سعيد محمد سعيد

لما فيه مصلحة الوطن!

 

تتعدد النوايا وتتوزع في صدور الناس لا يعلم بها إلا الله… أما وأن الغالبية بدأت تضع مصلحة (الوطن) نصب أعينها فهذا ما يسعد الفؤاد ويبهج النفس.

فليست العبارة مجرد عبارة… وليست الفكرة مجر فكرة، لكن كل ما (فيه مصلحة الوطن والمواطنين) أصبح من أقدس المواقف وأكثرها حباً للنفس تقرباً إلى الله وإلى رسوله وإلى ولاة الأمر ومن لا يصدق، فسأقدم له أدلة عدة منها:

– يريد أحدهم أن يتملق ويتقرب من (الشيوخ) بطريقة سمجة جداً، فيتحدث بين الفينة والأخرى في برنامج صباح الخير يا بحرين ويصر على أن يبدو في البرامج التلفزيونية واللقاءات ويتعمد ملاحقة كاميرات التلفزيون والصحافة، ليصر على مقولاته المتعلقة بأهمية اعتبار أي تحرك سياسي أو مطلب شعبي ما هو إلا عمل ( تآمري)، وإنه يقول ذلك (لما فيه مصلحة الوطن والمواطن).

– يكتب أحد الكتاب كثيراً، فيرفع ضغط القارئ وهو يتحدث عن مستوى الرخاء ورغد العيش والنعمة (أدامها الله)، ويصول ويجول في مختلف فنون النفاق، ولأنه يكذب على الله ورسوله، أفلا يكذب على ولاة الأمر ويغير الحقائق ويعكس الصور (لما فيه مصلحة الوطن والمواطن)!

– يتجرأ بعض النواب المعروف عنهم سوء نواياهم، فيطرحون مقترحات وأفكاراً يعلمون هم بأضرارها قبل غيرهم، لكن كل ذلك يهون من أجل (مصلحة الوطن والمواطن).

– إذا ارادت الحكومة أن تنجح مشروع التوظيف والقضاء على أزمة البطالة فيجب ابقاء بعض القطاعات مغلقة في وجوه طائفة من المواطنين، لأن ولاءاتهم ضعيفة وانتماءهم مشكوك فيه ونأمل أن يتم ذلك لما (فيه مصلحة الوطن والمواطن).

– ليس من الصعب تغيير أنظمة الخدمات الإسكانية وتقليص قروض الشراء والبناء، والاستمرار في بناء الوحدات السكنية الضيقة التي لا تنفع للعزاب، وحرمان المواطنين المنتظرين للقسائم من حقوقهم بسبب قوة المتنفذين في وضع اليد على الأراضي وما أدراك في بلادنا، لأن ذلك يجب أن يكون في مصلحة (المواطن) الذي يرى الأبراج ترتفع وحظه يطيح… لما فيه (مصلحة الوطن والمواطن).

– أما بعد، فنطالب الحكومة بعدم الاستقالة كما طالب النواب الكرام، لأن في بقائها استقراراً، ولكننا نطالب بأن تنظر الحكومة بعين الاعتبار إلى مواطنيها وتكرمهم وتحسن مثواهم وتعدل حالهم وترفع رواتبهم وتمسح على قلوبهم… (من أجل مصلحة الوطن والمواطن)

سعيد محمد سعيد

بين السنة والشيعة

 

ترى، أيهما نفضل: الكتب والكتيبات والمقالات والكتابات والمحاضرات التي تحمل لون التلاقي والمحبة والود بين المواطنين سنة وشيعة، أم تلك التي تؤجج نار الفتنة وتوغر الصدور وتثير حالة من العداء في البيت البحريني؟

اذا افترضنا أن الغالبية العظمى من الناس ستفضل اللون الأول، فإن ذلك يعني حتماً، أنهم يرفضون اللون الثاني لما له من أضرار ونتائج لا تحمد عقباها.. لكن من الذي يروج لهذا اللون الأسود الكئيب؟

موضوع الكتيب السيئ الصيت الذي انتشر في إحدى المدارس وانتقل الى أخرى يحمل فيروس الطائفية الخطير بتكفير وتفسيق طائفة لها ثقلها في البلاد ليس هو الأول مع شديد الأسف! لكن نأمل أن يكون الأخير ضمن سلسلة التفكيك التآمرية، فقد تحدث مشايخ من الطائفتين الكريمتين عن مضمون هذا الكتيب المشئوم وكتب بعض الزملاء في الصحافة أسطراً تحذر من فتنة وتطالب وزارة التربية والتعليم بألا يمر هذا الفعل المنافي للدين والأخلاق والعرف مرور الكرام، إلا أن المطلوب هو اتخاذ موقف واضح وصريح من جانب الجهات الرسمية لتقديم من يكتب وينشر مثل تلك الكتابات للمساءلة القانونية بحيث يأخذ القانون مجراه في محاسبة المتورط، فرداً أم مجموعة، بقوة القانون وعدالة القضاء حفظاً لحقوق الناس وضماناً لاستقرار العلاقات داخل المجتمع.

لكن يحق لنا أن نسأل: أليست هذه الأفعال التي تتكرر وبصور شتى يوماً بعد يوم – أياً كان انتماء اصحابها المذهبي – توجب موقفاً من جانب المجلس الأعلى للشئون الإسلامية؟ وهل يتابع المجلس فعلاً مثل هذه الممارسات؟ وما هي الإجراءات التي يتخذها في هذا الشأن؟

قد يكون للمجلس، وأعضاؤه من علماء الدين، تحرك لا نعلمه، لكن من حقنا أن نعرف : كيف يتعامل المجلس مع هذه القضية التي لا يمكن إغفال أهميتها؟ إنه لأمر مبشر أن يتحرك بعض العلماء والشخصيات والرموز من الطائفتين للتصدي لكل ممارسة تجلب الآلام لأبناء البلاد وتشعل فتيل الفتنة، بيد أن المجلس الأعلى للشئون الإسلامية يجب أن يكون حاضراً بقوة وفاعلية في هذا المضمار.. هذا ما نتمناه. على أي حال، لن ننكر الأسى والأسف الذي ينتابنا ونحن نقرأ كتيبات التفرقة والتفتيت ومنشورات الحقد وكتابات المؤامرة، وفي المقابل، تقع بين أيدينا الكتابات الجميلة، ومنها كتاب «رحلات المقيظ بين السنة والشيعة» للزميل حمد النعيمي الذي تحمل سطوره الصدق وتحمل معاني المحبة والعلاقات الطيبة، فأي الكتابات نريد حقاً يا سادتي الأفاضل

سعيد محمد سعيد

السيطرة على البطالة

 

حين يعلن وزير العمل مجيد العلوي عن إمكان السيطرة على البطالة خلال عام ونصف العام، فإنه يعلم – بشكل أو بآخر- أن وراء هذا التصريح تحديات كبيرة لا تقف عند حد التعامل الحساس مع ملف البطالة في البلد! بل تتجاوز حدود المعوقات من عدة أطراف من بينها وبشكل رئيسي أطراف الإنتاج الثلاثة: الحكومة وأصحاب الأعمال والعمال.

إن الإعلان عن توظيف 202 من الباحثين عن عمل إلى جانب توظيف 5321 عن طريق التوظيف المباشر بين الشركات، وبلوغ عدد المسجلين المقبولين بالمشروع إلى 7812 باحثا عن عمل من أصل 96231 متقدماً للمشروع ووجود 455,1 وظيفة شاغرة، يؤكد اعتماد آلية إحصاء إلى استقراء الوضع بدقة، بيد أن هذه الآلية تستلزم مراقبة مستمرة وتتبعاً لأوضاع العاطلين واندماجهم في الوظائف الجديدة وكذلك تقييم ظروف العمل لضمان منع أية تجاوزات تحدث من قبل أي طرف.

لكن هل مسئولية نجاح المشروع تقع على عاتق وزارة العمل فقط؟ نعم، بالدرجة الأولى تقع المسئولية على الوزارة باعتبارها الممثل الأول للحكومة، وتوفير الوظائف للأيدي العاملة الوطنية دستورياً هي إحدى الحقوق الرئيسية للمواطن من حكومته، وهذا يفرض استمرار دعم الحكومة للوزارة وللمشروع، وإذا كان هذا المشروع هو قضية لها أولوية من جانب عاهل البلاد، فإن الاطمئنان إلى استمرار الدعم والمساندة يبشر بتجاوز أية معوقات تظهر في المستقبل كوننا نتعامل مع أزمة طال أمدها وآن أوان احتوائها لأنها شكلت ولاتزال تشكل حالاً من عدم الاستقرار الاجتماعي لوجود هذه الأعداد الكبيرة من العاطلين.

لقد بقي ملف البطالة مفتوحاً طوال 3 عقود من الزمن تقريباً، ولم تنجح البرامج والمشروعات السابقة في وضع حلول استراتيجية له، لكن مؤشرات كثيرة تدل على أن المشروع الوطني للتوظيف سينجح إذا ما وضعت الأطراف المعنية فيه مصطلح «المسئولية الوطنية» نصب أعينها!

وإذا كنا تابعنا اللقاءات التي اجراها الوزير مع علماء الدين وتلك التي عقدت في المجالس في مناطق وقرى متعددة، وما تم فيها من اتفاق على تحفيز العاطلين وتشجيعهم للتسجيل في المشروع طبقاً للفئات المحددة بناءً على المؤهلات والخبرة، إلا أن النشاط التثقيفي من جانب العلماء الأفاضل والجمعيات والمؤسسات الشبابية يبدو ضعيفاً ويتطلب تكثيفاً فالمشروع لم ينته ولايزال الكثير من العاطلين عازفين عن التسجيل وهذه مسألة تفرض بحثاً عن الأسباب.

سعيد محمد سعيد

العاطلون

 

الذي يتابع أوضاع العاطلين الذين بادروا بتسجيل أسمائهم ضمن البرنامج الوطني للتوظيف، وما تبع هذا التسجيل من استعداد لإجراء المقابلات واختيار الوظائف التي تناسب كل عاطل مسجل تبعاً لمؤهلاته وخبراته، لاشك وأنه يشعر بحال من الطمأنينة في أن مشكلة كبيرة ومتشعبة بدأت تأخذ طريقها نحو الحل.

واذا كان عدد العاطلين الذين تم تسجيلهم حتى آخر أيام التسجيل بلغ 12 ألف عاطل، فإن هذا الرقم يعني أن آلاف الايدي العاملة يجب أن تشارك اليوم في قوة العمل بدلاً من بقائها معطلة، ومن خلفها، هناك أرقام أخرى ربما بالآلاف…

من السهل أن نتخيل الوضع بوجود آلاف الشباب البحرينيين من الجنسين عاطلين عن العمل، ومن السهل أن نتخيل الأوضاع التي يعيشها العاطل عن العمل في مجتمع مثل مجتمعنا، ومن السهل توجيه العتاب واللوم الى العاطلين وذويهم والى الدولة والى كل طرف يمكن أن يكون فعلاً طرفاً.. لكن ليس من السهل أن نصبغ كل تحرك من أجل احتواء هذه الأزمة – أي أزمة البطالة – بوضع سيناريوهات طائفية!

إن واضعي مثل تلك السيناريوهات من المستجدين في الصحافة أو في الإعلام عموماً يفتقدون الى عنصر رئيس، وهو الشعور بالمسئولية الوطنية تجاه ما يكتبون وما يقدمون من أفكار وما يثيرون بأقلامهم من عواصف في فناجين!

ولسنا هنا ندافع عن الأخوة والأخوات العاملين في البرنامج الوطني للتوظيف، فهذا المشروع الذي تبناه عاهل البلاد لم يؤسس على أساس طائفي، أي أن المشروع حين انطلق لم يطلب من الوزير المعني وهو وزير العمل، أن يختار العاملين في المشروع طبقاً لانتمائهم الطائفي، وإلا لكان من السهل على المتصيدين بالمثل أن يقولوا ويتقولوا والأمثلة كثيرة، لكننا لا نريد أن نقترب منها!

لقد أثيرت ضجة محدودة للغاية وفاشلة ولله الحمد، بدأت بطرح تساؤلات كبيرة حول توظيف (الشيعة) وتم تعديد أسمائهم وتصنيف مناطق سكنهم لتوضيح الانتشار العددي والمناطقي، ثم انتهت بقائمة من النكات التي اطلقها الناس على صاحب الفكرة بعد أن ألقمته الوزارة حجراً، وكشفت مدى حرصها على انجاح المشروع، حتى وإن كانت الحقائق تشير الى أن النسبة الأكبر من العاطلين هم من تلك الطائفة، واذا كان المشروع سيوظف أبناء الشيعة العاطلين عن العمل لكونهم يمثلون النسبة الأكبر من المتعطلين، فما الغريب من توظيف موظفين هم أساساً على قائمة (المؤقتين) أو تحت مسمى (العاطلين) أصلاً؟

مثل هذه الأهازيج الصحافية لا تعني سوى فقدان البوصلة… لكن أية بوصلة

سعيد محمد سعيد

بحرينيون

 

من المفردات التي تكررت في الفترة الأخيرة، والتي نتمنى ألا تتكرر إطلاقاً في أي ظرف تمر به البلاد.. مفردة «حق التعايش بين الطوائف»!

فمع اشتداد بعض الأزمات الطائفية البغيضة الصادرة عن أفراد من كلا الطائفتين، ومن متشددين متزمتين من كلا الطرفين، يتحدث بعض الطيبين، ومن دون قصد، ينادون بضرورة «التعايش السلمي بين الطوائف في البحرين»! وكأننا نتحدث عن مجتمع (فقد سلمية التعايش) ولزاماً على كل قواه السياسية والاجتماعية ورموزه، العمل من أجل إعادة الأمور إلى نصابها والدفاع عن ذلك الحق.

لست من المطالبين بحق التعايش السلمي بين الطوائف بقدر المطالبة بتأكيد الحقوق (حقوق المواطنة) التي كفلها الدستور وجعل المواطنين سواسية! وكذلك حقوق المواطن في ممارسة معتقداته وشعائره الدينية في أمان وطمأنينة وحرية، ومن هذا الحق ندخل إلى حماية المواطن من جانب الدولة حين يتعرض لحملة من التسفيه والتكفير والإخراج من الملة عن طريق منشورات وكتيبات وكتب وأشرطة توزع في مساجد وجوامع وجمعيات… بل وتصل إلى المدارس الثانوية وربما للطلبة في كل المراحل!

ومع شديد الأسف، فإن هناك فئة كبيرة في المجتمع البحريني تصب النار على الزيت، وهم أولئك المتدينون المتعصبون من الطائفتين الذين يحفرون للوقيعة بين أبناء كلا الطائفتين… ولأننا في هذا المجتمع دائماً ما ننظر بعين واحدة ونسمع بأذن واحدة، أريد التأكيد على العبارة التي قلتها «هناك فئة كبيرة من المتدينين المتشددين» ولا أعني قطعاً كل المتدينين وكل المنتمين إلى التيار الإسلامي والمعتدلين منهم، فبهذه الممارسات السيئة، لابد للمجتمع أن يعريهم – المتعصبون – ويفضحهم ويتصدى لهم… بدلاً من الحصول على مريدين من (الصبية) من هنا وهناك يهتفون بأصواتهم وينشرون قباحاتهم ويقدمونها ويدافعون عنها!

البحرينيون عموماً يمتازون بقائمة أخلاقية طويلة وبنفس من القيم الدينية والاجتماعية… أما القطيع الجديد من عشاق تفتيت المجتمع وزراع الأحقاد وهواة التدمير، فليس لهم مكان في هذا المجتمع إلا في كهوفهم المظلمة يتعفنوا فيها

سعيد محمد سعيد

إلى أي معسكر تنتمي؟

 

اليوم يوم جمعة، وهو يوم مبارك فيه الكثير من الفضائل، ولأنه يوم إجازة، فإن الكثير من القراء يفضلون قراءة الصحف وقت الضحى، أو بعد العودة من صلاة الجمعة – نسأل الله أن يتقبل من الجميع صالح الأعمال – في استراحة الغداء.

ولا شك في أن تلطيف الأجواء بين الأهل والأصدقاء والخلان أمر محبب في مثل هذه الأيام… فيكفي الناس تذوق مرارة أيام العمل والضغوط النفسية والبدنية. ولذلك، لن أتحدث عن موضوع (المعسكرين) المنتشرين بين البعض بأفكار تثير الضحك تارة والقلق المزعج تارة أخرى سببها سذاجة تفكير البعض وسوء تحليلهم… لن أتحدث عن هذا الموضوع الذي أعجبتني في أجوائه نقطة واحدة: وهي أن الكثير من القراء، من الطائفتين الكريمتين، عبّروا عن امتعاضهم واستيائهم من التأويلات السلبية التي تصدر من أي كان، فقط من أجل تعكير صفو الناس دونما تأمل في النتائج.

عموماً، دعونا نلطف الجو بالحديث عن بعض معسكرات هي الأكثر انتشاراً في المجتمع البحريني، وهي معسكرات في الواقع جميلة ومؤنسة للنفوس وليس فيها شيء من تثقيل النفوس وتربية الأطفال والنشء على الحقد والكراهية:

– معسكر ويل بالانس: وهو معسكر يلتقي فيه الفنيون من مختلف الجنسيات، وهم متخصصون في تصليح الإعوجاج الذي يصيب إطارات السيارات (الرنات)، وفي مقدورهم أيضاً تصليح الإعوجاج الذي يصيب أرجل البعض فيجعلهم يسيرون بالمقلوب.

– معسكر أبو جوزة: وهو معسكر ينضم إليه الكثير من محبي اللوز والجوز، وهو يعنى بتدريب الناس على تحديد نوعية الأشياء من منطلق المثال القائل: «مو كل مدلقم جوز»، والتدريب ينصب على جعل المشاركين يتقنون النظر والسمع والتحليل والاستنتاج.

– معسكر أم الشوك: وهو كسابقيه، ملتقى للأصدقاء والأحبة والعشاق، لكنه يجمع عينات معينة من الناس الذين كثيراً ما يتعرضون للهفوات والسقطات ليدربهم على كيفية المشي في دروب مليئة بالشوك من دون أن يتضرروا فيكتسبوا مهارات التعامل مع أشد الأشواك وخزاً وحرارة وتأثيراً في الجسد.

– معسكر الطبل: وهو معسكر يجتمع فيه الكثير من المغفلين والسذج! ومن مميزاته أنه يساعد الناس الذين يعانون من البلاهة ويتعرضون للإهانات والشتائم (روح يالطبل… تعال يالطبل)… هذا المعسكر مفيد للطبول والتنابل، إذ يزرع فيهم مهارات التعامل مع المواقف الغبية بحنكة عالية.

وهناك معسكرات متعددة، محلية وإقليمية، لكن هناك حاجة إلى تنظيم قانوني، وقبله قانون الضمير، حتى لا يأتي من يشاء ويسجل الناس في معسكرات كما يحلو له.

سعيد محمد سعيد

فزاعات!

 

حين يتحدث بعض المواطنين والمقيمين من عامة القراء – ونعني بهم أولئك غير المتخصصين في الإعلام – عن مستوى أداء بعض الصحف المحلية وصحافييها، فإنهم يباغتون المستمع إليهم وهم يحللون بعض النصوص الإخبارية والتقارير بل وحتى الردود أو التعقيبات ويكشفون (النزعة الخفية والمآرب الخلفية)، فيضعون اليد على بضع نقاط يجب على كل صحيفة محترمة أن تستحي منها… أو هكذا يجب!

المشكلة ليست هنا في دور (الفزاعة) الذي تقوم به بعض الصحف! المشكلة هي في الحكومة وفي المسئولين وفي متخذي القرار الذين يرتعبون خوفاً وهلعاً من تلك الفزاعة التي تقدم لهم خبراً – بلا مصادر ولا وثائق ولا معايير منطقية أصلاً – وربما ترتب على ذلك (الخبر المعلب سابقاً) عواقب ونتائج سيئة قد تصل الى إثارة نوع من الحساسية في العلاقات السياسية بين الدول، لا سيما في الأوقات التي تمر فيها المنطقة بوضع حرج يتطلب حنكة في التعامل الدبلوماسي.

زد على ذلك، أن استخدام اسلوب (بالونات الاختبار) لكثير من القضايا المحلية والاقليمية، لا يمكن أن ينجح في إعطاء معلومات استباقية أو تقييم تمهيدي مبني على الفزاعات الكاذبة، ولا شك في أن خبراً (بلا وجه ولا يدين ولا عيون ولا أذنين) كذلك الذي يشير الى تدخل دولة من دول المنطقة في شئون بلادنا عن طريق ارسال دعوات أو تذاكر سفر لعدد من الإعلاميين (المحددين) أو إرسال (كارتون طماط) أو (خيشة عيش) لعدد آخر منهم يدل دلالة قاطعة على نية مبيتة سوداء لتلك الدولة للتدخل في الشئون الداخلية فهو أمر مضحك… كيف يكون مضحكاً؟

أولاً – لا يعوز الدبلوماسية البحرينية، ولا النظام الاستخباراتي ولا الثوابت البحرينية التي تقوم عليها السياسة البحرينية أن تعتبر خبراً صحافياً مشلول اليدين والرجلين مصدراً لمعلومات خطيرة ومثيرة للقلق توجب تحركاً يدرأ الخطر.

ثانياً – لم تعد الأمور خافية اليوم، والكل يعلم ما تعنيه الإشارة الى إيران أو الى غيرها من الدول، وربط الشيعة في البحرين والخليج بكل شاردة وواردة وكأنهم مواطنون فعلاً يتبعون تلك الدولة كما يحلو لأصحاب الفزاعات الترويج له! ولم لا طالما هناك مئات الآلاف من العقول التي يمكن أن يدخلها التلفيق بسهولة.

ثالثا – وهو الأهم، أليست هناك جرأة في تقديم خبر صحافي صريح وجريء ومتكامل الأطراف من دون تخفي أو تورية طالما الأمر بهذا المستوى من الخطورة؟

لكننا نحمد الله أن لدينا قارئاً يحلل، ومسئولاً يقرأ بعض الأخبار ويسخر منها لأنها فعلاً (مهزلة)!

سعيد محمد سعيد

كيف تربي طفلاً «إرهابياً»؟

 

هل نملك الإجابة على تساؤل كهذا؟! فمن الذي يعرف طريقة مثلى لتربية طفل سليم من الناحية الجسمية والعقلية والتربوية والخلقية؟ ومن الذي يتقن أسلوب تربية طفل إرهابي؟

سؤال آخر: هل تذكرون قصة صبي عبث مع الشرطة في دولة خليجية مدعياً أنه إرهابي يريد تسليم نفسه؟ هذه القصة، ليست مجرد عبث صبياني كما يعتقد الكثيرون، أو هي مزحة عابرة فرضتها الظروف ودراماتيكا الموقف.

إن المسألة هنا، تكشف أول ما تكشف لنا ذلك التأثير الخطر الذي يتسرب الى عقول ونفوس الأطفال والناشئة سواء كان ذلك عبر مسلسلات كارتونية أو قصص أو ألعاب كمبيوتر أو من خلال الشخصيات التلفزيونية وكذلك الحال بالنسبة للتأثر بالمجموعات والعصابات الإرهابية. فحين يتأثر أولياء الأمور ببعض الرموز ويحلفون برأسها ويقدسونها ويبجلونها ليل نهار، يتغذى الأطفال على هذه الأفكار المخيفة شيئاً فشيئاً. مقتدين بأولياء أمورهم في هذا السياق!

وهناك جانب يثير في النفس الألم. كيف بالله يمكن أن ننظر الى طفل أو صبي تأثر بممارسات اجرامية من محيطه وتلبس بها حتى في مزاحه وكان الأجدر به أن يمارس طفولته أو صباه بكل ما فيها من براءة وانطلاق ونشاط واقبال على الحياة. لا على الموت والإرهاب والتقتيل والشرب من كأس الدماء الذي لا يمتلئ عند كثير من (دراكولا) الإرهاب!

حتى الآن، لايزال القطب الأقوى في هذا الأمر متهاوناً متلكئاً غير آبه… نقصد بهم علماء الدين الأفاضل من مختلف الطوائف وكذلك المعلمين والمعلمات.

بصراحة، أصبح الكثيرون يخافون حتى من مجرد الحديث لتوجيه الطلبة ضد ما يمكن أن يدخل تحت طائلة التحذير من الأفكار الخطرة ظناً منهم أن هذا الكلام قد يجعلهم محط اتهام بالتحريض على كره الدين وكره علماء الدين!

وكلنا يعرف، أن تأثير علماء الدين على الناس أكثر من تأثير أي طرف آخر، ولهذا تصبح مسئولية الكلمة والإرشاد والتوجيه، مهمة مقدسة لا يقوى على حملها إلا العالم العامل.

كانت كلمة الحق الموجهة لتحذير الأطفال والناشئة من التشدد والتطرف والعنف والقتل وانتهاج الوسطية تعتبر انتهاكاً للدين فلنسأل: أي دين هذا؟

سعيد محمد سعيد

هيئة وطنية لمكافحة الطائفية

 

من الأماني الكبيرة، والطموحات الخالصة، أن تتشكل لدينا في البلاد – وعلى المستويين الشعبي والحكومي – هيئة وطنية تمتلك القوة للتصدي لكل أشكال الطائفية وممارساتها في البلاد.

كانت تلك الفكرة، وغيرها الكثير من الأفكار التي راودت محدثكم على مدى سنوات، لكن مجرد طرح الفكرة على بعض الناس كان يقود إلى حال من الترهيب اللامحدود: «أنت بذلك تريد أن تقول إن البلد غارق في الطائفية أليس كذلك؟ قف عند حدك؟» أو من قائل: «الكل في بلادنا يحارب الطائفية… الكل جند مجندة ضد الطائفية، فلم هذه الهيئة وما أدراك ما الهيئات؟ ثم مجرد الفكرة تعني أنك… طائفي».

على أي حال، لا يمكننا أن ننكر حقائق نعايشها بشكل يومي… الطائفية التي لا تريد الحكومة أن تضربها (بيد من حديد)، ولا يريد المواطنون مواجهتها بمواقف حقيقية نابعة من المسئولية الوطنية، ولا يريد أحد كائناً من يكون، أن يعترف بها لكي يتخذ منها موقفاً يرضاه ضميره… بل على العكس من ذلك، هناك من يتبنى النفس الطائفي البغيض وبصورة تخلو من الإحساس بالمسئولية.

ليس مهماً أن يكون كاتباً أو كاتبة صحافية معروفة ومرموقة لكي يتفق الناس على أنه/ أنها عباقرة زمانهم، وأنهم يقولون القول الفصل حين يتحدثون عن قضية لها صبغة طائفية بحتة! وليس صحيحاً أن يخرج علينا نائب أطلق المجال للحيته، ولأنه تعلم بعض أصول تجويد قراءة القرآن الكريم، وصلى بالناس جماعة أو جمعة وخطب فيهم خطبتين، فإنه بذلك ولي الله الصالح الذي تنزه عن الأخطاء وعصم نفسه عن الوقوع في الزلل! وأنه حقيقة، ذلك الإنسان الذي يمتلك صكوكاً خاصة ليدخل هذا الجنة ويرمي بالآخر على وجهه في النار وبئس المصير!

