سعيد محمد سعيد

الهوامير!

 

منذ الصغر، كنا كثيراً ما نسمع عن كلمة «هوامير» لتتعود أسماعنا فيما بعد على هذه الكلمة الخطيرة التي لا علاقة لها بسمك الهامور ولكن لها علاقة بشكل أو بآخر… بالبحر العميق الرهيب والذي يحوي الكثير الكثير من الأسرار والغموض!

كبرنا وكبرت معنا الهوامير! وهذا هو بيت القصيد! كلما نكبر تكبر معنا الهوامير… والأغرب من ذلك أن هاموراً يكبر وآخر يصغر، وفي كلتا الحالتين نبقى نحن على حالنا، وإذا أصبح الواحد منا «هاموراً» فتلك مصيبة كبرى حقاً… ينسى الكل، ولا يعترف بأحد ولربما فقد صوابه تماماً فنسي والديه.

من أجمل قصص الهوامير، أنهم من القوة بحيث يمكنهم تجاوز القوانين… هل رأيتم هاموراً لا يمكنه التلاعب على القانون! ولماذا قلنا إنها من أجمل قصصهم، لأن الواحد منهم يجد في عنتريته المضادة للقوانين والأعراف والأنظمة والقرارات شكلا من أشكال التباهي أمام الناس.

للهامور مواصفات خاصة، وقد تجدها في غير الهامور لكن الناس… «معادن»، وكذلك الهوامير!

فليس مهماً أن تجد الهامور يركب سيارة فاخرة ويفسح له الناس مكاناً في صدر المجلس أو يمشي ومن خلفه رهط ورجال أمن للحماية، فهذه من الأمور التي أصبحت مشاعة للكثيرين ممن حاولوا أن يدخلوا نادي «الهوامير»، لكن الميزة الأهم للهامور، والتي تكون نافعة للمجتمع، أنه يدفع في اتجاه توظيف عاطل عن العمل في وظيفة محترمة أو يعمل على ترقية فلان من الناس إلى وظيفة أعلى ويصول ويجول في ميادين أخرى فيستخدم نفوذه بطريقة تسيئ إليه وتسيئ إلى البلد وتسيئ إلى قانون البلد.

سمعنا كثيراً عن حكايات الهوامير وقصصهم ونوادرهم وطرائفهم، فضحكنا تارة وبكينا تارة أخرى وزعلنا تارات، لكن الهوامير اليوم، ليسوا هوامير الأمس… فكما تغير البحر عما كان عليه في السابق أيام عز البحر، تغيرت الكثير من ملامح البحر والهوامير، فصار التافه من الناس اليوم يعد نفسه هاموراً… فيتدخل في خصوصيات الناس ويعمل على قمع الناس ويسعى للفساد بين الناس.

نعم، تجده مجرد شخص تافه… لكنه حين يسيطر على (الميكرفون) فإنه يصبح في لحظة هاموراً بطلاً، يدين له الكثير من البسطاء بالولاء والطاعة… فقد أصبح هاموراً منذ اليوم الذي جعل نفسه وصياً على الناس وأنه أعلى من القانون

سعيد محمد سعيد

يريدون حقهم

 

من أكثر الأحاديث التي تسبب الكآبة للإنسان تلك المرتبطة بالشكوى من الظلم أياً كان شكله وموضعه وقصته! وما أكثرها عدداً وأشدها ضراوة بين الموظفين البحرينيين، في القطاعين الحكومي والخاص على حد سواء، وهو الأمر الذي يترتب عليه من دون شك، سوء الإنتاجية.

يقولون ان البحريني محب للعمل، وهذه مقولة شهيرة، لكن الأشهر منها ما يقال عن تردي الأوضاع في بعض القطاعات بسبب انتهاك حقوق الموظفين وحرمانهم من الترقيات والزيادات والعلاوات، فيتحول المنتج والنشيط والمبدع إلى موظف أوتوماتيكي، يؤدي مهمات وظيفته طبقاً لحدها الأدنى.

وحين ترصد حالات من ذلك النوع، لن تعييك الحيلة في تحديد أكثر الأسباب انتشاراً وهي غياب العلاقات الوطيدة في بيئة العمل بين الرؤساء والمرؤوسين بالإضافة إلى ممارسات التمييز والتفضيل من دون اعتبار لمبدأ تكافؤ الفرص مضافاً اليها غياب معايير التقييم التي تحفظ لكل موظف مجتهد حقه.

لكن هناك مشكلة أخرى، وهي عدم اهتمام الموظفين والموظفات وكذلك العمال بتثقيف أنفسهم في مجال قوانين العمل وأنظمته ولوائحه، وهذه نقطة مفصلية، إذ يتعرض البعض منهم لسلب الحقوق ولا يستطيع تحريك ساكن خوفاً من سطوة المسئول المباشر وانتقامه! ويحدث كثيراً أن يتقدم موظف ما بشكوى أو رسالة للمطالبة بحقه فيقع في شر أعماله ويواجه سوء العاقبة فتظلم الدنيا في وجهه ليتوجه إلى عمله مهموماً ويعود الى زوجته وأطفاله مهموماً وقلبه مليء بالخوف من المستقبل!

كثيرة هي الشكاوى التي ترد الى الصحافة من موظفين وموظفات وعمال تعرضوا لأسوأ أشكال التنكيل بسبب سوء تفاهم مع مسئوليهم أو لسبب خلاف بسيط – وطبيعي – وقع في وقت ما، ولا ندري عن الغاية من لجان التظلم التي تشكلت في معظم الوزارات والتي تتلقى خطابات واعتراضات الناس ثم تركنها في الأدراج أو تتعامل معها بأسلوب يزيد شقة الخلاف بدلاً من تصحيح الوضع.

ومع شديد الأسف، فإن مطالبة الموظفين والموظفات بتعديل أوضاعهم تعتبر جريمة في بعض القطاعات، وإذا ما اعترض عامل ما على سوء ظروف العمل فإنه يقابل بالتوبيخ لأنه يرفض العمل ويتكاسل ولا يقوم بعمله على أكمل وجه، وحين يتشجع قليلاً ويفتح فمه مطالباً بزيادة أو ترقية ويسعى لتحقيق أمله، فإنه إن لم يمن بالوعود الجميلة، فإنه حتماً سيعتبر عدواً لذوذاً إلى المدير العادل المنصف، إذ ان مطالبته بحقه تعني أن مديره غير عادل ولا يراقب الله فيما يعمل وفي هذا تشويه لسمعته الطيبة!

تزداد صعوبة الأمر حين تتعامل مع مسئول يعتقد أن ادارته أو قسمه أو المنشأة المسئول عنها هي ملك شخصي له يتحكم فيها كيفما يشاء ويصدر القرارات بحسب هواه ويقر ما يشاء من أنظمة حتى وإن خالفت قوانين العمل! ومثل هؤلاء المسئولين ليسوا أهلاً لحمل الأمانة، لكن نأمل في أن يكون المسئولون في ديوان الخدمة المدنية وقسم العلاقات العمالية في وزارة العمل أكثر صرامة في التعامل مع أولئك الذين يتلاعبون بمصائر الموظفين ويحطمون في نفوس الموظفين الأكفاء كل مبادرة مبتكرة ونافعة، ويجعلونهم يقضون يوم عملهم في أسوأ حالات اليأس والتذمر

سعيد محمد سعيد

قائمة للمقاطعة

 

إذا كانت الأمة مهيأة جداً لمقاطعة كل منتج وكل سلعة وكل دولة وكل شاردة وواردة يأتي من أميركا ومن الدنمارك ومن «إسرائيل» ومن كل بلاد الدنيا من أقصاها الى أدناها بسبب عدائها لنبي الإسلام واحتلال دولهم وتفقير وتعذيب شعوبهم، فلدينا مقترح بقائمة يجب مقاطعة ما جاء فيها، علنا بذلك نصل الى بر الأمان:

مقاطعة الوزارات والأجهزة الحكومية التي تذيق المواطن مختلف أنواع العذاب حال تخليص معاملته.

