سرني رد الصديق «يوسف الجاسم» على مقالتي «التيار الليبرالي القبيح»، ومبعث سروري يعود إلى أنه أتاح لي فرصة لأقول ما لم أقله!! ولكن ألا يعتقد أن رده ما كان سيكون، أو قد يكون مختلفا لو لم تنجح أي من المرشحات في الانتخابات الماضية؟ ماذا سيكون عليه موقفه وردة فعله عندما يكتشف أن تقاعسنا «النسبي» كان السبب في عدم إيصال سيدة لقاعة البرلمان، أو حتى تأخير وصول مرشح ظلامي منافس؟ نعم يحق الآن أن نعتب ونلوم ولكن الفشل لم يكن بعيدا، فمبلغ 35 ألفا التي جمعتها في يومين لاشك ساهم في خلق شيء ما وكان من الممكن أن يكون ذلك الشيء أكبر بكثير، ونعيد ونكرر بأننا لا نورد ذلك من منطلق المنة، بل توضيحا لموقف.
المهم في الموضوع ليس الدفع أو عدم الدفع، فهذه تبقى أمور نسبية لا يمكن الحكم من خلالها على مواقف الأفراد بشكل قاطع، ولكن المؤلم أن نلاحظ المرة تلو الأخرى أن كل ذلك التشنج «الليبرالي» وكل ذلك الحماس وكل ذلك التأييد وكل تلك المواقف والمقالات، طوال ربع قرن، لم تكن إلا كومة من الهباب والسخام والكلام «الخرطي»!
المسألة يا صديقي «أبا خالد» لا تعود ليوم أو يومين أو حادثة بعينها فأنا، بحكم سني وكتاباتي، أعرف ما يكفي لتعرية الكثير من مدعي الليبرالية هؤلاء سواء من خلال مواقفهم من الآخر مذهبيا، دينيا، ماليا، عائليا، أو حتى جنسيا، ولكن كنا دائمي «التطنيش» حريصين على إيجاد الأرضية المشتركة وتلمس الأعذار لهذا وذلك، ولكن الكيل طفح، وكان يجب أن يقال شيء ما. إن 26 ليبراليا (!!) من أصل 30 ليس بالأمر الهين، خاصة عندما نعلم أنهم، من وجهة نظر بعضهم، ليسوا بشرذمة أو شتات، بل قادة رأي وأصحاب «مواقف» ومسؤولون كبار حاليون وسابقون!
إن الحقيقة يا يوسف تتطلب منا الصراحة والصراحة تقول ان التيار الليبرالي غير موجود، وما هو موجود منه قبيح إلى درجة كبيرة، وأنت خير من خبر الكثير من هذا القبح والتشرذم، ولكن أسلوبك في معالجة الأمور والتصدي لها يختلف عن أسلوبي الصدامي المباشر. وهذا الموقف المتقاعس والرديء يتطلب تعريته والكتابة عنه المرة تلو الأخرى لكي نتعلم ونتضامن ونتحد ونبعد عنا أدران التخلف والبؤس.
شكرا لك يا صديقي، ومرة أخرى عتبك مقبول، ولكني لا أزال على موقفي، وستثبت الأيام صحة هذا الموقف، ولو أنني أتمنى من كل قلبي أن أكون مخطئا.
أحمد الصراف
habibi [email protected]