احمد الصراف

نظرات قصيرة.. ولحى طويلة

على الرغم من النفس الاصلاحي والتقدمي الذي بدأ به ناصر المحمد عهده رئيسا لمجلس الوزراء، فانه سرعان ما أجبر، او اختار، التراجع عن مواجهة قوى الردة والظلام، فتمكنت هذه في نهاية الامر من اسقاط حكومته الاخيرة، بل اثخنتها بالبليغ من الجراح على مدى سنوات.
من مظاهر التراجع امام قوى التخلف ما نشاهده من تغلغل للمحسوبين عليها في مختلف الوزارات والمولات والنوادي والجمعيات وحتى المؤسسات التعليمية. وقد فتح مدير جامعة الكويت ابواب مختلف الكليات امام هذه الجهات المختلفة لتعيث بها فسادا كيفما شاءت، وكان آخر تلك المحاولات «الحفلة»، التي اقيمت في «جمعية مهندسي الغد» الجامعية بعنوان «شارينها»، والتي لم يمتّ موضوعها للهندسة او العلم بصلة، بل كانت احتفالية دينية لجمعية سياسية معينة!! وقد ورد في احدى نشرات الحفلة الدينية النص التالي: «يداً بيد.. نسير نحوها مترقبين الى ما خلف ذاك الباب، متنعمين بظل اظله رب السماء علينا.. نحن المتحابين في الله.. نحتسب الخطوات كما كنا نحتسبها لوجه الله في الدنيا، خطوة.. خطوة.. نحو باب قد اشترينا مفاتيحه بدنيانا واهوائنا.. ضرابا القلوب تتسارع.. والجسد يرتعش.. عهدنا الطريق نحوها.. فكانت نصب اعيننا.. حتى قربنا الوصول.. مقبض من ذهب.. ونور على نور.. روح وريحان.. ومقلتاي تفيضان بالدمع.. تسكب العبرات وذكر الله لا يفارقني.. ارى احبتي في الله.. وكل ما قد اشتهته النفس قط، سأفتح الباب وفي قلبي حب وشوق اليها» (‍!!).
اين الهندسة من هذا الكلام؟ اين العلم؟ اين التطور؟ ولماذا يفترض من طبع هذه البوسترات انه يخاطب مجموعة من التائهين الكفرة، او انه يدعو الى جمعية دينية سرية او مجمع ماسوني غريب الهدف والغرض؟ كيف تسمح جامعة الكويت، قلعة الفكر والتقدم المفترضة، لاصحاب العقد النفسية، والانتماءات الحزبية الدينية المعروفة، باقتحام عقول وقلوب من وضعت الامة املها في التقدم بين ايديهم؟ وكيف قبلت حكوماتنا التائهة تعريض طلبة واحدة من اهم كليات اي جامعة في العالم لعملية غسل مخ سياسية واضحة عن طريق يعود الى قرون ضاربة في القدم، كنا نعتقد انها ولت من غير رجعة؟
اسئلة عديدة تبقى من غير جواب، ونجبر على طرحها بعد ان سدت جامعة الكويت ابوابها امام كل اصحاب العقول والافكار النيرة، وفتحتها لمدعي حملة مفاتيح الجنة العارفين بالطريق اليها، ويتوافق ذلك مع سيطرة اصحاب النظرات القصيرة واللحى الطويلة على العديد من الجمعيات المهنية العلمية والنظرية كالهندسة وغيرها؟

أحمد الصراف

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

احمد الصراف

إدارة الإعمال – جامعة الدول العربية – بيروت 1974 / الدراسات المصرفية والتدريب في بنك باركليز – لندن 1968 / البنك الوطني في فيلادلفيا – فيلادلفيا 1978 / الإدارة المصرفية – كلية وارتون – فيلادلفيا 1978
email: [email protected]

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *