سامي النصف

«الأشغال» وإعادة تنظيم الطرق

لفت انتباهي تغير حركة السير في عدد من الطرق السريعة، بعد استحداث تغييرات انشائية، مثل تقاطع شارع المطار المتجه الى العمرية مع الدائري الخامس، وقد تم بموجبه إلغاء الاشارة المرورية، وفتح طريق من خلف الجسر للوصول الى الخامس بالاتجاهين، فانتهت طوابير ازدحام كانت تنتظر الاشارة.

هذا التعديل حدث في شارع الفحيحيل، مدخل الأحمدي والصباحية، ويتم الاعداد لتكراره في 16 موقعا من التقاطعات التي أمكن التخلص منها بعد ان كلفت وزارة الاشغال مستشارا دوليا متخصصا بدراسة شبكة الطرق من الجانب الانشائي، وذلك في ضوء زيادة الكثافة السكانية في البلاد وتوقف عملية التطوير في شبكة الطرق لمدة تتجاوز 20 عاما، رغم إنشاء العديد من المناطق السكنية الجديدة، والتغير الجوهري في اتجاهات الحركة المرورية، الامر الذي يفرض مواكبته بمثل هذه التعديلات.

ان رصد الاخطاء والسلبيات يجب ان يرافقه رصد الاداء الجيد سواء بسواء، حتى يتضاعف كما ونوعا. الأهم من ذلك هو ان هذا النجاح لا يخص وزارة الاشغال فقط، بل هو نجاح لادارة المرور والبلدية، الامر الذي يتطلب الكثير من التعاون بين سائر الاطراف، واذا رأت اي جهة ـ كالبلدية ـ حركة نشطة كهذه، فإن التفاعل معها وتولي المسؤول الاول فيها عملية تذليل العقبات أمر يحسب لها وليس فقط لمن يقود المبادرة.
 
مثال على هذا الكلام، منطقة بوفطيرة التي تم تجهيزها للطرح كقسائم سكنية لم تتحول بعد الى «المناقصات» لطرحها للمنافسة، بسبب وجود بعض العوائق التي اذا لم تنقل فإنها ستكون مصدرا لاستحداث اوامر تغييرية من جانب المقاول وتتسبب في خسائر لا مبرر لها، في الوقت والمال.

ان تطوير شبكة الطرق له انعكاس على حياة البشر، وزيادة معدل السلامة، وتوفير الوقت في انجاز المعاملات، وخفض الضغط النفسي على الناس لايصال ابنائهم الى المدارس… الخ.

ونحن في الكويت نتمتع، بفضل الله، بشبكة طرق رائعة وسلسة، كونها مدينة حديثة التخطيط، ولا تعاني من تعقيد في المخطط الهيكلي فهي طرق شعاعية، صادرة من المركز، مدينة الكويت «الاستقلال ـ القاهرة ـ فيصل بن عبدالعزيز ـ الجهراء ـ الخليج».

واخرى دائرية «الأول ـ الثاني… الخ» وبينها وعلى امتدادها المناطق السكنية جنوبا وشرقا، الامر الذي منح تلك المناطق حدودا جغرافية واضحة المعالم، ما أدى الى اقامة مركز خدمات لكل منطقة، كما هو معلوم.

هذا التنظيم الجميل ليس شائعا في معظم البلاد العربية، وهو شيء نعتز به، حققه لنا جيل الخمسينيات، والمطلوب تطويره وفق مقتضيات التطور الطبيعي.

هذا الامر يتطلب دعم جهود التطوير والقائمين عليه في وزارة الاشغال العامة، وبلدية الكويت، والادارة العامة للمرور.

قواكم الله، فالكويت لا تنسى أهل العطاء من أبنائها.

كتب أبو موسى الأشعري الى عمر رضي الله عنهما «انه يأتينا من قبل أمير المؤمنين كتب ليس لها تاريخ، فلا ندري على أيها نعمل».

ورفع الى عمر صك محله شعبان، فقال «اي الشعابين هو؟ الذي مضى او الذي نحن فيه أو الآتي؟».

فجمع وجوه الصحابة، وانتهى بهم الامر الى بدء التاريخ بالهجرة النبوية الشريفة.

كل عام وأنتم بخير.

سامي النصف

انقسام الأمة بين سعد وعدلي

بعد الحرب الكونية الأولى وانتهاء انتخابات مجلس الأمة المصري تم تعيين نائبين لرئيس المجلس أحدهما من المنتخبين هو سعد زغلول باشا والثاني من المعينين وهو عدلي يكن باشا، وقد بدأ الخلاف بين الاثنين عندما طرح أحد الصحافيين القائمين على تغطية أنشطة البرلمان الجديد سؤالا عمن تحق له الرئاسة في حال تغيب رئيس البرلمان فأصر سعد زغلول على حقه في ذلك كونه منتخبا، والحال كذلك مع عدلي يكن الذي أصر على الشيء نفسه.

وقبل الحديث عن انقسام الأمة المصرية لسعديين وعدليين يوضح أحمد بهاء الدين أن هناك فارقا بين تنشئة الاثنين، فسعد زغلول ابن عائلة متوسطة الحال اشتغل بالمحاماة عندما كانت مهنة طاردة، ثم عين قاضيا إرضاء لأخيه أحمد زغلول، أحد قضاة محاكم دنشواي الشهيرة التي حكمت بالإعدام على الفلاحين، ثم أصبح وزيرا وتزوج صفية ابنة مصطفى فهمي باشا رئيس الوزراء حليف الإنجليز الذي بقي في الحكم بدعمهم 13 عاما متتالية، كما كان جليسا دائما في دار الأميرة نازلي حليفة الإنجليز، وبذا كان معتدلا في مطلع حياته ومتشددا بالمعارضة والعمل الوطني بعد ان تجاوز سن الثالثة والستين، بعكس ما جرت عليه العادة من التشدد في مقتبل العمر والاعتدال عند الكبر.

