باسمك يا شريعة ويا فقه!

أحمد الصراف

احمد الصراف

قمع الحريات.. وفضيحة الوكيل المساعد

صرح مصدر حكومي «فارغ العمل» بأن من المستبعد قيام المجلس بإقرار قانون يشترط قيام الراغبين في الزواج بضرورة اخضاع أنفسهم لفحص طبي خاص، قبل الاقدام على الارتباط بعضهم ببعض! وزاد ذلك المصدر العظيم في القول، ويا ليته لم يقل شيئا، إن هذا الفحص يمثل «قمعا» للحريات الشخصية، كما أنه مخالف للعادات والتقاليد(!!)
كنا نعتقد، قبل قراءة هذا التصريح الصحفي، ان رياح التخلف ستهب علينا من مجلس الامة فاذا بها تأتينا، بكل سمومها، من جهة حكومتنا التي اصبحنا نشك في مدى رشادها! فالاهتمام بصحة المواطنين والمقيمين هو من مهام الحكومة ولا ينازعها عليه اي طرف. فتطعيم المواليد الجدد مثلا ضد مختلف الأمراض والاوبئة هو نوع من التدخل في حق وحرية الآباء في اختيار ما يناسب أبنائهم، ولكن على الرغم من ذلك فان حقهم يتوقف عندما يبدأ حق المجتمع في السريان. فالطفل المصاب بالشلل مثلا نتيجة رفض والديه حصوله على التطعيم سيكون عبئا على الدولة الى الابد، وسيكلفها الكثير، وبالتالي فالتدخل الحكومي، على الرغم من مخالفته، وبالذات للسخيف وغير المنطقي من عاداتنا وتقاليدنا، أكثر من ضروري وحيوي للحفاظ على صحة الأجيال القادمة وثروة المجتمع وطاقاته.
الفحص الطبي الذي يسبق الزواج لا يختلف ولا يقل أهمية عن تطعيم الاطفال. وسجلات وزارة الصحة، وفي أي دولة كانت، خير دليل على مدى أهمية هذا الفحص الذي يمكن عن طريقه تجنب انجاب أطفال مصابين بعاهات مستديمة أو امراض خطيرة بسبب عدم انسجام جينات الأب مع الأم او بسبب صلات القرابة المكثفة بين الزوج والزوجة.
نعود للوصف الغريب الذي أطلقه المصدر الحكومي على هذا الاقتراح النيابي، بأنه يمثل قمعا للحريات، ونقول جميل أن تهتم الحكومة بمواضيع القمع هذه، ونتمنى عليه المبادرة ووقف أنشطة «لجنة الظواهر السلبية»، بالطرق التي تتقن عادة اللجوء إليها في حالة رغبتها في تمييع موضوع معين! فيكفينا ما نعانيه في هذا الجو الخانق والحرارة الشديدة المصحوبة بأتربة وغبار، فلسنا بحاجة إلى من يطلب من بناتنا ازالة مساحيق التجميل ووضع الأقنعة على وجوههن، ومن ثم تجاهل طلب الشيء نفسه من أهاليهم.. ومعروف هنا من نقصد وعن أي طرف نتكلم.
* * *

ملاحظة:
أوردت «عالم اليوم»، 6/29، وبتفصيل، على مساحة ربع الصفحة الأخيرة كشفا بالعلاوات والمكافآت التي يتقاضاها وكيل وزارة الأوقاف المساعد للحج والقرآن، التي تبلغ 40 ألف دينار سنويا (!!)، أي اكثر من راتبه السنوي، وهذه حالة شاذة في الخدمة المدنية، وربما لا تضاهيها إلا حالة مماثلة في الوزارة نفسها، وقد تكون مع الوكيل.
لقد بح صوتنا ونحن نقول إن مشروع «المركز العالمي لنشر الوسطية» الذي بلع حتى الان أكثر من 50 مليون دولار لم يؤسس الا لتنفيع جماعة الاخوان في الوزارة، ولمزيد من التفاصيل عليكمبسؤال منافسيهم من السلف الذين أكل الحقد قلوب الكثيرين منهم من طويل ربيع الاخوان فيوزارتي العدل والأوقاف!

أحمد الصراف

احمد الصراف

كيف تكون متحضراً!

في نشرة صادرة عن «مركز الحوار للثقافة، (تنوير) الذي تشرف عليه مجموعة من المثقفين الكويتيين، وردت النصوص المترجمة التالية بقلم تزفيان تودوروف، اما ما بين القوسين فتعليقاتنا:
ماذا يعني ان يكون المرء متحضرا؟ لا شك ان تحصيل مستوى رفيع من العلم وارتداء ربطة عنق انيقة او تناول الطعام باستخدام الشوكة والسكين او تقليم الاظافر اسبوعيا ليست من المظاهر الكافية لكي تجعل من انسان ما متحضراً! فكلنا نعلم ان الظهور على هذا النحو لا يمنع مثل هذا الشخص من التصرف بأسلوب بربري ووحشي!! (وقد شاهدنا ما يماثل ذلك الى حد كبير خلال الحرب الاهلية اللبنانية عندما تخندق الطبيب المتخرج في اعلى الجامعات الفرنسية خلف متراس حربي وباشر قصف الاحياء السكنية دون تمييز وقتل الابرياء والاشقياء على الهوية!! وحدث الامر ذاته في بوسنيا وكوسوفو وغيرها).
ويستطرد تودوروف بالقول: ان السلوك الحضاري يعني ان يكون الانسان، في اي زمان ومكان، قادرا على الاعتراف بالآخرين وقبول انسانيتهم على الرغم من اختلاف اسلوب حياتهم عنه!! (ولكن يبدو، بالرغم من بداهة هذا المبدأ، انه لا يجد القبول لدى الكثيرين من المسلمين واعداد كبيرة من اليهود والمسيحيين المتعصبين لمعتقداتهم التي تمنعهم من قبول الآخر كما هو).
ويختتم تودوروف مقاله بالقول: لذا علينا بالحوار من خلال التقدم بمبادرات بسيطة ومتواضعة. وفي هذا الاطار نحن بحاجة لترجمة المزيد من افكار وآداب البلدان الاخرى، وللمزيد من السفر للخارج وتعلم اللغات الاجنبية من اجل الاطلاع على ثقافات الآخرين… وان افضل وسيلة لبدء الحوار تكمن في التخلص من الافكار المسبقة والتعميم «الخطير» ومن ثم العمل على تشجيع التواصل واللقاءات بين البشر. وفي الوقت الراهن لا تزال السياسة هي المهيمنة، ولكن يبقى الحوار هو السائد والمنتصر على الحرب، لسبب بسيط، هو ان الحوار يثير فينا الشعور بالانسانية.
وعندما قيل لحكيم لماذا يصف الناس طائر اللقلق، الذي يعتبره البعض حنونا جدا، بانه غير نظيف، قال لانه يمنح حبه فقط لابناء جنسه!
(والآن هل بامكاننا تعلم شيء من كلام «تزفيان تودوروف» وان نصبح اكثر تسامحا ومحبة وقبولا للحوار مع الآخر، ولو مجرد حوار؟ اشك في ذلك، فنحن لسنا على حضارة كافية)!

أحمد الصراف
habibi [email protected]

احمد الصراف

سلف وإخوان وعقد المليارات

تقوم عدة شركات وطنية بالمشاركة في مناقصة مستشفى جابر الاحمد، الذي طال انتظاره، وهو المستشفى الذي سيكون الاكبر في الكويت، وربما في المنطقة. ونظرا لحجمه الكبير، فإن من شبه المستحيل على طاقم وزارة الصحة ادارته بكفاءة بعدد أسرته الذي يتجاوز الألف. ومن المتوقع ان تزيد التكلفة النهائية للمشروع على المليار دولار، وكانت التكلفة المقدرة له قبل سنوات قليلة فقط لا تتجاوز ثلث ذلك، ولكن هذه قصة اخرى في مسلسل التأجيل الكويتي المعروف!!
أسدل المجلس البلدي الستار قبل ايام على موضوع «حرب داحس والغبراء»، او المصفاة الرابعة، وذلك باقراره وتخصيص المساحة اللازمة لبناء المصفاة وتأكيد سلامة طرحها. علما بأن التأجيل المتكرر والصراع على الفوز بها رفع تكلفتها من اقل من ملياري دولار الى خمسة مليارات دولار!!
وقد احتدم صراع شرس بين مجموعة من نواب احياء التراث، اي السلف، ومناوئيهم من نواب الحركة الدستورية، الفرع المحلي للتنظيم العالمي للاخوان، اضافة الى مجاميع اخرى للفوز بمناقصة مشروع المصفاة الرابعة.
فمليارات الصفقة نجحت في محو واذابة جميع الفروق المذهبية والسياسية بين الاطراف المتنازعة، بحيث اصبحت الحلبة مفتوحة للجميع بشكل متساو، سواء من ناحية الضرب تحت الحزام او التشهير بالسمعة، فلا فرق بين سلف او تلف او اخ او عدو، فالجميع يجري وراء عقد المليارات، غير عابئ بما تتطلبه اللحية من وقار، وما يعنيه قصر الدشداشة من زهد، وما يشير إليه المسواك من كره في الدنيا ومادياتها، فالجائزة او الوليمة المليارية اكبر من أن نترك للغير.
ان مشروع المصفاة الرابعة بين لكل غافل، ان المسألة برمتها تختصر بعدد من الدنانير التي تتهافت على الفوز بها عدة جهات ذات مصالح اقتصادية متشعبة، وبالتالي لا علاقة للدين او الزهد والسلف الصالح بالامر. فهذه تترك لسذج هذا الاتجاه الديني او لصبية الاتجاه الآخر، ويلهونهم بالشعارات والخطب والمنشورات وكيفية غسل الموتى والتلذذ بالصلاة، في الوقت الذي ينشغلون هم فيه بجمع المليارات!!

أحمد الصراف
[email protected]

احمد الصراف

المؤذن

ورد في الصحف المحلية، نقلا عن انباء السعودية، خبرا يتعلق بقيام السلطات هناك بإلقاء القبض على مؤذن مسجد من الجنسية البنغالية متورط في ادارة شبكة دعارة.
لا نريد هنا التحامل اكثر على المواطنين البنغال وسرد مختلف القصص والحكايات عن غريب جرائمهم ومدى تفننهم في استنباط اكثر طرق النصب والاحتيال براعة، فقد نالهم منا ومن غيرنا الكفاية، وحكومتنا، ولاسباب كثيرة، لا ترغب في منعهم من دخول البلاد، ويبدو بالتالي ان علينا العيش مع جرائمهم الى ان تستقر اوضاع لبنان قليلا لنذهب للعيش هناك بعيدا عنهم وعنها، واقرب لامور جميلة اخرى!!
موضوع اليوم يتعلق بمهنة المؤذن الفريدة، التي لم تكن اصلا مهنة في تاريخ الاسلام والمسلمين، ولم تكن تؤدى مقابل اجر محدد، كما لم تكن قط مهنة كاملة بالمعنى المفهوم.
تعتبر ظروف وطبيعة عمل المؤذن في ايامنا هذه، والتي لا تستغرق منه اكثر من نصف ساعة في اليوم، مقابل 8 ساعات عمل لاي وظيفة اخرى، وظيفة طاردة من جهة ومصدرا للمشاكل من بعض القائمين عليها.
فان يقوم فرد مختص وبأجر محدد فجر كل يوم لاداء الاذان لدقائق، ومن ثم الخلود للنوم والراحة لسبع ساعات لاداء الامر ذاته لدقائق اخرى وتكرار الفعل ذاته ثلاث مرات اخرى في اليوم نفسه، امر لا يستقيم وعالم السرعة والانتاجية العالية الذي نعيش فيه.
وبالتالي من المهم اعادة النظر في هذه الوظيفة، إما عن طريق ميكنتها وإما فتح مجال للمتطوعين الراغبين في ادائها تقربا وتبركا، وبعد اجراء اختبار بسيط لاصواتهم وطريقة ادائهم للأذان.
يوجد في الكويت اكثر من 1300 مسجد، وهذا يعني وجود اكثر من 1500 مؤذن مستورد بأجر كامل، للقيام بمهمة يستطيع اي مواطن او مقيم القيام بها بكل سهولة، فلماذا لا تفكر الدولة في توطين هذه المهنة ببرنامج قابل للتطبيق بدلا من ان نكون عالة على دول العالم في مهمة لا يستغرق اداؤها اكثر من 30 دقيقة في اليوم؟ ولا نود هنا التطرق لما سببه ويسببه الكثير من المؤذنين من مشاكل للمجتمع ولوزارة الاوقاف.

