احمد الصراف

نفحات الوزير باقر.. وسيوفه

قام وزير التجارة، وممثل الحركة السلفية في الحكومة، بعقد مؤتمر صحفي قبل ثلاثة أشهر تقريبا، بتاريخ 7/10/2008، أكد فيه الأمور التالية:
أولاً: إن التراجعات التي شهدها سوق الكويت للأوراق المالية وقتية بسبب التأثر النفسي والهلع مما يحدث في العالم.
ثانياً: اقتصاد الدولة متين وليس لدينا أدنى تخوف من انهيار بنوكنا.
ثالثاً: اقتصادنا قائم على النفط الذي يتداول على قيم جيدة.
رابعاً: تقوم مؤسسات مالية أميركية بإيداع أموالها في البنوك الكويتية، ولدينا تأكيد “يفوق الوصف” على متانة الاقتصاد الكويتي، وبنوكنا “الأفضل” عالميا.
خامساً: إيقاف التداول في البورصة غير منظور.
سادساً: مشروع قانون “هيئة سوق المال” سيكون جاهزا لتقديمه إلى مجلس الامة لإقراره.
سابعاً: أكد الوزير بكلمات حازمة عدم وجود أي تلاعب في التداول، وأن نظام التداول بإمكانه كشف أي محاولة من هذا النوع وتطبيق العقوبة على من يخالف.
لا يتطلب الأمر الكثير من الذكاء والذاكرة القوية لنتبين أن تصريحات الوزير لم يتحقق منها شيء. فتراجع الأسعار في سوق الكويت للأوراق المالية لم يكن وقتيا، بل استمر منذ مؤتمره وحتى اليوم من دون توقف، ولفترة أطول مما توقع الكثيرون، وليس فقط الوزير. أما ان اقتصادنا قائم على النفط فهذا صحيح، ولكن ما هو غير دقيق قوله إن النفط يتداول بأسعار معقولة، وانه من غير المتوقع انهيار اسعار النفط إذا دخل الاقتصاد العالمي مرحلة الكساد! فما نراه أمامنا امر يثير الهلع حقا. أما القول ان مؤسسات أميركية تقوم بإيداع أموالها في مصارفنا، فهذا ادعاء ما كان يجب أن يصدر عنه، وقوية منه، فما أودع في فروع مصارف كويتية من أموال لا يمكن وصفه بالمبالغ الكبيرة، بل بالفتات ولفترة محدودة، مقارنة بحجم الأموال التي خرجت من الكويت خلال فترة الهلع.
ولا نزال، وبعد مرور كل هذه الفترة الطويلة، بانتظار صدور قانون “هيئة سوق المال” الذي أصبح كبيض طائر الصعو الصغير الذي نسمع به ولا نراه!
أما قضية التلاعب في البورصة فلا شك أنها مضحكة وغريبة، فالتلاعب كان ولا يزال وسيستمر.
نتمنى عدم ورود اسم السيد أحمد باقر في التشكيلة الوزارية الجديدة، ووزيراً للتجارة بالذات، ففي عهده الميمون لم يتحقق شيء يذكر، بل كانت سنوات عجافا لكل قطاعات العمل فيها، خصوصا في هيئة الصناعة!

أحمد الصراف

احمد الصراف

مسلمات ودماء ودموع

يعتزم احد نواب البرلمان الباكستاني تقديم مشروع يحرم زواج القرآن الذي ينتشر في مقاطعة السند الغنية. ويعتبر هذا النوع من الزواج مشروعا، حيث يتم بمقتضاه قيام العائلات الغنية بتزويج بناتها، وهن صغيرات، للقرآن، وبالتالي لا يمكنهن الزواج ثانية تحت اي ظرف إلى ان يمتن. ويهدف ذوو الفتاة من وراء عقد مثل هذا النوع من الزواج حفظ ثروة العائلة من التفتت بالحيلولة دون انتقالها إلى طرف اجنبي بالزواج!
وفي السعودية ونقلا عن صحيفة الوطن الكويتية قامت سيدة سعودية برفع دعوى على مطلقها بسبب اقدامه على تزويج ابنتهما البالغة من العمر ثماني سنوات لرجل يكبرها بخمسين عاما! وقال عبدالله الجطيلي محامي الزوجة، ان الطفلة تلميذة في المدرسة ولا تعرف انها متزوجة، وان المواثيق الدولية تستوجب الحكم لها بالطلاق!
بالأمس حكمت المحكمة بصحة الزواج ورفض الدعوى التي اقامتها الأم لأنها «غير ذي صلة» كونها مطلقة والأب هو الولي الشرعي على الطفلة!
وقد علق رجل الدين السلفي محمد عبدالله الهبدان بأن الزواج صحيح، وأن ما تقوم به الدول الاسلامية من تحديد لسن زواج الفتاة او الفتى مخالف للشريعة، ويعد «تضييقا» على الناس ما انزل الله به من سلطان. وقال ان المعيار الذي يسمح بهذا النوع من الزواج هو «شرط عدم الاضرار بالفتاة وبمدى قدرتها على تحمل الوطء»، فإن كانت تتحمل العملية الجنسية فلا ضرر من تزويجها! وبرر الهبدان الزواج في سن صغيرة بانه بحد ذاته قوة تحدث في الصغير يخرج بها من حالة الطفولة إلى حالة الرجولة!
رفي ايران لا تعارض فتاوى كثير من رجال الدين الشيعة، ومنهم الامام الخميني، زواج الفتاة الصغيرة حيث اجاز الاخير في كتابه «تحرير الوسيلة» هذا النوع، حتى لو كانت الزوجة رضيعة!! علما بأن قوانين الاحوال الشخصية في ايران تجيز لولي الامر تزويج ابنته متى ما بلغت التاسعة من العمر!
اما في اليمن، فالأمر مختلف، حيث حصلت الصغيرة نجود علي الاهدل البالغة من العمر عشر سنوات علي لقب امرأة العام 2008 من «مؤسسة الرحمة العالمية لليتيمات»، بعد ان نجحت في اثارة اكثر من جهة بقصة زواجها غير المتعادل والذي انتهى بالحكم لها بالطلاق من زوجها ناصر السالمي البالغ من العمر ثلاثين عاما.
وعلى ذمة جريدة السياسة الكويتية قام مواطن بضرب زوجته ضربا مبرحا لتسببها في زيادة الملح في طعام الغداء، وقد قامت الزوجة باللجوء الى مخفر المنطقة وتقديم شكوى بحق زوجها، ومن المستبعد كثيرا حصولها على تعويض نتيجة تعدي زوجها عليها بالضرب.
وفي الكويت تقدم طبيب عربي مسلم قبل عشر سنوات تقريبا بطلب الزواج من طبيبة كويتية تعمل معه. رفض والدها الطلب، مما دفع الطبيبة الى ترك وطنها والسفر إلى دولة زميلها حيث تزوجا هناك واثمر زواجهما ثلاثة اطفال رائعين. تدخل الوسطاء، بعدها وأَُسقط اعتراض الاهل عنها، فرجعت إلى الكويت مع زوجها وابنائها لتلتقي بأهلها الذين حرمت من رؤيتهم لسنوات عدة، ولكن والدها فاجأها بحكم محكمة صدر في غيابها يقضي بتطليقها لأن الزواج تم بغير رضاه، طبقا لمذهبه الديني!!
وفي المانيا زادت اخيرا وتيرة جرائم «الشرف»، التي ينتشر ما يماثلها كثيرا في الاردن. وبلغ الامر الذروة عندما اقدم شاب افغاني في الرابعة والعشرين من العمر بطعن شقيقته مورسال، البالغة من العمر ستة عشر عاما، بــ 23 طعنة سكين وتركها تنزف امام الناس حتى الموت في محطة مترو هامبورغ، وكل ذلك لأنها اصرت على عدم ارتداء الحجاب ولرغبتها في مسايرة الموضة في ما تلبس.
ونختتم هذه الباقة من الاحداث الجنسية «المشرفة» بخبر في السياق العقلي نفسه الذي نعيشه، يتعلق بسقوط 15 يمنيا بين قتيل وجريح في قرية الخربة بمحافظة اب جنوب صنعاء، اثر نشوب صراع دموي بين عشيرة «مكابس» وعشيرة «بني عباس» استخدمت فيها القنابل والأسلحة الرشاشة، بسبب……. إقدام حمار من العشيرة الاولى بالاعتداء جنسيا على أتان (حمارة) من العشيرة الثانية من دون اذن صاحبها. والخبر نشر يوم 21ـ12 في الصفحة الاخيرة من «السياسة» الكويتية!

