احمد الصراف

تذاكي الأحزاب الدينية

ذكرت في مقال نشر قبل سنوات ان معارضة الاحزاب الدينية لمنح المرأة حقوقها السياسية لم تنطلق اصلا من الصفاء الديني أو الانسجام مع النص، بل ان رفضهم كان ينبع من نوايا خبيثة، فبالرغم من علمهم التام وثقتهم الكبيرة بمقدرتهم على التحكم في اصوات المرأة وتجييرها لمصلحتهم في أي انتخابات برلمانية، بسبب المجاميع الكبيرة التي كانت تقف في صفوفهم في الانتخابات الطلابية وفي جمعيات النفع العام والمجتمع المدني، فإنهم كانوا أيضا على ثقة بأن هذا الولاء «النسائي» لن يطول كثيرا، وان المرأة متى ما خرجت من تحت عباءة فكرهم وتنسمت رياح الحرية، وعرفت ما يمثله صوتها وحقها السياسي من قوة، فإن ولاءها للفكر المتخلف لن يطول كثيرا. ولهذا استماتت القوى الدينية بكل اطيافها في منعها من حقوقها، ولكن لم يكن من الممكن وقف عجلة التاريخ من الدوران الى الابد! وما ان حصلت المرأة على حقوقها كاملة حتى رأى الجميع وصولية المنتمين للاحزاب الدينية، وكيف غيروا استراتيجياتهم بالكامل، واصبحوا يتذللون للمرأة ويحاولون كسب ودها لنيل صوتها بشتى الطرق. ولو قام احد بمراجعة سريعة لندوات مرشحي الاحزاب الدينية وما قالوه في المرأة ومكانتها وحقوقها لوجد الحجم الكبير لذلك الانقلاب في فكر هذه الاحزاب الوصولية ومواقفها التي لم تستطع وقف حتمية ما حدث!
ان وصول المرأة الى البرلمان بعد نيل حقوقها لا يعني انتهاء المعركة وقبول الطرف الآخر المتخلف بالهزيمة، فلا شك ان النائبات سيواجهن مصاعب كبيرة في وظائفهن الرقابية والتشريعية القادمة، وبالذات من زملائهن الرجال! فغالبية هؤلاء رضعوا كراهية المرأة والحط من قدرها منذ الطفولة، وكل ما يقولونه الآن ويدّعونه من مناصرة لها ولحقوقها لا ينم عن شعور صادق، فهم لم يولوها قط كثير اهتمام في حياتهم، ولكنها اصبحت فجأة محط انظارهم وملء سمعهم وبصرهم، سياسيا، بعد ان اصبحت صوتا انتخابيا مؤثرا، خصوصا مع زيادة اهمية دورها وتأثيرها وثقافتها السياسية.
ولو قامت «سكرتارية» نائبات المجلس بمراجعة وجرد الكم الكبير من التصريحات والوعود التي بذلها هؤلاء النواب بجزالة، عندما كانوا مرشحين، لوجدت فيها الكثير مما يصلح الاستعانة به واستخدامه كأداة في كسب هؤلاء النواب لمصلحة قضايا المرأة. هذا على افتراض صدق نواياهم، خصوصا ان العديد من هؤلاء سبق ان صرحوا بانهم سيسعون لتحسين معيشة المرأة ورفع مستواها وازالة ما لحق بها من ظلم جراء القوانين التي اقروها بأنفسهم، وأنهم سيعملون على انصافها بتعديل كافة التشريعات التي تعنى بشؤونها، والعمل على منح ابناء الكويتية المتزوجة بغير كويتي الحق في الحصول على الجنسية، وتسهيل قوانين الاسكان، ومساواة المرأة بالرجل في الاجر والعمل، ورفع نسبة مشاركتها في المناصب القيادية، وفتح كافة مجالات العمل لها! ولكن لو قمنا بمراجعة مشاريع القوانين التي تقدم بها اي من هؤلاء النواب «الكرام في وعودهم الشفوية» لما وجدنا أيا منهم اهتم بهذا الامر اكثر من غيره، ولو أننا نتوقع من البعض منهم الكثير الآن. وعلى النائبات في المجلس تذكير هؤلاء النواب بوعودهم الانتخابية التي قطعوها للناخبات في مخيماتهم الانتخابية.

أحمد الصراف

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

احمد الصراف

إدارة الإعمال – جامعة الدول العربية – بيروت 1974 / الدراسات المصرفية والتدريب في بنك باركليز – لندن 1968 / البنك الوطني في فيلادلفيا – فيلادلفيا 1978 / الإدارة المصرفية – كلية وارتون – فيلادلفيا 1978
email: [email protected]

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *