سامي النصف

المؤامرة وأفلام عن العراق

كانت للسينما الاميركية والعالمية دائما أفلام تصور الحروب بشكل رائع، فمن ينسى فيلم «ذهب مع الريح» الذي أحال الحرب الأهلية الاميركية إلى رومانسية جميلة، والحال كذلك مع فيلم «كازابلانكا» الذي صور أبان الحرب الكونية أو «ناش» الشهير حول الحرب الكورية، وأخيرا أفلام «الجحيم الآن» و«صائد الغزلان» و«مولود في الرابع من يوليو» التي دارت جميعها حول حرب فيتنام، وقد حازت اغلب تلك الأفلام عدة جوائز اوسكار.

شاهدت هذا الأسبوع ثلاثة أفلام من بلدان مختلفة، جميعها ترسم صورة شديدة القتامة عن الحرب في العراق، أول تلك الأفلام وثائقي اميركي اسمه «Iraq For Sale»، يتهم الفيلم خلاله الشركات المتعاقدة مع وزارة الدفاع الاميركية والمدنيين فيها بأنهم يقفون خلف كثير من الأمور السيئة في العراق لجهلهم أو لرغبتهم في حصد الملايين من تلك العقود المجزية.

وشاهدت فيلما إنجليزيا اسمه «Soldier of War» يروي المهام التي تقوم بها الوحدة الإنجليزية في البصرة والأعمال القذرة التي يقوم بها بعض جنودها هناك، ويبدأ الفيلم بتجمع أهالي عراقي يحاول قتل «كويتي» ادعوا انه يسرقهم (!) وتقوم الفرقة بانتزاعه منهم إلا إنها تقوم بتعذيبه وضربه لأجل إرضائهم، ثم تعتاد بعد ذلك تعذيب وتصوير السجناء العراقيين حتى استطاعت صديقة احد الجنود تسريب صور التعذيب المخزنة في كاميرته للصحافة والشرطة الإنجليزية، مما أدى به للانتحار.

كما شاهدت فيلما تركيا مع ترجمة إنجليزية له، اسمه «Valley of The Wolves Iraq»، والذي يعتبر الأكثر كلفة في تاريخ السينما التركية والأكثر مشاهدة في الوقت ذاته، والغريب اشتراك عدة ممثلين اميركيين مشهورين فيه، الفيلم يقوم على رواية حقيقية أهان خلالها الجيش الاميركي 11 جنديا من القوات الخاصة التركية في 4/7/2003 مما دفع احدهم للانتحار.

تبنى أحداث الفيلم على قرار شقيق المنتحر وصحبه قتل القائد الاميركي في العراق الذي قام بذلك العمل، الفيلم يصور الجيش الاميركي بأسوأ من وضع الجيش الصدامي، حيث نراه يقتل الأطفال ثم المدعويين في عرس كردي ـ عربي، ومثل ذلك قتل المعتقلين في السيارات وفي السجون كي يبيع أعضاءهم للزبائن في واشنطن ولندن وتل أبيب، وهو ما جعل الجاليات اليهودية في أوروبا وأميركا تحتج على عرض ذلك الفيلم.

آخر محطة:
الدلالات السابقة تنفي فهما شائعا يرى أن الأفلام والإعلام الاميركي والعالمي مسخر دائما لخدمة قضايا الغرب، وفي هذا السياق ماذا كنا سنقول لو أن رئيس البنك الدولي كان عربيا أو مسلما ثم اكتشفنا فضيحة تسببت في عزله من منصبه بسبب صديقة يهودية له؟ الأرجح أن نظرية المؤامرة السخيفة كانت ستصل لعنان السماء وستبقى بعد ذلك في الذاكرة إلى الأبد.. وعجبي.

سامي النصف

التحديات الاجتماعية والسياسية للمرأة

دعــتنا قـبـل أيام كليــة العلوم الاجتمـاعية في جامـعة الكويت لإدارة حلقة نقاشية أشرف عليـها عميد الكلية د. يعــقــوب يوسف الكـندري ود. بدر العيـسى رئيس قسم الاجـتمـاع، حول التحديات الاجتماعية والسياسية للمرأة الخليجـية، وقد ساهم بإثراء نقـاشاتها النواب صالح عاشـور ودعيج الشمري وجمال العمر ومن التأمينات الاجتماعية حمد العليان اضـافة الى ثلة من النساء المهتمات بشؤون المـرأة كالسيدة عروب الرفـاعي ود. رولا دشـتـي ود. فـاطمـة العـبـدلي ود. لبنى القـاضي ود. مـوزة المالكي ود. هتـون الفـاسي والمحـاميـة نجلاء النقي وغيـرهن من النساء اللاتي امتلأت بهن الحلقة النقاشية.

ابتدأ الأخوة النواب الأفاضل على التـوالي بشـرح قانون المرأة وتـبيـان خلفية من قاموا بتـقديمه وبيان أسباب ذلك التقديم، في وقت بين فيه السيد حمد العليان أضرار بعض ما أتى في القانون على الحسـابات الاكتوارية للتـأمينات وتمنى ألا يتم تقـديم أي مقتـرح يخص النساء أو غيرهـن دون العودة لمؤسسة التأمينات الاجتماعية لإبداء الرأي فيه.

