سامي النصف

وزير الأوقاف الصوفي

د. احمد حسن الباقوري هو احد اشهر وزراء الاوقاف المصريين وترجع اصول عائلة الباقوري الى المسلمين الذين هجروا الاندلس بعد سقوطها وانتشروا في الشمال الافريقي حتى غرب مصر، وينسب لهؤلاء اغلب الطرق الصوفية المنتشرة في مصر ودول المغرب العربي.

وكان الشيخ الباقوري احد كبار الثائرين على الانجليز والحكومات الموالية لهم ابان العصور الملكـــية، وتم سجنه اكثر من مرة، كما كان صديقــا شخصيا للامام حسن البنا الذي يقول في كتاب ذكرياته انه كان صوفيا متــبعا للطريقــة الشــاذلية.

وقد تم تعيين الثائر الباقوري في عهد الثورة عام 52 وزيرا للاوقاف والشؤون الاسلامية وقد كان جالسا على المنصة في المنشية عام 54 ابان محاولة قتل الرئيس جمال عبدالناصر، ويقول كشاهد عصر عن تلك الحادثة انه ورغم خلافه اللاحق الشديد مع ناصر الا انها محاولة اغتيال حقيقية لا يمكن انكارها حيث شاهد اطلاق النار الذي اصاب بعض الجالسين الى جواره.

وفي هذا السياق فان انكار حادث المنشية من «بعض» رجال الاخـــوان يصيب مصـــداقيتهم بضـــرر، فقد شهد على صحته بعض رجال التنظـــيم الخاص في كتب صــدرت عن دار الزهـــراء، كما كانت وقائـــع تلك المحاكمات علنية ويحضرها رجـال الاعلام المصريون والعرب والاجانب وكان بامكان المتهمين والشهود ان ينــكروا على العلن ما حدث، وهـــو ما لم يحدث، وقد قرأت محاضر تلك المحاكمات الهامة اكثــر من مرة ولا يوجد ادنى شــك في ذهــني في حقيقة المحــاولة.

ان المأخذين الاساسيين المحقين اللذين يمكن للاخوان ان يعتمدوا عليهما في خلافهم مع ناصر هما: الاول عدم عدالة اخذ المئـــات والآلاف من الاخوان بجريرة قلة قليلة من رجال النظام الخاص الذين قاموا بمحاولة اغتياله، والثاني ان المحــكمة وان كانت علنية الا انها كانت هزلية من الطراز الاول في قضايا مصيرية تم خلالها اصدار اعدام ومؤبد على كثيرين وقد انتهج فيما بعد المهداوي خطى المجنون جمال سالم في علانية المحكمة وهزلها واشراك الجمهور في نقاشــاتها واحكامها القراقوشية الظالمة.

وللباقوري نهاية مأساوية مع عهد الثورة، التي طالب بها، فقد طلبه عبدالناصر في عام 59 واسمعه شريطا مسجلا قام فيه احد الحضور بشتم والدة عبدالناصر وقال الشاتم ضمن الشريط انه يقوم بذلك الامر بحضور وزير الاوقاف.

ويدعي الباقوري انه رد على الشاتم الا ان الشريط انــــتهى تسجيله مع نهاية الشتم ولم يتعداه.

وقد اقترح الباقوري ابان جـــمهورية الرعب والخوف ان يستقيل فــــقال له ناصر الذي كان في ابان مجده ان احدا لا يستـــقيل في حكومته بل يقال، وهو ما تم، وقد خرج البـــاقوري من اللقاء مرعوبا لدرجة انه سجن نفسه في منزله ولم يخرج اطلاقا لمدة 5 سنوات حـــتى ارضى ذلك الامر عبد الناصر وارسل يستـــدعيه لحضور حفل زفاف ابنته هدى.

سامي النصف

التاكسي

لست معتادا على قراءة الروايات، وأفضل عليها قراءة كتب العلوم الإنسانية المختلفة، إلا أن توصيـة الصديق جابر الهاجـري لي بقراءة رواية «التــاكــسي» للكاتب المـصـري خــالد الخميسي وقضائي أوقات استرخاء كثيرة على الشواطئ المصرية جعلاني ألقي نظرة عليها.

و«التـــاكـــسـي» هي رواية من الـنوع التحريضي والتنـويري على الأوضاع الرائجة هـذه الأيام وقــــــد وضع الـكاتـب كل أرائه الشخصية الخاصة على لسان سائقي التاكسي كمـا كان يضع توفيق الحكـيم آراءه على لسان حماره، والخـجل أن الكاتب الذي شبع من كيل الاتهامـات للشعب المصـري وقيادته الحكيـمة أفـاض في كــيل المديح ـ على لســان سـائقي التـاكسي بالطبع ـ على صـدام حسين وحـسن مـعاملتـه للمـصريـين إبان الحرب الإيرانية ـ العـراقـية، مـتناسـيـا آلاف الأكفان المصـرية الطائرة من بـغـداد للقـاهرة وقـد أثنى بشكل مـباشـر على إنسانية وحسن مـعاملة رجـال اسـتخـباراته الذين هم على الأرجح من مـوله، فأمـوال صدام المسـروقة من دم وعـرق الشعب العراقي مازالت ترزق وترزق الآخرين. .

والحقيقة أن سـائقي التاكسي في القاهرة هذه الأيام لا يـتكلمــون، ويخــبـرنـي في هذا السياق احـد الزملاء الكويتيين من كـتاب المقال انه حـال وصولـه للقاهرة يقـوم باسـتـئجـار تاكسي ويقـوم بقيادته كي يستـمتع أثناء ذلك بالحديث مع الزبائن بعد أن مل صمت وسكوت سائقي التاكسي.

والحقيقة أن الكلام الوحـيد الذي تسمعه من سـائقي التـاكسي، أن نطـقوا، هو عن غـلاء الأسعار، لشيء في نفس يعقوب، وكـيف كان كيلو اللحـمة والفراخ والسـمك بقروش قليلة، متناسين أن مشوارهم كان بقروش قليلة كذلك، وان من غير المـعقول أن تبقى الأسعار على ما هي عليه في مـصر فقط وسط غلاء عـام يسود العالم، فما كان آنذاك بدولار أو جنيه إسترليني او دينار كويتي أصبح الآن بعشرة.

سامي النصف

الساحل الشمالي

خرجت من ميدان لبنان في القاهرة إلى المحور ومدن 6 أكتوبر الجديدة، ثم اتجهت لطريق القاهرة ـ الإسكندرية ومشاريعه الإسكانية والزراعية العديدة ثم سرت على طريق الإسكندرية الساحلي إلى المارينا ثم أكملت حتى مدينة مرسى مطروح الساحلية وقد لحظت انخفاض الحرارة الملحوظ مما عليه الوضع في العاصمة ودون رطوبة في الجو.

مقدار العمران الجديد في المناطق المذكورة سلفا أي من القاهرة حتى مرسى مطروح يزيد بآلاف المرات عن كم العمران في دبي وان امتد لمساحة اكبر ولفترة زمنية أطول كما يزيد عما شاهدته في اغلب الدول العربية والأجنبية حيث قل أن ترى هذا الكم من المدن والمنتجعات الحديثة الفاخرة، فمنتزه المارينا على سبيل المثال هو بحجم عدة مناطق كويتية مجتمعة وبقربه عشرات المنتزهات الأخرى التي تحتوي على مئات الآلاف من الوحدات السكنية.

هناك دلالات عدة لما رأيت يجب ألا تخفيها حالات التذمر «الماسخة» عن الأوضاع في مصر، ففي البدء الذي أقام كل تلك المشاريع هو القطاع الخاص ورجال الأعمال المصريون وبأموال مصرية، كما أن اغلب السكان والملاك هم من المصريين، ومن ثم فان هناك الملايين منهم من الطبقات الوسطى والعليا المرتاحة ممن يملكون تلك الوحدات السكنية المخصصة للترفيه وسكن الصيف وهو أمر لم يكن موجودا في السابق، كما ينفي أكذوبة أن مصر منقسمة ما بين قلة شديدة الثراء وأكثرية شديدة الفقر ولا شيء بينهما.

ولو سأل الغوغاء والثورجية العرب أين ذهبت أموال مصر ـ وحتى الخليج ـ خلال ربع القرن الماضي؟ لكفت الإشارة لتلك المشاريع العمرانية والتنموية والبنى الأساسية كدلالة على الحكمة في الصرف والتصرف، وأعتقد لو باعت مصر اسمنت وحديد تلك المنشآت لأصبحت أغنى بلد في العالم، وبالمقابل: ماذا لو سألنا هؤلاء الغوغاء من مفكرين وإعلاميين: أين ذهبت أموال الثوريات التي تدعمونها كصدام وأمثاله خلال نفس المدة ونحن لا نرى في بلدانهم إلا الخراب والدمار.

