احمد الصراف

التكلفة الحقيقية والكاذبة

أجرت «القبس» في الاول من مايو الماضي، مقابلة حزينة مع السيدتين ليلى الغانم ولبيبة تميم، كشفتا فيها كثيرا من الزيف والدجل الذي تعيشه مجتمعاتنا، على الرغم من كل ما يقال عكس ذلك، وكنا نود التعليق على الموضوع في حينه، ولكن بدء موسم الاجازات والرغبة في الاستفادة من كرم الناس في رمضان دعانا إلى تأجيل الكتابة حتى اليوم.
تقول نائبة رئيس لجنة حياة لمرضى السرطان، ومبرة رقية القطامي للاعمال الخيرية، السيدة ليلى الغانم، انها ومجموعة من محبات فعل الخير قمن بتأسيس هذه اللجنة- المبرة لتقديم العلاج والدعم لمرضى السرطان من غير الكويتيين الذين لا يتوافر علاج لهم في المستشفيات الحكومية، وعلى الرغم من ان اللجنة مشهرة، فانها تواجه كثيرا من العقبات ابرزها قلة الدعم المادي، فما يصلها من تبرعات ضئيلة لا يتناسب مع التكلفة العالية لعلاج مرض السرطان الذي يتطلب مبالغ باهظة، وتقول الغانم ان اللجنة قدمت العلاج لاكثر من 88 مريضا منذ اشهارها، ولهؤلاء جميعا ملفات في مستشفى حسين مكي.
وورد على لسان الدكتورة لبيبة تميم المدير التنفيذي للجنة المبرة ان بعض انواع السرطان يستغرق علاجها 5 سنوات، ويتكلف مريض سرطان الدم مثلا 1700 دينار للجرعة الكيماوية الواحدة، التي تقدم كل 28 يوما، وان تكلفة علاج مرض سرطان الثدي تتراوح بين 25 و30 الف دينار، وناشدت السيدتان اهل الخير للتبرع للجنة بسبب ظروفها المالية الحرجة ورسالتها الانسانية الكبيرة.
وعلى الرغم من ان «القبس» قامت بنشر ارقام حسابات اللجنة المشهرة لدى بنوك الكويت كافة، فانني على ثقة بأن أيا من الجمعيات المسيسة والمسماة ب‍ـ«الخيرية»، لم تلتفت إلى نداء اللجنة ورسالتها، ولاسباب اكثر من معروفة.
وقد لفت نظري قول الدكتورة تميم ان مريض السرطان لديهم يكلف بين 20 الى 30 الف دينار، وهذا اقرب للتصديق من الرقم الذي ذكره د. محمد الشرهان الرئيس الدائم لجمعية إعانة المرضى، («القبس» 22-6) من أن 300 دينار تكفي لدى جمعيتهم في تقديم العلاج للمصاب بالسرطان أو الوباء الكبدي، أو غير ذلك من الأمراض المستعصية (!).
وتضامناً منا مع اللجنة، فقد قمنا اليوم بإيداع مبلغ يعادل عشرة آلاف دولار بحساب مبرة رقية عبدالوهاب القطامي للأعمال الخيرية، ومرضى السرطان، في البنك الوطني حساب رقم 0800491250101 ونتمنى على القراء الكرام التبرع لها في أي فرع تابع للبنك الوطني أو الخليج من خلال حساب رقم 05074772 أو أي من فروع بيت التمويل من خلال الحساب رقم 011010607529 وكل عام وأنتم بخير.

أحمد الصراف

احمد الصراف

عندما ينام الكاتب ويبحث القارئ

كتبت يوم الأربعاء الماضي عن قيام وزارة الداخلية بتغيير رقم الطوارئ 777 الى 112، وتساءلت عن سبب التغيير، ولكن «الداخلية» لا ترد عادة، وان ردت فمتأخرة، وليس هذا بغريب عليها. المهم أن القارئ حمد تركي الهاجري رد موضحا السبب من خلال ارسال مواقع عدة الكترونية، وبالرجوع لبعضها تبين أن الاتحاد الأوروبي قام قبل 18 عاما باعتماد الرقم 112 كرقم عالمي لطلب النجدة. ومن تاريخه وأعضاء الاتحاد يقومون تباعا بادخال الرقم 112 في الخدمة. ولم يتم اختيار الرقم بصورة اعتباطية بل سبقته دراسات تبين منها أن الأرقام المتكررة كـ 777 بالرغم من سهولة حفظها، فان مشكلتها تكمن عندما ينحشر الهاتف النقال بين جسمين صلبين، في حقيبة يد المرأة أو جيب الرجل، ويتكرر الضغط لا شعوريا ومن دون قصد على رقم محدد، وليكن الرقم 7، عندها يتكرر الرقم لمرات كثيرة على الشاشة ولكن الهاتف يلتقط الأرقام الثلاثة الأولى ويقوم بتوصيل المكالمة بالطوارئ. أما اذا كان الرقم غير مكرر كـ 112 أو 113 أو 114 فاحتمال حدوث ذلك شبه مستحيل. كما أن الرقم 112 هو الأسهل على لوحة الأرقام حفظا وقربا. كما أن الاتصال بالرقم 112مجاني، ويمكن استخدامه من أي هاتف نقال أو ثابت. كما يمكن الاستعانة به واستخدامه حتى عند عدم وجود شبكة هاتفية، أو متى ما كان الهاتف النقال (الجوال) لا يسمح باجراء أي مكالمات، لأي سبب كان. اضافة الى ذلك، ولكون نظام GSM للهواتف النقالة خارج أميركا قد خصص الرقم 112 للحالات المستعجلة، أو الطوارئ، فانه صمم بحيث يعمل حتى في الدول التي تختلف أنظمة هواتفها عن أوروبا كالولايات المتحدة وأستراليا. فباتصالك بالرقم 112 وأنت في قلب صحراء كلهاري في أميركا مثلا فان النظام سيحول استغاثتك بصورة تلقائية لرقم الطوارئ 911 أو لثلاثة أصفار ان كنت في صحراء الجن في أستراليا، عن طريق الأقمار الصناعية.
الطريف أن موقع وزارة الداخلية على الانترنت، وعلى لسان العقيد الكندري، مدير ادارة العمليات، ورد فيه أن تغيير الرقم جاء استجابة لخطة الترقيم الوطنية (هكذا). ويبدو أن هذه الخطة سرية، ولكن نتمنى ألا تشمل تغيير أرقام السيارات، التي سبق أن تغيرت، وأيضا بناء على خطة ترقيم وطنية، عدة مرات خلال السنوات القليلة الماضية!
كما ورد في الموقع أن الرقم معتمد في جميع أنحاء العالم، وهذا غير صحيح، والأصح القول إنه يعمل في غالبية دول العالم. كما أكد العقيد أن طلب المساعدة يتم من دون تأخير! وأستطيع التأكيد أن التأخير جزء من النظام في الكويت والسعودية، على الأقل، ومن واقع تجاربي الشخصية. نتمنى أن تعمل خدمة الطوارئ مع الرقم الجديد بصورة أفضل.
ومن واجبنا جميعا تعميم الرقم 112 لجميع من هم حولنا، من أهل وأصدقاء ومعارف، فلا يدري أحدنا متى يحتاج لاستخدام هذا الرقم مستقبلا، وفي أي بقعة على الكرة لأرضية.
ملاحظة: بسبب الضغط الكبير على الرقم 112، ولاعطاء خدمة أفضل، فقد قامت بعض الدول الأوروبية بتخصيص الأرقام 113/114/115.. الخ لمكالمات الطوارئ ذات الطبيعة الأقل خطورة.

أحمد الصراف

احمد الصراف

فيل الوزير الأبيض وجائزة القذافي

وأخيرا، وبعد حيرة وتساؤل استمرا سنة كاملة، افصحت وزارة الداخلية عن الغرض والهدف الحقيقي لتركيب الجسور الحديدية الاعتراضية على مختلف الطرق السريعة، حيث قامت الوزارة بالاعلان على شاشاتها الصغيرة تغيير رقم الطوارئ الثابت 777، الذي حفظه المقيم قبل المواطن، ليصبح الرقم الجديد 112، ولم توضح الشاشات الاسباب المنطقية، أو المخفية، وراء تغيير الرقم السهل القديم.
وقد تسبب هذا التغير المفاجئ في احراجنا، وربما خسارة شركتنا، حيث سبق ان قمت، انطلاقا مما تبقى لدينا من رغبات تتعلق بحب الخدمة العامة، بالاتفاق مع شركة لصناعة علب ورق المحارم لطباعة كمية كبيرة من هذه العلب بخلفية تبرز الرقم 777 بحروف كبيرة، وباللغتين، وانه الرقم المطلوب الاتصال به للطوارئ من اسعاف واطفاء وشرطة أو «شرتة»، كما ورد في اول بروفة للعلبة.
ونحن هنا نطالب وزارة الداخلية بتزويدنا مجانا بكمية مناسبة من «الستيكرات» المدون عليها الرقم الجديد لنقوم بلصقها على علب ورق المحارم الساقطة الحظ! وبخلاف ذلك فإننا سنطلب من احد نسور أو أسود أو حتى «سكسافونات» مجلس الامة توجيه سؤال برلماني لوزير الداخلية عن اسباب تغيير الرقم القديم المميز لرقم جديد عكس ذلك، ومن الذي يربح من هذا التغيير وتكلفة تعميم التغيير، ومن الذي سيأكل ملايين اخرى تصرف على مناقصة لوحات اعلانية مشبوهة.
المهم والأهم في الموضوع ليس تغيير الرقم، ولكن تغيير العقلية أو الخدمة المقدمة من وراء الرقم، فأنا على استعداد لأصبح رقما في خدمة الجميع، إن كان ذلك يعني ان الشرطة حقا في خدمة الشعب لا اذلاله وجعله ينتظر لساعات تحت الشمس الحارقة لكي يرد احد على الاتصال ب‍777، آسف 112‍‍‍‍‍‍!
ملاحظة: رفض الكاتب الاسباني خوان غويتيسولو باسم العرب والعروبة قبول جائزة «القذافي العالمية للأدب»، التي تمنح للادباء الذين يسهمون بكتاباتهم في الدفاع عن حقوق الانسان والقيم الانسانية، والتي تقدر قيمتها ب‍200 الف دولار!
ترى كم من كتابنا على استعداد لرفض مثل هذه الجائزة، وادانة مقدمها؟ وقد شكر الروائي خوان اللجنة المقيّمة لاعماله، مع الاشارة الى احترامه للثقافة العربية وتأييده لقضايا العرب العادلة، وبرر رفضه للجائزة بأنه سبق ان قاوم حكم الجنرال فرانكو وعارضه، فكيف يقبل الآن جائزة العقيد القذافي؟ سؤال منطقي!