مقاطعة المسئولين الذين يعلنون سياسة الباب المفتوح ثم يغلقونه على أنفسهم.

مقاطعة الجمعيات واللجان التي تفوح من عملها روائح الطائفية العفنة.

مقاطعة النواب الذين يكذبون ويكذبون ويكذبون ويدعون بعد ذلك العمل من أجل مصلحة الأمة.

مقاطعة الملتقيات والمحاضرات التي تهدف إلى تفريق المجتمع وشق عصا الجماعة.

مقاطعة المستشفيات التي تعالج الناس بالبندول فقط.

مقاطعة الخطباء والمشايخ الذين يلقون خطباً ملأى بالأخطاء والفضائح والنتائج السلبية أيا كان مذهبهم.

مقاطعة الشوارع التي تنتشر فيها الشعارات والإعلانات واللافتات ذات الطابع الطائفي، حتى وإن جاء الفهم بناء على تأويل شخصي أو فهم سطحي من قبل مستخدم الشارع.

مقاطعة المساجد التي لا تسمح بصلاة كل المسلمين، وتميزهم بناء على طوائفهم وربما تعرض المصلي (من الطائفة الأخرى) للأذى حين يصلي فيها.

مقاطعة الصحف التي تتعمد إشعال القطيعة والوقيعة بين الحكومة والمعارضة وبين الحكومة والحكومة وبين الحكومة والناس وبين الناس والمعارضة وبين أشياء كثيرة تعلمها هي.

مقاطعة التاجر الذي كلما وجد الناس في ضيق زاد ضيقهم بتلاعبه في الأسعار.

مقاطعة الكذاب الذي يقول للناس دعونا نحارب الطائفية بوجه، ويشعلها من خلفهم بوجه آخر.

مقاطعة السلع السيئة التي يروجها البعض في كتب وأشرطة سمعية وأقراص سي. دي ودي. في. دي لينصبوا أنفسهم قضاة من السماء فيكفرون هذا ويفسقون هذا ويبقون هم أولياء الله الصالحون.

مقاطعة الدواجن في القرية وحمام (الفريج) والعصافير واعتبارها (طابوراً خامساً) لانفلونزا الطيور.

لكن لا تقاطعوا ولا حبة رمل في هذا الوطن. مهما كانت الظروف ومهما كانت الملفات.

سعيد محمد سعيد

مرحى… الجميع طائفيون!

 

في هذا المجتمع الصغير الطيب تتعالى أصوات النشاز الطائفية لتقتل الصور الجميلة بين خلق الله، ولتوغر الصدور وتنفث السموم!

وماذا بعد؟ لا شيء سوى نوايا سيئة يبطنها أصحابها من أجل أن يقتاتوا عليها ويتاجروا بها، فمن قال إن النائب جاسم السعيدي طائفي؟! ومن قال إنني وأنت وأنتم وأنتن ونحن لسنا طائفيين؟ الكل هنا في هذا البيت (بيت البحرين) أصبحوا طائفيين ولكن بصور شتى وممارسات مختلفة… حتى أولئك الذين يسعون لإصلاح ذات البين وينادون برص الصفوف وتجاوز المحن والإحن ويرفعون صوت العقل ليحافظوا على ما تبقى من علاقاتنا لكي لا تتلوث بفيروسات الطائفية فيدب المرض في أوصالنا؟

إذاً، نحن أمام مأزق كبير على الدولة أولاً والمواطنين ثانياً أن يصيغوا أمامه المواقف الحقيقية، فحين تتحول لافتة إلى ميدان قتال تحت شعار الطائفية وتمزيق المجتمع بسبب تصرف جمعية تنتسب الى مذهب الشيعة، فتتحرك الأقلام وتنطلق التصريحات وتشتعل المجالس وتثور ثائرة النقاش الحاد بين الناس في أعمالهم، فإن المصيبة تكبر وتكبر لتسنح الفرص من أجل إخراج عشرات الكتيبات والمنشورات والأشرطة السمعية والمرئية التي تضرب في الطائفة الأخرى، أو في كلتا الطائفتين، وهنا نتساءل: «ماذا لو اشتعل الأوار من طرف أبناء كل طائفة ليكون شغلهم الشاغل هو إثارة حالة من الصدام المقيت بين الناس نتيجة منشور مجهول صدر هنا، أو خطبة جمعة ألقيت هناك، أو شريط كاسيت صدر هنا؟»، هل سنكتفي بإلقاء اللوم على وزارة شئون البلديات والزراعة ووزارة العدل ووزارة الإعلام بل ونوجه الاتهام الى الدولة برمتها؟

