كعادة «جماعتنا ومتخلفينا» في تخريب كل اختراع واكتشاف، والتلذذ باستخدام الجانب السيئ منه، ولا نستثني «الغير» من مثل ذلك بالطبع، فقد دخل الكثير من الاطراف المريضة على الانترنت، إما للاثراء غير المشروع من وسيلة الاتصال السريعة المعرفة هذه، وإما لنشر آراء متطرفة او فاسدة، او من اجل التخريب ليس الا، وهذا اساء إلى الانترنت، وجعل منه في احيان كثيرة وسيلة نصب واحتيال وتضليل وفساد، فعلى سبيل المثال انتشرت قبل سنوات على الانترنت رسالة تفيد بان شركة «مايكروسوفت» او ربما شركة اخرى معها، ستدفعان دولارا اميركيا واحدا لاحد المستشفيات الاميركية المتخصصة في علاج السرطان من اجل انقاذ حياة فتاة صغيرة مصابة بالسرطان في حال قيام مستلم الرسالة باعادة ارسالها الى طرف او اطراف اخرى، وكلما زاد عدد هؤلاء اسرع ذلك في توفير المال اللازم لعلاج الطفلة! وقد وردتني تلك الرسالة من اكثر من طرف، وكانت في كل مرة تتضمن الكثير من الاسماء والعناوين. وفجأة، وبمثل ما بدأت السلسلة انقطعت، بعد ان اكتفى من ارسلها في جمع ربما مئات آلاف عناوين المشتركين في خدمة الانترنت، وباعها لشركة اعلانات مثلا، او لوكالة نصب نيجيرية، او حتى لوكالة مخابرات ما، وتبين متأخرا ان الامر لم يكن اكثر من خدعة رخيصة!
كما وردتني قبل ايام رسالة «حزينة» تتضمن صورة طفلين مفقودين واسميهما الكاملين، وعنوان والدتهما، مع نداء استغاثة لمساعدتها في العثور عليهما، وطلب مرسلها اعادة ارسال الرسالة الى اكبر عدد ممكن من الاصحاب والاهل لعل وعسى ان يساعد نشرها في استدلال الام الثكلى على فلذتي كبدها! قمت بناء على نصيحة صديقتنا السيدة «خلف» بالاتصال بعنوان الام وطلبت منها الاتصال بي على الفور لان بامكاني مساعدتها في العثور على ابنيها، ولكنها لم تتصل على الرغم من قيامي باعادة ارسال الرسالة لاكثر من مرة، مع تضمينها ارقام هواتفي وعناويني الاخرى، ومنها تبين ان الامر لم يكن اكثر من خدعة رخيصة اخرى لجمع اكبر عدد من العناوين البريدية.
كما انتشرت على الانترنت صورة «وثائقية» عن كشف اثري مهم في الجزيرة العربية لهياكل بشرية يزيد أطوال اصحابها على المترين بكثير، وورد في الرسالة انها لقوم عاد وثمود! مع ايراد آيات قرآنية تحت الصور لاعطائها بعدا دينيا معينا! وتبين بعد الفحص السريع ان صور الهياكل البشرية مفبركة!
كما ان هناك رسالة اخرى تتضمن صورا لمدينة «ارم» ذات العماد، التي ورد ذكرها في القرآن، وان آثارها اكتشفت حديثا، وتبين مباني قديمة باعمدة عالية وتماثيل منحوتة في الصخر.
وتضمنت الرسالة، كالعادة آيات قرآنية وادعية خاصة! ولكن بتكبير الصور والتدقيق في تفاصيلها يتبين واضحا انها لمعابد هندوسية في مدينة هندية اثرية!
وفي محاولة لنشر العداء غير المبرر للغرب، من خلال التأكيد على تآمرهم ضدنا، قام بعض المرضى النفسيين بتوزيع رسالة على الانترنت مفادها ان هولندا تفكر جديا في منع طباعة القرآن الكريم وتداوله فيها، وان على المسلمين وقف ذلك من خلال المشاركة في استفتاء على الانترنت في الموقع التالي www.stand.nl/index.php ومن ثم التصويت بالضغط على مربع أحمر، والذي يعني عدم موافقة المشارك على منع طباعة القرآن في هولندا! وتضمنت الرسالة نداء عاطفيا، حيث قالت: «.. يا جماعة الخير يا أنصار كتاب الله وسنة رسوله، انشروا رسالة النصرة التالية لكتاب الله، وما عليك سوى فتح الموقع التالي، وهو باللغة الهولندية، والضغط على كلمة «اونينس oneens» في المربع الأحمر، والتي تعني «غير موافق» وذلك تأييدا لحملتنا المضادة لمنع طبع القرآن في هولندا، نكرر، ما عليك الا الضغط على المربع الأحمر لرفض الوقف، واعادة ارسال الرسالة الى كل من تعرف، وهذا فرض ديني عليك، ولك الثواب، ولكي تثبتوا لأعداء الدين انكم تغارون على اسلامكم اكثر مما يظنون، فالقرآن سيمنع في هولندا، والمسلمون يرفعون شكوى والحكومة تصدر تصويتا في احد مواقع الانترنت، وللأسف النتيجة حتى الان 30 لعدم منع الطباعة، و70 لمنع الطبع، فلا تخذل كتاب الله وصوت يا مسلم»… وحيث ان الموقع باللغة الهولندية فان الكثيرين لم يتعبوا أنفسهم بالتحقيق في حقيقة الاستفتاء، وقام «مؤمنون» بالمشاركة المكثفة فيه وفقما طلب منهم! ولكن القارئ «ن. الكندري» شك في الأمر فقام بالبحث في النت فتبين له ان الموضوع كذب في كذب، ولا أساس للادعاء بكامله. وقد قمت من طرفي بالاتصال بالسفارة الهولندية لمساعدتي في ترجمة مضمون الموقع اعلاه فتبين انه يخص استفتاء ما لا علاقة له بطبع أو عدم طبع القرآن لديهم، وألا شيء من هذا القبيل تم أو يتم تداوله في هولندا على الاطلاق، وعلى أي مستوى كان!
ولكن هدف من أرسل تلك الرسالة الالكترونية عن طريق الانترنت قد تحقق، ونجح من خلالها في تشويه صورة واحدة من اكثر الدول الأوروبية المتقدمة حباً وتسامحا مع الأجانب واتباع الديانات الأخرى.
***
• ملاحظة: لفت القارئ «فهد ب.» نظرنا الى ان الزميل عادل القصار كان من أشد المتحمسين لمشروع الوسطية في الدين والاعتدال في الفكر، وكان حتى يوم واحد من آخر مقال له يدعو إلى الوسطية ويتمسك بالاعتدال، فكيف انقلب 180 درجة وأصبح فجأة مؤيداً لأفكار عبدالله النفيسي التي طالب من خلالها بقتل كل من يهاجم حماس، وأن يقوم فدائي باسل برش مادة الانثراكس على أميركا ليقتل 330 ألفاً من سكانها؟
نتمنى ردا سريعا من الزميل المعتدل والوسطي، والا يربط الأمر بتوقف الدعم من مركز الوسطية وسفر الحاج عصام البشير الى وطنه!
أحمد الصراف