أحمد الصراف

احمد الصراف

الزرزور وعازف الفيولين

قبل اربعين عاما، عندما زرت لندن لاول مرة، صدمت حضاريا بأمور عدة ليس المجال هنا لسردها جميعا، ولكني اتذكر ان رؤية العصفور الصغير وهو يحط على طاولة الطعام التي كنت اتناول غذائي عليها في حديقة «الهايدبارك» كان مفاجئا لي! فلم يسبق ان امتلكت طيور بلدي تلك الجرأة في الاقتراب من البشر، وضحكت بداخلي وانا اكلم نفسي قائلا ان ذلك الزرزور الصغير ما كان ليجرؤ على المخاطرة بحياته ومستقبله، لو كان يعرف الخلفية «الحضارية» التي جئت منها، والتي لم تكن تسمح لطائر، مهما صغر حجمه، بأن يقترب كل تلك المسافة من دون ان تنتهي حريته او حتى حياته.. الى الابد.
كما كنت اتعجب من طريقة حياة الموسيقيين المشردين، واختيارهم الشارع كمأوى. وكثيرا ما كان العزف الجميل لبعضهم يستوقفني لدقائق طويلة للاستماع له وانا اعبر انفاق المترو الارضية في طريقي الى البنك، وكنت اتساءل دائما عن سبب عدم قيامهم بالعزف في الحفلات والاماكن العامة طالما كانت لديهم كل تلك المواهب! كما كنت احتار في سبب عدم وجود مأوى لهم في دولة غنية كبريطانيا، قبل ان اعرف ان غالبية هؤلاء كانوا ولا يزالون يفضلون ما يوفره لهم النوم في الشارع من حرية مقارنة بالعيش في الملاجئ، لما تفرضه من قيود على حرية تحركهم ونومهم وروتين حياتهم الخالي من اي التزام بقواعد او قيود لا تتقبلها نفوسهم التواقة للحرية المطلقة وغير المسؤولة!
تذكرت كل ذلك وانا اقرأ النص التالي من رسالة انترنت، وجدت ان من المجدي ترجمتها وبتصرف قليل: في يوم من ايام يناير الباردة اسند رجل ظهره الى حائط في احدى محطات مترو العاصمة الاميركية واشنطن، وبدأ بعزف مقطوعة رائعة للموسيقار العالمي باخ، على آلة فيولين قديمة، استمر عزفه لخمس واربعين دقيقة، واثناء ذلك مر به الآلاف في طريقهم الى اعمالهم، بعد ثلاث دقائق من العزف توقف رجل في منتصف العمر لثوان ليستمع له قبل ان يسرع الخطى مرة ثانية، وبعد دقائق اخرى توقف رجل للحظات ليسقط دولارا في الاناء الموضوع امامه، قبل ان يستمر في طريقه، وبعدها بدقائق جلس رجل آخر على مقعد خشبي مقابله وانصت للعزف مليا قبل ان ينظر الى ساعته وينطلق الى حال سبيله، واجبر طفل والده على التوقف لينظر في وجه العازف وحركات يديه، وكان الوحيد الذي ابدى اهتماما، او ربما فضولا، اكثر من الآخرين، ولكن وقوفه لم يطل كثيرا بعد ان اجبرته والدته على مواصلة السير! وتكررت الحال مرات عدة مع اطفال آخرين، وفي جميعها اجبروا على مواصلة سيرهم.
خلال الفترة كلها توقف 6 اشخاص فقط للحظات، ووضع عشرون شخصا اموالا في انائه، وكان اجمالي ما تجمع لديه يقارب مبلغ 32 دولارا، وعندما انتهى من العزف لم يلاحظ احد ذلك، ولم يكن هناك اي تصفيق، او تقدير لجهده، ولم يعرف احد من آلاف المارة ان ذلك العازف لم يكن سوى جوشوا بل، احد اشهر عازفي الكمان في العالم، وان المقطوعة التي عزفها كانت واحدة من اصعب ما لحن باخ للعزف على الكمان، وان الآلة التي عزف عليها كان ثمنها يزيد على 3،5 ملايين دولار! وما لم يعرفه اي من المارة ايضا ان «حفلة» جوشوا بل الاخيرة، التي كانت في بوسطن قبل يومين من وقوفه في محطة المترو، بيعت تذاكرها ذات المائة دولار بكاملها في يوم واحد.
هذه قصة حقيقية تم ترتيبها بين الفنان وبين جريدة واشنطن بوست كجزء من دراسة تتعلق بدقة الملاحظة ونفاذ البصيرة والذوق والاولويات في حياة البشر.
بينت التجربة باختصار اننا، وفي اي مكان عام، لا ننتبه عادة للجماليات او ندرك حقيقتها، كما لا نتوقف عادة لتقدير قيمة اشياء كثيرة تستحق النظر او التأمل، كما لا نلتفت كثيرا لاصحاب المواهب ان تواجدوا في المكان غير المتوقع او المناسب!
والخلاصة اننا اذا لم يكن لدينا لحظة واحدة للتوقف والانصات لواحد من اعظم عازفي القرن، وهو يعزف واحدة من اجمل المقطوعات الموسيقية، على مر التاريخ ومن خلال اغلى آلة كمان، فكم من الاشياء الجميلة الاخرى يا ترى التي لا نحس بوجودها؟

أحمد الصراف

احمد الصراف

بها فقط يكمن الحل!