أحمد الصراف

احمد الصراف

ابن الأصل وابن المدنية

تحتل قضايا الأصل، الأرومة، العائلة، المحتد وعراقة النسب حيزا كبيرا من مخيلة وتفكير وحياة الكثير من المجتمعات. وكلما زادت مدنية وتحضر المجتمع زاد اعتماد افراده على ما توفره الدولة لهم من حماية وتعليم وشعور بالانتماء، وهذا من شأنه التقليل من اهمية قضايا الاصل والأرومة او الاعتماد على القبيلة او العائلة في قضاء الحاجات.
ففي المجتمعات القديمة، متخلفة كانت ام صحراوية، او حتى قريبة من المدنية، وقبل نشوء الدولة الحديثة بصورتها الحالية، كان للعائلة او القبيلة دور واهمية في قضايا الزواج والنسب، وحتى في العلاقات السياسية والقيادة! فالقبيلة هي التي توفر الامان والقوة للمنتسبين لها، كما ان القادة والسياسيين يأتون عادة منها، وكلما زاد حجم القبيلة، او العائلة، كانت اكبر تأثيرا، سياسيا واجتماعيا، واكثر جاذبية للانتساب لها عن طريق المصاهرة لأن بامكانها، اكثر من غيرها، توفير الحماية للمنتمين لها والدفاع عن حقوقهم والذود عن حياضهم، وتوفير المناصب الحكومية لهم.
وربما لهذا السبب حدثت الردة المدنية قبل بضع سنوات في احد المجتمعات الخليجية، عندما عادت مجاميع كبيرة، شبه مدنية، لأصولها وتسمياتها القبلية التي سبق ان هجرتها، وذلك بعد ان رأت ما يوفره لها ذلك الانتماء من قوة وقدرة على الوصول لأعلى المناصب واكثرها جلبا للقوة والثراء!!
وعليه فان سعي الجميع في مثل هذه المجتمعات المتخلفة لمصاهرة ابناء او بنات القبائل او العائلات الكبيرة، وذات الحسب والنسب من لوردات او بشوات او بيوت سادة ووجهاء من حملة الالقاب والاسماء الرنانة، ولو كانت فارغة، ليست بالامر المستغرب. ولو قدر لشخص كتابة ثلاثة سيناريوهات عن ثلاثة مجتمعات لقصة محددة تتعلق بموقف الاب من طلب ابنه الزواج لوجدنا ان الاب في مجتمع صحراوي او جبلي بعيد عن المدنية سيركز على انتماء الفتاة، او الفتى قبليا او عائليا. اما في مجتمع نصف متحضر وقريب من المدنية فان الاسئلة ستتمحور حول ظروف اب أو أم الفتى او الفتاة، وخلفيتهما التعليمية ومكانتهما الاجتماعية، مع اعتبار أقل لأصلهما وفصلهما الاكثر عمقا وعمومية. أما اذا كان المجتمع مدنيا خالصا فمعيار الاختيار او التركيز سيكون على الجوانب المتعلقة بالفتى او الفتاة بحد ذاتهما من ناحية مستواهما التعليمي والوظيفي والعمر والوسامة والجمال، مع اعطاء اهمية اقل لدور او خلفية الاب والأم!! ويعود سبب ذلك الى الفهم القديم الذي كان سائدا، ولا يزال في مجتمعات كثيرة، ان فرصة ابن الاصل في الحصول على تربية وتعليم احسن اكبر من غيره، وان هذا يجعله يتصرف بطريقة اكثر فروسية وارفع خلقا من العامة في التعامل مع الطرف الآخر، زوجا او زوجة او بشرا. وان «ابن الاصل» اكثر محافظة على سمعته العائلية، مقارنة بغيره من ابناء او بنات العامة!!
ولكن هذه المفاهيم تغيرت مع تغير المجتمعات والظروف، وأصبح الفساد او الدونية في التصرف غير قاصر على مجتمع أو طبقة دون غيرها، بعد ان زالت الفوارق تقريبا في غالبية المجتمعات بين الأسر مع اضمحلال نظام الطبقات. نقول ذلك بشكل عام فلا تزال هناك استثناءات، والعامل الاهم وراء هذا الاضمحلال يعود للتعليم، ودوره في ادارة المجتمعات. فالتعليم المميز اصبح في متناول الجميع، بعد ان كان قاصرا، لسنوات طويلة، على ابناء طبقات اجتماعية معينة. وهكذا أصبحنا نرى في جهة أن الجميع يتسابق لمصاهرة صاحب التعليم العالي والبارز اجتماعيا والناجح سياسيا والمميز ماديا، بصرف النظر عن خلفيته العائلية. كما أصبحنا نرى في جانب آخر ان المناصب السياسية والشديدة الخطورة وادارة الشركات العملاقة أصبحت من نصيب الأكثر كفاءة والاعلى تعليما، وليست قاصرة على أبناء الاسر المميزة، او الثرية، حتى ولو كانوا، سابقا، من كبار القادة والسياسيين، أو من كبار حملة أسهم تلك الشركات الضخمة. ولو أخذنا بريطانيا مثالا، وهي التي تتجذر فيها روح الطبقية بشكل كبير، لوجدنا ان آخر 4 رؤساء وزارة حكموها في العقود الثلاثة الأخيرة كانوا من بنات وأبناء أكثر طبقات المجتمع تواضعا.
نختم مقالنا بالقول ان مقاييس الحكم على الآخرين تغيرت تدريجيا مع الثورة الصناعية في أوروبا في القرن السابع عشر، ليصبح المميز من بامكانه تقديم الأفضل لمجتمعه ووطنه والجنس البشري، بصرف النظر عن أصله وفصله، وهذا لا يسري علينا، فمجتمعاتنا لا تزال على سابق تخلفها، ولأسباب معروفة للكثيرين منكم!!

