احمد الصراف

دموع الدكتور أحمد البغدادي

صديقي العزيز أحمد الصراف، كيف أنت؟ أكتب لك هذه الرسالة والدموع تملأ عيني لما أمر به من صعاب، وأشعر بالألم لكتابة هذه الرسالة لك، وبالكاد يسعفني تفكيري لما هو صواب، وأتمنى ألا تخذلني، فأنا أمر بظروف مؤسفة، وبحاجة لمساعدتك المستعجلة، فقد سرقت أموالي وهاتفي النقال، وبحاجة ماسة لمبلغ 2500 دولار، أو أي مبلغ تستطيع أن تدفعه لي كدين أسدده لك عندما أعود للوطن.
كان ذلك مضمون رسالة وردتني على الإنترنت من شخص يطلق على نفسه اسم «الدكتور أحمد البغدادي»، وحيث ان الزميل البغدادي يتلقى علاجا في لندن، وحسب علمي ومعرفتي تأبى نفسه الكريمة التصرف بمثل هذه الطريقة، فقد كان من الطبيعي الاعتقاد بأن في الأمر ما يريب، ولهذا كتبت لذلك النصاب رسالة أشكره فيها على اللجوء إلي وطلبت منه إرسال عنوان مصرفه، فرد بذكر عنوان مكتب Western Union للصرافة، فكتبت له ثانية بأنني قمت بتحويل المبلغ كاملا له وأن عليه مراجعة الصراف يوم الخميس 2/18، وأعطيته رقما وهميا لحوالة مصرفية من الكويت. كما قمت في الوقت نفسه بالاتصال بصديق يعيش في لندن وشرحت له الوضع وطالبته بإعلام الشرطة بالحادثة، إن كان هناك ما يستوجب تدخلهم.
لقد اخترت عنوانا مثيرا، وربما مضللا، للمقال من أجل لفت انتباه أكبر عدد ممكن من القراء ودعوتهم لقراءته من أجل تحذيرهم من طرق النصب والاحتيال التي تتبع عن طريق الإنترنت، وكيف أصبحت هذه الوسيلة التعليمية والتثقيفية الجميلة مصدر رزق للكثير من المحتالين والباحثين عن ثراء سريع، ولكن هؤلاء لا يمكن أن ينجحوا ان لم يوجد من يصدقهم!

أحمد الصراف

احمد الصراف

صحف التابلويد

ظهرت كلمة «تابلويد» Tabloid لأول مرة قبل 126 عاما (1884/3/4) عندما قامت شركة صناعة أدوية بريطانية بتسجيل الكلمة بصورة رسمية لحبة دواء بالغة الصغر.
وفي الوقت نفسه تقريبا كانت الصحف البريطانية التقليدية التي تطبع على صفحات عريضة تواجه منافسة شرسة من الصحف الصغيرة التي كانت أقل اهتماما بالأخبار الجادة وأكثر تركيزا على نشر أخبار الفضائح، وهكذا أطلقت تسمية التابلويد على هذه الصحف بسبب صغر حجم صفحاتها ونوعية اهتماماتها، وبحثها الدائم عن الإثارة.
في الكويت، ارتفع عدد الصحف في الفترة الأخيرة من 5 إلى 13 أو ربما 15، ولكل واحدة نكهتها وسياستها، وقلة منها بلا نكهة ولا سياسة. وقد دفعت المنافسة البعض منها لشن حملات إعلانية كبيرة تضمنت مختلف الادعاءات والإغراءات، فواحدة أنها ضمنت لنفسها مكانة بين الصحف الثلاث الأكثر انتشارا. واحتراما لنفسها ولعقل من قرأ الإعلان فإنها لم تسم الصحيفتين الأخريين ولم تحدد مرتبتها بينهما.
كما قامت صحيفة أخرى بالادعاء بأنها الأوسع انتشارا، ولم يمنعها ذلك من الترويج عن مسابقة «سخية» للمشتركين الجدد، علما بأنه لم يسبق لتلك الصحيفة أن أعلنت من قبل أسماء أي من الفائزين بجوائزها.
وقامت صحيفة ثالثة بالاحتفال بسنتها ال‍ـ… والادعاء بأن أرقام توزيعها بلغت 70 ألف نسخة يوميا، وحيث انها تصلني، وبعض من أعرف، مجانا منذ صدورها وحتى اليوم، فبالتالي يصبح بلوغ ذلك الرقم الكبير في فترة وجيزة أمرا محتملا، فأن تطبع مليون نسخة وتوزعها على من هب ودب ليس بالأمر الصعب، إن تجاوزنا التكلفة العالية.
كما ادعت صحيفة رابعة بأنها الأولى…. نموا، أو شيء من هذا القبيل!
قد تكون ادعاءات هذه الصحف جميعها صحيحة، ولكن ما يطبع من أي صحيفة أو ما يوزع منها أو عدد المشتركين فيها لم يكن يوما، إذا ما تركنا العامل المادي جانبا، المقياس الذي به يحكم على مستوى صحيفة ما أو مدى أهميتها السياسية وتأثيرها المعنوي والمادي، وهذا ما يميز «القبس»، وربما صحيفة أخرى معها. فقد كانت «القبس» طوال تاريخها مترفعة على الصغائر كبيرة في مقامها تحترم عقل قارئها. إن شهادتنا فيها ليست مجروحة فلا مصلحة مادية تربطنا بها، ولم ندخل مبناها طوال 17 عاما إلا مرات لم تتجاوز أصابع اليد الواحدة، ولا أعتقد أن هناك سياسياً أو صاحب قرار لا يقرأ «القبس»، وقد تكون كذلك الأكثر أهمية واحتراما خارج الكويت. ويمكن تلمس ثقلها المعنوي ودسامة موادها عند تصفحها، وكيف نجحت، وخاصة في حلتها المشوقة الجديدة، في المواءمة بين الرصين من المواد والمثير من الأخبار من دون ابتذال، مقارنة بغيرها، داخل الكويت وخارجها، وبالذات ضمن عالم الصحافة العربية.