مشكلتنا في بلادنا أن الكل (يتفلسف)… نعم، بمن فيهم محدثكم نفسه؟! ولماذا ننكر ذلك؟

لقد مرت البلاد، عبر العقود الثلاثة الماضية بتحولات مهمة، ولاسيما على صعيد العلاقة بين السلطة والشعب… بين القيادة والمواطنين، ومع ذلك، لاتزال المعضلة الطائفية قائمة… والغريب في الأمر أنها تتحرك تبعاً للمصدر، فإن كان المحرك شيعياً فالطائفة كلها متهمة، وان كان المحرك سنياً فإن الحكومة والطائفة السنية متهمة… وتقتلك الحيرة حين تجد رموزاً ووجهاء وشخصيات دينية ومسئولين… يتورطون في الطائفية

سعيد محمد سعيد

الدخول إلى منطقة حساسة

 

إذا كنا نقصد لفت نظر المسئولين وتوعية أنفسنا، وكذلك توعية الجمهور في بعض القضايا الحساسة، فإننا نرجو أن تكون ردود الفعل مبنية على حسن النية، ففي طرح بعض المواضيع، ولو بالشكل العابر، ما يثير حفيظة البعض ويدفعه لاتخاذ موقف أو الرد بصورة خشنة نوعاً ما.

لكن قبل كل شيء، نريد تقديم حسن النية في طرح الموضوع الذي بين أيدينا اليوم. وهو موضوع ظاهر حيناً ومبطن أحياناً أخرى. والدخول اليه بين بعض العائلات وفي المحاكم يعد اقتراباً من منطقة حساسة. ذلك هو الخلافات على الميراث التي تسبب نزاعاً وصراعاً بين الاخوة والأخوات يصل الى المحاكم حين تسوء الأمور.

للميراث أحكام شرعية نص عليها القرآن الكريم، لكن لسنا هنا نتحدث عن الأحكام التي صدرت في بعض القضايا وحيثياتها والخلافات عليها بين أصحاب الشأن، لكن من المهم تنبيه أولئك الذين يضعون أيديهم على حقوق إخوة لهم ويحرمونهم من الميراث مستغلين ضعفهم وجهلهم بالقوانين، وخصوصاً بالنسبة إلى الحالات التي لم يجر فيها تدوين في إدارة أموال القاصرين لخطأ ما أيا كان سببه.

وليس ذلك فحسب، بل حتى حين يتم توزيع التركة، تظهر الكثير من المشكلات بين المورثين وتتحول الأمور في بعض الأحيان الى نوع من التخطيط من طرف ضد طرف آخر، وتتكون الكتل بين الإخوة والأخوات وتزداد الأمور تعقيداً كلما كانت التركة كبيرة. وبالعودة قليلاً الى ملفات وقضايا مطروحة أمام المحاكم منذ سنوات، أو استذكار بعضها، يمكن تخيل حجم الخسارة الكبيرة التي تمنى بها الأسرة حين يتفكك أفرادها من أناس يجمعهم دم ولحم الى أعداء متضادين متناحرين.

وكثيراً ما تترك مثل هذه القصص مشاعر حزينة بين المقربين الذين يعلمون بحقيقة ما يجري، فحرمان بعض المستحقين من حقوقهم في الإرث بسبب قوة طرف من «الإخوة» ينبئنا بأن المادة أصبحت أكثر قدسية من الدم والقرابة، ولعل هذا ما جسدته الفنانة فخرية خميس في المسلسل اليومي «الاتجاهات الأربعة»، إذ مثلت دور الأم التي تفقد زوجها، لتتحول العلاقة بين الأبناء إلى صراع على التركة تحول حياتهم الى جحيم.

سعيد محمد