سامي النصف

وترجّل الفارس الكبير

فُجعت الكويت أمس بوفاة المغفور له الشيخ سالم صباح السالم الذي عرف عنه حب الخير لأهل الكويت وتبنيه لقضية أهلها الاولى المختصة بكشف مصير الاسرى والمفقودين والعناية بذويهم، وقد أخلص – المغفور له – لها حتى جعلها شعلة حية لا يصدر قرار أممي ولا تجمع دولي الا وتتضمن قراراته الاشارة اليها بفضل جهد ومثابرة أبي باسل، فللفقيد الرحمة والمغفرة، ولأهل الكويت جميعا الصبر والسلوان، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

ويشهد للراحل الكبير موقفه التاريخي المعبّر في 18/1/2006 حين قال في كلمات قليلة ما وأد الخلاف وحسم الامور «أنا الذي نال المرض من جسدي ولم ينل من عقلي، لو عرضتم علي امارة الكويت لامتنعت عنها، لأن الكويت تستحق قيادة قادرة أكثر مني، ومن ثم فإني أرفض تعريض تاريخ الشيخ سعد العبدالله للإحراج والشفقة، وأرى أن يتنحى عن امارة الكويت».

وقد اشتهر عن أبي باسل حبه الشديد للوطن وانفتاحه على أهل الكويت جميعا مع ذهنية متوقدة وبرغماتية متميزة، فقد تباين، رحمه الله، مع تجمعات ديوانيات الاثنين قبل عام 90 لأجل الكويت، ثم أعاد المياه سريعا الى مجاريها معهم بعد التحرير مباشرة لأجل الكويت كذلك، فقد علمته السياسة المرونة وأنه لا اختلاف دائما مع أحد.

وقد تقلد الراحل الكبير الكثير من المناصب الوزارية والديبلوماسية فتميز عطاؤه بها، وكانت له قرارات وتحركات مشهودة على الساحة السياسية المحلية، كما كانت له أياد بيضاء على أهل الكويت، فلا يقصده أحد إلا أكرمه ولا محتاج الا اعطاه، مما جعل له مكانة في القلوب لا تُنسى.

اللهم اغفر للشيخ سالم الصباح وارحمه واعف عنه، وأكرم نزله ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الابيض من الدنس، وأبدله دارا خيرا من داره واهلا خيرا من أهله، اللهم أفسح له قبره واجعل قبره روضة من رياض الجنة وأعذه من عذاب القبر وعذاب النار، اللهم آمين.

سامي النصف

سؤال محيّر.. علام الاختلاف؟!

أتى في خطاب والد الجميع وامير البلاد حفظه الله بمناسبة العشر الاواخر من رمضان الدعوة لديمومة المودة والتواصل حتى لا تدمر الكويت الخصومات وضرورة الاتفاق على تنمية البلد وازدهاره حتى لا تعوقنا الاهواء والاتجاهات والحث على ادامة نعمة الوحدة الوطنية الراسخة كي لا تمزقنا الاختلافات.

في لقائنا قبل أيام قليلة، بصحبة الصديق العزيز عبدالعزيز البابطين، سمو الأمير الملكي احمد بن عبدالعزيز نائب وزير الداخلية السعودي وضمن وفد ضم مسؤولين حكوميين ونوابا وشخصيات كويتية بارزة، اختتم سموه اللقاء بكلمة معبرة قال فيها ان المراقبين في الخليج وفي العالم اجمع أبدوا اعجابهم الشديد بوحدة الكويتيين بمختلف مشاربهم عام 90 وهذا الاعجاب بالشعب القدوة تحول هذه الأيام الى استغراب شديد من كم الصراع والتناحر الذي يعكسه ما تأتي به الاخبار من بلدكم.

ان الصراع الكويتي – الكويتي قد زاد كثيرا عن حده المقبول وانتشر على كل الجبهات والتوجهات بما هو اشبه بصراعات أهل بيزنطة الحمقاء واصبح مادة يفرح بها ويقتات عليها اعداء الكويت واصحاب المخططات الخفية التي تزمع نقل كرة الشقاق التي تدمر دول المنطقة الينا، فيبقى كل اخ متربصا بأخيه حتى تشل البلاد وتهيأ العقول والنفوس لما لا تحمد عقباه.

ان ابناء النظام والوزراء والنواب وقيادات الكتل السياسية والدينية ومنضوي مختلف الشرائح الاجتماعية وكبار المسؤولين والمدراء والتجار والقائمين على النقابات والجمعيات المهنية والموظفين والمواطنين، جميعهم ابناء الكويت المخلصون لا حسابات دم بينهم ولا ثأر متوارثا، فلمَ هذا الاختلاف الشديد والصراع المتواصل الذي يعطل التنمية ويوقف الاعمال وينشر اليأس والتشاؤم ويتسبب في الانشغال الدائم بأمور الداخل عن الأوضاع الحرجة في الخارج؟!

ان التجربة المعيشة في الخارج والداخل تظهر أن اغلب الاختلافات تختفي عند اللحظة الأولى لعمليات التواصل بين ابناء الوطن الواحد خاصة البعيدة منها عن وسائل الاعلام وهو الأمر القائم في ديموقراطيات الدول المتقدمة التي تشهد بشكل يومي لقاءات افطار وغداء وعشاء عمل مستمرة تزيل اللبس وترطب النفوس والواجب خلق حالات وآليات تواصل سياسية واجتماعية محلية مستمرة تضم الى جانب لقاء الكتل المختلفة انفتاحا على ممثلين عن النظام والحكومة حتى تتوقف الازمات ويقل الضجيج وتزداد المودة ويبدأ العمل الجاد لتحريك سفينة الوطن بعد ان قاربت سفن الآخرين ان تختفي تحت الافق.

آخر محطة:
العزاء الحار لآل الدعيج الكرام في مصابهم، للفقيد الرحمة والمغفرة، ولاهله وذويه الصبر والسلوان، وإنا لله وإنا اليه راجعون.

سامي النصف

عرش أسقطته النساء

تناقلت وكالات الانباء بالأمس خبر وفاة رايد غالي أصغر أحفاد الملك فؤاد وابن الاميرة فتحية التي هربت عام 46 مع والدتها الملكة نازلي لأميركا، وتزوجت من الديبلوماسي رياض غالي بعد أن أعلن اسلامه، وقد أصدر الملك فاروق بيانا فريدا من نوعه في حينه أعلن فيه مصادرة أموال الملكة نازلي وإسقاط اللقب عنها، وقد عاشت هي وابنتها في شقة صغيرة في لوس انجيليس تعملان في مهنة تنظيف البيوت للعيش، وقد تحولت عام 65 بعد وفاة الملك فاروق الى الكاثوليكية عرفانا منها للممرضة التي اهتمت بها في مرضها ثم انتهت المأساة بإطلاق النار عليهما من زوج فتحية وانتحاره.

عرش الأمير محمد علي أسقطته فضائح النساء قبل أن يسقطه انقلاب 1952 الذي خططت له وقامت به القوى الدولية خوفا من سقوط مصر في أحضان الشيوعية، وبعد أن اقتنع الملك فاروق في آخر أيامه بعدم قدرته على ادارة البلاد، وكان مستعدا، كما يروي كريم ثابت وهو أحد خلصائه، للمغادرة وترك الحكم لمجلس وصاية حتى دون انقلاب.

وقد اتهمت الاشاعات الصحافية الملكة نازلي بأنها من دبر حادثة موت المطربة أسمهان منافستها على قلب أحمد حسنين باشا، كما اتهم القلم السياسي بأنه خلف حادث مقتل الممثلة اليهودية كاميليا، لارتباطها بعلاقة حميمة مع الملك فاروق، حتى انه أسكنها شاليه أحد الوزراء، وخشيت المخابرات المصرية أن تسّرب كاميليا أسرار حرب فلسطين لليهود، كما كتب الشاعر الشعبي بيرم التونسي قصيدة فضائحية في الملكة نازلي أسماها «القرع السلطاني» انتشرت بين الناس كالنار في الهشيم وهرب على أثرها الشاعر للصحراء الغربية.

ومما أضر بالملك الشاب مؤامراته وعمله للتفريق بين شقيقته الامبراطورة فوزية، التي كانت بضيافته في قصره بالاسكندرية، وزوجها شاه ايران بحجة أن الشعب الايراني لن يقبل بملكة مصرية على عرشه وبقصد تزويجها من صديقه اسماعيل شيرين، وكذلك لسحب التذمر الشعبي المتوقّع عند طلاقه من حبيبة الشعب الملكة فريدة، وقد نجح في مسعاه فصدر بيان ملكي في عام 48 يخبر الشعب بطلاق الملك فاروق من الملكة فريدة وطلاق الامبراطورة فوزية من شاه ايران، وقد تعاطف الشعب مع الملكة فريدة وتظاهر للمرة الاولى ضد الملك فاروق حاملا رايات تقول «خرجت الفضيلة من بيت الرذيلة».

وقد عاشت الملكة فريدة في باريس بعد الثورة حيث أصابها الفقر الشديد، ثم سمح لها الرئيس السادات بالعودة لمصر وأهداها شقة في المعادي حتى وفاتها عام 1988، وفي هذا تذكر صديقتها د.لوتس عبدالكريم ان الملكة فريدة أخبرتها بأنها لو كانت تعلم بما سيؤول اليه أمر الملك فاروق لما طلبت الطلاق منه، مما أثار حفيظة وكراهية الشعب المصري له، ولما ارتضت أن يقبل بالتنازل الطوعي عن العرش خاصة ان الحرس الملكي القوي كان معه.

آخر محطة:
تشتتت أسرة محمد علي في أرجاء الارض وتحوّل كثير منها عن الاسلام وبقي القليل من أفرادها على قيد الحياة، منهم فيليب فاضل واليكس فاضل في استراليا كما تزوج ولي العهد أحمد فؤاد من يهودية هي دومينيك فرانسيس بيكار التي تسمت بفضيلة، وقد خلفت منه قبل طلاقها محمد علي (28 عاما) وفوزية (25 عاما) وفخر الدين (20 عاما)، وجميعهم يعتبرون يهودا بالتبعية كون والدتهم يهودية، ومن ثم استحالة مطالبتهم بعرش مصر، وفي هذا ردّ على التساؤل الذي طرحته مجلة روز اليوسف في عددها الاخير على صدر صفحتها الاولى فيما اذا كان عرض مسلسل الملك فاروق يهدف لعودة الملكية لمصر.

سعيد محمد سعيد

في ستين داهية!

 

طبعا، لست أمتلك بيانات إحصائية أو حتى مجرد أرقام تقريبية عن أعداد المتسربين من التعليم في مختلف المراحل! لكنني على الأقل، أعلم بأن هناك مشكلة نطلق عليها مسمى «المتسربون من التعليم»، تقابلها أيضا إجراءات صارمة لتقليل أعداد المتسربين، وخصوصا من مراحل التعليم الثلاث: الابتدائي، الإعدادي، والثانوي، ومنها عدم الموافقة على فصل أي طالب من المرحلة الإعدادية، وإعادته غلى فصله الدراسي، مهما كان الأمر!

وفي الحقيقة، تصبح المشكلة مخيفة إذا علمنا بأن هناك من يتسكع في البلد بلا حرفة ولا شهادة! وهو يبقى مواطنا يجب على الحكومة إيجاد عمل له! لكن لا أدري شخصيا ما الذي سيفعله صبي في الرابعة عشرة من عمره… ترك مدرسته وتوجه مباشرة نحو النوم بلا توقف! أو أية حرفة يتقنها ذلك الغلام!

لكن اللوم أيضا على وزارة التربية والتعليم وعلى بعض المدارس!

وإليكم هذه القصة: شاءت الظروف أن يتم فصل طالب بسبب إهماله وكثرة تغيبه، وبعد مرور نحو أربعة أشهر من بدء العام الدراسي، طلب منه العودة غلى المدرسة! ففضل هو الحصول على إفادة لكي يلتحق بالتلمذة المهنية في مدرسة الجابرية الصناعية.

على رغم تعاون المشرف الاجتماعي في مدرسته السابقة، فإنالإفادة تأخرت! وبعد أن صدرت، توجه إلى التلمذة المهنية لكي يبلغه الناس بأن يأتي غدا، وإذا عاد غدا فعليه أن يأتي بعد غد… وبعد مرور نحو شهر، أبلغه أحد الإداريين في المدرسة بالقول: «ما في فايدة لا تتعب نفسك»! بالله عليكم، هل يمكن قبول مثل هذا الجواب؟!

هناك الكثير من الطلاب والطالبات، من تركوا الدراسة أو فصلوا لأسباب مختلفة، وهم في سن تسمح لهم بمواصلة الدراسة… هم يرغبون في ذلك، لكن بعض الإجراءات تحول دون عودتهم الى الدراسة، والأمثلة عندي كثيرة أحتفظ بها لنفسي… لكن لابد من لفت نظر المسئولين في الوزارة إلى ضرورة العمل على مراجعة الإجراءات والأنظمة المتعلقة بقرار الفصل، وكيف يتم؟ وما مدة أو فترة الرجوع عن هذا القرار في حال الرغبة في إعادة الطالب إلى مدرسته؟ وكذلك البحث عن إمكان استقطاب العشرات – إن لم يكن المئات – من الطلبة الصغار المفصولين من دراستهم، والتوسع في برامج التلمذة المهنية بحيث لا تقتصر على صباغة السيارات والسباكة والحدادة.

والأفضل من ذلك، بودي أن تطرح الوزارة مشروع توسيع البرنامج المهني للطلبة المفصولين، وتسعى للحصول على دعم القطاع الخاص لافتتاح ورش تعليمية تستقطب أولئك المتسكعين حتى الصباح والنائمين حتى الليل، بدلا من التباكي على كلمة «رجال المستقبل وعماد الوطن».

سامي النصف

لقاء مع ولي العهد السعودي

كعادة سفير النوايا الطيبة الكويتية الصديق عبدالعزيز البابطين كل عام – او تحديدا منذ ربع قرن – من مرافقة ثلة من رجال الكويت الافاضل لاداء مناسك العمرة المباركة وزيارة كبار المسؤولين في المملكة العربية السعودية الشقيقة، توجهنا صباح اول من امس الثلاثاء الى مكة المكرمة، حيث اعتمرنا ثم أفطرنا على مائدة سمو الامير الملكي سلطان بن عبدالعزيز ولي العهد السعودي ورئيس مجلس الوزراء، وتلا ذلك حديث مصارحة شائق امتد لما يقارب الساعتين.

ضم الوفد العم المستشار عبدالرحمن العتيقي ووزير الاوقاف والعدل د.عبدالله المعتوق والنواب وليد الطبطبائي ومبارك الخرينج وخضير العنزي ومحمد الشمري والسادة عبداللطيف الروضان وعبدالرحمن الحميدان وعبدالله البعيجان وعبدالله الطيار وعبدالرحمن البابطين، وقد اتسم الحوار بالصراحة التامة والكلمات الدافئة التي تعكس حسن العلاقة بين الجارين الشقيقين.

في بداية اللقاء، ابدى سمو ولي العهد السعودي فرحته بقرب موعد زيارته المقبلة للكويت ولقائه مع شقيقه صاحب السمو الأمير المفدى وولي عهده الامين، وقد تمنى الاخوان النائبان محمد الشمري وخضير العنزي ان تشمل زيارته جولة في محافظة الجهراء للتعرف على ناسها ومعالمها وكجزء من رد كرم الضيافة الذي حظي به الوفد.

وقد اثنى سموه على العلاقة المميزة التي تربط الكويت بالسعودية ومثلها متانة علاقة دول الخليج بعضها ببعض حتى اضحت التجربة الرائدة في المنطقة العربية، كما عرج سموه على العلاقة مع قطر الشقيقة مثنيا على شعب قطر واسرته الحاكمة التي هي اقرب من الوريد للوريد معهم في المملكة، ملقيا باللوم في توتر العلاقات بين البلدين بين حين وآخر على تداخلات غريبة لا تستهدف الخير للبلدين.

وفيما يخص الوضع في الخليج، تمنى سموه ان تتوافر استراتيجيا قوة ردع نووية لدول G.C.C تحت اشراف الامم المتحدة فيما لو بقيت المنطقة العربية والخليجية عرضة للتسابق النووي بين جيرانها، خاصة في ظل ما يلحظه اهل الخليج من مناورات عسكرية مستفزة بجوارهم وما تلقاه دولنا من تهديدات مباشرة وغير مباشرة لأمنها.

وتبادل سموه الحديث مع وزير الاوقاف والعدل الاخ الفاضل د.عبدالله المعتوق حول الرؤية المشتركة للوسطية وضرورة تبنيها في العالم الاسلامي، وقد اوضح ابوعبدالرحمن النتائج الايجابية لمشروع الوسطية حيث اظهرت دول كالمانيا وفرنسا وتركيا رغبتها في الاستفادة من ذلك المشروع واستضافة انشطته على ارضها.

وعلى الجانب القضائي والعدلي، اوضح سمو الامير الملكي سلطان بن عبدالعزيز انه ارسل لجنة من القضاة الى 52 دولة حتى وصلوا للصيغة النهائية للنظام القضائي السعودي الجديد الذي اقر قبل ايام من مجلس الشورى السعودي، وسيبدأ تطبيقه في القريب العاجل، وقد اختتم اللقاء بحرص سموه على ان يعقد هذا اللقاء في كل عام.

آخر محطة:
تأخر النائب الفاضل مبارك الخرينج عن الوفد لامر نرجو ان يكون فيه خير لأبي فيصل، وقد لازمه سوء الحظ بعدم رؤيته لسيارة المراسم التي كانت في انتظاره ثم اختياره لسيارة ليموزين لا يؤمن سائقها بمقولة «ان اهل مكة ادرى بشعابها»، فضاع في منطقة مكة ايما ضيعة، وكله اجر وعافية وتقبل الله طاعتك.

سعيد محمد سعيد

مئة فلس… روبية!

 

من الشائع والبديهي أن تضرب الأمثال بالمئة فلس (الروبية) في أشياء كثيرة في حياتنا اليومية:

– الذهاب إلى الخباز، عادة وغالبا ما تسمع كلمة «روبية خبز».

– بالنسبة إلى أولئك الذي ينظرون إلى الناس نظرة استحقار، فإنهم لا يترددون في وصف بني آدم، هم على خلاف معه، بالقول: «هذا عندي ما يسوى روبية»!

– أيام العيد، وما أحلى الأعياد، فإن العملة التي كانت ولاتزال تبعث على السعادة في الماضي والحاضر هي المئة فلس، وخصوصا بالنسبة إلينا نحن من عشنا ونعيش في القرى، فإن بيت فلان «يعطي عيدية روبية… روبية يا ناس» فإنه أفضل بيت طيلة ذلك العام حتى يعود العيد على بيت آخر و «ويعطينا روبية ونص أو روبيتين»، حتى يكسر الرقم القياسي السابق.

– شيء مهم في حياتنا، وحياة أطفالنا، وهو «النفيش» يا جماعة… «النفيش»، أيضا يذكرنا بالمئة فلس، وخصوصا «أبو الكيس المتوسط»… أما الآن فهناك أنواع من «النفيش» بالعسل وما إلى ذلك سعرها أكبر من الروبية.

لكن وامصيبتاه حينما نعلم بأن حصة شركة بالملايين يتم التنازل عنها بمئة فلس!

أنا شخصيا، ما إن قرأت الخبر، وحتى ورود تأكيدات وتفاصيل أخرى من طرف شركة «طيران الخليج» لتبيان الأمر بالكامل، تذكرت والدي – رحمه الله – الذي كان موظفا بشركة «طيران الخليج» حتى العام 2000، قبل أن يتوفاه الأجل، الذي كان يقول: «هالشركة يا ولدي كنز، وحبذا لو سميت كنز الخليج، ليكون خيرها – بالحلال – لأهل الخليج وغير أهل الخليج من طالبي الرزق، لكن ما يؤسف له أنها كنز للخواجات، الذي يسرقون منها ولا يشبعون، فكلما سرقوا جاعوا، وكلما جاعوا سرقوا».

والمصيبة أن نماذج الاختلاس والإثراء والاتجار تتكرر سنويا في بلادنا! فإما أن نكون نحن مغفلين وراضين عما يجري ونغض الطرف عنهم وهذه مصيبة من دون شك، وإما أن نكون على علم ورضا وهذه أكبر مصيبة.

