احمد الصراف

بشائر الطبطبائي وديوان الحجي

بعد سلسلة الانهيارات التي اصابت الاسواق المالية العالمية، وبعد ان تبين وجود خلل كبير في انظمة الرقابة، قام البعض من مدعي المعرفة والتدين بكتابة مجموعة من المقالات التي انتقدوا فيها النظام المالي العالمي، وان الخلاص يكمن في التخلي عن نظام الفوائد الحالي، الذي يعتقد البعض بعدم شرعيته، واستبداله بالنموذج الاقتصادي الاسلامي!! لا اعرف ان كان البعض من هؤلاء يحاول ادعاء الغباء ام انهم حقا كذلك. فمن المعروف ان لا مؤسسة مالية في العالم تعطي قروضا او تسهيلات مالية من دون تحميلها فوائد مالية بطريقة او بأخرى. ومعروف ايضا ان النظام المتبع في المؤسسات التي تدعي العمل بموجب الشريعة الدينية الذي يسمى بـ«المرابحة» اكثر كلفة من نظام الفوائد الثابتة، ولكن هذه قصة اخرى.
في هذا السياق بشرنا النائب وليد الطبطبائي، (الوطن 26ــ9) بنية اليابان والمانيا التفكير جديا في تطبيق النظريات الاقتصادية الاسلامية! كما بشرنا بأن المكسيك خصصت حافلات ركاب (باصات حسب قوله) مخصصة للسيدات فقط، وهذا، في نظره، يمثل نوعا من الفصل الجنسي. كما ختم سلسلة تبشيراته بالقول ان بريطانيا اعلنت عن انشاء محاكم تعمل وفقا للشريعة الاسلامية!.
السيد الطبطبائي خريج كلية الشريعة الاسلامية، ويربي لحية كبيرة، وهو بالتالي شكلا وعقلا اقرب إلى رجل الدين منه إلى السياسي البرلماني، وهو وصورته العامة وتصريحاته يؤكد ما لم نتوقف عن التحذير منه من خطورة «خلط» الدين بالسياسة، فعندما يكذب السياسي، وعادة ما يضطر إلى ذلك، او حتى يميل إلى الكذب، فإن من الصعب عدم ربطه تدينه بتصرفه العام!
لعلم السيد الطبطبائي وقرائه والمعجبين به من ناخبين وغيرهم، لا اليابان ولا المانيا تفكران، ولا غيرهما، لا من قريب ولا من بعيد، لا جدا ولا هزلا، بتطبيق، او حتى بدراسة النظريات الاقتصادية الاسلامية، لسبب بسيط يتعلق بعدم وجود «نظريات اقتصادية اسلامية» اصلا. وان وجدت مبادئ وقواعد هنا او هناك، فدرجة الاختلاف بين مطبقيها اكثر من ان تحصى. كما انها في غالبها تصلح لمجتمعات اقل تعقيدا واكثر بساطة في العيش!
فإذا كان العالم الاسلامي برمته، وبعد اكثر من 14 قرنا، يفتقر الى دولة واحدة، او حتى مجتمع اسلامي واحد، يطبق مبادئ تجارية دينية، دع عنك «نظريات اقتصادية اسلامية متكاملة»، فمن اين لليابان والمانيا هذه النظريات؟ وكيف يمكن تصديق ادعاء النائب بأن هاتين الدولتين تفكران في تطبيق اي منها؟ واين نجحت اصلا لكي تكون قدوة لهم او لغيرهم؟ ولماذا يصر البعض على تحميل عقائد سامية بأثقال دنيوية لم تخلق من اجل تقديم حلول لها؟
اما عن موضوع قيام السلطات في المكسيك بتخصيص حافلات خاصة لنقل الركاب فلا يعني الخبر شيئا، مع افتراض صحته، ولسنا في معرض نفي ذلك. فتخصيص حافلات للسيدات فقط امر يمكن توقع حدوثه في اي مجتمع، وهو اجراء طبيعي يسمح للفرد باختيار ما يناسبه، شريطة ان تتوافر له البدائل الاخرى. ما يحدث عندنا اننا نجبر المرأة، او الرجل، عن طريق القانون، بضرورة اتباع نظام معين لا لشيء الا لان ذلك النظام يتفق وهوى البعض وآراءه وليس لان ذلك النظام هو الاسلم والاصح. ونعلن هنا للسيد الطبطبائي بأننا لسنا فقط على استعداد لوضع يدنا بيده ومطالبة الحكومة بتخصيص حافلات خاصة بالسيدات فقط، بل ونزيد على ذلك باستعدادنا للتبرع بثمن خمس حافلات منها تخصص للغرض الذي يدعو إليه النائب وليد، شريطة قبوله بمساواة وضع المرأة لدينا بالمرأة المكسيكية!
اما ادعاؤه ان بريطانيا «اعلنت» عن انشاء محاكم تعمل وفق الشريعة الاسلامية فهو مجرد «ادعاء»، وغير صحيح، ولم يزد على كونه رغبة ابداها اسقف كنتنبري للحكومة البريطانية بضرورة اعطاء الشريعة دورا اكبر في قضايا الاحوال الشخصية المتعلقة بمسلمي بريطانيا من المسلم! وياليت مشرعنا يفكر بمثل هذا التفكير الراقي مع قاطني الكويت، من غير المسلمين، من مواطنين وغيرهم!

ملاحظة:
لا اعرف حقيقة عمل «المحافظ»، ولكني ابتسمت مطولا وانا اقرأ ما اعلنه محافظ الفروانية، السيد عبدالحميد الحجي، عن معاودته «استقبال رواد ديوانيته اثناء اوقات العمل صباح كل اثنين! فهل يقتدي جميع مسؤولي الحكومة بهذا العرف الجميل لتتحول وزاراتنا الى دواوين سوالف وشرب قهوة وشاي؟

أحمد الصراف

احمد الصراف

فردوس السالمي

يعتبر تكليف الموظف، المدني او العسكري، بالعمل في مركز حدودي نوعا من عدم الرضا عن ادائه الوظيفي. وتلجأ بعض حكومات الدول المتخلفة، وما اكثرها معنا وحولنا، لاستخدامه كنوع من العقاب الاداري، او الانتقام من غير المرضي عنهم، ولكن ما لا يعرفه الكثيرون ان العمل في الوظائف الامنية في بعض نقاط الحدود الكويتية، كالسالمي او النويصيب، يعتبر نوعا من العمل الذي تتهافت عليه بعض الفئات لما تتوافر فيه من مزايا! فقد أخبرني من يعمل في مركز حدودي مهم منذ اكثر من 12 عاما، الذي ربما نسيته او تناسته ادارته هناك لسبب ما، والذي لم يبذل أي جهد للانتقال من عمله بسبب قربه من الشاليه الخاص به، اضافة الى نظام نوبات العمل القصيرة المعمول به، والذي يتيح له التمتع باجازته المستمرة لايام، يقول ان المستويين الامني والاخلاقي في المركزين في انحدار مستمر منذ التحرير وحتى اليوم. فالانضباطية شبه معدومة، كما يسعى البعض لتوسيط نواب لنقلهم الى احد هذين المركزين، حيث ان وجودهم بالقرب من المحيط السعودي يوفر لهم ميزة مساعدة من يودون مساعدته في المرور، او الهروب، من خلال النقاط الامنية من دون تدقيق، وحتى زيارة اهاليهم هناك بشكل شبه يومي. وقد حفلت الاخبار بنجاح الكثيرين في التسلل من والى الكويت من دون جهد كبير بسبب وجود من هو على استعداد لمساعدتهم مقابل مال او لقرابة ما، حدث ذلك مرات عدة على الرغم من وجود قيود امنية عدة تمنع مغادرة هؤلاء او دخولهم البلاد.
كما ساهم وجود هذه النوعية من العسكريين او المدنيين العاملين في نقاط الحدود هذه في خروج البعض بهويات او مستندات سفر لا تخصهم. والاخطر من كل هذا وذاك ما نما الى علمنا ان بعض العاملين في تلك المراكز، ومنهم رؤساء نوبة، عليهم احكام سابقة او ملاحظات امنية بسبب مخالفات “ادارية” جسيمة، وقد عوقبوا بنقلهم الى تلك المراكز الحدودية العالية الاهمية والخطورة.
قد لا يكون هناك ما يؤكد او يعزز صحة جميع هذه الادعاءات والاتهامات الخطيرة، هذا على الرغم من عدم اطمئناننا لوجود ادارة في الداخلية غير مخترقة من فئة فاسدة او غيرها، فالحوادث والجرائم التي يكون احد اطرافها عسكريا في الدفاع او الداخلي اكثر من ان تحصى، وهذا يوجد في كل اجهزة امن العالم، ولكن نسبتها تبدو عالية جدا في دولة صغيرة كالكويت يعيش شعبها، او هذا يفترض، في تخمة مالية ودينية واضحتين!
نتمنى على الفريق احمد الرجيب، وكيل وزارة الداخلية، النقر باصابعه على ازرار جهاز الكمبيوتر الموجود على مكتبه والاطلاع على كامل اسماء العاملين في مراكز الحدود، بما في ذلك المطار، والاستعلام عن خلفياتهم والتدقيق في سوابقهم الامنية، وربما سيفاجأ وقتها ان وجود مثل تلك الاختراقات في تلك الاماكن الحساسة ليس بالامر الغريب. وعندما يكتشف ذلك ما عليه غير سد اذنيه وقطع الحرارة عن هواتفه النقالة والثابتة، وعدم الرد على توسلات النواب الذين سيحاولون التوسط، او التوسل لديه، للابقاء على “عناصرهم” في مقار عملهم تلك!
كما تحتاج نقاط الحدود هذه الى اجهزة حديثة والى ضبط وربط امني في ما يتعلق بالمخارج والمداخل، حيث ان وجود البقالات والمطاعم والمساجد تشجع البعض على ارتيادها من دون المرور على الاجهزة الامنية.
لا نهدف للتسبب في ايذاء احد، ولا نعرف حتى فردا واحدا يعمل في تلك النقاط الحدودية، بما في ذلك المطار، ولا يهمنا غير الوطن وامنه وسلامته، وسلامتكم وتعيشون!

أحمد الصراف

احمد الصراف

«الهاكرز».. والقرضاوي

ورد في وسائل الإعلام المهتمة بالإنترنت أن صراعا داميا نشب بين متشددي الشيعة وغلاة السنة في الآونة الأخيرة كانت ساحته الفضاء الإلكتروني، حيث قامت مجموعة من «الهاكرز الشيعة» بشن هجمات على مواقع إلكترونية تخص شيوخ ورجال دين سنة، وقاموا بتدميرها. وقد فوجئ زائرو تلك المواقع بوجود ما يدل على هوية «الهاكرز» الذي قام بتدمير تلك المواقع وشعاره المعبر عن هويته وما يشبه العلم الإيراني يغطي وجه شخص وآية قرآنية تقول: «فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم»، في إشارة إلى هجوم سابق تعرضت له بعض المواقع الشيعية، ومنها موقع المرجع الشيعي علي السيستاني، إضافة الى ثلاثمائة موقع شيعي اخرى للتسخيري والصفار وغيرهما، حيث تم تخريبها وإتلاف كامل محتوياتها التي لا تقدر، عند كل طرف بثمن، حيث أنها تختصر جهود سنوات طويلة من العمل الكتابي والفني المضني. كما حرص الهاكرز المفترض أنه شيعي، على وضع خلفية موسيقية للمواقع التي تم تدميرها مع صورة لعلم إسرائيلي ممزق وخارطة لدول الخليج، بعد وصفه بالفارسي!!
وكان الموقع الإلكتروني العائد لرجل الدين السعودي المتشدد عايض القرني أحد تلك المواقع التي تم تدميرها بكاملها. كما لم يسلم موقع «البرهان» لفالح الصغير وموقع «الصوفية» وموقع «عبدالعزيز بن باز» من التدمير. وورد في الصحف السعودية أن عدد المواقع التي تعرضت للهجوم ربما بلغ 900 موقع.
ويبدو أن أوار هذه الحرب التي تفتقد الى الاخلاق لدى الأطراف المخربة، التي لا أحد يعرف حتى الآن هويتها الحقيقية، التي ربما لا تؤمن أصلا بحرية الرأي، ستستمر لبعض الوقت، بسبب ضيق صدر كل طرف بأدبيات ومعتقدات الطرف الآخر، على الرغم من إدعائهم بأن دينا ورسالة أخلاقية واحدة يجمعانهم(!!) كما بينت هذه الاعتداءات الخطيرة مدى عمق الخلافات الدينية والعرقية بين الجهات الممثلة لطرفي الصراع، التي لم تفلح أي من مؤتمرات التقارب الوهمية في القضاء عليها أو تقريب أي طرف لنفسية الطرف الآخر، لإحساس كل منهم وثقته بأنه على حق وما على الآخر غير التنازل والاعتراف له بصحة موقفه ومعتقده، مهما كانت تصرفاته الدينية غير منطقية في بعض أو كل جوانبها!!
ويبدو أن لتصريحات يوسف القرضاوي، الداعية القطري المصري الإخونجي، التي أعلن فيها الحرب على التقارب بين المذهبين السني والشيعي، بسبب سعي القوى السياسية الشيعية للتمدد للمجتمعات السنية، علاقة بنشاط هؤلاء الهاكرز. والحقيقة أن هذه الأفعال التخريبية وأقوال القرضاوي في أنشطة الشيعة بينت بوضوح أن غالبية أتباع كل طرف لا تؤمن على الإطلاق بصحة عقيدة الطرف الآخر. وأن الفوارق الفقهية بين الطرفين أعمق بكثير مما يحاول البعض تصويره على أنها اختلافات فرعية، فالاختلافات الفرعية لا تؤدي عادة الى مثل هذا التكفير الذي نقرأه في أدبيات الطرفين، وما نسمعه في القنوات الفضائية لكل طرف بحق الطرف الآخر، وأن الشائع والمتفق عليه بين «كبار وخيرة» كل طرف أن الآخر ليس على حق، وأن هناك فئة واحدة ستدخل الجنة وهي التي على الحق، وهذا ما قاله يوسف القرضاوي في كلمته الأخيرة المثيرة للجدل وما كرره في رده على من تهجم عليه. فإذا كان الشيعة فرقة ضالة بنظر السنة، وإذا كان السنة فرقة ضالة بنظر الشيعة فمن هي إذاً الفرقة الناجية؟ وألم يحن الوقت لتتقدم العلمانية وتطرح نفسها كحل وحيد ونهائي لكل معاناتنا النفسية والأخلاقية والدينية؟!

أحمد الصراف

احمد الصراف

حرمة الموسيقى

لا يوجد فكر في العالم، من أقصاه لأقصاه، يحرم سماع الموسيقى غير فكرنا الديني السياسي، الذي لا صلة له بالواقع ولا بالعقل والمنطق. فرسالة الموسيقى تتعدى وتتحدى جميع الحدود ولا يمكن لعقل أن يستوعب مدى تأثيرها في النفس ومدى سطوتها الرائعة على المشاعر والأحاسيس بحيث تنسيك الكثير من الآلام والأوجاع، وتجعلك في الوقت نفسه انسانا سامي الخلق عذب الاحساس، وهذه هي رسالة الفن الحقيقية، ودور المطرب في هذا الفن الرفيع لا يقل عن دور الملحن أو العازف، فتجمع الثلاثة طالما أعطى البشرية، طوال تاريخها أروع الأغاني وأعذب الأصوات وأكثرها قربا للنفس البشرية التواقة لكل جميل وطبيعي ورائع.
وفي حياتنا المعاصرة، لا يمكن الفكاك بسهولة من صوت الموسيقى وانتشارها العجيب بحيث أصبحنا نسمعها في ردهات الفنادق وأروقتها، وتلحق بك الى المصاعد ويتسلى بها المسافرون على الطائرات وفي الحافلات والسفن. كما أنها تسلي المتسوقين ومراجعي العيادات الطبية وممارسي الرياضة. ولا يمكن أن تغفلها الأذن في الكثير من المحال والأماكن العامة الأخرى. كما أنها تواجهك متحدية في السينما ومن خلال الشاشة الصغيرة والاذاعة وجميع أماكن التسلية واللهو، وكل هذا الحضور الطاغي شكَّل في مرحلة ما معضلة للكثير من رجال الدين المسلمين، من أزهريين وغيرهم، ومن آية الله الخميني، قائد الثورة الايرانية، الذي كان يعتقد مع غالبية معاصريه من رجال الدين، ومن سبقهم، بحرمة الاستماع لها أو عزفها، ولكن مع كثرة السؤال عنها جعله في نهاية الأمر يخفف من حدة موقفه بشأنها، بعد أن أدرك بحسه السياسي أن التحريم المطلق لن يجدي نفعا مع شعب محب للحياة ومباهجها، كانت الموسيقى طوال تاريخه تشكل العمود الفقري للهوه ومرحه وعنوانا لشغفه بالمتعة. ولكن من جانب آخر لم يكن بمقدور الخميني ترك الباب مشرعا أمام كل أنواع الموسيقى الراقصة أو الأغاني المبتذلة، فأفتى وقتها بجواز سماع ما لا يلهي من اللحن الموسيقي، وحرم الماجن منه والغناء، ولكن ربما غاب عنه أن أي لحن لا يلهي، ويجبرك على الاستماع له، ليس بلحن أصلا!! كما أنه ليس هناك من في مقدوره وضع خط فاصل بين ما هو ماجن أو مائع من الموسيقى وما هو عكس ذلك!!
موقف الخميني من الموسيقى لا يختلف عن موقف السواد الأعظم من رجال الدين والمفتين، فغالبيتهم يجدون أنفسهم في وضع لا يحسدون عليه عند سؤالهم عن موقفهم منها، وهو يشبه وضع الـ Catch 22، فلا هم في حل من تحليل سماع الموسيقى على اطلاقها أو تحريمها كلها، وذلك لصعوبة تصديق أن هناك لحنا ماجنا محرما وآخر وقور حلالا. فما يصدر عن آلة «كمان» ــ ان كان جميلا وممتعا ــ لا يختلف كثيرا عن صوت الايقاع الجميل الذي يصدر عن دف بدائي!! فكما أن صوت «الكمنجة» يمكن أن يهز وسطا فان صوت آلة الدف يمكن أن يؤدي إلى الشيء ذاته، وحفلات الصوفيين الدينية الراقصة التي لا يستخدم فيها عادة غير الدفوف، خير دليل على ذلك.
يمكن، حسب فهمي المتواضع، تقسيم الموسيقى إلى أنواع ثلاثة أساسية في عصرنا الحديث:
موسيقى كلاسيكية أوروبية، موسيقي عصرية لكل دولة أو مجموعة من الدول، وأخيرا موسيقى شعبية. ولكل نوع من هذه الموسيقى محبوها والمعجبون بها، وسعداء الحظ هم أولئك الذين يستمتعون بكل أنواعها.

أحمد الصراف

احمد الصراف

قطيع الغنم والتعليم الخاص

تساهم المدارس الخاصة، وفي أي مجتمع كان، بنشر نوع من التعليم والثقافة ومن مستوى رفيع تعجز عادة عن توفيره مدارس الحكومة.
هذه قاعدة عامة يمكن ملاحظتها بسهولة من خلال المقارنة بين مستوى مخرجات التعليم في العام والخاص، أقول ذلك وأنا، ومئات غيري من الأهل والأصحاب، من خريجي مدارس حكومية، ونعرف الفرق بين مخرجات النوعين من خلال مقارنة مستويات تعليمنا بأبنائنا من خريجي المدارس الخاصة، ولكل قاعدة شواذها بالطبع.
من الطبيعي ألا يعجب هذا الوضع الكثيرين لأسباب عدة، فخريجو المدارس الخاصة بغالبيتهم يصعب استقطابهم مذهبيا وعرقيا بسهولة، كما أنهم، بشكل عام، أكثر تسامحا مع الغير بسبب كثرة اختلاطهم مع هذا «الغير» بشكل مستمر.
وفي مبادرة للاعتراض على هذا الوضع المميز، وربما من اجل تخريبه، أبدى عدد من النواب الأشاوس عدم رضاهم عن الوضع، وقاموا بالتصريح بذلك للصحف، ولاشك أن عددا آخر يشاركهم هذا الرأي بصورة أو بأخرى. وللوصول لهدفهم المتمثل بتخريب التعليم الخاص والقضاء عليه بصورة نهائية من خلال «تدجينه» وجعل المنتسبين اليه أقرب، سياسيا وفكريا، لطلبة المدارس الحكومية، وأكثر تقبلا لنظرية القطيع (وين رايحين وياكم)، فقد رفض هؤلاء النواب قيام أصحاب هذه المدارس الخاصة والأجنبية بزيادة رسومها الدراسية، وطالبوا الوزارة باتخاذ إجراءات حاسمة ضدها إن هي أصرت على رفع الرسوم.
لا شك أن معارضة هؤلاء النواب وهم: محمد الهطلان، وصالح عاشور، وراعي الفحماء، وجابر المحيلبي، لم تنبع حتما من حرصهم على مستوى التعليم في الكويت، ولا شفقة على ما يتكبده أولياء أمور طلبة التعليم الخاص من رسوم عالية، فهذا آخر «همّ» غالبيتهم، إن لم يكن جميعهم، ولكنهم على ثقة بأن نجاح مسعاهم في وقف زيادة الرسوم يعني بصورة تلقائية خفض مستوى التعليم، العالي نسبيا، في غالبية هذه المدارس ودفعها دفعا لتتساوى في السوء مع التعليم العام، وبذلك يصبح الجميع سواء.
لا شك أن هناك فئة من أولياء الأمور تعاني الكلفة العالية لرسوم تعليم أبنائها، ولكن هذا لا يعني الضغط على الصالح والطالح في قضية الرسوم، بل يتطلب الأمر إجراء دراسة حقيقية للأسباب التي تدعو هذه المدارس لرفع رسومها، ومحاولة إقرار نوع من الدعم الحكومي لتلك التي تقدم خدمة جيدة ولكنها تشكو من قلة الرسوم.
إن هناك حلولا كثيرة لحل مشكلة الرسوم غير تلك التي ينادي بها هؤلاء النواب، فدفع المدارس الخاصة المميزة لزيادة عدد الطلاب في كل فصل والتخلص من المدرسين المميزين وتقليل الأنشطة الاجتماعية المفيدة ستكون وبالا على الجميع وستخفض من مستويات التعليم في هذه المؤسسات.
على أي حال التعليم الخاص، والمميز بالذات، في طريقه للانهيار، من خلال فرض رسوم مخفضة أو بغير ذلك، بعد زيادة وتيرة تدخل وزارة التربية في خصوصياته ومناهجه وأنشطته!!

أحمد الصراف

احمد الصراف

وسطية الوزير الحريتي

تقدمت أحزاب الكويت السياسية الدينية لوزير العدل الأستاذ حسين الحريتي بترشيحاتها لشغل منصب أمين عام مركز الوسطية الذي شغر بمغادرة عصام البشير الكويت، غير مأسوف عليه، على الأقل منا ومن السلف!!
على الرغم من كفاءة بعض الذين رشحت أسماؤهم لشغل هذا المنصب الهلامي التوصيف، فان من الصعب تصور حيادية أي منهم مادام ترشيحهم جاء من حزب سياسي ديني محدد، فهذا سيجعله مدينا لذلك الحزب ساعيا لإرضائه ما أمكن من خلال طريقة صرف موازنة المركز الكبيرة أو شغل وظائفه العديدة من مناصري ذلك الحزب الذي أتى به أمينا، وهذا كفيل بإعادة مركز الوسطية لدوامة الصراع الحزبي الذي كان يتقلب بناره طوال سنوات ثلاث.
إن مشكلة المركز الحقيقية لا تكمن فقط في صعوبة إيجاد الشخص المناسب لشغل وظيفة أمانته ولا يكون محسوبا على حزب ديني معين، فهذا المحايد، إن وجد، لن تقف معه أي جهة سياسية وسيسقط في نهاية الأمر، وغير المحايد سوف يعارضه الطرف الآخر ويسقطه لا محالة بعد فترة، مشكلة «المركز العالمي لنشر الوسطية» تكمن في اسمه الذي لا يخب على إدارته فقط، أيا كانت، بل على الكويت برمتها. فليس هناك ما يمنع من الاعتراف بأننا نفتقد الكفاءات والقدرات والأموال اللازمة لنشر «وسطية» محددة في العالم أجمع. فهذا ليس دور الكويت ولا أي دولة إسلامية في العالم، لسبب بسيط هو عدم وجود تحديد معين لما تعنيه الوسطية ضمن «العائلة الواحدة»، فما بالك بين البلد والآخر أو القارة والأخرى!!
ما يعنينا حقا هو نشر الوسطية في وطننا الصغير، وهو ما فشل في تحقيقه هذا المركز وسيفشل في تحقيقه أي جهاز حكومي مسيس!! فنشر الوسطية لا يمكن أن يتحقق عن غير طريق المناهج الدراسية، فمنها بدأت مشكلة التطرف وفيها لا تزال تكمن وبتعديلها يكمن الحل!!
نتمنى على وزير العدل العادل حسين الحريتي الضغط على إبرة إنهاء حياة المركز إلى الأبد، بعد أن ثبت عدم جدواه، كما أن وضعه الإداري لن يستقر أبدا، فما يراه «الإخوان المسلمين» أمرا وسطا قد لا يكون كذلك برأي السلف ونظرهم، دع عنك رأي بقية التجمعات الدينية المخالفة الأخرى!! ففي تصفية المركز تكمن الوسطية الحقة، وفي إنهاء عمله يكمن وأد الفتنة بعد أن أصبحت شؤونه ساحة حرب لمختلف التوجهات الدينية ومصدر توتر سياسي لن ينتهي، فوضعه الإداري المهلهل أصلا وهدفه الهلامي غير الواضح وموازناته وحفلاته ستكون دائما شوكة في خاصرة كل وزير عدل قادم!!
ملاحظة:
وردتني عشرات الردود على الانترنت على مقال الاثنين «العريفي وغوغل»، وكانت في غالبيتها تهاجم وتنتقد موقفي من العريفي تارة او موقفي من محمد تقي تارة اخرى!! ولم يردني اعتراض واحد شمل الاثنين!! وهذا يعني ان كل طرف كان معترضا على الكتابة عن «صاحبه» ولكنه راض في الوقت نفسه عن الكتابة ضد «صاحب» الآخرين!! هل وصلنا لقمة التناقض وعدم الموضوعية؟ لا اعتقد ذلك، فلا يزال هناك متسع!!

أحمد الصراف

احمد الصراف

طلاسم الشؤون وتبرعات رمضان

أعلنت وزارة الشؤون، وفي اعتراف تكرر صدور ما يماثله عشرات المرات، وعلى لسان مدير إدارة «الجمعيات والمبرات الخيرية» فيها، أن هناك بعض «الملاحظات» على عملية جمع التبرعات خلال شهر رمضان، وأن مقترفي هذه «الملاحظات» أشخاص لديهم جهود شخصية (هكذا) للحصول على الأموال بأي شكل، وأنه سيتم الإعلان عن الملاحظات بشكل شامل بعد رمضان! وقال السيد المدير أن هذه «التجاوزات» إساءة وتشويه لتاريخ الجمعيات الخيرية، ولكن على الرغم من ذلك، لم يتم ضبط أي مخالفة، بل بعض «الملاحظات»!
ثم ناقض نفسه بالقول إن لديه «أدلة وبراهين» تؤكد أن الجمعيات الخيرية ذاتها هي التي تطالب بإزالة هذه «المخالفات» من مرتكبيها! وأن الوزارة ستلاحق هؤلاء المرتكبين لعدم قانونية فعلهم(!!!).
من الواضح أولا أن السيد المدير، ناصر العمار، يتحلى بشجاعة نادرة، فالجبهة التي يقاتل فيها ليست سهلة، والأشخاص والجهات الذين يحاول التصدي لهم ليسوا بالعاديين، وفي دول كثيرة يسقط الكثيرون صرعى معارضتهم لجمع مثل هذه الأموال الكبيرة والسهلة، كأموال الخيرات بالذات التي لا صاحب لها ولا رقابة فعالة عليها، وفوق هذا وذاك للقائمين عليها حصة الأسد.
ولكن شجاعة السيد العمار غير كافية لوقف طوفان التجاوزات التي حاول التخفيف من خطورتها بوصفها في تصريحه تارة بـ«الملاحظات»، وتارة بالتجاوزات، ثم زاد «الجيلة» ووصفها بـ «مخالفات»، وأنه ستتم ملاحقة مرتكبيها! فكيف تكون هذه الأفعال غير السوية من «قبل البعض» ملاحظات مرة، وتجاوزات مرة ثانية، ومخالفات غير قانونية في الوقت ذاته، ومتى كانت السلطات الحكومية تلاحق المواطنين وتعاقبهم على «ملاحظات»؟
كما نشك في أن يفي السيد العمار بتعهده، ويقوم بكشف أسماء الأشخاص الذين ارتكبوا تلك المخالفات غير القانونية، وإن فعل ذلك فلن يستطيع في نهاية الأمر كشف الأدلة والبراهين التي يمتلكها، والتي قال إنها تدين بعض «الجمعيات الخيرية» التي وقفت وراء هؤلاء المخالفين وطالبته شخصيا بإسقاط تهمة المخالفات القانونية عنها. وإن قام بذلك، وهذا ما نتمناه، فإنه سيعجز عن توقيع أي عقوبة حقيقية بحق أي طرف منهم، والأهم من كل ذلك أن الأموال التي جمعت بغير حق لن تسترد بعد أن طارت الطيور «الخيرية الطيبة» كالعادة بأرزاقها!
نريد فقط أن تكون وزارة الشؤون الاجتماعية جادة لمرة واحدة مع هذه الجمعيات والمبرات الخيرية التي أصبحت دولة داخل دولة، والمنتمون إليها ليسوا رجال دين فقط، بل ويعملون في الوقت نفسه أئمة مساجد ورؤساء وأعضاء لجان شرعية في البنوك والمؤسسات المالية، في الوقت الذي تعمل أغلبيتهم موظفين كبارا في مصالح حكومية معروفة. وقد وردتني شخصيا رسائل هاتفية قصيرة من السيد خالد المذكور تطالبني بالتبرع لأحد مشاريعه. كما تضمنت صحف رمضان الكثير من الفلايرز التي تحمل صورته من أجل جمع تبرعات. فهل حصل السيد المذكور على إذن الجهات المختصة بجمع التبرعات، خصوصا أنه يعمل في وظيفة حكومية ويدير ويشارك في عشرات اللجان الشرعية في مختلف المصارف والمؤسسات المالية مقابل أجر؟
نتمنى أن تتمكن جهة ما من فك كل هذه الطلاسم، وتجيب ولو عن بعض تساؤلاتنا.

أحمد الصراف

احمد الصراف

الداعية محمد العريفي وغوغل

وقف الداعية الاسلامي السعودي «محمد العريفي»، وهو شاب في الثلاثينات من عمره، وله لحية سوداء طويلة، ويرتدي غترة حمراء من دون عقال فوق رأس كبير، وعلى أكتافه ترى أطراف عباءة أنيقة، وقف أمام عدد من الميكروفونات اللاقطة للصوت، مع خلفية أنيقة، وبحر من التكنولوجيا البصرية والسمعية المتقدمة تحيط به وتحصي أنفاسه، ولكن لا يبدو أنه مكترث لذلك، أو لكون حديثه يسجل وينقل للعالم أجمع، ولكن مع كل هذا تشعر وكأن ما يحيط به في واد وهو، وكلامه، في واد آخر. ومن المفترض أنه قدم من السعودية لتقوية عزيمة الفلسطيني، ولكنه ساهم، بعلم أو بغير ذلك، في تثبيط تلك العزيمة، وذلك باصراره على الايحاء بأن من الصعب، ان لم يكن من المستحيل، القضاء على اليهود!!
يقول الداعية «العريفي» في خطبته التي ألقيت أمام حشد من مواطني «غزة» يوم 12ــ9ــ2008 من خلال قناة «الأقصى» التي تديرها حماس، أو الفرع الغزاوي للتنظيم العالمي للاخوان المسلمين، وهي الخطبة التي ترجمت وبثت على كثير من قنوات العالم، ليعرف العالم طريقة تفكيرنا وما نعتقده في الغير. يقول الداعية العريفي: «.. بينت الدراسات في «تل أبيب» والأراضي التي احتلها اليهود في فلسطين أنهم يزرعون حول بيوتهم «شجر الغرقد»، وذلك لأن هناك حديثاً أخبر فيه الرسول المسلمين أنهم اذا قاتلوا اليهود فان كل حجر وشجر سيقول: يا مسلم يا عبد الله، هذا يهودي ورائي، تعال واقتله، الا الغرقد فهو شجر من شجر اليهود، يعني مهما اختبأوا وراءه فانه لن يكشف من وراءه (هكذا وردت على لسان الداعية)!!». واستطرد: «والآن التقارير القادمة من هناك تقول ان اليهود بدأوا بزراعة أشجار الغرقد حتى اذا جاء القتال يختبئون وراءها، فاليهودي ليس برجل ليقف أمامك ويقاتل…..» (هكذا). انتهى الشريط المسجل.
لا نريد مناقشة فحوى حديث الداعية، فهذا فكر ديني له أهله، ولكن ألم يسمع «العريفي» بغوغل ارث Google Earth؟ ألم نشبع من نبش الماضي؟ ألا يكفينا ما نتعرض له من مهانة على مستوى العالم أجمع كل يوم على أيدي القلة منا؟ أليس هناك من بإمكانه وقف كل هذا العبث؟ يبدو أن الاجابة: لا كبيرة، خصوصاً بعد سماع شريط حديث آخر لرجل دين شيعي، فند فيه بصورة قاطعة نظرية «دارون»، وبين مدى ما وصلت إليه عقلياتنا من تقدم في كل مجالات البحث الجاد.
يقول الشيخ، الذي ربما يكون اسمه «محمد تقي المدرسي»، إذ إن الاسم الأخير لم يكن واضحا على الشاشة، في حديث بث من قناة أو أرشيف «الموحد»، وهو جالس أمام مكتبة عامرة بالكتب العلمية الجادة متحدثاً عن قصة خلق «الكلب»: «.. أهبط «آدم» في الهند أو سريلانكا، وكانت سريلانكا تابعة للهند آنئذ. واهبطت الحية في سمنان(!!) وأهبطت أمنا «حواء» في جدة، ولا يزال قبرها قائماً في جدة. وأخذ آدم يبكي، وهنا نزل ابليس الملعون المريض، نزل وأخذ يحث السباع وأخبرهم بأن هنالك فرخين طائرين من السماء نزلا، فعليكما بهما، فهجما على آدم حتى يأكلاه.. هنا تقول الرواية، تقول لنا سبب خلق الكلب. الكلب حقيقة خلق من «بزاق ابليس»، فهذا الولع والهلع اللذان كانا عنده أسقطا منه بزاقاً فخلق الله منه كلباً ذكراً وكلباً أنثى، فصارت الكلاب تحمي آدم وتحمي حواء من السباع، ومنذ ذلك الحين النزاع بين الكلب والسبع قائم الى اليوم. انتهى!!
لن نناقش هنا أيضا ما ورد في حديث السيد «محمد تقي» ونترك التعليق عليه لأهل العلم والدراية.
ملاحظة: قامت شركة أميركية بتطوير شاشة LCD كبيرة تعمل باللمس كبعض شاشات الموبايل، بحيث تتحرك خريطة العالم تحت أصابعك بسرعة هائلة حسب حركة الأصابع يمينا أو شمالا أو الى اي اتجاه آخر لتبين موقعك بدقة متناهية. كما يمكن الرجوع الى الموقع نفسه لسنوات عدة سابقة لمشاهدة معالمه وما طرأ عليها من تغيير. كما يمكن بلمسة صغيرة تحويل الصورة الى أبعادها الثلاثية. وقد قامت بعض الجيوش المتقدمة في العالم، اضافة الى شركات التنقيب عن النفط والغاز والاستخبارات والأجهزة السرية، باستخدامها لأغراض شتى!!
نتمنى سماع النائب أبو هايف بهذا الاختراع ليطالب وزارة التجارة بمنع استيراده، لأنه سيكشف عن كل شيء!! وننتهز هذه المناسبة لنهنئ الكويت بالخطوة الظلامية التي أقدمت عليها «حكومتها» بحجب موقع «يو تيوب» YouTube. والى مزيد من التخلف يا حكومتنا الرشيدة، والى مزيد من الانتشار يا يوتيوب، فمن لم يسمع أو يهتم بك بالأمس أصبح الآن يبحث عنك ويشقى للوصول إليك، والطرق الى يوتيوب عديدة وسنعمم أسهلها قريبا. 

