دخلنا أربعتنا بهو المستشفى العالمي في تايلند، الشهير بالأميركي، ونحن نتأبط تقاريرنا وصور الأشعة الطبية. ومنذ اللحظة الأولى شعرنا بمدى فخامة المبنى وجمال تصميمه وتناسق ألوانه.
كنا أول المراجعين وما هي الا لحظات حتى امتلأت الصالات بمئات المرضى من جنسيات مختلفة، ولكن الغالبية كانت من الخليجيين الذين أرسلوا من قبل حكوماتهم، فهذا بغطاء رأسه العماني، وتلك ببرقعها القطري، وثالثة ببرقعها الاماراتي، ورابعة بحجابها الكويتي، وأشكال غريبة ومتعددة أخرى من البشر بملابس رياضة وسهرة ومجوهرات وأزياء متنوعة والممرضات التايلنديات يتراكضن بين الجميع ساعيات لفتح أكبر عدد من الملفات، وكل ذلك النظام والترحيب أكد لنا أننا في المكان المناسب لعلاج ما بنا من أمراض خليجية مثل السمنة والسكر والكوليسترول والقلب والبروستات والمفاصل والظهر والحساسية. ما ان انتهينا من اجراءات الدخول حتى طلب منا دفع مبلغ كبير عن كل واحد منا، وكان الطلب غريبا، فكيف علموا بكلفة العلاج ونحن لم نتلق شيئا أو نلتق بطبيب؟ سكتنا على مضض، وبدأت الفحوصات الروتينية من غرفة لاخرى برتابة واضحة، ثم طلب منا عينات دم و«خروج»، وبعدها انتظرنا، وقد تعبت أيادينا من ثقل التقارير الطبية وصور الأشعة والــMRI والــc.t.scan التي نحملها، وبعد انتظار دام أكثر من نصف ساعة، نودي علينا فرادى للمباشرة في مقابلة سلسلة الاختصاصيين الذين قطعنا أكثر من 5000 كيلو متر للاستفادة من خبراتهم، وكانت المفاجأة أن من استقبلنا لم يكن إلا ممارسا عاما صغير السن أخبرنا بما نشكو منه، وما سبق أن دوناه أصلا في نموذج الدخول، ولم يزد على ذلك حرفا، وعندما استفسرنا عن الاختصاصيين طلب منا مراجعتهم في الكويت!! ولكن ماذا عن آلام المعدة والظهر والحساسية والقلب والكبد والسكر وغير ذلك الكثير، فاعاد طلبه علينا بضرورة مراجعة طبيبنا المختص في الكويت.
وبسؤال من نعرف في سفارة الكويت في بانكوك عن حقيقة سمعة المستشفى أخبرنا أن التايلنديين يتندرون بتسميته بــ«سوبر ماركت الخليجيين»، لتواضع امكاناته الطبية من جهة، وللمبالغة الكبيرة في أجوره، التي تزيد على ثلاثة أضعاف أجور أي مستشفى خاص آخر بالمستوى نفسه في بانكوك. كما تبين أن المستشفى جديد ولا علاقة له بأميركا، الا من خلال تسمية قديمة كانت تطلق على مبنى آخر كانت تديره الحكومة الأميركية في منتصف القرن الماضي، وكان مركز علاج للجنود المصابين في حرب فيتنام، ولكنه بيع لمستثمرين تايلنديين مع نهاية الحرب وانتقل من يد لاخرى، باسمه التايلندي، ليباع في النهاية لشركة سنغافورية، وقام هؤلاء بتجديده ورفع أسعاره لمستويات غير عادية، ومع هذا نجحوا بطريقة ما في اقناع حكومات دول خليجية معينة بارسال مرضاهم لهذا المستشفى، ولهذا السبب تراه يمتلئ بالمترجمين الذين يتقنون العربية. كما أن لغة المستشفى الرسمية، من خلال نماذجه هي الانكليزية والعربية، لاعتماده شبه الكامل على المرضى الخليجيين!!
وهنا نتمنى على وزير الصحة د. هلال الساير، السؤال عن مقلب المستشفى الأميركي في تايلند، وعن حقيقة أسعاره والسبب الذي تقوم الكويت بارسال المرضى اليه.
أحمد الصراف