تجارب الكويت السياسية، لفترة ما بعد الاستقلال واصدار الدستور وانتخاب مجلس امة من 50 عضوا، اثبتت ان الديموقراطية، مهما كانت درجة تقدمها، لا تكفي بحد ذاتها لضمان حقوق الانسان، وحقوق الاقليات والفئات الخاصة بالذات. فجميع الدول العربية والاسلامية التي تتبع النهج الديموقراطي، وما اقلها، غير قادرة على حماية الحريات المدنية لافراد المجتمع المدني لاسباب كثيرة يعود البعض منها لخلل تاريخي متجذر في طريقة تفكير قيادات هذه الدول، فالشطط المتطرف الذي قوبل به طلب بناء مسجد لطائفة «البهرة» المسلمة والمسالمة مثلا اظهر بوضوح كم هي ديموقراطية عرجاء عاجزة، واحيانا مزيفة، فما حصل مع البهرة يحصل كل يوم مع الاقليات الطائفية والدينية الاخرى، من شيعة ومسيحيين كويتيين، دع عنك ما يلقاه اتباع المذاهب والديانات الاخرى من غير المواطنين! فالمجتمع الكويتي اعتاد – خلال السنوات الاربعين الاخيرة، ومع انهمار اموال البترودولار – تهميش مواضيع كرامة الفرد واستقلاليته الفكرية، وكمثال صارخ على
ذلك ما يتعرض له معرض الكتاب كل عام من سلخ وشطب، اما ما تتعرض له حقوق المرأة من انتهاكات يومية في اروقة المحاكم فحدث ولا حرج، وربما يكون موضوع رفض كل الدول الاسلامية تقريبا التوقيع على مواثيق حقوق الانسان بنسختها الاصلية، ومن غير تحفظ، دليلا دامغا آخر على ان الديموقراطية التي نتكلم عنها ونؤمن بها في الكويت وغيرها من الديموقراطية الشرق اوسطية هي تلك التي تناسب مزاج الفئات المسيطرة ذات الصوت العالي والفهم المحدود لحقوق البشر الآخرين.
وبالرغم مما تعتقده الزميلة المبدعة ايمان البداح (الجريدة 29-11) من ان القانون كان وسيبقى بيد السلطة التشريعية، التي لا تقدر الحريات الفردية الدستورية، وان وسيلتنا الوحيدة للخروج من هذا المأزق، برأيها، تكمن في اللجوء للمؤسسات المدنية التي ستضغط على التعليم الذي سيخلق القيم الدستورية لدى النشء منذ الصغر، حتى لا نعيد انتاج التخلف والدكتاتورية، لكن المسألة اعقد من ذلك بكثير، فما العمل ان لم تتحرك مؤسسات المجتمع المدني؟ وما الضمان بأن هذه المؤسسات سوف لن تقر مناهج دراسية شبيهة بالحالية؟ وكيف يمكن الفكاك من اسر الفكر الديني بمجرد التمني وانتظار ما ستقدم عليه المؤسسات المدنية، وما العمل ان لم تسمح السلطة لهذه المؤسسات بالتدخل في التعليم العام والديني بالذات؟
الحل، برأيي المتواضع، يكمن فقط في وصول قيادة سياسية مؤمنة بفصل الدين عن الدولة للسلطة والتي بامكانها القيام، حتى قسرا لو تطلب الامر ذلك، بتطوير المناهج الدراسية وجعلها متسقة تماما مع مناهج المجتمعات المتقدمة والمنفتحة والاكثر انسانية، وهو الامر الذي حاول الكثير من قادة الدول الاسلامية القيام به من امثال محمد علي باشا ورضا شاه ومصطفى كمال، ولم ينجح منهم بشكل جذري غير الاخير الذي حول تركيا من دولة مهزومة ومتخلفة لدولة عصرية صناعية متقدمة بمعنى الكلمة، من دون ان تفقدها العصرنة جذورها الدينية، وهذا ما نحن بحاجة اليه، ومن دون ذلك فلا تقدم ولا اقتصاد صلب ولا استقلال حقيقي ولا كرامة وعزة نفس بالتالي. فبالعلمانية وحدها يمكن تأمين العيش المشترك لجميع فئات المجتمع وبها يمكن الالتزام بتوفير دور العبادة لكل المواطنين والمقيمين على ارض الدولة من دون تردد، كما انها المعززة لمبدأ فصل السلطات، وتحت ظلها تكون السيادة للقانون وليس لنصوص الفكر الديني، لانها ترفض حتى مجرد فكرة المحاصصة السياسية على اسس دينية او مذهبية، وبها تصان حرية الفكر والتعبير والنقد والقول وتشجع مختلف الانشطة الثقافية الادبية والعلمية.

ملاحظة: تقدم النائب حسين القلاف بمجموعة اسئلة لوزير الدفاع (القبس 3-11) تعلقت بفضيحة قوارب الـManta والـNaja الفرنسية التي قامت الوزارة بشرائها قبل سنوات وتبين عدم صلاحياتها لاي مهام عسكرية بحرية جادة، وحيث ان الاسئلة تضمنت طلب تزويد النائب بالاجراءات التي اتخذها الوزارة لمحاسبة من تسبب في جلب اسلحة غير صالحة للاستعمال، وعما اذا جرت محاسبة المسؤولين عن هدر المال العام وشبهة التنفيع، فإننا نؤكد للنائب المحترم أنه سوف لن يحصل على اجابة عن سؤاله، وعليه الانتظار لبعض الوقت، فأما ان تنتهي مدة نيابته او تتغير الوزارة، او يحل البرلمان وفي كل الحوال سيسقط السؤال بالتقادم او صريع المصالح الكبيرة.