كـانت السيـدة عروب الرفـاعي أولى المعقبات حيث أوضحت ان جميع الجمعيات النسـائية قد اعترضت على ذلك القانون بما فيها اللجنة النسائية لجمعية الإصلاح الاجتماعي التي كان رجالها من مقدمي ذلك القانون، ورأت السيدة عـروب أن المزايا التي تضمنها ذلك القـانون سـتـفـرغ الوزارات من الكفاءات النسائية وستخفض نسبهن في المواقع القيادية، كما ان المبالغة في منح أجازات الوضع والرضاعة تعني ان أحدا لن يوظف النسـاء، كونهن لن يعــملن إلا أيامــا قلـيلة في العــام وساعات قليلة في اليوم.

د. لبنـى القــاضي شنـت بدورها هجـوما حـادا على القانون وقـالت انه قـانون لا يخـاف علـى المرأة بل قـانون يخاف من المرأة ويـهدف لإرجاعها الى عبودية البيت مستخدما قبضة حديدية ذات ملمس حريري، د. رولا دشتي قالت أن هناك خطأ فـادحـا في روح القـانون قـبل نصـه وانه طـريق واضح لفـصل المرأة عن المجتمع بهدف قـمـعهـا في النهاية.

د. فـاطمـة العـبـدلي ذكـرت أن الديموقراطيـة الكويتية مـرت بثلاث مراحل أولاها منذ عهد الاستقلال حتى عام 1990 وكـانت تهدف لإبعـاد المرأة عن مراكز صنع القرار، المرحلة الثانية 1991 ـ 2005 وكان يغلب عليـها تطمين المرأة الكويتية على حقوقها السياسية وطلب الصبر منها، أما المرحلة الثالثة وهي الحـالية فـتمـتد منذ عـام 2005 وحتى الآن وتهـدف الى تخدير نصف المجتمع وأشغاله بمزيد من العطايا والمزايا، المحاميـة نجلاء النقي طالبت بالأخذ بنظام الكوتـا بينما رأت د. ملك الرشيد ضـرورة ربط المرأة بالقضايا التنموية، فـي حين انتقدت الدكـتورة السعـودية هتون الفـاسي والقطرية د. مــوزة المـالكي أوضـــاع المرأة في بلديهما.

آخـــــر مــــحـطة:
اتضح لي مـن تلك الحلقة النقاشيـة الهامة ومن المداخلات القيـمة للنساء وهن المعنيـات بالدرجة الأولى بقـانون المرأة، ضـرورة أن ينظر في بعض مـواده وبنوده حتى لا نضـر بالمرأة ونحن نستهدف نفعها وقبل ذلك الأضرار بالكويت عبر الأضرار بمؤسسة التأمـينات ـ المظلة الآمنة لجمـيع أفراد شعبها من نساء ورجال.

سامي النصف

مظالم «الكويتية» وطموحاتها

ظلمت «الكـويتـيـة» في البــدء عندمـا استـثنيت كـجهـة «وحيـدة» من إعادة إعـمار الكويت الذي تسـتحـقه، حـالها كـحال جمـيع الوزارات والهيئات والمؤسـسات والشركات بل وحتى البنوك والشـركات الخاصـة التي قامت الدولة بتعـويضها عـما خسـرته إبان العدوان الصـدامي الغاشم، بينمـا اضطرت «الكويتـية» بسـبب انفـرادهـا بذلك الحـرمـان لاسـتـدانة المليـارات من الدولارات لشراء مـعدات جـديدة ومـازالت حتى اليـوم تعـاني من تبعـات ذلك الحرمان وتلك الاستدانة.

لحق ذلك ظلم آخــر من بعض أعـضـاء السلطة التشـريعية عـندما تم تعليق ميـزانية المؤسسة لمدة قـاربت 7 سنوات تراكمت للدولة على المؤسـسة تبعـا لذلك مبـالغ جاوزت 600 مليـون دولار جـعلـتـهـا تضطر مـرة أخـرى للاستدانة من البنوك لدفع رواتب مـوظفيها في وقت تشتري به الحكومات الخليجـية الشقيقة مئات الطائرات لمؤسساتها الوطنية، والمعروف أن التشـريع الكويتي ينص على أن أي أرباح أو فوائض للكويتـية تحول على الفور للمـيزانية العامة للدولة كمـا أن أي خسائر يجب أن تسدد على الفور من تلك الميزانية.

كذلك هناك مظلمـة حقيقيـة أن المؤسسة تتـعـامل كقـطاع خاص عندمـا يتـعلق الأمـر بحقوقها ومن ثم يطلب منها أن تتصرف اعتمادا على مـواردها الذاتية، أمـا عندما يمس الأمـر ما يطلب منها فتعامل وكأنها وزارة أو إدارة تابعة حـيـث يتم في بعض الأحــيـان التــدخل في قراراتها.

ومن المظالم المحزنة ما يـأتيهـا من قلة قليلة من أبنائـها ممن لا يحـسنون للبـيت الذي يؤويهم ومــصــدر الرزق الذي يوفــر المظلة المعيشية لهم ولأبنائـهم في ظل منافسة شرسة قائمة، فما أن يخـتلف أحد مع مسؤوله أو يطمع آخر في مـركز إداري معين قـد لا يستحـقه أو لا تتـوافر لـديه شروطه حـتى يقـوم بالتـشنيع والتأجيج والتحريض الكاذب على المؤسسة في وقت يفرض عليـه الحس الإنساني السليم ورد الجـمـيل أو حتـى حمـاية مـصـدر الرزق دعم الكويتية وجهود زملائه في كل مكان.

وتأتي المظلمـة التي يعلـم بها الجـمـيع ويعمل بها الجميع وهي النظرة السالبة العامة للكويتـية والسكوت بـالمقابل عـما يحـدث عند التنقل عـلى الشـركـات الأخــرى من إشكالات حجوزات وأعطال ترتبط بشكل مـباشر بعالم الطيـران وفي هذا السـياق كنت قـبل أسـابيع بصحبة جمع من الإعلاميين الكويتيين في رحلة على متن إحدى شـركات الطيران الشهـيرة في المنطقـة وقد صادفنا جـميـعا مـشاكل تأخـير وحجـوزات وغيـرها ولم أقرأ كلمـة واحدة في الصحف عنهـا، ولنا أن نتصـور لو حدثت تلك الأمور مع مؤسستنا الوطنية!

إن عليـنا أن نتــذكـر كــمــواطنين أن «الكويتـية» هي ملك لنا جـميـعا وان إدارتها التنفـيذية تعـمل بجـميع طاقـتـها لتـحقـيق طمـوحات وآمـال المواطنين في ظل محـدودية الموارد وعبر أجواء مفتوحة ومنافسات شديدة في الداخل والخارج من قـبل شركات مدعـومة من حكوماتها ودون قواعـد للمنافسة ومع ذلك اسـتطاعت تلك الإدارة أن تخـفض خسـائر هذا العـام من 28 مليـون دينار إلى 9 مـلايين دينار وان تظهر أرباحـا في ميـزانية العـام المقبل في وقت أعلنت فيـه «طيران الخليج» عن خـسائر تبلغ مليون دولار يوميا.

أخيرا. . نـرجو أن تتوحد جهـود الأفاضل من السلطتين لإعطاء المؤسسة قـبلة الحياة التي ستـبقيهـا للأعوام الثلاثين المـقبلة ونعني دعم عـمليـة شراء وتحـديث أسطولها الحـالي مما يجعل الكويتية لا تكتفـي بالاحتفاظ بأبنائها من الموظفين الحاليين بل ستضيف لهم مستقبلا آلاف الأبناء الكويتيين الآخرين وستحقق حلم التحول إلى كويت المركـز المالي، فالكويتيـة الجديدة هي من سيـحضـر ملايين المستـثمريـن والسائحين للكويت كـحـال الناقـلات الخليـجيـة الأخـرى والكويت للعلـم لا تقل جمـالا عن شـقـيقـاتهـا الخليجيات فلنتفاءل بالكويت والكويتية.

آخر محطة:
عندما تخسر الكويتية بسبب قـروض شـراء الـطائرات يقـال انه بقــصـد «تفشيلها وتفليسهـا» حتى يتم بيعها، وعندما تطالب الكويـتـيـة الحكومـة بشـراء طائرات جـديدة لتحـقيق الـربحيـة يقال أن ذلك الأمـر يقـصد منه بيـعهـا هي وأرباحها وطائراتهـا الجـديدة (! ) والحقـيقـة أن لا مـشروع لبـيع الكويتية لا بالأمس ولا في اليوم ولا في الغد لذا فلا داعي لإيجاد أعذار لتخذيلهـا الذي سيؤدي متى ما اسـتمر لتقليص أعمالها وإغلاق بيوت الآلاف من موظفيها، لا سمح الله.

سامي النصف

الطيار القاتل

التـهنئـة للزميلـين فؤاد الهـاشم واحمـد الربعي بعودتهـما سـالمين قبل أيام من رحلتهما العـلاجية في الخارج، وللقائمين على جـريدة «الوسط» الغراء بصدور عددهم الأول.

مع مغادرة نوابنا الأفاضل جزيرة بالي الاندونيـسيـة «اعتـفس» الوضع السـيـاسـي هناك فـتـجـمــعت الكتل البـرلمانيـة المختلفة وطـالبت رئيس الحكومـة بضرورة القـيـام بتعـديلات وزارية وهو مـا تم حـيـث خـرج منهـا بالأمس 5 وزراء، بعض زمـلاء السـفـر يرون أن جماعـتنا «شيشوا» جمـاعتهم بينما رأيت شـخصيا أن الأمر صدفة أو توارد خواطر.

التــقــرير الأمني الذي تصــدر الصفـحة الأولى للزميـلة «الوطن» قبل يومين حول تهديد الصـواريخ المحمولة للـطيـــران المدني الـكويتي هـو وضع تعـاني منه كل الـطائرات والمطارات في العـالم خـاصـة القـريـبـة من المناطق السكنيـة ويذكـرنا هذا بحـادثة إطلاق المقاومة الكويتية البطلة لصاروخ ارض ـ جـو من الـفـروانيـة على طـائرة نقل جـامـبـو عـراقـيـة مـحـمـلة بالجنود أصاب احد محركاتها إلا أنها هبطت ســـــالمة في البـصـرة وقــد تسـبب الحادث آنــذاك في إغلاق مطار الكويت حتى التحرير.