سكنت في فندق بورتو مارينا الشهير في الساحل الشمالي وكانت نسبة الامتلاء هذه الأيام قليلة لعدم بدء عطلة المدارس، على بعد 150 كم غربا من المارينا و30 كم من مدينة مرسى مطروح زرت منتجعا يسمى «المازة» وذهلت مما شاهدت، نسبة امتلاء تقارب 100% وجميع القاطنين من الاوروبيين في منتجع اقرب الى الخيال في الجمال ممن تحضرهم طائرات الشارتر لمطار مرسى مطروح، وقد اخبرني مدير الفندق أن ما أراه اقل من 10% مما هو قادم لذلك المنتزه الذي فتح قبل اشهر حيث سيحتوي على 6 فنادق جديدة وجميعها مملوكة لرجل أعمال مصري لم اسمع به من قبل.. وعمار يا مصر!

آخر محطة:
مصر وبعض الدول الخليجية وعلى رأسها الكويت في حاجة لعمل جاد لتغيير الثقافات السالبة السائدة كي يتم خلع النظارات السوداء عن أعين الجميع واستبدالها بنظارات تفاؤل واقعية بيضاء، فالدنيا بخير في بلداننا..

سامي النصف

القاهرة

قمت بزيارة قصر عابدين في القاهرة الذي يشتمل على 7 متاحف بالغة الروعة تحتوي على مقتنيات وهدايا سلاطين وملوك ورؤساء مصر المتعاقبين من نياشين واوسمة واسلحة وهدايا متنوعة، وبودنا ان ينظر في إنشاء متحف اميري يقوم على نفس الأسس خاصة ان القيادات الكويتية المتعاقبة اشتهرت بعلاقاتها الجيدة مع الجميع وحب قادة العالم لها ومن ثم حصولها على كثير من الاوسمة والشهادات والنياشين التي تستحق ان يطلع الشعب الكويتي عليها.

كما زرت قلعة محمد علي وضمنها مجموعة متاحف جميلة اخرى منها متاحف مختصة بحروب وانجازات الجيش المصري الشقيق، ومرة اخرى نعتقد ان بالامكان انشاء متحف عسكري كويتي يخلد تاريخ حروبنا وانجازات شهداء وقادة وافراد الجيش الكويتي الباسل الذي خاض الحروب والمعارك على الجبهتين المصرية والسورية وشارك في نصر اكتوبر 73 وهي امور كادت ان تنسى لعدم وجود ذلك المتحف، ثم حرب تحرير الكويت اضافة الى المقاومة الكويتية المجيدة التي كان يشارك ويقود كثيرا من اعمالها افراد الجيش الكويتي.

ومما زرته متحف الآثار المصرية الذي يعتبر الاكبر في العالم لمثل تلك الآثار الانسانية الخالدة ومسجد عمرو بن العاص الذي يعتبر رابع اقدم مسجد اسلامي ومسجد احمد بن طولون وكنيسة ابي سرجة والكنيسة المعلقة ويعود تاريخهما للقرن الرابع الميلادي ويقعان على بعد خطوات قليلة من مسجد عمرو بن العاص على ضواحي القاهرة وبالقرب منهم قلعة صلاح الدين واسوار القاهرة التي شرع في بنائها القائد جوهر الصقلي قبل الف عام.

ومما يستحق الزيارة حديقة الازهر الجديدة التي هي غاية في الجمال والذوق وتحتوي على مجموعة من المطاعم الراقية كما تقع على مسافة قريبة من مساجد الحسين والسيدة زينب، والسيدة نفيسة وجوامع قايتباي والظاهر بيبرس والجامع المرمري وجميعها آثار إسلامية رائعة.
 
يحسب لوزير الثقافة المصري فاروق حسني عمله الدؤوب لتجديد عشرات المواقع الاثرية التي طالها الاهمال ابان حقبة «لا صوت يعلو فوق صوت المعركة» حتى تهدم البعض منها آنذاك، وجزء من ابداع الوزير الفنان يرجع لثقة القيادة به واستقراره في موقعه حيث ان امور الثقافة تحتاج الى زمن كما انها بطيئة المردود.

آخر محطة:
لا اعلم لماذا ونحن في موسم سفر لا يزور الكويتيون والخليجيون الاماكن الاثرية والمتاحف في القاهرة والكثير منها يعــــادل اذا لم يفق مثيله في الدول المتقدمة كما اعجب من عدم قيادة الكويتيين للسيارات في مصر رغم سهولة الطرق كي يشاهدوا المعالم السياحية القائمة خارج القاهرة كالساحل الشمالي ومنتجعات البحر الاحمر.