أحمد الصراف

احمد الصراف

رد من عبدالمحسن تقي الوفاء.. الوفاء يا ناس

لا تحبذ «القبس» عادة نشر ما يردها من تعليقات على ما يكتب في صفحات الرأي و«الاتجاهات»، ولم اعتد شخصيا نشر ما يردني من تعليقات في هذه الزاوية المتواضعة، ولكن لما للأخ عبدالمحسن تقي مظفر من معزة، ولجمال ما كتب، ولكمّ العواطف الصادقة التي تضمنها رده، أجدني مضطرا، بسرور، لإفساح المجال له لعل وعسى يلتفت المعنيون بالأمر الى موضوع مقالي والرد عليه ويقومون بعمل شيء يساهم في رد الاعتبار لمن لهم دين كبير في أعناق الكثيرين منا:
«الأخ أحمد الصراف، جريدة «القبس» الغراء، تحية طيبة،
اطلعت صباح اليوم (الأربعاء) على ما كتبته في عمودك اليومي بجريدة القبس «كلام الناس» تحت عنوان «علماؤنا وتسامحهم»، وأود ان اعرب لك عن اعجابي الشديد واتفاقي الكامل معك في ما كتبته، وهو يتسق تماما مع نظراتك الإنسانية الموضوعية في معظم مقالاتك التي اتحاور معك بشأن بعض ما فيها على الهاتف. ولكني في هذه المرة رأيت من الأنسب ان اكتب إليك – لأهمية موضوع مقال يوم 17-12 – بدلا من الحوار على الهاتف، أو في الحقيقة، إضافة إليه، لأني أرى ان هذا الموضوع جدير ان تتسع دائرة الاهتمام به بين الكويتيين الحريصين على رسم صورة إنسانية جميلة لهذا الوطن الصغير العزيز علينا.
صلب الموضوع وأساسه هما تقدير الكفاءات البشرية من مختلف الأعراق والمذاهب والجنسيات التي خدمت الكويت في مجالات مختلفة على امتداد التاريخ الحديث لدولتنا الفتية، هناك رجالات «ونساءات!» عظام قدموا لنا خدمات جليلة، ولكننا لم نحفل بتكريمهم او تقديرهم في الوقت المناسب، بل لم نفكر في الأمر حتى بعد فوات الأوان، والأوان لم يفت إذا كنا جادين في نظرتنا إلى هذه الامور، ولم نستخف بها او نستعلي عليها، وسأبدي بعض الملاحظات حول اثنتين ذكرتهما في مقالتك الجيدة، مع أن في بالي شخصيات أخرى تستحق منا التبجيل والاحترام:
الفنان صالح الكويتي وأخوه داوود يكفي أنهما في ذلك الوقت لم يكن للكويت شأن كبير ولا منزلة عالية كما هي الآن، اعتزا وافتخرا دائما بأن ينسبا نفسيهما إليها، ويجعلا الكويت في اسم عائلتهما، ويورثا ذلك الاسم العزيز لأولادهما وأحفادهما، على الرغم من انهما برزا ونشطا فنيا في مدن عربية اخرى لعل أبرزها بغداد عاصمة الفن والثقافة في ذلك الوقت. وظل هذان الرجلان معتزين ومفتخرين بالكويت حتى بعد هجرتهما إلى فلسطين مضطرين واقامتهما هناك واكتسابهما للجنسية الاسرائيلية. وربما استمع كثير منا إلى الفنان صالح الكويتي واشادته بالكويت وبالفترة التي عاش فيها في لقاءاته الإذاعية من «اورشليم القدس». نعم يا أحمد، الكويت كانت أولى بالاحتفال بمئوية هذا الفنان الكبير الذي ادخل فعلا السعادة والسرور وحب الحياة ليس فقط الى قلوب أجدادنا وآبائنا، بل حتى إلى قلوبنا نحن في هذا الوقت وقلوب أبنائنا وبناتنا، فكثير منا لايزال ينتشي بألحانه البسيطة الجميلة وأغانيه العذبة الشجية. ولكن كثيراً منا عندما يطرب لتلك الألحان والأغاني لا يدري انها من تراث ذلك الفنان المبدع. وأنا لا يزال يتردد في أذني صوت المطرب العراقي الريفي الشهير حضيري أبوعزيز (وليس خضيري!) وهو يقول ضمن مقطع غنائي له: «جرَ الكمنجة عدل يا صالح كويتي»!
لقد كنت سعيداً جداً عندما نشأت علاقة ودية عفوية – بفضل الإنترنت والتقدم التكنولوجي الحديث – بين ابنتي شروق وابن صالح الكويتي شلومو الذي اطلع على ما جاء في مدونة شروق «الجابرية زحمة» حول الفنان العتيد مع وضع إحدى أغانيه على المدونة، فكانت الاستجابة سريعة من ذلك الابن. وجرى تبادل عدد من الرسائل الودية بين الطرفين، سقطت فيها جميع العوائق التي فرضتها الظروف السياسية، وتلك التي أوجدتها الانتماءات العرقية والدينية والمذهبية التي فرقت بين الناس، ولم ينتج عنها غير الأحقاد والعداوات وسوء الفهم المتبادل، في الوقت الذي نطمح فيه جميعاً إلى تحقيق السلام والعدل والتفاهم والتعاون العالمي، للوصول إلى مستقبل أفضل للبشرية.
أما الدكتور لويس اسكدر (وليس اسكندر!)، ذلك الطبيب الإنساني الرائع، فاعتقد ان الكويتيين جميعاً – وفق تجارب مختلفة معه – يذكرون بالعرفان فضله عليهم. لقد كان لويس اسكدر إنساناً بمعنى الكلمة، محباً للخير، حريصاً على خدمة الناس – أيا كانت مستوياتهم – بكل إخلاص وتواضع. أذكر جيداً ولا أنسى أبداً موقفاً له معنا – ونحن من أسرة متواضعة – كيف أتى إلى منزلنا وتبسط في الحديث مع صغيرنا وكبيرنا بلغته العربية المحدودة في ذلك الوقت. مرض والدي في أواخر الأربعينات من القرن الماضي، وكنت وقتها صغيراً دون العاشرة من عمري، فذهبت بالسيارة مع أخي الأكبر إلى منزل الطبيب الإنسان الدكتور اسكدر، وكان الوقت يقترب من منتصف الليل، كان نائماً وقتها، ولكنه لم يتأخر في ارتداء ملابسه البيضاء الأنيقة البسيطة وركب معنا في السيارة حاملاً معه حقيبته السوداء. في الطريق من الوطية إلى الميدان، كان يمزح معي ويتقرب إلي وأنا صغير ويلقنني بعض الكلمات بالإنكليزية حتى وصلنا إلى منزلنا. مد يده بلطف شديد إلى والدي المستلقي على ظهره متألماً وأجلسه ليبدأ الفحص والتشخيص. ثم أعطاه العلاج اللازم (شراباً وابرتين من حقيبته). لم يكن والدي راقداً على سرير بل ممدداً على أرضية الغرفة المغطاة بالحصير والبساط وفي جانب منها مسندان فقط. أثناء الفحص والتشخيص والعلاج السريع كانت والدتي تعد الشاي للضيف العزيز في حوش البيت الترابي الصغير. وضع المكان الذي أعد فيه الشاي وعرض على الدكتور الأميركي لم يكن مناسباً أبداً، ربما كنت أنا أتأفف من شرب الشاي فيه، ولكن الدكتور اسكدر استجاب لطلب والدتي وتناول منها الشاي بعد ان جلس – بملابسه البيضاء النظيفة – على أرضية الليوان الاسمنتية، ومد رجليه الى أرضية الحوش الترابية السمراء، وألقى بعض كلمات الشكر والمجاملة لوالدتي على كرم ضيافتها! ثم ودع من في البيت بكلمات طيبة وتطمينات لوالدي المريض. وفي طريق العودة الى منزله كان مصرا على الجلوس معي على مقعد السيارة الخلفي ليواصل لطفه ومزاحه معي ومحاولة تعليمي الانكليزية، وأخي عبدالله يقود السيّارة مبتسما وهو ينظر الينا في مرآة السيارة الأمامية. وصلنا منزله بعد الثانية من منتصف الليل. ودّعنا بابتسامة لطيفة وكأنه يعرفنا من سنين ودلف الى منزله. تلك الدقائق والساعات القليلة لا تُمحى من ذاكرتي رغم مرور ما يقارب ستين عاما عليها. كان لنا في ما بعد خمسة أو ستة لقاءات أخرى متباعدة مع الطبيب الإنسان لويس اسكدر في المستشفى الأميركي. لا أظن أنني رأيت أو سوف أرى طبيباً في مثل تواضعه وحرصه على متابعة المريض وكأنه قريب له!.
هذا الذي كتبته لك هنا عن الدكتور اسكدر سبق ان ذكرته شفاهة بحضور القس لويس اسكدر ابن الدكتور لويس اسكدر،بعدمحاضرة له ــ على ما أذكر ــ في دار الآثار الاسلامية في 21 فبراير 2000، وكان ذلك تعبيرا عفويا مني وعرفانا بجميل ذلك الانسان الطيب في حضور ولده.
رجال مثل هذين النموذجين يا أخي أحمد يستحقون منا كل التقدير والتكريم، فشكرا لك على ما كتبته، وعسى ان ندرك بعض مافاتنا».