أحمد الصراف

احمد الصراف

الرجل الملون وحجر الدمينو

1ــ عزيزي الرجل الأبيض. دعني أخبرك عن أمر يهمك.. عند ولادتي يكون لون جلدي أسود. وعندما أكبر ويتقدم بي العمر يبقى لون جلدي أسود، كما ولدت، وعندما أجلس في الشمس طويلا، لا يزداد لوني سوادا. وعندما أصاب بنوبة برد لا يتغير لوني عن الأسود. وعندما أجزع أو أصاب بالرعب لسبب ما لا يتغير لون جلدي لأي لون آخر، وكذلك عندما أصاب بالمرض أبقى على سوادي الطبيعي والجميل. وعندما يأتي موعد رحيلي عن هذه الدنيا أموت وأنا أسود، كما سبق أن ولدت أسود!
ولكن الحال معك يا عزيزي الرجل الأبيض مختلف تماما. فعند ولادتك يبدو لونك مائلا للوردي، وعندما تكبر تصبح أبيض، وعندما يطول مكوثك في الشمس يتحول جلدك الى اللون الأحمر، أو النحاسي، وعندما تصاب بالبرد تصبح أزرق، وعندما تشعر بالرعب يتحول لون وجهك للصفار، وعند مرضك يميل لونك الى الاخضرار، وعندما تموت يتحول لونك للرمادي الفاتح.. بعد كل هذا أرجو أن تخبرني من هو الملون فينا، أنا أم أنت؟
2ــ عندما يتم إسناد أحجار الدمينو بطريقة فنية دقيقة خلف بعضها البعض فإن أي دفعة لأول حجر منها يؤدي لتوالي سقوط بقية الأحجار بتردد جميل، وهذا يسمى بـ«الدمينو إففكت»! وفي الحياة يعني تنازل طرف ما عن موقف أو رأي محدد أنه ربما سيقبل تنازلات أخرى، والعكس صحيح كذلك!! نقول ذلك بمناسبة الندوة التي نظمتها «الجمعية الجغرافية الكويتية» في العاشر من سبتمبر، حول علاقة علم الأرصاد بعلوم الفلك، التي حاضر فيها الفلكي المعروف عادل السعدون عن ضوابط وشروط رؤية الهلال بشكل عام، حيث طالب الحكومة بضرورة تعيين فلكيين في هيئة الرؤية الشرعية!
على الرغم من وجاهة طلب الصديق الفلكي السعدون فإن هناك شكا كبيرا في تجاوب الحكومة، أو من يسيّر أمورها في مثل هذه المواضيع، لهذا الطلب العقلاني والعصري! وسبب ذلك يعود لاعتقاد هؤلاء بأن تنازل أعضاء الهيئة الشرعية وقبولهم لوجود عالم فلك حقيقي بينهم يعني ببساطة نهاية دورهم كـ«علماء». فمن الذي سيكون بحاجة لمجموعة من رجال الدين الذين ينتظرون دخول شخص بسيط عليهم ليشهد برؤية الهلال وقبض المقسوم، إذا كان بينهم فلكي يستخدم مرصدا يرى فيه ما لا تراه العين المجردة بمئات المرات، ويقول عكس ذلك؟ كما يعني وجود فلكي في اللجنة أن القبول بوضع العلم الدقيق محل التقدير الجزافي، ومشاهدة منافعه ودوره الموحد يعني زيادة الثقة به، والتقليل من دور رجال الدين في تسيير أمور الحياة العصرية التي لم تكن يوما من مهامهم كقضايا تحديد النسب والعلاج وتحديد القرابة!! ولا شك في أن رجال الدين بشكل عام، وأعضاء الهيئات الشرعية بالذات على علم بأن الوقت لن يطول قبل أن تضطر حكومة هنا أو سلطة هناك الى الاستعانة بالعلم الحديث بدلا من التخمين والحدس وضرب الرمل، ولكنهم يحاولون قدر الإمكان تأخير قدوم ذلك اليوم ما استطاعوا لذلك سبيلا. وعندما يبدأ الصف الأول من أحجار الدمينو بالتساقط فالدور سيصل للصف الأخير لا محالة.
ملاحظة: الجزء الأول من المقال مترجم عن الإنترنت.

أحمد الصراف

احمد الصراف

أفضلية الطاقة على الحرير

انتابت شعوب دول مجلس التعاون، ومنها الكويت، سعادة غامرة عندما ارتفعت أسعار النفط قبل أسابيع قليلة الى مستويات غير مسبوقة. ولم تعرف هذه الشعوب المغلوبة على أمرها والمغيبة في عالم فضائيات الدروشة والشعوذة وفتاوى القتل والتحريم والسحل، والمغرمة بمتابعة مسلسلات التفاهة اليومية أن هذا الارتفاع المؤقت في الدخل سينقلب وبالا عليها في السنوات القليلة المقبلة بشكل كارثي، ان لم تقم حكوماتها باتخاذ خطوات عملية لاستغلال هذه الثروة الطارئة والطائلة التي نزلت عليها في تأمين مستقبل أجيالها القادمة وفي انتاج بدائل محلية للطاقة. فان بقيت أسعار البترول على معدلاتها المرتفعة الحالية، فيمكن عندها الاستمرار في بيعه للدول الأخرى، والاستفادة من الفرق بين ثمن الطاقة المحلية البديلة الرخيص وسعر البترول العالي. وان بدأ العالم الغربي ودول جنوب شرق آسيا بايجاد بدائل لديهم عن بترول الشرق الأوسط، أو تقليل اعتمادهم عليه، وهذا آت حتما، فهم يسيرون بخطى حثيثة في هذا الاتجاه ويحققون تقدما ملحوظا كل يوم، فعندها لن يكون لدينا فقط مصدر طاقة بديل، بل سيكون بامكاننا كذلك بيعها للدول المجاورة، الأكثر تخلفا منا في هذا المجال، وهذا لا يمكن أن يتحقق ان لم نأخذ زمام المبادرة والتحرك اليوم قبل الغد. للعلم فقط فان المشاريع التي تدار حاليا في الكويت بالطاقة الشمسية لا تزيد على العشرة بكثير، بالرغم من توافر مليارات كيلوواط الطاقة الشمسية المجانية لدينا!!
أما ما أعلنته بعض الدول الخليجية من رغبة في الحصول على التكنولوجيا النووية، فانه أمر بالغ الخطورة، ولسنا في مستواه. فان كانت الدول المتقدمة «جدا» تحذر من اللجوء إلى هذا المصدر بسبب مخاطره البيئية والفنية، وصعوبة التحكم في تشغيله بصورة آمنة، فكيف يمكن لمجموعة من الدول الخليجية المتخلفة استغلال الطاقة النووية كمصدر بديل وهي التي لم تتجاوز خبراتها حتى الآن مرحلة اطلاق الغازات الذاتية!!
وربما لا تعرف حكوماتنا، وان عرفت فالمصيبة أعظم، أن هبوط أسعار النفط إلى نصف ما هي عليه الآن، سيتسبب في القضاء على كل خططها التنموية المتواضعة أصلا، ويصعب تخيل تداعيات هذا الأمر على مجتمعات وقبائل ريعية لا تعرف من الانتاج شيئا غير أن نفطا يقوم الآخرون باستخراجه من أرضها ويتصرف غيرهم ببيعه ونقله إلى المستهلكين ويأتون بعائده ليتم انفاقه على الطعام والشراب والملبس والشيشة ولاصدار فتاوى تكفير الآخر والحط من شأنه!!
ان انخفاض أسعار النفط إلى مستويات دنيا ليس بالأمر المستبعد، على ضوء التطورات المالية الخطيرة التي تشهدها أسواق المال في العالم أجمع، وستكون لها تأثيرات مالية سلبية مباشرة علينا، وعلى حاجة العالم للبترول بشكل عام،. ولكننا نجد أننا أمام كل هذه التحديات الخطيرة مشغولون بمنع «اليوتوب» وقتل فأرة كرتونية ولاهون باسقاط القروض واستجواب وزير الشؤون واقالة وزيرة التربية!!
ان حكومة الكويت مطالبة بالبحث الجدي عن مصادر بديلة للطاقة، فالتكنولوجيا المطلوبة معروفة والمواد متوافرة والأموال اللازمة موجودة، والشراء اليوم أفضل بكثير من الغد، فالأسعار سترتفع عندما يصيب التضخم كل شيء. وأعتقد مخلصا أن الاهتمام بتطوير مصادر بديلة للطاقة خير ألف مرة من بناء مدينة حرير لسنا «كفو» لادارة عشر ما تحتاجه من طاقات بشرية وخبرات، مما يعني اضطرارنا إلى جلب نصف مليون عامل من الخارج لينجزوا ما ترفض أيدينا القيام به، فما زالت غالبيتنا تحتقر من يعمل بيده لكسب قوت يومه!!
نقول هذا ونحن على ثقة بأن وزير الطاقة آخر من يفكر في موضوع خطير وحيوي كهذا. أما الثلاثون وكيلا الذين يعملون تحت امرته فلا أعتقد أن الهموم اليومية لغالبيتهم تتعدى الزيادة الأخيرة في الراتب، ومقاومة رياح التجميد أو الاقالة.

أحمد الصراف