احمد الصراف

درس بوحمد وحمد

مرت في 4 فبراير الذكرى السنوية الخامسة لاستشهاد الملازم حمد السمحان، متأثرا بجراحه التي اصيب بها في المواجهة التي شهدتها منطقة مبارك الكبير بين قوات الامن وارهابيي خلية او عصابة عامر خليف العنزي، المتشدد دينيا، واستشهد قبله بخمسة ايام الرقيب جواد عبدالمحسن بوحمد على يد العصبة المجرمة نفسها. وعلى الرغم من برقيات التعزية الرسمية التي أرسلت لذويهما في حينه وورد فيها انهما سيظلان في ذاكرة ابناء الكويت ووسام فخر على صدر كل كويتي، فإن من الواضح ان هذه الذكرى لم تكن بتلك القوة، والاوسمة لم تعن شيئاً، فلا تزال شوارع الكويت ومبانيها تسمى بأسماء من يسوى ولا يسوى، ولا تزال تخلو من اسم جواد بوحمد او حمد السمحان اللذين كان يجب ان يكون استشهادهما، وغيرهما كثر، درسا لنا في عدم التقاعس إزاء هؤلاء الارهابيين الذين لا يزال البعض منهم يسرح ويمرح بيننا ولهم صولات وجولات في كل ميدان، وبحر الانترنت شاهد على تصريحاتهم ومعاركهم، ومنها شريط مكالمة اجراها احدهم مع سفير دولة عربية، حيث قام بالتحدث معه كأنه صديق حميم، ثم اصدر تعليمات له، وعندما رفضها السفير اصدر مجموعة من التهديدات التي بينت تمكنه وجماعته، داخليا وخارجيا، وكل ذلك موثق على الانترنت.
قد نجد عذرا للحكومة في التقاعس عن تكريم هؤلاء الشهداء وغيرهم ممن سقطوا على يد المحتل العراقي، ولكن ما عذر الجهات غير الرسمية من شركات وجمعيات وهيئات؟ هل هي تخشى ايضا «الاساءة» الى مشاعر الجهات التي وقفت، ولا تزال تقف، معنويا وماديا، خلف الحركات الارهابية؟ ربما!!
ولو عدنا لارشيف «القبس» للفترة نفسها تقريباً لوجدنا نص مقابلة اجراها الزميل ناصر العتيبي مع خالد المغامس المدير في الخارجية، ونجد انها لا تزال صالحة، وكأنها تتحدث عن اليوم، فما ذكره من ان اموال اي تنظيم او فرد او جمعية يثبت تعاملهم مع جماعة طالبان او تنظيم القاعدة يتم تجميدها، تصريح لم يكن دقيقا في وقته، ولا يزال كذلك اليوم! واكد السيد المغامس ان هناك من يستغل العمل الخيري ويسيء اليه، ويجمع الاموال من دون تصريح، وان الوزارة لا تعلم الى اين يوجه هؤلاء الاموال؟ وعلى الرغم من مرور 5 سنوات على هذا التصريح الصريح والخطر فإنه لا يزال ساريا، وكأنه يصف الوضع الحالي، وبالتالي هل يستغرب احد سوء اوضاعنا الامنية؟

***
• ملاحظة: أرسلت الحكومة مشكورة مبلغ 5.3 ملايين دولار لاغاثة منكوبي هايتي، وسبق ان حولت مبلغ 10 ملايين جنيه استرليني لدعم مركز ديني محدد في بريطانيا يقوم بدراسات اسلامية!

