سامي النصف

نحو قواعد جديدة للعبة الديموقراطية في الكويت

ضمن أنشطة المؤتمر الثالث لكلية العلوم الاجتماعية ترأست بالأمس ندوة شائقة قارن فيها د.عبدالله هدية دستوريا بين الديموقراطية في الكويت وفرنسا من حيث الممارسة القائمة، وأظهر الباحث أن الديموقراطية الكويتية ـ ومثلها اللبنانية ـ واسعة الصلاحيات، بينما تقترب التجربة الفرنسية من الصورية بسبب سلب كثير من صلاحياتها ابان حكم الجنرال ديغول، حتى انها لم تعد تقوم بدورها الأصلي، أي التشريع، وانحصر دورها في أربعة موضوعات فقط تدور حول الحقوق المدنية للمواطن.

د.ساجد أحمد الركابي عميد كلية الحقوق في جامعة البصرة قدم بدوره ورقة مؤثرة عن التنمية السياسية وحقوق الانسان في العراق، أظهرت في جانب منها ما لم يعد خافيا من ان التجربة الديموقراطية القائمة في أرض الرافدين لم تنقذ البلد، بل أصبح في ظلها ينحدر سريعا الى الهاوية لانعدام الحد الادنى من الاتفاق بين تكوينات المجتمع العراقي، ومن ثم تحول القتل والقمع من القصر الى الشارع.

يتزامن هذا مع ما نراه في لبنان من معادلة مستحيلة أصبح فيها ما يرضي ويفرح نصف الشعب اللبناني يزعل ويبكي نصفه الآخر، وتحول الموقف العام الى كوميديا سوداء شبيهة بالقصة التراثية حول الرجل الذي ركب قطاراً فوجد بمعيته سيدتين إحداهما ستموت لو فتح نافذة القطار، والأخرى ستموت لو أغلقها، وقد بان للعيان ان لا أمل هناك في حل أزمة الديموقراطية في لبنان المستمرة منذ عهد الاستقلال.

إن اللعبة الديموقراطية المنقوصة في فرنسا نجد مثيلا لها في الولايات المتحدة التي أعطت لفرد واحد هو شخص الرئيس صلاحيات تفوق صلاحيات الكونغرس المنتخب من 300 مليون أميركي مجتمعين، وهو أمر مطابق للحال في الديموقراطيات الغربية ودول شرق آسيا التي تضع التنمية والرفاه والتقدم والحفاظ على السلم الاجتماعي هدفاً أول لها، ومن ثم تتغير صلاحيات البرلمانات اتساعا وضيقا لتحقيق ذلك الهدف السامي.

وبالمقابل نجد أن بعض دول العالم الثالث أخذت بمبدأ «الديموقراطية لأجل الديموقراطية» و«الحرية لأجل الحرية» على نمط مقولة «الفن لأجل الفن» الساقطة، فلا يهم ان دمرت البلدان أو توقفت التنمية أو أفقر الناس أو حتى حدثت حروب أهلية كما حدث في لبنان الأمس وعراق الغد مادامت تلك الكوارث تمت تحت راية مدغدغة هي «إن في بيتنا ديموقراطية»!

إن أي مقارنة منصفة وغير منحازة بين الممارسات الديموقراطية في الكويت ابان حقبة الستينيات حتى الثمانينيات وما نشهده في السنوات الاخيرة تظهر بشكل واضح انحدارا في تلك الممارسة نخشى أن يأخذنا معه للمثال اللبناني أو العراقي، حيث كثر الصراخ والصياح دون طحين للناس، ما لم نصحح المسار، فنندم حين لا ينفع الندم.

إننا بحاجة الى قواعد جديدة للعبة الديموقراطية الكويتية تضمن لنا السلام الاجتماعي وتعزيز الوحدة الوطنية ووضع مركبة البلد على سكة التنمية الحقيقية التي تجعل الآخرين يشيرون الينا كالقدوة في التصرف والمثل في الانجاز لا الاخفاق وتلك القواعد الجديدة التي تقضي على الاخطاء وتعدل المسار لما فيه خير البلد لن تأتينا منزلة من السماء، بل علينا أن نخلقها نحن جميعا على الارض عبر منهاجية الغرف المغلقة التي تضم الحكماء والانقياء والاذكياء وأصحاب الضمائر الحية والنوايا السليمة من محبي الكويت.

آخر محطة:
حكم المحكمة الدستورية الأخير أوقف ممارسة خاطئة قائمة منذ الستينيات كانت تتم خلالها محاسبة الوزير على أعمال تمت قبل تقلده الوزارة، هل لنا بحكم من المحكمة الدستورية يوضح مَن من النواب الأفاضل من حقه ان يعلن أنه يقوم بجمع أصوات طرح الثقة في الاستجوابات حتى قبل أن تعلن محاور الاستجواب والردود عليها؟

سامي النصف

الإرهاب في كلية العلوم الاجتماعية

تم بالامس افتتاح انشطة مهمة ضمها المؤتمر الدولي الثالث لكلية العلوم الاجتماعية تحت شعار «العلوم الاجتماعية والدراسات البينية من منظور تكاملي» وتستمر اليوم والغد الانشطة التي يقودها عميد الكلية د.يعقوب يوسف الكندري ونخبة من دكاترة الكلية وتضم حشداً هائلاً من كبار اهل الاختصاص في الكويت والوطن العربي والعالم.

وقد حضرنا بالامس محاضرة البروفيسور اوسكار سيلادور من جامعة مدريد وتطرق بها لحقوق الانسان والاقليات الدينية في اوروبا، وعرج خلالها على اشكالات دخول تركيا الى الاتحاد الاوروبي، مما سيرفع عدد المسلمين في اوروبا من 18 مليوناً كما هو الحال الآن الى 70 مليون مسلم سيحق لهم التنقل بحرية في القارة الاوروبية، واظهر صعوبات ذلك الدخول، حيث متطلبات حقوق الانسان التي لا تلتزم بها تركيا حسب قوله اضافة الى عدم اعترافها بإحدى دول الاتحاد الاوروبي وهو امر يخل بشروط الانضمام.

وورقة مهمة تقدمت بها د.كارين فيست التي يملأ التعريف الخاص بها (207) عدة اوراق حول علاقة الولايات المتحدة بالارهاب والتي قسمتها الى مراحل:

الاولى حقبة الستينيات، مرحلة خطف الطائرات الى كوبا، والثانية احتجاز الرهائن في طهران والثالثة اختطاف الغربيين في بيروت في الثمانينيات والرابعة المواجهة الحالية مع تنظيم القاعدة، ورأت الباحثة ان تجارب الماضي تظهر انتهاء الارهاب بالتفاوض وليس بالمواجهة، وان المواجهة الحالية ستنتهي كذلك بالتفاوض مع «القاعدة» لا بالمواجهة.

وكانت لي مداخلة مع د.فيست اوضحت لها وجهة نظري بأننا لا نقارن تفاحاً بتفاح كما يقول المثل الاميركي، فارهاب الستينيات وعمليات خطف الطائرات واقتحام السفارات في السبعينيات التي قامت بها بعض المنظمات الفلسطينية ومثلها عمليات احتجاز الرهائن في الثمانينيات في طهران وبيروت كانت تقف خلفها جميعا «دول» ثورية او قومية او ماركسية، ومن ثم يصبح التفاوض معها في نهاية المطاف عملية سهلة، بينما لا توجد دولة في العالم بعد سقوط نظام الطالبان تمثل او تدعم ذلك التنظيم الذي انقسم كما يقال الى عشرات او مئات التنظيمات الصغيرة، ومن ثم فمن ستفاوض الولايات المتحدة لانهاء ارهاب «القاعدة»؟

د.كازو تاكاهاشي من جامعة اليابان طرح قضية خطيرة تتطور في شرق آسيا وهي المواجهة المتصاعدة بين الصين واليابان حول عدة جزر مختلف عليها تحتوي على موارد النفط والغاز العطشان لها كلا البلدين، وكان تعقيبنا على ورقته ان الخلافات الحدودية هي كالالغام التي لا يعرف احد متى تنفجر ومدى الاضرار الناتجة عن تلك الانفجارات متى ما حدثت، واشرت الى حقيقة غياب مرجعية قارية «آسيوية» كحال القارات الاخرى تستطيع احتواء ذلك الخلاف متى ما بدأ يتحول من بارد الى ساخن.

د.كمال عثمان من جامعة الكويت تحدث باسهاب في ورقته عن الاحداث في السودان وتحديدا في دارفور، وانها مثال لازمة الدولة الحديثة والتي تنعكس تبايناتها العرقية والدينية واللغوية على ادائها السياسي، وكان تعقيبنا على الدكتور الفاضل ان تلك التباينات وعدم التجانس قائم في اغلب اذا لم نقل جميع دول العالم دون اشكال، وان الازمة لها شق اجتماعي، حيث النظرة الفوقية او المتعالية التي تنظر بها بعض مجتمعاتنا العربية لشركائها في الاوطان كحال الاكراد في العراق والبربر في شمال افريقيا والافارقة في السودان، وشق سياسي حيث ان طول امد الاقليات بالقمع العسكري والخراب الاقتصادي المستمر منذ عقود من بعض عواصمنا العربية جعلها تلجأ ضمن الظروف الدولية المواتية للنضال وطلب الانفصال.

سامي النصف

قضايا محلية متنوعة

يقال ان ضربة بالرأس توجع فكيف بضربتين على رأس السوق المالي الكويتي ممثلتين بالإفصاح وفسخ عقد الوطنية، في وقت تسعى فيه الدولة جاهدة لتحويلها لمركز مالي خليجي وعالمي متميز، مرة أخرى يرجى النظر للمصلحة العامة ومصلحة الكويت ومواطنيها في تلك الأمور، فإن كانت مع فسخ العقد فُسخ، وإن كانت مع استمراره تم الرجوع عن القرار دون اضرار.

لو ذهبت لمقاطعة فرنسية تشتهر بالعنب وسألت حتى أطفالها عن زراعة العنب والصناعات القائمة على منتجه لأجابوا إجابة كاملة لا نقص فيها، بالمقابل ظلت الكويت تعتمد كلياً على النفط خلال 60 عاما كمصدر وحيد للدخل، إلا ان الثقافة الثورية المستوردة اسمته بمصدر النقمة وألقت عليه كاذبة بكل الموبقات الاجتماعية التي تصاحب عملية الحداثة، مما جعل أبناءنا لا يفقهون ولا يفخرون بذهبنا الأسود حتى ونحن نعيش حقبة الاستغناء التدريجي عنه كمورد وحيد للميزانية لصالح التحول لسياسة المركز المالي.

وبالمقابل يجب أن تترجم سياسة المركز المالي والسياحي نفسها بعمل يقام لتسويق الكويت وثقافة جديدة تسود، فمن بديهيات شعوب المراكز «المالية» كسنغافورة وسويسرا ولوكسمبورغ حسن التعامل مع «المال»، بينما نلحظ نحن بالمقابل التسابق لتسفيه واحتقار المال عبر صرفه المجنون على إسقاط الديون وشراء الود السياسي، حاله كحال استقطاب السياح والمستثمرين عبر الشخط بهم من الوصول حتى التوديع.

ولا سياحة ولا استثمار وسط زحامات مرورية خانقة، لذا خذوا دستة حلول لبعض الزحامات المرورية ولن تكلف شيئاً، زيادة السرعة على الدائري الرابع المسمى أبوالزحامات الى مائة أو مائة وعشرين كم، فيما عدا الجسور التي يجب ان تبقى على 80 كم ستضمن اخلاءه السريع وعدم ازدحامه أغلب اليوم، كذلك العمل على إزالة الإشارات المرورية على الدائري الثالث مما يجعله يستوعب الحركة من الشويخ الصناعية الى حولي والشعب والنقرة بدلاً من اعتمادها على الدائري الرابع فقط.

خلق خط سريع للسيارات القادمة للعاصمة والتي تحمل 4 ركاب وما فوق ولاستخدام الباصات كذلك سيجعل كثيرين يتشاركون بالسيارات بدلاً من كل راكب في سيارة وهو ما يسبب الازدحام، او يستخدمون وسائل النقل الجماعي.

أوكلوا مواقف ومخالفات العاصمة والمدن لشركات خاصة تحصلها وتضع العدادات لها وسيمتنع كثيرون عن استخدام سياراتهم داخل العاصمة، اخيرا تطبيق الدوامين أو الدوامات المتعددة لن يخفف الازدحام فقط بل سيحيي ويبرر العيش في المدن الجديدة البعيدة، وسيزيد الانتاجية ويغير العادات الغذائية الضارة وينزل الأوزان، ويقلل الأمراض المستوطنة كالسكري والقلب والضغط المصاحبة للجنسية الكويتية.

سامي النصف

مسطرة ديوان المحاسبة

مر علينا دهر في الكويت كان المواطن يموت فيه قهرا لعدم تفاعل أحد مع المخالفات الجسيمة التي يدونها ديوان المحاسبة حول أداء ومخالفات بعض الوزارات والإدارات الحكومية وكان مجلس الأمة يشارك بذلك القصور عبر عدم الطلب الصريح بتصحيح تلك المخالفات الجسيمة.

ثم أتت بعدها مرحلة بدأت تأخذ فيها تلك التقارير طابع الجدية ولاحظنا حرص المسؤولين على تصحيحها كي لا تصبح أداة استجواب بيد المعارضة ثم ارتقى الحال الى ما صرح به سمو رئيس مجلس الوزراء قبل أيام من أن تقارير ديوان المحاسبة هي «مسطرة الحكومة» مما يحمل الديوان في الفترة القادمة مسؤولية ضخمة في التأكد من صحة ودقة التقارير المكتوبة وتحديد المسؤوليات فيها، وهل هي الجهات الحكومية أم الخاصة.

ومن ذلك فواضح أن صحة أو خطأ جهاز ما يجب ألا يحسبا بعدد المخالفات بل بجسامتها وتكرارها، فقد يرقب رجال الديوان عشر مخالفات صغيرة معتادة وغير متكررة في أحد الاجهزة تقابلها مخالفة واحدة متعمدة في جهاز آخر، الا ان تلك المخالفة قد تفوق بحجمها وجسامتها عشرات أو مئات المخالفات الأخرى.

ومما نرجوه أن ينظر رجال الديوان في تقسيم ما يدونونه الى «مخالفات» و«ملاحظات» حيث يجب أن يشمل جزء المخالفات ما يرى رجال الديوان الافاضل أن فيه تجاوزا مقصودا ومتعمدا على التشريعات الموضوعة أو تعديا على المال العام، وهو ما يجب أن يصبح ضمن مسطرة الحكومة التي تحاسب بها الجهات المعنية، أما جزء الملاحظات فيجب أن يشمل الامور الصغيرة التي تحتاج الى الانتباه لها وتصحيحها في الاعوام المقبلة، ومن ثم لا يجوز استخدامها كعصا ضد الوزارات المعنية ومسؤوليها.

وبودنا أن يمتد الجهد المشكور للاخوة الافاضل في ديوان المحاسبة الى المحاسبة على التأخير المبرر الذي تشتهر به بعض الدوائر الحكومية والذي يكلف الخزينة العامة مئات ملايين الدنانير كل عام، ان البيروقراطية وسياسة التسويف والتأجيل وعدم المبالاة تزيد كلفتها على المال العام من قضايا الحرمنة.

آخر محطة:
العزاء الحار لعائلتي الحنيف والعساكر لفقيديهما الشابين خالد ومحمد، فللراحلين الرحمة والمغفرة ولأهاليهما وأصدقائهما ومحبيهما الصبر والسلوان.

وإنا لله وإنا إليه راجعون.

سامي النصف

الحكمة، الحكمة، الحكمة!

المنطقة على شفا انهيار كامل لبعض دولها وقيام عدة حروب أهلية وخارجية لدول أخرى، وما سيتبعها من عمليات نزوح ضخمة تجاه الجوار، اضافة الى احتمالات حدوث انهيارات اقتصادية وافلاسات لدول ثالثة، لذا تقتضي الحكمة خلق حالة هدوء سياسي داخلي يبتعد عن التوتر والاستجوابات والمطالبات غير العقلانية لصالح علاقة حميمية، وكم أكبر من التشاور بين الحكومة والكتل السياسية والمستقلين، فهذا ما يطلبه الشعب الكويتي قاطبة حتى لا تأخذنا الاحداث الجسام على غرة.

«الوسطية» وان بدأت كخيار لمحاربة الارهاب، الا أنها تحولت الى قرار حكيم يجب أن نلتزم به جميعا وقاية لبلدنا من الاحتراق وسط منطقة ملتهبة لا يهدم دولها التعدد الديني والمذهبي والعرقي، بل التعصب المقيت لتلك الفروقات الطبيعية التي لا يخلو منها مجتمع من المجتمعات الحية.

وسط ضجيج عالي الصوت في البلد يبدو أن البعض نسي تماما مشروع تحول الكويت الى مركز مالي دولي كبديل استراتيجي لعوائد النفط، وهو الخيار الذي نخبئه لأجيالنا المستقبلية، دلالة هذا النسيان المطالبات الساخنة بإضاعة الاموال وإهدار الفرصة التاريخية على قضايا الدغدغة بدلا من صرفها على مشاريع البنى التحتية التي تنفع الجميع ومثل التزامنا بقرارات غير مدروسة تقتل النشاط الاقتصادي وتضر بمئات الآلاف.

وفي هذا السياق لا يمكن في أميركا تعيين مسؤول لوكالة ناسا لأبحاث الفضاء معروف عنه نظرته السالبة لتلك الابحاث ونشاطات العالمين بها، ان التجارة هي بديل النفط والواجب أن يكون مسؤولوها والقائمون عليها من أبنائها، ومن لا يتخذ قراراً أو يصدر قانونا إلا بعد التشاور مع أهل القطاع المعني وهو أمر يجب أن يعمم كذلك على جميع القطاعات الاخرى، حيث اختصصنا في الكويت بعدم مشورة المعنيين في القضايا التي تهمهم وتؤثر على قطاعاتهم.

تكرر لدينا إصدار قرارات مستعجلة ودون مشورة أهل الشأن مما يحوجنا في نهاية الامر الى العودة عنها وتلك العودة خير من التمادي بالخطأ والاصرار عليه للحقيقة الثابتة القائلة «ان خطأين لا يعملان صحا واحدا»، واذا كان من المآسي أن نصدر قرارا أو تشريعا دون دراسة متمحصة، فإن الالتزام بذلك القرار حتى لو دمرنا اقتصاد بلدنا وأضررنا بالآلاف من مواطنينا هو الكارثة بعينها.

أخيرا يذكر لي الصديق عبدالرسول أبوالحسن قصة تظهر كيفية التعامل بحكمة مع القرار الخاطئ في السابق، فيقول انه ابان تسلمه رئاسة مجلس ادارة بنك برقان وجد أن القانون ينص على ضرورة ارساله رسالة «مسجلة» لكل مساهم لحضور الجمعية العمومية، وقد رأى استحالة ذلك الأمر لوجود ما يقارب المائة ألف مساهم نصفهم لا يملكون عناوين واضحة، اضافة الى الكلفة المالية الضخمة لمثل تلك الدعوة، يقول ذهبت لوزير المالية آنذاك العم عبدالرحمن العتيقي وشرحت له خطأ القانون، فسألني ما الحل؟ قلت له استبدال ذلك المطلب بإعلان تنشره الصحافة، فقال توكل على الله ومر فقط على الفتوى والتشريع للتأكد من صحة القرار الجديد قبل اصداره وهو ما تم.

ان استخدام الدواء الأكثر ضررا من المرض أمر لا حكمة فيه حاله حال عدم حكمة الفرح والافتخار بنجاح العملية مادام الأمر انتهى بموت المريض الذي قصد من العملية في الأساس إنقاذه وإسعاده، وما أكثر موتى العمليات الناجحة التي نفتخر بها في بلدنا!

سامي النصف

لبنان بين السكين والبندقية

النصيحة التي أقدمها لكل كويتي يزور لبنان ان يبتعد عن الحديث في السياسة ويودع عقله ومنطقه لحظة الوصول ويرجعه معه عند المغادرة حاله كحال اللبناني الذي طلبت منه في مقال سابق ان يترك معتقده السياسي وانتماءاته الأخرى لحظة وصوله لمطار بلده وان يتلبس بلباس لبنان الوطن الواحد والنهائي وان يرجع تلك الانتماءات عند المغادرة.

وحال كثير من الاخوة اللبنانيين كحال من يعتزم المرور في غابة مليئة بالوحوش الضارية وله الخيار في ان يختار ما بين حمل سلاح كالبندقية الحديثة التي يجيد استعمالها ويعرف فنونها وفعاليتها وبين حمل سلاح كالسكين المثرومة التي لا يعرف حتى مقبضها من نصلها ومع ذلك يصر في كل مرة يدخل الغابة على ان يختار السكين رغم وفرة ما أصابه منها من جروح دامية واضرار جسيمة.

ان السكين المثرومة في المثال السابق هي السياسة التي لم يلعبها الاخوة اللبنانيون إلا تفرقوا وتناحروا ودمروا بلدهم، وأما البندقية الراقية فهي الاقتصاد الذي لا يوجد مثل اللبنانيين في الانجاز به، فكم من نجاحات باهرة حققوها في مشارق الأرض ومغاربها ولو استخدموا ذلك السلاح الفاعل في لبنان لأصبح أجمل واغنى بلدان المنطقة على الإطلاق.

ومما توقف إدراكي عن فهمه مقولة بعض اللبنانيين المتكررة والتي يستخدمونها لإقناع أنفسهم بأن ما يقومون به من اضرار ببلدهم وتفويتهم الفرص التي تمر عليهم كالسحاب أمر مبرر كونهم يتكونون من ديانات وطوائف مختلفة يصل عددها الى 18 طائفة، وليسمح لي من يؤمن بمثل تلك المقولة الخاطئة المتوارثة أن أخالفه الرأي بالمطلق كونه يحول أداة تنوع جميلة من الاضافة الى السلب.

ان بلد العرق الواحد والديانة الواحدة انتهى بانتهاء النازية والفاشية، فجميع بلدان الأرض ومنها المانيا وفرنسا واميركا واسرائيل تضم ضمن مواطنيها آلاف الأعراق ومئات الديانات والطوائف ومع ذلك لم يجعلوها وسيلة للاختلاف والشقاق واسترجاع التاريخ بطريقة خاطئة وتنمية الولاءات البديلة التي دمرت لبنان أكثر من مرة، ان اللبنانيين وبعكس التنوع العرقي واللغوي الموجود لدى الآخرين هم في النهاية عرب يتكلمون نفس اللغة ولديهم نفس التقاليد ويصعب التمييز بينهم لدى الآخرين ولا يعرف أحد للعلم ديانات وطوائف أغلب الشخصيات العامة اللبنانية من ساسة وكتاب وفنانين، وما دمنا لا نستطيع التمييز بينكم فلماذا لا تقلدوننا وتنسون تلك الفروقات الهامشية المتعلقة بالأغلب بصلة الإنسان بربه وهي علاقة خاصة.

آخر محطة:
يمثل السيد علي الأمين مفتي جبل عامل وسليل أسرة السادة العريقة، الوجه اللبناني الوطني والعروبي المشرف ويجب على دولنا وهي في صدد إعادة إعمار لبنان، إظهار الدعم الموجب لذلك التوجه الخيّر الباحث عن أمن وطنه ومواطنيه، وممن لا يرى حكمة في الزج ببلده الصغير في حروب الخارج والداخل.

سامي النصف

هل لنواب القروض قروض؟

 

هل هناك حكومة مثالية في العالم اجمع خارج نطاق مدينة افلاطون الفاضلة؟ نسمع هذه الايام بمن يقول بشكل عام ان الكويت تستحق حكومة افضل، او ان هذا الوزير او ذاك المسؤول غير مناسب لتحمل المسؤوليات الملقاة على كاهله، وهكذا تبقى الآراء والتساؤلات تطرح بشكل عام وغير محدد حول ماهية المسؤول الامثل والحكومة المثلى.

في البدء يقول المثل الكويتي «الجود من الموجود» ومن ثم لا يجوز لمواطن كويتي ان يطالب بوزير ألماني او سويسري فإن كانت هناك عيوب في بعض الوزراء فهي جزء من عيوبنا جميعا ولننظر للعود الذي في اعيننا قبل النظر للقشة التي في عينيه، مع اتفاقي الشديد على ان المسؤول يجب ان يكون القـدوة لنا جميعا في كل ما يقوله ويعمله.

