لم أبد حماساً كبيراً عندما عرض علي أصدقاء من لبنان قبل أكثر من سنة فكرة تأسيس وإدارة فرع لليونز، ومع هذا سررت لقيام مجموعة من المواطنين والمقيمين من الجنسين، بإقامة حفلة بمناسبة تأسيس نادي الليونز في الكويت. ونتمنى أن نرى أيضاً فرعاً لنادي الروتاري، لحاجتنا لمثل هذه الأنشطة الاجتماعية والخيرية غير المتحيزة.
أسس بول هاريس وثلاثة من أصدقائه نادي الروتاري في مدينة شيكاغو عام 1905، وسمي بالروتاري، أو الدورية، لتناوبهم الأربعة في استضافة اجتماعاته. وكان هدف النادي، ولا يزال، خدمة المجتمع الذي يقع في دائرته، وخدمة أعضائه، من خلال توثيق الصلات بينهم، وهم المنتمون لمهن مختلفة. ومع الوقت اتسعت عضوية النادي لتشمل مليونا ونصف المليون عضو من خلال 32 ألف فرع في 200 مدينة تغطي العالم أجمع. ووصلت ميزانية الروتاري في السنوات الأخيرة لأكثر من 120 مليون دولار، وتقوم بتوفير دعم سنوي للكثير من الأنشطة التعليمية وتصرف أمصال شلل الأطفال بكميات كبيرة للمحتاجين.
وبعد 12 عاماً من تأسيس الروتاري، قام ملفن جونز بتأسيس نادي الليونز في المدينة نفسها، ولتحقيق الأهداف نفسها تقريباً، ولكن في مجالات متعددة أخرى. ويبلغ عدد أعضائه الآن 1.3 مليون، وميزانيته ضخمة وطموحاته أكثر ضخامة.
وبالرغم من نبل أهداف الناديين فان اجتماع الليونز الأول في الكويت لاقى اعتراضاً من البعض، وربطوا بينه وبين الماسونية، وأطلقوا عليه صفات قبيحة ووصفوا أنشطته بالمشبوهة! وقال أحدهم إن الليونز «منافقون يهود». وقال آخر انه ليس من السهل الاشتراك في هذه الأندية لغير رجال الأعمال والأثرياء والملوك والرؤساء (!).
ولو علم هؤلاء السذج ان ما قدمته الليونز مؤخراً لمساعدة هايتي، من مال ودواء ودعم بشري كبير، يزيد عما قدمته الدول العربية والإسلامية مجتمعة، لشعر «ربما» بالخجل. أما «تهمة» صعوبة الاشتراك فيها لغير أصحاب الثروات، فهي صحيحة إلى حد ما لأنها نواد خيرية تعتمد على كرم وأريحية المشاركين فيها وقدرتهم على جمع المال، ولكن «التهمة» غير صحيحة حيث انها تقبل في صفوفها غير الأثرياء من الشخصيات المؤثرة اجتماعياً وفنياً.
وعليه يمكن تفسير سبب كراهية المتشددين دينياً لأنشطة هذه الأندية، بما فيها الماسونية، لما تقيمه هذه الأندية من حفلات بغرض جمع أكبر قدر من المال والملابس والطعام خدمة لأغراضها الخيرية التي، وهنا المهم، لا تقتصر على فئة محددة ولا اتباع دين واحد. كما ان هذه الأندية لا تقوم على أسس دينية ولا مذهبية ولا عرقية، وبالتالي تذهب مساعداتها للجميع، وبعرف هؤلاء فإن دفع مال كويتي مسلم لتوفير مصل شلل أطفال لطفل فلبيني مسيحي مثلاً أمر لا يجوز حدوثه، ومساعداتنا يجب أن تخصص لأبنائنا فقط، وهذا ما يتفق مع أعرافنا المذهبية والقبلية والأصيل من عاداتنا وتقاليدنا التي لا يوجد ما هو أكثر اصالة منها… في العالم كله!
أحمد الصراف