أحمد الصراف
habibi [email protected]

احمد الصراف

اللذة وغسل الأموات

امور غريبة عدة اصبحت تحيط بنا وتملأ حياتنا هلعا من الكارثة الاخلاقية المقبلة التي تحاول لجان «الكر والفر وكره البرد وحب الحر» الترويج لها.
فقد اعلنت وزارة الاوقاف، بالتعاون مع «مبرة طريق الايمان» دعوة الجمهور لحضور فعاليات «رياض الجنة» للاستماع لمحاضرتين «جماهيريتين» واحدة في الفردوس وهذه «اوكي»، والاخرى في العديلية، وهذه «ليست اوكي»، وورد في الاعلان ان «عباس بتاوي»، المختص بغسل الموتى، القادم لنا من السعودية سيلقيهما، وسيكون موضوع المحاضرتين «وقفات مع مغسل الاموات»!!!
وورد في النشرة الجماهيرية ان المحاضرة ستتضمن عرضا مرئيا لمغسلة الاموات، وسيكون هناك مكان مخصص للنساء.
على النسق العظيم نفسه، قامت جهة مجهولة بنشر اعلانات مكلفة في الصفحات الاولى من غالبية الصحف عن «كيفية التلذذ بالصلاة»، وادعى منظمو الحفل، المجهولو الهوية، ان المحاضرة الاولى، التي القاها رجل الدين «الشاب فلان الفلاني» قد حضرها 20 الف شخص! علما بأن وسائل الاعلام في حينه ذكرت ان الرقم كان اقل من نصف ما ادعوا! حدث ذلك بالرغم من ان الإعداد للمحاضرة تم بطريقة حزبية واضحة تمثلت في نقل الشباب من مراكز تجمع معروفة، وبحافلات مؤجرة، قبل وقت طويل من بدء المحاضرة، التي اقيمت في مسجد الدولة الرسمي الذي جعلته «الحكومة الرشيدة» رهن بنان وسبابة احد الاحزاب الدينية المسيسة حتى النخاع، كما ورد في الاعلان ارقام اربعة خطوط هواتف نقالة وضعت خصيصا تحت تصرف الرجال والنساء للرد على الاستفسارات!
الغريب ان اي جهة لم تتبرع، كتابة او شفاهة، بوضع اسمها على الاعلان، وهذا ما يريب حقا، فإن كان موضوع المحاضرة يصنف ضمن اعمال الخير فما الداعي لتوخي السرية فيه واخفاء اسم الجهة المنظمة، واللجوء إلى أساليب الخش والدس؟ فهذه السرية تعني ان في الامر ما يريب.
لقد صلى المسلمون لاكثر من 14 قرنا بكل هدوء وثقة، وفجأة خرج عليهم من يرغب في ادخال اللذة في صلواتهم وهو عالم بأنه لا يخاطب هنا عقولهم بقدر ما يخاطب غرائزهم، وماتعنيه «اللذة» للكثير من الحضور من الجنسين، وهذا تصرف لا يستقيم والمنطق، ولكن من نخاطب هنا، والجهة المسؤولة اختارت الانزواء بعيدا عن النقد والمسؤولية، بعد ان صرفت اكثر من 30 الف دينار على «حملة لذة مباركة»!!

أحمد الصراف
habibi [email protected]

احمد الصراف

الشيخة فريحة

تعتبر اسرة الصباح من اكثر اسر الدولة والمنطقة تسامحا وانفتاحا، وقلما تجد بينهم من اشتهر بتشدده الديني، سواء فكرا أو ملبسا او حتى في مظهره الخارجي، وان وجد فعن بساطة وسذاجة اكثر من اي شيء آخر.
ويورد التاريخ ان الشيخ سالم مبارك الصباح رفض مطالب الاخوان الوهابيين، وهو محاصر في القصر الاحمر، بضرورة قيامه بمعاقبة المدخنين ومحبي الطرب من مواطنيه، بحجة عدم قدرته دخول بيوتهم او التجسس عليهم!
قبل ايام ناشدت الشيخة الفاضلة فريحة الأحمد، التي ترأس لجنة المرأة المثالية، الآباء ضرورة استغلال العطلة الصيفية في ما ينفع ابناءهم، وتجنب السفر الى البلاد التي تكثر فيها المفاسد، لكي لا يعودوا بأمراض جنسية مميتة او عادات مخالفة للدين والتقاليد (!!) وحذرت الشباب من اجراء عمليات تجميل للتشبه بالنساء او قيام النساء بعمليات تجميل معاكسة، كما حذرت من السفر الى بلاد تمارس فيها طقوس عبدة الشيطان، كما ناشدت الحكومة ولجان العمل الاسري والجمعيات التعاونية عمل برامج مكثفة لبناء «الفكر التربوي» والثقافي والشرعي (!!).
قد لا تكفي صفحات «القبس» للرد والتعليق على تصريح الشيخة الفاضلة، ولكن سنختصر تعليقنا في النقاط التالية:
اولا: الصيف اصبح في منتصفه، ولا وقت بالتالي للتخطيط في كيفية قضائه في ما تبقى من وقت، وفي دولة لا يقرأ 99% من شعبها كيفية التصرف بأعز ما لديه.. فما بالك بالتفكير في الطريقة المثلى لقضاء اجازة تتضمن فكرا تربويا؟!
ثانيا: كانت المناشدة ستصبح مفيدة لو تضمنت اسماء الدول التي لا توجد فيها امراض جنسية، ولا تكثر فيها المفاسد، ولا توجد فيها عادات مخالفة للدين والتقاليد، ولا تجرى فيها عمليات تجميل، وانا شخصيا وجميع المواطنين ربما، لا نعرف الدول التي يكثر او يقل فيها عبدة الشيطان، فمن العبث بالتالي تحذير اسرة عطشى لقضاء اجازة بعيدا عن حر الكويت وغبارها، من الذهاب الى دولة لا وجود لها على خريطة العالم، هذا مع الافتراض ان الكويت تخلو تماما من كل هذه الشرور والموبقات والاخطار والاوبئة والامراض الجنسية، وانها الجنة الصحية والعقلية المنشودة التي لا يمرض ولا يهرم فيها احد، اي شنكريلا القرن الـ 21!!
ثالثا: ان اعطاء مشكلة المثليين كل هذا الثقل من الخطورة امر خطير في حد ذاته، فهؤلاء ليسوا إلا نتاج هذا المجتمع الذي يعود باصوله لآلاف السنين، والتي كانت مشكلة المثليين جزءا لا يتجزأ منه، وكتب التاريخ التي تغوص في التراث تمتلئ بقصص هؤلاء حتى في اكثر العصور الاسلامية تشددا.. فهذه ظاهرة بشرية لا يجدي التصدي لها بالضرب والقتل والنفي في الارض، بل بالمعالجات الجنسية والنفسية والطبية المعروفة للتخفيف منها، وليس للقضاء عليها.. فالارحام تلد المزيد من هؤلاء كل يوم وكل دول العالم بالنسبة نفسها تقريبا، وبالتالي فان دول العالم الاخرى، يا شيختنا الفاضلة، بريئة من التهمة.
رابعا: لقد سافر آباؤنا، وقبلهم اجدادنا، الى اكثر مدن العالم فسادا ومجونا في الهند وجنوب شرق آسيا وافريقيا، وعادوا سالمين، ولم يُفت. احد وقتها بمنع سفرهم خوفا من تعرضهم لعادات مخالفة للدين والشريعة، فلماذا سكتنا وقتها.. هل لاننا كنا في حاجة لما نأكله؟
نكتفي بهذا القدر، ونتمنى على شيختنا الكريمة سعة الصدر وقدرا اكبر من التسامح، فما تطالب به، ان طبق، سينتج عنه عدم سفر احد الى الخارج في صيف السنة المقبلة.. وهنا ستتحول الكويت الى اكبر سجن في التاريخ!

أحمد الصراف

احمد الصراف

جذبة جبيرة

نعيش، حكومة ومجلسا وشعبا، جذبة جبيرة، او اكذوبة كبيرة منذ نحو 15 عاما، وتتمثل في وجود «اللجنة الدائمة العليا لاعادة النظر في القوانين والعمل على أسلمتها»!
قمنا، بعد مرور سنة تقريبا على انشاء اللجنة، بانتقاد عملها لخلو قانون تأسيسها من موعد محدد تنهي فيه مهمتها ضمن اطار عمل محدد. وقلنا وقتها، وكررنا القول في مقالات تالية، ان هذا يعني عدم جدواها بالمطلق كوننا نعيش في مجتمع مدني محكوم بقوانين موضوعة ومتفق عليها من قبل اطراف الدولة والمجتمع، وان اي مس بمجمل القوانين المدنية الراسخة، والسائد مما يماثلها في جميع دول العالم يعني خلخلة اسس المجتمع وهز العلاقة بين مجاميعه لمصلحة قوى الردة والتخلف.. والفوضى!
كتاباتنا عن اللجنة لم تجد اي تجاوب من المعنيين منذ اليوم الاول، ولكننا، وحتى اللحظة، لم نسأم الكتابة في هذا الموضوع، على الرغم من شكنا في ان الحكومة تقرأ، وان فعلت، فغالبية اعضائها لعدم الفهم اقرب، وان كانوا غير هذا وذاك فهم، حسب الظاهر، غير مبالين!
وقد قيل، في معرض تبرير تأسيس اللجنة وبقائها واستمرار وجودها كل هذا الوقت، انها صمام الامان «الحكومي» امام اي مطالبة نيابية تهدف الى تعديل اي من مواد الدستور او محاولة «اسلمة» القوانين، وليس العكس! ولكننا نعرف والحكومة تعلم والنواب يدركون ان هذا تبرير واهٍ ولا يستند الى أي منطق، وغير كاف اصلا لوجود وبقاء لجنة كل هذا الوقت وبهذه الكلفة المالية الباهظة! علما بأن وجودها لم يمنع مشرعينا الاشاوس من اقتراح واقرار الكثير من القوانين واللوائح والانظمة المقيدة للحريات الكاتمة للانفاس الضاغطة على القلوب الكارهة للبسمة والفرحة. كما ان اللجنة، وبشهادة كبار القائمين عليها، لم تقم بأكثر من الانشغال بمكافآت ورواتب ومنح العاملين في لجانها، ودراسة مخططات مبناها الجديد والفخم والاتفاق على كيفية توزيع مكاتب كبار اعضائها وموظفيها ونوعية اثاث مكاتبهم، وغير ذلك من الامور الروتينية، وقامت بذلك بعد ان انتهت «تماما» من تدبيج نصوص عدة مشاريع ورقية تتعلق بكيفية التصدي لعلاج المشكلة الاقتصادية، وطرق مواجهة ظاهرة الاطباق اللاقطة للقنوات الفضائية، وغير ذلك المسائل اللامصيرية!
نعم، لم نسأم الكتابة عن لجنة جعلت الدولة برمتها تعيش كذبة كبيرة كلفتها حتى الآن اكثر من مائة مليون دولار، ومع هذا لم تقدم شيئا يذكر، ولم تمنع تأسيس البائس من اللجان، والكئيب من الانظمة والقوانين الضاغطة على الحناجر والصدور!
هل سنجد يا ترى ما يكفي من الشجاعة والمنطق في قلب وعقل سمو رئيس مجلس الوزراء، وفي قلب وزير الديوان الاميري ليوقفا هذه المهزلة مرة واحدة.. والى الابد؟ ولا نخالهما الا مالكين لها.

