ما الذي سيكون عليه رد فعلك ان اكتشفت ان مؤسسة حكومية مرموقة قامت بالمشاركة في تغطية نصف تكاليف ترجمة وطبع دليل هاتف من الإنكليزية الى العربية، ويحتوي على أسماء نصف مليون مشترك، وان مجموعة كبيرة من الأطباء، والوزراء السابقين، والأكاديميين وحملة شهادات علمية عليا وجيش صغير من الإداريين شاركوا جميعا في الترجمة؟ ستشعر حتما بخيبة أمل، فما الفائدة المرجوة من ترجمة مجموعة أسماء من لغة لأخرى، كترجمة اسم John WilliamMartin، ليصبح في النسخة العربية «جون وليم مارتين»؟ ولكن الغريب ان شيئا من هذا القبيل حصل في «مركز تعريب العلوم الطبية» التابع لمجلس وزراء الصحة العرب (أي لا أحد) عندما قام المشرفون عليه بالبدء في انجاز مشروع ضخم يتعلق بترجمة مئات آلاف المصطلحات الطبية الأجنبية والانكليزية بالذات، الى العربية، تحت اسم «المعجم المفسر للطب والعلوم الطبية»، من إعداد السيد يعقوب الشراح، الذي لا صلة له بالطب، واشراف الطبيب والوزير السابق عبدالرحمن العوضي، الذي لا أعتقد ان سنه ومشاغله التجارية ومساهماته في إدارة العديد من المؤسسات غير الربحية الأخرى، تسمح له بالتفرغ للإشراف على ترجمة هذا المعجم، الذي سيتضمن عند الانتهاء منه، ملايين الكلمات الانكليزية والعربية المترجمة.
صدر الجزء الأول من المعجم قبل أيام، وخصص للحرف A، ووصفه أحد أشهر وأكفأ أطباء الكويت، بعد الاطلاع عليه، أنه «كنز من المعلومات غير المفيدة»! فإذا كان غرض القائمين على المشروع الاستفادة المادية منه، والخروج بمجلدات ضخمة لغرض الإنتاج فقط، فالمشروع لا شك انه ناجح! وان كان الهدف منه علميا بحتاً، فقد أفادني الطبيب نفسه وزملاء له ممن استشرتهم، بأن قلة فقط «قد» تستفيد من هذا المعجم، ومن خارج الكويت حتما، ولكن ما صرف، وسيصرف على اخراجه من مبالغ طائلة، شارك في دفعها مركز تعريب الطب ومؤسسة الكويت للتقدم العلمي، لا تبرر الاستفادة المتواضعة المتوقعة من هذا المعجم الذي سيأخذ مكانه على أرفف العيادات الطبية من دون حراك!
بتصفح المعجم سنجد ان كلمة عبداللطيف ترجمت Abdulatif، وان ability ترجمت الى مقدرة، وان Araban ترجمت أرابان، وان Abrin ترجمت ابرين، وTube ترجمت أنبوب، وهكذا مع آلاف الكلمات الأخرى، اما Abdomen فقد ترجمت «بطن» مع وضع شرح بأن البطن هو الجزء الواقع بين الصدر والحوض! فهل يمتلك احد الثقة برأي أو تشخيص طبيب بحاجة لمعرفة ان Abdomen تعني بطن، وأنه «الجزء الواقع بين الصدر والحوض؟».
كما لجأ فريق الترجمة إلى استخدام كلمات عربية مثل «خيلي» و«إنفحي» و«زيغ» و«انتاني» كترجمة نهائية لكلمات ومصطلحات أجنبية، علما بأن هذه الكلمات، وآلافا غيرها تحتاج بذاتها إلى معجم آخر لتفسير معانيها!!
لا أدعي المعرفة، وقد أكون مخطئا، فلا يسندني في ما ذكرت غير آراء مجموعة من الأطباء الذين لا مصلحة لهم في نقد هذا المشروع والشك في أهداف القائمين عليه، ونتمنى أن نسمع ردا من مركز تعريب العلوم الطبية يوضح الأهداف الخفية أو السرية لهذا المشروع الضخم.
أحمد الصراف