سامي النصف

حديث ما بعد العاصفة

أحد المبادئ العامة الواجب تعلمها ضمن لعبتنا السياسية هو ان الديموقراطية في صلبها هي الإيمان بالرأي والرأي الآخر، أما منهاجية «ما أريكم إلا ما أرى» أو «ان قولي صواب لا يحتمل الخطأ وقولكم خطأ لا يحتمل الصواب» فتلك هي الديكتاتورية المقنعة البغيضة بعينها مهما حاولنا ان نجملها أو نضفي عليها ما أنزل الله من مسميات جميلة.

الآن وبعد استقالة وزير النفط أصبح بالإمكان الحديث عما دار حول «مبدأ التدوير» بعقل بارد ليس فيه دعم لشخص زيد أو استقصاد لشخص عبيد حتى لا نبكي كعادتنا على اللبن بعد سكبه فنبحث عن تلك الأداة التي يمكن ان تفك في القادم من الأيام والسنين أزمات كبرى فلا نجدها.

فالاستجواب كأي أداة حادة أخرى يمكن ان يحسن استخدامها فتوجه من خلاله أصابع القصور الإداري أو الفساد المالي تجاه أحد المسؤولين وهنا لا خلاف على الإطلاق في ضرورة المحاسبة القصوى لمن قام بالتجاوز والتعدي، وهذا هو الوضع في أجواء مثالية تستهدف مصلحة المجتمع والحفاظ على المال العام.

إلا أن الواقع المعيش يظهر في بعض الأحيان استقصاد نائب أو أكثر، أحد الوزراء لذاته أو لموقفه الصحيح من إحدى القضايا أو لرفضه الخضوع للطلبات الشخصية والواسطات، مشهرين سلاح الاستجواب ضده، في وضع كهذا وخاصة مع التغييرات التي طرأت بعد قفل الحكومة – مشكورة – حنفية التنفيع والقفز على القوانين لكسب التأييد، ستجد الحكومة، ومع كل الشرفاء من نواب ومواطنين، انها في ورطة.

فالأخذ بخيار استكمال الاستجواب سيعني السقوط المحتم للوزير المستهدف الذي سنفترض كفاءته ونزاهته وحاجة البلد لقدراته المميزة، حيث أصبح من الصعوبة بمكان ولأجل غير مسمى حشد حتى 3 نواب يتحدثون ضد الاستجواب – أي استجواب – لما يرونه من مخاطرة على فرصهم في النجاح في الانتخابات اللاحقة، فمبدأ السلامة يقتضي إما دعم الاستجواب أو على الأقل عدم الظهور بمظهر من يدعم الوزير أو الحكومة خوفا من مقولة انه متنفع منهم.

حينها ستجد رئاسة الحكومة ومعها كثير من النواب المحرجين من غير المقتنعين أصلا بالاستجواب، ان الحل يكمن في الأخذ بالخيار السهل أي التدوير ونعني بالطبع هنا تدوير الوزراء الأكفاء النظفاء ممن أصابهم سهم الاستجواب الخاطئ، أما من هم غير ذلك فلا يستحقون إلا تركهم لمصيرهم المحتوم على منصة الاستجواب، وفي غياب ذلك الخيار السهل قد تلجأ الحكومة للأخذ بالخيار الصعب أي الحل الدستوري من زاوية ان ذلك الاستجواب أو تلك الاستجوابات غير مبررة وتعني عدم التعاون بين الحكومة والمجلس.

ان القياس الصحـــيح للأمور يدعو الى وضعها في حجـــمها الصحـــيح دون افتـراض «المبـالغة غير العقـــلانية» فيــها ثم القياس عليــها كمن يطــالب بإســـقاط حق الاستجواب عبر المبـــالغة والقول ماذا لو قدم كل عضو من الخمسين نائبا استجوابا ضد 16 وزيرا، او مثل ذلك من يرفض التدوير عبر الافتراض المبالغ فيه والقول وماذا لو دورت الحـــكومة «كل» وزير يستجوب، فواضح ان افتراضية كهذه والتي لم تحدث إلا مرات نادرة جدا في السابق ستعني استخدام المجلس أداة الاستجواب تجاه من «يبالغ» في استخدام أداة التدوير دون الحاجة لإيقاف مبدأ التدوير ذاته.

آخر محطة:
في الخلاصة الاستجواب والتدوير هما أداتان دستوريتان لا يجوز منعهما أو المبالغة في استخدامهما.

احمد الصراف

لقمة الأسد

وافقت الحكومة قبل عشر سنوات لمجموعة من الجهات على تأسيس شركة ‘الخدمات عامة’ لتقوم بمهمة تخليص معاملات المواطنين والوافدين لدى دوائر الدولة مقابل رسوم رمزية.
تناوب على إدارة الشركة مجموعة من عتاة المتقاعدين وأكثرهم من الفاشلين إداريا، ولم توفق الشركة بالتالي في إقناع أي جهة بقبول خدماتها أو جديتها!
مع بدء تآكل رأسمال الشركة وتذمر مالكيها من فشل الإدارة في تحقيق أي نجاح يذكر، قامت جهة مالية قوية محسوبة على حركة الإخوان بإقناع الملاك، عدا طرف ضعيف واحد، بالخروج برؤوس أموالهم منها ومن ثم تخفيض رأسمالها إلى الخمس فقط، والقيام بعدها مباشرة، أي في يوليو 2002، بتوقيع عقد ‘مبهم’ ومليء بالغموض مع د. محمد الجار الله، وزير الصحة الأسبق، المحسوب، وبشكل خفي، على حركة الإخوان المسلمين، يحقق للشركة ملايين الدنانير ربحا سنويا من دون مقابل جدي يذكر!
وهذه أهم بنود العقد الذي كان من المفترض أن تقوم الشركة بموجبه بتركيب نظام كمبيوتر يحتوي على التاريخ الطبي لكل مقيم، بحيث يمكن لطبيب أي مستشفى أو مركز صحي الاطلاع عليه بمجرد ‘كبسة’ زر!! وكل ذلك مقابل استيفاء الشركة لمبلغ دينار واحد من المقيم، من غير الخدم وموظفي الحكومة:
1 – تتكفل الشركة بتدريب موظفي الحكومة على الأعمال موضوع العقد، وبأي عدد كان، خلال السنتين الأخيرتين منه!! وهذا لم يتحقق منه شيء بعد مرور أكثر من 15 شهرا على تاريخ استحقاقه، حيث إن العقد ينتهي في 10/7/2008!
2 – تستوفي الشركة رسم دينار عن كل بطاقة!! وهذا غير صحيح إطلاقا، حيث تفننت الشركة في استيفاء ضعف هذا المبلغ في حالات كثيرة.
3 – تلتزم الشركة بتمويل برامج تعزيز التوعية الصحية!! وهذا بند مبهم وغير واضح ومر على الجهات الرقابية، ربما من دون تعليق. كما لم يتحقق منه شي وملموس، خصوصا أن البند الأخير في مذكرة التفاهم نص على قيام الشركة بدفع مبلغ 25 ألف دينار للصحة مقابل هذه البرامج! فمن الذي سيقوم بتطبيق البرنامج، الشركة أم الدولة ونحن لم نر من أي الطرفين شيئا بخصوص هذه التوعية؟!
4 – من مهام الشركة حسب أهم بنود العقد (رابعا) توريد وتركيب الأجهزة والبرامج والشبكات وتقديم إحصائيات دورية وتسليم النظام بكامله للوزارة، بعد الربط بين المراكز الصحية والمستشفيات وبين الوزارة والهيئات الأخرى!! وهذا لم يتم تحقيقه بعد مرور أكثر من 4 سنوات!
5 – تلتزم الشركة بتشغيل المشروع في مدة، أقصاها شهران من تسلمها للمواقع!! لكنها تأخرت في التشغيل لسنة تقريبا. وعلى الرغم من أن البند 12 نص على غرامة تأخير 100 دينار عن كل يوم عمل، فإن الوزارة لم تقم بتطبيق الغرامة!!
6 – نص العقد على كون الأجهزة والبرامج مطابقة لمعايير ISO9001 وFCC وأن تكون مرخصة، وهذا ما لم تقم الشركة بإثباته!
7 – العقد ينص على ساعات عمل صباحية ومسائية!! وهذا لم يطبق في جميع المراكز!!
وأخيرا، وبما أن للوزارة الحق في فسخ العقد أو إنهائه إذا أظهر طرفه الآخر إهمالا في تنفيذ التزاماته، وحيث إن أي جهة كانت، غير ملاك الشركة المعنية، لم تستفد إطلاقا، أكرر إطلاقا، من هذه الخدمة السخيفة التي انحصرت في إصدار بطاقات بلاستيكية لا تعني شيئا لأن غالبية – إن لم يكن كل – مستوصفات ومستشفيات الحكومة تصر على إبراز البطاقة المدنية قبل تقديم العلاج للمريض، وحيث إن الشركة ستتمكن، مع انتهاء مدة العقد، من تحقيق أرباح صافية تزيد على الملايين دون جهد يذكر أو مخاطرة حقيقية، فإن من المصلحة العامة إنهاء هذا العقد بتاريخ انتهائه في 19/7/2008 والتفكير بصورة جديدة في أسلوب أكثر فاعلية!
أحمد الصراف

سامي النصف

فلسفة الثروة

حال المواطنين الشركاء في الوطن الواحد كحال المساهمين في أي شركة مساهمة تستفيد ادارتها مما يقترحونه من سبل لتحسين عوائدها المالية، لذا فمع تمتع الكويت هذه الأيام بثروات غير مسبوقة في تاريخها وجدنا ان من الحكمة تسليط الضوء على فلسفة التصرف بالثروات النفطية في الدول الأخرى ذات الظروف المشابهة.

يرى أهل النرويج وهم أحد أكثر شعوب أوروبا ذكاء وحنكة ضرورة استخراج أكبر كمية من النفط المخزون في اقصر مدة وتحويله إلى استثمارات في السندات والأسهم الزرقاء ذات العوائد المالية المرتفعة، وتعتمد تلك الفلسفة على عدة أسباب منها ان الاستثمارات المالية تنمو وتكبر وتزيد، فمائة دولار يحصل عليها من بيع برميل نفط يتضاعف سعرها كل سبعة اعوام من استثمارها فتصبح مائتي دولار، اما بقاء البرميل تحت الارض فلا عائد ماليا له مع احتمال كبير بانخفاض سعره الى النصف أو الربع طبقا للظروف المتغيرة التي لا يمكن التحكم بها، فتصبح المائة دولار 50 أو 25 دولارا بعد اعوام من الانتظار.

وواضح ان كلفة سعر البرميل في الكويت تقل عن الدولار الواحد لذا فبيعه باسعار هذه الايام المرتفعة جدا لا ضرر منه، اضافة الى حقيقة ان البترول كمصدر للطاقة كحال الفحم سابقا قد يستبدل سريعا بالوقود النظيف أو مصادر الطاقة البديلة خلال سنوات قليلة خاصة بعد الانباء الأخيرة عن ان المخزون النفطي الحقيقي في العالم أقل كثيرا من نصف ما هو متوقع سابقا، ومن ثم سينضب مخزون كثير من الدول المنتجة خلال العقدين او العقود الثلاثة القادمة ومن ثم لا يمكن للعالم ان يعيش على مخزون نفطي لبلدين أو ثلاثة وعليه ايجاد البديل خلال تلك المدة، ان الايمان بخيار «تحويل النفط الى اموال سائلة» يعني الاسراع في عمليات تطوير حقول الشمال وباقي حقول الكويت.

من جانب آخر تعتمد دول كالامارات وقطر والسعودية ومصر وغيرها على تحويل عوائد النفط إلى منشآت وبنى أساسية ضخمة على كل شبر من أرض الوطن طبقا لحقيقة ان الاجيال القادمة قد لا تجد الموارد المالية لتعمير الأرض بعد نضوب البترول او الاستغناء التدريجي عنه، لذا فما فائدة – حسب تلك الفلسفة – توريث اراض عامة قاحلة خالية من المشاريع خاصة ان اغلب دول المجاعات والفقر في العالم تملك حاليا اراضي شاسعة لا يرغب احد في تعميرها؟ لذا فمن الأفضل ان نورث أراضي معمرة مدرة للمال لا خالية أو مدمرة.

بالمقابل هناك توجه قوي في الكويت يدعو لعكس ذلك حيث ما ان يقترب المستثمرون المحليون او الاجانب من الأراضي العامة لاقامة المشاريع الجالبة للاموال عليها حتى يتم الاعتراض على ذلك بحجة عدم التفريط باراضي الدولة ومن ثم يصبح الخيار هو اما انتظار تعمير الخزينة العامة لتلك الصحاري وهو أمر مكلف جدا ويحتاج لعشرات السنين، او توريثها للاجيال المقبلة كاراض قاحلة عليهم في ذلك الزمن البعيد ان يجدوا الأموال غير المتوافرة آنذاك لتعميرها بعد تضاعف اسعارها عشرات المرات، ان الدول حتى الغنية منها تستجدي المستثمرين والسائحين للقدوم ونحن نتسابق على طردهم حتى اصبحنا ولا فخر الدولة الاولى في العالم في تصدير المستثمرين والسائحين.

آخر محطة:
الاستثمار الأمثل للأموال العامة يمر بعمليات اصلاح واسعة لا تختص بالسلطة التنفيذية وحدها بل يجب ان تمتد للسلطتين الثانية والثالثة والمرجو الاطلاع على بعض تقارير منظمة الشفافية العالمية حول المنهج الامثل لعمليات الاصلاح في السلطات الثلاث وليس في احداها فقط.

احمد الصراف

مواطن عربي وقطة بريطانية

ورد في عمود ‘العميد’ محمد مساعد الصالح ان محكمة بريطانية منعت امرأة من اقتناء اي حيوانات منزلية لأنها التقطت فيديو لنفسها وهي تركل في منزلها قطة صغيرة!، وعلق الزميل محمد على الحادثة بأن الجنود البريطانيين، على الرغم من انهم ركلوا ويركلون المواطنين العراقيين، فان المحاكم البريطانية لم تصدر حكما بحقهم، وان الحيوانات، امام المحاكم البريطانية، اهم من البشر، وبالذات العرب!
يعلم استاذنا، وهو المحامي المعروف، أن المحاكم لا تصدر احكاما واوامر من تلقاء نفسها، بل يتطلب الامر وجود جهة كالنيابة العامة تقوم برفع القضايا لها، وبالتالي فإن تلك القطة وجدت من يهتم بها ويرفع قضيتها للقضاء البريطاني، كما انه، وهذا هو المهم، ان الحكم سينفذ وسيوجد من يهتم بتطبيقه!
وعليه فإن الامر يتطلب تدخل جهة ما، ولتكن مؤسسة الزميل الكريم للمحاماة، لتقوم بتوكيل محام بريطاني يقوم بالدفاع عن حقوق المواطنين العراقيين الذين تلقوا ركلا، او غير ذلك، من الجنود البريطانيين، فبغير ذلك فإن القضاء البريطاني عاجز عن فعل الكثير بحق من ركل مواطنين عراقيين.
وفوق هذا وذلك، يعلم الزميل انه لا المواطن العراقي ولا غالبية مواطني شرقنا وغربنا العربي يتمتعون بأي حقوق سياسية او قانونية او حتى معيشية لكي نقارن اوضاعنا بأوضاع قطة بريطانية وحقوقها!، فعندما يفتقد الانسان الكرامة ويصبح ذليلا يهون كل شيء عليه! الكرامة قد تفقد، غالبا، من تلقاء نفسها، ولكن الذلة لا تأتي من فراغ، فعادة ما يسبقها تلقي ذلك المواطن، الذي ركله عسكري اجنبي تابع لقوة محتلة، ركلا اقوى وصفعا ومذلة من اخيه وابن عمه وقريبه، هذا ان بقي حيا يرزق، ولم يمت لسبب سياسي او حزبي آخر!
وعليه، فالعيب يا سيدي ليس فقط في الجندي البريطاني الذي ركل مواطنا اعزل، ولا في سكوتنا عن وقوع مثل تلك الاعتداءات على ابرياء، بل في تاريخ طويل من المعاناة والقهر والتجويع والتعذيب، والعالم سيحترمنا وسيحترم كرامتنا وسيتوقف عن ‘ركلنا’ متى ما وقفنا عن ركل بعضنا بعضنا، وأحداث احتلال دولنا لبعضها البعض لا تزال ماثلة في الاذهان، ومن يهن، يا سيدي، يسهل الهوان عليه!
أحمد الصراف

سامي النصف

67 + 25 = 1

يرى أغلب أو جميع المفكرين والمثقفين العرب – وما أروعهم – ان سبب المد الديني الحالي في الوطن العربي هو نكسة 67 التي تسببت، حسب اعتقادهم وفكرهم العميق، بانحسار التيار اليساري وافساح المجال للتيار المحافظ والديني كي يسود الساحة العربية.

والحقيقة هي – كالعادة – أبعد ما تكون عن ذلك التصور الخاطئ، فقد ساد الفكر اليساري العالم أجمع، والوطن العربي بالطبع جزء منه ويتأثر به في الحقبة الممتدة من أواخر الخمسينيات حتى أواخر الستينيات، لذا شهدنا فوز كنيدي وجونسون في أميركا والحكومات العمالية في بريطانيا، ومثلها التواجد القوي للأحزاب الشيوعية في فرنسا وايطاليا واليونان وقبرص وغيرها.

تلا ذلك المد اليساري العالمي الواسع انحسار شديد له في أصقاع الأرض بعد ان اتضح خطؤه وعدم إيصاله الشعوب للجنات الموعودة وتساقطت قياداته أمثال سوكارنو ونكروما وسيكتوري.. الخ، وقد تسلم الراية منه الفكر المحافظ والديني – دون الحاجة لنكسة حربية – ومن ذلك ما شهدناه من التحول الى التاتشرية والريغانية وصعود قوة الكنائس المختلفة وضعف النقابات اليسارية، وعليه فليس صحيحا على الإطلاق ادعاء عباقرتنا ومفكرينا بأن نكسة 67 هي سبب التحول من الفكر اليساري الى الفكر الديني، فذلك الأمر كان قادما بالضرورة حتى لو لم تقم حرب الأيام الستة، فما كان للعرب ان يستمروا في دعم القيادات والتوجه اليساري والعالم بأكمله يتجه نحو اليمين.

مثل ذلك من ينظر لأوضاع الكويت في الستينيات، وقد كانت جزءا من توجهات المنطقة التي لم يكن معروفا لديها الاختلاف على معطى الطائفية والقبلية.. الخ، ثم يقارنها بعد ذلك بكويت اليوم ليصل الى استنتاج بسيط كسابقه يقول ان التحول الى 25 دائرة هو السبب في تفشي الطائفية والقبلية والفئوية التي نراها اليوم، أي اننا لو أبقينا على الدوائر العشر لما شهدنا تلك الانقسامات.

مرة أخرى تظهر الحقيقة الجلية، أنه لا علاقة على الإطلاق للدوائر الـ 25 بمثل تلك التحولات المجتمعية التي نشهد للأسف امتدادها في جميع بلدان المنطقة الواقعة شمالنا وجنوبنا، وحتى البعيدة منا دون ان تكون لديهم بالطبع تقسيمات دوائرنا الـ 25، فالعراق على سبيل المثال الذي لم يشهد ابان ثوراته وانقلاباته العديدة أي خلاف طائفي أصبح الناس يُقتلون ويُهجّرون فيه هذه الأيام طبقا لانتماءاتهم الطائفية، مرة أخرى يستخدم التحليل الخاطئ للوصول للنتائج الخاطئة لخدمة قضية ما، ومازلت اعتقد ان التحول عن نظام «25 دائرة» خطأ كبير سنشهد تداعياته في الانتخابات المقبلة والتي تليها، اضافة الى الخطأ الأمرّ والأخطر وهو إقرار الاضراب لا سمح الله.

آخر محطة: يشهد البرنامج الشائق ديوانية الأسبوع لمقدمه الزميل د.شفيق الغبرا الاثنين المقبل لقاء مثيرا حول مشروعية الأحزاب في الكويت نشترك فيه مع الأساتذة الأفاضل أحمد الديين وسيف الهاجري وثلة من شباب الجامعة، وندعو المهتمين بالشأن السياسي لمتابعته.

سامي النصف

أزمة الديموقراطية في الكويت

منعت الرقابة العربية في الماضي أحد أكثر الافلام العالمية نجاحا وهو فيلم «لورنس العرب» على معطى صورة اول برلمان عربي عقد في دمشق بعد تحريرها من الأتراك في الحرب الكونية الاولى كونه اظهر النواب العرب وهم يتكلمون جميعا في وقت واحد، كما ان بعضهم قفز على الطاولة مشهرا سلاحه في وجه زملائه، وقد كانت دلالات الفيلم القائم على ما خطه لورنس العرب في كتابه «أعمدة الحكمة السبعة» ان للديموقراطية اوجها عدة عند تطبيقها ولا يمكن فصلها قط عن الثقافة السائدة في كل مجتمع تقام به.

فديموقراطية مصر الملكية أثرت بها ثقافة الباشوات والنواب والعُــمَد القادمــين من الأرياف ممن كانوا يمثلون الأغلبية في حزب الوفد والمشتهرة بالتســامح، كما ان مبادئ الثــورة الســتة التي أُعلنـــت بعد يوليــو 52 نصّت على الأخذ بالخــيار الديموقراطي إلا أنها سقـــطت أمام ثقــافة الرئيس عبدالناصر ونائبه القوي عبدالحكيم عامر الصعيدية القــــادمة من بلدتيهما «أسيوط» و«المنــيا» التي ترى «قلة مرجــلة» فيمن يسكت عن نـــقده من قِبَل خصــمه او عدوّه، كما تقتـــضي الممارسة الديمـوقراطــية الصحيحة.

في العراق كان نوري السعيد يدفع بمثقفي بغداد للترشّح مع ابناء الزعامات الدينية والقبلية في المناطق المختلفة، ويعمل على إنجاحهم رغم ان كثيرا منهم يتخذ بعد ذلك مواقف عدائية منه. ويقول رئيس الوزراء احمد البابان في كتاب ذكرياته ان نوري السعيد قال لأحد أقطاب المعارضة ممن طالبوا بتعديل الدوائر والحرص على نزاهة الانتخابات: لو قمنا بذلك لتقلّص عددكم من 50 نائبا الى 5 وكانت حجة نوري السعيد في فعله ان الديموقراطية حتى تُمارس بشكل صحيح تحتاج الى كم كبير من التعليم والثقافة والوعي السياسي، الذي لم يكن متوافرا في ذلك الزمن في مناطق كثيرة من العراق.

ومن يقرأ دستور حزب البعث الذي انشأه دكاترة في جامعة دمسق يجده يدفع بقوة اتجاه الأخذ بالديموقراطية وتقبل الرأي والرأي الآخر، إلا ان الممارسة اللاحــقة اثبتت عكس ذلك نظرا لتداخل ثقــافة ارياف الدول التي وصل حزب البعث لسدة الحكم فيها وهي ثقافة يسود في جانب منها العنف – بعكس الثـــقافة السائدة في أرياف مصر – وترى في جـانب منها ان الحلول الوسط مع الخصم او ما يسمى compromise هو تنازل وتخاذل لا يجوز الأخذ به وخير منه خيار الدم.

يشتهر الكويتيون في حاضرتهم وباديتهم – لأسباب تحتاج الى تحليل في مقالات لاحقة – بحب التنازع والخلاف والشقاق الذي لا يخلو منه بيت في الكويت وقد انتقلت تلك الثقافـــة المجتمـــعية للديموقراطية الكويتية، فشـــهدنا – ومنذ اليوم الأول – صراعات تتلوها صراعات وازمات تلد ازمات، لذا لا يمكن تصـــوّر معالجة اشكالات الديموقراطية الكويتية دون معالجة الثقافة «التناحرية» وعقلية النزاع السائدة في المجتمع الكويتي والحديث ذو شجون.

آخر محطة:
احدى الثقافات المجــتمعية الطارئة التي تتأثر بها الديموقــراطية الكويتية هذه الأيـــام، هي عدم الغضــاضة من استــخدام الوســائل غير الســوية للوصول للغنى والثراء الذي أصـــبح هو المعيار الوحيد للرقــي والنجاح، ومثـــل ذلك كراهـــية العمل المخلــص والــجاد واعتبار النزاهـــة والأمانــة غباء وحمقا و«لا حول ولا قوة إلا بالله».

احمد الصراف

الرأي والرأي الآخر

السيد خالد السلطان – وهو بالطبع ليس المهندس خالد سلطان العيسى رجل الأعمال المعروف، ولكن يبدو انهم ب’السلف’ سواء- كتب مقالا غطى صفحة كاملة من عدد ‘الوطن’ ليوم 23/10، تكلم فيه وباسهاب عن ‘النظرة الشرعية للكاريكاتير’، وبواعث الاستهزاء من خلال رسومها وأضرار السكوت عن المستهزئين، وعقوبة الاستهزاء والموقف من المستهزئين الى آخره.. باروللي.. باروللي!! وهذه ملاحظاتنا على المقال:
اولا: رسم الكاريكاتير السياسي فن حديث، ولا اعرف بالتالي لماذا كتابة صفحة كاملة عنه وترك بقية فنون الرسم والتصوير الاخرى جانبا وهي الاكثر قدما وشيوعا، والتي تعتبر اقرب واصدق تمثيلا للشكل البشري، المحرم تصويره ورسمه حسب وجهة نظر البعض من اهل التطرف والتزمت!
ثانيا: ركز الكاتب على ان الرسم الكاريكاتيري يستغل في السخرية من انظمة حاكمة، وفي الطعن والاستهزاء، حسب وجهة نظره، من تعاليم الدين والمتمسكين به! ونسي الكاتب ان صورة فوتوغرافية واحدة يمكن ان تكون ابلغ من الف كلمة وألف كاريكاتير، والامثلة على ذلك كثيرة! كما ان الكثير من الكتابات والروايات والمسرحيات والافلام تقوم ب’الجرم’ ذاته فلم لم يحرمها صراحة ويخلصنا من كل هذه الفنون والابداعات؟!
ثالثا: ذكر الكاتب، حرفيا، ان رسم صور لذوات الارواح، كصور البشر والحيوانات، وباجماع العلماء السابقين والمعاصرين، يعتبر من كبائر الذنوب! والمصورون هم ‘اشد الناس’ عذابا يوم القيامة يعذبون بكل صورها!
فاذا كان هذا مصير رسامي الكاريكاتير.. فما العذاب الذي سيلقاه في الآخرة مجرمون وسفلة من امثال صدام وموسيليني وهتلر وستالين او هولاكو وغيرهم من آلاف القتلة عبر التاريخ؟ رابعا: نسي الكاتب ان رسم الكاريكاتير لا يختلف كثيرا عن الرسوم الموغلة في القدم التي اكتشفت داخل الكهوف، والتي عرفنا منها الكثير عن حياة الانسان الاول. كما ساعدت رسوم الحضارات القديمة، كالفرعونية، والقريبة من الرسوم الكاريكاتيرية، في فهم الكثير عن اسرار حضارات من سبقونا!
خامسا: لا يمكن اليوم وفي هذا العالم المعقد الذي نعيش فيه والمملوء بالاخطار، السفر بغير جواز، وهذه الوثيقة لا تعني شيئا من غير صورة صاحبها الفوتوغرافية المحرمة.
سادسا: الرسوم الكاريكاتيرية التي رسمت للمشتبه في اقترافهم جرائم اغتصاب وقتل رهيبة، ساعدت في إلقاء القبض على الآلاف منهم، وهو الامر الذي لم يكن ليتم لولا تلك الرسوم، التي يصفها السيد بالمحرمة! واخيرا، والقائمة طويلة، بالرغم من ان الكاتب خصص صفحة كاملة في الكتابة عن مختلف عواقب وشرور واحكام رسم الكاريكاتير، فإنه لم يخصص ولو سطرا واحدا للكتابة عن رأيه ‘الفقهي’ في اولئك الذين يعملون ويكتبون ويقبضون مالا من صحف هي الاكثر استعمالا للرسوم الكاريكاتيرية!
أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

حين يصبح السؤال أخرسَ!

 

هو سؤال نمطي لا يتجدد أبدا في بلادنا، ولربما راود الآلاف من الناس قبلي، ولكنه لم يفارقني طوال عطلة نهاية الأسبوع الماضي! ولا أدري صراحة لماذا اشتريت “وجع الدماغ” هكذا بلا مقدمات ولا هدف! ولكني خاطبت نفسي قائلا: “يا رجل، هذا دليل على أنه لا يزال لديك إحساس. احمد ربك”!

ولكن ما السؤال؟ سأطرحه على نفسي وعلى الملأ، في نهاية هذه الأسطر، ولكن قبل ذلك أود لو تمكنت من أن أمهد له بمقامات تجدونها هنا:

– حدثنا الراوي ابن أبي البحرين الأصلي… فقال: ما الذي يجري بين صحبي وأهلي؟ وما الذي ألمّ بالحكومة والمعارضة في الترحال والحل… بين شد وجذب في ملفات وقضايا بعضها بسيط وبعضها يستعصي على الحل؟ وكيف تمضي السنون والوقعة مستمرة في وادٍ وسهل… حتى شاب لها رأس الشاب وانتظر بسببها موته الكهل؟ وما كان من الراوي إلا أن صمت عن الكلام المباح؛ لأنه طلب العافية فاستراح.

– حدثنا الراوي أبوالاعتصام السلمي، فقال: سأجمع صحبي ورفاقي وأبناء عمي وسنطرق كل أبواب العدالة بحثا عن أنصار في وجه الظلم. وسنرفع كل الرايات حين يشتد الحر ويحل البرد وتهب السرايات، ونتلو من أجل النصر الأذكار والآيات. وما مات من طالب بحقه حتى لو صبره مات!

– حدثتنا حديقة السلمانية عن أيام جميلة مضت دونما رجعة بين فلانه وفلتانيه، إذ كان الناس في مودة ورخاء بلا طائفية ولا تمييز ولا مهاترات برلمانية، حتى ألمت بها الحسرة، وزاد من عذابها بعدُ الأمل في الصلاح بعد خراب البصرة، وقالت: يا ويلتي على أبناء الديرة قد سقطوا في حفرة، فيا ليتها ترجع أيام الناس في البلد قبل النفط والطفرة. فبكت وبكت حتى طاحت صفرة!

– حدثتنا أمينة بنت الصريح، عمّا كانت تظن أنه الطريق الصحيح… بعد أن وجدت بين السنة والشيعة من يقول إنه الذابح ومن يقول إنه الذبيح، فأوصت جارتها صابرة، بأن النتيجة الى بلاء صائرة، فالكل يدعي أنه على الوطن حريص، وصار الناس بين وطني رائد وصاحب ولاء رخيص، وبين من يملك الفن في حب الوطن، وبين من يثير الأحقاد والضلال والكفر والفتن، فما كان من أمينة بنت الصريح إلا أن كتبت وصيتها وتمنت أن يبنى لها بعد موتها ضريح، حتى يصبح مزارا للمؤمن والكافر، والبر والفاجر، وتباع فيه الولاءات بالتذاكر.

– حدثنا وحدثنا وحدثنا… صاحب بيانات صحافية هنا، وناشر كرامات هناك، ولبيب يفهم بالإشارة، أن ما يحدث لن يجر إلا الخسارة، وليس أمامي الا أن اطرح سؤالي الذي اخبرتكم عنه منذ البداية يا كرام: ترى، متى ستنتهي معاناتنا اليومية، من السياسة الى القضايا الاجتماعية؟ ومتى يصبح الوطن للكل والكل للوطن؟

ترى صدقوني بنروح ملح!

احمد الصراف

تهمة المخابرات الخارجية

تبادرنا وزارة المواصلات بين الفترة والأخرى بأنباء القبض على فرد أو شركة أو عصابة تتعامل ببيع المخابرات الهاتفية!
هذا الوصف مبالغ فيه وغير سليم فليس في الأمر سرقة حقيقية ولا من يحزنون، بل لا يعدو الأمر كونه استغلالا لتكنولوجيا خدمة الإنترنت في القيام بإجراء مخابرات هاتفية مع دول العالم الأخرى مقابل رسوم بسيطة تدفع لشركات اتصال عالمية معروفة مقابل توفير هذه الخدمة على الإنترنت!
إن الأمر يتطلب من وزارة المواصلات مسايرة التقدم العلمي ومجاراة العصر ومعرفة أسرار الاتصالات الحديثة عن طريق الإنترنت وتنظيم ترخيصها لأكثر من جهة، بدلا من تضييع الوقت والمال في عمليات قبض واعتقال وإغلاق شركات ومحلات لا تنتهي أبدا.
كما يتطلب الأمر قيام الوزارة بجعل رسوم الاتصال أكثر تنافسا بحيث تصبح بمتناول الكثيرين وخاصة في ساعات اليوم المتأخرة.
نتمنى على الوزير الجديد فعل شيء بهذا الخصوص.
وبمناسبة الحديث عن المخابرات الخارجية فقد تذكرت حادثة طريفة وقعت مع أحد المعارف قبل أربعين عاما تقريبا قام بزيارة مصر وقتها، وما إن قرأ ضابط بيانات جوازه وبطاقة الدخول حتى طلب منه باحترام شديد مرافقته إلى غرفة كبار الضيوف، وهناك طلب له بعض المرطبات وطلب منه الانتظار لبرهة، وكلف من يحضر له حقيبته. بعد لحظات دخلت مجموعة من الضباط، وكان أعلاهم رتبة لواء ورحبوا به بحرارة ومن ثم أعلموه بأنه سيكون ضيف الدولة وأرسلوه مع عسكري إلى فندق فخم. لم يحاول صاحبنا الاستفسار عن كل ما يجري، بالرغم من دهشته، إلا أنه فضل التزام السكوت.
بعد ضيافة مجانية في ضيافة الحكومة لأربعة أيام طلب منه الاستمرار في البقاء في الفندق نفسه إن شاء ذلك، ولكن على حسابه هذه المرة، حدث كل ذلك فجأة، ودون شرح تفسير، بمثل ما بدأ!
التقى ذلك المواطن صدفة بأحد دبلوماسيي الكويت في القاهرة واخبره بما جرى له فوعده بالاستفسار عن الموضوع وفي اليوم التالي اتصل به وهو مستغرق في الضحك بأن ضيافة الحكومة انتهت صدفة وكان من الممكن أن تستمر لأكثر من ذلك لولا زيارة ضابط كويتي كبير للقاهرة في مهمة رسمية فانكشفت ملابسات الوضع، فصاحبنا عندما قام بتعبئة بطاقة الدخول قام بكتابة ‘رئيس قسم المخابرات الخارجية’ مقابل الوظيفة في بطاقة الدخول!! ومن هنا كان كل ذلك الاهتمام الشديد بشخصه!! ولكن الحقيقة، التي ظهرت بعد زيارة الضابط الكويتي للقاهرة، هي أن وظيفته هي فعلا رئيس للمخابرات الخارجية ولكن لشؤون الاتصال هاتفيا مع الخارج عن طريق بدالة الحكومة!
أحمد الصراف

 

سامي النصف

الموت القادم من الشرق

انتقد الجناح المتشدد في ايران سياسة الاتجاه التصالحي والمنفتح مع العالم ومع الجيران، التي اتخذها في السابق الرئيس الايراني المثقف محمد خاتمي، والداعية الى حوار الحضارات بدلا من صراعها، وقال الرئيس أحمدي نجاد انها تسببت في ضم ايران الى محور الشر (!!).

وينظر كذلك الجناح المتشدد في ايران الى حرب صيف 2006 في لبنان ولربما الى حرب ناصر 56 والتي تحول بها الانكسار العسكري الى انتصار سياسي خول مصر وحزب الله الخروج من محيطهما الجغرافي الضيق الى المحيط الجغرافي الأوسع وبذا أصبح ذلك الجناح المتشدد يتشوق للحرب القادمة للخروج من مأزقه الداخلي وبحثا عن الانتصار السياسي المتوقع.

على الجانب السياسي الأميركي هناك إجماع بين القيادات الثلاثة، ونعني الرئيس جورج بوش والمرشح الجمهوري الأبرز روديو جولياني والمرشحة الديموقراطية الأوفر حظا بالفوز بالرئاسة القادمة هيلاري كلينتون، على اتخاذ مواقف متشددة من ايران ومنعها من الحصول على السلاح النووي خاصة بعد تهديدها المباشر بإزالة إسرائيل من الخارطة (كتهديد صدام بحرق نصف إسرائيل الذي انتهى بالتعدي على دول الخليج) ومعروف ان كلينتون وجولياني يمثلان نيويورك التي تحوي أكثرية يهودية مؤثرة وقد انفردت كلينتون بأنها المرشحة الديموقراطية الوحيدة التي صوّتت مؤخرا مع قرار الرئيس الأميركي باعتبار الحرس الثوري الايراني منظمة إرهابية.

وعلى جانب المصالح الاقتصادية لجهات الضغط المؤثرة في القيادة الأميركية، وهي في الأغلب تنتمي للولايات الحمراء أو الولايات الجنوبية في الأعم، فمصالحها تقوم على ارتفاع أسعار النفط وتفعيل مصانع الأسلحة المقام أغلبها في الجنوب حيث زرعت هناك بهدف ادخال الجنوب الأميركي عصر التصنيع وخوفا من تفكير بعض ولاياته مرة أخرى بالانفصال ولا شك في أن حربا في الخليج ستخدم بشكل مباشر مصالح لوبيات الضغط تلك.

في اسرائيل يرى الصقور ضرورة المشاركة في عملية ضرب ايران حتى لو اختلطت الأوراق كوسيلة لارضاء الشارع الاسرائيلي بعد تصريحات الرئيس الايراني المكذبة لمحرقة الهولوكست المقدسة لدى اسرائيل اضافة الى تهديده الآخر بإزالة اسرائيل من الخارطة ويرى هؤلاء ان المشاركة في الحرب القادمة فيها اثبات ان اسرائيل تبقى الحليف الحقيقي والوحيد لأميركا في المنطقة بعد ان يتخلى عنها حلفاؤها الجدد في حقبة ما بعد 1991.

على الجانب الغربي للخليج ترى دوله ان لا فائدة من تلك الحرب التي قد تعرضهم الى خطر أمني مضاعف من الداخل والخارج اضافة الى تعطل عمليات التنمية الاقتصادية وفي هذا السياق علينا في الكويت ان نظهر التزامنا الكامل بقرارات المجتمع الدولي والتحالف الوثيق مع الولايات المتحدة فواضح ان ايران لن تستطيع الرد في العمق الأميركي أو تجاه ناقلات الطائرات المغيرة شديدة التسلح لذا ستبحث عن الرد عبر محاولة التعدي على الدول الخليجية، ومن وضع ضمن استراتيجيته مثل هذا التصور فلن يعدم «اختلاق» الأعذار لخدمته، لذا فما دامت النتيجة واحدة وخسارتنا لأحد أطراف النزاع ثابتة فلنحافظ بقوة على تحالفنا مع الطرف الآخر حتى لا نخسر الاثنين.

آخر محطة:
 (1) تم سؤالي في أحد اللقاءات عن صحة مقولة جنون أحد القادة في المنطقة وما اذا كان مؤهلا لاتخاذ قرارات مجنونة مدمرة؟! وكان الجواب ان المجانين لا يملكون القدرة على حكم الدول والسيطرة على مقاليدها لذا فالأرجح انه وغيره يدعون الجنون لتبرير أي تصرفات حمقاء يقومون بها.

(2) تظهر تجارب الماضي ان الفريق المتشدد يستخدم الآخرين للقيام بالأعمال الإرهابية لذا فعلينا أخذ الحيطة المضاعفة مما قد يأتي من الشمال قبل الشرق حيث السيطرة المطلقة لفريق التشدد الإيراني.

(3) وسئلت ضمن برنامج صفحات خليجية على قناة المستقبل اللبنانية عما كتبه أحد الخليجيين من نقد لخطط «ملالي الفرس» في الخليج فقلت اننا وإن كنا ضد المسار الإيراني المتشدد كحال وقوفنا ضد المسار العربي المتشدد إلا اننا قبلها ضد مقولات التعميم التي تتحدث ضد «ملالي الفرس» وايران المجوسية… الخ فلم يدمر الخليج إلا تلك المقولات الصدامية العنصرية.