أحمد الصراف
habibi [email protected]

احمد الصراف

آراء في السلف والتلف

يعتبر السلف مجموعة من المتدينين، او غير ذلك، السائرين على هدى من سبقهم من في مرحلة ما من التاريخ.
ولو افترضنا ان السلف الصالح بمجموعه كانوا فعلا على صلاح واستقامة، لوجب على اتباعهم ان تكون اخلاقياتهم وسلوكهم اليوم تشبه، او على الاقل تقارب، ما كان الاولون عليه.
ولكن بتمحيص الوضع الراهن نجد ان الحقيقة خلاف ذلك تماما، وغير ما كانت عليه اوضاع ومواقف هؤلاء قبل سنوات قليلة فقط، فمواقف السلف «القديم» من قضية المشاركة في الحياة السياسية مثلا، من خلال اطر الحضارة الغربية، كانت واضحة تماما، حيث كانت ترفض مثل هذه المشاركة جملة وتفصيلا لكونها نوعا من الشرك بالذات الالهية، واعتمادها على مصادر تشريع غير التي يؤمنون بها وقبول لحكم لا يرتضون به، واعتماد على قضاء لا يثقون بمسوغ حكمه، ولكن فوز غرمائهم في الدين من الاخوان وغيرهم بالمغانم، وعدم ترك حتى الفتات لهم، دفع «كبار مفكريهم» لتغيير مواقفهم «المبدئية» والقبول بالمشاركة في اللعبة السياسية، وبالتالي السكوت عن كل الاعيبها ومداهناتها وخشها ودسها! فهل كان هذا هو برنامج حياة واسلوب عيش السلف الصالح؟
كما يقوم الكثير من المنتمين للسلف بامامة الصلاة في عدة مساجد مقابل اجر ومكافأة، فهل كان هذا من شيم السلف الصالح؟
ويقوم عدد آخر من المحسوبين عليهم، هيئة وتسمية، بالمتاجرة بقراءة القرآن على المياه والزيوت والبصق فيها وبيعها للسذج والمرضى النفسيين مقابل مبالغ مجزية، فهل كان هذا من وظائف السلف الصالح؟
كما «يستحرم» عدد منهم توقيع اي كفالات مقابل الحصول على تسهيلات او قروض من مصارف عادية بحجة معارضة دفع فوائدها للدين!! ولكن هؤلاء انفسهم لم يترددوا في الوقت نفسه من الاقتراض من هذه المصارف وقبول دفع الفوائد الربوية لها، على ان يتحمل بقية اخوتهم وشركائهم مسؤولية كفالة تلك التسهيلات والقروض، فهل هذا من صفات السلف؟
كما يحرص العديد من قادة السلف على الطلب من العاملات لديهم، او لدى الشركات التابعة لهم، ضرورة ارتداء الحجاب، وحتى النقاب ان امكن، في اماكن العمل، ولكنهم ينسون في الوقت نفسه انفسهم واهل بيتهم، فهل كان السلف الصالح يؤمن بالمزدوج من المواقف والوصولية؟
القائمة طويلة والواحد منا لا يحتاج الى ذكاء مفرط ليعرف ان المسألة برمتها ليست الا متاجرة بالدين واستغلال له للوصول لأعلى المناصب واكثرها ربحية ونفوذا، وهذا لا يعني عدم وجود البعض من السلف البسطاء الذين بقوا على عقيدتهم السابقة التي تكفر كل افعال هولاء وغيرهم، وهؤلاء لا يزالون على اعتقادهم بانهم، وهم فقط، الفئة الناجية من النار، ويا نار كوني بردا وسلاما عليهم.. وعلينا.

أحمد الصراف
abibi [email protected]