سعيد محمد سعيد

في البحرين…عشرات القتلى ومئات الجرحى!

 

يسقط في البحرين يوميا عشرات القتلى، فيما تضيق الدنيا على مئات الجرحى والمصابين، وتواجه الحكومة مشكلة كبرى في التعامل مع هذا الوضع المقلق والمخيف الذي قد يقضي على أهل البحرين عن بكرة أبيهم، والسبب في ذلك كله «الازدحامات والاختناقات المرورية!».

في كل يوم، تتيح لك الظروف لتلقي الأنباء المؤسفة عن أولئك القتلى والجرحى/ نحن/ هم/ أولئك! فعندما تكون جالسا في عملك، قد يبادرك زميلك أو زميلتك بالدخول مباشرة بنفخة كبيرة في الوجنتين وعيون يتطاير منها الشرر ليقول/ تقول: «قتلني الازدحام.. ذبحني الاختناق المروري»، فيما تجد الكثير من المصابين والجرحى الذين تلتقيهم في المسجد أو في المجلس أو في النادي ليبلغك أحدهم أنه أصيب بجرح غائر بينما كان يحاول الرجوع إلى الخلف فشتمه أحدهم طالبا منه أن «يفتح عينيه»، أو لربما وجدت الجرح أكبر من ذلك حينما يعتدي أحدهم بالضرب مثلا على زوجتك أو أختك بسبب خلاف على أحقية السير! ولربما كان من الملائم أن تتحدث عن إصاباتك وجروحك التي أصبت بها أثناء خروجك من مواقف سيارات مجمع السلمانية الطبي ماشيا على قدميك لينزل عليك الذراع الآلي للدخول غلى المواقف، أو يباغتك أحدهم بالرجوع إلى الخلف من دون أن يضع لك اعتبارا.

المهم، أن السجلات المتوافرة تشير إلى استمرار القتلى والصرعى والجرحى في مختلف شوارع البلاد، فحسب ما أعلنته الإدارة العامة للمرور، فإن أعمال التوسعة والتحسين والإنشاءات التي تشهدها الشوارع والطرق، وخصوصا في العاصمة وضواحيها، ستمتد إلى عامين، وهذا يعني أننا سنموت يوميا ولن تكون الجروح والإصابات الطفيفة هي القضية، لكن قد نتفاجأ يوما بارتفاع حالات الانهيار العصبي والصرع و… (أم الديفان).

صحيح، ستكون الشوارع أفضل بكثير بعد أن تنتهي هذه المشروعات طبقا للوعود والأمنيات والأحلام الجميلة التي تدور على رؤوسنا ونحن نموت ونموت بلا مكيف في وقت الظهيرة أحيانا، وبلا حول ولا قوة للراديتر التعبان أحيانا أخرى، لكن إذا كان الفرج بعد الصبر سيكون بمثابة صبرنا واحتمالنا لمشروع إزالة دوار السلمانية وتحويله إلى اشارات ضوئية زادت الطين بلة، فإن أعداد الشهداء في البلاد ستفوق بلد المليون شهيد لأن الواحد منا يموت شهيدا في اليوم أكثر من مرة!

سعيد محمد سعيد

كفاك نوما!

 

كما وعدتكم يوم الأحد الماضي، بأنني في هذا اليوم الخميس «الأنيس»، سأكمل تفاصيل الحلم «الكابوس» الذي فزع منه الكثير من القراء بعدما قرأوه! فعلى رغم أن بعضهم وصفه بأنه (فيلم هندي) لم يتردد آخر في القول إنه (فيلم أميركي) أما ثالث فاكتفى بالقول (كفاك نوما واستيقظ من أحلامك وكوابيسك)، ولست والله أرى ذلك الكابوس، الذي مثلت فيه دور الموظف في مكتبة للتقارير المثيرة، إلا حالة من حالات الإنبعاث الشعوري اللاارادي السمبثاوي، كما يقول علماء النفس بارك الله فيهم.

ما يهمنا الآن هو تكملة الكابوس/ الحلم، فعبد أن اجتث الوالي الحكيم الوقور رؤوس الفساد ورمي بهم وبتقاريرهم في غياهب السجون، تفجرت الآبار الجافة بالماء العذب وجرت الأنهار وغردت العصافير في البساتين الجميلة، وازهر الربيع وطاب العيش للناس في بلادهم التي سقوها من دماهم قبل عرقهم، وما تبقى من الأحقاد في القلوب، زال بعد التصافي والتحابب والانشراح.

هذا ما كان من أحوال الرعية. أما ما كان من أحوال وعاظ السلاطين وحراس البلاط والمطبلين والمكذبين والمنافقين، فقد دارت عليهم الدوائر وجارت عليهم أنفسهم قبل الزمن، إذ ذاقوا الوبال بسبب نفاقهم وكذبهم وتأليبهم العباد والبلاد، وإشعالهم نيران الفتنة والمساهمة في كتابة فصول من التقارير وبنود من التعابير وملفات لا تحملها الأضابير، فرماهم الوالي الحكيم بعيدا عن الأرض الطاهرة، فلا يعودوا إليها أبدا حتى ولو اغتسلوا في أقدس الأنهار، وأعلنوا التوبة والاعتذار.

ووقف الوالي مخاطبا بعضا آخر من الوعاظ فقال لهم: «أيها الناس، أنتم الأمناء، فلم تكن لكم أمانة، وأنتم حراس الدين وحماته فلم تكن لكم حمية لا على دينكم ولا على وطنكم ولا على أنفسكم حتى… وأنتم من يصلح بين الراعي والرعية، فلم يكن ديدنكم إلا الموائد الدسمة، والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة، وكان الناس ينتظرون منكم كلمة حق لله فيها رضا، ولي ولكم فيها صلاح، فما تكلمتم وخنتم أماناتكم، فاسمعوا وعوا: إما أن تعودوا إلى رشدكم وتقوموني إن انحرفت، وإما أن… أو… على… متى… أين… قد… برأت منكم الذمة».

والحمد لله… الحمد لله أنني استيقظت من النوم، ولا أدري أكان ذلك قبل أذان الفجر أم بعده، فخفت أن أقول ذلك، فيعتبرني البعض كذابا إن كان كابوسي قبل الأذان، ويعتبرني البعض الآخر، كذابا أيضا، إن كان كابوسي… بعد الأذان.

سامي النصف

هل فشلنا في إدارة أوطاننا؟!

الإجابة على مستوى المحيط العربي هي «نعم» كبيرة، حيث قامت اغلب الحكومات «الوطنية» التي اتت في حقبة ما بعد الاستعمار بالتحول يساراً والأخذ بنهج النظم العسكرية القمعية، فعلقت البرلمانات وصادرت الصحف وأممت المصانع وفتحت السجون وأرعبت الشعوب وقادت جيوشها من النكسات الى النكبات.

واشتهرت تلك الحكومات الثورية بإدمان الرهان على الخيول الخاسرة، فلم يبق حصان كسيح او فكر ساقط مريض الا وضعت رهان امتها وآمالها عليه، كما اضاعت تلك القيادات الملهمة بوصلتها وانعكست الجهات الأصلية لديها، فكلما انتظروا العدو من الشرق اتاهم من الغرب، وإن رابطت جيوشهم في الشمال اتاهم ـ قاتله الله ـ من الجنوب، والمخطئ بالطبع في تلك الهزائم هو العدو الجائر الذي يؤمن بأن «الحرب خدعة».

ورغم ان الدول التي ورثتها تلك الثوريات كانت مرتبطة بأشد الوشائج الحميمة مع الدول الغربية المتقدمة، وكان بإمكانها، ضمن نظام الاقتصاد الحر، الحصول على أحدث التقنيات والجامعات والعلوم الصناعية والزراعية (كما حدث مع دول الخليج وشرق آسيا) إلا انها قامت وبذكاء تحسد عليه بخلق حالة عداء معها واستبدالها بعلاقة مع دول استبدادية وشديدة التخلف هي دول المعسكر الشرقي التي لم تنفع ذاتها، فكيف تنفع دولنا؟! وقد أهدرت تلك الحكومات الثورية المتأزمة موارد اوطانها على السلاح والجيوش والحروب الخاسرة، والصناعات الثقيلة التي لا قيمة ولا حاجة لها، كما تسببت تلك الحكومات الوطنية (لا الاستعمار) بنزوح كبير للعقول الوطنية، فتوقف الإبداع العربي عند انجازات وإبداع عهد ما قبل الحكم الوطني المجيد.

ونلحظ من هذا السياق ان بلداً كمصر الولادة، جل مبدعيها في الفنون والآداب وكافة العلوم الإنسانية على المستويين العربي والدولي هم نتاج حقبة ما قبل انقلاب 52، رغم ان تعداد سكان مصر آنذاك يقل عن 20 مليونا، بينما ازداد العدد فيما بعد الى اضعاف ذلك العدد دون ان تصاحبه نفس الزيادة في عدد المبدعين وحاصدي الجوائز العالمية بسبب القمع وأنظمة التعليم الثورية التي يفاخر بها عادة قادة ذلك الانقلاب الذي اودى بمصر والأمة العربية معها الى المهالك والتخلف.

وكان الشارع العربي يسمع القرآن من الشيخ عبدالباسط عبدالصمد والغناء من أم كلثوم ويقرأ الصحافة من الأهرام.. إلخ، فأصبح الخليج العربي غير المبتلى بنهج الثورية هو صاحب الإنجاز والثقافة السائدة من الماء الى الماء، فالديموقراطية كويتية، والإعلام المرئي قطري، والمقروء سعودي، وأرقام التنمية الاعلى خليجية، والقرآن يرتله الشيخ مشاري العفاسي في شوارع العواصم العربية، والغناء تسيده مطرب العرب محمد عبده وبقية فناني الخليج، والمسرحيات كويتية، والمسلسلات اماراتية، والإنجاز الرياضي سعودي.. إلخ.

آخر محطة:
 سلاح المخيمات في لبنان الذي قتل عشرات آلاف الفلسطينيين بسببه تم القبول به كوسيلة للمقاومة الفلسطينية ضد اسرائيل، الآن هناك اربعة جيوش تحد من وصول الفلسطينيين الى اعدائهم هي الجيش الإسرائيلي والتحالف الدولي والجيش اللبناني وحزب الله، فما فائدة سلاح المخيمات إذن؟!

انزعوا ذلك السلاح لحماية دماء الأبرياء الفلسطينيين وكخطوة متقدمة اخرى لبسط الدولة اللبنانية لسلطتها على جميع ارضها.

سامي النصف

وقف الأزمات بتغيير الثقافات

اغمضت عيني وتصورت اننا اصبحنا في العام 2050 وتساءلت: هل سنرى عامذاك لعبة سياسية هادئة ومختلفة القواعد؟

شخصيا، اعتقد اننا سنرى تماما ما نراه هذه الايام من ازمات تلد ازمات لسبب بسيط هو ان استخدام نفس الطريق سيؤدي بالقطع الى نفس النهايات، وليس من الحكمة بشيء الاعتقاد بأن استخدام الطريق ذاته سيؤدي الى نهايات مختلفة.
 
يقول بعض الحكماء ان تجربة 50 عاما قد تكون تجربة سيئة لعام واحد مكررة 50 مرة فالزمن لا يحل شيئا بذاته ما لم تتغير قواعد اللعبة والخارطة الزرقاء التي قامت عليها، وعندها فقط يمكن ان ننتهي بنتائج مختلفة ومن ثم نجد في عام 2050 وقبل ذلك بكثير لعبة سياسية جميلة تدعم التنمية وتدفع بتطور البلاد وتحريك اقتصاده.
 
ابان عهد الوزير محمد السنعوسي تحدثنا في قضية السياسات السالبة السائدة التي ترى في البلد ظلاما في ظلام وخرابا في خراب ومستقبلا كحليا عبر عنه، كما يخبرني الصديق الاعلامي يوسف الجاسم، احد السياسيين الذين التقاهم في برنامجه الشائق بقوله ان الكــويت مقبلة ـ والعياذ بالله ـ على انهيار سريع واختفاء من الخارطة..! النظرة التشاؤمية السابقة ومثلها من يرى في كل مشروع تنموي قصة سرقة، وفي كل مسؤول حكاية تجاوز هي في حقيقة الامر العامل الشعبي الضاغط على النواب لتسخين الاجواء السياسية والتصعيد الاعلامي والتصدي للحكومة عبر الاستجوابات المتتالية، ولو تغيرت تلك الثقافة السالبة الخاطئة الى ثقافة جديدة متفائلة لتقلصت الى الحدود الدنيا تلك الازمات ولتفاءلنا خيرا في المقبل من الايام.

لقد تم تشكيل لجنة لتسليط الضوء على المشاريع الموجبة في الدولة، ومعها بدأ العمل المؤسسي الجاد للمرة الاولى في تاريخ الكويت لتغيير الموروثات السالبة المدمرة، وقد التقى فريق العمل عشرات المرات واصدر العديد من التوصيات، كما استقدم العديد من العروض من الشركات المختصة في الداخل والخارج، ثم توقف كل شيء في بلد غريب لا يمانع من صرف عشرات الملايين لحل اشكالات تخصّ قلة قليلة من المنحرفين كالمتطرفين ومدمني المخدرات ويبخل على عمل جبار غير مسبوق يفيد الدولة بأكملها وكافة افراد الشعب،.. و.. تحصل فقط في دولة الكويـــت.. الذكية…!

آخر محطة:
جزء من مشروع ترويج المشاريع الوطنية القائمة والمقبلة يهدف لتسليط الضوء على اماكن الترفيه العديدة في الكويت التي لا يعلم بها السائحون ولا المستثمرون ولا المواطنون ولا المقيمون، ومع ذلك نحلم بالتحول الى مركز مالي وسياحي.. كيف؟!

سامي النصف

منتصف الأسبوع

حريق آخر وضحايا أبرياء آخرون، نحتاج لمنع تكرار تلك المآسي الى ثلاثة امور محددة: الاول التوعية العامة بمخاطر الدخان في الحرائق فهو ما يقتل باكثر من النيران ذاتها، الثاني تشجيع تزويد البيوت بأجهزة الانذار الخاصة بالدخان ـ رخيصة الثمن ـ كون الحرائق تبدأ دائما بدخان كثيف يمكن لتلك الاجهزة اكتشافه وتنبيه اهل البيت اليه والثالث إحضار خبرات اجنبية للارتقاء بالاداء العام لخدمة الاطفاء في البلد.

أصم اذاننا بعض القادة العرب و«تابعهم» هيكل عام 91 بالحديث عن الحل العربي والاستشهاد بما حدث عام 61 ابان ازمة قاسم، ضمن كتاب «الحروب الديبلوماسية الكويتية» يكشف السفير عبدالله بشارة ان الوثائق واللقاءات الرسمية تظهر وجود قرار آنذاك للجامعة العربية بسحب قواتها من الكويت فور بدء الهجوم العراقي «خوش قوات» وهو ما دعا القيادة الكويتية الحكيمة لطلب خفض تلك القوات لحدودها الدنيا مادامت شكلية وباهظة التكاليف دون فائدة.

وفي هذا السياق التاريخي ارسلت سكرتارية حكومة الكويت عدة وفود للدول العربية لشرح بطلان مزاعم قاسم العراق وكان اخي الاكبر خالد، رحمه الله، ضمن احد تلك الوفود وأخبرني بان محطتهم الاولى كانت لبنان، وفي لقاء مع احد رؤساء التحرير المشهورين اطال الله في عمره، قال زرناه متأملين خيرا حيث كانت بقية الصحف مشتراة آنذاك من النظام الناصري وأمضينا ساعتين نشرح القضية الكويتية وهو صامت يهز رأسه وعندما انتهينا قال لنا: العراق يدفع 20 الف استرليني فيكم تدفعوا 25 الفا؟!

وتابع اخي انهم توجهوا بعد ذلك للمغرب وشرحوا في منتدى ثقافي وشعبي القضية بحرارة فصفق لهم الجمهور بحرارة، وقام بعد ذلك اول المعقبين وقال ان الكويت رجعية والعراق شيوعية، وبالتالي هما فخار يكسّر بعضه بعضا، فصفق له الجمهور بحرارة.

السخرية هي احدى وسائل الامم المتحضرة الحادة في مكافحة الامراض التي تصيب مجتمعاتها، نقترح اصدار «بوست كاردات» كويتية تظهر صور حوادث السيارات الغريبة والغبية التي تحدث في بلدنا كوسيلة لتخجيل بعض الناس من افعالهم ووقف نزيف المال والدم الذي نراه في شوارعنا كل صباح، ولا مانع من ان نضيف لتلك الكروت الخاصة بالسائحين كلمات مختارة مثل «هم يصنعون ونحن ندمر» او «الكويت الارخص في الحوادث، استغل الفرصة واعمل حادثا خاصا بك اثناء زيارتك القصيرة لبلدنا، ذكرى لن تنساها الى الابد».

اعلنت ليبيا عقدها صفقة قيمتها 18 مليار دولار لشراء طائرات حديثة لشركة طيرانها المملوكة للدولة.