أحمد الصراف

احمد الصراف

اعترافات كاتب.. وغير ذلك

يبدو أن الطريقة الوحيدة التي يمكن بها تجنب الوقوع في الخطأ هي عدم فعل شيء، او عدم الكتابة، وهذه بحد ذاتها خطيئة في حق نفسي، وربما في حق بعض القراء. اقول ذلك بمناسبة ما ورد في مقال السبت من ان الاقتصادي سميح مسعود ينتمي للجنسية المغربية، وقد صحح زميل كريم معلوماتي ليذكر بان الاستاذ مسعود فلسطيني ومقيم في كندا، وسبق ان عمل في الكويت لفترة طويلة في «الاوابك» ثم في الصندوق العربي. فمعذرة على هذه الهفوة.
كما ورد في مقال الامس عن خطة القذافي التعليمية الجديدة ان الممثلة مارلين مونرو توفيت في يوم وقوع انقلاب ليبيا العسكري نفسه، اي في الاول من سبتمبر 1969! وقد فوجئت بالعدد الكبير من القراء والاصدقاء، وغالبيتهم من الكهول، وحتما من عشاق مارلين (هكذا حاف)، الذين لفتوا نظري بانها غادرت هذه الدنيا، الجميلة والفانية، يوم 4/8/1962، وليس 1/9/1969، فمعذرة لكم وشكرا لهم.
كما وردتني رسالة قصيرة من صديق يعلمني فيها ان هداية رجل -وليس امرأة- للاسلام خير من الدنيا وما فيها!! وورد في الرسالة رقم هاتف نقال يمكن الاتصال به لمزيد من المعلومات عن كيفية هداية الغير، وكأن المليار ونصف المليار مسلم ليس بعدد كاف (!!) وبهذه المناسبة رقم هاتف «الهداية» متوافر لدينا لمن يرغب.
كما لم تتردد «جمعية اعانة المرضى»، التي سبق ان سرق احد محاسبيها من حساباتها المصرفية اكثر من 12 مليون دولار، وغاب بها في بلده مصر، أرسلت لي -انا بالذات- رسالة تطلب مني فيها التبرع لهم لتخفيف معاناتهم. وحيث ان الرسالة لم تحدد الجهة المطلوب مني التبرع لتخفيف معاناتها، فانني سأفترض ان المقصود هنا اعضاء مجلس ادارة الجمعية الذين سكتوا عن السرقة وكأنها لم تحدث!! والظاهر وبعد تغير 4 وزراء شؤون منذ وقوع جريمة السرقة من الجمعية، ان الامل ضئيل في تحويل مجلس الادارة للتحقيق لتقاعسهم في كشف ملابسات السرقة.
وفي هذا السياق نذكر بالدور العظيم للقائمين على اللجنة الوطنية لتعزيز الوسطية والمركز العالمي لنشر الوسطية (!!)، وعلى رأسهم وكيل وزارة الاوقاف وبقية الوكلاء المساعدين، الذين تقاسموا مخصصات الجهتين، لدورهم الكبير في هداية الشباب وابعادهم عن التطرف ومنعهم من تفجير معسكرات الجيش الاميركي، ومباني امن الدولة والمراكز الحيوية الاخرى، كمصفاة الشعيبة!!
ويبدو أن جهات «خبيثة وفي منتهى النذالة» تحاول باستماتة التركيز على ان الخلية الارهابية كانت تهدف الى تدمير معسكر «عريفجان» الاميركي فقط، وذلك في محاولة للطمطمة على الاهداف الحيوية الاخرى التي كانت ستدمر، وذلك لاعطاء المحاولة بُعدا وطنيا (!!).

أحمد الصراف

احمد الصراف

الفاتح من سبتمبر

كنت في لندن أواخر صيف 1969 عندما فاجأنا نبأ قيام ضابط مغمور وبدرجة عسكرية متواضعة بانقلاب الفاتح من سبتمبر في ليبيا الذي انتهى بخلع الملك ادريس السنوسي عن عرشه ونفيه للخارج واعلان ليبيا جمهورية(!!) وقد التصق ذلك التاريخ بذهني لان في اليوم ذاته، ومع فارق الوقت والشخصية، أقدمت مارلين مونرو، فاتنة السينما الأميركية وشاغلة شباب وكهول ذلك الزمن الجميل، على الانتحار. وبسبب يفاعتي، او بالاحرى مراهقتي، كان خبر انتحارها اكثر اهمية من خبر الانقلاب!
مرت اربعون سنة عجاف، ولا يزال الناس يلوكون سيرة تلك الممثلة الجميلة وزيجاتها وغرامياتها مع الرئيس جون كنيدي وغيره، ولا يزال العقيد برتبته العسكرية نفسها، بعد ان اصبح ملك ملوك افريقيا، وزعيما غير منازع على ليبيا. وبهذه المناسبة بثت على اليوتيوب أخيرا خطبة عصماء للعقيد اعلن فيها عن البدء بـ«ثورة ثقافية ليبية تعليمية» من خلال «تحطيم» نظام التعليم الكلاسيكي القديم المكون من روضة وابتدائي واعدادي وثانوي وجامعي واستبداله بنظام آخر لا يعتمد على اي نظام واساسه الحرية في التعلم لمن يشاء، والتعليم على من تتوافر فيه خصائص او لديه خبرات تعليمية ما في الحساب او الرسم مثلا ليقوموا بتعليم غيرهم ما يعرفوه فتصبح عند هؤلاء شهادة يستطيعون العمل من خلالها! فلا مدارس ولا دوام مدرسي ولا صفوف ولا امتحانات، بل حرية تامة في التعليم قائمة على رغبة من يريد التعلم بأن يتعلم على «كيفه»!
وضرب العقيد مثلا بابن سينا وجابر بن حيان، الذي اخترع الجبر (!!) والعلماء الذين «اخترعوا» الكهرباء (!!) بأنهم جميعا لم يتلقوا تعليما كلاسيكيا ولم يقدموا امتحانات، بل تعلموا في بيوتهم. فإذا كانوا قد نبغوا وافادوا البشرية من غير روضة ولا ابتدائي ولا اعدادي ولا ثانوي فما حاجة ليبيا بمثل هذا النظام؟
ونعتقد نحن، ومن دون تواضع، أن تطبيق هذا النظام التعليمي الجديد في ليبيا الذي يتطلب من ابن الخامسة او التاسعة معرفة مصلحته والتبرع بالذهاب طوعا لمن يعلمه ما يشتهي ويرغب، نعتقد أن هذا النظام سينقل ليبيا الشديدة التخلف -كبقية انظمتنا العربية- لرحاب المعرفة بوحدانية القيادة اولا والاكتفاء بعدم المناقشة، والتحلي بالصبر على الشدائد، وهذا -لا شك- سيجعلها اكثر تخلفا خلال عشر سنوات لا غير.
لمزيد من المتعة والتدريب على الحلم وكظم الغيظ والصبر على المكاره والعفو عند المقدرة، يمكن الاستماع للخطاب على الرابط التالي، مع ضرورة ملاحظة تصرف الجمهور والحماسة المفتعلة لبعضه وعدم اكتراث بعضه الآخر بما يقال، حتى من قبل كبار الضيوف في الصف الاول. كما يلاحظ انشغال السيدات خلال الخطاب العظيم بالاحاديث الجانبية، فما الذي يمكن توقعه من خطابات تلقى عليهم منذ 40 عاما، ولا تزال مستمرة:
http://www.facebook.com/home.php?ref=home#/video.php?v=1100655590696&ref=mf 

أحمد الصراف

احمد الصراف

التحايل اللاربوي

لخبرتي المصرفية المكثفة التي قاربت العقدين، وما يماثل ذلك زمنا من خبرة متقطعة، فإن بإمكاني الادعاء بأن البنوك التقليدية أكثر رحمة وتساهلا وتفاهما مع عملائها، في حال تعرضهم لأي خسائر أو إعسار.
كما أن التعامل مع البنوك التقليدية أقل كلفة من التعامل مع غيرها، وهذا ما تؤكده التجارب المريرة للكثيرين. ويمكن القول كذلك إن التراكم المعرفي للبنوك التقليدية التي تحكمها أعراف وتقاليد راسخة تمتد لمئات السنين، جعل التعامل معها أسهل من غيرها التي لا تزال تتخبط ولا تعرف على أي بر ترسو بسبب ضبابية أعمالها، وعدم وجود تقاليد وأعراف مصرفية راسخة يمكن الركون اليها.
نكتب ذلك بمناسبة تعرض الكثير من الشركات والمصارف الإسلامية، المؤسسة على «الشريعة الإسلامية»، لمشاكل تمويلية رهيبة لا يمكن أن تخرج منها من دون أي دعم كبير من حكوماتها. وفي دراسة قيمة قام بها سميح مسعود، الاقتصادي المغربي المعروف، عن إمكانية نجاة البنوك الإسلامية من آثار انهيارات الأزمة المالية العالمية، تبين له أن هناك شكا في قدرة هذه الكيانات المالية على البقاء، أو قدرتها على إنقاذ الاقتصاد العالمي وانتشاله من أزمته، كما حاول البعض الترويج له، ومنهم زملاء في «القبس»، في إشارة الى دراسة مشوهة صدرت من الفاتيكان تلمح لضرورة دراسة طريقة عمل المصارف الإسلامية وربما الاقتداء بها من منطلق رفض مبدأ تقاضي الفوائد (!) وقد بين السيد مسعود أن البنوك الإسلامية تتسم بضآلة حجمها من الناحيتين العددية والمالية، والذي لا يتجاوز الــ300 بعد أكثر من ثلاثة عقود، بأصول تبلغ 800 مليار دولار، 80% منها تخص مصارف إسلامية خليجية إيرانية، وهذا مبلغ يقل عن موجودات بنك أوروبي واحد كبير.
كما تواجه البنوك الإسلامية تحديات كثيرة حددها مجلس الغرف السعودية بأحد عشر، منها غموض مفاهيمها حول بعض المعاملات المالية الإسلامية، نظرا لعدم وجود رأي شرعي موحد بشأنها من قبل رجال الدين، إضافة إلى عدم التزام بعضها الآخر بالإجراءات والخطوات الشرعية عند تقديم خدماتها. كما أن اعتماد الكثير منها على العقار كشف هشاشة أوضاعها. كما تضرر الكثير منها من تراجع أسواق الصكوك وأزمة السيولة، وتراجع قيم أسهمها بشكل أكبر من غيرها من أسهم البنوك التقليدية. وقد صرح بادليسياه عبدالغني الرئيس التنفيذي لبنك سي أي إم بي الماليزي الإسلامي لوكالة رويترز بأن بعض البنوك الإسلامية في الدول الخليجية قد تنهار ما لم تدعمها حكوماتها، وذلك بسبب الجمود الذي أصاب أسواق الائتمان وهبوط أسعار العقار وتداعيات انخفاض أسعار المواد الأولية والنفط، لكونها المحرك الأساسي لقطاع التمويل الإسلامي.
وقال مسعود إن اهتمام البنوك التقليدية الغربية بإدخال الصيرفة الإسلامية ضمن أعمالها سببه رغبة هذه المصارف في استيعاب أموال جديدة تضاف إلى أصولها تجمعها من المسلمين الذين تزايدت أعدادهم في الدول الغربية، ولتحقق من ورائها أرباحا مجزية، وأن الأمر لا يزيد على كونه عملية تجارية بحتة لا علاقة لها بالعقائد وانتصار الاقتصاد الإسلامي على الربوي، كما يحلو للبعض قوله ونشره.
وقال مسعود، نقلا عن الأستاذ عبدالحميد الأنصاري، وهوعميد سابق لكلية الشريعة في قطر، «إنه ليس هناك نظام اقتصادي إسلامي مفصل ومتكامل، بل توجد فقط قواعد عامة ومبادئ وأدوات مالية محدودة لا تسعف في حل الأزمة المالية العالمية، ولا تصلح لأن تكون بديلا للنظام الاقتصادي الحالي».
وتطرق السيد سميح مسعود الى ما ورد على لسان حامد العلي، مدرس الثقافة الإسلامية في كلية التربية الأساسية في الكويت (!!) من أن البنوك الإسلامية تتحايل على الربا، باختراع معاملات ظاهرها بيع، وباطنها قرض بفائدة. كما يتهم هيئاتها الشرعية بأنها تفتي بهواها، ويتقاضى شيوخها رواتب عالية ومكافآت مجزية من هذه البنوك، كما اتهم كل من يفرق بين البنوك التقليدية واللاربوية بأنه جاهل! وأكد مسعود على لسان آخرين، أن التعامل في التوريق والتورق الذي تنشط به المصارف وشركات التمويل الإسلامية ما هو إلا أحد ألوان التحايل على أحكام الشريعة. ثم يتطرق الباحث لرأي راشد العيلوي، استاذ الاقتصاد الاسلامي في جامعة القصيم بالسعودية (!!)، الذي ذكر ان بعض البنوك الاسلامية تخلط بين التعاملات الاسلامية وغيرها من التعاملات والزعم انها إسلامية وهي ليست كذلك، وإنما هو تحايل على الربا. كما تطرق الباحث لقول مقبل صالح احمد الذكير، أستاذ الاقتصاد في جامعة الملك عبدالعزيز من أن البنوك الاسلامية مرغمة في الوقت الحاضر على أن تنظر لسعر الفائدة السائد في الأسواق العالمية، عند تحديد هامش الربح، بسبب حرصها على عدم الانفصال عن مستويات تلك الفوائد، وذلك بربط الأقساط في عقد التأجير المنتهي بالتمليك بمعدل سعر الفائدة المسمى ليبور. كما أكد مسعود عدم وجود مقاييس معيارية للفتاوى في أعمال البنوك الإسلامية، حيث ان الأحكام الشرعية تقبل اجتهادات مختلفة، مما يؤدي إلى اختلافات في الممارسات البنكية والمالية في جميع جوانب صناعة التمويل الإسلامي، وأن 85% من الصكوك الإسلامية المصدرة في الخليج غير ملتزمة بالأحكام الشرعية بسبب وجود اتفاقيات إعادة الشراء، وقد أصدر الشيخ محمد تقي عثماني رئيس المجلس الشرعي لهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الاسلامية في السعودية تصريحا لرويترز في نوفمبر 2007، أثار جدلا كبيرا في الأوساط الإسلامية والمتعاملين مع البنوك والمؤسسات الإسلامية.
نكتب كل ذلك من واقع اهتمامنا الشديد بضرورة وجود أعلى مستويات الشفافية في العمل المصرفي والاستثماري، وهذا ما لا يتوافر حاليا في القطاع المسمى بالإسلامي من الاقتصاد الذي يتعامل الكثيرون معه، اعتقادا بأن يتماشى مع الشريعة والفكر الديني، وهو ليس كذلك.

أحمد الصراف

احمد الصراف

الإثراء من الدِّين

كنا، وبكل فخر، من أوائل من هاجم ظاهرة عمرو خالد، ووصفها بالفقاعة. كما كنا من أوائل من أدينوا، أدبيا، بسبب موقفنا منه، ولم يزدنا ذلك إلا إيمانا بصحة موقفنا. وقد أثبتت الأيام صحة ما ذهبنا إليه، فقد انفجرت الفقاعة وتبين خلوها، وأن الظاهرة لم تكن إلا سرابا جذب الكثير له، ولكن من السذج والبسطاء وغالبيتهم من عديمي الفهم والمعرفة، الذين أعجبوا بالظاهرة التي انتهت، ليس فقط بسبب تفجرها من قوة نفخ الذات، بل أيضا بسبب ما تحقق للرجل من ثراء مادي واجتماعي أغناه عن العمل بقية حياته.
في تحقيق نشر قبل فترة في مجلة فورشن التي تهتم بثروات المشاهير، تبين منه أن الداعية عمرو خالد أصبح من كبار أصحاب الدخول العالية من بيع حق بث برامجه التلفزيونية التي لا تزال القنوات الدينية تشتريها لملء ساعات بثها المملة والطويلة. كما أصبح الرجل مؤسسة بحد ذاتها بحراسات أمن وسكرتارية ومكاتب دولية وإقليمية، وكل ذلك من بيع كلام «لا يودي ولا يجيب» كما يقال باللهجة المصرية. وأصبح ضرره أكثر من نفعه، هذا إذا كان له نفع لأحد غيره في يوم ما، ولكن من الإنصاف أن نشهد للرجل بأنه أول من اكتشف خواء رأس هذه الأمة المدعوة ب‍‍ـ«العربية الإسلامية» وكرهها للقراءة والمعرفة، ومن هنا اكتشف طريقة حشو الفراغات في العقل العربي، وما أكثرها، برهيب الكلام وصيحات التعجب وتساؤلات الوهم، معتمدا على تمام جهل مستمعيه وعدم قدرتهم على مجاراته في الكلام، أو مساءلته عما يدعيه من قصص الجنة والنار التي لم يسمع بها أحد غيره من قبل، ولا يعلم أحد، غيره، شيئا عنها.
والمسيء في الأمر أن ظاهرة عمرو خالد سبقتها ظواهر مشابهة أخرى من غير نجاح كبير، وتبعتها مقلدة ظواهر أخرى كالجندي و«الكندي» والمصري وجدي غنيم وغيرهم الكثير. كما يوجد ما يشابه هؤلاء لدى طوائف الشيعة من بائعي الكلام ومروجي الحزن ومدري الدموع، ولكن يبقى عدد هؤلاء وأهميتهم متواضعين على المستوى الإقليمي بسبب موسمية عملهم من جهة، وتمسكهم بالرداء الديني الذي لا نراه على أكتاف ورأس غالبية الدعاة الجدد من أمثال خالد وغنيم، مما يعطي هؤلاء الأخيرين مساحة تحرك عالمية أكبر. وقد قرأت جزءا من سيرة حياة الداعية المصري وجدي غنيم، الذي طلبت منه السلطات في البحرين مغادرتها ومنعته من العودة اليها، فوجدت تشابها بين غوغائيته وطريقة طرحه مع الداعية محمد الفالي، الذي منعته السلطات الكويتية من العودة الى الكويت. ولا أعرف كيف اتفق الاثنان على أسلوب الإثارة نفسه وتجييش مشاعر المستمعين لهم من دون اعتبار لمنطق أو عقل.
نعم، لقد أُثري الكثيرون من الدين، ولا يمكن وقف هذا الاستغلال بغير توعية المجتمعات، ولكن كيف يمكن أن يتم ذاته على ندرة ما يكتب في مجال التوعية المهم هذا، فما نقوم به لا يعدو أن يكون حبة رمل في محيط من الجهل الذي يلفنا والآخرين بعباءته الكثيفة.

أحمد الصراف

احمد الصراف

كذبة الاقتصاد الإسلامي

يقول الكاتب السوري المبدع نضال نعيسة ان ما يسمى بالاقتصاد الاسلامي ما هو إلا من مخلفات الصحوة البترودولارية التي أقحمت جملة من المفاهيم والمصطلحات الوهمية الاقتصادية، بقوة اعلام بعض دول الخليج، ادخلتها في الاقتصاد، ولم يكن ادخالها بقوة المنطق والعلم والضرورات الحياتية (!!).
وكلام نعيسة صحيح الى حد كبير، فعلى مر تاريخ الأديان جميعا لم يكن هناك قط نظام اقتصادي يهودي أو بوذي أو مسيحي أو هندوسي، وكان من الممكن ان تبقى الأمور في الحدود نفسها مع الاسلام والمسلمين، كغيرهم من شعوب الأرض، لولا ذلك الانهمار الفجائي لأموال البترول على مجموعة من الدول الصحراوية المتخلفة، الذي غير الوضع رأسا على عقب بعد ان رافق هذا الانهمار ظهور طبقة من المنظرين الدينيين الطامعين في حصة من أموال هذه الدولة أو تلك الجهة، وبالتالي ظهرت على السطح مجموعة من المصطلحات الجديدة كالبنوك الاسلامية والتوريق والمرابحة واللاربوية ولجان وهيئات الرقابة الشرعية وغير ذلك، والتي لم يرد لها ذكر طوال 14 قرنا! وأدى ذلك الى انتشار هذه المؤسسات، التي لم يعرفها الاسلام في تاريخه، كالفطر البري في كل دولة اسلامية، حتى ولو لم تمتلك الا بضعة قروش، ولكنها كانت، ولا تزال، فرصة لبعضهم لتحقيق ثروات هائلة من وراء استغفال الغير واستغلال سذاجتهم وجهلهم. وخير دليل على ذلك ان المؤسسات المالية التي تتخذ الاسلام ستارا، أو رداء لأعمالها، تعرضت للخسارة والافلاس في الأزمة العالمية الأخيرة كغيرها من المؤسسات المالية الأخرى، ولم تحمها الهالة الدينية وهيئاتها الشرعية وما تخرجه من زكوات من ضياع أموال مؤسسيها وحملة أسهمها!
ان الاصرار على ان هناك مؤسسات مالية اسلامية وغير اسلامية فيه الكثير من الاساءة للاسلام وللمؤسسات المالية الأخرى، فكل نتيجة سيئة تعود على صاحبها بالسوء، ومن الأفضل بالتالي وصف هذه المؤسسات المسماة اسلامية تجاوزا بـ«غير التقليدية» ونزع صفة الدين والتدين عنها. كما انه من المهم جدا وضع أنظمة وقوانين صارمة تحكم أعمالها، ومن ذلك منع الازدواجية في تولي مناصب هيئاتها الشرعية، التي يجب ان توصف بطريقة مختلفة، حيث نجد ان عددا قليلا من رجال الدين يسيطرون على عدة شركات متنافسة في وقت واحد، وربما تم اختيار هؤلاء بالذات لمرونتهم و”سهولة” التعامل معهم.

أحمد الصراف

احمد الصراف

لماذا السكوت عن النقاب؟

اعلن الرئيس الفرنسي ساركوزي في منتصف يونيو الماضي انه لن يسمح ابدا بالمس بكرامة المرأة وحريتها في فرنسا. وجاء ذلك في معرض تعليقه على قضية كانت مثار جدل كبير في فرنسا، تتعلق بارتداء بعض الفرنسيات المسلمات للبرقع، حيث ذكر ان ارتداءه ليس مسألة حرية دينية، بل انه في الواقع مسألة تتعلق بحرية المرأة وكرامتها، وان فرنسا دولة منفتحة ومتقبلة للآخر، وهي ايضا دولة اندماج مواطنين ومواطنات يسعون للعيش مع بعضهم البعض والنظر في عيون بعضهم البعض. وقال ساركوزي ان البرقع ليس رمزا دينيا بقدر ما هو رمز استعباد للمرأة.
ولو عدنا للكويت، لوجدنا انها ربما تكون الدولة الوحيدة التي تسمح حكومتها، وبضغط من قوى شديدة التخلف، او ربما من دون وعي منها، تسمح للمنقبات بالعمل في الوظائف العامة ومقابلة الناس والتعامل معهم واخذ شهاداتهم وقبول حضورهم امامها والطعن في هوياتهم وختم جوازات سفرهم وانهاء كل معاملاتهم القانونية والامنية، وكل ذلك من وراء ستار كثيف من القماش يمنع المواطن او المقيم من معرفة هوية وشخصية الطرف الآخر، وكأنه يتعامل مع شبح!! ولو تطلب الامر مستقبلا، ولاي سبب كان، تحديد هوية هذا الطرف المنقب لما تسنى ذلك لان من الاستحالة حتى على مدير ادارة او رئيس قسم في اي ادارة حكومية الجزم بصحة هوية الموظفات المنقبات العاملات معه، وقد تكون هي او قريبة او صديقة لها!!
وقد قامت كاميرا قناة الوطن قبل فترة بتتبع امرأة متسولة منقبة دأبت على الجلوس امام مبنى مجمع الوزارات، وبعد انتهاء الدوام، لتكتشف انها ترتدي النقاب للتمويه فقط، وانها تمتلك سيارة غالية توقفها كل يوم في شارع منزو، وانها تقوم بالتخلص من عباءتها ونقابها، او ادوات احتيالها، فور وصولها لسيارتها. وهذه السيدة كغيرها الكثيرات، عرفت كيف تستفيد من رداء تمويه، يمنع القانون على من تقود سيارة ارتداءه، ولكن القانون، والحكومة نفسها يقفان عاجزين امام مرتديات النقاب من شاغلات اخطر الوظائف في دولة الكويت وضواحيها!!
ان النقاب، كما يدعي مؤيدو ارتداءه، لا يمثل حصنا لصون المرأة من نظرات الرجال الآخرين، بقدر ما هو تغطية لملكية تخص الرجل الذي لا يود من الآخرين النظر لها. ولكن نسي او تناسى هؤلاء ان الشعور ذاته الذي ينتاب الرجل من رؤية امرأة جميلة ينتاب المرأة عند رؤية رجل وسيم!! فلماذا نفرض الرداء الكاسي على المرأة ولا نفرضه على الرجل الذي يستطيع الظهور في الشارع وهو “نص عار”؟ والجواب البسيط والشديد السذاجة ربما هو ان الرجل، بعرف هؤلاء وطبقا لفكرهم الديني، يمتلك المرأة ولكنها لا تمتلكه، فهي متاع وهو غير ذلك تماما، فهو السيد الذي ان غضب من المرأة، لتمنعها عليه، غضبت السماء له!!
ان القول ان الحرب على النقاب تأتي في اطار مسلسل الحرب على الاسلام امر يدعو للغثيان، فما قدمته فرنسا للاسلام والمسلمين طوال تاريخها يفوق ما قدمته حزمة من الدول الاسلامية للاسلام والمسلمين!!

أحمد الصراف