ذهب الرجل وزوجته للطبيب بسبب حالات النسيان التي أصبحت تنتابهما فأخبرهما هذا بأن كبر السن له علاقة بالأمر وان عليهما تقبل الوضع ومحاولة التغلب على المشكلة بتدوين كل ما يودان تذكره، والأفضل الاحتفاظ بورقة وقلم لهذا الغرض. في الليلة نفسها واثناء مشاهدة الزوجين للتلفزيون قام الزوج ليحضر وجبة عشاء خفيفة لنفسه فطلبت منه زوجته أن يحضر لها شطيرة جبنة بيضاء مع خيار، وطلبت منه تدوين ذلك في ورقته لكي لا ينسى، ولكنه قال ان طلبها سهل ولن ينساه، فأكدت أنه حتما سينسى ما طلبته خصوصا أنها تريد شطيرة مع حبتي زيتون، فقال انه لم يصل الى درجة الخرف، وأصر على عدم التدوين وأصرت على انه لن يتذكر ما طلبته. عاد بعد نصف ساعة يحمل ما حضره لنفسه وطبقا فيه بيضتان مقليتان لزوجته فنظرت اليه معاتبة وقالت: لقد قلت لك ان تدون الطلب وأنك ستنسى ما طلبت لكنك أصررت على موقفك. فنظر اليها بدهشة وهو يقول: ألم تطلبي بيضا؟ فقالت: نعم هذا ما طلبت ولكنك نسيت البطاطا!
تذكرت هذه الطرفة وأنا أقرأ طرفة أخرى عن النسيان عن مجموعة من الأصدقاء من طلاب جامعة أميركية اتفقوا يوم تخرجهم على البقاء على اتصال بعضهم ببعض مدى الحياة. وفي لقائهم الدوري، وكانوا جميعا قد بلغوا الأربعين من العمر، قرروا تناول العشاء في مطعم «جوستاف» لأن فيه نادلة صبوحة الوجه وجميلة القوام. بعد عشر سنوات التقت المجموعة ذاتها وقرروا تناول العشاء في مطعم «جوستاف» لأن لحومه طيبة المذاق، وقائمة مشروباته ثرية. وفي لقائهم الثالث بعد عشر سنوات أخرى، وبعد أن أصبحوا في الستين، قرروا، بعد نقاش قصير، تناول عشاء لقائهم الدوري في مطعم «جوستاف» لأنه مطعم يمتاز بجوه الهادئ، كما أنه يخلو من المدخنين والشباب الصاخب. وفي اللقاء السبعيني، وبعد التئام شملهم، قرروا بالاجماع تناول العشاء في مطعم «جوستاف» لسبب مهم حيث إنه مناسب لأصحاب الإعاقات وبالذات من مستخدمي الكراسي المتحركة، كما أن فيه مصعدا. وفي اللقاء الخامس بعد أن أصبحوا في الثمانين، تم الاتفاق بالاجماع، بين من بقي منهم على قيد الحياة، تناول العشاء في مطعم «جوستاف» لان الجميع يتحدث عنه، ولم يسبق لهم ان تعشوا به من قبل.
أحمد الصراف
[email protected]