أحمد الصراف
habibi [email protected]
يعتقد بعض أصحاب النفوس المريضة والسذج أنني اهدف، من وراء كتاباتي، الى تقويض دعائم الدين وخلخلة اركانه، وهذا ما لم يستطع القيام به من هو أعتى واقوى مني رأيا وحجة، فالدين باق ولن يضيره مقال هنا او رأي هناك!
ما نهدف اليه، ويهدف اليه غيرنا من الكتاب الذين يمكن وصفهم «تجاوزا» بالليبراليين او العلمانيين، هو تحقيق اهداف ثلاثة رئيسية:
اولا: الحد من سيطرة رجال الدين على مقدرات الناس والتحكم في رقابهم وآرائهم، من خلال فتاواهم، ووقف استغلالهم للدين لتحقيق الرخيص من الاهداف.
ثانيا: فصل الدين عن الدولة بحيث تتحقق الديموقراطية بصورتها الصحيحة، فلا ديموقراطية من غير حرية رأي.
ثالثا: ازالة كل ما علق بالدين على مدى عقود من التخلف، وجعله اقرب للعقل والقلب.
وللتدليل على «ثالثا» فإن ذاكرتي تزخر بكم هائل من المتناقضات التي تملأ حياتنا، والتي تكاد تخنق حس المنطق والفهم لدينا بحيث لا نعرف كيف نتصرف. فالضحك والبكاء يندمجان معا في تراجيديا عندما نسمع مثلا ان نائبا متخلف الفهم والفكر استغل «نفوذه» في اقناع ادارة المرور بتغيير اتجاه كاميرات السرعة بحيث تقوم بالتقاط ارقام السيارات المخالفة لحدود السرعة من الخلف، وليس من الامام، لان جناب النائب لا يرغب في ان تصور كاميرات الدولة «نسوة بيته» وهن مسرعات، ولكن لا مانع لديه من قيامهن بمخالفة القانون، لثقته بأن المخالفة ستسقط.. بالواسطة!
وفي مثال آخر، أجرت قناة المجد مقابلة مع الدكتور العالم عبدالباسط سيد، ورد فيها ان رائد الفضاء آرمسترونغ قال انه عندما اصبح في الفضاء رأى ان الارض كرة معلقة ومظلمة، ووجد شعاعا يخرج منها، وبالتدقيق اكثر تبين ان الشعاع يخرج من مكة، وبتقريب اشد تبين انه يخرج من الكعبة، وان له خاصية محددة، وان مكة تعتبر منطقة زوال مغناطيسي، ومن يزر مكة او يعش فيها يصبح اطول عمرا واكثر صحة.. لانه يتعرض لتأثير اقل من الجاذبية الارضية. وقال ان في المتحف البريطاني 3 قطع من «الحجر الاسود» وان علماء المتحف اثبتوا انه من غير احجار المجموعة الشمسية!
وغني عن القول ان كل ما ذكره هذا «العالم المصري الفذ» لا صحة له، فخلال اكثر من 1400 عام لم يدع احد انه رأى شعاعا يخرج من مكة، كما ان معدلات الحياة في مكة لا تختلف فيها عن أي مدينة سعودية اخرى، والحجر الاسود لم يسبق ان فحصت خواصه من اي جهة حتى الآن، والقول بأنه من خارج المجموعة الشمسية فهو ادعاء، فالمتحف البريطاني، حسب موقعه، لم تجر اي تجارب عليه، حتى كتابة هذا المقال، ولم ينشر اي بحث بهذا الصدد.
المؤسف ان حديث هذا «العالم»، واقوال وادعاءات كثيرة اخرى للعشرات من هذه النوعية من «العلماء» من امثال زغلول النجار وعبدالحميد الزنداني، الذي قال ان آرمسترونغ اكد صحة القرآن، وكأن المسلمين بحاجة لشهادته، كل هذه يتم تداولها على شبكات الانترنت، وتسيء الينا جميعا، شئنا ام ابينا، وهنا تكمن مهمتنا في كشف هؤلاء والتنبيه الى خطرهم، فما يقومون بترويجه من قصص ونظريات لا هدف من ورائها غير الشهرة الفارغة واحياناً الاثراء غير المشروع.