لا أدري ما هي قصتي مع «الكوابيس المفزعة»! فهاهو كابوس آخر يفجر كل خلية في جسدي خوفا وفزعا وهلعا… فقد رأيت فيما يرى النائم – اللهم اجعله خيرا – أنني كنت أعمل ذات يوم في مكتبة كبيرة عامرة، كان يطلق عليها اسم «مكتبة التقارير المثيرة»، وكانت فعلا اسما على مسمى، ولابدّ من القول، إنني ترددت بادئ ذي بدء من العمل في هذه المكتبة، فليست لي قوة ولاقدرة على احتمال «تقرير مثير» واحد، فكيف يا (بعد عمري) أعمل في مكتبة كلها تقارير مثيرة!
وكان من جميل صنع الله في جميع أهل تلك البلاد، أن وقعت صاعقة على تلك المكتبة، وتطايرت التقارير وانكشف كل ما فيها، بعد أن هوت عروش تلك المكتبة، وتبين بعد ذلك، أن تلك الأوراق التي تتكدس على بعضها بعضا «بالملايين»، ويسيل حبرها أنهارا، ما هي إلا حاضنات لأخطر أنواع الفيروسات فتكا بالبشرية، فهناك فيروس «ط» القاتل، ومجموعة من فئة «ت» الجرثومية الفتاكة، وحاضنات أخرى لا مثيل لها من المزارع البكتيرية التي تحوي بكتيريا (ف) و(ح) و(إق) بالإضافة الى الملايين من باعثات الأوبئة من فصيلة (د) وتوابعها، ولست أدري ما معني تلك الأحرف الفيروسية، لكن شاء الله أن يشرح للإيمان قلبي فعرفت أن تلك الأحرف تعني الآتي (ط: طائفية، ت: تخوين، ف: فساد، ح: حرمان، إق: إقصاء، و(د) وهو الأخطر وينتشر عادة في آخر المطاف، وهو يرمز إلى (دمار).
رأيت الناس أول الأمر تتقاتل مع بعضها بعضا، ويحلو للجار أن يشرب من دم جاره وعرضه وماله، وصارت السكاكين والخناجر وأسلحة أخرى، تظهر في أيدي بعضهم، حتى ظهر الفساد في البر والبحر، وخاف الراعي كما خافت الرعية، واضطربت القلوب، وحمى الوطيس، فجاءت رحمة الله، إذ تنبه الراعي الحكيم الوقور، إلى أن ما يحدث الآن وسيحدث غدا ليس من فعل مكتبة التقارير المثيرة، إنما هي من فعل من كون الحاضنات وباعثات الأوبئة في الأدراج وفي القلوب وفي العقول وفي كل مكان تنظر فيه عين وينبض فيه قلب، فبقبضة واحدة قوية، فالصاعقة كفت الناس في تلك المكتبة شر القتال، لكن الوالي، لم ينم لحظة مذ عرف الحقيقة، ولم يخف في الله لومة لائم، فاجتث كل من أراد بالأمة سوءا وأذاقهم نار الحامية.
استيقظت من النوم فزعا؛ لأقرأ فصلا مقلقا، لكن ذلك لم يكن في الحلم، بل في اليقظة، وسنتحدث عنه الخميس المقبل إن شاء الله.