مقالي عن مسيحيي الشرق أثار شجون الكثيرين، وخاصة من خلال تعليقات القراء في «القبس» وعلى موقع «شفاف الشرق الأوسط» المميز. وقد أرسلت سيدة فلسطينية رسالة حزينة قالت فيها ان مسيحيي فلسطين لم يقصروا يوما في العمل الوطني، بكل أشكاله. ولكنهم، ومنذ فترة، وهم يعانون من «حماس»، حتى قبل ان تصل الى السلطة. فهي تهدد وجودهم وتطالبهم بارتداء الحجاب، ولو بطريقة غير مباشرة، ولكن باستفزاز.
وتجرأ البعض من رجالها وطالبنا بالتحول الى الإسلام. كما ان المسيحي الفلسطيني يعامل كمواطن من درجة أدنى، وأحياناً تقوم «حماس» بالحد من حرية تحركهم. وتقول انهم تألموا كثيرا عندما شاهدوا الوفود العربية الأخيرة تتوجه الى «حماس» والمساعدات للمسلمين والمطالبات جميعها لإنقاذ حياة الشيخ المسلم والطفل المسلم والمرأة المسلمة، وكأن لا أحد غيرهم هناك، أو كأن قنابل اسرائيل تفرق بين الفلسطينيين المسلم والمسيحي!
وهذا صحيح، فحماس وجمهرة مؤيديها في العالم العربي، لا يعترفون بمن لا ينتمي الى خطهم السياسي من المسلمين، فكيف نتوقع منها اللطف بمسيحيي فلسطين الذين سيكونون أول ضحايا تسلمهم السلطة المطلقة، ان حكموا كل فلسطين يوما؟! وما اقترفوه من اجرام بحق «اخوتهم واشقائهم» من مؤيدي «فتح» فور تسلمهم السلطة في غزة قبل أشهر قليلة، خير دليل!
ويقول الزميل عبدالرحمن النجار في مقال له ان مسلسل ضحك الأحزاب الدينية في الكويت وغيرها على الذقون مستمر، فسفر مجموعة من نواب هذه الأحزاب الى دمشق لتهنئة زعامة «حماس» بالنصر، يصب في هذا الاتجاه. فهؤلاء هم الذين سبق ان روجوا لمعجزات الأفغان في حربهم مع الروس وانتصاراتهم الوهمية، وكيف أن روائح الطيب كانت تنبعث من جثث قتلى المجاهدين، وعكس ذلك من جثث خصومهم من الروس الكفار!
وفي تعليق آخر، أرسله صديق من مسيحيي العراق، ومن عقولها الكبيرة، التي فضلت الهجرة الى الغرب، أن من الأفضل كثيرا لمسيحيي الشرق مغادرة أوطانهم، فما عانوه حتى الآن على أيدي متخلفي المسلمين وغلاتهم يكفي! فالكثير من الخراب والقتل والتشريد قد حل بهم وبأملاكهم وبقياداتهم الدينية، وأن هناك جهات فعالة تسعى الى دفعهم للهجرة طيبا أو قسرا.
ويستطرد قائلا إن هذه الطريقة في التعامل مع المسيحي الشرقي، والعربي بالذات، ستكون لها ردات فعل قوية مستقبلا من أميركا والاتحاد الاوروبي. وان أوضاع المهاجرين المسلمين في الغرب ستكون محل تساؤل قريبا هناك، ولا يستبعد ان يتخذ الغرب اجراء ما ضد مسلمي دولهم، قد يكون بينها خيار إعادة الكثيرين منهم الى أوطانهم الأصلية، ان استمرت عمليات تهجير مسيحيي الشرق من بيوتهم وقراهم ومدنهم، كما هو حاصل في عدد من دول الشرق الأوسط العربية وغيرها وباكستان. فالمواطن الغربي ليس غبيا ولن يستمر تسامحه إلى الأبد!
***
ملاحظة: قبض على عراقي، بعد معركة تحرير الكويت عام 1991 وهو يجمع الأموال من أجل أميركا، وعندما أصبح أمام صدام وسأله عن تصرفه، قال: سيدي، والله أميركا كسرت خاطري، قلت أجمع لها تبرعات، فاذا احنا المنتصرين هيجي حالتنا، اشلون حالتها وهي المنهزمة؟!
أحمد الصراف