وهناك المثل الشعبي الآخر الذي يظهر أنه لولا اختلاف الاذواق لبارت السلع وعليه فمن يراه البعض المسؤول المثالي في نظرهم قد يكون الأسوأ في نظر الآخرين والعكس بالطبع صحيح، واين الوزير او المسؤول الذي سيتفق عليه الخلق جميعا؟

وهم من اختلف على الانبياء المنزلين والرسل المعصومين، ان محاولة فرض الرأي الشخصي او التوجه السياسي للكتاب او النواب على شكل الوزارة امر يمثل اشكالا كبيرا ويحتاج الى حل سياسي واجتماعي دائم.

ومن ذلك لنسأل انفسنا جميعا:

هل الوزير المثالي الذي يرفعه عمله عن المساءلة والاستجواب ويحببه للناس والكتاب والنواب هو من يصرف جل وقته في تطوير عمله والتأكد من نظافة يده ويقضي الليالي في مكتبه بالوزارة جاهدا لخدمة وطنه، ام هو من يصرف ذلك الوقت في استقبال النواب والمواطنين وتوديعهم ثم يمضي بقية اليوم متنقلا من ديوان الى ديوان ومن لقاء اجتماعي الى لقاء؟

اخيرا، البلد متوقفة هذه الايام بسبب قانوني «القروض» و«الإفصاح» وفي هذا السياق اجد ان من واجبنا كمواطنين ومراقبين سياسيين ان نطلب من جميع النواب الافصاح عن ديونهم الاستهلاكية والحكومية وسنجد ان الامر سيتمخض عن 3 شرائح، الاولى من عليه قروض إلا انه ضد اسقاطها وفي هذا تجل وتجرد، والثانية من لا قروض عليه إلا انه يقف مع الاسقاط وهذا كذلك لا قول عليه، تتبقى الشريحة الثالثة ـ اي من عليه قروض قد تصل الى الآلاف او حتى الملايين ـ والتي يفرض مبدأ تضارب المصالح والعرف السائد ان تبتعد عن التصويت على قانون اسقاط القروض حتى لا تتهم بالاستفادة الشخصية في وقت لاحق في بلد لا اسرار فيه والدين النصيحة.

سامي النصف

أعمدة الحكمة السبعة في قضية القروض

1ـ لسنا الوحيدين في العالم ممن يمتلكون فوائض في ميزانياتهم كي نستخدمها في اسقاط القروض بل ان «دول البنوك» ممن تملك فوائض مالية اكبر منا كثيرا وتتسم عكسنا بديمومتها لم يطالب احد فيها بمثل ذلك الطلب، علما انه لا توجد فوائض مالية حقيقية في الكويت حال دفع ديون الدولة وكلفة المشاريع التنموية المقبلة من بناء مدارس وجامعات ومستشفيات ومطارات وموانئ تخلق فرص عمل، ويستفيد منها الجميع لا القلة من المواطنين، وللمعلومة ففوائض ميزانيات سويسرا وسنغافورة ولوكسمبورغ والنرويج وبلجيكا وغيرها تفوق بمئات المليارات فوائضنا المالية قصيرة المدى.
 
2ـ عدم دستورية الاسقاط وعدم عدالته وعدم شرعيته، فبالإضافة الى الفروقات بين المدين وغير المدين وبين المدينين انفسهم، نجد انه لو أن شخصين اشتريا نفس السيارة ولنقل ان سعرها 20 ألف دينار في نفس اليوم ونفس الدقيقة فمن اشتراها عن طريق بيت التمويل او البنوك فستسقط عنه كلفتها، اما من اشتراها عن طريق شركة السيارات نفسها لا تسقط عنه فهل بعد هذا الظلم والتمايز ظلم؟
 
3ـ مجموع ما هو مطلوب اسقاطه، حسب القانون المقترح، ليس 1.2 مليار دينار كما يشاع بل 6.4 مليارات دينار قابلة للزيادة، هي عبارة عن 4.5 مليارات دينار قروضا استهلاكية و1.9 مليار قروضا حكومية اي ما يقارب 20 مليار دولار، وهو ما يزيد على دخل الدولة لمدة عام كامل ولا يوجد في التاريخ القديم او الحديث من طالب بشيء قريب مما نقرأ ونسمع.
 
4ـ لم يتم «إسقاط» المديونيات الصعبة بل تم شراؤها من البنوك حتى لا ينهار الوضع الاقتصادي في البلد ويفقد المواطنون مدخراتهم ومازالت الصحف تنشر بين يوم وآخر افلاسات كبار وصغار التجار ممن خضعوا لذلك القانون، وذلك الشراء فرضته كذلك عمليتا انهيار سوق المناخ واحتلال الكويت وهما ظرفان قاهران لا مثيل لهما هذه الايام.
 