أحمد الصراف

احمد الصراف

حوار الأديان.. حوار الطرشان

اختلف المسلمون لقرون على من كان أحق بالخلافة قبل 14 قرنا، وفي غمرة ذلك نسوا من يحق لهم حكمهم اليوم!
* * *
عقدت منذ بداية العقد الاخير من القرن الماضي وحتى الامس القريب عشرات المؤتمرات الاسلامية ــ الاسلامية، والاسلامية ــ المسيحية، بهدف تقريب المذاهب بعضها إلى بعض واذابة الفوارق بينها، خصوصا بين اتباع المذهب الشيعي من جهة والمذاهب السنية الاربعة الاخرى، وبين مذاهب المسلمين الخمسة الرئيسية وبين المسيحية، واحيانا اليهودية! ويمكن القول من دون تردد او تلعثم ان لا شيء، لا شيء مطلقا، تمخض عن اي من هذه المؤتمرات، والتي كانت في مجموعها كلاما في كلام ومجاملات وتبادل قبلات ومصافحات وعناق، وطبطبة كل طرف على ظهر الطرف الاخر، وتوزيع ابتسامات، لتنتهي هذه الاجتماعات ومؤتمرات الحوار، وكل فريق باق على موقفه لا يريد الزحزحة عنه قيد انملة، فلو كان هناك مجال او امل، ولو ضئيلا، في تقارب، أتباع المذاهب والديانات المختلفة لما كانت هذه الفروق والاختلافات اصلا، فما خلقها، وتسبب في وجودها في المقام الاول هو الذي يضمن بقاءها ضمن حدودها دون تغيير يذكر، ولقرون طويلة قادمة.
ما يحتاج إليه اتباع المذاهب السنية الاربعة وما يحتاج إليه اتباع فرع الشيعة، لكي لا ندخل في مواضيع اكثر تعقيدا كتقارب الاسلام مع اتباع الديانات الاخرى، هو ان يقبل السني اخاه السني الآخر، وان يقبل شيعي اخاه الشيعي الآخر، وان يقبل كل فريق اتباع الفرق الاخرى ويتفهموا مواقفهم وآراءهم ومعتقداتهم وان يرضوا بها، قبل ان يفكروا مجرد تفكير في التقارب مع الخارجي من مسيحي او بوذي او هندوسي، فالانسان غير المنصف وغير المتسامح مع اهل بيته لا يستطيع ان يكون منصفا ومتسامحا مع اصحاب البيوت الاخرى.
وبهذا السياق اجرى السيد ابو القاسم الديباجي، وهو رجل دين معروف وامين عام «الهيئة العالمية للفقه الاسلامي»، وهي هيئة شيعية لا اعرف الجهة التي تنتمي إليها، اجرى في منتصف يوليو الماضي لقاء صحفيا في الكويت تطرق فيه لقضايا عدة تتعلق بالتقارب بين المذاهب الاسلامية من جهة وبين المسلمين والمسيحيين من جهة اخرى، تبين من تصريح الديباجي مدى ما نمارسه من لغو في مواضيع التقارب المذهبي بعضنا بين بعض وبيننا وبين الآخر، فقد ذكر ان الهيئة التي يتولى امانتها ستختار احد علماء السنة الكويتيين ليكون عضوا فيها، وسيعلن عن ذلك قريبا! ولكن بعد مرور اكثر من خمسة اشهر لم يتم اختيار احد، ولا نعتقد ان من في رأسه عقل سيقبل بهذا «التشريف»! فما الذي سيفعله رجل دين سني في محيط شيعي معاد لفكره ومواقفه لاقصى حد، وهل سيستمع له احد لو فتح فمه برأي او اعترض على امر؟ وقال الديباجي في مؤتمره ان الهيئة تلقت دعوة من امين عام رابطة العالم الاسلامي للمشاركة في المؤتمر العالمي للحوار الذي سيعقد تحت رعاية العاهلين السعودي والاسباني في يوليو الماضي، ومشاركة 200 شخصية اسلامية من كل المذاهب من ذوي المنصب والجاه (!!) ونكتشف اليوم ان المؤتمر عقد، وعقد مؤتمر آخر بعده في اروقة الامم المتحدة وحضره عدد من كبار زعماء العالمين الاسلامي والمسيحي، ويمكن القول ان شيئا لم يتمخض عن اي من المؤتمرين غير تبادل التمنيات واكتفاء المشاركين بهز الرؤوس بالموافقة على كل كلمة قالها ممثلو الاطراف الاخرى.
وورد في لقاء الديباجي الصحفي ان هيئته تبذل «قصارى» جهدها من اجل تذويب الفوارق بين الاديان والمذاهب، والحيلولة دون اتساع الهوة بينها! ونحن نؤكد هنا ان الفوارق بقيت كما هي ان لم تتسع فــ «علماء» كل طرف، ممن لهم باع طويل في الانترنت وهم النخبة القائدة في الساحة الدينية صعدوا كثير من لهجاتهم ضد الطرف الآخر، والانترنت بقنواته الدينية التي لا تحصى تزخر بكم هائل من الاحقاد والرفض والكراهية التي يكنها كل طرف لمعتقدات ومواقف الطرف الآخر، من بين هؤلاء بعض من شارك في مؤتمرات التقارب المذهبية هذه وغيرها، ونكون حقا مسرورين لو اخبرنا السيد الديباجي عن النتائج التي تحققت من قيام هيئته ببذل قصارى جهدها في الاشهر الستة الماضية مثلا!
وحول موضوع حقوق البشر قال الديباجي ان تلك الحقوق موجودة لدى المسلمين قبل سنها بعد الحربين العالميتين الاولى والثانية! ولا ادري من اين جاء الديباجي بكلامه هذا، علما بأن مجرد اصرارنا على طرح مثل هذه الاقوال واعتبارها من المسلمات كاف لنسف اي محاولة للتقارب مع اي طرف آخر، فلا حوار بشروط ومواقف مسبقة!
نعود للبداية، ونقول اننا لسنا ضد الحوار ولا ضد التلاقي ولا ضد التفاهم، فهذا من اساسيات اي تفكير علماني مستنير، لكننا ضد القيام بأي خطوات كبيرة وضخمة ما لم تسبق ذلك خطوات اصغر واكثر اهمية وخطورة ونعني هنا خطوات التقارب بين المسلمين بعضهم ببعض، فكيف يمكن ان نقنع الآخر بمبدأ التقارب معه في الوقت الذي يرفض فيه غالبية رجال دين الحوزات الدينية مواقف زملائهم رجال الدين السنة والوهابيين والسلفيين منهم بالذات؟ وكيف يمكن ان نطلب من الآخر المسيحي او اليهودي وحتى البوذي التقارب معنا وغالبية غلاة كل من المذهبين يكفر أحدهما الآخر.
هذا هو الواقع، وهذه هي الحقيقة وادبيات كل طرف اكثر من كافية لأن تشي وتدل على حقيقة مواقفهم، وفي الاعتراف بالمشكلة نكون قد خطونا الخطوة الاولى في طريق الحل، ولكن ما اطوله من طريق، فليس من السهل الاعتراف بوجود مشكلة، دع عنك وضع حل لها.
* * *
ملاحظة: ورد في «الوطن» 15ــ12 على لسان السيد الديباجي نفسه، تعليقا على موضوع الاختلاف على تحديد يوم عيد الاضحى الاخير، ان لدى الشيعة عموما قناعة حول شرعية رؤية الهلال، ولكن (!!) بالرغم من ان جميع المتواجدين في المشعر الحرام مأمورون بمتابعة قرار تحديد يوم عرفة (وكأن هناك خيارا آخر)، الا ان الاختلاف على يوم العيد كان خارج نطاق الحج، فقرار تحديد اليوم يرجع لرأي المراجع العظام في بلادهم!
وهكذا نجد اننا في الوقت الذي نعجز فيه حتى على الاتفاق على تحديد يوم عيد الاضحى، نصر على التقارب مع المسيحيين واليهود!

أحمد الصراف
habibi [email protected]

احمد الصراف

علماؤنا وتسامحهم

أقيم في قاعة “بروناي” بمركز الدراسات الشرقية في لندن في الثالث من الشهر الجاري احتفال كبير بمناسبة الذكرى المئوية لولادة الفنان القدير صالح (عزرا) الكويتي، الذي تشكل حياته واخيه داوود جزءا مهما من التراث الفني للكويت والعراق، وحتى لسوريا ومصر في ثلاثينات واربعينات القرن الماضي. وقد قدم صالح الكويتي مجموعة اعمال فنية جاوزت الالف خلدته وألحانه في ذاكرة شعوب المنطقة. كما شدا باعماله معظم مطربي ومطربات تلك الحقبة من امثال سليمة باشا مراد وداخل حسن وخضيري بو عزيز وعفيفة اسكندر وراوية ونرجس شوقي وزهور حسين وغيرهم الكثير. كما ترك بصماته الواضحة على الفن الشعبي الكويتي وغنى له الكثير من مطربي الكويت والبحرين والسعودية وحتى اليمن.
ولو كان الزمن غير هذا الزمن والوجوه غير هذه الوجوه لكانت الكويت اولى بالاحتفال بمئوية هذا الفنان الكبير الذي ادخل الفرح والسرور وحب الحياة على قلوب آبائنا واجدادنا، فقد سبق لهذا الفنان ان احيا الكثير من المناسبات السعيدة وبالذات للشيخ احمد الجابر الصباح حاكم الكويت الاسبق. ولكن على الرغم من دور هذا الانسان في الحياة الفنية الكويتية، وربما بسبب ذلك، فانه ليس له ذكر في اي شارع او كتاب او مقرر وكأنه لم يكن يوما ما جزءا من تاريخ الكويت ولا من شعبها، ولم يحمل اسم هذا الوطن ويعطيه لابنائه واحفاده من بعده.
وقبل مائة عام كذلك وصلت اول ارسالية تبشيرية مسيحية الى الكويت لتقديم خدمات طبية، ونجحت البعثة في فتح اول مستوصف في عام 1911. وكان الدكتور ماليري اول من عمل في المستوصف، ثم جاء الدكتور لويس اسكندر في عام 1939 ليعمل في مجال تقديم الخدمات الطبية المجانية للكويتيين لفترة تقارب الثلاثين عاما، قبل ان يقفل المستشفى ابوابه في عام 1967. وقد نجح اطباء المستشفى والعاملون فيه من سيدات اميركيات ومواطنين كويتيين في انقاذ ارواح وعلاج عشرات الآلاف من المرضى والمصابين بامراض السل والتراخوما والدزنتاريا، على مدى عقود اربعة، كما ساهموا في علاج عشرات المصابين في معركة الجهراء.
وعلى الرغم من ان الدكتور اسكندر من مواليد الهند، حيث كان يعمل والده طبيبا هناك وقت ولادته، فانه ذكر في مقابلة اجراها معه الاعلامي المعروف رضا الفيلي سنة 1974، وبلغته العربية: ان سر بقائي في الكويت هو شعوري باني كويتي، يشاركونني واشاركهم، ولا اود ان اذكر احدا حتى لا ازعل الآخرين لان اصدقائي كثيرون في الكويت، وابني قسيس في الكويت ومن مواليد 1941، واذا ذهبت الى اميركا اشتاق الى الكويت كثيرا، وكل مريض يراجعني اكثر من مرة تربطني به الاخوة والمحبة والاتصال المستمر، وهؤلاء، وخصوصا الفقراء كنا نعالجهم مجانا لحبنا وعلاقتنا بهم (!!)
ونجد وفي هذا الزمن الاغبر وبعد ثلاثين عاما من العمل المخلص والدؤوب ان لا شيء لدينا خلد ذكرى رجل ساهم في علاج الآلاف من ابناء واجداد هذا الجيل من دون مقابل، فلا مكتبة ولا شارع ولا حتى جناح في مستشفى يحمل اسمه، في الوقت الذي تحمل فيه شوارع الكويت اسماء المئات من الشخصيات من الذين لا يعرف احد عنهم شيئا، ولا فضل لهم حتى على اهل بيتهم.
اكتب ذلك بعد ان اطلعت على رسالة “ايميل” عن كتاب “المختصر في تاريخ تصنيع الادوية” لمؤلفه ستيورات ادرسون، حيث ورد في الرسالة التسلسل الزمني لتاريخ العلاج والدواء ابتداء من المصريين القدماء الى عصرنا هذا. ويركز على اكتشاف واستخدام الادوية لعلاج الامراض خلال الازمنة المختلفة. وفي الفصل الثاني منه نبذة مطولة عن مساهمة العرب والمسلمين في ازدهار صناعة الطب والدواء في الفترة ما بين القرنين الرابع والحادي عشر الميلادي. والجميل واللافت للانتباه ان الكاتب في ختام حديثه عن العالم ابن سينا الذي ترجم كتابه “القانون في الطب” الى اللاتينية في القرن الثاني عشر الميلادي ليكون المرجع الاساسي لدراسة الطب لقرون، انه (اي ابن سينا) وجالينوس يظهران معا على شعار النبالة لجمعية الصيادلة الملكية البريطانية. وعلى الرغم من ان الشعار صمم واعتمد قبل أكثر من 164 عاما، فإنه بقي من دون تغيير من حيث شخصياته الرئيسية، فقد تغير تصميمه قليلا واضيفت له الالوان ولكن جالينوس وابن سينا بقيا في موقعيهما المميزين!
فهل لدينا مثل هذا التقدير وهذا التسامح اتجاه علماء العالم ودورهم العظيم في إسعاد البشرية وإمتاعها والتخفيف من آلامها؟ أشك في ذلك.

