احمد الصراف

فاقد الشيء لا يعطيه

«…جئنا لنسهم في صنع نهضة فكرية وعلمية تتخذ من الكويت مركزا تشع منه على الجوار الاقليمي، والمحيط الاسلامي، ومن بعدها ما يتيسر من أرجاء المعمورة».
وردت الفقرة أعلاه في بيان السيد عصام البشير، الأمين العام السابق «المركز العالمي للوسطية»، الذي حاول فيه الدفاع عن نفسه وعمن وقف معه وشرح أهداف المركز الذي تولى أمانته لأكثر من 3 سنوات. ومن صدق ان بإمكان عصام البشير ومعه وزارة الأوقاف وميزانية لا تتعدى عشرة ملايين دينار، تحقيق، ولو عشر ما ادعاه، من نهضة فكرية وعلمية تشع من الكويت على الجوار الإقليمي والمحيط الإسلامي وأرجاء المعمورة، فلا شك أنه واهم، أو في عقله خلل!!

قص السيد عصام البشير، الحق من نفسه واستقال من منصب «الخبير» في ديوان وزير العدل، وخيرا فعل، فقد يكون قراره هذا الوحيد الذي يستحق الثناء خلال أكثر من ألف يوم عمل فيها أمينا عاما للمركز، الذي تخب أهدافه على شخصه الفاضل وعلى الكويت كثيرا. أما بيان إبراء الذمة الذي أصدره، بعد استقالته، ففيه من الإدانة لشخصه وللجمعيات الدينية المناوئة والمؤيدة له ما يكفي لملء صفحات عدة للرد عليه، ولكن بما أنه مغادر فإننا سنكتفي هنا بما ذكرناه، ونمتنع عن الكتابة عنه أو عن بيانه بعد الآن بالنقد أو التجريح.
وبهذه المناسبة نتمنى على السيد حسين الحريتي، وزير العدل، عقد العزم والتخلص من «المركز العالمي لنشر الوسطية»، المنبثق عن «اللجنة العليا لتعزيز الوسطية» الهلامية الأهداف، وإعادة توجيه ما يصرف على المركز واللجنة من أموال وجهد لما هو أكثر نفعا وجدوى. فهذا المركز العالمي العجيب لم ولن يحقق شيئا، ولم يستفد منه، ماديا ومعنويا، غير الذين حاموا وداروا حول أمينه السابق، من وكلاء الأوقاف وغيرهم من منظمي رحلات السفر والحفلات والولائم ولا شيء غير ذلك. فما عجزت عنه 55 دولة عضوا في «منظمة المؤتمر الإسلامي»، الذي تأسس قبل 40 عاما، لن تستطيع الكويت القيام به، وهي التي لم تكتف حتى بحاجتها من الأئمة والمؤذنين! وقد فشل المركز العالمي، كما فشلت منظمة المؤتمر الإسلامي من قبله في تحقيق شيء لأننا، وببساطة شديدة، لا نستطيع أن ننطلق لتحرير القدس ونشر الوسطية والمناداة بالاعتدال عندما نكون متطرفين في بيوتنا وداخل دولنا ومتفرقين بعضنا بين بعض وداخل الأسرة الواحدة والوطن الواحد، وأبعد ما نكون عن الاعتدال داخل نفوسنا، دع عنك مع الآخر الذي نصفه تارة بالنصراني وأخرى بالكافر أو الزنديق أو العلماني الليبرالي! ولم نتعلم حتى الآن أن فاقد الشيء لا يمكن أن يعطيه، فالغالبية العظمى من دولنا الإسلامية الأعضاء في المؤتمر الإسلامي، الذي تأسس عام 1969 من 55 دولة، لم تعرف شعوبها الحرية والديمقراطية الحقيقية ولو ليوم واحد، ولا تزال تحكم بالحديد والنار! فكيف يمكن لمثل هذه الأنظمة نشر الوسطية، أو تقبلها، أو المناداة بالاعتدال؟ وأن يكون بإمكانها استرداد القدس وإنشاء دولة فلسطين أو إقناع العالم بصواب رسالتنا وسلامة نوايانا ونبل أهدافنا، في الوقت الذي نعرف فيه جيدا أن رسالتنا ليست واحدة ونوايانا غير سليمة، وبالذات اتجاه بعضنا، أما نبل أهدافنا فتلك قصة أخرى.
ما نحتاج إليه حقا، هو اهتمام كل دولة بنفسها في المرحلة الحالية، فطالما أن كل جهة فينا صفر في المعادلة الدولية فإن تجمعنا، إن حصل، لا يعني إلا تجمع مجموعة أصفار! وما لم نتغير ونتبدل ونتقدم من الداخل، فلن يكون بإمكاننا إحداث أي تغيير في الخارج أو التأثير فيه!

أحمد الصراف

احمد الصراف

ديبورا وفقرات أخرى

1- في فقرة من مقال أرسله إلينا الزميل السابق صلاح الهاشم بالفاكس، أبدى دهشته لعدم تطرق أي جهة، بمن فيها كتاب الصحف، إلى ماهية وحقيقة دور «جهاز الأمن الوطني» ورئيسه في كل ما نشر وقيل عن قضية ضابط أمن الدولة، وما أثير عن تواجد عدد من قوات حرس الثورة الإيراني في الكويت. وقال الزميل ان دهشته زالت بعد أن رأى صور الآلاف الذين تدفقوا إلى غبقة رئيس الجهاز!! ولا أدري سبب دهشة الزميل وزوالها، وهو العالم بطبائع أهلنا وأحبائنا!!

2- ورد في مذكرات د. أحمد الخطيب في جريدة الجريدة أن اتفاقا تم بعد تحرير الكويت بين القوى الدينية، الممثلة بالإخوان المسلمين وغيرهم، وبين القوى الوطنية، على عدم إثارة موضوع موقف التنظيم العالمي للإخوان من قضية الاحتلال الصدّامي للكويت!!
وقد ذكرتني ملاحظة الدكتور الخطيب تلك بالصورة الشهيرة التي نشرت في الصحف قبل 8 سنوات تقريبا، وجمعت النائب وليد الطبطبائي بقادة المنبر الديموقراطي على خلفية اتفاقهم، أو تحالفهم، على بعض القضايا السياسية المهمة التي كانت تشغل الساحة وقتها. وقد فوجئت بالاتفاق الذي دفعني إلى أن أعلن، على الأقل بيني وبين نفسي، قرفي واشمئزازي من هذه الألاعيب السياسية، وقلت لمن يهمه الأمر إنني سوف أقاطع أنشطة المنبر، ولكني لم ألتزم تماما بذلك، إذ حضرت لقاء واستمعت إلى كلمة من باب المجاملة ليس إلا، و«كرمال» عيون «أم طارق»!!
أكتب ذلك بعد أن تفحصت الوجوة الطيبة والجميلة والأنيقة أيضا التي شاركت في «غبقة» «التجمع الوطني الديموقراطي»، وكيف أن أمانة التجمع الوقورة لم تكلف نفسها حتى إرسال فاكس أو رسالة هاتفية تدعونا لحضورها، بالرغم من أننا من مؤسسي التجمع الذين لا يزالون على قيد الحياة! وقد فسرت تصرف الأمانة على أنه من باب الميانة، أو لعلمهم بأننا كنا سنعتذر عن حضورها على أي حال.

3- ذكرنا مرات وذكر غيرنا آلاف المرات أن غياب نظام محاسبة صارم ودقيق، وفي أي شركة أو جهاز أو دولة، يؤدي بصورة تلقائية إلى انتشار التسيب واستفحال الأخطاء وانتشار الفساد! ولكن كالعادة، وبحكم ما أصبح عرفا، لم يستمع، ولن يستمع، إلينا أو إلى غيرنا أحد. وبالتالي لم يكن مفاجئا أن ضابط الدفاع السابق، المتهم في قضية أمن الدولة، له سجل عدلي متورم، ولا يزال ناشطا في كل مجال!!

4- أعلنت عشرات الجمعيات الخيرية خلال شهر رمضان إقامة عدد كبير من الولائم لإطعام الفقراء والمساكين. كما أعلنت الجمعيات نفسها وجهات خيرية أخرى أرقاما كبيرة عن عدد الأسر التي تلقت مساعداتها خلال الفترة نفسها. ولو اطلع من لا يعرف وضع الكويت المالي على تلك الأرقام لاعتقد أنها دولة ينتشر فيها الفقر والمرض (ولن نختلف على انتشار الجهل)! فكيف يمكن تصديق كل هذه الأرقام، وهي في أغلبها صحيحة، مما يعني أن هناك مشكلة، فإما أن هناك مستفيدا متسترا وراء كل هذا الصرف، أو أن هناك حقا نسبة كبيرة من الفقراء والمساكين الذين لا نعرف إلا القليل عنهم، ويستحق هؤلاء بالتالي العناية والاهتمام بهم طوال العام لا فقط في 8% منه!!

5 – قامت دول الاتحاد الأوروبي وأميركا بزيادة عدد السيدات الدبلوماسيات في المنطقة، وخاصة من السفراء، ولا أعتقد أن القرار جاء اعتباطا، أو فقط من منطلق زيادة أهمية دور المرأة في الحياة السياسية في تلك الدول، بل جاء أساسا لتحسين صورة المرأة في مجتمعاتنا وتهذيب ذوق الكثيرين نحوها، وجعل وجودها في مجتمعات شديدة «الذكورية» والتخلف أمرا اعتياديا!! وقد شاهدنا كيف اقتحمت السفيرة الأميركية أكبر معاقل التشدد والتخلف عندنا، وفرضت وجودها ضمن مجموعة يغلب عليها عدم احترام الأنثى بشكل عام، وخاصة إذا كانت سافرة وشقراء وأجنبية ومن أتباع دين مختلف!!
شكرا لك يا أوروبا… وشكرا لك يا أميركا… وشكرا لك يا ديبورا.

أحمد الصراف
habibi [email protected]