أحمد الصراف

احمد الصراف

فريدة الفريدة

يعتقد الكثيرون أن الأطباء يشتهرون، ولأسباب وجيهة، بصفتين:
الانطوائية والضعف في المواد الادبية وخاصة اللغة! وبالرغم من صحة هذه «الاتهامات»، الى حد ما، فان من الصعب على من هو في سني الاقرار بها بسبب حاجتي المتزايدة لخبرة هؤلاء الأطباء يوما بعد يوم.

***
دعيت يوم الاربعاء الماضي لحفل افتتاح مركز «صباح الاحمد للقلب». وعندما علمت ان الاستشارية الدكتورة فريدة الحبيب هي المسؤولة عن انشائه وادارته شعرت بأن في الامر شيئاً يستحق المعرفة والكتابة عنه. فهذه السيدة الفريدة كانت تعمل في أكثر من مستشفى، كما كانت تدير عيادة قلب خاصة وناجحة، وهي في الوقت نفسه زوجة وأم، وكل هذه تتطلب وقتا وجهدا، فكيف استطاعت التوفيق بينها جميعا والقيام فوق ذلك، وفي فترة قياسية، بانهاء بناء هذا الصرح الطبي المميز على مستوى المنطقة، وربما العالم، لما يحتويه من اجهزة طبية عالية الكفاءة لمرضى القلب؟
بالسؤال تبين لي أن الرغبة السامية لتولي امر الاشراف على بناء وتجهيز المستشفى في احسن صورة تليق بمقام المتبرع، دفعت الدكتورة فريدة، غير آسفة، للتضحية بوظيفتها الطبية الاستشارية وبما كانت عيادتها الخاصة تدره عليها، والتفرغ وظيفيا لانهاء انجاز هذا المشروع المميز، والذي من خلاله تستطيع ان تعطي وطنها ومرضاها ما يستحقونه من عناية وأهمية.
تعرفت على الدكتورة فريدة قبل سنوات، وأعجبت بها طبيبة استشارية وخطيبة مفوهة وكاتبة كبيرة، وعرفت مدى قوة شخصيتها من خلال الطريقة التي ادارت بها معركتها، او معاركها، مع أولئك الذين حاولوا الحط من قدرها او الطعن في كفاءاتها الطبية، وكان ذلك قبل سنتين تقريبا. كما استمعت اليها تلقي كلمات رائعة فوق اكثر من منبر، ولو لم اعرف تخصصها لاعتقدت أنها كاتبة أو صحافية، أو على الأقل ناشطة سياسية.
وكثيرا ما أعجبتني مقالاتها في «القبس»، على قلتها، وطالبتها أكثر من مرة بأن تكثر منها لما تتميز به من قدرة جميلة على التعبير.
هذه هي د. فريدة الحبيب، مديرة مركز صباح الأحمد للقلب، الذي نتمنى أن يكون المركز فريدا بادارته، وان يستمر كذلك ويكون نموذجا يحتذى.

***
• ملاحظة‍: سنغيب عن الوطن شهرا، ولكن تواصلنا سيستمر عبر صفحات «القبس» بحلتها الجديدة.

أحمد الصراف

احمد الصراف

الفرق بين ابتهالك وابتذالهم

«… أن يبدأ يوم ابني البكر الجامعي بالنظر الى صورة والدته في الصفحة الأولى للجريدة مذيلة بخبر رخيص منقول من الإنترنت، أن يقرأ والدي الخبر الذي يعلن ابنته مؤيدة للمواقع الاباحية، وحاثة على الالحاد ومشجعة للتوجه المثلي، هذا الرجل ذو السمعة التي تبرق كما الألماس، أن يتواجه زوجي والصفحة الأولى لجريدة تعلن زوجته إنسانة خارجة وصاحبة آراء مبتذلة، وهو الذي أبقى يديه خلف ظهري يحميه عندما يدفعني الغير للسقوط، وهو الذي بقي صدره أمامي يتلقى السهام ويحجب نيران الاذى ويظللني بظله الذي هو بحق ظل رجل وليس ظل «حيطة» كتلك الحوائط التي ما فتئت ترميني بالطوب والحجر، يرشقونني بسهام القبيح من الحديث لينالوا مني ما تصل إليه أيديهم، دون حتى أن يتحققوا من «الجريمة» ودون عناء معاينة «موقع الحادث» قبل اصدار الحكم الأخير الرخيص برخص الجهد المدفوع فيه، وكل ذلك وبكل أسف باسم الدفاع عن الدين وحمايته من المتآمرين عليه والذين هم… أنا، وحدي أنا…» – إبتهال الخطيب
****
هذا ما كتبته الأخت والصديقة والقريبة والمبدعة ابتهال الخطيب في معرض دفاعها عن كل ذلك الابتذال الذي نالها من حمقى وجهلة متعصبين ومن.. سياسيين وبرلمانيين يعتقدون أن الحصانة التي يمتلكونها تعني الحكمة والمعرفة والإنصاف.
أعتقد، وأعتقد أنني محق، أن الهجوم على ابتهال في غالبه ليس هجوما على شخصها، بقدر ما هو هجوم على «امرأة» ترفع صوتها وتطالب بحقها في أن تبدي رأيها. ابتهال لم تكن «جريئة» في أي مما قالته، ولم تتعد خطوط السخف الحمراء، وما قالته لم يزد عما سبق أن قلناه وكتبناه، وفعل الأمر ذاته الكثير غيرنا، وليس في هذا طعن في جرأتها وقوة حجتها وصواب رأيها، ولكن الهجوم عليها لكونها امرأة في مجتمع متخلف، والحرب ضدها ما هي إلا معركة متصلة من قوى الشر والتعصب ضد كل رأي مستنير، وبالذات عندما يصدر عن امرأة. ولو استعرضنا وجوه ومؤهلات وسابق مواقف وآراء، وحتى التاريخ الإجرامي للبعض ممن تهجم عليها باللفظ والكلمة المكتوبة، لوجدنا كم هو شاسع ذلك البون بين تفكيرها المتقدم وأسلوبها الرائع في الحوار وتهذيبها الجم في المخاطبة وأدبها وعلمها مقارنة بهم، ولكنهم يعلمون أنهم يحاربون النور الذي إن استمرت أضواؤه في الإشعاع فستكشف عريهم البشع وخواء فكرهم وبوار تجارتهم في الدين، واستغلالهم لجهل الرعاع وتأليبهم لها على القلة المفكرة التي بها يكمن الأمل وعلى يديها ينتظر الخلاص من كل هذا الانحطاط الذي وجدنا أنفسنا نجر له جرا!
آه يا سيدتي كم أنت صادقة في ابتهالك بأن ينالوا المغفرة، وكم هم سادرون في ابتذالهم بطلب الفناء لك.

أحمد الصراف

احمد الصراف

نقص الأعضاء البشرية

لقد سبق أن كتبنا أن دول العالم كافة تعاني نقصا كبيرا في الأعضاء البشرية المطلوبة لمئات آلاف المرضى. وفي الولايات المتحدة وحدها هناك 100 ألف مريض على قائمة انتظار متبرع بقلب، رئة، كلية أو كبد، والكثير من هؤلاء لن يعيشوا حتى حصولهم على ما هم بحاجة اليه. وبسبب اليأس من وجود حل سريع أو متبرع قريب، فإن البعض يضطر الى اللجوء للسوق السوداء لشراء حاجتهم من الأعضاء البشرية! ولمواجهة هذه التجارة المحرمة، فقد لجأت بعض الدول لاستراتيجيات متعددة. فإسرائيل، على سبيل المثال، قامت بإصدار تشريع يعطي الأفضلية للمتبرع على غيره في أي عمليات تبرع مستقبلية. كما يضغط الكثير من الأميركيين لتمرير قانون مثير للجدل يسمح ببيع الأعضاء البشرية وشرائها، وهذا ما تقوم به إيران، حيث تعطي الحكومة المتبرع 1200 دولار، مع منحه علاجا مجانيا لمدة سنة في أي مستشفى. وعلى الرغم من أن هذا النظام ساهم في زيادة أعداد المتبرعين هناك، فإن كلفته البشرية والمادية كانت عالية. وفي رد على سؤال وجهته إذاعة البي بي سي للدكتور الكويتي مصطفى الموسوي، الرئيس السابق لجمعية الشرق الأوسط لزراعة الأعضاء، وأحد أكثر المهتمين بقضايا منع المتاجرة بالأعضاء البشرية، قال ان القانون الإيراني ساهم في سد بعض النقص، ولكنه غير عادل للمتبرعين الذين عادة ما يكونون من الفقراء والمعدمين.
وقد سبق أن أشدنا في هذه الزاوية قبل شهرين بقرار وزير الصحة، د. هلال الساير، الذي أوقف بموجبه العمل بنظام التبرع بالأعضاء من غير أقرباء المرضى، لمنع استغلال هذا النظام في بيع الأعضاء وشرائها. وقد نمى إلى علمنا أن عملية التبرع بالأعضاء، أو بالأحرى المتاجرة بها، قد عادت الى سابق عهدها، وأن القادر على دفع المال أصبح بإمكانه استغلال حاجة الغير وشراء كلية مثلا، أما الفقير فعليه انتظار السماء. وقيل إن تدخلات من بعض نواب «الكلأ والكلك» قد أثرت على موقف الوزارة، وجعلتها أكثر تسامحا مع المرضى، وأكثر ظلما للمتبرعين. ووزير الصحة المحترم، وبقية أعضاء مجلس الأمة، يعرفون جيدا المخرج لمشكلة نقص الأعضاء في الكويت، ولكن قلة من هؤلاء المشرعين تود فهم المشكلة أو تمتلك الشجاعة للقيام بعمل ما لحلها.
وبهذه المناسبة، نهيب بمحبي الانسانية، من مواطنين ومقيمين، من أصحاب النفوس الكريمة والكبيرة، الانضمام إلى الجمعية الكويتية للتبرع بالأعضاء، ويمكنهم الاتصال برقم هاتف الجمعية 22520230 أو زيارة مقرها في منطقة الروضة شارع أبو حيان التوحيدي، لمعرفة المزيد عن شروط العضوية السهلة جدا، كما أننا على استعداد لترتيب المواصلات لمن يريد زيارة مقر الجمعية والاطلاع على أنشطتها.

أحمد الصراف

احمد الصراف

سيدي محمد بن راشد (2 – 2)

ما يدفعني إلى الكتابة لكم يا سيدي، هو أهلية دبي الفريدة في حمل لواء الحداثة والحرية في المنطقة، هذا اذا كنا نرغب في بلوغ معدلات تنمية حقيقية في أوطاننا. فما تمتعتم به دوما من جرأة وإقدام في اقتحام الصعب من المجالات وطرق أبواب المشاريع المستحيلة والنجاح في فتحها، يدفعنا لمطالبتكم بحمل شعلة الحرية الأكاديمية، المماثلة تماما للحرية الغربية والمتناغمة معها، والتي كانت تتمتع بها يوما مصر ولبنان، والتي ميزت الشعبين في أكثر من مجال. ولا شك يا سيدي أنكم على علم تام بأن من شبه الاستحالة تحقيق أي تنمية حقيقية مستدامة من دون حرية، ولا يمكن التفكير في استمرار تلك التنمية بعد تحقيقها بغير المزيد من الحرية، والحرية المقصودة هنا هي الحرية الفكرية، والأكاديمية بالذات، ضمن مشروع لا يمكن الرجوع عنه، وغير خاضع للأهواء الشخصية أو النزعات الفردية، بل حرية مطلقة غير مرتبطة بأي قيد سياسي ديني أو اجتماعي. فتخلفنا، عربيا واسلاميا، لا علاقة له بالاستعمار والصهيونية، ولا بالفقر ولا بقلة الخبرات، بل بانعدام الحرية في مجتمعاتنا منذ اليوم الذي نولد فيه وحتى نموت، وفي أحيان كثيرة بعد ذلك!
وحيث إن التنمية البشرية الحقيقية تبدأ على مقاعد الدراسة، فإن الوطن والأمة والعقيدة تطالبكم بقيادة تجربة الثورة التعليمية من دبي، لتكون قدوة للآخرين في تخليص أنظمتهم التعليمية المترهلة من كل ما علق بأردانها من وهن ووهم تلبساها طوال قرون. ويمكن الوصول إلى هذه الحرية الفكرية من خلال دعوة منظمة اليونيسكو إلى وضع نظام تعليمي «عالمي» غير متحيز لمدارس الحكومة في دبي، يكون صالحا لكل المراحل التعليمية السابقة للجامعة. كما يتطلب الأمر، من جهة أخرى، دعوة جامعة غربية عريقة إلى أن تفتتح في دبي فرعا تقوم هي بالاشراف التام عليه، وتكون لها وحدها اليد الطولى في وضع أنظمتها وقوانينها ومناهجها التعليمية المتطابقة تماما مع مناهج الجامعات الغربية العشر الأولى في العالم، وأن تكون غير خاضعة لغير السلطات التي تخضع لها مثيلاتها في الدولة الغربية المعنية.
لا شك يا سيدي أنكم تعلمون بأن المباني والقصور والجسور التي كانت في زمن ابن رشد والفارابي وابن سينا وغيرهم المئات من العقول العربية والاسلامية الذين أناروا الطريق لمن جاء بعدهم، قد زالت جميعها، ولم يتبقّ منها في زماننا غير الآثار الفكرية لهؤلاء الأفذاذ، وستبقى كذلك أبد الدهر. وحظ مباني ومنجزات دبي الخرسانية، على الرغم من عظمتها، ولمستكم القوية عليها، ستذهب وتندثر مع الزمن، ولكن ما سيتبقى، بعد عمر طويل نتمناه لكم، هو منجزاتكم في عالم حرية الفكر البشري ودوركم في تنمية وطنكم وحفظ تراث أمتكم من خلال الاهتمام بتنمية عقول حرة، بعد أن نجحتم في التنمية المادية والمعنوية لدبي.
وتفضلوا سموكم بقبول فائق التقدير وشديد الاحترام.

أحمد الصراف

احمد الصراف

سيدي محمد بن راشد (1 – 2)

اسمح لي يا سيدي الكريم بمخاطبتكم مباشرة، من دون استخدام أي من ألقابكم الرسمية، وآمل أن تتقبل مني ذلك فمقامكم الحقيقي في القلب والعقل، وليس على الورق.
أنا مواطن كويتي، وعلاقتي بدبي قديمة كتاجر ومستثمر وسائح، كما استضافتني دولتكم ومساكن مدينتكم الجميلة، كلاجئ ورجل أعمال، عندما شردتني قوات صدام، ومئات الآلاف غيري من أبناء وطني.
أحببت دبي، وطالما أعجبت بتجربة نموها المتسارع في عهدكم، وكنت دائم الاشادة بمنجزاتكم الكبيرة، مع تحفظاتي على بعض جوانبها. وقد تألمت، كالكثيرين غيري من محبي دبي، لما تعرضت له اخيرا من مصاعب خارجة عن ارادتكم، أقول هذا على الرغم من أن مصالحي التجارية، مع تواضعها، لم تتأثر الا قليلا بالأزمة الأخيرة.
أكتب لأقول لكم كذلك، يا سيدي، ان دبي، بتجربتها الرائدة، وجدت لكي تبقى، فهي الأمل، وهي القدوة، وهي الواحة الوارفة الظلال في صحراء شديدة الجفاء والجفاف، حتى مع أبنائها. ولو عرف حساد دبي ما ستكون عليه حال المنطقة من غيرها، لشعروا بالخجل. نكتب ذلك ونحن على ثقة بأن دبي، بقيادتكم، ستخرج من أزمتها أشد صلابة وأكثر ثقة بنفسها.
وهنا، أتمنى يا سيدي أن يتسع صدركم لما سأقوله، والذي يتعلق بصورتكم القادمة في التاريخ، ودور دبي التاريخي القادم.
أعتقد، وقد أكون مخطئا، بأن البنية التحتية لدبي سوف لن ينتهي العمل بها لسنوات طويلة قادمة، وأن الصرف على العمران قد وصل الى حدود معقولة وكافية، للعقد الحالي على الأقل. وأن على دبي الآن الاستثمار أكثر في الانسان والفكر الانساني، بعد أن نجحت من خلالكم في الاستثمار في كل مجال عمراني وصناعي وترفيهي. وعلى الرغم من كل المحاولات الجادة التي قمتم بها في مجال التنمية البشرية، فإن التجربة، إن سمحتم لنا، لا تزال تفتقد لشيء جاد وغير مسبوق في منطقتنا، وهنا نقصد زيادة جرعة الحرية الفكرية والتعليمية التي جسدها الغرب طوال القرن الماضي خير تجسيد.
(يتبع غدا)

أحمد الصراف

احمد الصراف

أنا أحب الليونز والروتاري

لم أبد حماساً كبيراً عندما عرض علي أصدقاء من لبنان قبل أكثر من سنة فكرة تأسيس وإدارة فرع لليونز، ومع هذا سررت لقيام مجموعة من المواطنين والمقيمين من الجنسين، بإقامة حفلة بمناسبة تأسيس نادي الليونز في الكويت. ونتمنى أن نرى أيضاً فرعاً لنادي الروتاري، لحاجتنا لمثل هذه الأنشطة الاجتماعية والخيرية غير المتحيزة.
أسس بول هاريس وثلاثة من أصدقائه نادي الروتاري في مدينة شيكاغو عام 1905، وسمي بالروتاري، أو الدورية، لتناوبهم الأربعة في استضافة اجتماعاته. وكان هدف النادي، ولا يزال، خدمة المجتمع الذي يقع في دائرته، وخدمة أعضائه، من خلال توثيق الصلات بينهم، وهم المنتمون لمهن مختلفة. ومع الوقت اتسعت عضوية النادي لتشمل مليونا ونصف المليون عضو من خلال 32 ألف فرع في 200 مدينة تغطي العالم أجمع. ووصلت ميزانية الروتاري في السنوات الأخيرة لأكثر من 120 مليون دولار، وتقوم بتوفير دعم سنوي للكثير من الأنشطة التعليمية وتصرف أمصال شلل الأطفال بكميات كبيرة للمحتاجين.
وبعد 12 عاماً من تأسيس الروتاري، قام ملفن جونز بتأسيس نادي الليونز في المدينة نفسها، ولتحقيق الأهداف نفسها تقريباً، ولكن في مجالات متعددة أخرى. ويبلغ عدد أعضائه الآن 1.3 مليون، وميزانيته ضخمة وطموحاته أكثر ضخامة.
وبالرغم من نبل أهداف الناديين فان اجتماع الليونز الأول في الكويت لاقى اعتراضاً من البعض، وربطوا بينه وبين الماسونية، وأطلقوا عليه صفات قبيحة ووصفوا أنشطته بالمشبوهة! وقال أحدهم إن الليونز «منافقون يهود». وقال آخر انه ليس من السهل الاشتراك في هذه الأندية لغير رجال الأعمال والأثرياء والملوك والرؤساء (!).
ولو علم هؤلاء السذج ان ما قدمته الليونز مؤخراً لمساعدة هايتي، من مال ودواء ودعم بشري كبير، يزيد عما قدمته الدول العربية والإسلامية مجتمعة، لشعر «ربما» بالخجل. أما «تهمة» صعوبة الاشتراك فيها لغير أصحاب الثروات، فهي صحيحة إلى حد ما لأنها نواد خيرية تعتمد على كرم وأريحية المشاركين فيها وقدرتهم على جمع المال، ولكن «التهمة» غير صحيحة حيث انها تقبل في صفوفها غير الأثرياء من الشخصيات المؤثرة اجتماعياً وفنياً.
وعليه يمكن تفسير سبب كراهية المتشددين دينياً لأنشطة هذه الأندية، بما فيها الماسونية، لما تقيمه هذه الأندية من حفلات بغرض جمع أكبر قدر من المال والملابس والطعام خدمة لأغراضها الخيرية التي، وهنا المهم، لا تقتصر على فئة محددة ولا اتباع دين واحد. كما ان هذه الأندية لا تقوم على أسس دينية ولا مذهبية ولا عرقية، وبالتالي تذهب مساعداتها للجميع، وبعرف هؤلاء فإن دفع مال كويتي مسلم لتوفير مصل شلل أطفال لطفل فلبيني مسيحي مثلاً أمر لا يجوز حدوثه، ومساعداتنا يجب أن تخصص لأبنائنا فقط، وهذا ما يتفق مع أعرافنا المذهبية والقبلية والأصيل من عاداتنا وتقاليدنا التي لا يوجد ما هو أكثر اصالة منها… في العالم كله!

أحمد الصراف

احمد الصراف

مستشفى الوهم الأميركي

دخلنا أربعتنا بهو المستشفى العالمي في تايلند، الشهير بالأميركي، ونحن نتأبط تقاريرنا وصور الأشعة الطبية. ومنذ اللحظة الأولى شعرنا بمدى فخامة المبنى وجمال تصميمه وتناسق ألوانه.
كنا أول المراجعين وما هي الا لحظات حتى امتلأت الصالات بمئات المرضى من جنسيات مختلفة، ولكن الغالبية كانت من الخليجيين الذين أرسلوا من قبل حكوماتهم، فهذا بغطاء رأسه العماني، وتلك ببرقعها القطري، وثالثة ببرقعها الاماراتي، ورابعة بحجابها الكويتي، وأشكال غريبة ومتعددة أخرى من البشر بملابس رياضة وسهرة ومجوهرات وأزياء متنوعة والممرضات التايلنديات يتراكضن بين الجميع ساعيات لفتح أكبر عدد من الملفات، وكل ذلك النظام والترحيب أكد لنا أننا في المكان المناسب لعلاج ما بنا من أمراض خليجية مثل السمنة والسكر والكوليسترول والقلب والبروستات والمفاصل والظهر والحساسية. ما ان انتهينا من اجراءات الدخول حتى طلب منا دفع مبلغ كبير عن كل واحد منا، وكان الطلب غريبا، فكيف علموا بكلفة العلاج ونحن لم نتلق شيئا أو نلتق بطبيب؟ سكتنا على مضض، وبدأت الفحوصات الروتينية من غرفة لاخرى برتابة واضحة، ثم طلب منا عينات دم و«خروج»، وبعدها انتظرنا، وقد تعبت أيادينا من ثقل التقارير الطبية وصور الأشعة والــMRI والــc.t.scan التي نحملها، وبعد انتظار دام أكثر من نصف ساعة، نودي علينا فرادى للمباشرة في مقابلة سلسلة الاختصاصيين الذين قطعنا أكثر من 5000 كيلو متر للاستفادة من خبراتهم، وكانت المفاجأة أن من استقبلنا لم يكن إلا ممارسا عاما صغير السن أخبرنا بما نشكو منه، وما سبق أن دوناه أصلا في نموذج الدخول، ولم يزد على ذلك حرفا، وعندما استفسرنا عن الاختصاصيين طلب منا مراجعتهم في الكويت!! ولكن ماذا عن آلام المعدة والظهر والحساسية والقلب والكبد والسكر وغير ذلك الكثير، فاعاد طلبه علينا بضرورة مراجعة طبيبنا المختص في الكويت.
وبسؤال من نعرف في سفارة الكويت في بانكوك عن حقيقة سمعة المستشفى أخبرنا أن التايلنديين يتندرون بتسميته بــ«سوبر ماركت الخليجيين»، لتواضع امكاناته الطبية من جهة، وللمبالغة الكبيرة في أجوره، التي تزيد على ثلاثة أضعاف أجور أي مستشفى خاص آخر بالمستوى نفسه في بانكوك. كما تبين أن المستشفى جديد ولا علاقة له بأميركا، الا من خلال تسمية قديمة كانت تطلق على مبنى آخر كانت تديره الحكومة الأميركية في منتصف القرن الماضي، وكان مركز علاج للجنود المصابين في حرب فيتنام، ولكنه بيع لمستثمرين تايلنديين مع نهاية الحرب وانتقل من يد لاخرى، باسمه التايلندي، ليباع في النهاية لشركة سنغافورية، وقام هؤلاء بتجديده ورفع أسعاره لمستويات غير عادية، ومع هذا نجحوا بطريقة ما في اقناع حكومات دول خليجية معينة بارسال مرضاهم لهذا المستشفى، ولهذا السبب تراه يمتلئ بالمترجمين الذين يتقنون العربية. كما أن لغة المستشفى الرسمية، من خلال نماذجه هي الانكليزية والعربية، لاعتماده شبه الكامل على المرضى الخليجيين!!
وهنا نتمنى على وزير الصحة د. هلال الساير، السؤال عن مقلب المستشفى الأميركي في تايلند، وعن حقيقة أسعاره والسبب الذي تقوم الكويت بارسال المرضى اليه.

أحمد الصراف

احمد الصراف

جرائم القرف لا الشرف.. ثانية!

يتعامل الكثير من دول العالم، والإسلامية والمتخلفة منها بالذات، والكويت ليست استثناء، بخفة فاضحة مع جرائم الشرف، التي تكون ضحيتها امرأة أو فتاة تقتل على يد أخ، زوج، أب، وأحيانا خال أو عم، بسبب علاقة جنسية حقيقية مع رجل، أو حتى إشاعة ملوثة للسمعة وللشرف الرفيع الذي يعتقد الكثيرون أنه لا يمكن أن يسلم دون أن يراق على جوانبه الدم! وفي بريطانيا، التي يستلذ مخربو الأمة وكبار فلاسفتها الفارغو العقل بوصفها بأقذر الأوصاف، ولا يترددون في الوقت نفسه عن اللجوء اليها وقت الحاجة وقضاء أحسن الأوقات في ضيافتها صيفا، والاستجارة بها عند وقوع الخطر، حكمت إحدى محاكمها على مهاجر كردي من تركيا، ويقيم في بريطانيا، بالسجن مدى الحياة، بعد إدانته بقتل ابنته. وكانت الفتاة قد اختفت منذ عشر سنوات حينما كان عمرها خمسة عشر عاما ولم يتم العثور على جثتها في حينه، ولكن الأم تقدمت للشرطة ببلاغ ضد زوجها محمد جورين (49 عاما)، متهمة إياه بقتل ابنتهما لمجرد الاشتباه بعلاقتها الغرامية برجل.
وتقع هذه الجريمة ضمن ما يعرف لدينا بجرائم «الشرف»، حيث يقوم شخص بقتل أنثى من قريباته بحجة الحفاظ على شرفه.
وكانت المحكمة استمعت لإفادة والد الفتاة الذي أبدى فيها امتعاضه من العلاقة التي أقامتها ابنته مع رجل يختلف عنها في العقيدة، ولكونه أكبر منها بـ15 عاما. ونقلا عن موقع الـ«بي. بي. سي»، فقد قال القاضي إن محاولات والد الفتاة أن يبدو «معاصرا» ورب أسرة متنورا لم تفلح في خداع هيئة المحلفين، وقال للأب: الحقيقة أن ابتسامتك الغامضة أخفت شخصية عنيفة ومتسلطة، وزوجتك امتلكت في نهاية المطاف الشجاعة لتتحرر من تسلطك وتكشف ما تعرفه بشأن ما قمت به في يناير من عام 1999، «وأنك تخلصت من الجثة ببراعة، بحيث لم يعثر عليها أبدا».
وحكمت المحكمة على الأب القاتل بالسجن بحيث لا يفرج عنه قبل أن يقضي في السجن عقوبة دنيا لا تقل عن 22 عاما. كما برأت المحكمة كلا من شقيقي المتهم، جمعة وعلي جورين البالغين 42 و55 عاما على التوالي من تهمة المشاركة في القتل.
وحيث إن من الصعب تصور صدور مثل هذه الأحكام المنصفة لكرامة المرأة في أوطاننا، فإنه أثبت أن بريطانيا أكثر شرفا ومحافظة على أرواح الفتيات الضحايا من الكثير من المتشدقين بقضايا الشرف في تصرفاتهم ومعاملاتهم. كما أنها أكثر عدالة من الدول التي تكتفي بإصدار أحكام سجن مخففة لا تتعدى الأشهر الستة في قضايا مماثلة، حتى لو كانت الضحية فتاة صغيرة حاملا، أو معتدى عليها، أو ربما عذراء طالت سمعتها الإشاعات، كما حصل أكثر من مرة في حوادث قتل في الأردن وغيرها. والمؤلم في الوقت نفسه أن القاتل في مثل هذه الجرائم ينظر اليه الكثير من المجتمعات بمنظار البطل والشريف، وهذا شجع على ارتكاب المزيد منها.

أحمد الصراف