الحـادث الثاني شـاهدته بالأمس على قناة «الجغرافيا الوطنية» حيث تم لقاء مع صديق يوناني اسمه ماريو عمل مـعنا لسنوات طوال ثم انضم لشـركـة DHL الاميـركية تحـدث فيـه عن إصابة طائرتـهم الايرباص بصــاروخ ارض ـ جـو عام 2003 أثناء إقلاعهم من مطار بغداد ما نتج عنه احتراق جناح الطائرة وفقـدانهم للأجهزة الهيـدروليكية التي تؤهلـهم للســـيطرة عـلى الطائـرة لذا استخـدموا المحركات ـ كـحال الطراريد والسـفن البحـرية ـ لتـوجيـه الطائرة يمينا ويسارا وهي عملية بالغة الدقة لم ينجح احـد قط في إنزال الطائرة سـالمة عن طريقها.

وقد نجح ماريو ومن معه ( تدريب الكويتيـة )، بمعجزة وبعد مـحاولتين، في النزول بمطار بغداد، إلا أن العجلات انفصلت وانحرفت الـطائرة لتتوقف في حـقل ألغام لم يتم تـطهيـره بعد، وقـد تسـبب عـملهم البطولي في حـيـازتهم أعلى جـوائز سلامة الـطيران العـالمية، والغريب أن مـا جرى لهم كان مـصورا طـوال الـوقـت تارة مـن الإرهابيين الصداميين الذين اصطحبوا معهم فريقا تلفزيونيا فرنسيا ليشاهد عملية إسقاط الطائرة المفتـرض، وتارة أخرى من قبل طائرات الاباتـشي الامـيـركـيــة التي صاحبت الطائرة حتى نزولها.

منير ثابت شـخصية اندونيـسية معارضة قوية وبارزة اشتهر اسمه إبان حكم الرئيس سوهارتو الذي تنحى عام 98، في العـام 2004 قرر ذلك السـياسي السفر من جـاكرتا إلى هولندا وما أن تم وضع اسمه على لائحة الركاب حتى قام مسـؤولان كبيـران في شركـة طيرانهم الوطنيـة بتـبديل كـابتن الرحلة بآخـر طلب مـنه أن يقـــوم بدس السم لـذلك المعارض، وهو ما تم، وما ان طلب طاقم الخـدمـة من الكابـتن النزول في اقـرب مطار لإســعـاف المريض حــتى رفض وأكمل الرحلة حيث توفي المعارض قبل سـاعتين من الوصـول إلى أمستردام. القـضيـة انفضـحت ووصلت للمحـاكم الاندونيسية وصـدرت أحكام رادعة بها كما آتى فـي صحيفة «جـاكرتا بوست» الاندونيسية.

سعيد محمد سعيد

خيبة أمل الموظفين!

 

يبدو أنه من المحتم على ديوان الخدمة المدنية أن يعيد النظر في بضع حالات معدودة موعودة بتعديل الدرجات لكنها (لم تنل ما تتمنى)! وهذه دعوة للبت في طلبات حضرت أم لم تحضر إلى مكتب رئيس الديوان، لإحقاق الحق ولإزالة ردة الفعل السيئة وحالة الشعور بخيبة أمل لدى أولئك الموظفين، الذين يدرك مدراؤهم قبل غيرهم أنهم وصلوا إلى استحقاق الدرجة التنفيذية، لكن ذلك لم يحصل… لماذا؟

لقد كانت الخطوات سريعة هذه المرة، متتالية وموفقة من جانب ديوان الخدمة المدنية لتعديل أوضاع الكثير من الموظفين على الدرجات العمومية ممن يستحقون الترفيع إلى درجات أعلى أو الانتقال إلى الدرجة التنفيذية، لكننا نريد من الأخوة في الديوان أن يبلغونا بسبب حرمان (مجموعة) من الموظفين الذين يقومون بمهام تنفيذية وهم في مناصب تنفيذية إلا أنهم من ذوي الدرجات العمومية؟ حتى أن أحد الموظفين ذوي الخبرة ويعتبر ركنا مهما من أركان مكتب (وزيره) ويؤدي مهام منصب إداري رفيع يقول: «يعمل معي اثنان من الموظفين، هما الآن أعلى مني درجة ورتبة وراتبا… فكيف بالله يمكن أن يقبل أي موظف مثل هذا الإجحاف والجحود وغياب العدالة؟!».

لكن، قبل أن نرسل الرسالة إلى ديوان الخدمة المدنية… ماذا فعل أولئك الموظفون أنفسهم؟ هل جلسوا ينظرون إلى الدرجات وهي تجري لآخرين وهم ينظرون بحسرة؟ أو توجعوا وتألموا فقط وصمتوا؟ أم أنهم تكلموا ورفعوا الصوت مطالبين بالحق، مسددين بالقرائن والأدلة التي تؤكد حقهم في الحصول على الدرجة التنفيذية؟

يقال، إن ديوان الخدمة المدنية أهمل هذه المجموعة مع علمه وإدراكه بأهميتها؟ لكن لا أحد يستطيع أن يؤكد ذلك أو يوجه هذا الكلام إلى الديوان؟ ومن قائل إن الطلبات وصلت إلى مكتب الرئيس وأهملت ولم يتم حتى الآن حتى التعاطف معها بنظرة؟ وهذا الكلام أيضا نسمعه كثيرا، لكن المؤكد والمهم، هو أن يبلغنا أحد المسئولين بالديوان عن وضعية أولئك الموظفين المستحقين، ولماذا حرموا من الدرجات العليا سواء من عمومية أو تخصصية إلى عمومية أو تخصصية أعلى، أم إلى عمومية إلى تنفيذية…

ويدرك الأخوة في الديوان، أن المستحق يجب أن يحصل على ترقيته من دون مرحلة المرور بالشعور بالغضب والحنق والحزن وخيبة الأمل.

سامي النصف

بالي اللي في بالي

أمضيت الأيام القليلة الماضية في زيارة سـريعة لجـاكـرتا وبالي الاندونيـسيـتين، والأخـيرة زارها وفـد برلماني كـويتي أخيـرا وسـيـزورها بعـد أيام قلـيلة سـمـو رئيس مـجلس الوزراء الشيخ ناصـر المحمـد، وتلك الجـزيرة تعتـبر بحق إحـدى جنات الله في أرضه، بسواحلها البيضاء وبحيراتها العذبة المتكونة على قـمم جبـالها البـركانيـة، التي تختلط فـيهـا زرقة المياه بخـضرة الأشـجار وبياض السحب المتقطعة في السماء.

وقد سبق أن زرت أمـاكنها السيـاحية مـرات عدة في الماضي، والملاحظ هذا العـام هو انخفاض أعداد السـائحين الاستراليين ـ والبـيض بـشكل عـام ـ بسـبـب الأعـمـال الإرهابيـة التي تسـبب بها تنـظيم القاعـدة والتي اتهم بهـا الداعية بابكر باعـشيـر، ما أعطى سمعـة غير طيبة لاندونيسيين من أصول عربـية ممن لم تكن تخلو منهم وزارة في الماضي، وقـد أصـبحت جـمـيع الفنادق والأسـواق تمتلئ هـذه الأيام برجـال الأمن الخـاصين ممن أطلقنا عليـهم اسم «أبناء بن لادن» كـونهم حصـلوا على وظائفـهم غيـر المنتــجـة ـ بعكس أقــرانهم العــاملين في الزراعـة والصناعـة والخدمـات ـ نتـيجـة للأعـمال التـخـريبـية التي قـامت بهـا تلك الشـخـصـيـة المدمـرة في ذلك البـلد المسلم المسالم.

وتمتد جـزيرة بالي 140 كلم من الشرق إلى الغرب، و80 كلم من الشمال إلى الجنوب، ومعدل درجة الحـرارة بها طوال العام هو 28 درجة، ويدين أغـلب سكانها البـالغ عددهم 3 ملايين نسمة بالهندوسية المختلطة بالتقاليد المحليـة مما يجـعلهـا بعـيدة كل البـعـد عن الهندوسـيـة التقليـدية الممـارسـة في الهند، وتسـمى بالي بجزيرة الآلهـة لكثرة المعـابد والتـمـاثيل فـيهـا وقـد دخلت الهندوسـيـة الجزيرة قـبل ما يقارب الأربعـة قرون أي مع دخول الإسلام إلى اندونيسيا.

وقد اعـتبر برنامج السفـر على محطة CNN ذات مــرة فندق الفــور سـيــزن في الجزيرة أجـمل فندق في العالم، مما جـعلني في زيارة سابقة أزوره واسكن فـيه، وقد فتح قبل مدة فندق «بلغاري» الشهير فرعه الثاني في العـالم بالجـزيرة، وهو آية في الجـمـال والفـخـامة ومـعـروف أن الجـزيرة يزورها مليـون ســائح سنويا أغلبـهم مـن اليـابان والصين وكوريـا وروسيا، وسـتفـتح إحدى الشركات الخليجية بعد أيام رحلات مباشرة لها مما سـيشـجع السياحـة الخليجـية على الذهاب إليها.

وقـد التقـيت على العـشاء مـصادفـة بسفيرنا الفاضل مـحمد خلف الذي استغرب مرافقونا الاندونيسـيون قدرته على الحديث بطلاقـة معـهم بلغتـهم رغم قصـر المدة التي قضاها في البلد، والسفيـر الخلف كحال سمو رئيس الوزراء عندما كان سفـيرا، وكذلك عدة سـفراء كـويتيين آخـرين منهم سـفيـرنا في الصين الصديق فيـصل الغيص ممن يملكون القـدرة على الغـوص في المجتمعات التي يعملون بهـا واكتسـاب لغة أهلها مما يسـعد مسؤولي أهالي تلك البـلدان ويؤهلهم لخدمة بلدهم بشكل أفضل.

آخــر مـــحطة:
أهداني ابن قـائد سـلاح الجـــو إبان حكم الرئـيس ســـوهـارتو وسفيرهم اللاحق في واشـنطن كتابا صدر قبل أيام يروي تفـاصيل حقبة حـكمه، وقد اكـتشـفت بعد قـراءته أن إنجاز دولهم قـد فـاق إنجاز دولنا، حــتى عند مـقــارنة الديكتاتوريات بالديكتـاتوريات، فالرئيس سوهارتو قـام بتعمـير اندونيسـيا بشكل ليس له مثيل ـ كـان صدام وأمثاله الآن في منطقـتنا لا يتوقـفـون عن تدميـر بلدانهم بشكل ليـس له مـثـيل ـ وقـد أنـقـذها من الفـوضى العـارمـة والعـجـوزات الماليـة الفادحة والسـقوط في أحضان الشيـوعية المدمرة التي كاد يتسـبب بها خلفه الرئيس الوطني احمـد سوكارنو الـشهيـر بخطبه الحـماسـية الرنانة على الفـاضي، كحـال بعض زعمـائنا الثوريين من خـالدي الذكر على الفاضي!

سعيد محمد سعيد

سنواصل مطالبنا يا «حكومة»!

 

ليس صحيحا إطلاقا، لا على المستوى الشعبي، ولا على المستوى الرسمي، ولا على مستوى النشاط والحراك السياسي في البلد، أن يتوقف المواطن عن المطالبة بحقوقه المشروعة لسبب وجود احتقان ما، أو إسقاطا على ظرف مستجد أو استجواب يناقشه مجلس النواب، أو توجيهات من قيادة البلاد، أو لجملة من الأسباب التي قد نعلمها أو لا نعلمها.

لأن من حق المواطن أن يطالب بحقه، والآن… واليوم، أكثر من أية حقبة مرت بها البلاد، يصبح لون المطالبة بالحقوق الذي يصونه الدستور والقوانين هو اللون المفضل! ذلك لأننا جميعا نعلم بأن المواطن يحمل أثقالا لا تطاق من الهموم والمشكلات والبلايا وهي أثقال يعلم بها أول من يعلم، قيادة البلاد، ثم، وإن تباينت مواقف الوزراء والمسئولين في التعامل مع هموم المواطنين بين مهمل لحق المواطن وآخر حافظ له، سيكون أمامنا الكثير الكثير من العمل في هذه البلاد للوصول الى ما يمكن الوصول إليه من نتائج إيجابية، بعد سنوات طويلة من العمل المضني والشقاء والتعب وتراكم الملفات وغياب العيون الرقابية وحجب العمل البرلماني وتكدس الآلام فوق الآلام… سيكون هناك الكثير، كلما بقي المجتمع مصغيا يستمع إلى صوت العقل، ويمزج المطالبة بالمواطنة، والمواطنة بالولاء، والولاء بالحقوق والواجبات.

هل يمكن أن نغمض أعيننا ونستعيد شريط ذكريات ثلاثة أسابيع أو شهر كامل مضى؟! تتوالى المشاهد عبر ذلك الشريط لكن الصورة الأهم هي تلك الآفاق التي نأمل أن تتسع بين السلطة ومؤسسات المجتمع المدني والشعب، فهناك تصريحات مهمة للقيادة تتعلق بمستقبل البلاد، وهناك اهتمام بالزيارات التي يقوم بها سمو رئيس الوزراء، وهناك زيارات المحافظين للمجالس الأهلية، وهناك اللقاءات التي تعقد في القرى مع المسئولين، وهناك الأحضان التي تفتح للشباب بغرض إغلاق منافذ العنف والاضطراب الأمني، لكن كل ذلك يتطلب نوايا مخلصة لعمل حقيقي وليس لشعارات.

سنواصل مطالبنا يا حكومة عبر الوسائل السلمية… هكذا هي العبارة التي يجب أن يحملها كل مواطن يواجه معاناة… وكلنا كذلك! فلم تعد هناك فائدة للحرائق والدخان وتصنيفات الملثمين والمجهولين والمخربين وتصنيفات أخرى للمطالبين/ المظلومين/ المحرومين/ المسحوقين… هناك في هذه البلاد حقوق وواجبات، وسنطالب بحقوقنا مؤمنين بواجباتنا، لكن على كل الأطراف أن تكون صادقة، فالصدق منجاة… للبلاد وأهلها!

سعيد محمد سعيد

طائفيون متهمون بـ «التمييز»

 

كانت زيارة صاحب السمو رئيس الوزراء للمحافظة الشمالية يوم الأربعاء الماضي، هي الزيارة التاريخية الفريدة من نوعها التي تطرح للمرة الأولى – بحسب علمي – وبكل صراحة وشفافية وسعة صدر، قضية مهمة وحساسة وخطيرة يعاني منها مجتمعنا منذ عقود طويلة: ألا وهي قضية التمييز بين المواطنين ونوابعها الطائفية وتوابعها التجزيئية.

ولربما لم يكن طرح النائب الشيخ حسن سلطان طرحا يدخل من باب استخدام وسائل الدعايات الانتخابية أو إثارة الرأي العام وكسب وده، وإنما انطلق من كون القضية مهمة للجميع: للقيادة والشعب على حد سواء، ولأنه أمام قيادة الدولة… ما يفتح طريقا ميسرا لصراحة تقابلها صراحة، ولهذا أبلغ سمو رئيس الوزراء الجميع بأنه لا يرضى بالتمييز ولا يوافق عليه، ضاربا المثل بالعاملين في ديوانه الذين يمثلون صورة مصغرة للمجتمع.

وقطعا، هذا هو كلام «الرئيس»، وتلك تأكيداته وذلك هو مبدأه أيضا… إذا، من يا ترى الذي يمارس التمييز والطائفية؟ وكيف عاشت هذه الفكرة في عقول ونفوس فئة كبيرة جدا من الشعب البحريني؟ ولماذا لم تسقط وتتهاوى طوال عقود مضت؟

ولعل السؤال الأهم هو: من الذي يحق له أن «يميز» بين أبناء الشعب البحريني في الوظائف والخدمات والأوسمة والهبات والأعطيات وأسلوب التعامل حتى أصبحنا نعاني من مشكلة الطائفية في كل جزء من الثانية في حياتنا اليومية، والأمر لا يحتاج إلى تفصيل؟

هناك من ينتظر الإجابة، ولكن ممن؟ فالحكومة كانت واضحة في التأكيد بأنها لا «تميز»؟ ولعلني املك جزءا من الإجابة، وهو أن هناك أقطابا من كبار الرؤوس في البلد هم المتهمون بالطائفية والتمييز، وهم الذين يمارسون هذا الفعل، وإذا كانت هناك ستائر تسترهم وحصون تحصنهم، فإن لديهم أبواقا من وعاظ السلاطين من التكفيريين والطائفيين، ولديهم جيش من مثيري الفتنة (بفلوس طبعا) ومئات العناصر السرية التي تعمل هنا وهناك…

لكن، ما الحل؟

وأجيب على هذا السؤال من وجهة نظري الخاصة! فليس أمامنا وأمام كل من يشتكي من التمييز إلا أن يكون شجاعا مقداما؟ وإذا ما ضبط ممارسة تمييزية وقعت عليه في عمله، أو وقعت على غيره، فليكن أمامنا القانون نستعين به، ودعونا نجرب، ونرفع الدعوى إثر الدعوى، معززة بالدلائل والوثائق والقرائن وكل ما يقع في أيدينا ويمكننا استخدامه، لنقدم الطائفي إلى المحاكمة، فليس هناك ما يمنع يا جماعة الخير… طالما قيادة البلد ترفض التمييز ولا توافق عليه.

سامي النصف

خلافات ومطالبات وانتشار سكاني واسع

نحتـاج من علماء الاجـتماع في الكويـت البحث في ظاهرتين طغـتـا على الحـيـاة هذه الأيام أولاهمـا وفـرة المطالبات الماليـة لدى جميع القطاعـات العاملة في الدولة وقلة الواجبات، فالجمـيع يطالب ولا أحد يتحدث بالمقابل عن واجـباتهم تجـاه الوطن في وقت تظهـرفـيه الأرقـام انحدارا عاما للأداء في البلد.

بعض إشكالات تلك المطالـبات غـير المبـررة تخلق «شعورا كاذبا بالظلم» يؤدي إلى الإحباط والتذمر الدائم، كحـال من اقتـرضوا أمـوالا من البنوك وإبان سدادهـم ما عليهم ظهرت على السطح مطالبات غيـر عقلانية لإسقاط تلك الديون، وعند الإخفاق الطـبيـعي لذلك المطلب غيـر الطبـيـعي سـادت حالة مـن الغضب والـشعـور بعـدم الإنصاف.

الظاهرة الأخـرى التـي تحـتـاج للدراسـة هي كم الخـلاف فـي المجتمع الـكويتي الذي طغى فـي عـدده ومسبباته غير العقلانيـة على جميع المجتمعات الأخرى، فالأسر والإخوان والأقرباء في حالة خلاف شـديد تظهر عوارضـه فيمـا ينشر على صفـحات الجرائد من قـضايا وحجوزات ومحـاكم، ولو بحث في جذور تلك الصراعات لما وجد في الكثير منها ما يستحق ذلك الخلاف.

ومن ذلك مـا رأيناه فـي السـابق من خـلافـات بين الوزراء أدى بمن يـفـتــرض أن يكونوا «دســتــوريا» متضامنين كحال وزراء الدول الاخـرى الى الكيد لبعضهم البعض عبـر التسريبات الإعلامية والاستجـوابات، كما امتـد الخلاف الـشديد إلى الكتل والنواب، حـتى أن بعض الاستجوابات قد تمت على معطى كـيد كتلة نيابية لوزير جل ذنبه انه مقرب من كتلة نيابية اخرى.

وقد امتد الاختلاف للأسر الاقـتصادية التي تشتهر في العـالم اجـمع بتكاتفـها الـذي تفرضـه مـصـالحهـا المشـتركـة، ثم انسـحب إلى النخب الفكرية والثـقـافيـة والإعلامية والدينية فيما رأيناه منشورا في الصحف ومما يجري لـدى أساتذة الجامـعة ولدى الأطباء والمهندسين والمحامين والطيارين والإعلاميين ورجال الدين بشكل لم نلحظ مثله في صحف دول أخرى، مثل أميركا وبريطانيا، التي يبلغ عدد سكـانها 400 مليون نسـمة في وقت لا يزيد عـدد سكان «أسرتنا الـكويتيـة الواحـدة المختلفة» على مليون نسمة.

ومـادمنا في السكان، تكشـف أرقام الأمم المتـحـدة وصندوق النقـد الدولي الرسـميـة عن زيادات مـخـيفـة للسكان في الكويـت بشكل لا مثـيل له في العـالم اجـمع، حيث تقارب 7% في العـام في وقت لاتزيد بالمعدل على 1% لدى الدول الاخـرى، مما سـيـجـعل عدد سـكاننا يبلغ 4 ملايين نسمـة خلال الثلاثة أعوام المقبـلة على نفس رقعة الأرض ولربما نصف الموارد حـال الانخـفـاض المتـوقع لأسعار النفط والتعثر المعتاد لخطط التنمية التي يفترض ان تخلق البـدائل لمـداخيـل النفط، مما يمهـد لمضـاعـفـة إشكاليات الجريمة والبطالة والازدحـام المروري ولربما حتى تفشي الفقر.

آخر محطة :
قد يكون عـددنا ككويتيين أقل مـن مليون ولكننا ننتـشـر في العالم بشكل أكـثـر من جيـد، واليكم الأمثلة التـي تثبت ذلك: العمليـات الإرهابية الأخـيرة في الجزائر حـدثت على بعد 300 مـتر من السيـد عبـدالعزيز البـابطين الذي كـان في طريقـه للمطار، أحداث المغـرب الأخيـرة حدثت كذلك بالـقرب من السيـد عصام الصـقر، أحداث جـامعـة فيرجـينيا تمت في المبنى الذي يـقيم به الطلبة الكويتيون، وخطاهم جميـعا السوء وما يشوفون شر.

سعيد محمد سعيد

خرب… يخرب… مخربا!

 

لعلني أميل إلى الصوت الذي يطالب بالاستماع الى ما يريده الشباب الذين توجه إليهم أصابع الاتهام بالحرق والتخريب وإشعال البلاد، في تأجيج مسرف تجاه تغييب الاطمئنان وبث الشعور بالخوف والرهبة وعدم الأمان… أقول إنني أميل إلى ذلك الصوت من ناحية استخدام مفردة «الاستماع»، لكن ليس من المعقول أن يكونوا هم الطرف المقابل للتحاور أو للاستماع… هذا لا يمكن إطلاقا من عدة نواح أهمها:

– أنه، ومن باب معرفة وقرب وتفهم، فإن أولئك الشباب في بعض قرانا وأحيائنا السكنية ليسوا سوى طلبة مدارس إعدادية وثانوية ويشاركهم أحيانا بعض طلبة المرحلة الابتدائية، وفي بعض الأحيان يشاركهم المتسربون من التعليم وقليل من العاطلين «الصغار في السن»… فالمسألة لم تتعد مساحة إيجاد برنامج للتنفيس يكون مهربا من الوضع المعيشي أو الأسري من خلال دوي اسطوانات الغاز أو لون دخان الإطارات المشتعلة.

– ثانيا، وهذا جانب مهم، هو أنك ستعرف حينا من يكون أولئك الفاعلون الملثمون، وستسمع حينا آخر أنهم ينتسبون إلى هذه الجهة أو تلك، وهنا، فمن واجب الأهالي أولا إيقاف الشباب الذين يلوذون بالحرائق – بتصرفهم – من دون موجه أو قيادة علمائية، وثانيا، العمل على القبض على المشتبه بهم ممن يقول البعض عنهم إنهم ينتسبون إلى الداخلية أو المخابرات أو أية جهة. نعم، ما المانع من أن يقبض عليهم الشباب الأشداء في القرى وهم كفء لهذا العمل، ثم يقدمونهم للمساءلة القانونية بمعرفة الوجهاء وممثلي الشعب؟

على أن ما تقدم، لا يحرم هذه الفئة، التي تود أن توصل صوتا، هو من حقها في المطالبة المشروعة، ولكن ليس من خلال تدمير ذاتهم ومستقبلهم ومجتمعهم وبلادهم. لقد تابعنا الشباب الأربعة الذين اعتصموا بسلام أمام وزارة الداخلية يطالبون بوظائفهم… ألم يصلوا إلى نتيجة بهدوئهم ووجدوا من يأخذ بيدهم؟

نحن، نريد أن نوصل صوت من له مطالب، ولكن من خلال التحاور بين النواب والناشطين والوجهاء والعلماء، ومن حقنا أن نتحدث عن البطالة والفقر وسوء الحال المعيشي، وليس صحيحا أن نجلس مع طلبة تسربوا من التعليم وفضلوا طريق التسكع والعنف لنسبغ عليهم صفة البطولات ثم نتورط بهم وهم يتحكمون في الديرة… بل يقارعون حتى علماء الدين.

الصحيح، هو أن العلماء والوجهاء والفئات المثقفة في هذه القرية أو تلك، أعلم بمطالب الناس ومبتغاهم، ويدركون أسباب أية ممارسة ودوافعها وحلولها، وهؤلاء من يجب أن يكونوا طرفا مهما لدى السلطة… للحوار!