5ـ كما لا تجوز مقارنة اسقاط القروض بما يقوم به الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية كونه يقوم «بإقراض» الدول الاخرى ومنها ما حدث أخيرا مع اليمن وقد كان رأسمال الصندوق 900 مليون دينار كويتي، نمت الآن الى 4 مليارات دينار وقد كسبت الكويت اضافة الى مضاعفة اموالها ثناء ومدح ودعم دول العالم لمشاريع ذلك الصندوق الناجح.
 
6ـ عدد المدينين المعسرين ليس بالمئات او حتى عشرات الآلاف حيث ان كثيرا من ارقام المدينين هي عبارة عن مديونيات بسيطة قد لا تتعدى 20 دينارا لشركات الهواتف النقالة لذا لا يعقل ان تدفع 6.4 مليارات دينار من اموال الشعب الكويتي واجياله القادمة لأجل ما يقارب 8 آلاف معسر، كما تظهر الارقام الرسمية ممن يمكن النظر في احوالهم بألف طريقة وطريقة، علما ان 98% من المدينين يسددون بانتظام وهي من اعلى النسب في العالم لديمومة الوظيفة الحكومية والخاصة في الكويت.
 
7ـ المستفيد الاول والاكبر من هذا المقترح غير العقلاني والذي لا مثيل له في تاريخ الدول هو من اقترض الملايين لأجل شراء العمارات او الاسهم او التجارة، حيث ستسقط عنه تلك المبالغ التي ستتحملها الميزانية العامة للدولة ويبقى ما اقترض لأجله ملكا خالصا له.
 
أخيرا نرجو ان يضع المجلس وهو سيد قراراته خطوطا حمراء للدغدغة والمزايدات القائمة لأغراض انتخابية كي لا نصبح اضحوكة للعالم اجمع وإلا فمن سيمنع في الغد مقترحا آخر لدفع خسائر الاسهم او العقار او الاتجار او حتى توزيع موارد الدولة واحتياطات الأجيال المقبلة بين المواطنين بالتساوي في نهاية كل عام؟

سامي النصف

ظلم ومظالم

ليس أشد على النفس من رؤية ظلم ناجز يقع على الناس فلا يتصدى له أحد، وبعض الظلم يقع على الصغار وبعضه الآخر يقع على الكبار، الا أن طعمه ومرارته في الفم واحدة، وقد قرأنا ولحظنا فيما يدور حولنا مظالم عدة منها: حقيقة عدم الانصاف الذي يتعرض له وزير الاعلام وهو الخبرة والكفاءة الاعلامية التي استعانت بها أغلب المحطات الفضائية العربية عند انشائها، وبدلا من أن يعطى الفرصة كاملة حتى يجعل تلفزيون الكويت محط أنظار المشاهدين من عرب وكويتيين، يتم التعرض له بسبب عمليات الاصلاح ومحاربة الفساد التي قام بها ووفرت على المال العام عشرات الملايين، وهو ما أثار الضغائن عليه، ومن ثم تم القفز على الدستور حتى في محاربته، والذي ينص على عدم جواز محاسبة أي شخص قبل تسلمه مقاليد الوزارة حالنا كحال جميع الدول المتقدمة التي تستعين اداراتها الحكومية بالمختصين ورجال الاعمال كوزراء وسفراء ومدراء دون أن يتطرق أحد لأعمالهم قبل التحاقهم بالعمل الحكومي.

والحقيقة انه حتى تلك الأعمال الخاصة التي تركها السنعوسي ليتفرغ لوزارة الاعلام ليس فيها ما يشين أو ما يسيء، فمشروع الشوبيز ليس بنظام B.O.T كما يشاع، بل عبر تأجير مباشر من الدولة وستصرف عليه 10 ملايين دينار لينتهي عقده بعد سنوات قليلة، مما يعني أن الدولة ستحصل على ما يقارب 200 ألف دينار شهريا لأرضها المؤجرة، وهو سعر التأجير الأعلى في الدولة منذ انشائها، ومثل ذلك مشروع «السليل» الذي سيجعل الناس ترتحل من المدينة الى الجهراء بدلا من العكس، حيث ستوفر المطاعم والفنادق والمشاريع الترفيهية التي يفتقدها بشدة سكان تلك المدينة.

وضمن المظالم ما أصاب الزميل الاعلامي البارز يوسف الجاسم الذي ترك برامجه في «أوربت» و«العربية» التي كانت تدر عليه أكثر مما يدفع له من تلفزيون الكويت والذي جلب له من الاعلانات التجارية التي تبث ضمن برامجه ما يزيد بأضعاف مضاعفة عما يدفع له، وكان العشم أن نشجع وندعم الكفاءات الاعلامية الكويتية، لا أن نساهم بإحباطها وتطفيشها كونها فقط صديقة شخصية لوزير الاعلام، وهل هناك وزير سابق أو قائم أو قادم لا صداقات شخصية لديه؟!

