«…جئنا لنسهم في صنع نهضة فكرية وعلمية تتخذ من الكويت مركزا تشع منه على الجوار الاقليمي، والمحيط الاسلامي، ومن بعدها ما يتيسر من أرجاء المعمورة».
وردت الفقرة أعلاه في بيان السيد عصام البشير، الأمين العام السابق «المركز العالمي للوسطية»، الذي حاول فيه الدفاع عن نفسه وعمن وقف معه وشرح أهداف المركز الذي تولى أمانته لأكثر من 3 سنوات. ومن صدق ان بإمكان عصام البشير ومعه وزارة الأوقاف وميزانية لا تتعدى عشرة ملايين دينار، تحقيق، ولو عشر ما ادعاه، من نهضة فكرية وعلمية تشع من الكويت على الجوار الإقليمي والمحيط الإسلامي وأرجاء المعمورة، فلا شك أنه واهم، أو في عقله خلل!!
قص السيد عصام البشير، الحق من نفسه واستقال من منصب «الخبير» في ديوان وزير العدل، وخيرا فعل، فقد يكون قراره هذا الوحيد الذي يستحق الثناء خلال أكثر من ألف يوم عمل فيها أمينا عاما للمركز، الذي تخب أهدافه على شخصه الفاضل وعلى الكويت كثيرا. أما بيان إبراء الذمة الذي أصدره، بعد استقالته، ففيه من الإدانة لشخصه وللجمعيات الدينية المناوئة والمؤيدة له ما يكفي لملء صفحات عدة للرد عليه، ولكن بما أنه مغادر فإننا سنكتفي هنا بما ذكرناه، ونمتنع عن الكتابة عنه أو عن بيانه بعد الآن بالنقد أو التجريح.
وبهذه المناسبة نتمنى على السيد حسين الحريتي، وزير العدل، عقد العزم والتخلص من «المركز العالمي لنشر الوسطية»، المنبثق عن «اللجنة العليا لتعزيز الوسطية» الهلامية الأهداف، وإعادة توجيه ما يصرف على المركز واللجنة من أموال وجهد لما هو أكثر نفعا وجدوى. فهذا المركز العالمي العجيب لم ولن يحقق شيئا، ولم يستفد منه، ماديا ومعنويا، غير الذين حاموا وداروا حول أمينه السابق، من وكلاء الأوقاف وغيرهم من منظمي رحلات السفر والحفلات والولائم ولا شيء غير ذلك. فما عجزت عنه 55 دولة عضوا في «منظمة المؤتمر الإسلامي»، الذي تأسس قبل 40 عاما، لن تستطيع الكويت القيام به، وهي التي لم تكتف حتى بحاجتها من الأئمة والمؤذنين! وقد فشل المركز العالمي، كما فشلت منظمة المؤتمر الإسلامي من قبله في تحقيق شيء لأننا، وببساطة شديدة، لا نستطيع أن ننطلق لتحرير القدس ونشر الوسطية والمناداة بالاعتدال عندما نكون متطرفين في بيوتنا وداخل دولنا ومتفرقين بعضنا بين بعض وداخل الأسرة الواحدة والوطن الواحد، وأبعد ما نكون عن الاعتدال داخل نفوسنا، دع عنك مع الآخر الذي نصفه تارة بالنصراني وأخرى بالكافر أو الزنديق أو العلماني الليبرالي! ولم نتعلم حتى الآن أن فاقد الشيء لا يمكن أن يعطيه، فالغالبية العظمى من دولنا الإسلامية الأعضاء في المؤتمر الإسلامي، الذي تأسس عام 1969 من 55 دولة، لم تعرف شعوبها الحرية والديمقراطية الحقيقية ولو ليوم واحد، ولا تزال تحكم بالحديد والنار! فكيف يمكن لمثل هذه الأنظمة نشر الوسطية، أو تقبلها، أو المناداة بالاعتدال؟ وأن يكون بإمكانها استرداد القدس وإنشاء دولة فلسطين أو إقناع العالم بصواب رسالتنا وسلامة نوايانا ونبل أهدافنا، في الوقت الذي نعرف فيه جيدا أن رسالتنا ليست واحدة ونوايانا غير سليمة، وبالذات اتجاه بعضنا، أما نبل أهدافنا فتلك قصة أخرى.
ما نحتاج إليه حقا، هو اهتمام كل دولة بنفسها في المرحلة الحالية، فطالما أن كل جهة فينا صفر في المعادلة الدولية فإن تجمعنا، إن حصل، لا يعني إلا تجمع مجموعة أصفار! وما لم نتغير ونتبدل ونتقدم من الداخل، فلن يكون بإمكاننا إحداث أي تغيير في الخارج أو التأثير فيه!
أحمد الصراف