سامي النصف

أمانة جابر

في الستينيات ساءت علاقة مصر الناصرية مع جميع الدول العربية وخاصة المحافظة منها والتي سميت بالرجعية آنذاك، ومع ذلك بقيت العــــلاقة بين مصر الثورية والكويت المحافظة على احسن ما يكون الود حتى ان الرئيس عــــبدالناصر وقف مع الكويت ضد تخــرصات احد الحكام الثوريين في المنطـــقة في وضع شبيه بوقوف الرئيـــس مبارك مع الكــويت ابان الاحتلال الصـــدامي الغاشـــم.

وقد ألقيت ذات مرة محاضرة في القاهرة حول العلاقات بين مصر والكويت قلت فيها انه برغم التباين الكبير في المساحة وعدد السكان ونظام الحكم والبعد الجغرافي كونهما واقعتين في قارتين مختلفتين، مع تباين النظم الاقتصادية وتغيير توجهات مصر السياسية خلال العقود الماضية من يسار ثوري الى يمين حاد الى وسط، كما هو الوضع القائم، الا ان العلاقة بين البلدين بقيت متميزة حتى في احلك ظروف مقاطعة العرب لمصر ما يجعلها بمنزلة القدوة الحسنة لبقية العلاقات العربية – العربية التي نجد ان بها قواسم مشتركة اكثر من الواقع المصري – الكويتي الا انها تمتاز بتوتر العلاقات الدائم بينها كحال العلاقة العراقية – الســورية علي سبيل المثال.

لقد اختلط الدم المصري بالكويتي ابان حروب 67 والاستنزاف و73 ثم بعد ذلك حرب تحرير الكويت وليس بعد رابطة الدم رابطة، وقد حرص المغفور له الشيخ جابر الاحمد – ومن قبله الشيخان عبدالله وصباح السالم ومن بعده صاحب السمو الامير الشيخ صباح الاحمد حفظه الله – على الحفاظ على العلاقة المميزة جدا بين البلدين الشقيقين التي من اهم دلالاتها عدد الاخوة المصريين العاملين في الكويت وحجم الاستثمارات والسياحة الكويتية في مصر.

ان السياسة الحكيمة تقتضي تعزيز العلاقة مع الاصدقاء لا البحث عن اعداء، خاصة مع الظروف الحرجة القائمة في المنطقة ولاشك في ان البلدين سيمران سريعا على زوبعة الفنجان الاعلامية الحالية وسترجع المياه لمجاريها ويتم الحفاظ على امانة جابر الدائمـــة التي تحث على توطيد العلاقة مع ارض الكنانة.

آخر محطة:
بدأت الازمة قبل اسابيع قليلة بمقال لرئيس تحرير احدى الصحف القومية بدأه بشكوى من انتظاره لمدة ساعة وربع قبل لقاء احد المسؤولين الكويتيين ثم شن حملة في نفس المقال على الكويت متذرعا بسوء الاستقبال والتوديع وتوسع في الحديث عن قضايا اخرى وهو نقد نقبله – ان صح – ونوصي بشدة بأن نعتني بضيوف الكويت الاعزاء من المطار الى المطار او لنبقهم في بلدانهم معززين مكرمين، الا اننا في الوقت ذاته لا نفهم لماذا تتم محاولة اساءة العلاقات بين البلدين الشقيقين على معطى قضية شخصية كما لا نفهم ما ادعاه نفس الزميل المحترم من ان المرحوم جاسم الصقر ويقصد الزميل محمد الصقر المنتمي للإخوان المسلمين (!) هو من اشاع واذاع في محطته الفضائية (!!) خبر مرض الرئيس مبارك (!!!) في وقت نشرت فيه صحيفته وفي نفس العدد خبر بدء التحقيقات مع الاعلامي ابراهيم عيسى رئيس تحرير جريدة الدستور المصرية لنشره مثل تلك الاشاعة الكاذبة.

سامي النصف

الحمد لله على السلامة

التهنئة القلبية لسمو أمير البلاد المفدى الشيخ صباح الأحمد – حفظه الله – على الشفاء التام وعودته المباركة لشعبه ووطنه، ما تشوف شر والحمد لله على السلامة ونورت الكويت.

جرت مياه كثيرة تحت الجسور في غيابنا ابان العطلة الصيفية التي حرصنا على ان نبتعد خلالها جسديا وذهنيا عن الوطن فلم نتابع الصحف خلالها، وقد بدأت في الايام القليلة الماضية متابعة ما يجري على ارضنا العزيزة، ومن ذلك فنحن ضد اعتقال الزميلين بشار الصايغ وجاسم القامس كونهما لم يكتبا الاساءة التي وردت في منتداهما، الا اننا مع العقاب الشديد لمن تحامل على رمز الكويت واميرها.

فنظرة سريعة لمآسي وكوارث العراق ولبنان وفلسطين والصومال وكثير من الدول الاخرى نجد ان قاسمها المشترك هو غياب الرمز المتفق عليه، وتضعضع هيبة الحكم الواجبة لاستقرار البلدان، وعليه فاننا ان غضبنا مرة لأي تعسف يصيب زملاءنا في المهنة، فان علينا ان نغضب الف مرة لمن يمسّ رمز البلاد او يحاول التقليل من هيبة الدولة التي ان ضاعت ضعنا معها.

استقالت قبل مدة الدكتورة الفاضلة معصومة المبارك بسبب اهمال بعض الموظفين، والاهمال الوظيفي اصبح ظاهرة عامة في البلاد بسبب غياب عمليتي العقاب والثواب وفي ظل تفشي الواسطات والمحسوبيات، الكويت هي الخاسر الاول لفقدان تلك الانسانة الكفؤة الرائعة التي جلبت لنا السمعة الحسنة بنهج دخولها ونهج خروجها كذلك من الوزارة، الذي كان له صدى طيب في الصحافتين العربية والدولية.. أم محمد نهارك سعيد أينما كنت.

البلد بحاجة ماسة الى قرارات سياسية هامة تصدر هذه الايام – لا في الغد – فالحزم والحسم وسرعة اتخاذ القرار في العمل السياسي امر تقدره الشعوب وتتم من خلاله المحافظة على هيبة الدولة والحكم. بقاء ما يسمى في علم السياسة بوضع «البطة العرجاء» اي غير القادرة على التحرك السريع يخلق في العادة فراغا سياسيا تسارع عادة القوى السياسية المختلفة لملئه وكسب عطف الناس.. اعقلوها وتوكلوا.

بعد ان أضرّ – ان لم نقل دمّر – التطاحن السياسي، الذي لا ينتهي، البلد، نرجو ان نرى قريبا وزارة تكنوقراط غير مسيس افرادها حيث اتضح بالتجربة المتكررة ان تعيين وزير منتم للكتل السياسية لا يرضي احدا حتى من ينتمي لهم، حيث يبادرون منذ يوم تعيينه الاول باعلان تخليهم عنه او حتى مهاجمته، واعتقد ان توجه التكتل الشعبي بعدم توزير اعضائه يجب ان يعم بقية الكتل التي يجب الا تتسابق لطلب تعيين هذا او الزعل لتعيين ذاك، اسرة الخير وبقية افراد الشعب الكويتي مليئة بالطاقات والقدرات المميزة وسيجدها بالقطع من يبحث عنها.

آخر محطة:
ليت بعض من تركوا الوزارة بقوا، وليت بعض من بقي في الوزارة تركوا.

سعيد محمد سعيد

حكومة «تخاف»على مواطنيها!

 

أن تحذر الحكومة، بكل ثقلها ومقامها، من مغبة رفع الأسعار مع الإعلان عن إقرار زيادة رواتب موظفي الحكومة، وتبادر غرفة تجارة وصناعة البحرين إلى إصدار بيان يتعلق بهذا الموضوع، فإن الأهم من ذلك كله هو ما يجب أن يحدث “بعد تسلم الناس أول راتب بزيادة حقيقية”…

فالمواطن البحريني يريد أن يسمع – ولو لمرة واحدة – عبارة (سنضرب بيد من حديد) على كل من تسول له نفسه الإضرار بالوطن والمواطنين من خلال زيادة الأسعار، واستغلال الظروف استغلالا بشعا لا يعني إلا أمرا واحدا وهو أن هناك من لا يخشى القوانين، ويتصرف وفق هواه!

حسنا، دعونا نناقش فكرة محددة من باب «استطلاع الآراء» ونسأل :«هل تشعر أنت كونك مواطنا بأن حكومتك تخاف عليك؟ وهل تشعر بأنك في كنف حكومة لا ترضى أن يتعرض المواطن للأذى أيا كان شكل ذلك الأذى؟»… في الأوضاع الطبيعية وغير الطبيعية، سنجد أن حب البحرينيين لبلادهم وقيادتهم يجعلهم في كثير من الأحيان يتحملون المذاق المر، ويصارعون مختلف الظروف، وقد يصلون إلى مجالس الشيوخ، ولكنهم بدلا من التعبير عما يحملونه من هم، فإنهم يكررون إعلانهم وتأكيدهم الامتثال لكل ما فيه مصلحة الوطن والمواطن.

البحرينيون مواطنون لهم قيم وثوابت وطنية عالية، وأنا أقصد صراحة لا تلميحا، كل مواطن تحمل من الضنك والهم والتعب والشقاء ما تحمل، لكنه لم يزايد على وطنه، ولم يستغل الظروف المناسباتية، الحسن منها والسيئ، ولم يكذب على الحكومة، قيادة ومسئولين، ليظهر لهم ولاءه التجاري… البحرينيون الشرفاء لا يرضون بأن يلعب البعض لعبة (عسكر وحرامية) لمجرد حصول المواطنين على «بونس» أو زيادة أو مكرمة من المكرمات..

باختصار، لا يزايد البحرينيون على وطنهم من أجل مصالح شخصية.

الحكومة التي تخاف على مواطنيها، يخاف عليها مواطنوها في المقابل؟! ولذلك، فإن الغالبية العظمى من البحرينيين لا يريدون إلا أن (تضرب بيد من حديد) على المسئولين الذين ليسوا أهلا/ محلا للثقة والأمانة! واذا كان المواطن البسيط مستعدا لأن يتحمل انعكاسات الظروف الاقتصادية محليا وإقليميا وعالميا -وهذا ليس ذنبه قطعا – فإن على المسئولين أن يدركوا أن الأمانة والصدق هما الركنان الأساسيان في حال اطلاع القيادة على واقع الحياة المعيشية في البلاد… من دون تزييف أو كذب أو نفاق.

وإذا كانوا لا يدركون مفهوم المجتمع المستقر الآمن لأنهم (مصلحجية)، فإننا كوننا مواطنين، ندركه جيدا ونعيشه كل يوم بل ونخاف على حكومتنا… وأعتقد أن الرسالة واضحة لأن المقصود بها كل مسئول، يجب عليه أن يخلع رداء الولاء والأمانة والوطنية المزيفة، فالوقت وقت عمل حقيقي لا مساحة فيه لـ «النفاق».

سعيد محمد سعيد

اضرب واهرب!

 

إذا تمكنا من وصف ما يحدث أمام المدارس، منذ بداية العام الدراسي حتى نهايته، من ناحية التوتر المروري والتشنج والشجار الواقع بسبب الازدحام، فليس لدينا إلا أن نقول: «كان الله في عون الجميع»، وأولهم طبعا رجال المرور ومعهم حراس المدارس، والآن، عناصر شرطة المجتمع.

لكن، هل كل هذا الثقل يقع على عاتق المسئولين عن تنظيم الحركة المرورية، سواء من رجال المرور أم حراس المدارس أم مشاركة شرطة المجتمع معهم؟ هذا السؤال كان مدار نقاش مع بعض الزملاء، وكانت القسمة على اثنين فقط: الأول جلس مرتخيا مؤكدا أنه لا يعاني من هذه المشكلة، والثاني جلس متوترا مكذبا الأول معلنا أن كل الناس تعاني، فلماذا لا تعاني أنت وكيف؟ أجابه ببساطة: «متى تحترق أعصابك؟ بالتأكيد حينما تتأخر عن إيصال الأطفال إلى المدارس وبالتالي عن العمل؟ وتزداد أعصابك احتراقا كلما دخلت في شارع أو طريق تكدست فيه السيارات على بعضها بعضا في طابور طويل… أليس كذلك؟ قال الآخر: نعم. فأجابه زميله بأنه كان يعاني من المشكلة ذاتها، ولم يحمِ أعصابه إلا عندما بكر في الخروج من المنزل مع أطفاله بفارق عشر دقائق عن السابق! إذ كان يخرج من المنزل في السادسة والنصف، فصار يغادره الآن في السادسة والربع، ومع احتمال وجود تأخير، فإن مدة الوصول إلى مكان العمل ستكون أقصر.

وكنت قد تابعت فعلا استعدادات الإدارة العامة للمرور، وتحدثت مباشرة إلى مدير إدارة التوعية المرورية الرائد موسى الدوسري، الذي كان واضحا ومباشرا في تحديد أهم المشكلات المرورية المرتبطة بالعام الدراسي الجديد، وبالتالي، صوغ البرامج والأنشطة وإصدار المطبوعات وتنظيم المحاضرات ضمن حملات التوعية السنوية، لكن يبقى من الطرف الآخر، الذي هو أنا وأنتم ونحن وهم وهؤلاء وأولئك، الالتزام بما يجعلنا في هدوء وراحة أعصاب، ولا يمكن ذلك من دون التعاون مع بعضنا بعضا…

فبدلا من التشاجر وإلقاء الكلمات النابية واستخدام أسلوب «اضرب واهرب»! وجد الكثير من الناس أنفسهم في اتجاه صحيح وآمن، وهو الخروج مبكرا، ثم الخروج مبكرا إذا صار التبكير تأخيرا، لأننا أصبحنا محاصرين بأشد أنواع الحصار وهو: «إنشاءات الطرق والتحويلات والاختناق الحقيقي والمفتعل»، وليس أمامنا إلا الصبر حوالي سنتين كاملتين لحين انتهاء المشروعات، وبعد هاتين السنتين، وإن لم تنته المشكلة، سيكون شعار الجميع: «دودهو من دودهك من طقك»… على ما يبدو.

سعيد محمد سعيد

(لا)… المسكينة!

 

قبل ليلة واحدة، اكتشفت أن الحرف (لا) النافية للجنس، أو الناهية، أو الداهية، أو… أي وصف يقوله النحويون… اكتشفت أنها مسكينة، مسكينة جدا؟!

كان المشهد مخيفا حقا… النيران تتصاعد… أصوات الطلقات تتوالى والناس يهربون من والى وحول الأضرحة المقدسة في كربلاء… هل يكون المشهد عاديا كما هو حال الأخبار التي ينقلها التلفاز المشتغل أمامي من العراق، ومصيبة العراق وجروح العراق، أم أن في الأمر تطورا أخطر؟! فكان ما كان.. لم يكن المشهد يشير الى تورط الإرهابيين ذوي الأحزمة الناسفة والسيارات المفخخة والقنص الجبان الخفي، كانت مواجهة خطيرة هي أشد خطورة من الأولى… بين حراس الضريح وعناصر من جيش المهدي؟! هي فترة استراحة للإرهابيين ومن ورائهم، وفترة سماح لممولي الإرهاب ليشاهدوا فيلما سخيفا جدا… اسمه (لا) للاحتلال.. (لا) للطائفية.. (نعم) للمرجعية.

@@@

بئسا… ما الذي يحدث هنا أيضا… الهراوات والعصي الغليظة تنهال ضربا على رؤوس وأكتاف وظهور وأطراف شباب صغار… تلك الخوذات البيضاء والزي الداكن يذكرني بشيء! نعم، كانت قوات الاحتلال الإسرائيلي، في الثمانينات، تفعل ما تفعل من وحشية عرفها العالم واستمرت حتى قبل أن أشاهد ذلك المشهد… تذكرت مشهد تكسير «الأطراف» حينما كانت شاشات التلفزيون تنقل مشهد الشابين، اذ التقطت الكاميرات (كاميرا قناة اخبارية غربية طبعا أما القنوات العربية فلم تكن جريئة وقتذاك)… التقطت المشهد الفظيع الذي هز العالم بمشاهدة أربعة من الجنود الصهاينة يكسرون أكتاف وايدي الشابين بصخرة كبيرة.

كان المشهد مريعا حقا… لكن المشهد اليوم أكثر بشاعة! فقد كان الزي هو زي عسكري لقوات مكافحة الشغب بالسلطة الفلسطينية وكان الشباب فلسطينيين، وكان الصراع وكان وكان ولا يزال بين «حماس» و«فتح».. فقط ذهب الإسرائيليون ليأخذوا قسطا من الراحة وهم يرددون قصيدة الشاعر أحمد مطر متحدثا عن الشيطان ومن يمثل دوره :»دوري أنا… أنتم ستلعبونه».

فلسطينيون في فلسطينيين… من الهراوات الى الركل العنيف الى الضرب الوجع الحاقد على بعضنا بعضا في كل مكان… فـ «لا للاستعمار».

الآن، كيف حالك أيتها الناهية النافية: «لا للطائفية… لا للتجنيس… لا للمنتجات الأميركية… لا للمخدرات… لا للتدخين… لا للتخريب… لا للاقتطاع… لا ولا ولا)، هكذا هي «لا» المسكينة.

لكن ما علينا منها… تعالوا نفرح قليلا… بالمناسبة، ما أخبار الزيادات.. (نعم للزيادات)!.

سعيد محمد سعيد

يقولون… زيادة رواتب!

 

يبدو أن الحديث عن زيادة الرواتب التي كانت مقرة بنسبة 15 في المئة، ثم انخفضت بمعدل واحد في المئة لتصبح 14 في المئة، ثم اختفت رويدا رويدا، ثم ظهرت… ثم اختفت، ثم ظهرت، ثم انسحبت، ثم (انطفت) وبعد ذلك اشتعلت، تماما كحال وضع الطاقة الكهربائية في موسم كل صيف… يبدو أنها ستصيب البحرينيين بالجنون والله أعلم! وخصوصا موظفي الحكومة… يتبعهم (بالدور) موظفو القطاع الخاص… وبالذات، العاملين في تلك المؤسسات التي لا تعرف إداراتها شيئا اسمه «زيادة… مكافأة… بونس… زحرمان… شيء من هذا القبيل».

وحتى لا نموت من القهر ونحن نستقبل أفضل الشهور عند الله… أهله الله علينا جميعا بالخير واليمن والبركات، سنتجول بين مساجلات شعراء الزيادات لنستخرج درر «همومهم… وشجونهم»:

قال الشاعر:

كلما جاء المنادي هاتفا بشراك افرح

فالزيادات قريبة قم صديقي قم لتمرح

ثم بعد الفرح مأتم أرتمي فيه وأسرح

أذكر الأقساط ويلي آه ويلي آه.. وح وح

سمعه أحد الشعراء الصعاليك فرد عليه:

لا توحوح… حالك اليوم خطيرة

لن ترى في العيش إلا الزمهريرة

لا زيادات ولا تحلم بأثواب وثيرة

طاح حظك يا مواطن كسرك ما له جبيرة

تبغي تفرح بالزيادة؟ هاك خذ صفعة كبيرة!

لم يتمالك أحد تلامذة الشاعر ما قاله الشاعر الصعلوك عن أستاذه فقال:

شيل إيدك عن الساطر لا أشوفك تصفعه

والزيادات أكيده قال يوم الأربعه

مو هالأسبوع اللي عقبه الحكومة… تجمعه

يمكن تجيك الزيادة أو… تجيك… مربعه

فوق راسك يالمواطن ياللي ما بك منفعة!

أما الشاعر المليان فكان له كلام آخر:

مفخرة والله معاشي مفخره

آنه عيني «البرتقاله» وانته عينك سنطره

الرواتب ما هي لعبة… الرواتب عنتره

والزيادة يا بعد جبدي… صراحة… مسخره!

مسك الختام:

خل الكلام العدل واسمع كلامي عدل

مش بوز أم التي شافت ظروفك عدل

ويش هالمعاش الذي من يذكرونه انسدح؟

مالت على البمبرة ما ميش «زيادة» عدل!

لم تكن تلك سوى كلمات، من هموم إلى هموم، علنا نرتاح قليلا، وإن غدا لناظره قريب…

الزيادة جايه… جايه!

سعيد محمد سعيد

من يلوم وزير الداخلية؟

 

في مطلع العام 2006، عقد وزير الداخلية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة، في أمسية كان لها وقع خاص، لقاء مع المواطنين من مختلف مناطق البلاد… في تلك الليلة، التي التقى فيها الوزير المواطنين في قاعة نادي الضباط بالقضيبية، دار حوار صريح حول الكيفية التي يجب أن تكون عليها الشراكة المجتمعية في التعامل مع حال الاضطراب التي شهدتها بعض المناطق، وكان الهدف هو تأكيد دور المواطنين من فعاليات دينية واجتماعية وناشطين ووجهاء في أن يكون لهم الدور الأول في تهدئة الشباب وخصوصا أن هناك إجماعا على رفض أية أعمال خارجة على القانون.

ولله الحمد، ها نحن نشهد استقرارا يعود الفضل فيه إلى الله سبحانه وتعالى وإلى جميع المواطنين الشرفاء الذين كانوا ولايزالون على قناعة تامة بأن الوطن للجميع، وإن كانت هناك ثمة قضايا وملفات ومطالب لاتزال قائمة، فإن القنوات مفتوحة والمواقف المبنية على النوايا الصادقة لصالح الوطن والمواطنين هي التي ستمكث في الأرض، أما الزبد فيذهب جفاء.

لم يستخدم الوزير وقتذاك كلمة مخربين أو مدسوسين أو عديمي الولاء، بل كرر مرارا كلمة (أبنائنا)! ثم توالت الحوادث، وصدرت توجيهات جلالة الملك إلى المحافظات لتوجيه أولياء الأمور برعاية الشباب وتوجيههم، وكانت الكلمة المؤثرة «هؤلاء أبناؤنا»..

من يلوم الوزير على نظرته المنطلقة من قناعة وإيمان بالدور الوطني في الحفاظ على استقرار المجتمع؟ لا أحد، قطعا لا أحد! لذلك، حينما عقد الوزير لقاءه «المهم» قبل يومين مع عدد من المشايخ وخطباء المساجد بحضور وزير العدل والشئون الاسلامية الشيخ خالد بن علي آل خليفة بشأن القضية الأمنية الأخيرة التي ترتب عليها القبض على عدد من الأشخاص، ويتم التحقيق معهم من قبل النيابة العامة حاليا، قال إنه سئل قبل عقد هذا الاجتماع مع أية طائفة سيجتمع؟ وأنه رد على السائل بأنه سيجتمع مع طائفة واحدة، فبادر السائل: ما هذه الطائفة ؟ فكان الرد أنها الطائفة البحرينية.

ولعلني أسأل نفسي وأسأل كل الأعزاء: هل في مقدورنا جميعا أن نستوعب أبعاد مصطلح «الطائفة البحرينية» في الوقت الذي نعاني فيه من الرياح السيئة القادمة من العراق ولبنان وأفغانستان والشيشان؟ وأن نكون في مأمن مما لا تحمد عقباه في كنف هذه الطائفة؟… ليس من السهل ذلك، لأن الأمر يقوم على مفهوم أكبر وأشمل وأهم، وهو مفهوم «المواطنة الخالصة»، التي تطير بجناحي الحقوق والواجبات! لكن على أية حال، ستبقى مطالبنا قائمة نرفع صوتنا بها بالطرق المشروعة، وستكون مسئولية الحفاظ على «الطائفة البحرينية» هي مسئولية الدولة بالدرجة الأولى، لقطع دابر من يريد بهذا الوطن وأهله شرا، ثم لن يكون لنا – كوننا مواطنين نحب بلادنا – إلا أن نكون (بحرينيين فقط).

سعيد محمد سعيد

الضفدع «كامل»!

 

هل تتذكرون الضفدع «كامل»؟

من هم في مثل سني، أو لنقل من هم في الفئة العمرية من 30 سنة فأكبر، يتذكرون جيدا أكبر وأفضل عمل أنتجته مؤسسة الإنتاج البرامجي المشترك لدول الخليج العربية في الثمانينات من العقد الماضي، وهو برنامج «افتح يا سمسم» الرائع الذي ما أنتجت المؤسسة مثله، ولن تنتج بعده! ويتذكرون قطعا شخصية «الضفدع كامل».. ذلك الضفدع المذيع «خفيف الطينة»، الذي يظهر بين الفينة والأخرى على الشاشة ليقدم للأطفال والكبار، لقاءات سريعة مع شخصيات (الدمى المتحركة) في البرنامج، وأحيانا يجري التغطيات الإخبارية من مواقع الحدث.

هو مذيع «ثرثار»، لكنه في الواقع، موضوعي ومحايد وأمين في نقل المعلومات والوقائع… لكن مشكلته الوحيدة أنه «صفدع»!

ومع ذلك، فإن ذلك الضفدع، الذي تذكرته لغاية في نفس يعقوب، أفضل بكثير من عشرات المذيعين والمذيعات في القنوات الفضائية العربية الذين لم يتمكنوا من أن يقدموا فنا متميزا كما يقدمه الضفدع كامل… على الأقل، يحرص صديقنا الضفدع على أن يكون صادقا ولطيفا ومحبوبا، في حين أن النماذج البشرية التي نراها اليوم في بعض الفضائيات والتلفزيونات لا تعدو كونها «محاولات فاشلة» للقيام بدور الضفدع كامل، صديقنا وصديق الأطفال، ما يجعلني مسرورا بتقديم نصيحة ثمينة لهم بأن يحاولوا – اذا ما أرادوا أن يصبحوا إعلاميين بارزين ومشهورين كالضفدع كامل – أن يحذوا حذوه، بدلا من تقديم مادة رثة تعكس ضحالة المستوى الثقافي والفكري لهم، وتجعلهم يسألون أسئلة مضحكة، ويقاطعون ضيوفهم من المتحدثين بمداخلات أقل ما يقال عنها «أنها» سخيفة وذات تأثير سيئ على المشاهدين.

في فضائية عربية، طل المذيع ببذلته الفاخرة وشعره اللامع بفعل «الجل» ليجري لقاء مع أحد الكتاب المعروفين، وفي الوقت الذي كان المشاهدون ينتظرون حوارا مثمرا يستخرج الدرر من عقل ذلك الكاتب، وجدوا أن المذيع يتعمد استعراض ساعته الثمينة وهو يلوح بيده ليسأل: «هل من الممكن أن نتعرف على بدايات مشوارك في الكتابة؟»… واذا اعتبرنا هذا السؤال من الأسئلة التقليدية المقررة، فإن توجيه سؤال من قبيل: «ما أفضل وجبة تحبها؟» إلى شخصية فكرية، يعد من قبيل الإسفاف قطعا.

وليس ذلك المذيع هو الوحيد من نوعه، وإذا كنا نتابع بعض المذيعين ومقدمي البرامج من المتميزين وهم قلة، أصبحنا نعاني الويل من أساليب الكثير من الإعلاميين الذين يستخفون بعقل المشاهد وذوقه، وتصبح لقاءاتهم وحواراتهم اضافة موجعة إلى رصيد التجهيل المتعمد… فسلام الله عليك يا «ضفدع كامل»

سعيد محمد سعيد

مشايخ الطائفتين

 

أكثر من مرة، وفي أكثر من مناسبة وحدث وموقف ومحنة وبلوى… حاولت البحث عن سؤال «يقرقع» في الصدر كثيرا ويدفع العقل إلى أن يستيقظ ويحلل ويستنتج، فما وجدت إلا إجابة واحدة، سيكون من شديد الأسف أن أطرحها. ولكن، قبل طرحها، يجب ذكر السؤال وهو: «كيف هي العلاقة بين مشايخ وعلماء الدين من الطائفتين في البلد؟»، فلم أر من مجيب، ولم يبشرني أحد بما يسر!

ليست هي حال من التشاؤم، ولكنها ضرب من خيبة الأمل!

ما الذي يدفعني ويدفع غيري أصلا إلى التفكير في مثل هذه الأسئلة؟ والجواب هو واقع الحال الذي نعيشه من اضطراب مغلف بالنزاع والتشكيك والتحدي وربما الكيد، وهي أمور لم ولن تتفق إطلاقا مع تعاليم ديننا العظيم، فهنا، في بلادنا، قلما نجد ذلك التلاقي بين علماء الطائفتين، أو أحد اختلافهم الذي فيه رحمة! فالاختلاف القائم هو امتداد لخلاف عقائدي وفكري وسياسي، ويتسع أكثر ليلامس خلافا أكبر وأخطر، نابعا من امتداد الاختلاف القائم سلبا، فيلقي ظلاله المقلقة على العلاقات في المجتمع بين جناحيه، فلا يطير إلا موجوعا… ذلك أن كلام العلماء والمشايخ، وخطابهم وتوجيههم وآراءهم ووعظهم وإرشادهم، هو المؤثر الأكبر والمحرك الأهم للناس الذين يصدقون أكثر ما يصدقون، ويمتثلون أكثر ما يمتثلون لكلام علماء الدين، وللأسف الشديد، يبقى ذلك الامتثال والاتباع حتى في القضايا والأمور التي تشعل وضعا أو تؤجج موقفا.

أين يلتقي علماء الطائفتين، وكيف ولماذا؟ يمكننا أن نرى صورا ميدانية لذلك الالتقاء في بعض المناسبات واللقاءات الرسمية، وتبدو الصورة واضحة للالتقاء في الاحتفال بذكرى الإسراء والمعراج، وربما في المجلس الأعلى للشئون الإسلامية الذي لا نقرأ عن اجتماعاته ولقاءاته وبياناته إلا القليل، فيما وفرت لنا بعض الصحف فرصة لأن نجد صورة متكررة كل يوم سبت لنقرأ «لقاءات» عبر خطب الجمعة تنشر في صفحة واحدة لخطباء من الطائفتين. ولكن، أن يكون هناك لقاء جوهري ودوري يجمعهم لمناقشة قضايا الوطن وأمور البلاد والعباد، فذلك مما يقع في القلب موقع الأمنيات والأحلام السعيدة، فإذا كان علماء البلد في نأي عن بعضهم بعضا، لن يكون من اليسير أن تتغير الأفكار الطائفية والمواقف العدائية والشحن الكريه الذي يجعل من البيانات الصحافية والمحاضرات المسجلة على الأشرطة والحوارات الصحافية ساحة قتال بين فئة يجب أن تكون أعلى احتراما والتزاما بالقيم، وبالمسئولية الدينية والوطنية والاجتماعية.

الإجابة على السؤال الوارد في المقدمة، التي قلت إنني سأطرحها بشديد الأسف، هي أن العلاقة بين مشايخ وعلماء الدين من الطائفتين، هي علاقة ورثة الأنبياء الذين ما فهموا قط، رسالة الأنبياء؟

سعيد محمد سعيد

انحناءة… جميلة!

 

قال المواطن المسكين للمسئول الكبير وهو يدلف إلى مكتبه الفاخر: «طال عمرك، الحياة صعبة، صعبة للغاية! ما عدت قادرا على الاستمرار فيها… بل أنا وعيالي أيضا، لذلك، أرجو منك أن تسمح لنا، أو تمنحنا أو تهبنا قطعة أرض نموت عليها فتصبح لنا قبرا… أي والله يا طويل العمر… طلبتك!؟»

نظر المسئول الكبير إلى المواطن البسيط بعينين حمراوتين تزدادان إحمرارا كلما شد قبضة يده على الطاولة وصرخ: أنت إلى الآن على قيد الحياة؟ ألم تمت في ستين داهية؟ لم أعد أحتمل وجودك هنا، ولا أريد أن أراك في مكان آخر… لا في مجمع تجاري ولا في مجلس من المجالس، بل ولا أريد أن أراك حتى تقف في طابور الخباز إن جاز لي أن أذهب لشراء الخبز و»الباجلة»، مستذكرا تلك الأيام الجميلة التي كنت فيها فقيرا معدما لا أسوى فلسا واحدا… ثم، لماذا أنت واقف أمامي، هيا، انحني ودعني أرى انحناءة جميلة تعيد إلى نفسي البهجة والسرور، فما قادتك رجلاك إلى مقامي هذا إلا من أجل أن «أشوف فيك يوم يا «زالم..؟!».

لم تكن الدموع تترقرق في عين المواطن المسكين، بل كانت تنهمر بسلاسة وهدوء، حتى أنه أخرج من جيبه شهادة وفاة تثبت أنه «ميت»… فلا بيت يعيش فيه، ولا عمل يجد رزقه ورزق عياله منه، ولا أمان في حاضره ومستقبله، وقال يحاول أن يشد طوله: «تريدني أن أنحني لترى انحناءة جميلة… قبح الله عملك… ها أنذا منحني الظهر مذ ولدتني أمي، ألم تلاحظ ذلك؟ هل تراني إنسانا يقف كالبشر الأسوياء المحترمين ذوي الثمن الغالي… منتصب القامة؟ أنا منحني لأنك خنت أمانتك الوطنية، فجعلتني وجعلت آلاف البشر مثلي في بلادنا نسير في انحناء ورؤوسنا إلى الأسفل… لا بسبب حب المذلة والخنوع والخضوع، بل بسبب ما لقيناه منك من ضربات ولكمات وخبايا وخفايا، أنهكت أبداننا وأسقطتنا في هوة الفقر والجوع والضياع… خنت الأمانة التي حملك إياها ولي الأمر، فبدلا من أن تكون صادقا مخلصا، معينا للناس، عملت في الخفاء سنين، وأنت منهمك في إعداد خلطة السم الزعاف… لكن اسمع، ستذوق منه لا محالة، إن لم يكن اليوم فغدا…».

لم تكن عينا الرجل في حاجة إلى إحمرار أكثر، لكن الشرر تطاير منها هذا المرة وهو يستمع إلى ذلك المواطن «المدسوس، الخائن، الجاسوس، «ناكر النعمة» فصرخ محتدا: «شهادة وفاتك هذه أصدرتها بيدي، فإن لم تكن قد مت فعلا… خذ هذه الطلقة في رأسك لتموت في الحال»… وانطلقت الطلقة مدوية، لكنها قتلت وطنا!