ومن مظالم الداخل الى مظالم الخارج وما تتعرض له حكومة الاكثرية في لبنان من ظلم فادح، فقد جرت العادة ان تقمع وتقتل الحكومات قوى المعارضة، أما في لبنان فالحكومة وحلفاؤها هم من يتعرضون لعمليات القتل والقمع والاكاذيب والاشاعات، حيث فقدت تلك القوى خلال عام ونيف رئيس حكومة وثلاثة وزراء وعدة ساسة وإعلاميين، كما اتهمت بأنها تشتري وتغرق حلفاءها بالمال، لنكتشف عبر عملية الاغتيال الاخيرة أن أحد أبرز وزرائها ومرشحها المحتمل لرئاسة الجمهورية يمتلك سيارة كورية، هي الأرخص في البلد، مما مكن القتلة من تجاوزها وإيقافها وقتل من فيها.

آخر محطة:
في عملية إسقاط القروض التي سنتعرض لها لاحقا نرجو أن نشهد حوارا صحيا يعكس الرأي والرأي الآخر، لا إلقاء التهم واستخدام منهاجية التحريض ضد المسؤولين والنواب أمثال الفاضلين بدر الحميضي وأحمد باقر، والحديث ذو شجون.

سامي النصف

قضايا سياسية واقتصادية

اجساد الافراد يختلف بنيانها، لذا لا يعطي الطبيب جرعة الدواء نفسها لكل الناس، هذا الامر ينطبق على الشعوب، فجرعة دواء الديموقراطية يجب ان تختلف من شعب الى شعب، فهناك من اعتاد الديموقراطية في حياته وعبر تاريخه، لذا فلديه القدرة على تحمل جرعة اكبر من شعب آخر لم يعتدها، نذكر هذا الامر والمنطقة قادمة على «روشتة» ديموقراطية واحدة للجميع، ومن ثم فقد تنقذ بعض الشعوب من امراضها وقد تقتل بالمقابل بعض الشعوب الاخرى وتدمر اوطانها.

اسعار برميل النفط ومعها مداخيل الدولة قاربت على ان تفقد نصفها، وقد يستمر الانحدار مع وصول الديموقراطيين للسلطة في الولايات المتحدة، وهو امر يحوجنا الى اعادة النظر في مقترحات الصرف غير المنطقية وغير العقلانية والتي تعتمد على نظريات غير دقيقة، كالقول ان الاسعار ستظل مرتفعة بسبب النمو الاقتصادي في الهند والصين، وللتذكير فقط ففي منتصف الثمانينيات خرجت ايران والعراق من السوق النفطي، وكان مجموع صادراتهما اليومية يقارب 10 ملايين برميل، وبدلا من ان ترتفع الاسعار من 40 دولارا الى 80 دولارا انخفضت الى 8 دولارات فقط، لذا نرجو عدم التعويل كثيرا على منطقية اسعار سوق النفط غير المنطقية.

لقاء اعلامي جميل وصريح مع وزير الطاقة، ونقترح وهو في طريقه لاصلاح قطاع الكهرباء والماء وترشيد استخدامهما لمنع انقطاعهما عن الناس ان تبدأ الوزارة على الفور عملية وضع عدادات ماء وكهرباء جديدة للبيوت، كما يجب ان يوضع لكل شقة سكنية عداد خاص بها، فأحد اوجه الاسراف والهدر الشديدين قادم من ظاهرة التأجير الشامل، للكهرباء والماء في الفلل والعمارات.

اغلب القضايا الخلافية في العادة نجد فيها ما يقارب 10% متخندقين على الطرفين، ويبقى 80% في الوسط مستعدين لتبني احد المواقف حال اقناعهم بذلك، في قضية القروض الامر هو العكس تماما، فالاغلبية المطلقة قد تبنت موقفا ما لن تحيد عنه، فمن يرفض الاسقاط سيبقى على موقفه مهما قيل لعدم قناعته بعدالة وعقلانية الطلب، ومن يروم الاسقاط سيبقى كذلك على موقفه لشعوره بأحقية طلبه ويتبقى القليل القليل ممن سيتأثر بعمليات التأجيج القائمة، ومع ذلك يبقى مبدأ الحوار والرأي والرأي الآخر جميلا في كل الاحوال.

ردا على سؤال للزميل الاعلامي ناجح بلال حول ما اذا غيرت رأيي في الـ 25 دائرة وكانت الاجابة ان علينا جميعا انتظار الانتخابات القادمة على معطى 5 دوائر، فاذا ما قضى ذلك التغيير على مظاهر الرشوة وشراء الاصوات وأنهى عمليات التخندق الطائفي والقبلي والعائلي وابقى لنا ما نراه من تمثيل رائع لكل الوان الطيف السياسي والاجتماعي والديني، فسأكون اول المعتذرين عن خطأ موقفي السابق، اما اذا لحظنا بقاء جميع الظواهر السالبة واضيف لها ما نخشاه من سيطرة الكتل الكبيرة على الحياة السياسية واختفاء التنوع الجميل القائم، عندها سأطلب من كل من له موقف مضاد لتوجهي ان يقوم باعتذار مقابل.