احمد الصراف

الهدف هو المال فقط!

أحمد الصراف
habibi [email protected]

يعتقد بعض أصحاب النفوس المريضة والسذج أنني اهدف، من وراء كتاباتي، الى تقويض دعائم الدين وخلخلة اركانه، وهذا ما لم يستطع القيام به من هو أعتى واقوى مني رأيا وحجة، فالدين باق ولن يضيره مقال هنا او رأي هناك!
ما نهدف اليه، ويهدف اليه غيرنا من الكتاب الذين يمكن وصفهم «تجاوزا» بالليبراليين او العلمانيين، هو تحقيق اهداف ثلاثة رئيسية:
اولا: الحد من سيطرة رجال الدين على مقدرات الناس والتحكم في رقابهم وآرائهم، من خلال فتاواهم، ووقف استغلالهم للدين لتحقيق الرخيص من الاهداف.
ثانيا: فصل الدين عن الدولة بحيث تتحقق الديموقراطية بصورتها الصحيحة، فلا ديموقراطية من غير حرية رأي.
ثالثا: ازالة كل ما علق بالدين على مدى عقود من التخلف، وجعله اقرب للعقل والقلب.
وللتدليل على «ثالثا» فإن ذاكرتي تزخر بكم هائل من المتناقضات التي تملأ حياتنا، والتي تكاد تخنق حس المنطق والفهم لدينا بحيث لا نعرف كيف نتصرف. فالضحك والبكاء يندمجان معا في تراجيديا عندما نسمع مثلا ان نائبا متخلف الفهم والفكر استغل «نفوذه» في اقناع ادارة المرور بتغيير اتجاه كاميرات السرعة بحيث تقوم بالتقاط ارقام السيارات المخالفة لحدود السرعة من الخلف، وليس من الامام، لان جناب النائب لا يرغب في ان تصور كاميرات الدولة «نسوة بيته» وهن مسرعات، ولكن لا مانع لديه من قيامهن بمخالفة القانون، لثقته بأن المخالفة ستسقط.. بالواسطة!
وفي مثال آخر، أجرت قناة المجد مقابلة مع الدكتور العالم عبدالباسط سيد، ورد فيها ان رائد الفضاء آرمسترونغ قال انه عندما اصبح في الفضاء رأى ان الارض كرة معلقة ومظلمة، ووجد شعاعا يخرج منها، وبالتدقيق اكثر تبين ان الشعاع يخرج من مكة، وبتقريب اشد تبين انه يخرج من الكعبة، وان له خاصية محددة، وان مكة تعتبر منطقة زوال مغناطيسي، ومن يزر مكة او يعش فيها يصبح اطول عمرا واكثر صحة.. لانه يتعرض لتأثير اقل من الجاذبية الارضية. وقال ان في المتحف البريطاني 3 قطع من «الحجر الاسود» وان علماء المتحف اثبتوا انه من غير احجار المجموعة الشمسية!
وغني عن القول ان كل ما ذكره هذا «العالم المصري الفذ» لا صحة له، فخلال اكثر من 1400 عام لم يدع احد انه رأى شعاعا يخرج من مكة، كما ان معدلات الحياة في مكة لا تختلف فيها عن أي مدينة سعودية اخرى، والحجر الاسود لم يسبق ان فحصت خواصه من اي جهة حتى الآن، والقول بأنه من خارج المجموعة الشمسية فهو ادعاء، فالمتحف البريطاني، حسب موقعه، لم تجر اي تجارب عليه، حتى كتابة هذا المقال، ولم ينشر اي بحث بهذا الصدد.
المؤسف ان حديث هذا «العالم»، واقوال وادعاءات كثيرة اخرى للعشرات من هذه النوعية من «العلماء» من امثال زغلول النجار وعبدالحميد الزنداني، الذي قال ان آرمسترونغ اكد صحة القرآن، وكأن المسلمين بحاجة لشهادته، كل هذه يتم تداولها على شبكات الانترنت، وتسيء الينا جميعا، شئنا ام ابينا، وهنا تكمن مهمتنا في كشف هؤلاء والتنبيه الى خطرهم، فما يقومون بترويجه من قصص ونظريات لا هدف من ورائها غير الشهرة الفارغة واحياناً الاثراء غير المشروع.

احمد الصراف

السيدة الصبيح ومقررات «التربية»

يتكون العقل الجمعي لأي مجتمع من مجموعة مؤثرات خارجية تساهم، بنسب متفاوتة، في تشكيل هذا العقل وصقله. وفي العصر الحديث تقوم المناهج الدراسية بالدور الأساسي في تشكيل هذا الوعي. وكلما زادت دكتاتورية أو أوتوقراطية أي مجتمع، أو نظام حكم، زادت شدة ذلك التأثير بسبب زيادة نسبة التركيز على أمور قمعية محددة في مناهج تلك الأنظمة. وقد شاهدنا في العقود القليلة الماضية، تطبيقات على ذلك في الأنظمة الشيوعية في الصين ودول الكتلة السوفيتية، وفي الأنظمة الدينية، وبالذات في إيران وإلى حد كبير في أفغانستان ومناطق كثيرة أخرى في باكستان من خلال ما يدرس من مناهج بدائية في عشرات آلاف المدارس الدينية في هذه الدول. وما نشاهده الآن من تطرف ديني من مجموعات هائلة من الشباب المسلم المتحمس لنصرة دينه، وأحداث كشمير والهند، وقبلها جريمة 11 سبتمبر وما تبع ذلك من عمليات القتل الانتحارية في العراق وأفغانستان وباكستان ما هي إلا نتاج لما كان يدرس في تلك الكتاتيب المتخلفة من مناهج متطرفة تعادي الآخر ولا تكتفي بتمني فنائه بل وتسعى لتحقيق ذلك بمختلف الطرق والوسائل.
ومن هذا المنطلق لم يكن غريبا أبدا ذلك الرأي والقرار الواضح الذي توصل إليه أعضاء اللجنة التشريعية في البرلمان الكويتي، وفي غالبيتهم من أبناء المدارس والمعاهد والكليات الدينية الحكومية، والذي تعلق بعدم دستورية وجود «سيدتين سافرتين» ضمن الحكومة الكويتية، وكونهما، بحكم المنصب، أعضاء في مجلس الأمة! فهذا الرأي المستهجن من البعض والمستغرب من البعض الآخر ليس فيه ما يعيب على ضوء ما تم تعليمه لمئات آلاف طلبة المدارس الحكومية وحتى الخاصة، وعلى مدى عقود عدة من الزمن، عن مكانة المرأة في المجتمع! فقد ورد في كتاب «التربية الإسلامية»، الصادر عن وزارة التربية للصف الثاني عشر (الثانوي)، وهو لا يختلف كثيرا عما سبق أن درسه أعضاء اللجنة التشريعية في مدارس ومعاهد الدولة عندما كانوا طلبة يافعين، ما يكفي لجعل بقاء السيدة وزيرة التربية في منصبها المرموق نوعا من المخالفة الصريحة لكل فكر وعرف وعقيدة تدرسها كتب الوزارة نفسها.
ففي الصفحة 74 من الكتاب ترد الفقرات التالية: «والاختلاط بالرجال «ضرره معروف»، فلو خالطت المرأة الرجال لكانت سهاما تتراشقها العيون وحينئذ تختلط الأمور وتذهب رسالة المرأة بددا، وذلك أمر تأباه «الفطرة السليمة والعقول الراشدة»، فالحجاب صيانة لعفة المرأة وحفظ فطرتها»!
وهذا يعني بوضوح ومن دون لبس، وبعظمة لسان كتاب رسمي مقرر من وزارة التربية الكويتية، أن كل من وقف ضد قرار اللجنة التشريعية هو ضد عفة المرأة وضد فطرتها السليمة، ولا عقل رشيدا لديه! وان كل غير محجبة، في رأي خبراء وزارة التربية ومصلحيها وقادة فكرها، غير عفيفة، وكشفها لشعر رأسها لا يحفظ فطرتها.
هذا المقال ليس شخصيا، فنحن نكن للسيدة الصبيح، «أم عادل» الكثير من الود والاحترام. ولم نورد اسمها إلا للدلالة على مدى سطوة القوى الدينية وعمق تغلغلها في كل مقرر ونشاط تربوي.

أحمد الصراف

احمد الصراف

الفريق البدر والجمعيات المخالفة

على الرغم من كل مخالفات اللجان والمبرات الخيرية وتلاعبها بمراقبي ومفتشي وزارة الشؤون واتباعها مختلف طرق التحايل على الحكومة في سعيها لجمع أكبر قدر من الأموال النقدية السهلة، وفي حال استمرار غياب الرقابة الرسمية والشعبية على سجلاتها ومداخيلها ومصروفاتها، على الرغم من كل ذلك، قامت وزارة الشؤون بتجديد ثقتها في هذه الجمعيات وأعلنت فوق ذلك موافقتها على مجموعة من الاقتراحات والمشاريع التي من شأنها زيادة مساحة حرية هذه الجمعيات في التحرك وجمع الأموال. وقد جاء كل ذلك من خلال المذكرة التي رفعتها وزارة الشؤون الى مجلس الوزراء.
نقول ذلك لنبين مدى تخبط الحكومة وشللها وعدم قدرتها على التصدي لأخطبوط الأحزاب السياسية الدينية التي تقف وراء هذه الجمعيات وتدعمها لكونها الوعاء الذي يغذي شرايينها بالأموال اللازمة لبقائها حية على الساحة السياسية وفاعلة في المعارك الانتخابية!
ولمعرفة المزيد عن تخبط الحكومة وفقدانها لأية خطة إصلاحية واضحة، نجد أن فرعا آخر فيها، ممثلا بمدير بلدية الكويت، قد قام مشكورا بإصدار قرار قبل أيام قضى بوقف جميع الأنشطة الاجتماعية والتجارية والمهنية في مناطق السكن الخاص، بما في ذلك مقرات ومراكز الجمعيات الدينية السياسية، وخصوصا غير المرخص منها والتي تتخذ من البيوت السكنية مكاتب ومراكز دعوية لها، كما تستخدم هذه البيوت كمخازن لجمع الملابس المستعملة وفائض الأغذية وبيعها، والتي لا يعرف أحد إلى أين ينتهي ريع بيعها. وقد حصرت البلدية الجهات المخالفة فوجدت أن العدد يبلغ 62 بيتا مخالفا في السالمية والجابرية وسلوى والرميثية، مما يعني أن العدد الإجمالي في الكويت يزيد بكثير على الألف بيت وسرداب مخالف. وفي السياق نفسه أكدت وزارة الكهرباء، في الحكومة نفسها، بأنها ستقوم بقطع التيار الكهربائي عن بيوت السكن الخاص التي تشغلها أنشطة مخالفة، كالجمعيات الدينية، وأنها تقوم بهذا العمل تطبيقا للقانون ليس إلا. ولكن الإدارة العامة للتحقيقات، وأيضا في الحكومة نفسها، رفضت التجاوب مع طلبات بلدية الكويت في ما يتعلق بإصدار أذونات دخول لتلك العقارات المخالفة في تلك المناطق، ومنها مقرات لأحزاب وجمعيات دينية مسيسة. وربما يعود ذلك لنفوذ هذه الجمعيات المستمد من نفوذ من يقف وراءها وشراستهم في مقاومة مختلف الضغوط الحكومية المحلية، وحتى الأميركية، عليها لمعرفة كيفية إدارة هذه الجمعيات لأوضاعها المالية!
وهكذا نرى شتاء وخريفا وصيفا وربيعا تحت سقف واحد في حكومة واحدة في لحظة واحدة! فمتى ينتهي هذا التخبط وتشد الحكومة من عزمها، وتنهي هذه المخالفات الجسيمة مرة واحدة، وإلى الأبد؟ وإلى متى ترضى الحكومة بوجود حكومة ظل دينية تتحكم في أمزجة الناس وأهوائهم بسبب ما تيسر لها من سعة مالية غير خاضعة لأية رقابة؟

ملاحظة: يستحق الكثير من رجال الكويت وسيداتها الإشادة بجهودهم لمختلف خدماتهم، وبسبب الظروف الراهنة ربما يكون الفريق المتقاعد محمد البدر، رئيس لجنة إزالة التعديات على أملاك الدولة، على رأس من يستحق الإشادة والشكر لدوره في تحقيق حلم طالما راود الكثيرين في التخلص من مئات آلاف المخالفات والاعتداءات على أملاكنا جميعا. لقد عمل الرجل بهدوء وأمانة وحرص، وكان مثابرا ولم يلتفت الى كل صراخ واحتجاجات الغوغاء من المتضررين وترفع عن الرد على إساءاتهم الى شخصه ومكانته. ولو قلنا ان صموده ونجاحه لم يكونا ليتحققا لولا مساندة ودعم القيادة السياسية لما أخطأنا، ولكن مثابرته وإصراره على إنهاء ما بدأ به أمر يحسب له، فكثيرون كانوا سيستقيلون من هذا العمل لو نالهم نصف ما ناله من إساءة وتجريح واتهام، مما كان سيتسبب في وقف مشروع الإزالة لعشر سنوات أخرى.تحية للفريق البدر والشكر له على عظيم جهوده. 

أحمد الصراف

احمد الصراف

مظاهر الانفصام في شخصياتنا

من الواضح أن هناك شبه انفصام بين ما يقوم الكثيرون بأدائه من فروض العبادة، أو ما نعتقد أننا نقوم به، وما يبدو على البعض من إمارات التدين ومظاهره، بين كل هذا وبين التصرف الصحي والصحيح!! ومن المؤسف أن الفارق كبير لدرجة أصبحنا نعتقد أن لا علاقة بين الأمرين، أو كأن من غير المفترض أن يكون المتدين أكثر عقلانية في تصرفه وأكثر إنسانية وانضباطا واحتراما للقوانين من غيره. أو أن المتدين غير مطلوب منه احترام حقوق الآخرين وأولوياتهم متى ما قام بأداء ما هو مطلوب منه من فرائض!!
في أكبر دوار في منطقة السرة يقع مسجد البحر. وأمام هذا المسجد، وفي وقت صلاة الجمعة تجد أن الدوار قد امتلأت مداخله وأطرافه بعدد كبير من سيارات المصلين، وفي أماكن يمنع الوقوف فيها، وبطريقة معرقلة لحركة السير. هذا الإصرار على مخالفة القوانين يعطي صورة جد سيئة عن أخلاق البعض وعدم اكتراثهم بحقوق الغير. كما أنها تبين لغير المسلم جانبا غريبا من حياتنا، وكأننا لا نزال نركب الدواب ونتركها ترعى طليقة خلال فترة غيابنا عنها!!
وعلى الرغم من تكرار حدوث هذه الظاهرة في أكثر من مسجد فان لا أحد يود ربط احترام القانون بأداء الصلاة، التي من المفترض أنها تهدي للتي هي أقوم!! علما بأن هناك أماكن كافية لوقوف كل سيارات المصلين، ولكن لا أحد يود السير ولو لخطوات قليلة في هذا الجو الجميل، أو كأن البعض يحاول إرسال رسالة تقول إن الحياة يجب أن تتوقف أثناء الصلاة!!
وفي منطقة الشهداء، التي اضطررت لارتيادها لعشرة أيام متتالية قبل أسبوعين، تصادف مروري يوميا أمام المسجد الكبير الواقع قبالة القطعة 1. وقد لاحظت أن عددا من المصلين يصرون على الوقوف في أماكن مخالفة، على الرغم من وجود مواقف قانونية كافية على بعد عشرين مترا فقط من أماكن وقوفهم المخالفة، واكتشفت أن السبب في الوقوف في تلك الأماكن المخالفة يتيح لهم أخذ استدارة منتصف الطريق التالية، ووقوفهم بعدها قد يضطرهم لاستخدام فتحة أخرى لا تبعد أكثر من نصف كيلو متر عن الأولى! ولكن الأسوأ من ذلك ان تلك الفتحة التي يحرصون على مخالفة القانون والوقوف قبلها لا تسمح أصلا بالاستدارة من خلالها، ولكنهم يصرون على ارتكاب مخالفة قبل الصلاة وأخرى بعد أدائها!! وهذا يعني مخالفتي مرور عن كل صلاة ولو ضربنا العدد بخمس صلوات لوجدنا أن3650 مخالفة ترتكب سنويا من قبل كل مصل في منطقة واحدة فقط وأمام مسجد واحد، وعليك الحساب مع البقية وفي أماكن أخرى.
كما ألاحظ، وهذه حقيقة مثبتة بالصور، أن غالبية مستخدمي حارة الطوارئ، أو كتف الطريق، في أوقات ازدحام المرور هم من الملتحين أو المنقبات والمحجبات. وقد حاولت في مرات كثيرة إيقاف مركبات البعض منهم وسؤالهم عن سبب إصرارهم على المخالفة وسلب حقوق غيرهم في الطريق وتعريض حياتهم وحياة الآخرين للخطر، فكانت الابتسامات البلهاء هي الجواب في غالبية تلك المحاولات!!
وبهذه العجالة أو التساؤل عن السبب في حاجة القاهرة مثلا لراهبة بلجيكية من مواليد بداية القرن الماضي، لتأتي وتعيش، لعقود طويلة، في مزابل فقرائها، ولتعتني بمشرديها من المسلمين؟ ولماذا لا يوجد بيننا من أمثال هذه الراهبة، أو حتى ربع «الأم تريزا»؟ هل لأن التقاليد تمنع المرأة من القيام بمثل هذه الأعمال «المهينة» لكرامتها أو عائلتها مثلا؟
ولماذا تكررت محاولات مسلحي وإرهابيي طالبان تشويه وجوه الطبيبات والممرضات الأجنبيات اللاتي تطوعن للعمل في مخيمات اللاجئين الأفغان؟ هل للشك في أنهن حاولن مثلا تعليم نسائهم ما حرموا عليهن تعلمه؟
ولماذا اغتال أوباش الحركات الدينية المتطرفة في باكستان كل من حاول تقديم يد العون لهم من الأوروبيين، وكانت آخر ضحاياهم ممرضة في الرابعة والثلاثين من عمرها؟
ولماذا يحاول هؤلاء المتطوعون الغربيون، المختلفون عنا في كل شيء، تقديم يد العون والمساعدة لبؤسائنا الذين تسببت تصرفاتنا الحمقاء في بؤسهم، ولا نحاول حتى مجرد السماح لهم بأداء ما أتوا من آلاف الأميال لأدائه دون تشويه وقتل؟
وطالما اننا أحسن وأفضل من غيرنا، كما تعتقد الغالبية منا، فلم لم يكن منا مكتشف الصحارى والغابات ومتسلق الجبال وعابر المحيطات؟ ولماذا عشنا أكثر من سبعة آلاف سنة حول النيل لا نعرف منابعه، وعشنا الفترة نفسها بجوار الربع الخالي دون أن تطأها أقدامنا، ليأتي من هو «أقل فضلا وخيرا» منا ليكتشفها «لنا» ويضع خرائطها ويرسم حدودها ومساراتها ويعلمنا عما هو مدفون في باطنها من خيرات؟
قد يرد قائل إن ما فعله المكتشفون والرحالة الغربيون لدينا فعلوه في أماكن أخرى، وهذا صحيح، ولكن الآخرين لم يدعوا يوما أنهم أفضل وأحسن وأخير من غيرهم!! فشباب صحوتنا لم يتوانوا أو يترددوا، في السنوات الثلاثين الأخيرة على الأقل، وفي مشارق الأرض ومغاربها، عن انتزاع أرواح آلاف الأبرياء في مئات عمليات القتل الإرهابية، ولم يفكر أحدهم حتى بمحاولة تسلق جبل في «تورا بورا» عن غير اضطرار!!

أحمد الصراف

احمد الصراف

ثماني علامات استفهام

تموج الساحة السياسية بعشرات الآراء المتعلقة بمستقبل البلاد السياسي وما يتوقع حدوثه في المقبل من الأيام. ويبدو أن الغالبية تتوقع حل البرلمان وتعليق الديموقراطية لفترة سنتين على الأقل. وعلى الصعيد نفسه يقال ان الإدارة الاميركية الحالية، المعنية الدائمة بموضوع الحريات السياسية في الكويت، منذ حرب تحريرنا من براثن الغزو الصدامي، غير عابئة هذه المرة كثيرا بمسألة تعليق الدستور إذا كان الحل سيؤدي لإطلاق يد الحكومة الكويتية في إسقاط ديون العراق والتخفيف من مبالغ التعويضات، وما سينتج عن الحل من تشجيع دول مجلس التعاون الأخرى لتقديم المزيد من المساعدات المادية والمعنوية للنظام العراقي الجديد المثقل بمختلف الأعباء، وما سيكون لكل ذلك من أثر كبير في التخفيف من أعباء تمويل وجود اميركا في العراق!
لا أعرف مدى صحة ما يشاع من أن جهات «متنفذة» دفعت وبذلت الكثير لإيصال الأمور والنفوس الى ما وصلت إليه من استياء حاد لأداء أعضاء البرلمان وللديموقراطية ككل، لكن هذا ما وصل إليه الحال، ولا مجال لادعاء عكسه. ولكن بالرغم من هذه الحقيقة الواضحة التي يمكن تلمسها من خلال ما ينشر ويبث في وسائل الإعلام الخاصة وردود فعل الشارع، الذي تعكسه المنتديات والبلاغات ورسائل الهاتف القصيرة والإنترنت، فإن المسألة ربما تكون أكثر تعقيدا.
فمن الواضح أن أطرافا في الأسرة ترغب في الوصول للسلطة، ولكن بأقل قدر من «تحميلة الجميل» أو المعروف، أو حتى الجهد.
كما من الواضح أيضا أن أطرافا أخرى في الأسرة ستخسر الكثير من «مكتسباتها المادية الحالية والمتوقعة» في حال بقاء هذه الحكومة وهذا المجلس، أو على الأقل الاستمرار في إقصائها عن مراكز اتخاذ القرار.
إضافة طبعا لما يشاع عن وجود جهات ثالثة داخل البرلمان طلب منها تحقيق تطلعات الجهات المؤثرة أعلاه، من خلال دفع الأمور للحافة بحيث يصبح لا مهرب من حل البرلمان!
كما أن غالبية المراقبين والنشطاء السياسيين، دع عنك بقية المواطنين، قد سئموا، الى درجة المرض، من ضعف الحكومة وهوان حالها بعد تكرار تراجعاتها وتنازلاتها!
كل هذا واضح وقد يكون كافيا لأن تبدي الحكومة رغبتها في عدم التعاون مع مجلس الأمة لتبدأ عجلة الحل بالدوران!
ولكن، ما الذي سيحدث لو حل البرلمان بطريقة غير دستورية لفترة سنتين أو أكثر؟ هل سيقبل الشارع، وقبل ذلك القوى السياسية بالحل بسلام؟ لا أعتقد أنها ستقبل بسهولة مسألة الحل «غير الدستوري»، كما أعتقد أن حالة من الصدام الشرس ستحل محل الحوار العقلاني!
ولو افترضنا أن الاعتراض أو النقمة سيتم امتصاصهما عن طريق مجموعة من الإجراءات الحكومية ذات الطابع الشعبي فهل لدى الحكومة حقا خطط عملية وواضحة يمكن اللجوء إليها؟
ولو كانت هناك مثل هذه الخطط، التي عادة ما تكون مالية بحتة، فهل تسمح أوضاع الدولة المالية بذلك، علما بأن مؤشرات الكساد المرتقب تطل بقرونها علينا، وأسعار النفط في هبوط مستمر؟
وماذا لو أظهرت أي من حكومات الجوار عداءها للكويت، فهل ستلجأ الحكومة ساعتها الى أميركا طالبة منها الوقوف معنا؟
وماذا لو اشترطت هذه عودة الديموقراطية أولا وفورا قبل قبولها بدعم الكويت أمنيا؟
وأخيرا، هل هناك ضمان أن بإمكان الحكومة، في غياب مجلس الأمة، تنفيذ كل الخطط والمشاريع التي طالما انتظرها الناس، وتاريخها يقول عكس ذلك تماما؟
وماذا لو أعاد الناس انتخاب غالبية نواب «التأزيم» بعد سنتي الحل، إن مرتا بسلام، فهل ستعود حليمة المجلس لعادتها القديمة نفسها؟
ثماني علامات استفهام لثمانية أسئلة تصعب الإجابة عنها في ظل كل هذا التردي الذي نعيشه جميعا بعد أن سلمت الكثير من مقدرات البلاد للجهلة من قيادات التيارات الأكثر جهلا!

أحمد الصراف

احمد الصراف

دكتوراه وأثقل نعال

ناشد المنسق العام لـ «تجمع حملة شهادات الدكتوراه الكويتيين»، السيد سلطان الشريدة (الرؤية 12ــ10) اللجنة التشريعية في مجلس الامة البت في اقتراح بقانون قدم اليها يتعلق بتنظيم اوضاع حملة شهادات الدكتوراه العاملين في الجهات الحكومية!
يعني هذا ان المنسق العام للتجمع، والذي ربما يوجد معه منسقون آخرون اقل عمومية، يمثل مجموعة من المواطنين الكويتيين الذين ترك البعض منهم وطنهم وتغربوا ليدرسوا في الخارج، وجلس بعضهم الآخر في بيوتهم ليراسلوا مجموعة عناوين لمواقع معينة على الانترنت، وليحصلوا، بطريقة او بأخرى، على شهادة «دكتوراه» من جامعات ما، وبعضها اشتهر ببيع شهادات جامعية، كالتي حصل عليها نائب معروف سبق ان قابل رئيس الوزراء ليريه الشهادة التي لا تساوي حتى ما أنفق من حبر في كتابتها، ان هؤلاء جميعا لم يتم الاعتراف بشهاداتهم، وبالتالي اصبح وضعهم الوظيفي مقلقاً ومعلقاً، كما ان بعضهم من غير وظيفة!
وهنا يطالب السيد سلطان الشريدة اللجنة التشريعية ومجلس الامة بإصدار قانون يمكن عن طريقه تجاوز تحفظات وزيرة التربية ووزيرة التعليم العالي واعتراضات قيادات الجامعة والمعاهد التطبيقية والمتخصصة والعسكرية، القاضية بعدم قبول اعتماد شهادات صادرة من جامعات غير معترف بها او «خرطي»، وتحويلها الى شهادات معترف بها بالرغم من انف رافضيها، وحتى الجهات التي سبق ان اصدرتها، والتي تعلم أن لا احد يعترف بها!
والعجيب والفاضح ان المنسق العام شكر النائبين علي الهاجري ومحمد الهايف لموقفهما «العظيم والمشرف» الرافض حتى لفكرة قيام اللجنة التشريعية بالاستئناس برأي وزيرة التربية وقياديي الجامعة، وضرورة تجاوزهم والموافقة على مقترح قانون الاعتراف بشهادات هؤلاء من دون تردد، ومن دون نقاش مع اي طرف!
وهذه هي السابقة الاولى في تاريخ الجنس البشري التي يطالب فيها برلماني (!!) بالاعتراف بشهادة جامعية بقوة القانون.
وبالأصالة عن نفسي وعن بقية الشعب الكويتي من غير حملة شهادات الدكتوراه المشكوك فيها، نناشد اللجنة التشريعية في مجلس الامة إمهالنا بضعة اسابيع لكي نتمكن جميعا من الاتصال بالجامعات السهلة و«السبهللة» الموجودة في العالم والحصول منها على شهادات دكتوراه متنوعة، ومن ثم لمجلس الامة، بقيادة النائبين الهاجري والهايف، اصدار قانون الاعتراف بهذه الشهادات مرة واحدة لنصبح بعدها شعبا كامل الدسم من حملة شهادات الدكتوراه، وندخل موسوعة «غينيس» للارقام القياسية على انجاز علمي غير مسبوق، وليس لسبب يتعلق بصنعنا اكبر «بيتزا» في العالم او امتلاك اطول لسان او انتاج أثقل نعال!
نتمنى من محبي النائب محمد الهايف تقديم الشكر له على موقفه «المشرف» من حملة شهادات الدكتوراه غير المعترف بها، وسعيه الحثيث لإنصافهم! وموقفه هذا كفيل بجعل العالم اجمع يضحك على كمال «خيبتنا»!
* * *
• ملاحظة: قال لي صديق ان هناك ثوابت وهناك متحركات. والامثلة تشمل كل شيء تقريبا. وقال ان ثوابته الدينية والسياسية والاخلاقية صلبة وثابتة ولا يخاف عليها من الاهتزاز، وبالتالي لم يفكر يوما في القيام بأي فعل للحفاظ على قوة ثباتها. اما ثوابت الآخرين، على حد قوله، فإن اهتزازها المستمر واهتراء قواعدها يتطلبان منها تكوين لجان ووضع خطط للسيطرة على اهتزازها المستمر! وفهمكم كاف.
* * *
• ملاحظة (2): طالب النائب حسين القلاف بحل مجلس الامة وتعليق الدستور الى اجل غير مسمى! ولكن، ألم يقسم القلاف علي احترام الدستور والمحافظة عليه؟ ام ان هذا القسم عند السيد القلاف وبقية النواب لا يعني شيئا ولا يسوى قيمة الورقة التي قرأوا منها نص القسم؟

أحمد الصراف

احمد الصراف

آلاف كلينتون و«الوطني»

قام البنك الوطني قبل يومين باستضافة الرئيس الاميركي الأسبق بيل كلينتون ليكون ضيفا رئيسيا في حفله السنوي المعتاد. وكان الرئيس السنغافوري لي كوان يو ضيف العام الماضي.
وقد تطرق الزميل محمد مساعد بطريقة فكهة الى موضوع المكافأة التي حصل عليها الضيف الكبير، وقال انها ربما كانت 500 الف دولار. كما تحدث آخرون عن ارقام اكبر. واستنكر صديق ضخامة المبلغ واستهجن دفعه لرئيس أسبق!
على الرغم من اهمية المبلغ، وضخامته النسبية، مقارنة بالوقت الذي انفقه الضيف في إلقاء كلمته والاجابة عن بضعة اسئلة، فإن الامور في واقع الحال اكثر تعقيدا مما يظن ويعتقد البعض. وحتما لو كان الضيف فردا عاديا لما نال الموضوع كل هذه الضجة، ولما حصل على ذلك المبلغ، وهذا من بديهيات الحياة. ونجد هنا ان من الضروري توضيح الامور التالية:
أولا: المبلغ الذي تم تداوله شفاهة وكتابة غير دقيق، ونعتقد، بحكم خبرتنا، انه بحدود 150 الف دولار او اكثر قليلا. وهذا المبلغ لم يدفع لغرض سفيه ولن يصرفه الضيف على شراء كماليات سخيفة، بل قام البنك الوطني، حسب اعتقادنا، وهذا ما استنتجناه من اللوحات التي كانت تزين قاعة الاحتفال، قام «الوطني» بدفعه لـ «صندوق كلينتون الخيري»، كما هي حال جميع المبالغ التي يحصل عليها الرئيس الاسبق في مناسبات مماثلة، وهي حتما عديدة.
ثانيا: يقوم صندوق كلينتون بالصرف على مشاريع ومبادرات عالمية متعددة، بإشراف مؤسسة كلينتون، وخصوصا في الدول الاكثر احتياجا للمساعدات، وبالذات في مجالات الدراسة والابحاث العلمية والبيئة ومحاربة الفقر وغير ذلك الكثير. وبالتالي، فهذا المبلغ دفع للشخص المناسب ليصرف في المكان المناسب. ولمعرفة المزيد عن انشطة هذا الصندوق يمكن الرجوع الى العنوان التالي: www.clintonglobalinitiative.org ، ليرى حجم النطاق الكبير الذي تغطيه انشطة الصندوق، علما بأن هذا الصندوق وما تلقاه ويتلقاه من مساهمات خارجية (خليجية) سيكون له دور شبه سلبي في موافقة الكونغرس الاميركي على تعيين هيلاري كلينتون في منصب وزيرة خارجية حكومة باراك اوباما!
ثالثا: اعتقد ان حجم الدعم المعنوي الذي حصل عليه البنك المضيف والسمعة الطيبة التي كسبتها الكويت عالميا من وراء وجود شخصية بحجم الرئيس كلينتون، يساويان ما دفع لصندوق كلينتون ويزيد على ذلك بكثير.
رابعا: لو قمنا بمقارنة المحصلة من صرف مبلغ 150 الف دولار مثلا على حملة اعلانية عن البنك، لما كان مردودها اكبر من حجم المردود الدعائي والمعنوي الكبير الذي حصل عليه البنك، والكويت بالتالي، من الزيارة. وبناء على ما سبق يجب النظر الى الموضوع من منظورين اعلاني ومعنوي، اضافة الى جانبه الخيري الكبير، خصوصا ان البنك يسعى للتوسع على النطاق العالمي، حسبما ورد في كلمة السيد دبدوب، الرئيس التنفيذي لمجموعة البنك الوطني، في ذلك الحفل.
نشكر «الوطني» على مبادراته المميزة في هذا المجال، ونتمنى لإدارته ومساهميه دوام التقدم، كما نتمنى ان تحذو البنوك الاخرى حذو هذا البنك الرائد.
> ملاحظة: نشرت «القبس» (10 ـــ 11) نقلا عن موقع الكتروني، خبرا عن اقدام وزارة الخزانة الاميركية على تعليم «انظمة التمويل الاسلامي» لوكالات التنظيم المصرفي والكونغرس وباقي اجزاء الفرع التنفيذي في واشنطن!! ولعدم منطقية الخبر، في ضوء الخسائر المخيفة والهائلة التي منيت بها الشركات والبنوك الاسلامية بالذات، كغيرها من المؤسسات، فقد قمنا بالبحث في الانترنت وتبين عدم صحة الخبر جملة وتفصيلا. ونشر هذه الملاحظة دليل صحة وعافية «القبس».

أحمد الصراف

احمد الصراف

أربعة مطبات

1 ـــ توجد لدينا وزارتا صحة واشغال وهيئة عامة للبيئة ودوائر في البلدية معنية بإشغالات الطرق والنظافة العامة ويعمل فيها جميعا جيش من الموظفين المعنيين بنظافة الشوارع والسواحل والطرقات، ومع هذا وجد السفير الياباني ان هذا الجيش عار على الكويت وشعبها، ولهذا قام، ومجموعة من المتطوعين من مقيمين ومواطنين، بحملة لتنظيف جزء من شاطئ الشويخ!
ألا يمثل هذا العمل التطوعي، على الرغم من نبله، صفعة لنا جميعا؟ وألا يتضمن رسالة بأننا شعب غير نظيف وغير آبه بنظافة شواطئه، وربما نفسه؟ الا نخجل من قيام سفير دولة عظمى بمهمة تنظيف شواطئنا نيابة عنا وعن جيش موظفي الدولة الذين لم تنشف حناجرهم ولم تتعب حلوقهم عن المطالبة بزيادة الرواتب وتحسين العلاوات وإلغاء القروض عنهم؟
* * *
2 ـــ ورد في «السياسة» (9 ـــ 11) ان ثلاثة ملتحين من جماعة «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» في السعودية قاموا «بزيارة» الشاعر رشدي الدوسري، في مكان عمله في مدينة الدمام، واوسعوه لكما ولطما وشتما، ومن ثم اقتيد الى مركز الهيئة، حيث اعطي حفلة اخرى من الاهانات، قبل ان يتم اخلاء سبيله! حدث له كل ذلك لانه فاز بجائزة «الادب المعاصر» في مهرجان شعري اقيم في العاصمة البولندية وارسو! والسؤالان اللذان يطرحان نفسيهما امامنا طرحا هما: هل كان رجال «هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر» سيفقأون عين الشاعر مثلا لو لم تفز قصيدته بالجائزة الاولى؟ ام انهم كانوا «سيهتمون» بأمره بطريقة اخرى؟
ومتى سيأتي اليوم الذي سيضرب فيه الشعراء والادباء والكتاب في الكويت في اماكن عملهم، وعلى مرأى من زملائهم واهاليهم، على ما اقترفته ايديهم واقلامهم من كتابات لا تتفق وهوى اعضاء لجنة «مقاتلة الظواهر السلبية»؟
* * *
3 ـــ أخبرني صديق يتعامل مع «الجمعيات التعاونية» انها بدأت مؤخرا بفرض ضريبة على التجار تتمثل في اجبارهم على دفع مبلغ نقدي محدد كمساهمة في رحلات عمرة الجمعية! وقال ان التاجر يقوم عادة بإضافة مبلغ التبرع «القسري» لثمن مبيعاته للجمعية، مما يعني ان المستهلك هو الدافع الفعلي لتلك الضريبة التي تساهم بطريقة مباشرة في ارتفاع الاسعار. كما ان اصحاب واقرباء اعضاء مجالس ادارات هذه الجمعيات هم المستفيدون عادة من رحلات العمرة هذه، كما انها تساهم في زيادة شعبيتهم، ومن جيب المساهم والمستهلك! ولا ادري العبرة من قيام الجمعيات التعاونية بترتيب رحلات عمرة على حساب اعضائها.
* * *
4 ـــ تعليقا على مقال الامس المتعلق بشبهة تقاعس «جمعية اعانة المرضى» عن المطالبة بمبلغ الـ 12 مليون دولار، والذي سبق ان اتهم محاسب الجمعية بسرقته، فقد ذكر قارئ صديق أن المبلغ ربما لم يختلس ولكن تم «تهريبه» بتلك الطريقة المسرحية من الكويت لتمويل عمليات مشبوهة (!!!)
هل هناك من يود الرد على مثل هذا الاتهام الصريح؟

أحمد الصراف

احمد الصراف

12 مليون المحاسب

قام محاسب مصري، يعمل في جامعة أو «جمعية إغاثة المرضى» التي يسيطر عليها السلف منذ سنوات، والتي لم يطرأ تغيير أساسي على مجلسها منذ تأسيسها، قام محاسبها، قبل فترة بسرقة أكثر من 12 مليون دولار من حساباتها في مصرف محدد. وبالرغم من أن سرقته لم تكن من خلال عملية سحب واحدة، بل تمت من خلال عشرات التحويلات والشيكات وعلى مدى سنوات، فإن أيا من مسؤولي الجمعية أو أعضاء مجلس إدارتها لم يداخلهم شك بتناقص رصيد الجمعية أو بسبب تكرار سفر المحاسب إلى دبي والقاهرة، بالرغم مما عليه من علامات استفهام أمنية سابقة على عمله في الجمعية. ويمكن تبرير ذلك إما بضخامة أرصدة الجمعية في المصرف بحيث لم يظهر تناقصها من سحب أكثر من ثلاثة ملايين دينار، أو بضخامة بساطة عقول المشرفين على الجمعية وتواضع إمكاناتهم الرقابية، أو كما أشيع، لوجود تواطؤ داخل الجمعية مع المحاسب السارق الهارب!
من اليوم الذي هرب فيه المحاسب بما حمل واكتشاف العملية، وعلى مدى شهرين، لم تتوقف تأكيدات رئيس الجمعية وبقية أعضائها للصحافة بأن أموال الجمعية سيتم استردادها، وان السارق سيقدم للمحاكمة على ما جنته يداه بحق أموال «خيرية»، وان الحق لن يضيع، وان السلطات الأمنية في مصر متعاونة، وان وفداً من الجمعية قام بالسفر إلى دبي ومصر لوضع اليد على ممتلكات المتهم وشركاته، وان المفاوضات جارية معه لدفع جزء مما عليه، وان… وان… وفجأة خف الرمي وسكتت مدافع التصريحات، ونسي الجميع القضية إلى أن خرج علينا مدير إدارة الجمعيات الخيرية والمبرات في وزارة الشؤون، السيد ناصر العمار، بتصريحه لـ «القبس» في 12-11 من أن قضية اختلاس أموال «جمعية إعانة المرضى» فتحت أبواب الخير على الجمعيات الأخرى، وان معظمها حرص على التدقيق على أمواله ومشاريعه، وأوجه الكسب والإنفاق!
يظهر من واقع التصريح ان مبلغ الـ 12 مليون دولار أصبح في حكم الماضي وتحولت القصة إلى درس لبقية الجمعيات، وربما تمت الطمطمة على الموضوع لتورط أسماء كبيرة فيه. خاصة ان المتهم هدد بكشف من وراءه ان تم استرداده لمحاكمته. كما بين تصريح المدير كذلك ان كل ما يقال عن وجود رقابة مشددة على الجمعيات «الخيرية» غير صحيح! فلا يزال الكثير منها لا يمارس التدقيق على أمواله ومشاريعه ولا يعرف أوجه الكسب والإنفاق فيها!
كما بين التصريح أيضاً ان هناك أموالاً طائلة في الجمعيات، وان الوزارة «جففت» المنابع غير الشرعية لجمع التبرعات، وهذا يؤكد ما كنا نكرر دائماً عن وجود «منابع غير شرعية»، وكان البعض يستكثر علينا قول ذلك!
وورد في المقابلة أيضاً ان هناك مبرات وهمية لا وجود لها على أرض الواقع!
وقد جاءت مقابلة «القبس» بعد التصريح «الشهير» الذي أدلى به السيد الشريفي المشرف الإداري في جمعية إعانة المرضى، من أن الجمعية أسهمت في إعادة النور لأعين 10 آلاف شخص (وفي مكان آخر من المقابلة 70 ألفا)!
وطبعاً ليس بإمكان الجمعية، أو أي طرف آخر، تأكيد هذا الرقم الخرافي والجزافي، ولكن الحق على من يصدق مثل هذه الادعاءات.