أحمد الصراف

احمد الصراف

الدولة الدينية القبلية

عدد من يستحق التقدير والاحترام بين كبار ضباط وزارة الداخلية ليس بالكبير، وليس في الأمر غرابة، فالكويت من دول العالم المتخلف، وهذه سمة من سمات هذه الدول، فالضابط فيها يمتلك البقالات وصالونات الحلاقة ويضارب في بورصة الأسهم ويتاجر في الإقامات ويستخرج رخص القيادة «للمحتاجين» مقابل رشوة، وأحيانا كثيرة يُقبض عليه متلبسا بجريمة أو بأخرى، ولا يُلام هؤلاء على ضعفهم بقدر ما يلام النظام القبلي والديني الذي أصبح يلفنا بعباءته الخشنة من كل جانب.
يعتبر الفريق أحمد الرجيب، وكيل وزارة الداخلية، من القلة التي تحظى بالتقدير والاحترام، وبالرغم من أن تصريحه الأخير، الذي سنأتي على ذكره لاحقا، بيّن مدى ما يشعر به من ضعف، فإنه أظهر أيضا حقيقة معدنه ورفضه للطريقة التي يدار بها الكثير من الأمور في الوزارة، وإيمانه بدولة القانون وضرورة اتباع القيادات الأمنية لكافة الإجراءات القانونية قبل دهم أي بيت أو حفل خاص.
ففي انتقاد لاذع يندر صدوره عن وكيل الداخلية، قال الفريق الرجيب إن على مديري الأمن الامتناع عن القيام بأعمال لا تدخل في صلب اختصاصهم، كمداهمة أوكار مشبوهة أو اقتحام حفلات خاصة بحجة وجود أفراد من الجنس الثالث فيها، وكل ذلك بناء على وشايات أو شبه تعليمات من نواب! وقال، وهذا مصدر اعتراضنا على تصريحه، ان هذه التدخلات في شؤون الناس غير المدعومة ببلاغات رسمية أو بأوامر قضائية تضعف موقف الوزارة ضد مرتكبي الجرائم وستبرئهم مستقبلا، وإن كانوا غير ذلك، وقد ينتج عنها ايضا رفع قضايا تعويض على الوزارة!!
وبالرغم من وضوح تصريح الوكيل الرجيب، فإنه أغفل أمرا أساسيا، فقد كان حريا به، وهو المسؤول المتمرس، لفت نظر قادة الأمن الى واجب الالتزام بالدستور وقوانين البلاد. فدعم موقف الوزارة أمر مهم، ولكن احترام خصوصيات الأفراد، من مواطنين ومقيمين، شيء أكثر أهمية، وهذا ما يجب أن يعيه رجل الأمن ويعمل حسابه لا ان يخاف من دفع تعويض مادي للمتضرر نتيجة خطأ في الإجراءات.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا يتعلق بالسبب الذي يجعل وكيل الداخلية يصرح بمثل هذا التصريح، «المخملي» نسبيا، بشأن مخالفات دستورية صدرت عن ضباط كبار لم يكن من المفترض ارتكابهم لها، ولماذا أطلق الفريق الرجيب تصريحه علنا، ولماذا لم يقم بإحالة واحد على الأقل من هؤلاء الضباط للمحكمة العسكرية، أو تجميده ونقله لإدارة غير تنفيذية؟
نعتقد بأن علانية التصريح، الذي تضمن اتهامات خطيرة لضباط كبار، مقصودة، وأن في الأمر شيئا ما، وأن الكيل ربما طفح بالوكيل، بحيث رأى أن من الضروري نقل الخلاف للعلن. وبيّن تصريحه أن من يدير الوزارة أمنيا ليس الوكيل الحريص على عدم تعريضها لما هي في غنى عنه، بل جهة أخرى! وبيّن ايضا أن كل ما يقال عن الدولة المدنية والدستورية أمر غير صحيح، فقد تحولنا منذ عقود لدولة «دينية قبلية» تدير الأجهزة الأمنية من خلال شبكة علاقات شخصية لا من خلال إجراءات قانونية ومواد دستورية، فهذا آخر ما تؤمن به.

أحمد الصراف

احمد الصراف

آه.. ما أجمل النسيان!

ذهب الرجل وزوجته للطبيب بسبب حالات النسيان التي أصبحت تنتابهما فأخبرهما هذا بأن كبر السن له علاقة بالأمر وان عليهما تقبل الوضع ومحاولة التغلب على المشكلة بتدوين كل ما يودان تذكره، والأفضل الاحتفاظ بورقة وقلم لهذا الغرض. في الليلة نفسها واثناء مشاهدة الزوجين للتلفزيون قام الزوج ليحضر وجبة عشاء خفيفة لنفسه فطلبت منه زوجته أن يحضر لها شطيرة جبنة بيضاء مع خيار، وطلبت منه تدوين ذلك في ورقته لكي لا ينسى، ولكنه قال ان طلبها سهل ولن ينساه، فأكدت أنه حتما سينسى ما طلبته خصوصا أنها تريد شطيرة مع حبتي زيتون، فقال انه لم يصل الى درجة الخرف، وأصر على عدم التدوين وأصرت على انه لن يتذكر ما طلبته. عاد بعد نصف ساعة يحمل ما حضره لنفسه وطبقا فيه بيضتان مقليتان لزوجته فنظرت اليه معاتبة وقالت: لقد قلت لك ان تدون الطلب وأنك ستنسى ما طلبت لكنك أصررت على موقفك. فنظر اليها بدهشة وهو يقول: ألم تطلبي بيضا؟ فقالت: نعم هذا ما طلبت ولكنك نسيت البطاطا!
تذكرت هذه الطرفة وأنا أقرأ طرفة أخرى عن النسيان عن مجموعة من الأصدقاء من طلاب جامعة أميركية اتفقوا يوم تخرجهم على البقاء على اتصال بعضهم ببعض مدى الحياة. وفي لقائهم الدوري، وكانوا جميعا قد بلغوا الأربعين من العمر، قرروا تناول العشاء في مطعم «جوستاف» لأن فيه نادلة صبوحة الوجه وجميلة القوام. بعد عشر سنوات التقت المجموعة ذاتها وقرروا تناول العشاء في مطعم «جوستاف» لأن لحومه طيبة المذاق، وقائمة مشروباته ثرية. وفي لقائهم الثالث بعد عشر سنوات أخرى، وبعد أن أصبحوا في الستين، قرروا، بعد نقاش قصير، تناول عشاء لقائهم الدوري في مطعم «جوستاف» لأنه مطعم يمتاز بجوه الهادئ، كما أنه يخلو من المدخنين والشباب الصاخب. وفي اللقاء السبعيني، وبعد التئام شملهم، قرروا بالاجماع تناول العشاء في مطعم «جوستاف» لسبب مهم حيث إنه مناسب لأصحاب الإعاقات وبالذات من مستخدمي الكراسي المتحركة، كما أن فيه مصعدا. وفي اللقاء الخامس بعد أن أصبحوا في الثمانين، تم الاتفاق بالاجماع، بين من بقي منهم على قيد الحياة، تناول العشاء في مطعم «جوستاف» لان الجميع يتحدث عنه، ولم يسبق لهم ان تعشوا به من قبل.

أحمد الصراف
[email protected]

احمد الصراف

دخان المركبات والمشعوذ السوري

تعرض بعض العاملين معي لمصادرة مركباتهم واجازاتهم وحجزها لعشرة أيام قبل تسليمهم السيارات لإصلاح مخالفاتها، كخروج أدخنة من عوادمها، ومن ثم عرضها على الفحص الفني وتسليمهم الاجازات ودفتر الملكية بعد الكشف عليها. كما غرموا مبالغ كبيرة مقارنة برواتبهم! وبالرغم من قسوة العقوبة فإنني رفضت التدخل لمصلحتهم لوضوح مواد قانون المرور. ولكن لو تفحصنا بتمعن حالة المركبات التي تسير في الشارع لوجدنا ان الكثير منها، وبالذات سيارات أجرة المطار التقليدية القديمة، في حال يرثى لها، ولكن بسبب ما لأصحابها من «واسطات» مع أقربائهم من الشرطة فإنها تستمر في تجاوز الفحص الفني سنة بعد أخرى. ولو أرادت جهة ما القضاء على الفساد في المرور مثلاً فليس أسهل من طلب هذه المركبات ومراجعة من قام بإجازتها في آخر فحص فني، وسيكتشف العجب. ولكن المرور أو الداخلية بشكل عام تريد بقاء «خمالها» فيها.
وفي الجانب الآخر، قام رجال مباحث الهجرة مشكورين بإلقاء القبض على مقيم سوري مصاب بمرض الكبد الوبائي، المعدي والمميت. وتبين ان لديه شهادة صحية تثبت لياقته. وكانت المفاجأة بعد استجوابه اكتشاف انه يعمل في مجال «القراءة والنفث في الماء» ليسقيه لمرضاه المؤمنين بقدراته، وهو أمر كاف لإصابتهم بنفس المرض المعدي والمميت. «كلعتهم».
وبالرغم من الجهود الجبارة التي بذلتها الداخلية من خلال العدد الكبير من العسكريين الذين شاركوا في القبض على هذا المشعوذ، الذي ربما تعلم سر الإثراء السريع من أقرانه الكويتيين وغيرهم من قراء الطالع والبخت وتفسير الأحلام، فإنه لا أحد فكر في الكيفية التي قبلت بها جهات في إدارة فحص العمالة ووزارة الداخلية وربما الشؤون شهادة اللياقة الصحية التي حصل عليها هذا المشعوذ! وأيضاً هنا كل طرف يود التغطية على نفسه، ولو قام مسؤول كبير، وما أكثرهم وأقل قيمتهم، بتتبع مسار هذه الشهادة ضمن دوائر حكومية محددة لاكتشف العجب، ولكن هذه الجهات، كما سبق ان ذكرنا، يبدو ان بعضها يتستر على بعضها الآخر، فتغطي إهمالها من منطلق «أنا وابن عمي على الغريب».
نعود لقصة العلاج بالرقية، المتمثل لدى الكثيرين بالنفث أو البصق في الماء المقروء عليه، فنحزن لحالنا بعد مئات الملايين التي صرفتها الدولة طوال 60 عاماً على التعليم الذي لا شك كان متخلفاً، ولا يزال، وعاجزاً حتى عن إظهار مدى خطورة مثل هذه الشعوذة التي يقتات منها المحتالون، وما أكثرهم في.. الوطن!!

أحمد الصراف

احمد الصراف

جرائم القرف.. لا الشرف

كانت المرأة طوال التاريخ البشري الطرف الأضعف في المعادلة الإنسانية، وذلك لعوامل فيزيولوجية معروفة. وبسبب هذا الضعف «العضلي» أساء الرجل للمرأة وسخرها لخدمته وإشباع شهواته واعتبرها من متع الحياة الدنيا، كأي قطعة جميلة، وحتى الفلسفات والإيمانيات القديمة لم تراع. ضعفها ومتطلباتها النفسية والجسدية، بسبب سيطرة الفكر الذكوري على تلك الأفكار. ولاستمرار سيطرة الرجل على المرأة وإخضاعها للعادي والشاذ من رغباته فقد ربط سعادتها، وأحيانا كثيرة، كامل وجودها، بالجانب الجنسي منها وأصبح للشرف معنى لديه يرتبط ببكارة المرأة وبإخلاصها لرجلها، قبل الزواج سواء كان أخا أو أبا، وبعد الزواج بهؤلاء جميعا إضافة للزوج وبقية ذكور العائلة. وبالتالي ربط الرجل شرف العائلة والقبيلة، وأحيانا الدولة، كما رأينا في أكثر من مثال عبر التاريخ، بالطريقة التي تتصرف بها المرأة وهذا جعلها تعيش في هاجس جنسي مستمر من فقد العذرية خارج مؤسسة الزواج، والتعرض لمختلف الإهانات والمخاطر التي تصل في حالات كثيرة الى القتل.
ولو قمنا باستعراض الدول التي تتعرض فيها النساء لمختلف أنواع القهر والاستغلال والضرب والتشويه الجسدي وحتى القتل لأتفه الأسباب لوجدنا أن القائمة تشمل دولا كثيرة، غالبيتها إسلامية. ففي كل يوم تقع جريمة قتل بسبب عدم طاعة المرأة لرجلها أو لأن الرجل، زوجا، أخا أو أبا، أو حتى خالا أو عما، شك في سيرتها وليس بغير القتل وقطع الرأس يمكن للشرف الرفيع أن يصان من الأذى! وسكوت مجتمعاتنا الواضح عن هذه الانتهاكات والجرائم، واعتبارها أمورا شخصية وقضايا عادية، لا يعني إلا قبولنا ومشاركتنا غير المباشرة بتلك الجرائم والمساهمة في زيادة حالات الاعتداءات غير المشروعة وغير الإنسانية على المرأة، ولا شك أن الكثيرات من النساء يتم اضطهادهن في عالمنا البائس هذا وينتظرن لحظة الاعتداء اللفظي عليهن أو ضربهن واستغلالهن من قريب باسم الشرع أو عادات المجتمع وتقاليده.
وقد سعت منظمات دولية عدة، من خارج عالمنا الأكثر شرفا، معنية أساسا بصحة الجنس البشري وسلامته للتقليل من جرائم الاعتداء على المرأة والفتيات الصغيرات بالذات في مجتمعاتنا، سعت لإصدار بيانات عالمية تندد بسوء المعاملة هذه وتطالب بوضع حد لما يسمى بجرائم الشرف، وذلك ضمن برنامج يسعى لرفع الظلم عن المرأة. فأي رجولة وشجاعة تلك التي لا تتحقق إلا بنحر طفلة لا تتعدى الثانية عشرة من العمر، وفي الوقت نفسه يتراكض مرتكب الجريمة هلعا من أعدائه الحقيقيين. وكيف تتحقق الرجولة بقتل زانية ويترك شريكها الرجل لأن قبيلته أو جماعته ترفض التخلي عنه، وتترك هي لمصيرها الأسود؟ وأي رجولة تلك التي ترضى بقتل المرهف من مشاعر المرأة وحاجاتها الجنسية بالإصرار على ختانها سعيا لحفظ شرف العائلة؟
ولماذا نسعد ونفتخر بشرفنا ولا نعطي انسانيتنا أي أهمية، هل لأن هؤلاء أقل قيمة من أن يكونوا بشرا حقيقيين؟.

أحمد الصراف

احمد الصراف

التطور التاريخي الحديث للحجاب

في قرار يخالف الاتفاق الأولي لمطالب الجالية المسلمة في فرنسا التي طالبت أعضاء البرلمان بعدم التصويت لمصلحة «حظر النقاب››، أيد حسن شلغومي، امام مسجد «درانسي» الفرنسي، مشروع قانون مناهضا لارتداء البرقع. وقال شلغومي، لصحيفة لوباريزيان، ان النقاب لا مكان له في فرنسا وهي دولة تملك فيها المرأة حق التصويت منذ 1945، كما أن لا أساس له في الاسلام ويخص تقاليد أقلية ضئيلة، وانه سجن للنساء ووسيلة للهيمنة الجنسية وتلقين التشدد الاسلامي.
ويقول برلمانيون فرنسيون انه من المرجح أن تقرّ الجمعية الوطنية الفرنسية قريبا قرارا يحظر ارتداء النقاب في الأماكن العامة كالمدارس ومحال التسوق ووسائل النقل العامة والمستشفيات وسيلزم مرتدياته باظهار وجوههن عند دخول المباني والخدمات العامة، وبقائها ظاهرة للعيان طوال فترة بقائهن في المكان العام. وسبق للرئيس الفرنسي أن صرح بأن «النقاب اهانة لكرامة المرأة كما أنه غير مرحب به في فرنسا». ويقول مؤيدو النقاب إن عدد المنقبات في فرنسا لا يزيد على 2000 امرأة، وبالتالي لا يستحق كل هذه الضجة. وقد ذكرني هذا التعليق بمجموعة من الصور المعبرة التي انتشرت على الانترنت قبل فترة عن موضوع تطور ارتداء الحجاب في مصر في الخمسين سنة الماضية، حيث يظهر في الصورة الأولى التي التقطت لخريجي كلية الفنون في جامعة القاهرة لعام 1959، أن نسبة الفتيات أقل من 30 مقارنة بالشباب، وليس بينهن محجبة واحدة، دع عنك منقبة! وتمثل الصورة الثانية خريجي عام 1978 ونجد هنا أن عدد الفتيات ارتفع كثيرا، مقارنة بالشباب، وبينهن محجبة واحدة مستندة بكتفها إلى صدر زميل لها. أما صورة عام 1995 في المكان والكلية نفسهما فتبينت قفزة هائلة في نسبة الخريجات، حيث بلغت %70 نصفهن محجبات. أما في صورة عام 2004 فقد تسارعت التغيرات حيث أصبح عدد الخريجين 108 منهم 16 شابا فقط، والبقية فتيات محجبات بخلاف 15 غير ذلك، وربما أصبحن اليوم محجبات، ولو لم تتساهل مجتمعاتهن مع الظاهرة في وقتها لما أصبح الحجاب مسيسا بمثل ما هو عليه الآن، ومصير فرنسا مع المنقبات سيكون الشيء ذاته، خلال أقل من عقدين من الزمن، ان هي تساهلت مع الظاهرة، علما بأن فيها أكبر جالية اسلامية في أوروبا.
***
• ملاحظة: في الذكرى السابعة والأربعين للعيد الوطني، قامت إدارة البريد بإصدار طابع بهذه المناسبة. والمفزع أن الإدارة لم تجد أفضل من رسم لامرأة تضع ورقة في صندوق الانتخابات، وتبدو محجبة وعليها عباءة سوداء، وكأنه زي نساء الكويت الرسمي والوطني!

أحمد الصراف

احمد الصراف

من فوكيت إلى القاهرة

أكتب هذه الرسالة من جزيرة فوكيت، تايلند، حيث أقضي إجازة مع صديق وزوجتينا. وقد انقطعت عن الكتابة لفترة بسبب التحضير لهذه الإجازة التي ستستغرق 30 يوما، وبسبب ما انشغلت به من ترتيبات الانسحاب قبل النهائي من كل ارتباطاتي المالية والعملية في الكويت، استعدادا لما سيتمخض عنه قرار الحكومة في نهاية الأمر بخصوص إسقاط فوائد قروض آلاف المواطنين.. وفي مرحلة تالية إسقاط أصول تلك القروض طبعا!
والحقيقة أن مشروع قانون إسقاط القروض، الذي وافق عليه غالبية «نواب ونوائب الأمة»، يمكن أن يقتل في مهده، إن حزمت الحكومة أمرها وأصرت على رد القانون رسميا والتعهد بإسقاطه ثانية، إن قدم للمجلس في دورة أكتوبر المقبلة. كما أن بإمكانها التخلص من الاحتقان الداخلي والضغوط التي يتعرض لها النواب من قبل المؤمنين ب‍ـ«الدولة الريعية»، عن طريق تخفيض أعداد المقترضين بزيادة مغريات الاستفادة من صندوق المعسرين، ووضع مدة محددة تنتهي بعدها فترة الاستفادة منه، مع الإصرار على تطبيق القانون على المتخلفين عمدا عن سداد أقساط قروضهم، ودعم البنوك ومساعدتها في تحصيل ديونها! وهكذا لن يأتي أكتوبر المقبل إلا ومجموعة كبيرة من المقترضين قد استفادوا من مزايا الصندوق، وهؤلاء بالذات هم الذين سيقفون معنا وقتها، وضد زملاء الأمس من المقترضين، تطبيقا لنظرية النحاسة الكويتية.
وبمناسبة الحديث عن الهجرة، فقد التقيت في مطار الكويت قريبا أخبرني، وعلى وجهه ابتسامة صفراء، أنه حصل على قرض من أحد البنوك قبل ستة أشهر، وأنه استخدمه بكامله لتمويل سفره وعائلته إلى القاهرة، وأن هذه أول مرة يسافر فيها منذ سنة كاملة (يا حرام!!) وتمنى ألا يستجيب الله لطلبي رفض قانون إسقاط فوائد القروض، وان أكثر من نائب أخبره أن القانون سيمر وسيقر في نهاية الأمر، وإنني إنسان حسود وأكره الخير لغيري!! بالمناسبة، قريبي هذا لديه 8 أطفال أكبرهم يبلغ من العمر 13 عاما، والعدد مرشح للزيادة، وليس في حسابه دينار واحد ضمان مستقبل أولاده، وفوق هذا يسعى جاهدا، بمؤازرة قوية من نوابه، لنهب أموال أطفاله وأحفاده وصرفها على السفر إلى القاهرة لكي يستمتع بتدخين الشيشة في مقهى عند سيدنا الحسين!

* * *
ملاحظة: إن ميزانية الدولة يجب أن تتعادل، وخزائن الدولة يجب أن تملأ، والدين العام يجب أن يخفض، وأن يمنع تدخل القوى الأخرى في الشؤون المحلية، وأن نعيد تعليم الشعب كيف يعمل، بدلا من البقاء عالة على الحكومة، وبغير ذلك ستتعرض روما للإفلاس!
(ماركوس سيليوس سيسيرو، فيلسوف ومحام من روما ولد عام 109… قبل الميلاد!).

أحمد الصراف

احمد الصراف

72 ألف شلوت

كنت في جلسة مسائية مع صديق عندما رن جرس الهاتف وكان المتحدث مديرا شابا في أحد المصارف طالبا مقابلتي، ولعدم حاجتي الى سماع شيء منه، فقد تعللت بأنني في بيت صديق ومشغول بحديث خاص، فقال ان مقابلته ستكون لخمس دقائق فقط، ووجود صديق سيساعد في الأمر، وعندما حضر دخل في الموضوع مباشرة، حيث عرض علينا فرصة لربح نصف مليون دينار بسهولة من خلال فكرة بسيطة، فبإمكان كل واحد منا اقتراض مبلغ خمسين ألف دينار من البنك بكفالة الآخر، أو بضمان حساباته الأخرى مع البنك، ثم حفظ مبلغ القرض في حساب وديعة والقيام مقابلها بضمان قرض فرد آخر من العائلة، وهكذا نحصل في نهاية الأمر على عشرة قروض، بعدد أفراد عائلتينا، يبلغ مجموعها نصف مليون دينار، وحيث أن مجلس الأمة يسعى جاهدا لالغاء كل قروض المواطنين، وأن عضوا بارزا في المجلس أكد له أن القروض ساقطة ساقطة، فان من المجدي المخاطرة ببعض الفوائد، في حال عدم الموافقة على القانون، وان لم يحدث ذلك حصلنا على ما يعادل مليون وثمانمائة ألف دولار اميركي……. ببلاش!
قلت للمدير ان أول وآخر قرض تورطت في اقتراضه كان عام 1965، وقمت بسداده قبل موعده، وبذلت جهدا خلال ما يقارب نصف القرن في المحافظة على سمعتي، وبالتالي لست في وارد تقبل عرضه بالرغم من كل جوانبه المغرية، خصوصا لمن عرف ومارس المغامرة المالية طوال حياته. فلا أخلاقية القرض والعرض واضحة وتتضمن نهباً للمال العام، وضميري، الذي يصفه سفهاء والبعض من الساسة، بأنه غير سوي، لا يرضى بالموافقة على مثل هذا العرض، وأن ما نشرته «القبس» على صفحتها الأولى أمس الاول عن وجود 72 ألف حالة ضبط واحضار بحق مقترضين يجب ألا يلام عليها من تقاعس في استدعاء هؤلاء وضبطهم، ولا من اقترض من هؤلاء واسترخص مال الدولة العام، بل يجب أن تكون درسا لكل من سولت له نفسه المريضة استغلال ضعف النفوس للتربح سياسيا من مثل هذه القضايا، وبالتالي على جميع المقترضين الذين غرر بهم نوابهم عدم الاكتفاء بعدم انتخابهم مرة ثانية بل بالاتفاق على صفعهم بـ 72 ألف صفعة بسبب تغريرهم بهم وسعيهم لسرقة أموال أبنائنا وأحفادنا التي سيكون الجميع بأمس الحاجة اليها عندما ينتهي نفط «الوطن»…… وليس ذلك ببعيد!!

أحمد الصراف

احمد الصراف

البريعصي والروبوت

تمتاز السحالي (وبالذات البريعصي) بقدرتها على السير على الجدران والأسقف بأنواعها، من دون أن تتعرض للسقوط. وقد حيرت هذه الخاصية العلماء لسنوات طويلة إلى أن اكتشف العلم أخيرا أن لدى السحالي قدرة التفاعل الذري مع السطح الذي تزحف أو تسير عليه، حيث توجد في أرجلها ذرات بالغة الصغر تمكنها من التفاعل مع ذرات السطح الذي تسير عليه، من دون استخدام أي مواد لاصقة أو خاصة، وهذه الخاصة اللاصقة، إن صح التعبير، تمكنها من السير على أي سطح بكل سهولة وسرعة.
وفي جانب آخر، نجح علماء دول العالم المتقدم، واليابان على الأخص، في نصف القرن الماضي في تطوير طريقة عمل «الروبوت» أو الإنسان الآلي الذي بإمكانه أداء مختلف الوظائف والأعمال الميكانيكية المعقدة من دون تدخل بشري. وفي المجال ذاته نجح مهندسون علماء من جامعة «ديفيد بن غورين» في إسرائيل في صنع جهاز بإمكانه السير على الحوائط والجدران بأنواعها، وتسلقها من دون مخالب أو مواد لاصقة أو حتى بخاصية التفريغ الهوائي. وقد أبدى الجيش الإسرائيلي اهتماما شديدا بهذا الاختراع الجديد، وغير المسبوق، والذي سيساعده في القيام بعمليات عسكرية متعددة كان يصعب عليه حتى تخيل أدائها في الماضي.
أما في بلداننا، فلا تزال القواعد العسكرية لكثير منها تحتوي على صناديق أسلحة تقليدية كثيرة، وقطع غيار غير لازمة، تم شراؤها بقوت الشعوب المغلوبة على أمرها، وتم قبض عمولاتها، وستبقى كذلك إلى أن تتحول إلى قطع أثرية، وهنا سيتلقفها يوسف العميري في يوم ما لكي يستخدمها في تعبئة متحفه، أو بيته الكويتي العائلي الوطني!
يحدث ذلك في إسرائيل، أما في جانبنا فنحن لا نزال على خلاف على قضية بناء الجدار الحديدي الحاجز، الظاهر منه والمدفون، بين قطاع غزة ومصر، وهل نعزز بناءه أم نقاومه ونزيله؟ علما بأن بناءه سيمنع حتى سحالي غزة من دخول مصر…إلا بإذنها!

أحمد الصراف

احمد الصراف

الوحدة الدينية النفعية

ابتسمتُ وأنا أقرأ بداية تصريح رجل الدين راضي حبيب في «الوطن» الاسبوع الماضي، الذي استنكر فيه قيام النائب رولا دشتي برفع دعوى قضائية ضد زميلها سعدون حماد العتيبي! واتسعت ابتسامتي اكثر ومعها نظراتي وانا اقرأ كلامه بان النائب رولا كانت تحض ناخباتها في ندواتها الانتخابية لمجلس الامة، على المشاركة السياسية والتعبير عن آرائهن بحرية تطبيقا لمواد الدستور، ولكنها عادت الآن وناقضت نفسها برفع دعوى على النائب سعدون حماد الذي اختلف معها في الرأي(!!).
وعند قراءة الفقرة الاخيرة من التصريح لم أتمالك نفسي من القهقهة بصوت عال عندما وصلت الى الفقرة التي «أكد» فيها الشيخ راضي ان النائب سعدون حماد «معروف بحرصه الشديد وتفانيه في حفظ الاموال العامة»! وانه لا يلام على كشف الحقائق عن الوضع السيئ الذي تمر به الدولة، وما تمثله جهوده من تحقيق لمطالب «الشعب» والدستور والمحافظة على ممتلكات الدولة وحمايتها من العبث!
لا ادري، كيف وصف الشيخ راضي اتهام النائب سعدون حماد لزميلته رولا دشتي باقتراض، او لهف 50 مليون دينار من البنك الصناعي، بانه مجرد اختلاف في الرأي ووجهات النظر، ولا ادري على ماذا اعتمد؟ وهل سيعتبر مثلا اعتدائي اللفظي عليه، او القول مثلا بانه مدفوع من سعدون حماد لقول هذا الكلام بحق زميلة ايضا مجرد اختلاف في الرأي، ام انه سيفكر في الاعتراض قضائيا؟
نعترف هنا بان من الصعب -تحت الظروف الحالية- السير خطوة واحدة في طريق علمنة الدولة، او ان تكون لنا القدرة على قطع الحبل السري الذي يربط «المؤسسات الدينية» باطراف متنفذة في الحكومة، كما اننا نفتقد القدرة على التخفيف من نفوذ رجال الدين، والسياسيين والمتشددين منهم بالذات، في تسيير امور الدولة بغير الكتابة، وبالتالي فكل احلامنا وامانينا صعبة التحقق والمنال، في الوقت الحاضر على الاقل، ولكن ألا يحق لنا وألا تستحق هذه الامة رجال دين من نوعية افضل واحسن؟ وهل «كتب علينا» ان نعاني من مثل هذه العقليات الى الابد؟ وبعدين «كجا مرحبا» الشيخ راضي حبيب بمسألة الدفاع عن سعدون حماد.. بالذات؟ هل في الامر وحدة نفعية بعد ان سقطت الوحدة الوطنية بالضربة القاضية؟

أحمد الصراف