انتشرت على الإنترنت القصة الطريفة التالية:
استطاعت سيّدة فقيرة اختراق طوق الحراسة على أحد وجهاء المنطقة في منتجع شهير. وعندما حاول الحرس إبعادها أمرهم بتركها، فحكت له قصتها وكيف مات زوجها في إحدى حروب المنطقة الأخيرة، وما أكثرها، وأن لديها عشرة أطفال ولا تعرف كيف تقيم أودهم، وأنها صرفت كل ما لديها لتصل اليه وتقص عليه مأساتها. رق لها قلب الوجيه وخاطبها قائلا: إنه سيساعدها، ولكنه عادة لا يحمل مالا معه، وسيرسله لها إن أعطت سكرتيره عنوانها.
لإعطاء الموضوع زخما إعلاميا، طالما اشتهر به الوجيه الثري قام بإرسال شيك بمبلغ 100.000 دولار لرئيس السلطة التي تنتمي لها المرأة، راجيا منه توصيلها لها على عنوانها.
وهنا استدعى الرئيس وزير داخليته، وسلمه خمسين ألف دولار واسم وعنوان السيدة، وطلب منه توصيلها لها مع رسالة رقيقة منه، وأن يخبرها بأن المبلغ هدية من الوجيه المعروف. خرج الوزير واستدعى المحافظ لمكتبه وسأله إن كان سمع بقصة المرأة التي اخترقت الحصار الأمني حول الوجيه، وعندما أجاب بنعم سلمه 25 ألف دولار واسم وعنوان السيدة وطلب منه إيصال المبلغ لها.
اتصل المحافظ بمدير الأمن وقال له هل تذكر السيدة … الخ، واستدعاه لمكتبه وسلمه مبلغ عشرة آلاف دولار وطلب منه توصيل المبلغ، فقام هذا بدوره بالاتصال برئيس الحي وقال له: أتذكر قصة السيدة … الخ، خذ مبلغ الخمسة آلاف وسلمه لها. رئيس الحي استدعى عريفا وأرسله للسيدة ليقول لها إن الوجيه يسلم عليها ويقول: الله يسهّل أمورك!
ذكرتني هذه القصة بتصريح عمرو موسى الذي قال فيه إن المساعدات التي أقرتها القمة سوف لن تسلم لحماس بل ستصرف مباشرة على المشاريع التنموية التي ستقوم بها شركات تابعة للدول المانحة!! وعلىالرغم من وضوح الاتهام لحماس بعدم الأمانة، فإن أحدا من قادتها لم يستطع فتح فمه محتجا!! فالمبلغ أكبر من ان يغامر به بتصريح سخيف!!
كما ذكرتني الطرفة بقصة وردت في مذكرات كيرمت روزفلت، أحد رجال المخابرات الأميركية في طهران إبان حكم والد الشاه السابق. حيث قال إنه قام بزيارة الشاه رضا خان وأبدى امتعاض حكومته للطريقة التي تتصرف بها الحكومة الإيرانية، بما يردها من مساعدات مالية من أميركا. وأن أيا من المشاريع الضخمة التي مولتها حكومته لم تنته بالشكل المطلوب. وهنا نظر الشاه بخبث لرجل المخابرات وقال له «إن مساعداتكم لنا تشبه قالب الثلج المستطيل الذي نعرفه في بلادنا. فأنت تعطيني القالب فأعطيه لرئيس وزرائي ليعطيه لوزير المالية ليسلمه لمدير الخزانة، وما أن يصل لمدير المشروع حتى يكون نصفه قد ذاب!! ولو حاولت معرفة أين ذهب الفرق بين المبلغ الذي سلمتني إياه وما وصل إلى المشروع لما كان ذلك سهلا، فحرارة الأيدي التي تناقلت قالب الثلج، هي التي أذابت نصفه ولا يمكن أن تحاسب شخصا ما على حرارة جسمه الطبيعية!!».
أما قصة المال الثالثة والأخيرة فتتعلق بي شخصيا، فقد عملت في أول وآخر وظيفة في حياتي في منتصف الستينات من… القرن الماضي في أحد المصارف. بسبب راتبي الجيد وقلة مصروف جيبي، تجمع لدي خلال ثلاث سنوات مبلغ لا بأس به، ولعدم حاجتي الى المبلغ قمت بالمضاربة به في سوق المناخ. ومنذ ذلك اليوم وأسعار الأسهم وتقلبات السوق جزء من روتين حياتي اليومي، أينما كنت. وفجأة، وبعد أربعين عاما من المتابعة اليومية المستمرة، توقفت كليا منذ شهرين تقريبا عن الاهتمام بأسعار الإقفال اليومية، فالفرق بين تكلفة ما لدي وبين أسعار اليوم كبير، إلى درجة لا تستحق المتابعة، فما كان ثمنه دينارين وأصبح 38 فلسا يحتاج الى وقت طويل ليعود الى ما كان عليه، هذا إذا عاد إلى الارتفاع، وإن حصل المستحيل فسيصلني الخبر بطريقة أو بأخرى، وإلى ذلك الحين وداعا أيتها البورصة الحبيبة، ووداعا للون الأخضر، ووداعا للحد الأعلى، ووداعا للمنح والأرباح النقدية…وأهلا بالراحة والسفر، وأهلا ب «الدولتشي فيتا»، أو الحياة الحلوة، وليذهب المكشرون إلى حيث ألقت أم عمرو رحالها!!
أحمد الصراف