أول العتب على من يقرأ حادثة فيفهمها طبقاً لهاجسه الطائفي ونفسيته التي تعشق تفتيت المجتمع، ثم العتب موصول الى الصحف التي تنشر تصريح للسعيدي، الذي لم يعد خافياً على أحد «من السنة والشيعة» ولعه بإثارة الطائفية حتى لو أنكر ذلك! والعتاب أشد على جمعيات ومشايخ الطائفتين الذين يعتقدون أن نشر اللافتات ورفع الشعارات والبيارق وإصدار الكتيبات والأشرطة السمعية وعقد الملتقيات وتنظيم المحاضرات دون تدقيق ودون تأمل في ما يمكن أن تؤدي اليه من نتائج مع افتراض وجود حسن النية.

وفي ظني أن الكثير من المواطنين «من الطائفتين الكريمتين» لا يودون مشاهدة استعراضات طائفية بغيضة، وليتفرغ النائب السعيدي وغيره من النواب، وكذلك العلماء والمشايخ ليقدموا للناس ما ينفعهم ويشرح صدورهم ويرفع معنوياتهم بدلاً من هذا اللغط الفاسد الذي لن نجني منه سوى المزيد من البلاء…

وكلمة أخيرة، من يعرف الحق يعرف أهله، ومن يسر في طريق الباطل عليه وزره، ودعونا نعيش في البحرين… البلد الكريم، لا في غابة تعج بالأفاعي السامة

سعيد محمد سعيد

يحدث في المدارس!

 

الدخول الى بعض المدارس، والحديث عن بعض الممارسات التي تدور رحاها فيها يعد من الموضوعات التي تثير الكثير من القلق ولاسيما بالنسبة إلى المسئولين وواضعي السياسة التعليمية.

ثمة مواقف، تبنى على أساس عدائي بين بعض المعلمين والمعلمات وبعض الطلبة، فينضوي على ذلك إلحاق الضرر بهذا الطالب أو تلك الطالبة، وعلى رغم أن العدد الأكبر من المعلمين والمعلمات في مدارسنا هم في الحقيقة أرفع من هذا الفعل، فإن لكل قاعدة شواذ، وهناك الكثير من أولياء الأمور ممن شكوا من تصلف وتقصد التعامل بسوء من قبل بعض المعلمات أو المشرفات.

لدينا بعض القصص، لكننا لا نريد أن نسوقها هنا لكي لا يُفهم أن هناك رغبة في تضخيم بعض الحالات وتحويلها الى ظاهرة، إلا أننا نعوّل كثيراً هنا على الإجراءات الضبطية والقرارات الداعمة لإنجاح مسار التحصيل الدراسي بالنسبة إلى الطلاب والطالبات في المراحل الثلاث، بيد أنها قد تتطلب دقة أكثر في المرحلتين الإعدادية والابتدائية. من هنا، نسمع أحياناً من بعض أولياء الأمور أن معلماً (ما) يتقصد الإساءة الى ابنه بخفض درجاته والتنكيل به في المدرسة، أو أن تلك المعلمة تتعمد الإضرار بابنته لسوء تفاهم أو لموقف (ما)، والأبغض من ذلك أن تكبر تلك الصور الى حدوث القطيعة والوقيعة نتيجة «نقاش مذهبي» تسبب في إثارة حال طائفية مستنكرة أدت إلى تدهور العلاقات.

المدرسة، هي حرم من الحقوق والواجبات من دون شك، ولا يمكن اعتبار هذه البيئة مفصولة عن المجتمع بكامله، بل لربما لا أبالغ حينما أقول إنها تشكل إحدى أهم الحلقات الواصلة بين المجتمع، وبين مستقبله ككل!

إذا كنا حتى الآن، نستمع أو نتلقى شكاوى من أولياء أمور مفادها أن معلماً أو معلمة تعمدا «تسقيط» (ترسيب) أبنائهم بسبب خلاف أو كره أو بغض طائفي، وتصل إلينا تلك الملاحظات المتعلقة بنقل طلبة من مدرسة إلى أخرى بسبب الإهانات المستمرة من المدير أو من المعلمين أو من المعلمات، لكن ما نأمله أن يكون هناك نوع من التواصل الحيوي بين أولياء الأمور وبين مجالس الآباء ومع المشرفين الاجتماعيين في المدارس، لعلاج مثل هذه المشكلات إن وجدت، فبعضها لا يمكن أن يكون صحيحاً إطلاقاً، فيما بعضها يحدث. وفي كلتا الحالين، لابد من جلسات المكاشفة لحل أي إشكال بين المدرسة والطالب وولي أمره

سعيد محمد سعيد

من أبوغريب إلى شقة «البنغالية»

 

صباح أمس كان صباحاً مروعاً بالنسبة إلى الكثيرين منا… ليس على مستوى «البلاوي» التي نشاهدها في الشارع يومياً ولا طبقاً لنوعية المناوشات والشجار والنزاع الذي اعتدنا عليه في المراكز الصحية والمستشفيات والأسواق، بل كان بسبب الحديث الساخن الذي فجر غضباً في نفوس الكثيرين منا.

ما أن شاهدنا صور التعذيب الجديدة في سجن «أبوغريب»، وتابعنا تفاصيل التجاوزات التي تورطت فيها القوات البريطانية في البصرة، حتى تلونت المجالس واللقاءات والمقاهي الشعبية بلون الغضب نفسه.

تبدأ صباحك فتقرأ الصحف وقد نشرت شريطاً من الصور المخزية لأدعياء الحرية والديمقراطية ومن لف لفهم… تنتقل هنا وهناك فتقرأ أخباراً محلية تثير هي الأخرى حالا من السخط تارة والتذمر تارة أخرى، والراحة… (نادراً)!

تنتقل عبر السطور والنصوص لتقرأ القصة شبه غامضة… أو هي كذلك:

«أقدم هندي على قتل بنغالية بعد أن خنقها بيديه في الشقة التي تقيم فيها والتي استأجرت احدى حجراتها من الآسيوي القاتل وذلك نتيجة خلاف بينهما على أجرة الحجرة البالغة 90 ديناراً»…

وماذا بعد؟ لنعد قليلاً الى الصور الجديدة التي كشفت الفضائع والفضائح الأميركية باعتبارها المادة الرئيسية للأحاديث البحرينية الشعبية… ولربما كانت هي المادة الأولى فقد جاءت الانتهاكات التي شملت القتل والتعذيب والإهانات الجسدية لتضرب من جديد الجدار العازل بين المؤيدين للديمقراطية المقبلة من الولايات المتحدة الأميركية وبين الرافضين لهذا الاحتلال والنفس الإمبريالي الذي لا يريد خيراً للأمة.

قصة انفلونزا الطيور هي الأخرى لم تغادر حياة الناس أمس وقبل أمس وعلى مدى أسبوع وستكون غداً أيضاً حاضرة… فالطيور التي نفقت في عالي أو في سترة أو في أي مكان آخر، أثارت حالاً من التوتر في العلاقات بين الناس وبين كل ما يطير!

حال واحدة من الطيران لم تتوقف لا أمس ولا قبل عام! هي ذلك الهراء الذي ينشره البعض بتخويف الناس من كل شيء… من أبنائهم ومن أنفسهم ومن بلدهم ومن علمائهم ومن زوجاتهم بل ومن… عباداتهم!

يا للهول

سعيد محمد سعيد

يسارعون… للخيرات!

 

إذا كان المحسن الذي يسرق من أموال الدولة وأموال الناس وأموال اليتامى والفقراء والمساكين يعمل في سبيل الخير والتقوى، فهو من دون شك، رجل يستحق كل التقدير والثناء… ربما هذا هو المنطق الذي يجب أن نقنع أنفسنا به في أيامنا هذه!

غريب هذا الأمر… فحين تسمع عن إنسان أوكلت إليه مسئولية الحفاظ على الأمانة (ولاسيما إذا كانت نقوداً) لتنفيذ مشروعات وبرامج خيرية وراح يقرضها بقوارضه دونما رحمة، فستشعر بالخوف والقلق حتماً، لأن المسألة ليست هينة إطلاقاً. ولله الحمد، ليس لدينا في مجتمعنا من هذه النماذج (العدد الكبير)، لكنها نماذج كثيرة إذا ما قيست على حجم المجتمع!

والأغرب أن تستمع إلى قصة «الشركة» التي ضبطت شبكة تتلاعب بأجور العمل الإضافي وتصرف عمولات (للاستفادة منها في الأعمال الخيرية)… ثم تجد أحدهم يجمع الأموال لبناء جامع أو مسجد أو مأتم وتتناثر عليه الأموال من هنا وهناك وبأرقام مختلفة، لتجده يعبث فيها كما يشاء. وربما صدمت حينما علمت بأن أحد الأتقياء الورعين ممن تصدر حملة لجمع التبرعات من أجل خدمة الإسلام والمسلمين، صرفها على نفسه وعلى متعته في الحياة الدنيا واشترى منزلاً وسيارة فخمة، ولله الحمد، لايزال الناس الموعودون ينتظرون دورهم!

البعض، أصبح يتاجر باسم الدين، وعلى رغم أن هذه الممارسات أصبحت مكشوفة اليوم أكثر من ذي قبل، فإن هناك من يقع في مثل هذه المصائد ويلقم تلك الأفواه المال والمساعدات العينية. ويبدو أن العمل في هذا القطاع مغرياً، فهناك أجانب من دول مختلفة، ألف الناس مظهرهم حين يرتدون القافية والثوب العربي ويدهنون أنفسهم بدهن العود ثم يجوبون الشوارع ويحتلون أبواب المساجد أو يدورون بين المصلين يوم الجمعة لجمع التبرعات من أجل بناء مسجد في باكستان أو مستشفى في حيدر آباد أو مركز لتعليم القرآن في إحدى قرى افريقيا الغابرة.

ثم في لحظات، يبادر البعض بحسن نية للتبرع، لكن الذي يمد يده ليجمع تلك الأموال، لن يكون صادقاً في كل الأحوال. هؤلاء يسارعون للخيرات أم لا؟ أفيدونا جزاكم الله خير الجزاء

سعيد محمد سعيد

مقام النبوة

 

لاتزال موجة الغضب في العالم العربي والإسلامي مشتعلة ضد ما يمكن أن نسميه (الحقد البغيض) على الإسلام وأهله… وإذا كان المسلمون يتجاوزون عن الإهانات التي توجه إليهم كبشر، إلا أنهم لن يقبلوا إطلاقاً أن تمس تلك الإهانات المخالفة للاعراف الإنسانية ومقولات احترام الأديان السماوية والمواثيق التي تمتلئ بها الأضابير، مقام النبوة السامي.

الرسوم الكارتونية التي لم تبتدعها الصحافة الدنماركية وحدها، بل كانت مادة خصبة لتأجيج العداء في الإعلام الغربي وعلى الدوام، لم ولن تكون هي الهجمة الوحيدة أو الأولى! لقد سبقتها كتابات وبرامج تلفزيونية ومقالات ورسوم كارتونية وضعت المسلمين في مواضع سيئة للغاية من ناحية التشبيه ولصق الصفات والتهم. فمن رسوم إلى مقالات تطالب بقصف الكعبة المشرفة إلى إنشاء مرافق ومراقص ومناطق سيئة طبقاً لتصاميم المساجد في بعض المدن الأوروبية إلى كتابة قصص أطفال وبرامج تلفزيونية فكاهية وأفلام كارتونية تبدأ بإهانة الإسلام وتنتهي بالاستهزاء بالمسلمين.

لكن هل لنا من وقفة صريحة هنا؟ ألم تنتشر بين أبناء الأمة نكت وطرائف مخزية تمس هي الأخرى مقام النبوة؟ ومن ابتكرها وألفها؟ المسلمون أنفسهم.

حتى الآن لايزال صغار العقول يتبادلون في مواقع عربية مخصصة للطرائف والنكت ما يمكن أن نسميه (إهانة بدرجة أسوأ من تلك التي تصدر من الغربيين أو الكفار إن شاء البعض تسميتهم) تشير بشكل مباشر إلى نبي الأمة (ص)، ومن العيب والخطأ الجسيم أن نسوق بعضها من باب ضرب المثل، لكنها موجودة وبكثرة حتى أنها تحولت إلى رسائل نصية ترسل عبر الهواتف النقالة!

والأنكى من هذا وأشد، تلك الكتابات التي تحتويها الكثير من الكتب في المكتبات الإسلامية التي تنقل أحاديث ومواقف لا يمكن أن يقبلها العقل لمجرد النقل وقوة المتن والسند! ففيها من التجاوز لمقام النبي الأعظم (ص) من يضع المسلمين الذين يقبلون بها ويعتبرونها من (السنة النبوية الشريفة) في مقام الاتهام أيضاً، ولاسيما علماء الأمة الذين لم يتصدوا لها ويصححوها ويرفضوا الضعيف والسيئ منها ويوضحو للأمة خطورة مثل هذه الأحاديث الموضوعة تارة والمختلقة تارة أخرى والمنقولة بصورة سيئة تارات.

لقد آن الأوان للاعتراف بأن فيما ورثناه من أحاديث مغلوطة إساءة للرسول (ص) وللدين الإسلامي، ولا ندري لماذا يستمتع بعض ممن يسمون أنفسهم (علماء) في الفضائيات وفي مؤلفاتهم وفي محاضراتهم بتأجيج الخلافات المذهبية والعيش على إحياء الصراعات التاريخية، ويهملون مسئوليتهم الأولى في الدفاع عن الإسلام بالعمل على تقوية بنيان المجتمع الإسلامي من الداخل

سعيد محمد سعيد

ماذا لو…؟

 

هل يمكن أن نتخيل معاً صعوبة المشهد الآتي والخطورة التي تكمن خلفه؟ لنشاهد معاً: طفل في السابعة من العمر تقريباً ومعه اثنان من أنداده يعبث في ريش طائر، ذلك الطائر كان نافقاً بالقرب من ساحة قريبة من منزل الطفل على ما يبدو. ترى، ما الذي يمكن أن يشعره الواحد منا حين ينظر الى مثل هذا المشهد؟ وليس هذا فحسب… ففي كثير من المناطق، بدأت طيور النورس تنتشر على شكل مجموعات (مهاجرة) وخصوصاً في أوقات الصباح الباكر، ولأن يوم أمس كان أول أيام الفصل الدراسي الجديد، فإنه يحلو لبعض الأطفال الجري وراء تلك الطيور. وسيكون الحال أفضل لو اكتفوا برمي الحجارة من بعيد لإخافتها بدلاً من الجري وراءها، وفي هذا الجري وما شابهه في حال الطفل الذي يعبث بريش الطير النافق ما يرفع درجة الخطورة… ماذا لو كان ذلك الطائر مصاباً بمرض انفلونزا الطيور؟، هل يمكن أن نتكلم بصراحة؟ قليل من الصراحة؟ ويتوجب هنا أن نشير إلى أن كثيراً من برامج التوعية والتثقيف، لاسيما الصحية منها، لا تصل بالشكل المطلوب الى شرائح مختلفة من المجتمع. وهذا في حد ذاته يثير تساؤلاً مقلقاً: «هل وصلنا الى مجتمع العبقرية الذي لا يريد فيه البعض أن يتعلم أو يستمع لرسالة إعلامية ويتعالى، كونه يملك من المعلومات ما يغنيه عن غيره؟ وهل وصلت بنا الأمور الى «التفلسف» في تلقي بعض التعليمات والإرشادات المهمة؟، في الحقيقة، يبدو الوضع ­ وخصوصاً بالنسبة للأمراض السارية والمعدية ومرض انفلونزا الطيور ­ صعباً، لا يمكن معه قبول أي تجاهل لأبسط جزئية في موضوع الوقاية والمكافحة. فالأطفال، حين يعبثون بالطيور الميتة فإنهم بذلك يقتربون من منطقة خطرة للغاية. حتى في المدارس، قد نجد طيراً ميتاً في ملعب المدرسة أو في مكان ما، وهذا ما يلزم اتخاذ اجراءات أكثر تشدداً، ومنها تحريك عمال النظافة وابلاغ الشركات بأهمية تأهيل وتدريب فرق العمل على كيفية التخلص من الطيور النافقة أينما وجدت، وتوجيههم الى ضرورة الإبلاغ عن أية مظاهر مقلقة في حال وجود أعداد من الطيور النافقة في أي مكان. صحيح نحن في أمان، لكن من غير المعقول أن نقول «إننا في أمان دائم». وسلامة الجميع

سعيد محمد سعيد

الأخبار السارة من السجن!

 

حينما نقرأ خبراً مفاده أن أحد السجناء تمكن من اكمال دراسته في السجن وحصل على الدبلوما من إحدى الجامعات الأميركية، فإن شعوراً جميلاً بالتفاؤل والسرور يملأ النفس، وربما كان الجانب الأكثر إضاءة هنا، هو قوة الإصرار والعزيمة لدى ذلك السجين الذي حقق بصبر واحتساب، ما كان يصبو إليه.

هذه النوعية من الأخبار تعتبر من الأخبار السارة التي ترد الينا من السجن! ونتمنى أن تكون أخبار السجون كلها مفرحة بدءاً بتحسن الأوضاع بعد سلسلة الزيارات المتفق عليها بين الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان ووزارة الداخلية، انتهاءً عند أساليب التأهيل والإصلاح وإعادة دمج المفرج عنهم في المجتمع لكي يواصلوا تعويض ما فقدوه طوال سنوات العقوبة.

أخبرني أحد المفرج عنهم، أنه منذ تنفس هواء الحرية، حتى عهد قريب، وهو يعاني من صعوبة التعامل مع الكثير من أفراد المجتمع، خصوصاً أولئك الذين يفترض فيهم أنهم مثقفون ومتنورون… فالبعض يعاملك من منطلق الجرم الذي أجرمته في تلك السنة، ويجعله وصمة عار تتابعك أينما حللت سواء تبت أم لم تتب… تعدلت أم لم تتعدل، لا فرق لديهم!

لكنني أجد محدثي محقاً! نعم، لقد أخطأ ذلك «البني آدم» في يوم من الأيام، واستحق العقوبة وكان له القانون بالمرصاد… ثم بعد ذلك، عاد الى الحرية من جديد،إذ من حقه أن يعيش كأي فرد في المجتمع، فلماذا نوصد الأبواب في وجهه؟

كل العذر، لأي إنسان دخل السجن، ثم خرج منه بعد أن نال جزاءه حين يقف محتاراً في كيفية التعامل مع مثل هذه المواقف… وكل العذر للشباب الذين لا يعرفون كيف يتعاملون مع الإنسان «المخطئ» التائب! فهم لا يعرفون من التعامل الإنساني والديمقراطي إلا شعارات «فضفاضة» حفظوها بأسلوب الببغاء.

في المقابل، هناك شباب يبذلون جهداً كريماً في تثقيف المجتمع والتصدي لمثل هذه السلوكيات، ولطالما أننا نعيش موسم عاشوراء طوال شهري محرم وصفر، فلربما أصبح موضوع التعامل مع المفرج عنهم ومنحهم الفرصة وقبول إدماجهم في المجتمع من المواضيع التي يحبذ المرور عليها بين الحين والآخر ولو مرور الكرام من باب : «امنح الفرصة للتائب لأن يعيش، فهذا من حقه»