احمد الصراف

وزراؤنا ونوابنا.. واحترام عقل الآخر

من أكثر الأمور مدعاة للغيظ عدم احترام الآخر لعقلك وهو يحدثك، أو عندما يصرح السياسي أو يلقي خطابا يحاول فيه التقليل من ذكاء الآخرين.
1- بعد يوم من كشف «فضيحة» ضابط امن الدولة صرح وزير الداخلية أن دولة خارجية متورطة في قضية الضابط!! وفي إشارة زادت من غموض الوضع ذكر أن تلك الدولة «جارة لنا وتطالبنا بإسقاط قروضها!» وقد احتار الكثيرون في تحديد تلك الدولة، حيث ان عدد الدول التي تجاورنا يزيد على 25، كما أن غالبيتها مدينة لنا. وتسهيلا منا لحل لغز معرفة اسم تلك الدولة، فإننا نشير إلى أن الحرف الأول منه هو «العراق»!
الطريف أن الوزير المعني نفى بعدها بيوم وجود أي تورط خارجي في القضية. وفوق هذا تبين بعد يومين آخرين أن الدولة الجارة تعاونت مع الكويت وزودتها بقائمة أسماء لعدد من مواطنيها الذين تشتبه أن الضابط «الكويتي» المتهم ربما ساعد في دخولهم الكويت والبقاء بها، أو في استخدام أراضيها للهروب منها لجهات أخرى!!
2- في محاولة لتبييض صفحة بعض الجمعيات الخيرية التي تحوم الشكوك حول تصرفاتها المالية، وتحضيرا لزيارة سمو رئيس الوزراء لأميركا، صرح وزير الخارجية بأنه لم يثبت تورط أي جمعية خيرية في الكويت في عمليات تمويل الإرهاب!!
ونحن بدورنا نتمنى صحة ذلك، فما يسيء لسمعة وطننا يسيء لنا جميعا، ولكن الشيخ الدكتور محمد يعلم جيدا بأنه يفتقد، كما تفتقد وزارة الشؤون ومجلس الوزراء، وجهات معنية أخرى، لأي دليل بات وحاسم يثبت براءة هذه الجمعيات من أي اتهام، لأنها وببساطة شديدة، ترفض جميعها حتى الآن قيام أي طرف أو جهة بالإطلاع على سجلاتها المحاسبية ومعرفة مصادر أموالها، أو مصارفها!! فكيف إذا عرف الوزير أن جمعياتنا بريئة؟
3- تعهد النائب وليد الطبطبائي، الذي فرضته الأقدار عضوا بارزا في لجنة «حقوق الإنسان» في مجلس الأمة، قبل شهرين تقريبا بكشف أسماء المتورطين في قضايا الاتجار بالبشر وهضم حقوق العمال الوافدين. ولكنه لم يلتزم بوعده حتى الآن على الرغم من مرور كل هذا الوقت. وحيث ان نائبنا المعني أكثر من غيره بقضايا محاربة الفساد، وهذا ما سبق أن ذكره في أكثر من مناسبة، وأنه لم يترشح للمجلس إلا للدفاع عن القضايا الأخلاقية، ولا أعتقد أن قضية الاتجار بقوت العمال المساكين وقوت أسرهم ليست من القضايا الأخلاقية، فلماذا إذاً تقاعس حتى الآن في التخفيف من معاناة هذه الفئة المسكينة بكشف أسماء هؤلاء المتاجرين المجرمين بحقوق مئات آلاف العمال وسمعة الوطن، محليا ودوليا، هذا بخلاف تكلفة ذلك على المال العام الذي أقسم الطبطبائي على المحافظة عليه. ألا يعتبر ذلك استغفالا لعقول الآخرين، حيث أنه كان يعلم منذ اليوم الأول لتصريحه بأنه «مو قد الشغلة»، وأن له مصالح مع الوزارات المعنية؟! فليس هناك ما يمنعه من عقد مؤتمر صحفي و«بق البحصة» ونشر ما لديه من معلومات عن الشركات والأفراد المتورطين، خاصة أن أحدهم ثبتت عليه المتاجرة بمصير أكثر من 90 ألف عامل على مدى السنوات القليلة الماضية!!
4- كتبت قبل أيام عن حالة الشعور باليأس والقرف التي أصبحت تنتابني بين الفترة والأخرى، وقد زالت جميع أعراض تلك الحالة بعد قراءة تصريح وزير الشؤون (القبس 17-9) الذي ذكر فيه، وبعد قضاء ستين دقيقة في زيارة تفقدية لإدارة عمل الجهراء، أن عهد التسيب والكسل والتحايل على القانون قد ولى بلا رجعة!! فشكرا يا سيدي الوزير ..لقد أثلجت صدري وشرحت فؤادي، واحترمت عقلي وما تبقى من ذكائي بتصريحك الجميل، ولن أقول يا ليت لدينا الكثير من أمثالك في الوزارة فهم، والحمد له، موجودون بكثرة.

أحمد الصراف

احمد الصراف

فضيحة اللافتات.. والبشير

قامت جهة ما في إدارة المرور بتركيب لوحات أو جسور حديدية كبيرة على عدد من الطرق السريعة تضمنت علامات إرشادية ملونة على اليمين وكتابات وتعليمات باللغتين الانكليزية والعربية على اليسار.
لاحظ الكثيرون، ومنذ اليوم الأول، مثالب تلك اللوحات وخللها الواضح. فهي مثلا، على الرغم من كبر حجمها، فان مساحة ما خصص منها للعلامات والإرشادات صغير، مقارنة بما تبقى خاليا دون مبرر!!. كما أن حروف الكلمات الانكليزية والعربية التي كتبت بها تلك التعليمات صغيرة ولا تبدو واضحة من مسافة مناسبة وتحتاج لجهد وتركيز لقراءتها، أو فك رموزها الصغيرة، ولا تكاد تكمل قراءة ما هو مدون عليها حتى تجد نفسك تحتها بسبب طول بعض الجمل واضطرارك، فضولا أو تقيدا بالقانون، الى قراءتها كاملة، ولتكتشف أنها شتتت فكرك وانتباهك على الرغم من أنها تطالبك بـ«عدم الانشغال بشيء عن مخاطر الطريق أثناء القيادة»!!
المضحك، وربما المؤسف في الموضوع، أن كافة محاولاتي في الدفاع عمن اختار تلك اللوحات، التي عرفها الغرب قبل20 عاما، والتعلل بسوء فهم المسؤول وقلة الخبرة، وأنها الدفعة الأولى فقط، وربما ستكون اللوحات القادمة أقل عيوبا، كل هذه المحاولات باءت بالفشل، بعد أن أصر كل من فتح الموضوع معي أو اتصل بشأنها شاكيا على القول ان في المسألة سرقة وخراب ذمم، وان جهة ما استفادت بغير حق من توريدها وتركيبها، بعد أن «طاحت بكبد المصنع»!! فلا يمكن أن تقبل إدارة تحترم نفسها على شراء لوحات بكل هذه العيوب، إلا إذا كانت برخص التراب وتم توريدها بالأسعار العالمية، ناقص 10% مثلا، بعد أن رفضتها دولة أو دول أخرى لعيوبها الواضحة!!
وهذا المثال البسيط يبين أن الشك في صلاح الإدارة الحكومية وفي نظافة يد كبار مسؤوليها أصبح عرفا واعتقادا منتشرا بين غالبية المواطنين والمقيمين، وهو شعور لم يأت اعتباطا، فصحف كل صباح تمتلئ بأخبار الصفقات المريبة وقضايا الفساد الإداري والتسيب الوظيفي وحروب الكبار على الصفقات الضخمة التي بيد الصغار حق تمريرها والموافقة عليها، أو تأخير إنجازها…. طمعا في المقسوم!!

• ملاحظة:

أصدر الوزير العادل والفاضل حسين الحريتي قرارا طال انتظاره أعفى بموجبه «عصام البشير، عضو مكتب الحزب الحاكم في السودان، وأمين عام مركز الوسطية في الكويت، من مهام منصبه الهلامي ذي المزايا المادية العالية وألحقه بمكتبه كخبير»!!
ولا شك أن قرار الوزير واجه مقاومة كبيرة من نواب الحركة الدستورية، الفرع المحلي لتنظيم الإخوان المسلمين، ولكن عدل الوزير، الذي نتوقع منه الكثير، تغلب على مطالب هؤلاء الذين وضعوا مصلحة الحزب وأتباعه فوق مصلحة الوطن، وهذا ليس بالأمر الغريب عليهم أصلا. وفي هذا السياق نلاحظ زيادة كبيرة فيما يضيع من جهد ووقت الوزراء في معالجة الأخطاء القاتلة، وخصوصا في التعيينات العشوائية التي «ارتكبها» من سبقهم، وما يجري في التجارة والعدل والأوقاف خير مثال.

أحمد الصراف

احمد الصراف

شركات الهاتف وقضية تيمبرلاند

أوردت وكالات الأنباء خبراً مهماً تعلق بقيام شركة تيمبرلاند Timperland الشهيرة لصناعة الأحذية بتسوية قضية تعويض خارج المحكمة ودفع مبلغ 7 ملايين دولار لرجل أعمال أميركي مقابل تنازله عن دعواه بالتعويض نتيجة قيام الشركة بمضايقته وتضييع وقته باصرارها على ارسال رسائل نصية قصيرة لهاتفه النقال لتسويق منتجاتها، وكيف أن تلك الرسائل كانت تأتيه وهو في ذروة انشغاله بأمر ما عارضة عليه شراء زوج من الأحذية، وهذه الرسائل التافهة لا تتسبب فقط في تشتيت انتباهه وتضييع وقته، بل وتشكل تعدياً على حقوقه وخصوصياته!
ما يجري في الكويت، وربما في دول الخليج الأخرى، من استهتار بخصوصيات الناس والتدخل في حياتهم واجبارهم على قراءة اعلانات لا يرغبون في الاطلاع عليها أمر مثير للحيرة.
فالأصل أن من حق المشترك قبول أو رفض أي رسالة أو مكالمة ترد إليه. ولكن الواقع خلاف ذلك تماماً، فهو يجبر ليلاً ونهاراً، وفي أي ساعة، على استلام وقراءة رسائل من أي طرف كان ولأي موضوع، سواء تعلق ببيع غسالات صحون أو الدخول في سحب لرحلة عمرة، أو حتى لجمع تبرعات لمصلحة صندوق «خالد المذكور»، الذي وردني منه قبل أيام متضمناً رقم هاتفه النقال والمميز! إن الفضول البشري يجعل من الصعب مقاومة قراءة أي رسالة ترد الواحد منا، وهذا هو الجانب النفسي الذي يقوم المعلن باستغلاله والاعتماد عليه. ولكننا لا نكون في جميع الأحوال في وضع يسمح لنا بقراءة أي شيء وتخزينه أو شطبه، فقد يكون المتسلم نصف نائم أو مشغولاً بمحاضرة أو على وشك اتمام صفقة أو غير ذلك، ولكنه غير قادر على تجاهل أي رسالة ترده لسبب عائلي أو مادي، وبالتالي يصدم وينزعج كثيراً عندما يكتشف أن الأمر لا يزيد على دعاية رخيصة فرض عليه قراءتها!
نتمنى قيام شركات الهاتف المعنية بتنظيم هذه العملية وعدم تركها عائمة كما هي الآن. كما نتمنى على الشركات المعلنة أخذ موافقة المشتركين قبل ارسال أي رسالة نصية لهم تتعلق بترويج خدمة أو بضاعة أو فكرة ما، لكي لا يتعرض أي طرف لما تعرضت له شركة «تيمبرلاند» من خسارة مادية ومعنوية ودعائية.

ملاحظة:
قرر مجلس نقابة العاملين في الموانئ، الذي حل مكان المجلس السابق الذي لم يكن يحوز رضا ورعاية رئيس المؤسسة، قرر عقد جمعية عمومية في 7-10 لتحديد موعد اضراب العاملين فيه من أجل الضغط على وزير المواصلات والخدمة المدنية ومجلس الوزراء لاقرار الكادر الوظيفي الجديد للعاملين في المؤسسة!
وهذه حالة فريدة من نوعها حيث ان رئيس المؤسسة، الذي يفترض وقوفه في الجانب الحكومي، قد يكون من مؤيدي تنفيذ الاضراب، وربما من المحرضين عليه!

أحمد الصراف

احمد الصراف

محمد هايف.. وتذاكر السينما

1 ــ على الرغم من أن الابتسامات تقل في نهار رمضان فإنني ابتسمت، لا بل ضحكت، وكدت أن «أشرق» من الضحك عند قراءة تصريح النائب محمد الهايف الذي طالب فيه السيدة وزيرة التربية بالاستقالة وتحمل مسؤوليتها كاملة.. هذا طلب مشروع وعادي من نائب بحق وزير أو وزيرة، ويمكن فهمه على خلفية حادثة التعدي الجنسي من حارس مدرسة على طالب صغير! ولكن النائب برر طلبه باستقالة السيدة الصبيح بأن في خروجها رأفة بأطفال الكويت ورحمة بالتعليم المتدهور دون مكابرة!
لا يسعنا إلا أن نتفق مع النائب على مسؤولية الوزيرة، أو أي وزير كان، عن كل ما يقع ضمن حدود مسؤوليتها الوزارية، ولكن هل النائب محمد الهايف لو أصبح وزيرا للتربية، وهذا ما لا نستبعده، بعد أن أصبح الاختصاصي في أمور الصيدلة، وزيرا للعدل تارة ووزيرا للتجارة والصناعة تارة أخرى، هل سيكون النائب، أو من سيقترحه وزيرا للتربية والتعليم، بكل ما يمثله هو وغيره من فكر سلفي ورأي متطرف، لا يعرف التسامح مع الآخر ولا المحبة لغير خلصائه وجماعته، هل سيكونون مثلا أكثر رأفة في التعامل مع أبنائنا، وبناتنا بالذات، من الوزيرة مثلا، وأكثر رحمة في تعليمهم ما يفيد بطل صلفهم وخشونتهم وبعدهم عن اللين والتحضر في المعاملة والقول الحسن؟ ألم توصل جماعته وبقية فلول الاخوان الأوضاع في وزارة التربية لمستواها الخرب والمتدني بعد أن تحكموا في مصيرها لعقود طويلة؟
قد يكون فعل الاعتداء الجنسي الذي وقع على الطفل من مسؤولية الوزيرة، وعليها تحمل نتائج ذلك الخطأ، ولكن الخطأ لا يعالج بخطأ أكبر منه، وبالتالي لا نعتقد بأن النائب محمد الهايف، أو أن أيا من صحبه، سيكون أكثر رأفة بأبنائها وأكثر رحمة بالتعليم من السيدة الصبيح، خاصة بعد أن صدرت فتوى شيخ دين سعودي، سبق أن حرم لعبة كرة القدم، حرم فيها مشاهدة أفلام «توم جيري» لأنها تحرف الأطفال عن الدين، وطالب في فتواه بقتل «ميكي ماوس»!!

2 ــ طلبت والزميل أحمد البغدادي، من المحامي صلاح الهاشم، التضامن معنا برفع دعوى قضائية ضد شركة الكويت للسينما لقيامها بتقطيع أوصال أحد الأفلام المستندية الشهيرة، وتشويه الفيلم بشكل كامل، دون أن تكلف نفسها بتحذير المشاهد من ذلك الفعل، وذكره بصراحة ووضوح على مدخل دار السينما أو على التذكرة!
وقد حكمت المحكمة الكلية لمصلحتنا وطلبت الغاء عقد المشاهدة واعادة مبلغ التذكرتين لنا، وهو لا يزيد أصلا على خمسة دنانير. ولكن أهمية الحكم لا تتعلق بالجانب المادي بل بالجانب الرقابي على المصنفات الفنية، الذي كان الحكم راقيا في تناوله، حيث ان الأمور والوظائف في ما يتعلق بالقص والحذف، وما يجب أن يعرض أو لا يعرض تبدو حاليا متداخلة بين الجهات الرقابية الحكومية والجهات العارضة كالسينما ومحطات التلفزيون، وهناك تعد من طرف على حقوق الآخر. وقد تم استئناف الحكم وسيكون له في حال صدوره تبعات وآثار عدة. وهذه سنتطرق اليها حال صدور حكم الاستئناف.

أحمد الصراف
[email protected]

احمد الصراف

خسائري المليونية وعبداللطيف الدعيج

شعرت بأسف وأنا اسمعه يسخر من مطالبة الزميل عبداللطيف الدعيج للحكومة بعدم التدخل لإنقاذ سوق الأسهم من الانهيار، وان الدعيج لو كان يملك أسهما لما كتب ما كتب!
لن استطرد كثيراً في ردي على تلك «الشخصية»، فقد قلت له ان معرفتي بالزميل عبداللطيف تكفي لان أؤكد انه كان سيكتب رأيه ذلك، بصرف النظر عن تملكه أو عدم تملكه لاي أسهم!

ما سأكتبه اليوم لن يرضي الكثيرين، وسيغضب البعض الآخر، وقلة ستتفق معي.. على مضض، ولكني سأقوله على أي حال، ففيه، حسب اعتقادي، المصلحة العامة.
بلغت خسائري المالية، ساعة اقفال سوق الكويت للأوراق المالية يوم أمس الأول الاثنين، أكثر من 1،650 مليون دينار، أي ما يقارب 6 ملايين دولار، وهو مبلغ لا يستهان به في ظل كساد عالمي أتوقع قدومه، ولكن على الرغم من هذه الحقيقة، المؤلمة على المستوى الشخصي، فإنني، وانسجاماً مع موقفي السابق من قضية اسقاط القروض، ولثقتي بان التدخل الحكومي في السوق ستنتج عنه آثار سلبية عديدة، فإنني أجد نفسي معارضا التدخل لرفع أسعار الأسهم بطريقة مصطنعة من أجل انقاذي وغيري من الخسارة، أو انقاذ السوق من الانهيار، خاصة ان السوق أبعد ما يكون عن ذلك، في المستقبل المنظور على الأقل، علما بأنني لم اعط الحكومة شيئاً عندما ربحت، وبالتالي ليس من حقي مطالبتها بتعويمي الآن مالياً!
أقول ذلك وأنا على ثقة بان من الافضل لآلية السوق بقاء الحكومة بعيدة في الوقت الحاضر، فتدخلها سيخفف حتما من حدة الضغوط وسترتاح بعض الأنفس وسترتفع بعض الأسعار، ولكن العوامل الحقيقية التي تسببت في هذا الانخفاض الكبير، ستبقى كما هي، وهي كفيلة بالضغط على الأسعار مرة ثانية وثالثة، ومن الافضل بالتالي قيام الحكومة، ان كانت جادة فعلا وعلى دراية كافية بما هو مطلوب منها القيام به، التصدي لعلاج الاسباب الحقيقية وترك أقراص البندول جانبا في الوقت الحالي!
يجب ان نعترف أولا بان الحكومة الحالية، من خلال وزرائها وأجهزتها المعنية بإدارة الأوضاع المالية والتجارية للبلاد، ليست بالمستوى المطلوب، كما لا يمكن هنا اخلاء طرف غالبية اعضاء مجلس الأمة من مسؤولية تردي الأوضاع الاقتصادية والسياسية التي اصبحت تعصف بالبلاد، وانشغالهم بتوافه الأمور، واصرارهم على التدخل في الكثير من القضايا من دون ادراك.
فمشروع هيئة سوق المال لا يزال حبيس الادراج منذ عشر سنوات تقريبا، وإدارة سوق الكويت للأوراق المالية فاقدة للخبرة والدراية الكافية، كما فقدت ثقة الكثير من الاطراف المعنية، ومع هذا تصر الحكومة على بقاء إدارة السوق على حالها.
اما القانون البائس والضار الذي سبق ان اصدره مجلس الأمة الذي منع بموجبه المصارف والمؤسسات المالية من تمويل مشاريع السكن الخاص، فقد افقد السوق زخمه، وحرم الكثيرين من أصحاب الدخول المعتدلة من حق الحصول على السكن المناسب، كما لم يساهم (أي القانون) ولن يساهم، في تخفيض أسعار القسائم السكنية بشكل كبير، بحيث تصبح في متناول الكثيرين، ولا تزال أسعارها، وستبقى مرتفعة لاسباب كثيرة، وبالتالي اصبح الوضع أكثر سوءا من قبل بكثير، فلا الأسعار انخفضت ولا قروض الشراء توافرت!
كما ان قرارات وزير التجارة، المتخصص في الأمور الصيدلية، المتعلقة بتقييد أسعار السلع الاساسية، ومحاولته القضاء على الاحتكار وفتح الباب للاجهزة شبه الحكومية للقيام بعمليات الاستيراد المباشر وزيادة عدد المواد المدعومة لن تنتهي، أو تتمخض عن شيء فعال، وفي أحسن الاحوال ستصبح جزءا من التاريخ فور ترك الوزير للوزارة، علما بانها في مجملها قرارات متواضعة الفاعلية اصلاً.
كما فشلت الحكومة خلال السنوات الثلاث الماضية، على الأقل، في طرح ما يكفي من المشاريع الانشائية التي لها الدور الأكبر في تنمية البلاد وتوزيع الثروة والمساهمة في دورة رأس المال، ولكنها بدلا من ذلك اختارت طوعا المساهمة في زيادة التضخم عن طريق رفع الرواتب الى مستويات كبيرة وتوزيع المنح والهبات من دون سبب أو مبرر منطقي.
وهناك الكثير من الأمور التي لا يسع المجال لسردها كلها، وخاصة تلك المتعلقة بحالة اللاقرار والفشل في محاربة الفساد والرشوة والتصدي للتسيب الإداري.
وبالتالي فإن سوق الأسهم ليس بحاجة لمورفين مؤقت معرض لزوال اثره بعد أيام، لكي يطلب المزيد من ضخ الأموال بقدر حاجته لسياسات اقتصادية حكيمة ورؤية مستقبلية واضحة وخطط قابلة للتطبيق، وان تصاحب كل ذلك محاسبة مستمرة، فمن دونها يصبح أي كلام في الإصلاح نوعاً من الكلام اللغو أو «الخرطي»، علما بان تدخل الحكومة الفوري في السوق وضخ مئات الملايين فيه ستتبعهما مطالبات نيابية باسقاط قروض.. محدودي الدخل!