على أية حال، وكما يقولون، فإن المال «السايب» يعلم السرقة، لكن الملاحظ اليوم، أنه حتى المال غير السائب أيضا يعلم السرقة… بودي أن أختم بالإشارة إلى أن هناك من الأشياء التي تذكر فيها «الروبية» تحديدا، أن يأتيك إنسان فقير أو متسول بالقرب من الإشارة الضوئية ليقول لك: «يا الله من مال الله» فلن تجد أمامك، – في الغالب أقصد طبعا والله يكثر أهل الخير – أفضل من الروبية لتعطيها لذلك المتسول. أما أن تأخذها أو تعطيها لشركات «المليارات»… فيا الله من مال الله يا ناس!

سامي النصف

للإصلاح أثمان تدفع

خلال قراءتي لمقابلة شخصية مع الفريق المتقاعد عبدالله فراج الغانم ضمن الاصدار الشائق الاخير للزميل يوسف شهاب «رجال في تاريخ الكويت»، يقول الفريق الغانم في اللقاء انه يفخر بعد تلك السنوات الطوال التي قضاها في خدمة بلده وحارب لأجله على اكثر من ساحة وترقى فيها من جندي الى رئيس اركان الجيش الكويتي بأن يده لم تمتد قط للمال الحرام، رغم ان صفقات السلاح كانت بين يديه واغراءات الشركات كثيرة فالانسان حسب قوله اعز ما لديه سمعته وكرامته وعليه دائما ان يتذكر نهايته وحساب القبر والآخرة يوم لا تنفع الملايين أمام العمل الصالح.

ان للاصلاح اثمانا تدفع وقرارات واحكاما حاسمة عليها ان تصدر وواجب السلطة القضائية ان تساهم بذلك الامر عبر الاحكام الرادعة والمغلظة ولا تأخذها في الحق لومة لائم، فمع كل حكم ينطقه رجال القضاء الافاضل بالشدة او التساهل الف رسالة تبعث للآخرين فإما زجر وردع واما تشجيع وتحريض.

ان رفع راية الاصلاح يقتضي القيام بعملية تطهير وتنظيف شاملة للجهاز الحكومي في وزاراته ومؤسساته وشركاته وان يحظى هذا التطهير والتغيير الواجب بدعم ودفع من رجال السلطة التنفيذية على كل المستويات حتى لا تصبح الألسن مع الاصلاح والافعال ضده.

ومثل ذلك دور رجال السلطة التشريعية الافاضل فلا يمكن لعجلة الاصلاح ان تسير ولا لعملية التطهير ان تتم اذا ما وضعت العصي في دولابها وتغلبت العواطف والمجاملات على قراراتها، ان الكويت امانة في اعناق الجميع ونحن امام مفترق طرق فإما ترجمة دعوة الاصلاح الى عمل حقيقي يدفع بنا الى الامام عاما بعد عام في مؤشرات منظمات الشفافية العالمية المحاربة للفساد او نبقيه شعارا دون تفعيل ونلحظ معه تأخرنا في تلك المؤشرات.

آخر محطة:
ضمن ذكريات الفريق عبدالله فراج الغانم كشفه لتحرك 3 ألوية من الجيش الكويتي قوام كل منها 3500 جندي سريعا للحدود مع العراق ابان دعوى عبدالكريم قاسم عام 61 حتى اصبحت المسافة بين الجيشين في بعض المواقع لا تزيد على امتار قليلة وهو ما اوقف الغزو السريع للكويت وقبل ان تصل القوات البريطانية لردعه، كذلك اظهر الغانم ضمن تلك الذكريات ان القوات الكويتية كانت الأولى عربيا في الوصول الى مواقع القتال في سيناء عام 1967 والاخيرة عربيا في مغادرة ارض مصر… تاريخ مكلل بالغار للجيش الكويتي!

سامي النصف

الخطوط الحمراء

مع تأكيد صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الاحمد – حفظه الله – المتكرر أنه لا حل غير دستوري للمجلس وما يعلمه الجميع من كراهية سموه حتى للحل الدستوري، اعتقدنا ان الموضوع قد انتهى ولم تعد هناك حاجة للحديث عنه.

الا اننا فوجئنا بكتابات واجتهادات غريبة تضرب امن واستقرار البلد في الصميم وتنقلب على الوضع القائم والمتوارث في البلد منذ بدء الدولة قبل 3 قرون، وملخص ما تريد قوله تلك الاقلام هو ايهام القارئ بأن الحل غير الدستوري – الذي ولى دون رجعة – يعني سقوط شرعية النظام وهو امر لم يقل به احد من قبل.

فلم نسمع ابان ايقاف بعض بنود الدستور عامي 76 و86 اي طرح كهذا رغم وجود الكثير من مؤسسي الدستور وخبرائه آنذاك وعلى رأسهم المرحوم عثمان عبدالملك، اضافة الى الشخصيات الوطنية المعروفة التي وان اعترضت على الحل غير الدستوري في حينه الا انها لم تشكك او تستسهل قط الافتاء بعدم شرعية النظام القائم وبقي تواصلها وتشاورها مع النظام دون انقطاع.

ومن نافلة القول التذكير بأن الحلين غير الدستوريين للمجلس في عامي 76 و86 لم يتبعهما فتح المعتقلات او نصب المشانق او غياب العدالة او قمع القضاة او اختفاء دولة القانون، بل ظلت الحياة المتسامحة والعلاقة الطيبة بين كل الاطراف قائمة والزيارات لم تنقطع، فمن اين اتت دعاوى التشكيك بشرعية النظام هذه الايام؟ ولصالح من يسقى الشعب الكويتي جرعات السم الزعاف المخلوط بعسل بعض الكتابات المغرضة التي لا يعلم احد دوافعها او من يقف وراءها؟

ان المنطقة تمر بمرحلة حرجة تستوجب منا ان نبحث عما يجمعنا لا ما يفرقنا وان نبتعد عن الطرق الشديد على الثوابت حتى لا تتفكك وتضعف فنندم يوم لا ينفع الندم، ان هيبة الدولة وهيبة النظام خطوط حمراء علينا عدم القبول بالمساس بها وليس هناك شيء اقل من ذلك.

آخر محطة:
حسبما خطه الزميل صالح السعيدي قبل يومين على صدر جريدة «القبس» فإن عمليات نقل الاصوات والفرعيات والخدمات بل حتى شراء الاصوات قائمة على قدم وساق في الدوائر الخمس، ومن ثم بقيت – كما توقعنا – جميع الامراض والسلبيات مقابل اختفاء الايجابيات الجميلة وعلى رأسها التمثيل الحالي للشرائح الصغيرة في المجتمع من قوى وطنية واقتصادية وقبائل صغيرة وسنندم كالعادة عندما لا ينفع الندم.. ولنا عودة للموضوع.

سامي النصف

حتى لا نتحول لبلد إضرابات

من عاش في بريطانيا قبل الحقبة التاتشرية يعلم كم كان الوضع مؤلما هناك حيث تفاجأ كل صباح بإضراب موظفي السكة الحديد أو الباصات أو عمال النظافة أو شركات الطيران أو حتى القائمين على خدمات الكهرباء والماء والبريد وعادة ما تمتد تلك الاضرابات المدمرة لأشهر أو سنوات عدة.

لذا لم ينطلق الاقتصادان البريطاني والأوروبي ولم يتحررا ويتطورا، ومثلهما اقتصاد الولايات المتحدة ابان عهد الرئيس ريغان، إلا بعد حل مشكلة الاضرابات، التي كان من أشهرها اضراب المراقبين الجويين، من جذورها والتأكد من أن عمليات التفاوض بين الجهات المعنية تتم بعيدا عن منهاجية الاضراب التي تشل البلاد وتزعج المواطنين وتضر بمصالح الطرفين المتفاوضين.

في الكويت بقيت اشكالية الاضرابات محدودة والحكمة سائدة حتى تغيرت المعطيات قبل مدة عندما قام البعض بتشجيع مبدأ «اضربْ تُجَب» أي عليك أن تلجأ للاضراب حتى نستمع لك ونحقق لك كل طلباتك، وهو ما جعل شرارة الاضراب تنتشر كالنار في الهشيم في البلاد، ولم يوقف أكثر من 22 نقابة عن الاضراب، كما أتى في بعض الصحف، الا دخول الشهر الفضيل.

ان الواجب الوطني ومصلحة البلاد والعباد يقتضيان من الجانب التنفيذي أن ينجز الطلبات المحقة للموظفين والعمال عبر التفاوض الجدي والودي، ودون الحاجة لدفعهم للاضراب للحصول على حقوقهم كاملة، كما ان على الجانب النقابي ان يتفهم ضرورة طرح المطالب العقلانية والقبول بالتدرج للحصول على ما يتم طرحه، فما لا يحصل كله لا يترك جله.