أحمد الصراف
habibi [email protected]

احمد الصراف

النصب العسلي وتعاون باقر

علامة FDA هي علامة شديدة التعقيد والاهمية تمنحها «ادارة الغذاء والدواء» الاميركية للادوية والاغذية ولجميع المواد الاخرى التي يستهلكها المواطن الاميركي بالدرجة الاولى، ولا تمنح هذه الشهادة عادة الا بعد اجراء تجارب مختبرية عديدة على المنتج والشركة المصنعة، وحصول اي جهة على هذه العلامة يعتبر بحد ذاته انجازا عظيما لاي منتج لا يمكن تخيل مدى اهميته.
وفي الكويت قامت شركة تتعامل ببيع العسل، وتصفه بالمعجزة بحملة اعلانية مكثفة في شهر ابريل الماضي اعلنت من خلالها بالحرف، وبوضوح لا يحتمل اي لبس، حصول «عسلها» على اعتماد ادارة الاغذية الاميركية FDA وان شهادة الاعتماد موثقة من «الحكومة الفدرالية الاميركية» (!!!).
لم يدخل الخبر عقلي فقمت بالاستفسار من مسؤولي ادارة الغذاء والدواء الاميركية عن طريق الانترنت فنفوا علمهم به، لانهم ببساطة لا يقومون بمثل هذه الاعمال اصلا!! وهنا قمت بالاتصال بشركة العسل المعجزة فتبين ان اصحابها والقائمين على إدارتها هم من الافغان (!!) هذا على الرغم من ان اعلانات الشركة تظهر احد المديرين وهو مرتد الملابس الوطنية الكويتية التي ربما اعتقد ان ظهوره بها يزيد من الثقة باعلانه ومنتجه، ولكن هذا المدير ومن معه تهربوا من التحدث معي.. بعد محاولات عدة وبعد شراء بعض العسل منهم، وانني سأقوم بتسويق منتجهم على شركات تجهيزات غذائية اتعامل معها، وافقوا على مضض على تزويدي بصورة عن شهادة FDA التي ادعوا الحصول عليها فتبين انها لا تساوي قيمة الورقة التي كتبت عليها (!!).
ففي وسيلة للضحك على شعوب الدول المتدهورة والاثراء منها، تبين ان جهة ذات نوايا خبيثة في اميركا، وبالتعاون مع جهات محلية في عدد من الدول المتخلفة كالكويت، قامت بتأسيس شركة باسم FDA Registerar Corp مهمتها تسجيل اي طلب يردها من اي طرف خارج الولايات المتحدة، وعن اي منتج غذائي او طبي، حتى ولو لم يكن له وجود، واصدار شهادة «تسجيل» للمنتج مقابل دفع رسم محدد!! وهنا تقوم الشركة المحلية بالاعلان عن حصول منتجاتها الطبية او الغذائية على شهادة FDA، وهذه تعني شيئا اخر غير المتعارف عليه دوليا!!
كان من الممكن ان تمر خدعة الشركة المحلية وتلاعبها علينا، ولكن ثقتها الزائدة بنفسها او بقلة فهم المستهلك في الكويت، دفعها لان تذكر في الاعلان ان شهادة الاعتماد«موثقة من الحكومة الفدرالية الاميركية»، وهذه المبالغة كشفت الخدعة والتزوير في الاعلان.
قمت من فوري بالكتابة لوزارة التجارة عن هذه الحادثة، مطالبا حماية المستهلك بالتحرك لحمايتنا، وارفقت بكتابي ما لدي من مستندات، وصور منها لا تزال بحوزتنا، وانتظرت شهرا وبعض الشهر، وعندما لم تتحرك الوزارة واستمرت الشركة في ادعائها المزيف، قمت بالاتصال بأحد مسؤولي الوزارة مستفسرا عن مصير شكواي، فاخبرني ان المدير الافغاني تم استدعاؤه، وان القضية قيد البحث، اتصلت مرة ثالثة ورابعة من دون جدوى، وبعد الحاح اخبرني احد صغار موظفي الوزارة ان القضية «قد حفظت» وان الوزير ربما امر بذلك كون الافغاني وأخيه هما من المنتمين للحزب الديني السياسي نفسه الذي يتبعه وزير التجارة (!!!)
نتمنى ان تكون معلومات الموظف خاطئة وان السيد باقر ليس له علاقة بالموضوع، وبالتالي ننتظر ردا توضيحيا منه شخصيا، او على الاقل من الوكيل، فالقضية والتهمة اخطر من ان تتركا من غير اجراء حاسم.

أحمد الصراف
habibi [email protected]

احمد الصراف

عشرة عصافير بحجر واحد

انفقنا، او ربما اضعنا مئات ملايين الدولارات على غير المجدي من مشاريع حفر آلاف الابار في عدد من الدول الآسيوية والافريقية الفقيرة. كما قامت جماعات الاسلام السياسي، على مدى عقود ثلاثة او اكثر، بارسال «الدعاة» المبشرين الى العديد من الدول محملين بأطنان من الكتب الدينية، مقابل اجور مجزية تمنح لهم نظير قيامهم بنشر الدين والمساعدة في بناء دور عبادة لا يعرف احد عنها اليوم شيئا! ولكن بعد اكثر من ثلاثين عاما لم يبق من تلك الآبار والبيوت غير خرائب لم تجن الدول الفقيرة منها الشيء الكثير بعد ان عاد الدعاة لبلدانهم فور توقف تحويل «اجورهم» المجزية لهم، وبعد هجرة البعض الاخر الى افغانستان للجهاد فيها، واستمر الفقر والمرض والجهل تغطي مساحات هائلة من افريقيا، وحتى آسيا، التي زادت اخيرا معاناة شعوبها في الحصول على ما يكفي من الغذاء لولا ما يقدم لها من مساعدات من الدول الغربية والامم المتحدة.
في محاولة غير مسبوقة لاطعام الملايين بطريقة مبتكرة، قامت منظمة الغذاء العالمية التابعة للامم المتحدة، بتصميم برنامج انترنت يمكن عن طريقه اصطياد مجموعة عصافير بحجر واحد!
فبالدخول للبرنامج من خلال العنوان التالي www.freerice.com تتوافر لديك مجموعة خيارات في مجالات التاريخ واللغة والجغرافيا والفنون وغير ذلك الكثير، وبالنقر على اي منها تبدأ مجموعة اسئلة بالظهور في الموضوع الذي قمت باختياره، ومقابل كل اجابة صحيحة تجريها تقوم واحدة من الشركات المعلنة على الموقع بالتبرع بعشرين حبة ارز لمشروع اطعام فقراء العالم، وهذا يتيح للمشارك التمتع، مجانا، بوقت جميل من خلال تصفحه البرنامج والاستفادة منه في تطوير معلوماته العامة ولغته وتحسين قدراته في العديد من المجالات الاخرى، الامر الذي سيساهم في زيادة الثقة بالنفس ورفع مستوى الاداء والنجاح في العمل.
تبين من البرنامج لحظة كتابة هذا المقال، ان المشاركين فيه، وغالبيتهم بطبيعة الحال من غير منطقتنا (الملتهبة عطفا وحنانا على الآخر)، قد نجحوا في تجميع اكثر من 53 مليار حبة ارز، علما بأن الفرد العادي في الدول الفقيرة بحاجة الى أربعمائة غرام من الارز عادة في اليوم، او 20 الف حبة تقريبا، وتقوم منظمة الغذاء بتوزيع هذا الطعام على الفقراء في بنغلادش واجزاء من باكستان ودول افريقية عديدة تمتلئ بآبار خربة بقيت من دون استغلال بعد ان تركها «الدعاة»!
كم هو جميل ان نستمتع بتجرية جميلة، وننمي قدراتنا ونحسن لغتنا ونزيد من معلوماتنا ونساعد في الوقت نفسه في حصول شخص او اكثر على حاجته من الطعام، خصوصا ان علمنا ان سكان العالم يزيدون سنويا بمقدار 50 مليون نسمة، يعاني ما يقارب المليار، من اصل 6 مليارات و770 مليون نسمة، من سوء التغذية، كما يلقى 16 الف انسان حتفهم يوميا بسبب الجوع، نعم بسبب الجوع!
ملاحظة: أليس غريبا الاصرار على بناء اكبر اربعة مساجد في العالم الاسلامي تقع في اكثر الدول الاسلامية فقرا وتخلفا.
ونتمنى من القراء اعفاءنا من مشقة ذكر اسماء تلك الدول لكونها لا تخرج عن دائرة اليمن وبنغلادش والمغرب وباكستان، ولا يعني ذلك ان حالنا في دول مجلس التعاون افضل بكثير منها، فما نمتاز به عنها هو كثرة دور العبادة وزيادة قلة فهم الدين!
* * *
ملاحظة: اضطررت يوم امس الاول الى ركوب «الكويتية» من دبي الى الكويت بسبب الارهاق وروعة الخدمة استغرقت في نوم عميق طوال الرحلة، واثناءها علمت أن شركة DHL الاميركية العملاقة لنقل البريد اعلنت، بسبب الظروف المالية الصعبة التي تمر بها، وقف كل عملياتها التي تشمل استلام وتسليم مئات ملايين الطرود يوميا من مئات آلاف العملاء، وتسليم العملية برمتها لاسطول الخطوط الجوية الكويتية لتقوم بالمهمة بدلا عنها، ووصلت الطائرة الى الكويت متأخرة نصف ساعة عن موعدها وانتهى الحلم الجميل.

أحمد الصراف
habibi [email protected]

احمد الصراف

«الوهابية» و«لـوريمر» وخضير والشايجي

ورد في «القبس» (1ــ12) ان محكمة الجنايات غرمت خضير العنزي النائب السابق وعضو الحركة الدستورية ــ الفرع المحلي لتنظيم الاخوان المسلمين العالمي ــ 15 الف دينار لمصلحة الرائد نايف الحساوي، الذي تعدى العنزي عليه، عندما كانت لديه حصانة برلمانية، واتهم الضابط من دون وجه حق وشهّر به علنا.
لقد بين هذا الحكم ان الحصانة التي يتمترس خلفها الكثير من النواب لا تحميهم، ان هم تعرضوا لاعراض الناس وسمعتهم بالسوء، فهذه الحصانة منحها الدستور لهم لاداء مهامهم الرقابية، ولحمايتهم من بطش السلطة وليس لاستعمالها في الانتقام من المواطنين غير المحصنين! ونتمنى ان يكون الحكم درسا لاولئك النواب الذين طالما خاضوا وطعنوا في سمعة كبار موظفي الدولة، لاعتقادهم ان يد العدالة بعيدة عنهم.
وفي هذا السياق، اخبرني قارئ فاضل ان موسوعة لوريمر Lorimer التاريخية ورد فيها ان جماعة وهابية متعصبة حاولت في اوائل القرن الماضي بناء مسجد لها في الكويت، ولكن حاكم الكويت آنذاك الشيخ مبارك الصباح ــ الجد الاكبر لصاحب السمو الامير ــ لم يمكنهم من ذلك!
اما الآن، وبعد مرور مائة عام على تلك الحادثة، فان مساجد «الوهابية السلفية»، لا تملأ الكويت فقط، بل ويهدد اصحابها كل من يمنعهم من بنائها بالطريقة التي تروق لهم!

ملاحظة: طالب النائب عبدالعزيز الشايجي وزارة التربية بإلغاء شرط الحصول على «التوفل» عن الطلبة الراغبين في الدراسة في الدول الاجنبية! حيث ان جميع الجامعات المعترف بها تشترط مستوى محددا من معرفة الانكليزية، وهذا لا يمكن تحقيقه بغير الحصول على «التوفل»، فان هذا يعني ان الطالب المبتعث سيحتاج سنة او اكثر للدراسة في الخارج، على حساب الدولة، لتعلم اللغة! فهل لدى هذا النائب طلبات أخرى بمثل هذا المستوى التعليمي الرفيع، لكي تلبى ايضا؟!

أحمد الصراف