قام سمو امير البلاد قبل ايام بافتتاح مركز ثقافي اسلامي في مدينة نيويورك. وستكون الانشطة الدينية وممارسة العبادة من صلب اعمال هذا المركز، والامر ذاته ينطبق على عشرات المراكز الاسلامية الاخرى المنتشرة في كبريات العواصم الاوروبية والاميركية. وجدير بالملاحظة ان سمو الامير قام بافتتاح المركز قبل بدء زيارته الرسمية للولايات المتحدة ومقابلة الرئيس اوباما، مما اعطى دلالة على عمق العلاقات بين البلدين، ومدى تسامح المجتمعات الغربية مع مثل هذه الانشطة. فهذه الدول واثقة من نفسها ومن عقائدها ولا تمانع من اقامة مثل هذه المراكز التي قد تستغل في التبشير بمعتقدات قد لا تتفق والسائد لديها. كما انها لا تتردد في توفير فرص العمل، حتى في اكبر مراكز القرار كالبيت الابيض والبنتاغون، للمهاجر المسلم، ولو كانت سيدة محجبة حديثة التجنيس. ولو نظر اي طرف محايد الى هذه المواقف «الغربية» الرائعة في مضامينها وقام بمقارنتها بما كتبه ويكتبه البعض من «مهووسينا الدينيين» في حق الدول الغربية والتخويف «كذبا» من انها تقوم بتنصير ابنائنا الدارسين في جامعاتها، لشعر بالخجل من وقاحة هؤلاء، وربما اصيب بالغثيان من سوء نوايانا تجاه الآخر.
وفي محاولة بعض النواب التكسب بدغدغة الهابط من مشاعر البعض، قام النائب مبارك الوعلان بتوجيه بضعة اسئلة لوزير الصحة عن انشطة جمعية رعاية الطفل في المستشفى «كاش»، والتي اطلق عليها صفة «منظمة»، ووصف اعمالها بالتبشيرية. وقال ان التقارير اظهرت ذلك، وانه لن يسكت عن هذه الاعمال «المخالفة والخطيرة»!!
لا شك ان النائب الوعلان واع تماما لحقيقة عمل هذه الجمعية غير الربحية، التي نجحت خلال عمرها القصير في العناية، ماديا ومعنويا، بآلاف الاطفال في مختلف مستشفيات الدولة، ومد يد الرحمة والحنان اليهم، وهي اليد التي يحاول النائب الوعلان الآن، باسئلته الاستفزازية والسيئة الغاية والمقصد، قطعها، لا لشيء الا لان سيدة كويتية من اصل اوروبي هي التي تقوم بالاشراف عليها من منطلق محبتها لفعل الخير لابناء وطنها، وهذا هو عمل الخير الحقيقي، وليس ذلك الخير الذي يعرفه الوعلان وجماعته. ولو افترضنا ان هذه الجمعية، التي مر عليها اكثر من 15 عاما وهي تبدع، تقوم بتبشير اطفال السنوات الخمس، بالدين المسيحي، حسب ادعاء النائب، فان البينة على من ادعى وعلى النائب بالتالي تقديم دليل مادي واحد على ان الجمعية، او المنظمة، كما يسميها، نجحت في اقناع طفل واحد، لا يتجاوز عمره خمس سنوات بتغيير دينه، او ان هناك شابا في العشرين من العمر مثلا سبق ان تلقى شحنة تبشيرية على يد هذه الجمعية، واصبح الآن مسيحيا خالصا، وان هذا ادى لان يصبح عدد مسلمي العالم مليارا و299 الفا و119 مسلما بعد ان كان مليارا و299 الفا و120 مسلما، ساعة كتابة هذا المقال!!
مؤسف ان البعض منا لا يكتفي بالتقاعس عن عمل اي خير، بل يسعى جاهدا لتخريب كل جميل في هذا الوطن ان لم يكن هذا الشيء خاضعا لفكره او غير منسجم مع نظرته الدينية الضيقة.
أحمد الصراف