د.مبارك القفيدي

ثعبان الفتنة وخيانة الوطن

عبرت الكويت الحبيبة في إبحارها على مر الزمان خلجان الفتن و محيطات الدسائس و المؤامرات السياسية ، حيث كان ولا يزال درعها الحصين حسن التعايش السلمي بين أفرادها ، فبترابطهم وحنكة رأيهم صنعوا كويت الحاضر . وذات نهار شديد الحرارة أخرجت أفعى “الكوبرا” رأسها من ذلك الجحر المخبأ في صحراء الوطن بحثاً عن الماء و الغذاء ، و كان لها ذلك فور تسلقها سلم المطالب المحقة للشعب الكويتي في حاجته للإنتقال بجميع قطاعات الوطن نحو التقدم ، مبتعدين عن مخلفات الماضي الذي لم يعد يلبي طموحات الشباب بالتقدم المعماري و العلمي بالإضافة إلى الصحي والخدمات العامة ، وصولاً لإعلان التكتلات السياسية بنظام المحاصصة الحزبية … تلك الأفعى لم تجد لها طعام ألذ مذاقاً من إشعال النعرات الطائفية و تعزيز القبلية ، حتى أنها باتت تبث سمومها في جسد السلطات الثلاثة ، “التشريعية ، التنفيذية ، القضائية” لعلها تنال سدة الحكم لتعلن عن ولادة مملكة الكويت أسوةً بجيرانها الذين لا ينفكون يدعمون الأفعى ، بالغطاء القانوني الزائف عبر توقيع معاهدات دولية خانقة لأصوات العقول الحرة في كويتنا الأبية ، على غرار الإتفاقية الأمنية و ما يسبقها من الإعلامية و الإستثمارية ، فهل يكون الحل في المواجهة المسلحة بين المواطنين ؟ كيف يكون ذلك و قيمنا التي ترعرعنا عليها هي حسن التعايش السلمي ؟ ، مما لا يدعوا للشك بأننا نتأثر بما يجري حولنا في العالم ، كما نأثر نحن فيه ، فنجد بأن الحكومة الكويتية تستخدم مضادات لسموم تلك الأفعى ، تارةً عن طريق إقصاء السياسيين و تارةً أخرى عن طريق المنح المالية،فيكون العلاج آني وليس ناجعاً،بحيث يقضي على السم من أساسه أي بقطع رأس الأفعى ، ربما بسبب غياب القائد المثقف العامل خلف الجهلاء المتنفعين في مختلف مراكز القرار بالدولة من عملاء تلك “الكوبرا” السامة ، أو يكون السبب هو عدم وجود خطة زمنية محكمة تحاكي الواقع و تستفيد من الدراسات و البحوث التي يعدها أصحاب العلوم من دكاترة و مثقفين و أدباء !!! ، إن جميع الإحتمالات السابقة جديرة بالأخذ بها و دراستها،ليس ذلك فحسب بل هناك المزيد مما أمتنع عن ذكره في مقالي لأسباب تتعلق بالمصلحة العامة ، هنا أصل إلى نتيجة حتمية مفادها ستبقى الكويت بأمن و أمان و نتقدم بمتطلبات و طموحات المواطن بشرط أساسي ألا وهو إستئصال سادة العروش الجلدية ، من سدة الحكم في جميع وزارات الدولة و الهيئات الحكومية ثم إستبدالهم بقادة أصحاب رؤية مستقبلية و خطة عمل ذات هدف واضح ، لإيصال الكويت إلى مصاف الدول المنتجة ، وليس عزلها شيءً فشيء خلف قضبان الفتن الطائفية وسموم الأفعى الحمقاء ، التي خرجت من الصحراء القاحلة لتسكن بيوتات الكويت العامرة.

د.مبارك القفيدي

ظاهرة الفساد المالي والإداري في الكويت

تعتبر ظاهرة الفساد المالي الإداري بصورة خاصة ظاهرة عالمية شديدة الأنتشار ذات جذور عميقة تأخذ إبعاداً واسعة تتداخل فيها عوامل مختلفة يصعب التمييز بينها، وتختلف درجة شموليتها من مجتمع إلى أخر. إذ حظيت ظاهرة الفساد في الآونة الأخيرة بأهتمام الباحثين في مختلف الاختصاصات كالأقتصاد والقانون وعلم السياسة والأجتماع، كذلك تم تعريفه وفقاً لبعض المنظمات العالمية حتى أضحت ظاهرة لا يكاد يخلو مجتمع أو نظام سياسي منها.
وهنا نسلط الضوء على مفهوم الفساد، مظاهره، أسبابه والآثار والانعكاسات المؤثرة ثم نعرج على الفساد الإداري محاولين تسليط الضوء على خصائص وأبعاد هذه التجربة والآثار السلبية الناتجة عنها ثم نأتي إلى وضع أبرز الحلول والمعالجات الموضوعية للحد من تأثير هذه الظاهرة على المجتمعات البشرية.
أولاً:- تحديد مفهوم الفساد.
يقتضي الأتفاق في معظم البحوث الأكاديمية على تحديد معنى المصطلحات المستخدمة ومضمونها حتى ينحصر الجدل في إطاره الموضوعي، واستناداً إلى ذلك، فإنه يمكن تعريف الفساد لغةً وأصطلاحاً.
الفساد لغةً:- الفساد في معاجم اللغة هو في (فسد) ضد صَلُحَ (والفساد) لغة البطلان، فيقال فسد الشيء أي بطُلَ وأضمحل، ويأتي التعبير على معانٍ عدة بحسب موقعه. فهو (الجدب أو القحط) كما في قوله تعالى ( ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون) (سورة الروم الآية41) أو (الطغيان والتجبر) كما في قوله تعالى (للذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً) (سورة القصص الآية83) أو (عصيان لطاعة الله) كما في قوله تعالى (إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً إن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم عذاب عظيم) (سورة المائدة الآية33) ونرى في الآية الكريمة السابقة تشديد القرآن الكريم على تحريم الفساد على نحو كلي، وإن لمرتكبيه الخزي في الحياة الدنيا والعذاب الشديد في
الآخرة.
متابعة قراءة ظاهرة الفساد المالي والإداري في الكويت

د.مبارك القفيدي

الوجدان البشري المختل

. إن الوجدان البشري المختل في العالم أدي إلي أن الأنسان أصبح فريسة سهلة لضعاف النفوس والأشرار ومعدومين الضمير والأنسانية ،حتي وصل الأمر حملآ لا يطاق من سلبآ للحقوق والممتلكات والمكتسبات الأنسانية وسلب للإرادة والحرمان من العيش الكريم والعدالة مفقودة مع الأسف ، والشواهد والدلائل والبراهين كثيرة وعديدة والقضايا الشكاوي الأنسانية ضاقت بها الأدراج في المحاكم ويصعب الحديث عن الواقع البشري المرير ،الذي دفع المجتمعات البشرية إلي النزاع علي نيل حقوقهاوالتدافع لرفع معاناتها مما وقع عليها من ظلم وأضطهادوحرمان والفقر والعوزوالقتل والتشرد، والصراعات السياسية بين الأحزاب والسلطة ونهب وسلب مقدارات الشعوب والحروب الكلامية الدامية التي أشغلت الأنسان في العصر الحديث، وأن عدنا إلي الماضي والحاضر نجد بأن الأنسان البسيط والفقير تحديدآ ضحية كبري وكبش فداء وهو دائمآ الذي يدفع الثمن ومازال في كل المجتمعات، ومما لا شك فيه بإن المؤشرات والتقارير الدولية السنوية والدورية تتحدث عن الأنتهاكات الخطيرة لحقوق الأنسان علي جميع الأصعدة والمستويات ناهيك عن الخلل العالمي في البيئة والتلوث الجوي والنقص في الغذا العالمي حيث يموت سنويآ 35000000 مليون نفس سنويآ بسبب عدم توفر الغذا والدواء، والسبب يعود بذلك إلي فقدان الضمير وعدم الأحساس بقيمة وحاجة الأنسان للأمن والسلم والغذاوالدواء والتعايش والعدالة والمساواة في العالم الدولي ، مما دعا الشعوب الدولية للتمرد علي الحكومات والقفز علي السلطات والنيل منها والأخذ في زمام الأمور وتوحيد الصفوف الشعبية المنادية بالحرية ، والدليل الثورات العالمية في المشرق والمغرب وصيحات المظلومين والأصوات التي أصبحت عالية تعانق السماء بعد أن كانت مغمورة من قبل قوي الظلام ، والقمع والتي كانت تحكم بالحديد والنار وتحرم الأنسان من أبداء الرأي في الشأن العام وتطلب منه أن يكون أداة بأيديهم ويتحكمون في مصيره ، ويسيطرون علي جميع الدول المالية والأقتصادية وأستماراتها الداخلية والخارجية بالتعاون مع المتنفذون والتجار الذين يمتصون أموال الفقراء ، وهذا الوضع في جميع بلدان العالم الذي أصبح غابة كبري القوي يأكل الضعيف وأنني أجزم بأن القادم من الشهورسوف تنطلق ثورة الشعوب والتمرد الدولي، لتطالب المجتمع الدولي بتحرير الشعوب من الأنظمة المستبدة التي فرضت نفسها بالقوة والبطش ووضعت البشر في سجن كبير وقيدت الحريات وسوف تقع الأمم المتحدة والمجتمع الدولي في أزمة كبري يجعل من الصعب السيطرة عليها والتحكم به إلا من خلال إعادة صياغة ميثاق الأمم المتحدة ،وسوف يسن قوانين أنسانية جديدة تتوافق مع مطالب الشعوب وأحتياجاتها ومراجعة المواثيق الدولية التي تقيد حرية الفرد والمجتمعات الأنسانية ، والكثير من المطالب التي من حق الشعوب الحصول عليها وفق القانون الأنساني الذي ينصف الفرد ويحرر البشرية من العبودية ، وفي نهاية المطاف إن الشعوب والمجتمعات الدولية مقبلة علي ثورة عالمية وهي ثورة الجياع والظلم وحينها لن تجد قوي تقف وجهها إنها ثورة الشعوب ،إنها هي الحقيقة الغائبة عن الحكومات في العالم وعن رؤوس الأموال والتجار والمتنفذين والأحزاب الموالين للسلطات والمقربين وسراق أموال الشعوب !

د.مبارك القفيدي

رسالة القلم

إن القلم أداة تعبيرية لما يدور من حوار في وجدان وخلد النفس البشرية حيث يقوم القلم بشرح ما يحتوي علية العقل من مفاهيم وإنطباعات وأراء وإستنتاجات وخبرات ثقافية والرصيد الفكري والأدبي في العقل الإنساني ويقدم كل التصورات النفسية والعاطفية عن حالة المستخدم ويكشف الحقيقة الغامضة في القصد والمضمون وكذلك العكس حين يتجرد الأنسان من الضمير وإن القلم هو اللسان الثاني للإنسان الذي يصل إلي القراء عن طريق المنشورات والصحف المقرؤة ووسائل التواصل الإجتماعي التي أصبحت البديل الجديد في العصر الحديث لنشر العلم والمعرفة ومتابعة التطورات الإقليمية والدولية في ظل ثورة المعلومات والتكلنولوجيا الرقمية حتي أصبحت المعلومة سهلة للجميع للإطلاع عليها دون عنا ولكن علينا أن نتحقق ونبحث عن ما يفيد ثقافتنا الشخصية والأدبية ونيل العلم والمعرفة ونبحث عن الكتاب الحقيقيون ،وللحقيقة ثمن باهض دفعه الكثير من الكتاب فمنهم من قتله قلمه أو وراء القضبان في السجون بالدول القمعية التي تمنع حرية الرأي والتعبير وهي تمارس الأرهاب الفكري علي الكتاب والمبدعين الذين يعارضون سياستهم الأستبدادية وهم بذلك يسعون لترسيخ مفهوم الجهل والتخلف في المجتمعات وفرض إرادتهم والنيل من أصحاب القلم الحر وسلب إرادتهم ومحاربتهم بكل الوسائل وإعطاء الأوامر المباشرة إلي الصحف ووسائل الأعلام المختلفة بعدم النشر ، وأستبعاد كل الأطروحات التوعوية والفكرية والأدبية والتنويرية التي تعمل علي توعية الشعب في حقوقة ومكتسباته الوطنية والدستورية وتكشف الحقيقة وهذا الأمر أوصل كتاب القلم الحر إلي التراجع والأبتعاد والنيل بشرف المهنة حتي يحافظون علي كرامتهم ويحترمون قسم القلم والأمانة التي في أعناقهم !

د.مبارك القفيدي

رسالة الفكر التنويري الثالثة

مهد عصر النهضة الطريق أمام بداية التحرر الفكري والتطور العلمي في القارة الأوروبية، وقد أدت حركة النهضة التي انتشرت في القارة الأوروبية إلى حالة من الاهتمام العام بالفلسفة وتحصيل العلوم والاهتمام بالفكر وتطويره، فإذا ما كانت عصور النهضة قد قضت على الفرامل التي تقف أمام انطلاقة العقل، فإنها كانت بلا شك القاعدة التي بنى خلفيتها معطيات وأسس عصر التنوير في القارة الأوروبية، ففي هذه الفترة انطلقت أوروبا تحتضن فكرا وأسلوبا جديدا مبنيا على تقديس العقل باعتباره العامل الذي يرفع الإنسان أمام الكائنات الأخرى، وبالتالي أُطلق العنان للمفكرين والمبدعين والفنانين لتقديس العقلانية ودورها في صناعة الإنسان وحضارته في ما عرف بعصر التنوير (Enlightenment). لعل من اللافت للنظر أن هذا العصر، ممثلا في الاعتماد الكامل على العقل في تفسير الأمور الطبيعية والإنسانية، تزامن بشكل لافت للنظر مع عصر السلطة المطلقة للملوك (Age of Absolutism) الذي حصل فيه الملوك على سلطات سياسية مطلقة على ممالكهم بلا أي تدخلات من قبل الكنيسة أو اعتراضات من قبل البرلمانات التي تم ترويضها من قبل الملوك، خاصة الملك لويس الرابع عشر في فرنسا، ولكن حقيقة الأمر أن العصرين تقاطعا بلا أي علاقة سببية بينهما، فجذور الفكر التنويري مرجعيته مختلفة عن مرجعية الحكم المطلق في القارة الأوروبية، فالفكر التنويري ترجع جذوره إلى مرحلة التحرر الفكري والعاطفي الذي ولدته عصور النهضة، كما أن انتشار الثقافة الأوروبية واختلاطها بحضارات أخرى في العالم المختلف بعد عصر الاستكشافات وبداية عصور الاستعمار – أدى إلى امتزاج فكري نتج عنه توسيع لمدارك العقل والفكر الإنساني، ناهيك بتوسيع نطاق العلم والانفتاح الفكري، ويضيف بعض المؤرخين عنصرا إضافيا يبرر ظهور هذا التيار وهو الانتعاشة الاقتصادية في أحوال الطبقات الوسطى بسبب ثورة التجارة وبداية الثورة الصناعية، وهي الطبقة التي تعتمد عليها، في أغلب الأحوال، حركات التنمية سواء الفكرية منها أو الاقتصادية، وكل هذه العوامل أدت إلى بداية عصر التنوير في أوروبا.
متابعة قراءة رسالة الفكر التنويري الثالثة

د.مبارك القفيدي

رسالة الفكر التنويري الثانية

حين أكتب عن الفكر التنويري في أوروبا، فهذا لا يعني أنني أتبناه ، أو أروج له، بل إنني أختلف معه في بعض الجوانب ، ولكنني أقدمه لقارئنا العربي ، لأنه الفكر السائد في الغرب منذ عصر النهضة وحتى الآن، ولهذا لكي نفهم هؤلاء القوم، ونحاورهم يجب أن نفهم فكرهم، ولي ملاحظة لا أجد مناصا من أن أبديها، وهي رأي تودوروف ( الذي سيأتي ذكره بعد حين ) عن الأديان، فالدين الإسلامي بالذات لم يكبل حرية الفرد ويقيدها، بل بالعكس حرر الانسان من الأغلال التي كانت تقيده كما حرره من عبودية الأوثان وعبودية الآخر ” ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله ” على أن في الفكر التنويري جوانب يمكن أن نتبناها، وأهمها أن الشعب هو مصدر السلطات ، ثم إنه لولا الفكر التنويري، لما ولدت الديموقراطية .
لماذا نحتاج دائما إلى التنوير:
عن تزفتان تودوروف:
لكي نعّرف التنوير في بضع كلمات، فإن هذا يشكل نوعا من المخاطرة. ذلك لأن هذه الحركة انطلقت في الحقيقة منذ قرون في عدة دول في نفس الوقت، وجوبهت بعدة أفكار متناقضة. وهذا الإشكال يمثل أول سمة لها ، وعلى النقيض مما يميل إليه البعض في الغالب ، فإننا لا يمكن أن نختزلها في تيار فكري واحد. والتنوير في الواقع وليد فترة تكونية، وليس وليداً لبادرة غير مسبوقة، فهو ينطوي بين جنباته على تراث فكري انبثق في أوروبا في نهاية العصور الوسطى ، وتشكلت مكوناته في عصر النهضة والقرن السابع عشر، وهو يضفي أهمية كبرى على العقلانية والتجريبية في نفس الوقت، لا ليعارضهما بل ليؤكد اهمية كل منهما ، معتبرا أن المعرفة ليست تاريخا للشعوب بقدر ما هي قوانين ثابتة ، ومؤكدا أيضا على تعدد الثقافات وليس على وحدانية الحضارة ، وفي نفس الوقت فإنه يرفع لواء العقل والعاطفة والجسد والروح والفنون والعلوم، والطبيعي والمصطنع ، ومتبنيا لكل عوالم الإبداع الثقافي والفلسفة والعلوم مارا بالأدب والقانون والفن التشكيلي. والذي استجد هو أن الأفكار اطرحت الكتب لكي تتحقق في الحياة اليومية وهي خطوة افضت في نهاية القرن إلى حركات انتفاضية كحرب الاستقلال في أميركا والثورة الفرنسية . وعلى هذا فتعريف التنوير لا يتحقق إلا بواسطة العديد من التبسيط، ومهما كان التعريف المتفق عليه، فإنه لا يخلو من استثناءات، والفرنسيون يعتقدون في الغالب أنهم أصحاب التنوير، وهذا ليس صحيحا، فإن الأفكار العظمى تطورت بداية عبر المانش ( في بريطانيا ) أو ايطاليا، وتعمقت بعد ذلك في ألمانيا، أما فرنسا فهي ببساطة المضمار الذي أتاح لهذه الأفكار أن تنتشر في كل مكان، وذلك بفضل إشعاع الروح الفرنسية، وأيضا بفضل تبسيطات فولتير، ومجموعة الانسكلوبيديا التي ينسى المرء أحيانا أنها ظهرت كرد فعل للانسكلوبيديا الانجليزية التي نشرت خفية، وعلى هذا فالجزء الحقيقي من الفكر التنويري أوروبي، فمونتيسكيو تجول في عدة دول أوروبية، وفولتير استقر في انجلترا، وهيوم الاسكتلندي وباكاريا الايطالي عاشا فترات طويلة في باريس، والكتب التي ألفها البعض ترجمت وشرحت أو نقدت، وحتى أحيانا نشرت خارج بلادهم لأن مؤلفيها اضطهدوا فيها نتيجة لأفكارهم المستفزة. وإذا أراد المرء أن يختزل التراث الثقافي للتنوير في ابسط طرح، فما الذي يجب أن تكون له القيمة الكبرى ؟ فكرة الاستقلال ، إمكانية التحرر من النير الذي يفرض على كل إنسان طريقة واحدة للتفكير والأحساس، كما هو الحال في الدين المسيحي، وهذا ما يتعلق بوضع الدين في المجتمع، وهذا البحث عن الاستقلال في كل مجالات الوجود. بدءا بالمعرفة والتأكيد عليها، وهي بذلك تتحرر من كل قيد ايدولوجي، وبالتالي تحقق نجاحا فائقا، وهذا أيضا بالنسبة للقانون والتعليم والفنون، وهذا الاستقلال أصبح مطلبا فرديا بحيث يعيش كل إنسان حياته على النحو الذي يريده، وليس كما يريده الآخرون ، والشعب الذي يمتلك السيادة يستطيع أن يضع قوانينه التي تتحكم في حياته، ويختار الأشخاص الذين يديرون أمور البلد. وبفضل تعددية الاستقلالات، فإن السلطات في داخل الدولة يجب ألا تطغى على بعضها البعض، وحرية الفرد تقيد حرية الجماعة، والنقيض صحيح في نفس الوقت
( أي أن الجماعة تقيد حرية الفرد) والخوف من عدم تحقق الصالح العام يقيد انفلات الرغبات الشخصية، وفي نفس الوقت، فإن مطلب الاستقلال ليس مطلقا، إنه مقيد من جهة بالغائية التي يستهدفها العمل الجماعي: تحقيق رفاهية الشعب
( فهي إذن غائية إنسانية ) ومن جهة أخرى بمبدأ الشمولية، أو بكلمات أخرى الاعتراف بالمساواة في الكرامة لكل أعضاء الجنس البشري، أو ما نسميه اليوم حقوق الإنسان.
متابعة قراءة رسالة الفكر التنويري الثانية

د.مبارك القفيدي

يكتب رسالة الفكر التنويري الاولي‎

عندما يشتد الظلام تشتد الحاجة الى النور، تشهد مجتمعاتنا اليوم صعود قوى تتبنى حلولاً ماضوية، ويسود وهم كبير لدى الجماهير حين تراهن على تلك الحلول علاجاً لواقعها البائس، مجتمعاتنا في حاجة ماسة اليوم الى فكر التنوير لعبور أوضاعها المتردية وحلول الماضي لن تجدي نفعاً، قبل قرن كانت النخب الثقافية والسياسية منشغلة بسؤال النهضة الكبير: لماذا تقدم الغرب وتأخرنا واليوم نخبنا منشغلة بفتاوى رضاع الكبير وختان الاناث وطروحات التطرف المذهبي وصراعات الهويات الضيقة! متابعة قراءة يكتب رسالة الفكر التنويري الاولي‎

د.مبارك القفيدي

الشرطة الدينية

‏يعتبر انتقاد مشايخ الدين والعاملين في المؤسسة الدينية بالدول القائمة على خلفية دينية من المحرمات الشرعية المحظور تناولها علي المجتمعات والأفراد، فهم يتمتعون بدعم من السلطات الحاكمة التي تدفع إلى عدم تناول الأمور من الناحية الموضوعية واعتبار تصرفاتهم وأقوالهم من المسلمات التي لا يجوز الاقتراب منها، وقد أصبحت اليوم التيارات الدينية المتشددة تمثل خطراً كبيراً علي الدين فقد قاموا في تشويه صورة الإسلام في كافة أنحاء العالم، وجعلت منه دين اختلاف وأضاعوا مفهوم وطبيعة الإسلام السمح بما يشكل تهديد للأمن والسلام العالمي. وقد عانت المجتمعات الخليجية والعربية من تلك الهيمنة والتفريق بين المذاهب الإسلامية والاتهام بالخروج عن الدين وأتباع سياسية التكفير والسيطرة علي المقدرات الدينية وأصبحنا نعيش في حالة من الضياع والتناقضات والفوضى في الحياة اليومية علي جميع الأصعدة والأسباب هي الاختلاف علي قيادة لواء الدين والتناحر والطعن في المذاهب والطعن والمعتقدات الدينية حيث أصبح تصدير القتل والتشرد والظلم والقهر والجوع والعوز من الأطباق اليومية علي موائد النفوس الإنسانية. بسبب الكتب والفتاوى الدينية التي تصدر من علماء الدين الذين اختزلوا الدين السماوي وأصبحوا أولياء علية ووظفوا الدين لمصالحهم الشخصية الدنيوية فقد عانت المجتمعات الإنسانية من تلك الفتاوى التي أدت إلى ظهور المشاهد الإجرامية والصور البشعة التي تنشر بشكل متواصل في وسائل الأعلام المختلفة في جميع أنحاء العالم. ومن المؤكد إن حضارات الشعوب هي امتداد للوعي والتنشئة السليمة والتعليم الديني الصحيح ومن الطبيعي أن تنعكس علي مخرجات المجتمع فهي تساهم في النهضة والتطور. ولا يستطيع المفكرون والكتاب أو حتى القنوات الإعلامية إن تقترب من هذا الصرح المحاط بمجموعة تحصينات أو أن تنتقد التصرفات الفردية الخاطئة التي يقوم بها البعض من المنتمين إلي الشرطة الدينية والتي هي ناتجة عن الجهل بطبيعة الدين الإسلامي الحنيف الذي يدعوا إلى الوسطية والاعتدال ونشر الدين الصحيح القائم علي النصيحة وعدم الإكراه في الدين ونشر الفضيلة والتسامح ونبذ التشدد والغلو والتطرف. وهي اليوم قد تحولت إلي دولة داخل الدولة وسلطة مستقلة تعمل على استغلال الدين ومحاربة الإصلاح وترفض التجديد ومواكبة التطور حتى باتت شرطة دينية تفرض أرائها وأفكارها المتشددة البعيدة عن تعاليم الإسلام. متابعة قراءة الشرطة الدينية