أحمد الصراف

احمد الصراف

منطق الشتم.. وطلسم «البدون»

التدهور الخلقي – دع عنك التخلف الفكري، الذي يعاني منه بعض شباب الصحوة، وربما بعض شيوخنا – أمر لا يثير الدهشة فقط، بل والقلق الشديد!! فكمّ الشتائم التي تردني على الإنترنت، أو على ما ينشر لي في جريدة الآن الإلكترونية من مقالات مختارة، أو ما يرد «القبس» من تعليقات، وغالبية مرسليها من مجهولي الهوية، يبين بوضوح اننا أمة لا تقرأ، وإن قرأت فلا تفهم، وإن فهمت فإن تطرفها الفكري أو القبلي أو الطائفي لا يجعلها ترى إلا ما يرضي التافه من غرائزها! والعجيب ان غالبية من هاجمني أخيراً أنكر علي صفة الليبرالية، وقال إنني طائفي. ولو أحضرت لهؤلاء شهادة من بان كي مون، تبين ليبراليتي لنالني الكم نفسه من الشتائم، ولكن هذه المرة لأنني ليبراليتي!! ولعلم هؤلاء وغيرهم فأنا لست لا هذا ولا ذلك.. وموتوا بغيظكم تساؤلاً!!
وقد سبق ان نالني الكم نفسه من الشتائم «الأنيقة» عندما كتبت مقالاً قبل أسابيع عن حرمة الموسيقى في نظر البعض. ولم أستغرب وقتها لهجة الهجوم، فمن لا يحب الموسيقى، أو يحرم سماعها على نفسه وعلى الغير، يمكن أن تصدر عنه أصوات وكلمات كثيرة منكرة ومنفرة.
وبهذه المناسبة ذكرني قارئ فاضل، ورجل دين معروف، من تونس بفتوى سبق ان صدرت قبل بضعة عقود تعلقت بتحريم تصوير كل ما له روح، من ضمنها الصور الشخصية التي يحتاجها الفرد لإصدار جواز سفر أو اجازة قيادة مركبة!! ويقول القارئ إن هذه الفتوى نسيت وضاعت، أو تم تجاهلها، في خضم الأحداث وإن لم تلغ رسمياً، رغم ان حجم الهجوم على المشايخ القائلين بجواز التصوير وحجم الانحياز للقول بمنع التصوير جعله يقف وقفة تأمل في مقدار التراجع في ما يتعلق بهذه الفتوى، خاصة ان المسألة لم تتعلق وقتها بفرد أو مجموعة صغيرة، بل بآلاف من رجال الدين وطلبة العلوم الشرعية وعوام الناس في الكثير من الدول الإسلامية، الذين انشغلوا وقتها بتأييد الفتوى أو معارضتها، وفجأة وبعد كل تلك الضجة وذلك الصخب تم تجاهلها وتناسيها والعمل بعكسها بكل اطمئنان وكأنها لم تكن، لا بل زادوا عليها بتسابق أطرافها أو مصدريها على نشر صورهم في جميع المجلات والصحف، وبالألوان، والظهور بشخوصهم على مواقعهم الإلكترونية وعلى القنوات الفضائية واقتناء أحدث آلات التصوير الكافرة!! ولو قارنا تصرفات الرجال أنفسهم الذين سبق ان حرموا التصوير أو غير ذلك من المحدثات بما يفعلونه اليوم لكان ذلك، حسب قوله، بمنزلة الثورة الكاملة!!
ان المصير الذي لقيته فتوى تحريم التصوير سيكون مصير الفتاوى غير العقلانية وغير المنطقية نفسها التي تصب علينا، وما أكثر ما يصدر عن رجال الدين في منطقتنا من لغو الكلام والتطرف في الرأي، بحيث لم يتركوا أمراً لم يدلوا بدلوهم فيه ليزيدوا من إرباك الأمة التي لن تسنح لها حتى فرصة القيام من سباتها، الذي طال في أحضان هؤلاء المتخلفين.
ملاحظة: ترفض جهات كثيرة تقديم الخدمة التعليمية والعلاج لغير محددي الجنسية (البدون). وربما لا تزال الصحة ترفض إصدار شهادات لمواليدهم الجدد، على الرغم من حكم المحكمة، كل ذلك بحجة ان هؤلاء لا وجود لهم!! ولو قبلنا بهذا العذر غير الإنساني والواهي، فكيف يمكن أن نفهم خبر إلقاء القبض على «بدون» مطلوب على ذمة 18 قضية سرقة ؟! فهذا يعني أن هذا الشخص له وجود وملف أمني في وزارة الداخلية، ولكن لو وضعت زوجته مولوداً فلا تصرف له شهادة ميلاد، لأن لا وجود للأم والأب لدى وزارة الصحة في الدولة نفسها! هل هناك من يود مساعدتنا في فك هذا الطلسم؟!

أحمد الصراف