قام المشرفون على اللجنة العليا لتطبيق الشريعة، في بداية تأسيسها بعقد ندوة تعلق موضوعها بالاقتصاد الاسلامي. في نهاية المحاضرة قام أحد الحضور، وهو صديق ومن الشخصيات السياسية المعروفة، وذكر أن من غير الانصاف ربط الدين بالأنشطة الاقتصادية. فالدين، من وجهة نظره، رسالة سماوية أرسلت لخير البشر وليس لمعالجة وضع اقتصادي أو تجاري لدولة ما. وبالتالي ليس هناك اقتصاد اسلامي وآخر بوذي وثالث يهودي وهكذا، بل هناك مجموعة مفاهيم وقيم اقتصادية تختلف من دين إلى آخر!!
جرى نقاش حول تلك النقطة شارك فيه آخرون ممن لهم وزنهم الاقتصادي والمهني والسياسي، وأيد اغلبهم وجهة نظر صديقنا. وكان واضحا ان المداخلة وما حصلت عليه من تأييد قد سببت حرجا للمحاضرين.
يقول صاحبنا إنه تلقى في اليوم التالي اتصالا هاتفيا من اللجنة اياها طالبين منه زيارتهم في مقرهم، فذهب في الموعد المحدد متسلحا بمجموعة من المذكرات والكتب المؤيدة لوجهة النظر التي ابداها في المحاضرة.
استُقبل بحفاوة عند المدخل من قبل احد كبار مسؤولي اللجنة الذي طاف به في اروقة المقر وعرفه على بعض العاملين هناك، ومن ثم سلَّمه كيسا يحتوي على بعض المطبوعات وودعه بالحفاوة نفسها، فور انتهائه من شرب استكانة الشاي، ولم يناقشه او يسأله احد عن الموضوع الذي اعتقد أنهم قد دعوه من اجله، والذي سبق ان استعد له.
غادر صديقنا مكاتب اللجنة ونسي موضوع الكيس، ولم يتذكره الا بعد اسبوعين، وعندما فتحه وجد بداخله عدة مطبوعات دعائية عن «منجزات» اللجنة، كما وجد كذلك علبة فخمة وما كاد يفتحها حتى فوجئ بوجود ساعة ثمينة بداخلها، وقد قدر ثمنها في ذلك الوقت بمبلغ 400 دينار، وكان ذلك منذ عام تقريبا!!
لم يعجب ذلك صاحبنا وقرر اعادة الساعة لرجال الدين في اللجنة، لكنه خشي من ان يساء تفسير تأخره في ابلاغهم بالرفض، واختار قبول الهدية على مضض، خصوصا بعد ان اتصل بصديق كان في الندوة نفسها، وكان يشغل مركزا مرموقا في البنك المركزي، وتبين له ان ذلك الصديق قد تسلم هدية مماثلة!!
سرد لنا صديقنا تلك الرواية بعد قراءته مقالنا، الذي نشر قبل ايام عن انشطة اللجنة، فقلت له إنني لا استغرب ذلك من المشرفين عليها، فقد دأبوا منذ اليوم الاول لتشكيلها على اتباع سياسة توزيع هدايا فخمة وغالية للكثير من مسؤولي الدولة وكبار موظفي البنوك والشركات الاستثمارية وغيرهم، وكنت شخصيا احد المستفيدين من هدايا اللجنة الغالية، ولكن بصورة غير مباشرة، وسبق ان كتبت عن الموضوع نفسه اكثر من مرة!!
نتمنى ان تقوم اللجنة بتكذيب ما ورد في مقالنا هذا من اتهام بانها تقوم بصرف مبالغ كبيرة جدا على بند الهدايا لكل من هب ودب، علما بأن طبيعة نشاطها وخصوصيته لا تتطلبان منها الترويج لنفسها بتلك الطريقة الفجة، فعملها محصور اصلا في قنوات فقهية وقانونية.
نكتب ذلك ونحن على ثقة بأن اللجنة ستتجاهل الرد علينا ايمانا منها بأن «الحقران يقطع المصران»!! وبما ان مصراننا لا يزال سليما، ونحن نستمتع بهواء جبل لبنان الصحي، فإننا نطلب من اي من اعضاء اللجنة، التبرع بنفي روايتنا هذه وأن اللجنة لم تقم قط بتوزيع هدايا بمئات آلاف الدنانير لمن يسوى ولمن لا يسوى!!
نضع هذه القصة بتصرف معالي وزير الديوان الاميري، الشيخ ناصر صباح الاحمد، لعل وعسى.
* * *
ملاحظة:
نثمن محاولة الزميل عادل القصار الرد علينا بطريقة غبر مباشرة في مقال الامس الذي بين فيه تواضع منجزات منظمة الكويت ــ أميركا، وهذا ليس اسمها الصحيح، على الرغم من مرور 13 عاما على تأسيسها (1991) وهنا ايضا الحسبة غير دقيقة!! ونتفق معه على ان الجمعية طاخة وننتظر ردها، علما بأننا حاولنا الاتصال بأحد مسؤوليها فلم يرد!!
أحمد الصراف