نرجو الاسراع في ايجاد الوسيلة المناسبة لشراء الحكومة الطائرات لمؤسستنا الوطنية لابقائها محلقة في السنوات القادمة في ظل التنافس الشرس من شركات دول المنطقة العملاقة خاصة ان مؤسستنا الوطنية تضم آلاف الفنيين والاداريين من خيرة الشباب الكويتي وهي مقبلة على مضاعفة اعدادهم متى تم الاتفاق على تحديث اسطولها والتوسع في محطاتها.

آخر محطة:
العزاء الحار لعائلة الغانم الكرام بوفاة المغفور له حمد الغانم، للفقيد الرحمة والمغفرة ولأهله وذويه الصبر والسلوان وإنا لله وانا اليه راجعون.

سامي النصف

الأزمات لا تصنع أوطاناً

العزاء الحار للكويت بفقيدها الكبير د.حمود عبدالله الرقبة، للفقــــيد الرحمة والمغفرة ولأهله وذويه الصبر والسلوان وانا لله وانا اليه راجعون.
 
لا يمكن اعتبار رئيس مجلس الامة او وزير الدولة لشؤون مجلس الامة نظارا او شيوخ حارة مهمتهم الحد من الممارسات الخارجة او منع الالفاظ الجارحة بين الفرقاء، سمعة بيت الشعب مرتبطة بشكل مباشر بحسن اداء العاملين تحت قبته ومدى التزامهم الطوعي بالمعايير الاخلاقية العالية والاعراف البرلمانية الراقية التي يتفقون ويلتزمون بها خاصة ان النصوص واللوائح لا تعطي الرئيس الباسم او الوزير الفاضل اي ادوات محددة للتعامل مع التجاوزات في اليوم او الغد او بعد الغد.

من الحلول التي طرحناها ضمن برنامج «صالح للنشر» الذي يعرض الليلة الساعة العاشرة ضرورة خلق دورات تعرفة للنواب الجدد تتضمن شرحا وافيا من قبل خبراء دستوريين لمواد الدستور وروحه ولوائحه الداخلية، ثم كيفية الوصول للاهداف الخيرة المرجوة منه، كذلك فأداء النواب سواء في البرلمان الكويتي او الكونغرس الأميركي مرتبط بشكل مباشر بأداء الفريق المحيط بكل نائب، لذا فالواجب ان يتضمن الفريق المحيط بالنواب اختصاصيين بالتشريع والاقتصاد والمحاسبة والاعلام… الخ.

السياسة في البدء والمنتهى هي فن طلب الممكن ومعها اتقان الوصول الى التسويات عند ظهور التباينات، نرجو أن نضع هذه القاعدة في الأذهان كلما هبت علينا رياح الخلاف والافتراق التي لا تتوقف للأسف غيومها عن المرور فوق بلدنا طوال أشهر العام، دون ذلك ستصبح هناك علوم سياسية تدرس في جامعات العالم أجمع وتطبق أصولها في برلماناتها، وعلم سياسة آخر خاص بنا في الكويت تصدق معه المقولة الخالدة القائلة «احنا دائما غير».

يقول نيوتن «إن لكل فعل رد فعل مساويا له في القوة ومضادا له في الاتجاه»، هذا المبدأ ينطبق تماما على العملية الإصلاحية القائمة في البلد والمكافحة للفساد في دهاليز اداراته، فكلما اشتدت الحملة على الفاسـدين قاموا بدورهم بالتصعيد عبر رفع العـــرائض والصحائف والمــظالم والتسريبات، نقول ان الدولة بسلطاتها الثلاث قد رفعت رايات الاصلاح عالية ولن يقبل أحد بكسر تلك الرايات المرفرفة التي يلتف حولها الشعب الكويتي قاطبـــة، لذا فلتدخل فئران الفساد لجحورها المظلمة قبل أن تدوسها أقدام النـــاس.

آخر محطة:
لو كان لي من الأمر شيء لوضعت اجهزة كاشفة للكذب في مكاتب المسؤولين في الدولة كي يقيـسوا بها مصداقية من يقدمون لهم الشـــكاوى والعرائض ودموعهم تجري كالأنهار الدافقة من الظلم، اراهن شخصيا ان تلك الأجهزة ستعلن استسلامها منذ الدقيقة الاولى لسماعها ما يدور وستعلن ان هناك حدودا للكذب في العالم، لذا لن تستطيع عداداتها المتطورة ان تقيس ما هو متفش، للأسف، لدينا من اسقف عالية للزيف والجور والخداع وعدم قول الحقيقة ولا حول ولا قوة إلا بالله.