بالمقابل كان عدلي يكن باشا ذا توجه وطني خالص ومن عائلة شديدة الثراء ذات أصول تركية انضم للحزب الوطني ثم حزب الأمة ثم أسس حزب الأحرار الدستوريين الذي كان حزب المثقفين في مصر، وقد كان عدلي يكن شديد الحيلة كثير الواقعية مؤمنا بالمرونة لتحقيق الأهداف، بعكس سعد زغلول الذي اتهمه يكن في أكثر من مقال بأنه يداعب مشاعر العامة ويستخدم شعارات مدغدغة تضر أكثر مما تنفع لعدم واقعيتها مثل رفع شعار «الاستقلال التام أو الموت الزؤام»، في وقت يسرّ فيه زغلول لخاصته بأنه يرضى من الإنجليز بأقل كثيرا مما يطالب به عدلي، كما اعتاد سعد زغلول على إطلاق المصطلحات الجارحة بحق خصومه كتسميته حلفاء عدلي بـ «برادع الإنجليز» وقوله ان تفاوضهم مع الملك جورج الخامس يعني ان الملك جورج يفاوض نفسه!

وقد تفاقمت الخلافات بينهم والتي انقسم الشعب حولها الى سعديين وعدليين حين أصر سعد زغلول على ان يرأس الوفد المتجه الى لندن لمفاوضة الإنجليز رغم وجود عدلي يكن فيه كرئيس للوزراء الذي رفض ذلك الأمر لعدم منطقيته واتجه الى لندن عام 1921 واستطاع بواقعيته ومرونته ان يحصل من الإنجليز على ما لم يحصل عليه وفد سعد زغلول عام 1919، ففي 28 فبراير عام 1922 أعلنت انجلترا انتهاء الحماية والاعتراف بمصر دولة مستقلة ونودي بفؤاد ملكا كما تألفت لجنة لوضع دستور دائم للبلاد.

وقد استمر صراع العدليين مع السعديين أو صراع الاعتماد على البراغماتية والواقعية للوصول للأهداف مقابل الاعتماد على نهج الشعبوية حتى انصرف كل من عدلي وسعد بعد عام 1924 بعيدا عن السياسة، فقد اتجه الأول للإقامة في لندن والتجول في أوروبا بينما اتجه الثاني لقريته «مسجد وصيف» حتى أدركه الموت فيها وقال كلمته الشهيرة «مفيش فايدة» ويقول آخرون ان آخر كلمة قالها هي «خلاص أنا انتهيت».

استمر حزب يكن (الأحرار الدستوريون) برئاسة د.محمد حسين هيكل وبدأت الانقسامات في حزب الوفد مع وفاة مؤسسه، حيث حاولت صفية زغلول والحرس القديم قيادته فتصدى لهم شباب الحزب أمثال مصطفى النحاس ومكرم عبيد وانتزعوا القيادة منهم واستمرت الاجتماعات تعقد في «بيت الأمة» حتى انقسم الشباب كذلك فأسس النقراشي وأحمد وعلي ماهر وابراهيم عبدالهادي حزب السعديين، ثم انفصل مكرم عبيد وأسس الكتلة الوفدية.

آخر محطة:
لبيت الأمة الذي زرته في زيارتي الأخيرة لمصر قصة يرويها سعد زغلول في الجزء السابع من مذكراته، حيث طلب بحدته المعروفة من اثنين ان يوقعا على عريضة قبل قراءتها فرفضا، فطردهما من بيته، فرفضا الخروج وقالا له بحدة مماثلة: ان هذا ليس بيتك بل «بيت الأمة»، فبقيت تلك التسمية التي أطلقها على البيت خصوم سعد.

سامي النصف

لبنان 75 وكويت 76

تنبع النظريات السياسية والايدولوجية من حاجيات الشعوب وما تقاسيه في حياتها اليومية، وقد بات واضحا ان امتهان «الانسان» هو الإشكال الاول في منطقتنا العربية فقد ارتقى الغرب بنظام الاقتصاد الحر الذي تحول لدينا الى الرأسمالية المتوحشة واقطاع السياط التي تلهب ظهور البشر، كما تقدمت الصين بالماركسية التي كان مقدمها الى منطقتنا مصاحبا بحبال السحل ومشانق اعمدة النور، كما تطورت الهند بالاشتراكية التي رافق تطبيقها لدينا زوار الفجر وجنرالات الهزائم العسكرية المهينة، كما ان الدولة الدينية التي يفترض ان تكون الاكثر رأفة بالإنسان كانت في محيطنا الاكثر قسوة وامتهانا له كما رأينا في افغانستان وايران وسودان بيوت الاشباح.

مع انتهاء حرب 67 ابتدأت في المنطقة المحيطة بنا عشر سنوات عجاف فقد تلتها حرب الاستنزاف التي ما ان توقفت عام 70 حتى اشتعلت حرب الاردن في نفس العام كما قامت في عام 71 الحرب الباكستانية ـ الهندية، وفي العام 72 احتلت ايران الجزر الاماراتية، وفي العام 73 حرب اكتوبر وفي عام 74 انشطرت جزيرة قبرص بعد حربها الاهلية الى دولتين، كما ابتدأت في ربيع 75 الحرب الاهلية اللبنانية رغم وفرة التحذيرات من حدوثها، كما امتلأت شوارع العواصم العربية في نفس الحقبة العصيبة بدماء الشعوب كنتيجة لما لا يقل عن 7 انقلابات عسكرية قامت في المنطقة واستمرت معها الحرب الاهلية العراقية بين العرب والاكراد.

مع بدء الحرب الاهلية اللبنانية وتحديدا في 23/5/75 تشكلت اول حكومة عسكرية في تاريخ لبنان برئاسة العميد نور الدين الرفاعي بقصد فرض الاحكام العرفية وانزال الجيش لوقف الحرب ونزع اسلحة الميليشيات وقد قوبلت تلك الحكومة بالرفض القاطع لها لعدم دستوريتها مما جعلها تستقيل بعد 3 ايام، وقد تكرر الامر في 11/3/76 عندما اعلن العميد الركن عزيز الاحدب قيامه بانقلاب ابيض وتشكيل حكومة عسكرية واعلان حالة الطوارئ في البلاد لوقف الحرب إلا ان القوى اليمينية ممثلة بالرئيس كميل شمعون وبيار الجميل ومثلها القوى اليسارية ممثلة بالرئيس رشيد كرامي وكمال جنبلاط اعلنت رفضها لتلك الحكومة كونها لا تتماشى مع الحكم الديموقراطي في لبنان وقد استمرت الحرب لمدة 15 عاما اخرى كنتيجة لذلك الموقف الذي قدم المواقف الايدولوجية على مبدأ الحفاظ على انسانية الانسان اللبناني وكان اول ضحايا الحرب من اتخذ تلك المواقف التي اثبت التاريخ خطأها.

في كتاب للباحث اللبناني د.شفيق الريس اصدره عام 78 عن حرب لبنان 75 ـ 76 تحدث في فصله السادس (ص316) عما اسماه احداث الكويت، حيث يقول: ان بعض الساسة والمراقبين لاحظوا ان هناك تعيينات ديبلوماسية في الكويت احضرت لها بعض من كانوا في عواصم اقليمية تم حرقها بالخروقات الامنية والحروب الاهلية لذا ابرق للقيادة الكويتية لتحذيرها بالقول «سيحدث لكم في الكويت ما يحدث الآن في لبنان» وقال: ان القيادة السياسية الكويتية تجاوبت سريعا مع ذلك التحذير الجاد عبر اجراءات حاسمة سريعة يثني عليها الباحث ويرى انها ساعدت على منع كرة النار من الانتقال للكويت، وتمنى لو ان لبنان ارتضى مثل تلك الاجراءات لوقف الحرب المدمرة خاصة ان السجون لم تفتح والمعتقلات لم تملأ بالسياسيين في الكويت نتيجة لذلك الاجراء الاحترازي الذي تمت العودة عنه بعد سنوات قليلة بعد ان تمت المحافظة على كرامة وانسانية الانسان الكويتي بعيدا عن عمليات التناحر والتخندق التي يمكن ان تنتهي كما حدث في لبنان والعراق في وقت لاحق بعمليات القتل والذبح على الهوية.

سعيد محمد سعيد

أفلام «رعب» في صحافة بحرينية!

 

البحرين دائما في دائرة الضوء… شيء يفرحنا ويملأنا غبطة وسرورا حين تكون تلك الدائرة دائرة ريادة وتميز ونهضة، أما أن تكون في دائرة ضوء أفلام الرعب الخاطفة التي تبرق حينما يكون المشهد مفزعا وتزداد ابراقا كلما زاد الموقف افزاعا وخوفا، بين إظلام مرعب وإضاءة مبهرة بوجوه قبيحة مخيفة، فذلك مما لا يسر من دون شك!

دائرة الضوء الريادي الذي قصدت، هي ترسيخ ثوابت وطنية أصيلة على مستوى بناء الدولة بكل مؤسساتها واقتصادها ووجودها على خريطة العالم، وتقديم نموذج لعلاقة الشراكة السياسية بين السلطة والشعب، لكن كل ذلك يتلاشى أمام الأضواء المرعبة! في الشأن الداخلي هناك الكثير من الإرهاق للدولة والمواطن والحاضر والمستقبل مرده الإسقاطات الاقليمية التي تجعل من بلادنا الصغيرة محل تهديد لم يتوقف يوما… يقض مضجعها التآمر الخارجي، فتدور في فلك التهويشات والويل والثبور، ويزيدها خوفا ما يجري بين أبناء الشعب الواحد… الأسرة الواحدة… النسيج المتماسك مما لا تجده في الحياة الاجتماعية العامة بين الناس، سنة وشيعة، عربا وعجما، مجنسين وسكانا أصليين… والقائمة قد تطول بين ما أعرف وما لا أعرف، لكن لنتتبع أفلام الرعب ومصدر البث… ولنترك المخفي الذي لا يعلمه إلا الله، ولنتتبع الظاهر، مما يخيف ويقلق من خلال الصحافة البحرينية… التي تكللها هالة من الأمانة والمسئولية الوطنية، ولنراقب الخيوط من بين العناوين والمقالات والمضامين. هل لنا أن نجرب يوما أو بضع أيام لنتأكد من أن كل ما يثار – في إطار المسئولة الوطنية المفترضة شعارا والغائبة واقعا – خطوط ليس من الصعب الإمساك بها.

نعلم أن في بلادنا ست صحف يومية ناطقة باللغة العربية، ونعلم أن القيادة تعتز بها وتفاخر وتجعلها شريكا رئيسيا في البناء والعمل الوطني، لكن، من بين تلك الصحف الست، صحيفتان فقط تبثان أفلام رعب يومية، أو ربما أسبوعية، في محاولة تنجح حينا وتفشل حينا آخر في تشكيل مواقف وتأليب مواقف وإرسال إشارات وإطلاق بالونات اختبار، ليس في مساحة القضايا التي تهم الأمة بصدق النوايا، وإنما في إشعال فتيل طائفي… طائفي.. طائفي ولا شيء سواه.

إحداها تلبس ثوب القومية بأزرار بعثية واضحة، فتصطاد فيروسات مدمرة من العراق ولبنان تحديدا، وتنشرها بدرجة أخطر من فيروس «تروجان هورس» وقلبي على أبناء الطائفة السنية الكريمة الذين يشاهدون أفلام الرعب التي يكون ضحاياها أهل السنة والجماعة هناك، تفعل فيهم فرق الموت فعلها، فتسفك دماءهم وتتقصد تصفية عرقية ما شهد لها التاريخ مثيلا في بلد لم يعرف أهله الطائفية إلاّ حينما حل الدمار الأميركي مسنودا بجماعات وميليشيات ما ان تحفظ اسم احداها حتى تأتيك المزيد من الأسماء مما لا تستطيع تذكره. وتواصل بث الأفلام المخيفة لتجعل البعض يخرج عن عقاله فيحذر في المنابر وصلاة الجماعة والمنتديات من خطر «الرافضة» الذين لا مؤامرة لديهم أهم من سفك دماء أهل السنة! وليس أولئك القتلة إلا من الطائفة الشيعية، تحذر منهم هناك، وتضاعف التحذير منهم هنا في هذا البلد الصغير.

أما الصحيفة الأخرى، فهي ماثلة في وجدان الوطن، والوطن في وجدانها ولا أغلى من ترابه وشعبه وحكومته ومصلحته العليا، لكن هكذا تنظر إلى الدور الوطني والمسئولية تجاه الوطن العزيز… ففي كل يوم يستيقظ ضميرها الذي ما غفا لتأخذ كل أدوار البطولة في أفلامها المرعبة، بدءا بما يحدث وراء كواليس تصاغ فيها الأوامر وترسل من مدينة قم المقدسة إلى أجناد لها في البلد، معممين وغير معممين… ولاؤهم ليس للبحرين، بل هو مقدّس في تلك الجمهورية! ثم تعبر شيئا فشيئا إلى المخططات «الصفوية»، وتنقل أخبار شخصيات دينية شيعية في العراق أو في الكويت أو في لبنان، وتكرر المشاهد الأكثر إرعابا والتي تظهر أراضي بلادنا وقد سلبت بعروض بيع مغرية تساندها أموال لا حصر لها، وتعيد مشهد الجمعيات الإسلامية وهي تنهش في جسد الوطن، وتنتظر ساعة الصفر لتسحق المواطنين السنة وتشرب من دمائهم! فلهفي عليكم يا أهل المحرق، ومدينة عيسى، والرفاع، ومدينة حمد، وعليكم كلكم من الحد الى الزلاق، وأنتم تعيشون في سلام طائفتين، لتشاهدوا هذه الأفلام فيتأثر بها البعض إلى حد تدمير العلاقات الطيبة مع أهله وأصدقائه، وليعيش حالا جديدة من التوتر والقلق والخوف على نفسه وأهله ومستقبل أبنائه… كل يوم.

فلنجرب، ونتابع يوميا تلكما الصحيفتين فقط، ثم لنعد إلى قراءة الصحف الأربع الأخرى، ولنضع علامة على أفلام الرعب، وعلى المخرجين والممثلين والكومبارس وخطة التسويق، وأجزم أننا سنسجل قاعتي عرض سينمائي لا مثيل لهما، ونشطب على قيم العمل الصحافي والأمانة والصدق والموضوعية وكل المعايير الكلاسيكية والحديثة في العمل الصحافي منهما، ويكفينا إخلاص الصحف الأربع… ففيها الخير.

على مدى أشهر، وجدت من المتيسر تتبع النقاشات الحادة التي تحدث في أماكن العمل أو في المقاهي أو حتى في المجالس التي يرتادها المواطنون سنة وشيعة، ليكون مصدر النقاش الحاد الساخن، هو فيلم شاهده الناس في واحدة منهما…

الأفلام لم تعد جديدة وهي مكررة: المد الصفوي (رعب)… مأساة السنة (رعب + تراجيديا)… قصة الولاء المباع (رعب + دراما اجتماعية)… مصب الإسلام العظيم (ارشيفي وثائقي قديم)… بائعو الوطن (رعب + سياسة)، ولا بأس إن مل الإنسان، أن يشاهد الأفلام الكوميدية الآتية: أبناء السلندرات… عمامة الشيطان… اعتصام في الحمام… حسون الملعون وعباسوه الصفوي.

أعجبني كلام الفنّان السعودي عبدالله السدحان، الذي تمنى في مشهد من مشاهد المسلسل الشهير المبهر نجاحا وانتشارا «طاش ما طاش»، أن يتحدّ المسلمون في مذهب واحد اسمه «مذهب الشنة».

كل ما قلته «كلام… إن لم يعجبكم اعتبروه ثرثرة»! ولكن لنأخذ المواقف فردا فردا… ولينظر كل مواطن شيعي إلى صديقه أو نسيبه السني… ولينظر كل سني إلى صديقه أو نسيبه الشيعي… جيران وزملاء عمل ومعارف وشلة مقهى، وليسقط ما شاء من إسقاطات، من تلك الأفلام، ليحدد ما يدخل عقله منها، وليرفض ما يرفض، ويكفي هذا الوطن جروح دامية… لله درك أيها الوطن العزيز.

سامي النصف

أمير لا يحتويه مقال

تمر علينا اليوم الذكرى الاولى لوفاة امير القلوب الراحل الكبير الشيخ جابر الاحمد الذي كان انسانا متميزا بكل ما تحمله الاحرف من معان، حيث اختص منذ اليوم الاول لدخوله معترك العمل العام بقلة الكلام مع وفرة الاعمال والافعال والانجاز.

كان رحمه الله ذا فكر خلاق وصاحب بادرة من الدرجة الاولى، وهو ما يجعل من الاستحالة ان تحصر افكاره وانجازاته في مقال صغير، لذا لم يكن من المستغرب ان يقارب كتاب سيرته كحاكم ووالد وانسان والذي خطه وراجعه واشرف عليه 9 من كبار معاصريه، على رأسهم مدير مكتبه العم ابراهيم الشطي، ما يقارب الالف صفحة.

لقد كان سموه احد الآباء المؤسسين للكويت الحديثة، كما انشأ فكره المبدع كثيرا من المؤسسات الفاعلة القائمة اليوم كالتأمينات الاجتماعية وصندوق التنمية الاقتصادية ومجلس التعاون الخليجي، وقد سبق عصره عندما دعا عام 1964 دول الخليج لتبني فكرة العملة الواحدة، ولم تكن تلك الفكرة كما يروي حمزة عباس محافظ البنك المركزي السابق قد طرحت في اي منطقة اخرى في العالم.

وضمن سجاياه ومزاياه التي اتفق عليها معاصروه تواضعه الجم وتوقد الذهن والذكاء، فقد رفض رحمه الله ان توضع صوره كأمير على العملة النقدية، وهو الاجراء المتبع في انحاء العالم آنذاك، كما الغى مسمى «المعظم» من لقبه وطلب من ابنائه الطلبة عندما استقبلوه بنداءات «بالروح والدم نفديك يا جابر» ان يخصوا الوطن لا الاشخاص بشعارات التضحية والفداء، كما رفض ان تسمى جائزة التقدم العلمي باسمه، وطلب ان تسمى بـ «جائزة الكويت»، لقد كان بحق عاشق الكويت ومعشوقها، وعرف عن الشيخ جابر الاحمد ـ رحمه الله ـ حرصه الشديد على حب الخير واحسانه بالسر لا بالعلن، كما كان عظيما في خلقه، عادلا في حكمه، لا يؤمن بالانتقام من الخصوم، بل يقدم العفو والمغفرة ويصفح وينسى، كما كان عظيم الوفاء لمن عرفه او صادقه او عمل معه.

لقد حـــفظ الشيخ جابر الاحمد ـ رحمه الله ـ الكويت حيا ببعـد نظره وحسن تصرفه عندما وطد علاقاتها بجميع الدول الـشرقية والغربية، لذا اتفق العالم اجمع بمشرقه ومغربه على تحريرها ابان الاحتلال البغيض عام 1990، كما حفظها بعد رحيله عندما رسخ مفاهيم الدولة الدستورية فلم تجد الكويت صعوبة في ايصال دفة سفينتها الى رفيق دربه وشريكه بالانجاز سمو الشيخ صباح الاحمد أمير البلاد الحالي ـ حفظه الله.

آخر محطة:
كان لشهر يناير مكان خاص في السيرة العطرة للشيخ جابر الاحمد، ففي يناير 1949 تبدأ خطوته الاولى في الحياة العامة بتعيينه رئيسا للامن العام ونائبا للامير في مدينة الاحمدي ومناطق النفط، وفي يناير 1978 كان تقلده لسدة الامارة في البلاد، وفي يناير 2006 فاضت روحه الطاهرة لبارئها راضية مرضية.

سامي النصف

الجنة الموعودة

يعمل كثيرون لترسيخ اسس الدولة الديموقراطية التي تسمح بالاحزاب والحريات الصحافية، ويرى هؤلاء ان تلك هي «الجنة الموعودة» التي يضحى بكل شيء لاجل الوصول لشواطئها الجميلة، كي نغادر الدنيا ونحن قريرو العين مطمئنون على مستقبل الابناء وابناء الابناء.

ما يفوت على دعاة تلك الجنة انها موجودة وقائمة على الارض في دول عدة، منها الشقيقة التوأم لبنان التي تحولت بحق الى «Failing State» او دولة منهارة ينام ابناؤها في الشوارع وتفرغ اجيالها الجديدة الواعدة طاقاتها بالصراخ والنوم في الخيام بدلا من الانتاج الجاد في المكاتب والمزارع والمصانع.

وما لا يقوله هؤلاء المنظرون الحالمون بتلك الجنة الموعودة انها ـ وكما يظهرها الواقع المعيشي ـ اقرب لجهنم الحمراء التي لا يود احد ان يعيش بها ابناؤه واجياله المقبلة، فلبنان الشقيق يتحول هذه الايام من حالة الفقر المؤقت الى حالة الافقار الدائم بعد تضاعف الدين العام عليه، نتيجة لمغامرات الحروب وفوضى الشوارع الطاردة لابنائه وكفاءاته، ولا يوجد ـ عند التمعن ـ فارق كبير بين عراق الامس ولبنان اليوم من دمار حروب وخراب بنيان واستهانة بكرامة المواطن ومستقبله.

ان الجنة الموعودة التي نبشر بها بعد كل تلك المآسي والكوارث هي «الدولة الانسانية» التي لا ترى في الانسان حيوانا سياسيا غوغائيا، بل ترى فيه مخلوقا اقتصاديا عاقلا يطور نفسه وذاته بالتعليم والتدريب المستمر لتحقيق احلام حياته في التنمية، ومعها تعزيز الحرية المسؤولة لا الفوضى، والديموقراطية المعمرة لا المدمرة، كي ترتفع معدلات الدخل العام في «الدول الانسانية» التي توفر العيش الكريم للمواطنين وتصون كرامتهم.

ولا يهم ضمن مفهوم «الدولة الانسانية» النمط السياسي السائد، فقد تكون لاسباب خاصة بظرفي المكان والزمان والتطور الاجتماعي ومرحلة التنمية السياسية محدودة الحريات بشكل مؤقت، بمعنى انها لا تسمح بالانفلات الحربي او «الانفلاش» الاعلامي والامني لخدمة هدف سام هو توطيد الامن والسلام الاجتماعي اللازمين كلزوم الهواء والماء لعمليات التنمية والرفاه الاقتصادي والاجتماعي، وقد تكون في مجتمع آخر، او في نفس المجتمع بعد زمن، منفتحة بالمطلق على الاحزاب والحريات السياسية، فالمهم هو استيعاب ان الحفاظ على الكرامة الانسانية والتطور العلمي والتنمية الاقتصادية والرفاه الاجتماعي يجب ان يقدم على ما سواه.

وحتى نزيد الصورة ايضاحا نقول ان العراق هذه الايام يمتاز بديموقراطية كاملة وحريات اعلامية غير منقوصة، ومع ذلك تمتهن انسانية الانسان فيه بأبشع الصور عبر القتل والتفجير والخطف والبطالة والمستقبل المظلم، بينما لا توجد ديموقراطية او فائض في الحريات الصحافية في امارة دبي التي ينعم كل من فيها بالراحة والرفاه والحريات الشخصية والمستقبل الباهر، لذا تتقدم دبي ـ اللاديموقراطية ـ كثيرا في مقياس «الدولة الانسانية» على جمهورية العراق كحال تقدم سنغافورة وهونغ كونغ محدودتي الديموقراطية المبهرتين اقتصاديا وعلميا على لبنان والاردن المقاربتين لهما في اعداد السكان والاكبر منهما مساحة والاكثر منهما في الموارد الطبيعية.

ان «كل» ما نقرأه من رؤى مستقبلية لدولنا العربية والاسلامية هو وصفات مجربة في دول شقيقة اخرى ادت بها للمهالك والدمار، والواجب ان نعتمد على فكر وتنظير جديدين يوصلاننا الى الجنة الموعودة «الحقيقية» لا للسراب المخادع وللماء الذي لا ماء فيه.

آخر محطة:
العزاء الحار لآل البعيجان الكرام بفقيدهم الكبير، للراحل الرحمة والمغفرة ولاهله وذويه الصبر والسلوان.

سامي النصف

الدولة المدنية والدينية والإنسانية

كان العراقيون حتى 3 سنوات مضت «يتحدثون» عن استحالة قيام صراع طائفي في العراق ولانهم اكتفوا بالحديث والتدثر بالخيار الديموقراطي فقط دون عمل مؤسسي يحصن بلدهم من تبعيات الطائفية والعنصرية البغيضة انتهى الحال بهم بالتفجيرات وعمليات قطع الرقاب القائمة ومعها يطل عليهم بالافق مستقبل مظلم وتهديدات ستحيل مياه شط العرب الى اللون الاحمر القاني.

في الكويت وكما قرأت من مقالات الزميلين ابتهال الطاهر في «القبس» ونهار المحفوظ في «الراي» هناك حراك سياسي ومجتمعي لترويج فكرة «الدولة المدنية» والتوجه المدني بدلا من الدولة الدينية كنهج ووسيلة لاطفاء روح النزاع ولمنع التخندقات الطائفية التي تتميز بها عادة الدولة الدينية.

بعد تجارب الدولة القومية اليسارية المدنية في مصر وسورية والعراق وليبيا والدول القائمة على معطى الدين والطائفة في افغانستان وايران والسودان ولبنان والتي منيت بفشل ذريع ادى الى الحروب الاهلية الطاحنة والفوضى العارمة بالامس واليوم، علينا ان نعزز اسس المجتمع المدني وقبله الايمان بما اسميه نهج «الدولة الانسانية» اي التي تحترم حرية الانسان وخصوصيته وحقه في العيش الكريم له ولابنائه من بعده وقد تكون سنغافورة مثالا جيدا يحتذى لتلك الدولة في الرفاه وعلاقة الطوائف والاديان والقوميات بعضها ببعض.

النقاش والحراك السابق ذكرهما ضروريان في ظل ما يدور حولنا من اوضاع ساخنة نرى انها ستنتهي قريبا بضربة عسكرية ستوجه لايران قد تشارك بها على الارجح اسرائيل مما سيعقد الاوضاع وقد يؤدي الى الفوضى في المنطقة، كما قد يتلوها ـ او يسبقها ـ تحكم او منع الكونغرس الاميركي للامدادات المالية للقوات الاميركية في العراق مما سيضطرها للانسحاب كما حدث في فيتنام حيث لم ترغم ـ للعلم ـ مقاومة قوات الفيتكونغ القوات الاميركية على الانسحاب بقدر ما كان السبب تشريعيا في الاصل وذلك عندما اوقف الكونغرس المخصصات المالية للانشطة العسكرية هناك.

آخر محطة:
اقترحت في مقال الاربعاء الماضي ان تتبنى الحكومة مقترح التعطيل يومي الجمعة والسبت بدلا من الخميس والجمعة لمقاربة ذلك للوضع العالمي ولكون السبت يوما مكروها من الجميع، لذا فمن الافضل ان يرتاح الناس به، الا ان المقال نزل وضمنه تحوير غير مقصود ادى الى تعميم ما قيل في يوم السبت على يوم الجمعة لذا لزم التنويه.

سامي النصف

حرَّمنا .. ومتفرقات أربعائية

يتحدث كثيرون عن إنجاز الكويت قديما، وينسى البعض النظام الفريد للادارات (الوزارات) الحكومية آنذاك حيث كان يديرها مدير (وزير) يرأس مجلس ادارة للوزارة هذا المجلس أشبه بمستودعات العقول الغربية الحديثة يساعد المدير (الوزير) بالرأي والحكمة والمشورة ويضمن تواصل المسؤول الجديد مع مشاريع من سبقه حتى لا يلغيها كما يرفع عنه حرج الواسطات ويرشّد معه القرارات تباعا.. فكرة جميلة من الزمن الجميل تستحق النظر بها.

كانت العراق تزرع الغلة منذ بدء التاريخ، إلا أن التاجر الكويتي ـ لا العراقي ـ هو من كان يصرفها في الخليج وآسيا وأفريقيا، وقد اعتمد العراقيون على الكويتيين لأمانتهم وذكائهم وروح المبادرة والإبداع لديهم، ولم تخرب تجارة العراق إلا بعد ترك اليهود والكويتيين لها أواخر الأربعينيات وأوائل الخمسينيات.

أحد تجار الكويت المعروفين باع أملاكه في العراق بعد انقلاب 58 الدموي وحولها الى ذهب ثم جعلها على شكل باورات (مراسي) وخرج بها مع سفنه بعد طلائها بالأسود تحت سمع وبصر السلطات العراقية.. شطارة!

يقول العم مشاري الحميضي ـ شفاه الله وأطال في عمره ـ: ان برد هذا العام الذي وصلت فيه درجة الحرارة في بعض مخيمات الشمال الى 7 تحت الصفر، لم تشهد له الكويت مثيلا منذ عام 64، ما يميز برودة هذا العام «النحاسة» المصاحبة له حيث ابتدأ مع بداية العطلة الطويلة وانتهى بنهايتها حاله كحال كل يوم أربعاء عندما «يعتفس» الجو ثم يتحسن يوم السبت مما يحوجنا الى عطلة أسبوعية مرنة يتم تحديدها طبقا لتقارير الأرصاد الجوية.