ان كل قطاعات الدولة مهمة، وأي اضراب أيا كانت مهنة منتسبيه سيتسبب في أفدح الضرر للبلاد ولا حكمة من الحج لطرق ووسائل تركتها الدول المتقدمة خلفها لما تتسبب فيه من خسائر فادحة للاقتصاد الوطني وتعطيلها لمصالح المواطنين، لذا نرجو ان نرقب في المرحلة المقبلة تعزيز نهج مفاوضات الغرف المغلقة التي يقوم بها الحكماء من كل الاطراف والتي تؤدي الى النتائج الطيبة.

آخر محطة:
إضراب يلد اضرابا سيجعلنا نتحسر بشدة على عصر أزمة سياسية تلد أخرى.

سامي النصف

يا رجال الاقتصاد الحر اتحدوا

لا يستطيع ارتفاع أسعار النفط المؤقت أن يخفي حقيقة ان عهد «الحكومة الكبيرة» التي توظف وتربي المواطن من المهد الى اللحد قد اختفى من العالم، وحل محله عهد القطاع الخاص المنتج والفاعل والقائم على البادرة الفردية ومنهاجية الابداع والتطور.

وبذا أصبح رجال الاعمال في العالم أجمع يوقَّرون ويقدَّرون وتُفرش لهم السجاجيد الحمراء عند الوصول، وتحوَّل قادة الدول الكبرى من مسوِّقين للنظريات السياسية كما كان يحدث في العقود الماضية الى بائعين للمصالح الاقتصادية لشركاتهم، كما انصرف اهتمام السفارات والمخابرات عن العمل السياسي الى التجسس الصناعي.

في وسط هذه المتغيرات العالمية القائمة منذ سنوات نجد أن رجال الاقتصاد والاعمال في بلدنا وهم أمل المستقبل ومن سيخلق فرص العمل الجادة للأجيال المقبلة يضربون ضرب غرائب الابل من كل الاتجاهات ومن جميع التوجهات، وهم من يتسابق بعض رجال السلطات الذين تظللهم قبة البرلمان على محاربتهم وفسخ عقودهم واطلاق الصفات والمسميات الضارة عليهم.

لقد تسببت تلك الاجواء المحلية غير المشجعة في هجرة رجال الأعمال الكويتيين للخارج حيث واجهوا كذلك الأمرّين طبقا لنظريتين أولاهما نظرية عربية نصها مقولة «الدخول السهل والخروج الصعب» وهو ما يحدث في بعض بلدان الاقتصاد الاشتراكي العربي المتحول التي تسهّل الدخول وتصعّب الخروج، والثانية نظرية خليجية ملخصها «خل يكبر كفله حتى يحل ذبحه» وهو ما يحدث في بعض دول الخليج التي تسمح للمال الكويتي بالاستثمار والعمل، الا انه ما إن ينجح ويزدهر حتى تبدأ عمليات الاستيلاء القسرية والمضايقات على الممتلكات والاستثمارات التي لا تنفع معها الشكوى أو الذهاب للمحاكم.

إن الحل الوحيد لإبقاء الاموال الخاصة الكويتية في الكويت لتنمية البلد ولاستغلال تلك الفرص النادرة التي تمر علينا كمرور السحاب ولإزالة المعوقات السياسية والبيروقراطية هو عبر العمل المؤسسي المنظم لرجال الاعمال القائم على خلق كارتيلات ولوبيات منظمة ومؤثرة تشرح حقيقة دور القطاع الخاص في التنمية وخلق فرص عمل للشباب الكويتي ومحاولة كسب الدعم والتأييد من قبل الوزارات المختصة واعضاء البرلمان.

آخر محطة:
يحتاج الأمر كذلك من هيئة أو تجمع رجال الاعمال القيام بعمل اعلامي فاعل لتغيير الصورة النمطية السالبة عن رجال الاعمال في أذهان الناس والتي خلقتها موروثات حقبة الاشتراكية العربية والتي نراها منعكسة في أعمال الدراما العربية والخليجية والكويتية، حيث يمثَّل رجل الأعمال دائما بدور المستغل والشرير والمتجاوز على القانون.. إلخ.