أحمد الصراف

احمد الصراف

يا حيفاه

أكملت قبل اسبوع 23 الف يوم من عمري المديد، وعلى الرغم من كبر الرقم، فإنه لايزال لدي، بموجب حسابات شركة التأمين على الحياة وتقارير طبية مستقلة، ما يقارب نصف ذلك الرقم من الايام السعيدة، قبل ان اموت طبيعيا في منتصف التسعين، وعليكم الحساب والتكسير، والتمني سلبا او ايجابا!
صحتي جيدة، وذهني لايزال متوقدا، واشعر بأنني في قمة نشاطي الجسدي والفكري، وانه لايزال امامي الكثير لأقوم به، وفوق هذا وذلك فإن قلبي وعقلي مليئان بأفكار تتعلق بعشرات المشاريع والخطط ولكن.. مع كل هذا، يكتنف جوانبي، احيانا كثيرة، حزن شديد، واشعر بين الفترة والاخرى وكأن اصابع لزجة تنسل خلسة بين أضلاعي لتعصر قلبي.. ألما!
لا يعود سبب ذلك لاسباب شخصية، فقد حققت في حياتي، حتى الآن، كل ما كنت اشتهي واتمنى، وربما اكثر من ذلك، ولا اشعر برغبة في تولي منصب سياسي او الحصول على جاه او التقرب لأي كان، فقد تلبستني القناعة بشكل لا فكاك منه، ورضيت بذلك الاسر الجميل طوعا!! ولكني اشعر بالحزن لما آلت اليه الاوضاع في وطني من جهة، ولعدم وجود ولو بصيص أمل في ان تنصلح الامور فيه، ولو بعد حين، من جهة اخرى، حتى ذلك الضوء الذي يتخيل البعض وجوده في نهاية النفق قد لا يعدو ان يكون مصابيح شاحنة ضخمة قادمة بسرعة كبيرة باتجاه خط سيرنا المتعثر!
لقد وصل التسيب والشلل والفساد الاداري حدا اصبح فيه الاصلاح امرا بعيد المنال، ان لم يكن مستحيلا، وكل عاقل يقبل تولي المنصب الوزاري مثلا، او اي منصب آخر عالي الاهمية، لا شك مدرك بأن قبوله عائد بالدرجة الأولى لما يأتي مع ذلك المنصب من جاه ونفوذ ومصلحة شخصية، وليس لإصلاح الأوضاع ووضع الامور في نصابها الصحيح، فهذا فوق طاقة اي فرد منا!
والأمثلة على خروج وزراء «اصلاحيين» مطأطئي الرؤوس من الوزارة دون انجاز شيء، اكثر من ان تحصى، فقد تأخر الوقت كثيرا لإحداث اي انقلاب ايجابي في الاوضاع او فعل شيء مفيد بعد ان تمكنت قوى التخلف والرجعية والفساد من الامساك بغالبية مفاصل الدولة، ان لم يكن جميعها.
واأسفاه على وطني.. واأسفاه على احلام آبائنا واجدادنا التي احترقت.. واأسفاه على ضياع كل الجهود الطيبة، وكل تلك المليارات التي أُنفقت على التعليم لنحصد منها كل هذا الجهل، وكل هذا الكم من الخواء المعجون بالتعصب القبلي والطائفي والديني الذي اختلط مع الفساد المالي والإداري ليصبح كتلة صماء واحدة.
آه كم انت جميلة وحلوة يا بلدتي. آه كم انت رائع يا وطني.. ولكن يا حيفاه!

أحمد الصراف

احمد الصراف

الذروة في الاتكالية

اجرت الزميلة «الانباء» مقابلة تاريخية مع الوكيل المساعد لشؤون المساجد في وزارة الاوقاف. تاريخية المقابلة تكمن في كونها مثالا للدلالة على ما آلت اليه الاوضاع في الكويت من تخلف وسحق لشخصية المواطن ودفعه دفعا لأن يكون مواطنا فاشلا واتكاليا على الدولة في المال وعلى الوافد في العمل، وبعد كل هذا، نصر على التصدي للسخيف من الظواهر، وترك الامور السلبية الاساسية في الدولة الدينية من دون مساس!!
يقول السيد الوكيل إن وزارته واصلت الليل بالنهار على مدى اربعة اشهر استعدادا لشهر رمضان (!) وان صح هذا الكلام، وهو لا شك صحيح، فإنه خير دليل على مدى تواضع، او تفاهة انتاجية الموظف الحكومي!! فنصف هذه الفترة كان كافيا لكي يقوم سلاح الهندسة في الجيش الاميركي، وقبل 18 عاما، بنقل جبال من الاسلحة والمعدات والاطعمة من على بعد 15000 الف كيلو متر جوا وبحرا، اثناء الاستعداد لحرب تحرير الكويت!!
ما علينا. يقول السيد الوكيل المساعد ايضا في مقابلته التاريخية ان الوزارة في سعيها لنشر الثقافة، ولم يحدد نوعية الثقافة هنا، ربما لان رنين الكلمة اعجبه وخلاص، قامت بـ«تفعيل» مجموعة كبيرة من المصليات النسائية على المستوى الثقافي (!!) ولا تسألوني عن المقصود بهذا الكلام.
وتبلغ الذروة مداها في مقابلة الوكيل المساعد عندما ذكر أن الوزارة قامت هذه السنة باستقدام ائمة وقراء من دول اسلامية، ومن مصر واليمن بالذات، للمساهمة في القيام بوظائف قراءة وختم القرآن!!
ولو علمنا أن العدد المطلوب لا يتجاوز المائة او حتى ضعف ذلك، ولو علمنا أن هناك ما لا يقل عن عشرة آلاف مواطن ومقيم في الكويت من المؤهلين لاداء مهام الامام والمؤذن، واكثر من نصف هؤلاء من المواطنين من خريجي كليات الشريعة في جامعات الكويت ومصر والسعودية، اضافة الى خريجي المعاهد الدينية في الكويت وغيرها، لوجدنا ان في الامر ما يدعو للعجب!! فإذا كنا لا نزال، وبعد 300 عام من تاريخ هذا الوطن، ومائة عام من التعليم شبه المنتظم، لا نزال بحاجة لمقرئي قرآن، فما هي اذا حاجاتنا للاطباء والمعماريين والمهندسين المدنيين والكهربائيين والمعلمين ومختصي الاشعة والتوليد والبيطريين والكيميائيين، ومشغلي محطات تقطير المياه وتوليد الكهرباء واصحاب مئات الوظائف الاخرى غيرهم؟ فإذا كان الامر كذلك، وهو حقا كذلك، فلم اذا لا نحترم الغريب الذي يعالجنا ويبني جسورنا ويشيد بيوتنا ويعمر مدننا ويشغل كهرباءنا ويستخرج بترولنا.. بمثل ما نحترم المؤذن او مقرئ القرآن؟ ومتى سنشعل النار في انفسنا لكي يتخلص العالم منا مرة والى الابد بسبب كل هذا الجهل والتخلف والتعصب العنصري الذي نعيش فيه؟ وكيف نكون نتاج خير امة ونحن لا نعرف حتى كيف نكتفي ذاتيا بمقرئي القرآن والمؤذنين، وبعد اكثر من 14 قرنا من ظهور الاسلام؟

أحمد الصراف

احمد الصراف

ماذا حدث يوم الأربعاء الماضي؟

تقول أكثر نظريات نشوء الكون قبولا لدى العلماء «السنعين» ان انفجارا كونيا عظيما حدث قبل مليارات السنين نتج عنه كل هذه المجرات والكواكب والنجوم التي نعرفها والتي لا نعرفها، علما بأن احدث الملاحظات الفلكية بينت ان المادة العادية في الكون، مثل المجرات والغازات والكواكب والنجوم، لا تشكل الا نسبة 4% من مجموع الكون.
ولمحاكاة تلك الظروف التي ادت إلى ذلك الانفجار الكبير، بدأت مجموعة من العلماء في مركز المنظمة الاوروبية للبحوث النووية، «سيرن»، الذي يقع على الحدود الفرنسية ــ السويسرية، في عام 1996، مشروع بناء جهاز ضخم كلف حتى الآن ما يقارب عشرة مليارات دولار يمكن عن طريقه مراقبة نتيجة اطلاق حزمتي اشعة من جسيمات البروتونات، البالغة الصغر، في اتجاهين متعاكسين، وبسرعة تقارب سرعة الضوء، واحداث تصادم رهيب بينها وتسجيل وتصوير ما سيؤدي اليه ذلك التهشيم لمكونات البروتونات، وما سينتج عن التصادم من مكونات جديدة!! وقد زودت القناة الضخمة، التي بنيت عميقا تحت جبال الألب، والتي ستمر فيها حزمتا اشعة جسيمات البروتونات، بكاميرات تصوير واجهزة دقيقة بإمكانها التقاط مليون صورة في الثانية الواحدة.
يوم الاربعاء الماضي كان حدثا علميا عالميا حضره مباشرة اكثر من تسعة آلاف عالم فيزيائي من جميع دول العالم، باستثناء عالمنا الذي كان ساعتها بلا شك منشغلا بالاختلاف على امور اكثر اهمية. وقد راقب كل علماء العالم بانتباه كبير تجربة الانطلاق تلك، علما بأن كثيرين منهم سيشاركون في تحليل المعطيات والبيانات المتأتية من التجربة على امل معرفة اسرار مكونات الذرات من خلال تهشيمها. ويعتقد الفيزيائيون ان جهاز التصادم يمكن ان يقدم المفاتيح لفهم طبيعة هذه «المادة» الغامضة. ولكن العالم البريطاني البروفيسور فيردي قال لـ «بي بي سي» إن الطبيعة قد تفاجئنا، وعلينا ان نكون مستعدين لكشف النقاب عن اي شيء تطرحه امامنا!!
.. وإلى غد مشرق مجيد.. والى امة عربية واحدة!!

• ملاحظة: قام الأميركيان سيرغي برين ولاري بيغ، مؤسسا شركة «غوغل»، وخلال 10 سنوات فقط، بتحويل بضعة آلاف من الدولارات الى شركة يبلغ ثمنها في السوق 150 مليار دولار!! ونجحت حكوماتنا المتتالية، خلال ثلاثين عاما، في تحويل 150 مليار دولار نقدا الى مجموعة من المشاريع الفاشلة والادارات المتهالكة والتعليم المتخلف والمستشفيات الخربة والعقول الاكثر تخلفا ورجعية وخرابا!!

أحمد الصراف