سعيد محمد سعيد

الذكرى… بين الشعار والممارسة

 

إذا قدر لنا أن نستخدم لغة مشتركة في حديثنا عن سيد الشهداء الحسين بن علي بن ابي طالب عليهما السلام، نخرج بها من حدود الطائفة والمأتم والموكب والرثاء والثناء، والبكاء والصفاء، فهناك لغة واحدة لا غير. .. لغة الإنسانية والعطاء لكل البشرية… هذه لغة نهضة الحسين عليه السلام. في موسم عاشوراء، تتبدى مساحات شاسعة من الحركة، وهي حركة مستمرة لا تتوقف مدى الدهر، ذلك أن المبادئ التي نهض من أجلها سبط الرسول محمد (ص) لم تكن يوماً تناسب في ثوبها وحلتها ومأسويتها ومضامينها فئة من الناس… أو كانت محصورة في عنوان ضيق… لقد ارتفع صداها ليبلغ اصقاع الأرض شرقاً وغرباً… شمالاً وجنوبا، حتى صارت كثير من الأمم، التي لا عهد لها بالإسلام، تستلهم من الحسين الرمز المحمدي، انطلاقها نحو التحرر والتقدم ونشر عناوين المحبة الإنسانية الرافضة لكل أشكال الظلم والقمع. فحين يتحدث سماحة العلامة السيد عبدالله الغريفي مؤكداً أهمية الابتعاد عن الشعارات والممارسات التي تخرج الموكب الحسيني عن إطاره الذي يتمحور حول (الدين) كعقيدة سماوية قوية وهو محور تلك النهضة المباركة، فإنه بذلك، يحذر من مغبة الحياد بكل ما للموكب من تأثير ثقافي واجتماعي وإنساني قبل أن يكون ديني، الى ما يجعله مجرد موكب تنطلق فيه الشعارات السياسية المجوفة الفارغة، وتجد موكباً يمر عليك ساعة فلا تسمع فيه للحسين عليه السلام ذكراً. إنها لفتة مشهودة لسماحة السيد، وليكن ذلك… بيد أنه لابد من الإشارة الى أن ذكرى عاشوراء لا تعني العيش في الماضي السحيق… منابر الحسين ومواكب الحسين ومنتديات الحسين وكل هزة ضمير تتحدث عن الحسين يجب أن يكون لها اتصال بالواقع، على أن يتبلور في منظومة بنائية تجعل من منطلقات نهضة الحسين أساساً… فهنا تجد الفنانين في جمعية المرسم الحسيني يبدعون تلك اللوحات، منهم الشيعي ومنهم السني ومنهم البوذي ومنهم المسيحي… ذاك ملتقى إنساني، وتجد هنا مادة صحافية يتحدث فيها علماء أفاضل من السنة والشيعة، وتجد هناك الدولة، ويجب أن نذكر هذا الأمر للأمانة، تقدم خدمات سنوية كبيرة تشمل القطاعات الخدمية كافة. بين الشعار والممارسة، بين الذكرى ومستخلصاتها، يجب أن نفكر بعمق: كيف نمتثل أهداف نهضة الحسين (ع).

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سعيد محمد سعيد

إعلامي وكاتب صحفي من مملكة البحرين، مؤلف كتاب “الكويت لاتنحني”
twitter: @smsmedi

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *