شاهدت هذا الاسبوع في سوق الكوت والمارينا ـ الله يعز B.O.T وعقبال سوق افنيو الرائع القادم والقائم على الدائري الخامس ـ فيلمين أولهما سيئ وهو فيلم جيمس بوند الجديد الذي امتاز بثقل دم بطله، وتعقيد قضيته وخلوه من الحركات البهلوانية الخارقة والاختراعات المبتكرة التي تمتاز بها أفلام جيمس بوند المعتادة.
الفيلم الثاني هو فيلم جميل صورت أغلب مناظره في جبال اسكوتلندا الساحرة واسمه «الملكة» وتدور أحداثه حول ما حدث في الاسرة المالكة البريطانية العريقة ابان مقتل الاميرة ديانا، واضطرار الملكة للاختيار ما بين التقاليد المتوارثة التي تفرضها البروتوكولات الصارمة حول عدم المشاركة في دفن فتاة لم تعد تنتمي للأسرة المالكة، وبين رغبة الشعب في كسر تلك التقاليد وإظهار إنسانيتها عبر مشاركة شعبها الحزن على أميرة القلوب.
وقد لعب رئيس الوزراء الشاب آنذاك توني بلير دور الناصح الأمين للملكة التي تجاوبت مع نصائحه فأصبحت «ملكة القلوب» وتحول الرأي العام من الاستياء الى الود، ومن الازدراء الى الحب، وكان من أجمل صوره عندما سألت الملكة طفلة صغيرة ان كان بإمكانها أخذ بوكيه الورد منها لوضعه على قبر الأميرة ديانا، فأجابتها الطفلة الصغيرة بأنها ترفض ذلك، وقبل أن تستفيق الملكة من ذهولها استطردت الطفلة قائلة ببراءة إن ذلك الورد ليس للأميرة، بل للملكة التي أصبحت محبوبة الناس.
ان الاعتقاد أن الناس اللي فوق لا مشاكل لهم أو أنهم يفتقدون الحس الانساني أمر لا صحة له، والتجربة العربية المعاصرة تثبت أن أصحاب الدماء الزرقاء، إن صح التعبير، كانوا أكثر حساً وانسانية ورقة ممن أتوا بعدهم، فلم تتلطخ على سبيل المثال أيادي الملك فاروق وفيصل الثاني وإدريس السنوسي بدماء أعدائهم وخصومهم السياسيين، بينما خاض من أتى بعدهم في دماء الابرياء والاصدقاء قبل الاعداء حتى الاعناق ثم دمروا البلدان التي وعدوا الناس بالحفاظ عليها.
ان تجربة العصر الحديث في منطقتنا تثبت كيف استغل الخبثاء والاشرار الديموقراطية الخيرة وحرية الاعلام لبث الاشاعات المدمرة وتسويد الصورة العامة أمام العامة عبر تصوير كل شيء بالخراب وكل أمر بالفساد، ولم تخلق الحكومات الديموقراطية في تلك البلدان خططا مدروسة توضح الحقائق وتكشف الخفايا وتقارع الحجة بالحجة من مبدأ ان البضاعة الجيدة لا تحتاج للإعلان عنها، وان الشعوب أذكى من أن يخدعها المخادعون، وقد أثبتت التجربة التاريخية المرة تلو الأخرى الخطأ الفادح لذلك النهج، فالحقوق في النهاية تحتاج الى حلوق… وما هو أكثر من ذلك.
آخر محطة:
من الحقائق التي لم يتطرق لها الفيلم أن مشاركة الملكة قد تمت بناء على توصية لجنة خاصة تسمى «WAY AHEAD COMMITTE» التي ترأسها الملكة والتي تناقش عادة التحرك الأنسب للقصر فيما يخص القضايا العامة والتي منها النظر مؤخرا في القانون الصادر عام 1701 والخاص بعزل الأمير الذي يقوم بالزواج من كاثوليكية، وهو ما لاقى استحسان بابا روما.