بودنا من الإدارة الحكومية أن تقوم ببادرات تظهر للمواطن أن زمام الأمور بيدها وترتفع بالأداء العام ومن ذلك الحاجة لقرار بالتعطيل الجمعة والسبت (اليومين المكروهين لدى الجميع) وخلق نظام الدوامين أو تأخير الدوام من 9 ـ 4 مع فرصة غداء خفيفة توفر خلالها مكائن الوجبات السريعة والسندويشات والبسكويت لدى الموظفين كي يتم تغيير العادات الغذائية السيئة القائمة.

فكرة مقال الأمس لا علاقة لها من قريب أوبعيد بعدالة إبقاء أو فسخ عقود B.O.T، المقال هو تعقيب على خلاصة مثمرة سمعتها من الزميل يوسف الجاسم للقاءاته مع المستثمرين والمعنيين بقضايا B.O.T يقولون بها «حرمنا» وتوبة أرجعوا لنا أموالنا ولن نعيد استثمارها قط في الكويت بل سنخرج بتلك الثروات لدول أخرى يسألنا مسؤولوها عن العراقيل التي تصادفنا لازالتها بينما يبحث البعض في بلدنا عن العراقيل التي أزلناها لإعادتها. المستثمرون لديهم مشكلة أخرى، إن عملوا في الكويت قيل انهم يهدفون للسيطرة عليها، وإن عملوا في الخارج قيل لماذا لا تستثمرون في بلدكم؟ وفي هذا السياق هل سمع أحد بمن يقول في مصر أو لبنان وعمان ان «بورت غالب» ـ على سبيل المثال ـ هو تفريط بتراب مصر الغالي لصالح «الكوايتة»؟!

لي صديق نوخذة لا مثيل له، معه لا احتاج الى الاعداء أبدا، فقبل صدور عدد «الأنباء» صباح الأمس كان قد حصل عليه ليلا من الجمعيات واصطحبه معه لدواوين مسؤولي بيت التمويل، محرضا إياهم على تصحيح ما جاء في مقال الأمس، ثم اتصل بي في الصباح الباكر ليقول انه ترك أعماله ومواعيده وتواجد في ادارة العلاقات العامة للبيت للتأكد من عدم تهاونهم في ارسال الرد، الصديق يثق بي في نصائح السفر وسأرسله في المرة القادمة لميليشيات الزرقاوي أو أبودرع العراقية قاطعة الرقاب!

المهم ما علمته منه ان ارض المارينا خصصت لشركة عقارية أخرى أعادتها وان أرض بيت التمويل هي قطعة أرض أخرى تمت اعادتها كذلك طبقا لرواية ذلك الصديق الذي ما لي من صداقته بدّ..!

استمعت من النائب الباسم ناصر الصانع في جلسة الأمس لقصة ردّه المفحم على رئيس النظام العراقي المقبورعندما أرسل رسالته للشعب الكويتي قبل سنوات قليلة، وهو ما يعيد لذهني تلك الليلة حيث كنت والأصدقاء د.سعد بن طفلة ود.أحمد الربعي (العائد الليلة من أميركا بعد الفحوصات المطمئنة) في زيارة لمزرعة الأخ محمد السديري بمنطقة الغاط السعودية عندما وصلت عشرات الاتصالات للتعليق على خطاب صدام وهو ما تم بالتنسيق بيننا، وامتلأت الفضائيات بردود لم يعلم أحد انها صادرة من خيمة سديرية صغيرة جميلة واقعة في صحراء النفود التي «يصرخ» الصديق الغالي حمود البغيلي كلما مررنا بها..

آخر محطة:
أجمل التهاني والتبريكات لجريدتنا «الأنباء» بعيدها الـ 31 وللزملاء أحمد الجبر وعبدالمجيد الدعاس بمولودهما الجديد (العالم اليوم).

سامي النصف

لا لعمر أفندي

أراضي الكويت أغلى من الذهب، حتى ان البعض يعتقد أن حبات ترابها هي خليط من اللؤلؤ والالماس لتبرير ذلك الغلاء الفاحش، وعليه لا يستطيع أي تاجر شراء أرض مترامية الاطراف ليقيم عليها المشاريع الضخمة لعدم الجدوى الاقتصادية لذلك الأمر، ومن ذلك كانت فكرة B.O.T الرائعة التي تزاوج بين مصالح الدولة التي تقدم الاراضي القاحلة مقابل ايجار مالي وعودة المباني لها بعد حين، والمستثمر الذي يخلق بأفكاره وأمواله ومتابعته المشاريع المختلفة، والمواطن المستفيد الاول من تلك المشاريع التنموية المهمة التي يعمل بها آلاف الناس ويزورها الملايين.

وقد أمضيت اجازة العيد متنقلا ومتجولا بين مشاريع الـ B.O.T المختلفة من الخيمة مول شمالا حتى سوق الكوت جنوبا مرورا بأسواق شرق والسالمية والمارينا وافنيو وماجيك وغيرها، وقد وجدت أن تلك المشاريع هي الانجاز التنموي الوحيد في البلد خلال العقد ونصف العقد الماضيين.

ويقول لي زميل اعلامي يقطن الجهراء منذ 40 عاما ان الخيمة مول والاسواق التي داخله هي المشروع الوحيد الذي أفاد المنطقة، ومثل ذلك ما استمعت له من أصدقاء التقيتهم في الفحيحيل، والحقيقة ان ما يجب أن يحاسب عليه القائمون على تلك المشاريع من قبل الاخوة النواب الافاضل، بل وحتى المواطنين هو ما اذا كانوا قد «استرخصوا» العمل فيها كونها سترجع في النهاية للدولة، والحقيقة الجلية التي توجب رفع العقال تحية لهم جميعا هي كم الصرف والبذخ على تلك المشاريع الحيوية التي قل أن تجد لها مثيلا في أغلب دول العالم.

ان التساؤل المحق الهادف للصالح العام هو: ما البديل لمشاريع B.O.T ما دمنا قد علمنا أنه لا يوجد مشروع اقتصادي يوفي بحق شراء الأرض ناهيك عن تكاليف البناء الفاخر؟!

أرجو ألا يقترح أحد أن تقوم الحكومة ببناء الاسواق والمتنزهات والحدائق الترفيهية وتملكها وادارتها، أي التوجه لما نكصت عنه الصين الشيوعية وما عادت عنه الشقيقة الكبرى مصر التي اكتشفت أن الحكومة لا تستطيع ادارة وتشغيل أسواق عمر أفندي وشيكوريل المصادرة من القطاع الخاص.

ان النهج الأمثل للتعامل مع مشاريع B.O.T الاقتصادية هو عبر النظر لها من الزاوية الاقتصادية البحتة ومن ثم شكر من أجزل الصرف المالي عليها والجلوس معه لمعرفة أسباب المشاكل والمخالفات، فتغيير الاستخدام قد يكون بسبب عدم واقعية مطالب املاك الدولة أو البلدية كأن يطلب من المستثمر أن يخصص كامل المساحة لنشاط ما تثبت المعايشة وحاجة المواطنين والمقيمين والمعادلة الاقتصادية الصحيحة ضرورة العدول عنه، ومن ثم لا ضرر ولا ضرار من تغيير الاستخدام لما يخدم السكان طالما لم يزرع بالممنوعات أو تسخر مساحته لإنشاء حمامات سباحة لعائلة المستثمر، وكله سيرجع في النهاية للوطن والمواطنين.

في الخلاصة: لم تخطئ الحكومة على الاطلاق بتأجير الاراضي العامة للمستثمرين ممن خاطروا بأموالهم ومازالوا ـ رغم كل ما يقال ـ لمصلحة الكويت وشعبها في وقت أحجم فيه آخرون خوفا من المجازفة، بل ان بيت التمويل ـ إن أسعفتني الذاكرة ـ قد أعطي أرض المارينا في السالمية قلب البلد التجاري وعلى البحر مباشرة فأرجعها للحكومة خوفا من خسارة المشروع.

وتبقى معرفة حقيقة ان أراضي الشعب قد وضعت لخدمة الشعب عبر المشاريع التنموية الضخمة التي تقام عليها، لا أن تترك خالية تلعب على أرضها الفئران وينعق فوقها البوم، وتلك الاراضي لم يفرط بها احد كونها كانت ومازالت ملكا للدولة والناس، ولن يخرجها أحد معه من المطار.
 
آخر محطة:
هل سيسمى ضحايا الحرب الشرسة القائمة بين شهداء الاقصى (فتح) وشهداء عز الدين القسام (حماس) بـ .. الشهداء؟!

سامي النصف

منتديات الإنترنت

عقول الشــباب هذه الأيام تتشكل على مــنتديات الانترنت أكثر منها على صفحات المجلات والجرائد، وقد بدأت منذ اليـــوم الأول لاستخدامي الشبكة العنكبوتية بالمشاركة في عشرات المنـــتديات الأكثر شهرة على مسـتوى الوطن العربي للرد على الاتهامات التي تصيب الكويت وما أكثرها، ولم أشارك طبقا لذلك الهدف في المنـتديات الكويتية المحلية.

ومما لاحظته أن التيار الثوري المتطرف بكافة أنواعه والمعتمد على بث الفرقة بين شـرائح المجتمعات عبر التأجيج الطائفي والعرقي والطبقي والتحريـــض على الانـظمة وتشجيع الثورة هو المالك والمتصدر الاول لعالم المنتديات بشكل مطلق، بينما يقل لحد يقارب الانعدام وجود المواقع العاقلة أو الموضوعية.

وتعتمد كثير من الشبكات الثورية المؤدلجة التي تستقطب عقول الشباب العربي والخليجي وتزرع في عقولهم فيروسات الارهاب والتحريض والتثوير على «أشباح» محترفين مقتدرين يطلقون على أنفسهم ألف اسم واسم، فيدعون على سبيل المثال الانتماء لبلد عربي أو خليجي لشتم بلد آخر ثم يقومون عبر معرفهم الآخر بالرد القاسي وهكذا الحال بالتحريض بين الطوائف للاخلال بالسلام الاجتماعي في المجتمعات حتى يكبر الشباب وكراهية الآخر هي من يحكم تصرفاتهم.

وجرت العادة في مثل تلك المنتديات الشريرة على طرد من يتوسمون فيه الخير والاصلاح والتعقل، وبالمقابل فرش البساط احمدي للمتطرفين حتى ان أحد شواذ مجتمعنا من الكتاب وفرت له عشرات المعرفات الوهمية كي يقوم بشتم الكويت بشكل يومي والثناء الشديد على المقبور صدام.

ومن طرق تدليس تلك المنتديات التي يجب أن ينتبه لها الشباب تضخيم عدد المشاركين أو الرد بعشرات المسميات المصطنعة على أي رأي عاقل، وبالمقابل استخدام عشرات المسميات للثناء على أفكار التأجيج والتطرف الشاذة ومعها دعم التهم غير المثبتة بحق الآخرين.

وقد قام بعض «الشتام» المحترفين باستخدام تلك الأداة الخيرة للاساءة للآخرين.

والواجب أن تصدر الاحكام الرادعة المغلظة على كل من يقوم بتلك الافعال الشائنة، فالانترنت وبسبب مجانيته أكثر انتشارا من الصحف وتبقى الاساءة فيه لأزمان أطول، لذا يجب التعامل معه على أنه أداة نشر فاعلة، حيث ان التساهل بتلك الأمور سيفتح باب جهنم على مصراعيه ويتيح المجال للسباب والقذف بالأعراض دون عقاب أو حساب.